الخميس - 19 جمادى الأول 1446 هـ - 21 نوفمبر 2024 م

أهمية التعريفات النبوية في أبواب العقائد

A A

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة

تمهيد:

إنَّ تطوُّر الحضارات وانتقالها جيلًا بعد جيل لم يكن لِيحدُث لولا هداية الله للبشرية بأن جعل الإنسان مفكِّرًا بطبعه، وأنّ فكر الإنسان يرغَب دائمًا في تحصيل ما ليس عنده من الإدراكات، فيرجع إلى من سبقه بعلم أو زاد عليه بمعرفة أو إدراك أو أخذه ممن تقدَّمه، وتتشوّف نفوس أهل الجيل الناشئ إلى تحصيل ذلك، فيفزعون إلى أهل معرفته، ويجيء التعليم من هذا.

ومن هنا اعتبر تعليم العلم مهارة لا يجيدها كل من حمل علمًا، وعُدَّ التعليم صناعة من الصناعات؛ لاختلاف مناهجه والاصطلاحات فيه كما ذكر ذلك ابن خلدون رحمه الله([1]).

فإن كان التعليم صنعةً لا يجيدها كلّ أحد؛ فإن من أجادها هو من ملك أدوات التعليم، ومن أهمّها التصوُّر الصحيح، والمعرفة التامة باللغة والتي تؤهله لوضع تعاريف جامعة مانعة للأشياء التي تصورها، ليكون الحكم بعد ذلك فرعًا عن تصوّره كما هي القاعدة المعروفة عند أهل المنطق والأصول.

ولم يمرّ على البشرية أعظم من المعلّم الأعظم وسيد ولد آدم محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام، فبدعوته آلَتْ البشريّة إلى نور المعرفة بعد ظلمات الجهل، ومن دركات الانحطاط إلى أسمى درجات الرقي والعظمة.

فأيُّ معلِّم من المربّين تخرَّج على يديه عددٌ أوفَرُ وأهدى من هذا الرسول الكريم الذي تخرَّج به هؤلاء الأصحابُ والأتباع؟! فكيف كانوا قبلَه؟! وكيف صاروا بعده؟! إن كل واحد من هؤلاء الأصحاب دليلٌ ناطق على عِظَم هذا المعلِّم المربّي الفريد الأوحد، وهذا يُذكِّرنا بكلمةٍ طيبةٍ جدًّا لبعض الجَهابذة الأصوليين، يقول فيها: لو لم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم معجزةٌ إلا أصحابه لَكَفَوْه لإثبات نبوته([2]).

الملكة اللغوية عند النبي صلى الله عليه وسلم:

إن من أجَلّ مظاهر عظمته صلى الله عليه وسلم ودلائل نبوته أن ملكته اللغوية تميزت بثلاث صفات وهي: جوامع الكلم، ومفاتيحه، وخواتيمه، فالملكة اللغوية مما فُضّل به على الأنبياء وخُصّ به عنهم عليهم الصلاة والسلام، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «فُضِّلتُ على الأنبياء بست» وذكر منها: «أعطيت جوامع الكلم»([3])، وفي رواية: «أعطيت مفاتيح الكلم…»([4]).

ومعنى جوامع الكلم ومفاتيحه أنه: “أوتي ملكة يقدر بها على إيجاز اللفظ مع سعة المعنى، بنظم لطيف لا تعقيد فيه يعثر الفكر في طلبه، ولا التواء يحار الذهن في فهمه، فما من لفظة يسبق فهمها إلى الذهن إلا ومعناها أسبق إليه”([5]). قال القسطلاني رحمه الله: “شبَّه ذلك القليل الموجز بمفاتيح الخزائن التي هي آلة للوصول إلى مخزونات متكاثرة”([6]).

قال أبو موسى الأشعري يصف كلامه صلى الله عليه وسلم: (وكان قد أعطي جوامع الكلم بخواتمه)([7]). قال النووي رحمه الله: “قوله: (بخواتمه) أي: كأنه يختم على المعاني الكثيرة التي تضمنها اللفظ اليسير، فلا يخرج منها شيء عن طالبه ومستنبطه؛ لعذوبة لفظه وجزالته”([8]).

وقد أحسن الوصف أبو عثمان الجاحظ رحمه الله حين قال: “وهنالك فنّ آخر من كلامه صلّى الله عليه وسلّم، وهو الكلام الذي قلّ عدد حروفه وكثر عدد معانيه، وجلّ عن الصنعة، ونزّه عن التكلف، وما كان مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ. وهو الذي عاب التشديق، وجانب أصحاب التقعيب، واستعمل المبسوط في موضع البسط، والمقصور في موضع القصر، وهجر الغريب الوحشي، ورغب عن الهجين السوقي، فلم ينطق إلا عن ميراث حكمة، ولم يتكلم إلا بكلام قد حُفَّ بالعصمة، وشيّد بالتأييد، ويسر بالتوفيق. وهو الكلام الذي ألقى الله عليه المحبة، وغشاه بالقبول، وجمع له بين المهابة والحلاوة، وبين حسن الإفهام وقلة عدد الكلام، مع استغنائه عن إعادته، وقلة حاجة السامع إلى معاودته. لم تسقط له كلمة، ولا زلت به قدم، ولا بارت له حجة، ولم يقم له خصم، ولا أفحمه خطيب، بل يبذّ الخطب الطوال بالكلام القصار، ولا يلتمس إسكات الخصم إلا بما يعرفه الخصم، ولا يحتج إلا بالصدق، ولا يطلب الفلج إلا بالحق، ولا يستعين بالخلابة، ولا يستعمل المواربة، ولا يهمز ولا يلمز، ولا يبطئ ولا يعجل، ولا يسهب ولا يحصر، ثم لم يسمع الناس بكلام قطّ أعمّ نفعًا، ولا أقصد لفظًا، ولا أعدل وزنًا، ولا أجمل مذهبًا، ولا أكرم مطلبًا، ولا أحسن موقعًا، ولا أسهل مخرجًا، ولا أفصح معنًى، ولا أبين في فحوى من كلامه صلّى الله عليه وسلّم كثيرًا”([9]).

أهميّة التعريفات النبوية وخصائصها:

تأتي أهمية التعريفات النبوية من كونها مشاعلَ الهدى ومنارات العلم والمرجع عند الاختلاف، ولكونها الحقّ الذي لا مرية فيه؛ حيث إنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، فهي مؤيَّدة من وحي السّماء، بعبارات واضحة المعاني، ليحملها الصحابة رضي الله عنهم على معانيها الصحيحة إلى الأمة من بعدهم معلومةَ المقاصد، دون أن يدخلها الخطأ أو الخلط في الفهم والإدراك.

فالله تعالى أنزل القرآن هداية للثقلين لصلاح دنياهم وآخرتهم، وجعل من مهامّ نبيِّه الكريم صلى الله عليه وسلم تبيينَه للنّاس، فقال تعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ} [النحل: 44]؛ أي: لتُبيِّن للناس ما نُزِّل إليهم في القرآن من العقائد والأحكام والعبادات والمعاملات والآداب، تُبيِّنه للناس بقولك وفِعلك.

والتعريفات النبوية تعدّ من البيان القولي، مُبيِّنة عن الله تعالى مرادَه مما خفي على صحابته الكرام من كتابه العزيز ومن أحكام الصلاة والزكاة والصيام والحج ونحو ذلك.

وكان لزامًا أن يهيئ الله تعالى المبلِّغ عنه بما يعينه على تبليغ رسالته، وأداء أمانته، والنصح لأمته، فآتاه الله جوامع الكلم ومفاتيحه وخواتيمه، فالألفاظ تُطيعه كأن بيده عنانها، ويتصرَّف فيها كيف يشاء ومتى شـاء، ولا نعرف أن مثل هذه الفصاحة تكتسب إلا موهبة من الله؛ قال مصطفى الـرافعي رحمه الله: “ولا نعلم أن هذه الفصاحة قد كـانت له إلا توفيقًا من الله وتوقيفًا”([10]).

بالإضافة لما سبق بيانه عن أهمية التعريفات النبوية فقد تميزت أيضًا بخصائص كثيرة، ومن أبرزها:

1- أن التعريفات النبوية من جوامع الكلم وخواتمه وفواتحه، فقد اختصر للنبي عليه الصلاة والسلام الكلام اختصارًا، فجُمِعَت المعاني الكثيرة في ألفاظ يسيرة، وذلك من أدلة نبوته؛ ليسهل على السامعين حفظ كلامه وتبليغه، حيث تضمنت معالم الإيجاز والسهولة وعدم التكلف.

ولعل أفضل مثال نسوقه هو حديث: «إنَّما الأعمالُ بالنيَّةِ، وإنَّما لكل امرئٍ ما نوى…»([11])، روِي عن الإمام الشافعي رحمه الله أنه قال: “يدخل هذا الحديث في سبعين بابًا من الفقه”([12]).

2- المصداقية: تتسم التعريفات النَّبوية بالمصداقية الخالصة بعيدًا عن الأهواء والشبهات، وذلك إيذانًا بأخلاق قائلها ومقرِّرها النبي المصطفى صلى الله عليه وسلّم، حيث شهِد له بذلك كل عدو وصديق، فلما صعد النبي صلى الله عليه وسلم على الصفا، ونادى قريشًا حتى اجتمعوا، وقال: «أرأيتكم لو أخبرتكم أنَّ خيلًا بالوادي تريد أن تغير عليكم؛ أكنتم مُصدِّقيّ؟» قالوا: نعم؛ ما جرَّبنا عليك إلا صِدْقًا، قال: «فإني نذير لَكم بين يدي عذاب شديد»([13]).

3- الشمول والعموم: التعريفات النبوية تجمع لهجات جميع القبائل العربية، يفهم ألفاظها جميع القبائل وإن اختلفت لهجاتها؛ لأنه عليه الصلاة والسلام أرسل للناس كافة، يقول الإمام الشافعي رحمه الله: “ولسان العرب أوسع الألسنة مذهبًا، وأكثرها ألفاظًا، ولا نعلمه يحيط بجميع علمه إنسان غيرُ نبي”([14]).

كما شملت التعريفات النَّبوية كل حاجيات الإنسان الروحية والجسدية، الدينية والدنيوية، كما شملت أيضًا الأمور الخاصة بعلاقة الإنسان بربه وعلاقته بالكون المحيط به، فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أي الدعاء أفضل؟ فقال: «سَل ربَّك العفو والعافية في الدنيا والآخرة؛ فإذا أُعطيتَ العفو والعافية في الدنيا والآخرة فقد أفلحتَ»([15]).

4- الوسطية والتوازن: إن التعريفات النبوية تخلق توازنًا بين الروح والجسد، وبين العقل والقلب، وبين الدنيا والآخرة، وكذا في كل جوانب الحياة من غير إفراط أو تفريط، قال الله تعالى: {وكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143]، ولذلك كانت التعريفات النبوية متوازنة في كل شيء.

5- الواقعية: التعريفات النبوية تراعي المعاني الصحيحة المعلومة بالشرع والعقل، فلا اختلاف بينهما ولا تعارض، وهذا يدل على قوة العلاقة بين الشرع والعقل في النظر لأمر ما، فالتعريفات النبوية تعزز ما يفهمه العقل السليم، وتصحّح هوى العقل السقيم؛ فتقوِّم منه كلَّ معوَّج بعد إقامة الحجة عليه بالبرهان، فهذه التعريفات بمثابة الأصل لمقاصد الشريعة، يقول الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف: 108].

إنّ التعريفات النَّبوية تخاطب العقل والمنطق ولا تعارضهما، ولا تهيم في الخيالات والفرضيات المعقدة، بل كان عليه الصلاة والسلام يحذِّر من التشدّق والبعد عن الواقع، فقال: «وإنَّ أبغضكم إليّ وأبعدكم مني مجلسًا يوم القيامة الثَّرثارون والمتشدّقون والمتفَيهقون»([16]).

6- وضوح اللفظ والمعنى: فإننا نجد التعريفات النَّبوية واضحة المقاصد، لا لبس فيها ولا غموض، والمقصد من طرحها البيان والوضوح، كما أنه يختار الألفاظ المألوفة عند العرب، قال مصطفى الرافعي رحمه الله: “لا ترى فيه لفظًا مضطربًا، ولا لفظة مستدعاة لمعناها، أو مستكرهة عليه، ولا كلمة غيرُها أتم منها أداءً للمعنى”([17]).

يوضح صلى الله عليه وسلّم ما أشكل على صحابته دون تنطّع أو تشدّق أو تكلّف، وهو الذي وصفه الله عز وجلّ بالرحمة فقال: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107].

وتزيد جمالية التعريفات بما فيها من وحي الحكمة الإلهية التي أجراها الله عز وجلّ على لسان نبيه صلى الله عليه وسلّم وميّز بها أقواله، يقول مصطفى الرافعي رحمه الله: “وإذا نظرت فيما صحّ نقله من قول النبي على جهة الصناعتين البلاغية والبيانية رأيته في الأولى: مسدَّد اللفظ، محكم الوضع، جزل التركيب، متناسب الأجزاء في تأليف الكلمات، فهو فخم الجملة، واضح الصلة بين اللفظ ومعناه، وفي الثانية: حسن المعرض، بَيِّن الجملة، واضح التفضيل، واضح الحدود، جيد الرصف، متمكّن المعنى، بديع الإشارة، ناصع البيان”([18]).

7- اليسر والسهولة: فالتعريفات النبوية إنما وجدت لجلب المصالح ودرء المفاسد، يسيرة وسهلة، تستوعبها العقول وتدركها الأفهام، وبنيت على التيسير وابتعدت عن التعسير، فقد قال الله عز وجلّ: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحجّ: 78]، وقال النبي صلى الله عليه وسلّم: «يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا»([19])، وقال أيضًا: «إنَّ الله لم يبعثني مُعَنِّتًا، ولا مُتعنِّتًا، ولكن بعثني معلمًا ميسرًا»([20]).

قال محمود العقّاد في وصفها: “لا كلفة، ولا غموض، ولا إغراب، وقلة الغريب -بل ندرته- في كلام النبي أجدر بالملاحظة في إقامة المثل والنماذج لأساليب البلاغة العربية، والسر في ذلك أنه يريد أن يصل الحديث إلى سامعه برغم اختلاف لهجات القبائل العربية”([21]).

أهمية التعريفات النبوية في ضبط الحدود:

التزام التعريفات النبوية واستعمالها سلامةٌ من الوقوع في الغلطِ وسوءِ الفهم لكلام الله ورسوله؛ حيث إن من أهم أسباب الغلط وسوء الفهم أن ينشأ الرجل على تعريف حادث، فيفسر كلام الله سبحانه وتعالى وكلام النبي صلى الله عليه وسلم بذلك الاصطلاح، ويحمله على تلك اللغة التي اعتادها؛ ولذا حذّر القرآن الكريم من ذلك فقال: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63].

قال ابن تيميّة رحمه الله: “وهذه الحدود معرفتها من الدين في كلّ لفظ هو في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ثم قد تكون معرفتها فرض عين، وقد تكون فرض كفاية؛ ولهذا ذم الله تعالى من لم يعرف هذه الحدود بقوله تعالى: {الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وأجدر أَن لَا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُوله} [التوبة: 97]، والذي أنزله على رسوله فيه ما قد يكون الاسم غريبًا بالنسبة إلى المستمع كلفظ ضيزى وقسورة وعسعس وأمثال ذلك، وقد يكون مشهورًا لكن لا يعلم حدّه بل يعلم معناه على سبيل الإجمال كاسم الصّلاة والزّكاة والصّيام والحجّ، فإن هذه وإن كان جمهور المخاطبين يعلمون معناها على سبيل الإجمال، فلا يعلمون مسمّاها على سبيل التّحديد الجامع المانع إلا من جهة الرسول صلى الله عليه وسلم وهي التي يقال لها: الأسماء الشرعية. كما إذا قيل: صلاة الجنازة وسجدة السهو وسجود الشكر والطواف، هل تدخل في مسمى الصلاة في قوله صلى الله عليه وسلم: «مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم»([22])؟ فقيل: هل كل ذلك صلاة تجب فيها الطهارة؟ وهل لا تجب الطهارة لمثل ذلك؟ فهل تجب لما تحريمه التكبير وتحليله التسليم؟ وهي كصلاة الجنازة وسجدتي السهو دون الطواف وسجود التلاوة، وكذلك اسم الخمر والربا والميسر ونحو ذلك يعلم أشياء من مسمياتها، ومنها ما لا يعلم إلا ببيان آخر، فإنّه قد يكون الشيء داخلًا في اسم الربا والميسر والإنسان لا يعلم ذلك إلا بدليل يدلّ على ذلك شرعي أو غيره. ومن هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن حدّ الغِيبة، فقال: «ذِكرُك أخاك بما يكره»، فقال له: أرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ فقال: «إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهَتَّه»([23]). وكذلك قوله لما قال: «لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر»، فقال رجل: يا رسول الله، الرجل يحبّ أن يكون ثوبه حسنًا ونعله حسنًا، أفمن الكبر ذلك؟ فقال: «لا، الكبر بطر الحق وغمط النّاس»([24]). وكذلك لـمّا قيل له: ما الإسلام؟ وما الإيمان؟ وما الإحسان؟ ولـمّا سئل عن أشياء: أهي من الخمر؟ وغير ذلك. بالجملة فالحاجة إلى معرفة هذه الحدود ماسّة لكل أمة وفي كل لغة؛ فإن معرفتها من ضرورة التخاطب الذي هو النطق الذي لا بد منه لبني آدم”([25]).

وقال ابن القيّم رحمه الله: “فمن أشرف العلوم وأنفعِها علمُ الحدود، ولا سيما حدود المشروع المأمور والمنهي، فأعلم الناس أعلمهم بتلك الحدود حتى لا يدخل فيها ما ليس منها، ولا يخرج منها ما هو داخل فيها، قال تعالى: {الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وأجدر أَن لَا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} [التوبة: 97]، فأعدل النَّاس من قَامَ بحدود الْأَخْلَاق والأعمال والمشروعات معرفَة وفعلًا، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق”([26]).

خطورة تغيير التَّسميات الشرعية واستبدال التعريفات النبوية:

تغيير الأسماء الشرعية وإبدالها أمر خطير جدًّا، فالأسماء التي سمَّى بها الله ورسوله يجب أن تبقى لأنها من دلالات الشرع، وهذه المصطلحات الشرعية إذا غُيّرت فسد الدين، وتبدلت الشرائع والأحكام، واضمحل الإسلام.

فالتلاعب بالمصطلحات الشرعية من وسائل إفساد الدين على المدى البعيد؛ حين تأتي الأجيال اللاحقة لا يجدون رابطًا بين الأشياء التي يفعلونها وبين الأدلة الشرعية؛ فعند تغير الأسماء تنقطع الروابط بين أحكام هذه الأشياء -المسماة من الله ورسوله- وبين الأدلة المنصوص فيها على أحكام هذه الأشياء، ويعظم الخطر إذا كان تغيير التسميات في العقائد التي بعث الله عزّ وجلّ من أجلها الرّسل وأنزل الكتب؛ ليخرجهم من عبادة العباد إلى عبادة ربّ العباد، وليتحقق بها إفراد الله تعالى بالعبادة القائم على العقيدة السليمة، وعليها يتوقف قَبول الأعمال والنجاة من العذاب في الدنيا والآخرة.

بهذه التعريفات الشرعية تتحدد علاقة العبد بربه وخالقه، فيتعرف بها على الله ويؤمن به، وبإدراكها الإدراك الصحيح تتحقّق السعادة والأمن والاهتداء بدون أن تختلط عليهم الأمور، ولا تشتبه عليهم العبادة، قال الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُّهْتَدُونَ} [الأنعام: 82]، فلا طمأنينة ولا راحة إلا من خلال معرفة العبد لربه بربوبيته وأُلوهيته وصفاته وأسمائه، ولذا أجاب الله تعالى على جميع ما يخطر في ذهن العبد من تساؤلات التي تكوِّن عقيدتَه الصافية الخالصة لله تعالى، والتزام الألفاظ الشرعية عصمةٌ للمسلم من التأثر بما يُحيط به من أفكار وعقائد فاسدة.

فالصحابة -رضوان الله عليهم- لم تختلط عليهم الأمور حينما التزموا التعريفات النبوية رغم اشتقاق المشركين أسماء بعض آلهتهم من أسماء الله تعالى؛ مثل مناة من المنان، والعزى من اسم الله العزيز، بل قوبلت بالرفض وهدمت وأحرقت وأزيلت.

والصحابة -رضوان الله عليهم- التزموا التعريفات النبوية ولم يبدلوها رغم كونهم أعرف الناس بلغة التنزيل، وعاصروا أحوال التنزيل ومناسباته، ومع هذا لم يغيروا ولم يبدلوا، يقول الإمام الشاطبي رحمه الله: “ولما كان القرآن الكريم نزل بلغتهم، فهم أعرف بلسان العرب، ومواقع كلامها، وسعة لغتها، وأشعارها، ومجازها، وعموم لفظ مخاطبتها وخصوصه، ومن ثم فهم أدرى بعادات العرب في أقوالها وأفعالها، ومجاري أحوالها حالة التنزيل”([27]).

والصحابة -رضوان الله عليهم- فهموا التوجيه النبوي جيّدًا بضرورة التزام التسميات والتعريفات النبوية؛ فهم حملة الدين للأجيال القادمة والمتعاقبة التي تأتي من بعدهم، وذلك حين رفض تغيير الأعراب لمسمّى صلاة العشاء بالعتمة، فقال عليه الصلاة والسلام: «لا تغلبنّكم الأعراب على اسم صلاتكم العشاء، فإنّها في كتاب الله العشاء، وإنّها تعتم بحلاب الإبل»([28])، وطرَق سمعَهم الوعيدُ الشديد والعذاب المخزي الذي سينزل بقوم آخر الزمان من جرمهم بتسمية الخمر بغير اسمه فيستحلّونه، قال عليه الصلاة والسلام: «يشربُ ناسٌ من أمتي الخمر، يسمُّونها بغير اسمها، يُضرَبُ على رؤوسهم بالمعازف والقينات، يَخسِفُ الله بهم الأرض، ويجعل اللهُ منهم القردة والخنازير»([29])، إلى غيرها من نصوص الكتاب والسنة المحذّرة من تغيير الحدود والأسماء، وهذا في غير باب العقائد، فكيف يكون التشديد في باب العقائد؟! فالاختلاف في العقائد اختلاف جوهري.

ضرورة ضبط التعريفات النبوية في العقائد بمفهوم أهل السنة والجماعة:

أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن افتراق هذه الأمة في أبواب العقائد، فقال: «وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة، كلهم في النار إلا واحدة»، قالوا: ومن هي يا رسول الله؟ قال: «ما أنا عليه وأصحابي»([30])، وفي رواية: «وهي الجماعة»([31])، ولما كان الأمر كذلك ادّعت الطوائف والفرق وتنازعت في أنها هي الفرقة الوحيدة الناجية المذكورة في الحديث، وأنهم أهل الحق، وتسمَّى بعضهم باسم “أهل السنة”.

ويخبرنا شيخ الإسلام رحمه الله عن هذا التنازع فقال: “فكثير من الناس يخبر عن هذه الفرق بحكم الظن والهوى، فيجعل طائفته والمنتسبة إلى متبوعه الموالية له هم أهل السنة والجماعة، ويجعل من خالفها هم أهل البدع، وهذا ضلال مبين، فإن أهل الحقّ والسنة لا يكون متبوعهم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، فهو الذي يجب تصديقه في كل ما أخبر، وطاعته في كل ما أمر، وليست هذه المنزلة لغيره من الأئمة، بل كل يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم”([32]).

وقال أيضًا في وصف هذه الفرقة الناجية: “ولهذا وصف الفرقة الناجية بأنها أهل السنة، وهم الجمهور الأكبر والسواد الأعظم، وأما الفرق الباقية فإنهم أهل الشذوذ والتفرق والبدع والأهواء، ولا تبلغ من هؤلاء قريبًا من مبلغ الفرقة الناجية، فضلًا عن أن تكون بقدرها”([33]).

ولما كان “مفهوم المصطلح الواحد قد يختلف من طائفة لأخرى… فنجد مثلًا العدل عند المعتزلة هو نفي القدر، بينما معناه مختلف تمامًا عند أهل السنة، وهكذا التوحيد والتنزيه عند أهل الكلام عامة، فهما مختلفان عما عند أهل السنة والجماعة، وكذلك الإيمان يختلف في الدلالة عند المرجئة والخوارج والأشاعرة من جهة، وعند أهل السنة والجماعة من جهة أخرى؛ ولأجل ذلك ينبغي تحرير المصطلحات وضبطها ضبطًا محكمًا في حدود الشرع، وهو ما أوحاه الله سبحانه وتعالى إلى رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، فليس لأحد أن يبدّل معاني هذه الألفاظ ولا أن يغيّرها، بل يجعلها بمراداتها الشرعية حاكمة على التصورات ضابطةً للعلوم”([34]).

التعريفات العقدية النبوية واضحة ومناسبة لكل عصر وثقافة:

لغة التعريفات النبوية تتناسب مع جميع العصور، مع وصولها إلى منتهى البلاغة والفصاحة، ولا يعني ذلك التشدق والتكلف في الكلام، بل كلام فصل مبيَّن، تدركه الأفهام، وتعيه القلوب، يقول العقاد: “ولمن يشاء أن يحسب أسلوب النبي صلى الله عليه وسلم كتابًا وخطابًا أسلوبًا عصريًّا يقتدي به المعاصرون في زماننا هذا وفي كل زمان؛ لأن الأسلوب الذي يخرج من الفطرة السليمة هو أسلوب عصري في جميع العصور([35]).

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية عن هذه المصطلحات: “فالنبي صلى الله عليه وسلم قد بيّن المراد بهذه الألفاظ بيانًا لا يحتاج معه إلى الاستدلال على ذلك بالاشتقاق وشواهد استعمال العرب ونحو ذلك، فلهذا يجب الرجوع في مسميات هذه الأسماء إلى بيان الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، فإنه شاف كاف، بل معاني هذه الأسماء معلومة من حيث الجملة للخاصة والعامة، بل كل من تأمل ما تقوله الخوارج والمرجئة في معنى الإيمان علم بالاضطرار أنه مخالف للرسول صلى الله عليه وسلم”([36]).

“ولكون المصطلحات ربانية المصدر، فإنها لا تتبدّل ولا تتغير في لفظها ولا في دلالتها، فهي تمتاز بالثبات المطلق الذي يجعل أيّ تدخل في تبديل معاني ألفاظها ودلالاتها تحريفًا للكلم عن مواضعه؛ ولهذا فإن دلالات ومفاهيم المصطلحات الشرعية الواردة في الكتاب والسنة واضحة بيّنة، لا تختلف باختلاف البيئات والثقافات، فهي ألفاظ الوحي التي لا يأتيها الباطل؛ ولذا يتفق المتمسكون بدلالتها ولا يختلفون حولها باختلاف العصور والبيئات”([37]).

فلم يحلّ لأحد أن يستبدل هذه الألفاظ إلا بدليل شرعي مثله، يقول ابن تيمية رحمه الله: “فما أطلقه الله من الأسماء وعلّق به الأحكام من الأمر والنهي والتحليل والتحريم لم يكن لأحد أن يقيّده إلا بدلالة من الله ورسوله صلى الله عليه وسلم”([38]).

الثبات على التعريفات العقدية النبوية ثبات في ميدان معركة:

يجب على الأمة أن تجاهدَ أعداء الدين من اليهود والنصارى وغيرهم على ميدان الفكر والمصطلحات والمفاهيم، ولا يقلّ ميدان الفكر والمصطلحات والمفاهيم أهمية عن غيره من الميادين؛ ولهذا جاء القرآن الكريم منبهًا على عدم إغفال هذا الميدان حيث قال تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة: 122].

والأعداء فطنوا لهذا الثغر المؤثّر والذي يغيّر موازين القوة في ميادين المعارك والحروب؛ ولذا نبّه الله تعالى أمّته فقال سبحانه: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ} [الصف: 8]؛ لأنهم إن استطاعوا نشر الأفكار الفاسدة واستبدال التسميات الشرعية فقد قاموا بجعل المسلمين ينسلخون من دينهم وهم لا يشعرون، وتصبح الأمة غثاء تدور في المدار المحدَّد لها، قال صلى الله عليه وسلم: «يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها»، قالوا: أمن قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: «إنكم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل»([39]).

ولذا حذَّرنا النبي صلى الله عليه وسلم منِ اتّباع سنَنهم ونهجِهم وتقاليدهم وأفكارهم، ففي الحديث الصحيح: «لتتّبعن سنن من كان قبلكم شبرًا شبرًا وذراعًا ذراعًا، حتى لو دخلوا حجر ضب تبعتموهم»، قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: «فمن؟!»([40]).

“إن إحاطة عدوّنا بنا، ووصولنا إلى مرحلة الشتات والفرقة، ودخول أمتنا مرحلة القصعة؛ كل ذلك دليل على وجود خلل في البنية الفكرية والمصطلحية والطروحات العقدية التي أثمرت هذا الخلل، مهما ارتفعت أصواتنا بالادّعاء بأننا على النهج السليم؛ ولذلك فإن الغيورين المخلصين والعاملين في ميدان إحياء الأزمة لا بد لهم من التمييز بين أسباب مرض الأمة وأعراض هذا المرض، فالأسباب في الحقيقة فكرية، أساسها المعتقدات والقيم والمصطلحات والمفاهيم، أما الأعراض فهي سياسية واقتصادية واجتماعية. ومن ها هنا فإن بداية أي تغيير لا بد أن تحدث في المصطلحات والمفاهيم، وبقدر ما تملك الأمة رصيدًا صحيحًا وقويًّا من الأفكار والمصطلحات التي مصدرها الكتاب والسنة، وبقدر ما تتحول هذه الأفكار إلى ثقافة معطاءة في الواقع؛ يمكن أن نقول: إنها تشكل نقطة البدء بالتغيير المنشود.. والله غالب على أمره لكن أكثر الناس لا يعلمون”([41]).

نماذج من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلّم التي فيها تعريفات عقدية:

1- الإسلام والإيمان والإحسان: جاء في حديث جبريل الطويل أنّه قال: أخْبِرني عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلًا»، قال: صدقت. قال: فأخبرني عن الإيمان، قال: «أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره»، قال: صدقت. قال: فأخبرني عن الإحسان، قال: «أن تعبد الله كأنّك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك»([42]).

وهذه التعريفات الثلاثة تُعَدُّ من التعريفات النبوية اليسيرة والسّهلة التي تستوعبها العقول وتدركها الأفهام.

2- الدّين: عن أبي رقية تميم بن أوسٍ الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الدِّين النصيحة»، قلنا: لِمَن؟ قال: «لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم»([43]).

هذا الحديث من أدلّ الأحاديث على خصيصة الإيجاز، فقد قرّر جمع من العلماء على كونه من الأحاديث العظام التي عليها مدار الدّين لاشتماله على أصول الدين وفروعه، قال الطوفي رحمه الله: “واعلم أن هذا الحديث وإن أوجز في العبارة فلقد أعرض في الفائدة، وهذه الأحاديث الأربعون وسائر السنن داخلة تحته، بل تحت كلمة منه، وهي «ولكتابه»؛ لأن الكتاب مشتمل على أمور الدين جميعًا، أصلًا وفرعًا واعتقادًا، فإذا آمن به وعمل بما يضمنه على ما ينبغي فقد جمع الكل”([44]).

والإمام النووي رحمه الله جعله مدار الدّين كلّه كما هو ظاهر الحديث حيث قال: “وأمَّا ما قاله جماعات من العلماء: إنه أحد أرباع الإسلام -أي: الأحاديث الأربعة التي تجمع أمور الإسلام- فليس كما قالوا، بل المدار على هذا وحده”([45]).

3- البدعة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه، فهو رَدٌّ»([46]).

4- حب الرسول صلى الله عليه وسلم: قال عليه الصلاة والسلام: «لا يؤمن أحدكم حتَّى أكون أحَبَّ إليه من والده وولده والنَّاس أجمعين»([47]).

إلى غيرها من الأحاديث الواردة في السنة، ولسنا بصدد حصرها، وإنما يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق.

ختامًا: فهذه التعريفات النبوية ملزمة لأهل العلم والإيمان؛ فالسنّة النبويّة ثاني مصادر التشريع الإسلامي، الذي تستقيم به سبل الحق والهداية، وقد تضافرت الأدلة -كما سبق ذكر بعض منها في أثناء البحث- على وجوب الالتزام بالألفاظ والتسميات الشرعية والتعريفات النبوية، وقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على استعمال الألفاظ والتعريفات في مكانها اللائق بها والمناسب لها، وكان صلى الله عليه وسلم مراعيًا للألفاظ والمصطلحات التي يجب أن تستعمل فيما وضِعت له، كما جاء في قول الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا وَاسْمَعُوا} [البقرة: 104]، وقال تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [الحجرات: 14]، وكما في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ويقولون الكَرْم، إنما الكرم قلب المؤمن»([48]).

“وإزاء هذا الثبات والاتفاق على معاني المصطلحات الشرعية ودلالاتها، فالواجب نحوها يقتضي المحافظة على المصطلحات الشرعية لفظًا ومعنى، قلبًا وقالبًا، فيستعمل المصطلح الشرعي للدلالة على مراده، ولا يسمى بغير اسمه، سواء أكان المراد منه حسنًا أم قبيحًا.

وفي هذا الأمر بالذات ينبغي الحذر من أولئك المنهزمين نفسيًّا الذين يعظّمون المناهج والمصطلحات الغربية، ولا يأبهون بالمصطلحات الإسلامية وينفرون منها، وإنه يجب على المسلمين الحذر من التقليد الأعمى للغرب، وفي ذلك يكمن خطر الذوبان في فكره الجاهلي والضياع وسط مصطلحاته الكثيرة التي تفقدنا ذاتيتنا المستقلة.

 ولذلك ينبغي الحرص على استعمال المصطلحات الإسلامية بكل دقة وأمانة في أبحاثنا ودراساتنا؛ لأنها ذات دلالات واضحة ومحدّدة، ولأنها معايير شرعية لها قيمتها في وزن الأشخاص والأحداث، فالقرآن الكريم على سبيل المثال قسَّم الناس إلى ثلاثة أقسام: “مؤمن” و”كافر” و”منافق”، ولكل منها صفات محدَّدة ثابتة ودقيقة لا يجوز التلاعب بها.

فما ينبغي أن نحيد عن هذا التقسيم إلى مصطلحات نبتت في أوساط غير إسلامية، كوصف الإنسان بأنه “يميني” أو “يساري”، أو غير ذلك من النعوت غير الشرعية، والتي ليست محدَّدة بصورة دقيقة وثابتة، وكذلك فإن الحكم على الأعمال والمواقف والمنجزات الحضارية ينبغي أن تستخدَم فيه المصطلحات الشرعية: كـ “الخير” و”الشر” و”الحق” و”الباطل” و”العدل” و”الظلم” و”الصلاح” و”الفساد”، كما جاءت محدَّدة في القرآن الكريم والسنة الشريفة، ولا يجوز استخدام معايير الفكر الغربي: كـ “التقدمية” و”الرجعية” و”الإرهاب” و”الديمقراطية” و”الديكتاتورية” و”الحرية” و”الإنسانية” و”الضمير”، وغيرها من المصطلحات المعاصرة.

وينبغي النظر إلى المصطلحات من زاويتين:

الزاوية الأولى: أن المصطلحات رسائل فكرية موجهة، ووسائل للتفاهم بأقصر ضرورة علمية، ووسيلة مهمة من وسائل التعليم ونقل المعلومات، وبها ينتشر العلم وتتلقى وتتفق أفكار العلماء والمثقفين، وينتفع الخلف بمجهود السلف؛ لكونها تجمع الفكر على دلالة محددة واضحة.

ومن ثم ينبغي العناية باستعمال المصطلحات الشرعية الواردة في الكتاب والسنة؛ فالمعاني والدلالات الشرعية تؤخذ من ألفاظ التنزيل، ونلتزم مدلول اللفظ، ونؤمن باللفظ، سواء فهمنا معناه أو لم نفهمه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يقول إلا حقًّا، والأمة لا تجتمع على ضلالة([49]).

الزاوية الثانية: خطورة الغزو المصطلحي من قبل الغرب الصليبي، ذلك أن قضية المصطلحات من أشدّ العناصر أثرًا وأهمية وخطورة في ثقافة الشعوب؛ لأنه عن طريقها يتم تثبيت المفاهيم والأفكار.

والمصطلح كلمة أو كلمتان، وقد لا تتعدّى ذلك إلا في حالات نادرة، لكن هذه الكلمة قادرة على تحويل التفكير من جهة إلى نقيضها؛ ولهذا ينبغي أن نعي خطورة الغزو المصطلحي على الأمة، فهو ليس لمجرد اللهو والعبث اللفظي، فمحاولات إطفاء نور الله تعالى بالأفواه محاولات قديمة جديدة([50]).

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) ينظر: تاريخ ابن خلدون (1/ 543-544).

([2]) الرسول المعلم (ص: 8).

([3]) أخرجه مسلم (523).

([4]) أخرجه البخاري (6998).

([5]) فيض القدير للمناوي (1/ 563).

([6]) إرشاد الساري (10/ 135).

([7]) أخرجه مسلم (2001).

([8]) شرح صحيح مسلم (13/ 145).

([9]) البيان والتبيين (2/ 12).

([10]) تاريخ آداب العرب (ص: 224).

([11]) أخرجه البخاري (6953)، ومسلم (1907).

([12]) ينظر: كشف المشكل (1/ 85).

([13]) أخرجه البخاري (4770).

([14]) الرسالة (1/ 34).

([15]) أخرجه الترمذي (3512)، وقال: “هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، إنما نعرفه من حديث سلمة بن وردان”.

([16]) أخرجه الترمذي (2018)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (٢٨٩٧).

([17]) إعجاز القرآن والبلاغة النبوية (ص: 223).

([18]) إعجاز القرآن والبلاغة النبوية (ص: 223).

([19]) أخرجه البخاري (69).

([20]) أخرجه مسلم (29).

([21]) عبقرية محمد ﷺ (ص: 93). وانظر: التعريفات النبوية الواردة في الكتب الستة، للتلباني (ص: 22-25).

([22]) أخرجه ابن ماجه (224)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (5885).

([23]) أخرجه مسلم (2589).

([24]) أخرجه مسلم (91).

([25]) الرد على المنطقيين (ص: 49-51).

([26]) الفوائد (ص: 141).

([27]) الموافقات (3/ 204).

([28]) أخرجه مسلم (644).

([29]) أخرجه ابن حبان (٦٧٥٨).

([30]) أخرجه الترمذي (2641)، وحسَّنه ابن العربي في أحكام القرآن (3/ 432)، والعراقي في تخريج الإحياء (3/ 284)، والألباني في السلسلة الصحيحة (1/ 409).

([31]) أخرجه أبو داود (4597)، وصححه الحاكم (443)، وابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (3/ 345)، والعراقي في تخريج الإحياء (3/ 199)، وحسنه ابن حجر في تخريج الكشاف (ص: 63).

([32]) مجموع الفتاوى (3/ 346-347).

([33]) مجموع الفتاوى (3/ 345-346).

([34]) مقال: “المصطلحات في حدود الشرع” أ. د. محمد أمحزون، العدد (320)، مجلة البيان، العدد (320)، ربيع الثاني 1435هـ، فبراير 2014م.

([35]) عبقرية محمد (ص: 152).

([36]) مجموع الفتاوى (7/ 287).

([37]) مقال: “المصطلحات في حدود الشرع” مصدر سابق.

([38]) مجموع الفتاوى (19/ 236).

([39]) أخرجه أبو داود (4297)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (٩٥٨).

([40]) أخرجه البخاري (7320).

([41]) مقال: “المصطلحات في حدود الشرع”، مصدر سابق.

([42]) أخرجه البخاري (50).

([43]) أخرجه مسلم (55).

([44]) التعيين شرح الأربعين (ص: 105).

([45]) شرح صحيح مسلم (2/ 32).

([46]) أخرجه البخاري (2697)، ومسلم (1718).

([47]) أخرجه البخاري (15).

([48]) أخرجه البخاري (6183)، ومسلم (2247).

([49]) ينظر: مجموع الفتاوى (5/ 298).

([50]) مقال: “المصطلحات في حدود الشرع” مصدر سابق، بتصرف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جديد سلف

صيانة الشريعة لحق الحياة وحقوق القتلى، ودفع إشكال حول حديث قاتل المئة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقدمة: إنّ أهلَ الأهواء حين لا يجدون إشكالًا حقيقيًّا أو تناقضًا -كما قد يُتوهَّم- أقاموا سوق الأَشْكَلة، وافترضوا هم إشكالا هشًّا أو مُتخيَّلًا، ونحن نهتبل فرصة ورود هذا الإشكال لنقرر فيه ولنثبت ونبرز تلك الصفحة البيضاء لصون الدماء ورعاية حقّ الحياة وحقوق القتلى، سدًّا لأبواب الغواية والإضلال المشرَعَة، وإن […]

برهان الأخلاق ودلالته على وجود الله

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: إنَّ قضيةَ الاستدلال على وجود الله تعالى، وأنه الربّ الذي لا ربّ سواه، وأنه المعبود الذي استحقَّ جميع أنواع العبادة قضية ضرورية في حياة البشر؛ ولذا فطر الله سبحانه وتعالى الخلق كلَّهم على معرفتها، وجعل معرفته سبحانه وتعالى أمرًا ضروريًّا فطريًّا شديدَ العمق في وجدان الإنسان وفي عقله. […]

التوظيف العلماني للقرائن.. المنهجية العلمية في مواجهة العبث الفكري الهدّام

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة     مقدمة: حاول أصحاب الفكر الحداثي ومراكزُهم توظيفَ بعض القضايا الأصولية في الترويج لقضاياهم العلمانية الهادفة لتقويض الشريعة، وترويج الفكر التاريخي في تفسير النصّ، ونسبية الحقيقة، وفتح النص على كلّ المعاني، وتحميل النص الشرعي شططَهم الفكري وزيفَهم المروَّج له، ومن ذلك محاولتُهم اجترار القواعد الأصولية التي يظنون فيها […]

بين عُذوبة الأعمال القلبية وعَذاب القسوة والمادية.. إطلالة على أهمية أعمال القلوب

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   مقدمة: تعاظمت وطغت المادية اليوم على حياة المسلمين حتى إن قلب الإنسان لا يكاد يحس بطعم الحياة وطعم العبادة إلا وتأتيه القسوة من كل مكان، فكثيرا ما تصطفُّ الجوارح بين يدي الله للصلاة ولا يحضر القلب في ذلك الصف إلا قليلا. والقلب وإن كان بحاجة ماسة إلى تعاهُدٍ […]

الإسهامات العلمية لعلماء نجد في علم الحديث.. واقع يتجاوز الشائعات

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: لا يخلو زمن من الأزمان من الاهتمام بالعلوم وطلبها وتعليمها، فتنشط الحركة التعليمية وتزدهر، وربما نشط علم معين على بقية العلوم نتيجة لاحتياج الناس إليه، أو خوفًا من اندثاره. وقد اهتم علماء منطقة نجد في حقبهم التاريخية المختلفة بعلوم الشريعة، يتعلمونها ويعلِّمونها ويرحلون لطلبها وينسخون كتبها، فكان أول […]

عرض وتعريف بكتاب: المسائل العقدية التي خالف فيها بعضُ الحنابلة اعتقاد السّلف.. أسبابُها، ومظاهرُها، والموقف منها

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة تمهيد: من رحمة الله عز وجل بهذه الأمة أن جعلها أمةً معصومة؛ لا تجتمع على ضلالة، فهي معصومة بكلِّيّتها من الانحراف والوقوع في الزّلل والخطأ، أمّا أفراد العلماء فلم يضمن لهم العِصمة، وهذا من حكمته سبحانه ومن رحمته بالأُمّة وبالعالـِم كذلك، وزلّة العالـِم لا تنقص من قدره، فإنه ما […]

قياس الغائب على الشاهد.. هل هي قاعِدةٌ تَيْمِيَّة؟!

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   القياس بمفهومه العام يُقصد به: إعطاء حُكم شيء لشيء آخر لاشتراكهما في عِلته([1])، وهو بهذا المعنى مفهوم أصولي فقهي جرى عليه العمل لدى كافة الأئمة المجتهدين -عدا أهل الظاهر- طريقا لاستنباط الأحكام الشرعية العملية من مصادرها المعتبرة([2])، وقد استعار الأشاعرة معنى هذا الأصل لإثبات الأحكام العقدية المتعلقة بالله […]

فَقْدُ زيدِ بنِ ثابتٍ لآيات من القرآن عند جمع المصحف (إشكال وبيان)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: القرآن الكريم وحي الله تعالى لنبيّه محمد صلى الله عليه وسلم، المعجزة الخالدة، تتأمله العقول والأفهام، وتَتَعرَّفُه المدارك البشرية في كل الأزمان، وحجته قائمة، وتقف عندها القدرة البشرية، فتعجز عن الإتيان بمثلها، وتحمل من أنار الله بصيرته على الإذعان والتسليم والإيمان والاطمئنان. فهو دستور الخالق لإصلاح الخلق، وقانون […]

إرث الجهم والجهميّة .. قراءة في الإعلاء المعاصر للفكر الجهمي ومحاولات توظيفه

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: إذا كان لكلِّ ساقطة لاقطة، ولكل سلعة كاسدة يومًا سوقٌ؛ فإن ريح (الجهم) ساقطة وجدت لها لاقطة، مستفيدة منها ومستمدّة، ورافعة لها ومُعليَة، وفي زماننا الحاضر نجد محاولاتِ بعثٍ لأفكارٍ منبوذة ضالّة تواترت جهود السلف على ذمّها وقدحها، والحط منها ومن معتنقها وناشرها([1]). وقد يتعجَّب البعض أَنَّى لهذا […]

شبهات العقلانيين حول حديث: (إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: لا يزال العقلانيون يحكِّمون كلامَ الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم إلى عقولهم القاصرة، فينكِرون بذلك السنةَ النبوية ويردُّونها، ومن جملة تشغيباتهم في ذلك شبهاتُهم المثارَة حول حديث: «الشيطان يجري في ابن آدم مجرى الدم» الذي يعتبرونه مجردَ مجاز أو رمزية للإشارة إلى سُرعة وقوع الإنسان في الهوى […]

شُبهة في فهم حديث الثقلين.. وهل ترك أهل السنة العترة واتَّبعوا الأئمة الأربعة؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة حديث الثقلين يعتبر من أهمّ سرديات الخطاب الديني عند الشيعة بكافّة طوائفهم، وهو حديث معروف عند أهل العلم، تمسَّك بها طوائف الشيعة وفق عادة تلك الطوائف من الاجتزاء في فهم الإسلام، وعدم قراءة الإسلام قراءة صحيحة وفق منظورٍ شمولي. ولقد ورد الحديث بعدد من الألفاظ، أصحها ما رواه مسلم […]

المهدي بين الحقيقة والخرافة والرد على دعاوى المشككين

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   مقدمة: صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا، لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ»([1]). ومن رحمته صلى الله عليه وسلم بالأمه أنه أخبر بأمور كثيرة واقعة بعده، وهي من الغيب الذي أطلعه الله عليه، وهو صلى الله عليه وسلم لا […]

قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لو كان الإيمان منوطًا بالثريا، لتناوله رجال من فارس) شبهة وجواب

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  يقول بعض المنتصرين لإيران: لا إشكالَ عند أحدٍ من أهل العلم أنّ العربَ وغيرَهم من المسلمين في عصرنا قد أعرَضوا وتولَّوا عن الإسلام، وبذلك يكون وقع فعلُ الشرط: {وَإِن تَتَوَلَّوْاْ}، ويبقى جوابه، وهو الوعد الإلهيُّ باستبدال الفرس بهم، كما لا إشكال عند المنصفين أن هذا الوعدَ الإلهيَّ بدأ يتحقَّق([1]). […]

دعوى العلمانيين أن علماء الإسلام يكفرون العباقرة والمفكرين

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة عرفت الحضارة الإسلامية ازدهارًا كبيرًا في كافة الأصعدة العلمية والاجتماعية والثقافية والفكرية، ولقد كان للإسلام اللبنة الأولى لهذه الانطلاقة من خلال مبادئه التي تحثّ على العلم والمعرفة والتفكر في الكون، والعمل إلى آخر نفَسٍ للإنسان، حتى أوصى الإنسان أنَّه إذا قامت عليه الساعة وفي يده فسيلة فليغرسها. ولقد كان […]

حديث: «إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ» شبهة ونقاش

من أكثر الإشكالات التي يمكن أن تؤثِّرَ على الشباب وتفكيرهم: الشبهات المتعلِّقة بالغيب والقدر، فهما بابان مهمّان يحرص أعداء الدين على الدخول منهما إلى قلوب المسلمين وعقولهم لزرع الشبهات التي كثيرًا ما تصادف هوى في النفس، فيتبعها فئام من المسلمين. وفي هذا المقال عرضٌ ونقاشٌ لشبهة واردة على حديثٍ من أحاديث النبي صلى الله عليه […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017