حلول الحوادث عند ابن تيميَّة والكـرَّامية
للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة
تمهيد
مسألةُ الأفعال الاختيارية هي من أهمّ القضايا التي شكَّلت صراعًا جوهريًّا ردحًا من الزمن في التاريخ الإسلامي، وهي أيضًا من أهم قضايا الصراع العقدي وأكثرها حساسيّة؛ لما فيها من لُطفٍ وخفاء، ويمكن اعتبارها أهم معاقد خلاف ابن تيمية مع مخالفيه، وشغلت حيزًا كبيرًا من مصنفاته الكلاميّة سواء بالتصريح بها أو التدليل عليها عقلًا ونقلًا، بل يمكننا القول بأن هذه القضية عند التحقيق هي جوهر افتراق أهل الإثبات وأهل التعطيل.
ورغم أنّ الشرع الحكيم قد قال كلمته النهائية الفاصلة فيها، فالله يفعل ما يشاء ويختار، وهو على كل شيء قدير، وهو سبحانه الفعال لما يريد، إلا أنه بدخول بعض المسلمين في الفلسفة وعلم الكلام نفَى بعضهم ذلك عن الله؛ لشبهاتِ كلامية عنّت لهم كما سيأتي.
من الأدلة العقلية على الفعل الاختياريّ أنه من المعلوم أن السموات والأرض أو غيرها من المخلوقات ليست مخلوقة منذ الأزل، بل هي حادثة في وقت معين، فحين خلقها الله عز وجل لا بد أن يفعل الله عز وجل فعلًا معيّنًا وهو التخليق، فبخلقه السماء قد فعل فِعلًا جديدًا؛ لأن السماء لم تكن مخلوقة من قبل، ومعنى ذلك حسب تعبير أهل الكلام أن الله حلَّت به الحوادث([1]) التي لم تكن موجودة من قبل.
وفي حديث الشفاعة الطويل حينما يهرع الناس يوم القيامة إلى الأنبياء، يقول كل نبي: «إن ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله ولن يغضب بعده مثله»([2]). فقد وصفه الأنبياء واتَّفقوا كلّهم في حديث الشفاعة على أنه يغضب ذلك اليوم غضبًا لم يكن قد غضبه من قبل، ولن يغضب بعده مثله، ففعل فعلًا لم يفعله من قبل، ولن يفعله بعده، وهذا صريح في تجدد صفات الأفعال.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه: ما دام الأمر واضحًا بهذا الشكل؛ فلماذا نفى المتكلِّمون صفات الأفعال الاختيارية؟
وللجواب عن هذا السؤال ينبغي فهم المسألة بشكلٍ أكثر وضوحًا، وقبل ذلك يحسن بيان أقسام صفات الله تعالى باعتبار تعلُّقها بمشيئته سبحانه وتعريف كلّ قسم:
أقسام صفات الله تعالى:
صفات الله عز وجل تنقسم باعتبار تعلُّقها بذات الله سبحانه وتعالى ومشيئته واختياره إلى: صفات ذاتية، وصفات فعلية.
فالصفات الذاتية: هي الصفات التي تلازم ذات الباري أزلًا وأبدا، كالعلم، والحياة، والقدرة، والإرادة، ولا تتعلق بالمشيئة والاختيار.
والصفات الفعلية: هي الصفات التي تتعلّق بمشيئته تعالى وإرادته، كالاستواء، والنزول، والمجيء، وغيرها.
وهناك نوع ثالث من الصفات فتكون صفة ذات وصفة فعل، مثل: صفة الكلام، فهي صفة ذاتية باعتبار أصلها؛ إذ الله سبحانه وتعالى لم يزل ولا يزال متكلّما، وصفة فعلية باعتبار آحاد الكلام لتعلّقه بمشيئته واختياره، فيتكلم متى شاء، بما شاء، كيف شاء([3]).
مسألة حلول الحوادث والأقوال فيها:
من المعلوم أن الإنسانَ قبل أن يقوم بفعلٍ معيَّن مثل الكلام؛ فإنه لا بد وأن يحدثَ بداخله بعض التغيرات والتجهيزات لكي تتهيَّأ نفسُه ليصدر منه صوت، فيبدأ بالانفعال لشيء قد رآه أو سمعه، وهذا الانفعال لم يكن موجودًا ثم وُجد، ثم تنشأ بداخله إرادة الكلام، وهذه الإرادة لم تكن موجودة ثم وُجدت، ثم ينشأ الهمّ بالكلام، وهذا الهمّ لم يكن موجودًا ثم وُجد، ثم إن المخّ يعطي إشارة إلى اللسان بالكلام، ثم في النهاية يتكلّم.
فإذا كانت هذه الترتيبات جديدة وحادثة، والله عز وجل منزَّه عن هذه التغيرات الذاتية، وهي حوادث مخلوقة لم تكن موجودَة؛ ولذلك نفى المتكلمون الأفعال الاختيارية مثل: النزول والاستواء والغضب ونحو ذلك، ومصدر الخطأ الجسيم الذي وقع فيه المتكلّمون أنهم قاموا بقياس صفات الله على صفات البشر، ومعلوم أن الله ليس كمثله شيء، لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله.
وأصبح للمتكلمين مسلكان رئيسيّان للهروب من إثبات الأفعال:
1- أن يقولوا: الفعل هو المفعول المخلوق، والاستواء فعل في العرش سماه استواءً، والتجلّي هو فعل مخلوق سمّاه تجليًا، والنزول هو فعل مخلوق سماه نزولًا، وهذا قول الأشعرية([4])، وأوَّل قولي القاضي([5]).
2- أن يجعلوها من باب النِّسَب والإضافات المحضَة، من غير دلالة على شيء حقيقيّ، أو تجدّد فِعل، فلا يزال آتيًا منذ الأزل، ولا يزال متجليًا منذ الأزل، وإذا أراد أن يجيء أو يتجلّى يكشف الحجب التي بينه وبين خلقه فيصير جائيًا أو متجليًا، أو يخلق العرش بصفة التّحت فيصير مستويًا. وهذا قول الكلابية والسالمية ومتكلِّمة الحنابلة([6]).
أو يقولون: هذه أفعال محضة في المخلوقات من غير إضافة ولا نسبة، كما أن الإنسان يصعد إلى السطح فيصير فوقه، ثم يجلس عليه فيصير تحته، والسطح متّصف تارة بالفوقية والعلو، وتارة بالتحتية والسفول، من غير قيام صفة فيه ولا تغيّر. وكذلك إذا ولد للإنسان مولود، فيصير أخوه عمّا، وأبوه جدًّا، وابنه أخا، وأخو زوجته خالًا، وتنسب لهم هذه النسب والإضافات من غير تغيّر فيهم([7]).
تصريح أئمة الحديث بالفعل الاختياري:
لما كانت هذه القضية من الوضوح بمكان ومن المعلوم بالاضطرار من عقائد السلف، فقد جعل نعيم بن حماد أن فصل ما بين الحيّ والميت هو الفعل، قال الإمام البخاري: “ولقد بيّن نعيم بن حماد أن كلام الرب ليس بخلق، وأن العرب لا تعرف الحيّ من الميت إلا بالفعل، فمن كان له فعل فهو حيّ، ومن لم يكن له فعل فهو ميت، وأن أفعال العباد مخلوقة، فضُيّق عليه حتى مضى لسبيله، وتوجّع أهل العلم لما نزل به، وفي اتفاق المسلمين دليل على أن نعيمًا ومن نحا نحوه ليس بمفارق ولا مبتدِع، بل البدع والترؤّس بالجهل بغيرهم أولى؛ إذ يفتون بالآراء المختلفة مما لم يأذن به الله”. وقال البخاري: “ففعل الله صفة الله، والمفعول غيره من الخلق”. وقال أيضًا: “وقالت الجهمية: الخلق هو المخلوق، وقال أهل العلم: التخليق فعل الله”([8]).
وفي حضرة الخليفة المأمون لما أراد بشر المريسيّ أن يُلزم عبد العزيز الكناني نفي تجدد الفعل، قال بشر: ويلزمك أنت أيضا أن تقول: إن الله لم يزل يفعل ويخلق، فإذا قلت ذلك ثبت أن المخلوق لم يزل مع الله. فقال الكناني: “فقلت له: ليس لك أن تحكم عليَّ وتلزمني ما لا يلزمني وتحكي عني ما لم أقل، إنه لم يزل الخالق يخلق، ولم يزل الفاعل يفعل، فتلزمني ما قلت! وإنما قلت: إنه لم يزل الفاعل سيفعل، ولم يزل الخالق سيخلق؛ لأن الفعل صفة لله، يقدر عليه، ولا يمنعه منه مانع”([9]).
وفيه أن عبد العزيز الكناني نفى أن يكون الله يفعل في كل أوقاته ويتكلم في كل أوقاته -كما ألزمه المريسي-، بينما وضح له الكناني أن هذا ليس مقصده، بل القصد أن الله فاعل سيفعل، أي: قادر على الفعل بمشيئته.
وإنَّ أوضح من أثبت تجدّد الأفعال الحادثة الآحاد لله هو الإمام البخاري رحمه الله، بل إنه زاد على ذلك بأن بيّن موقفه من المقالة المخالفة لما قرره، فنسبها إلى الجهمية، فقال أولًا في كتاب التوحيد من صحيحه: “وأن حدَثه لا يشبه حدَث المخلوقين”([10]). وسيأتي كلام البخاري مفصَّلًا.
وقال كذلك في كتاب التوحيد من صحيحه: “باب ما جاء في تخليق السموات والأرض وغيرها من الخلائق، وهو فعل الرب تبارك وتعالى وأمره، فالرب بصفاته وفعله وأمره وكلامه، وهو الخالق المكوِّن، غير مخلوق، وما كان بفعله وأمره وتخليقه وتكوينه فهو مفعول مخلوق مكوَّن”([11]).
ولما انتشرت شبهة الكلابية صرّح بعض العلماء بخلاف مذهبهم:
فقال ابن أبي زيد القيرواني: “وأنه يجيء يوم القيامة بعد أن لم يكن جائيًا والملَك صفًا صفًا”([12]).
وقال الحافظ ابن عبد البر ردًّا على الكلابية: “وفي قول الله عز وجل: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّه لِلْجَبَلِ} [الأعراف: 143] دلالة واضحة أنه لم يكن قبل ذلك متجليا للجبل”([13]).
وقال الحافظ المجاهد أبو أحمد محمد بن علي الكَرَجي القصَّاب: “الثانية: أن الاستيلاء إذا كان اسما واقعا على الغلبة والقهر، فلا يجوز أن يكون في الله حادثًا؛ لأنه جل وتعالى قاهر غالب في الأول، والاستواء يجوز أن يحدثه بعد خلق العرش، فقوله: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} بيَّن أن الاستواء بعد خلق السموات والأرض”([14]).
والشاهد في قول الكرجي هو: “يجوز أن يحدثه بعد خلق العرش”، وقصده أنه يفعله بمشيئته وقدرته بعد أن لم يكن فعله.
وقال القصاب أيضًا: “ونحن لا ننكر أن الله جل وتعالى قبل أن ينادي موسى كان غير مناديه، ولكنه لما ناداه بكلامه، والكلام نعت من نعته، لم يجز أن يكون مخلوقًا”([15]).
وموضع الشاهد قوله: “كان غير مناديه”، وهذا القول لا ينتظم على القول بقدم أفراد الأفعال، وسيأتي بيان ذلك في صفة الكلام.
وأشار أبو إسماعيل الأنصاري إلى هذا في مناقب أحمد بن حنبل، فمما قاله: “وجاءت طائفة فقالت: لا يتكلّم بعد ما تكلّم فيكون كلامه حادثًا. فطار لتلك الفتنة ذلك الإمام أبو بكر-يعني ابن خزيمة-، فلم يزل يصيح بتشويهها، ويصنف في ردِّها كأنه منذر جيش، حتى دوَّن في الدفاتر، وتمكن في السرائر، ولقّن في الكتاتيب، ونقش في المحاريب: إن الله متكلّم، إن شاء الله تكلم، وإن شاء سكت، فجزى الله ذلك الإمام وأولئك النفرَ الغُر عن نُصرة دينه وتوقير نبيه خيرًا”([16]) .
ومما نلاحظه أن الهروي استنكر قول الكلابية أن تجدّد الكلام يلزم منه الحدوث؛ لأنه لا يجوز أن نكذِّب الشرع بعقليات المتكلّمين، بل الواجب أن نؤمن بما جاء به القرآن وثيت في السنة كما هو.
ومن ذلك أيضًا ما قاله الدارمي: “والله -تعالى وتقدس اسمه- كل أسمائه سواء، لم يزل كذلك، ولا يزال، لم تحدث له صفة ولا اسم لم يكن كذلك، كان خالقًا قبل المخلوقين، ورازقًا قبل المرزوقين، وعالِمًا قبل المعلومين، وسميعًا قبل أن يسمع أصوات المخلوقين، وبصيرًا قبل أن يرى أعيانهم مخلوقة”([17]).
ومحل إثباته للفعل الاختياري هو قوله: (وسميعًا قبل أن يسمع أصوات المخلوقين، وبصيرًا قبل أن يرى أعيانهم مخلوقة).
إذن يمكن أن نلخّص ما سبق في ثلاثة مذاهب رئيسيّة:
1- مذهب الأشعرية: أن فعل الله مخلوق منفصِل عنه.
2- مذهب الكلابية والسالمية وبعض الحنابلة: أن الأفعال قديمة لا تتعلّق بالمشيئة.
3- السلف وجمهور أهل الحديث: أن أفعال الله متجدِّدة غير مخلوقة. وهو المذهب الصحيح.
ويُبيّن ابن تيمية أن جمهور الحنابلة وأهل الحديث هم من الصنف الثالث قائلًا: “وكثير من الحنبلية، وأكثر أهل الحديث([18])، ومن اتبعهم من الفقهاء والصوفية وجمهور المسلمين، وأكثر كلام السلف ومن حكى مذهبهم حتى الأشعري يدلّ على هذا القول: إن هذه الصفات الفعلية ونحوها المضافة إلى الله قسم ثالث، ليست من المخلوقات المنفصِلة عنه، وليست بمنزلة الذات والصفات القديمة الواجبة التي لا تتعلق بها مشيئته، لا بأنواعها ولا بأعيانها. وقد يقول هؤلاء: إنه يتكلّم إذا شاء، ويسكت إذا شاء، ولم يزل متكلِّما، بمعنى أنه لم يزل يتكلّم إذا شاء، ويسكت إذا شاء، وكلامه منه ليس مخلوقًا. وكذلك يقولون: وإن كان له مشيئة قديمة فهو يريد إذا شاء، ويغضب ويمقت. ويقرّ هؤلاء أو أكثرهم ما جاء من النصوص على ظاهره مثل قوله: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [السجدة: 4] أنه استوى عليه بعد أن لم يكن مستويا عليه، وأنه يدنو إلى عباده ويقرب منهم، وينزل إلى سماء الدنيا، ويجىء يوم القيامة، بعد أن لم يكن جائيًا”([19]).
تنبيه مهمّ:
مع أن جمهور المحدثين يقولون بتجدد الأفعال -كما بيّنا-، إلا أن بعضهم -لا سيما بعد القرن الرابع الهجري- قد يقول عنها: قديمة، وينفي عنها الحدوث؛ لنهي الإمام أحمد عن ذلك، ولأن الحدوث يوهم الخلق، بل يلتزمون أن أفعاله قديمة ويقصدون بها أنها غير مخلوقة. والبعض الآخر لا يجد حرجًا من إطلاق لفظة الحدوث. وهو خلاف لفظي اصطلاحي وليس خلافًا حقيقيًّا.
وإذا وضعنا في الاعتبار أن شيخ الإسلام ابن تيمية هو أول من حقّق المسألة بشكلٍ كلاميّ وكشف مُبهمها وحقَّق اصطلاحاتها زال الإشكال عمّا ورد من بعض أئمة الحديث المتأخّرين ممن لا يلتزمون نفس المصطلحات.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: “وأصحاب هذا القول قد يقولون: إن كلامه قديم، وأنه ليس بحادث ولا مُحدَث، فيريدون نوعَ الكلام؛ إذ لم يزل يتكلّم إذا شاء، وإن كان الكلام العينيّ يتكلّم به إذا شاء، ومن قال: ليست تحلّ ذاتَه الحوادثُ، فقد يريد به هذا المعنى، بناء على أنه لم يحدث نوع الكلام في كيفية ذاته. وقال أبو عبد الله بن حامد في أصوله: ومما يجب الإيمان به والتصديق أن الله يتكلم، وأن كلامه قديم، وأنه لم يزل متكلمًا في كلّ أوقاته، بذلك موصوفًا، وكلامه قديم غير محدَث، كالعلم والقدرة”([20]).
ومراد ابن تيمية أنّ بعض أهل الحديث يقول بأن كلام الله قديم، أو لا تحله الحوادث، ولا يُريدون نفي الفعل الاختياري بالضرورة، والخلاف معهم لفظي.
ولعله يظهر المراد إذا عقدنا مقارنة بين إمامّن أثريّين، أحدهما: الحسن بن حامد، والآخر: الكرجي القصاب.
كلا هذين الإمامين يقول بالأفعال الاختيارية، ومع ذلك فابن حامد لا يصف الأفعال بالحدث ولا الحدوث، والكرجي لا يرى بأسًا بإطلاق هذا اللفظ في مواضع.
الإمام الأول: الحسن بن حامد:
نقل عنه القاضي أبو يعلى في الروايتين والوجهين: “فذهب شيخنا أبو عبد الله -يعني ابن حامد- إلى أنه نزول انتقال، قال: لأن هذا حقيقة النزول عند العرب، وهذا نظير قوله في الاستواء، يعني قعد… ولأن أكثر ما في هذا أنه من صفات الحدث في حقّنا، وهذا لا يوجب كونه في حقّه محدثًا، كالاستواء على العرش، هو موصوفٌ به مع اختلافنا في صفته، وإن كان هذا الاستواء لم يكن موصوفًا به في القِدم، وكذلك نقول: تكلم بحرف وصوت، وإن كان هذا يوجب الحدث في صفاتنا ولا يوجبه في حقّه، كذلك النزول”([21]).
فجعل ابن حامد الاستواء ليس قديمًا أزليًّا، ثم قام بقياسه على الحرف والصوت أيضًا، يعني لم يكن موصوفًا بنفس الصوت المعين في الأزل، ومع ذلك نفى عنه الحدوث.
الإمام الثاني: محمد بن علي الكَرَجي القصَّاب:
قال: “الاستيلاء إذا كان اسما واقعا على الغلبة والقهر، فلا يجوز أن يكون في الله حادثًا؛ لأنه جل وتعالى قاهر غالب في الأول، والاستواء يجوز أن يحدثه بعد خلق العرش، فقوله: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} بيَّن أن الاستواء بعد خلق السموات والأرض”([22]).
فوصف الاستواء بالحدث، ومراده الحديث أو الجديد، وليس مراده المخلوق المنفصل.
وأما الإمام الحسن بن حامد -لكونه حنبليًّا- فكان لا يطلق لفظ الحادث أو الحدوث، فينبغي التنبّه لهذه المسألة جيّدًا؛ لأنه يحصل بسببها الخلط واللبس، ونسبة المذاهب إلى غير قائليها لمحض الاصطلاحات.
التفرقة بين الحادث والمخلوق:
هل ابن تيمية مسبوق بالتفرقة بين الحادث والمخلوق؟
ذكرنا أن من أطلق لفظ (الحدث) من السلف لم يقصد به المخلوق المنفصل، فأفراد أفعال الله حادثة ليست مخلوقة، ومن أحجم عن هذا الإطلاق فإنما أحجم عن اللفظ لمشابهته لفظ المعتزلة بالحدوث الذي يريدون به الخلق، لكنَّ كُنه مذهبهم جميعًا واحد؛ لذلك فإن العلماء الذين أثبتوا الحدث فرّقوا بينه وبين المخلوق، حيث أثبتوا حدثًا لائقًا بالله لا يُشبه حدث المخلوقين.
وفيما يلي بعض النماذج من العلماء الذين فرقوا بين الحادث والمخلوق:
أولًا: محمد بن إسماعيل البخاري:
قال البخاري: “باب قول الله تعالى: {كُلَّ يَوْمٍ هُوِ فِي شَأْنٍ} [الرحمن: 29]، وقوله تعالى: {مَا يَأْتِيهِمْ مِّن ذِكْرٍ مِّن رَّبِّهِمْ مُّحْدَثٍ} [الأنبياء: 2]، وقوله تعالى: {لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: 1]، وأن حدثه تعالى لا يُشبه حدث المخلوقين. قال ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله يُحدث من أمره ما يشاء، وإن مما أحدث ألا تكلموا في الصلاة»“([23]).
فقد أثبت البخاري أن لله حدثًا لا يُشبه حدَث المخلوقين، وذكر أن قوله تعالى: {مَا يَأْتِيهِمْ مِّن ذِكْرٍ} هو من جملة الحدث الذي لا يُشبه حدث المخلوقين، ومحاولة تأويل كلامه بأن يقصد حدث الله أي: خلق الله هو تكلف ظاهر يأباه السياق؛ لأنه ضرب مثالًا على تجدّد الأمر: «إن الله يُحدث من أمره ما يشاء»، ومعلوم أن الأمر ليس شيئًا حسيًّا، فقطع بذلك الطريق على من يتكلّف في تأويل كلامه، كما أن نفيه التشبيه بين حدث الله وحدث المخلوقين دليل على إثباته لله على وجه يليق به.
وهذا فهم ظاهر واضح لا يناله التأويل، وقد فهم هذا حتى من يقول بقول المتكلّمين، واستعظموا كلام البخاري، لكن لم يُبدّعوه لمكانته في الإسلام.
قال بدر الدين العيني: “فأثبت أنه محدث، وهو من صفاته، ولم يزل سبحانه وتعالى بجميع صفاته، وقال ابن التين: هذا منه عظيم، واستدلاله يردّ عليه؛ لأنه إذا كان لم يزل بجميع صفاته وهو قديم فكيف تكون صفته محدَثة وهو لم يزل بها؟! إلا أن يريد أن المحدث غير المخلوق، كما يقوله البلخي ومن تبعه، وهو ظاهر كلام البخاري، حيث قال: وأن حدثه لا يشبه حدث المخلوقين، فأثبت أنه محدث. ثم قال الداودي نحو ما ذكره في شرح قول عائشة: (ولشأني أحقر من أن يتكلّم الله فيّ بأمر يتلى)، قال الداودي: فيه أن الله تعالى تكلّم ببراءة عائشة حين أنزل فيها، بخلاف بعض قول الناس أنه لم يتكلم. وقال ابن التين أيضا: هذا من الداودي عظيم؛ لأنه يلزم منه أن يكون الله متكلّما بكلام حادث، فتحلّ فيه الحوادث“([24]).
بل قبله الإمام ابن بطال قال في شرحه: “غرض البخاري الفرق بين وصف كلام الله تعالى بأنه مخلوق وبين وصفه بأنه محدث، فأحال وصفه بالخلق وأجاز وصفه بالحدث اعتمادا على الآية، وهذا قول بعض المعتزلة([25]) وأهل الظاهر وهو خطأ”([26]).
وجميع شراح البخاري تقريبًا نسبوا البخاري إلى هذا المذهب ولم يوافقوه؛ وذلك لأن الأمانة العلمية منهم تقتضي هذا، والحافظ ابن حجر هو الوحيد الذي قاتل في توجيه كلامه وردّ على شراح البخاري، فقال رحمه الله: “وأما ما نقله ابن بطال عن المهلب ففيه نظر؛ لأن البخاري لا يقصد ذلك، ولا يرضى بما نُسب إليه؛ إذ لا فرق بين مخلوق وحادث لا عقلًا ولا نقلًا ولا عرفًا”([27]).
وكلام ابن حجر متكلَّف، فنسبة المذاهب إلى أهلها لا تكون بالاستعظام، فالبخاري بشر يصيب ويخطئ، وكان من الممكن أن يقول: أخطأ البخاري كما قال بقية الشراح؛ لذلك قد تعجَّب من صنيعه العلامة الكشميري الحنفي، لأن وضوح مراد البخاري يغني عن هذا التكلف.
قال العلامة محمد أنور الكشميري الحنفي رادًّا على الحافظ ابن حجر: “وهذا إنما نشأ من عدم اطلاعه -أي: عدم اطلاع ابن حجر- على اصطلاح القدماء، فإن المخلوق عندهم هو المحدث المنفصل، أما إذا كان قائما بفاعله، فلا يقال له: إنه مخلوق، وهذا عين اللغة، فإنك تقول: قام زيد، وقعد عمرو، ولا تقول: خلق زيد القيام، وخلق عمرو القعود، وذلك لأن القيام والعقود وإن كانا حادثين إلا أنهما ليسا منفصلين عن زيد وعمرو، فالشيء إذا قام بفاعله فهو حادث غير مخلوق. والعجب من الحافظ حيث خفِيَ عليه هذا الاصطلاح الجلي، فإن بين اللفظين بونًا بعيدًا”([28]).
ثانيًا: ابن قتيبة الدينوري:
ممن تابعوا البخاري وفرّقوا بين المخلوق والحادث الإمام ابن قتيبة رحمه الله.
قال ابن قتيبة: “وكذلك المُحدث ليس هو في موضع بمعنى مخلوق، فإن أنكروا ذلك فليقولوا في قول الله: {لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: 1] أنه يخلق! وكذلك قوله: {لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا} [طه: 113] أي: يحدث لهم القرآن ذكرًا، والمعنى: يجدّد عندهم ما لم يكن”([29]).
ولا يخفي أن ابن قتيبة تلميذ إسحاق بن راهويه، وكان ينتصر لأهل الحديث، وهو من أئمة اللغة المعتبر قولهم. فلو كان حقيقة مذهب السلف يخالف ما ذكره لحكى الخلاف، ولكنه حكى ما فهمه من مذهبهم.
ثالثًا: الإمام الحافظ الكبير الكرجي القصاب:
وقد أوردنا كلامه فيما سبق، حيث يقول: “إن الاستيلاء إذا كان اسما واقعا على الغلبة والقهر، فلا يجوز أن يكون في الله حادثًا، لأنه جل وتعالى قاهر غالب في الأول، والاستواء يجوز أن يحدثه بعد خلق العرش، فقوله: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} يُبيّن أن الاستواء بعد خلق السماوات والأرض”([30]).
وفي النقل السابق قد صرح الكرجي بحدوث الاستواء بعد خلق العرش، وهو ما يؤكد أن بعض أهل الحديث استخدموا لفظة “الحدوث” دون غضاضة، وجعلوه حدوثًا غير مخلوق.
وكما يقال: العبرة بالمضامين والمعاني لا بالألفاظ والمباني، فسواء سميناه حدثا أو فِعلا، فالعبرة بالمضامين.
رابعًا: الإمام أبو النصر السجزي الوائلي:
يقول السجزي في الإبانة: “إنما أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له: كن، فيكون، فبيَّن -جل جلاله- أنه قال لآدم بعد أن خلقه من تراب: كن، وأنه إذا أراد شيئًا يقول له: كن، فيكون، ولم يقتضِ ذلك حدوثًا ولا خلقًا بعد حدوث نوع الكلام لما قام الدليل على انتفاء الخلق عن كلام الله تعالى”([31]).
ففي النقل السابق يؤكد السجزي تجدّد نوع الكلام في أوقاتٍ مخصوصة، فصرح بقوله: (حدوث نوع الكلام)، والنوع هنا لا يقصد به حدوث الصفة ذاتها كما تقول الكرامية، إنما يقصد تجدد الكلام في هذه المرة الواحدة في وقتٍ مخصوص، ولا يستلزم ذلك حدوثًا مخلوقًا.
ومما يؤيد أنه أراد تجدد الفعل الاختياري قوله: (ولم يقتضِ ذلك حدوثًا ولا خلقًا)، وهذا الاحتراز لا معنى له إن لم يكن يريد التجدد، فإن القول بمشيئة الإسماع لا تقتضي هذا الاحتراز والقيد.
وخلاصة ما سبق: أن مذهب السلف هو إثبات الأفعال الاختيارية لله، وأن بعضهم يُعبر عنها بالحدث وبعضهم يُعبر عنها بالفعل، ومن الخطأ البيّن الزعم أن مذهب الإمام أحمد مختلف عن مذهب البخاري وابن قتيبة والكرجي وغيرهم، والادعاء بوجود مذهبين للسلف([32])، بل جميع السلف على مذهب واحد، إنما بعضهم يُعبر بأسلوب والآخر يعبر بأسلوب آخر، وكُنه مذهبهم واحد.
مصطلح حلول الحوادث عند ابن تيمية:
من الإطلاقات التي نسبت إلى ابن تيمية -ولم يقل بها- أنه يقول بقول الكرامية في مسألة (حلول الحوادث)، وهذه المسألة تخللها نوع تساهل في التعبير عن مراد الشيخ وبيان مراده. فدائمًا ما يقال: إن شيخ الإسلام قائلٌ بحلول الحوادث، وهذا الإطلاق غير دقيق، والصواب أنه مصطلح مُجمل مثل الجسم والجوهر والعرض.
وابن تيمية يقول بشكلٍ صريح: “ولا ريب أن أهل السنة والحديث لا يطلقون عليه أنه محل للحوادث، ولا محل للأعراض ونحو ذلك من الألفاظ المبتدعة”([33]).
وحلول الحوادث يُطلقه أهل الكلام ويُراد به معنيان:
أولًا: أن الصفة قد حدثت في ذات الله، ولم تكن موجودة من قبل، مثل أن تحدث صفة الكلام، فيصبح مُتكلمًا بعد أن لم يكن متكلمًا، وخالقا بعد أن لم يكن خالقًا، وهذا قول الكرامية، ويُسمون هذا بحلول الحوادث.
ثانيًا: قيام الأفعال بمشيئته وإرادته، بأن يتكلم بمشيئته وإرادته، ويخلق بمشيئته ويرزق بمشيئته، وإن كان لا زال ولا يزال متكلمًا خالقًا رازقًا فعالًا لما يريد. وهو قول السلف قاطبة وجمهور أهل الحديث، وهو قول ابن تيمية.
وأهل الكلام يُسمون هذا بحلول الحوادث أيضًا، ويوهمون استلزامه حلول التغيرات والاستحالات من جنس ما يحصل للبشر، فتُحيلهم وتُفسدهم، فينفون المعنى الباطل والصواب معًا في قالب تنزيه الله عن الحوادث.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: “وإذا قالوا: لا تحله الحوادث؛ أوهموا الناس أن مرادهم أنه لا يكون محلًّا للتغيرات والاستحالات، ونحو ذلك من الأحداث التي تحدث للمخلوقين فتحيلهم وتفسدهم، وهذا معنًى صحيح، ولكن مقصودهم بذلك أنه ليس له فعل اختياري يقوم بنفسه، ولا له كلام ولا فعل يقوم به يتعلق بمشيئته وقدرته، وأنه لا يقدر على استواء أو نزول أو إتيان أو مجيء، وأن المخلوقات التي خلقها لم يكن منه عند خلقها فعلٌ أصلًا، بل عين المخلوقات هي الفعل، ليس هناك فعل ومفعول، وخلق ومخلوق، بل المخلوق عينُ الخلق، والمفعول عين الفعلُ، ونحو ذلك”([34]).
وأهل السنة يقولون بقيام الأفعال بمشيئته وإرادته على الوجه اللائق به، أما مصطلح (حلول الحوادث) فلا يثبتونه ولا ينفونه، إنما يُستفصل في مراد القائل، ولا يصفون الله به، كما لا يصح وصف الله بالجسم والجوهر والعرض، وإن كان يُفصّل فيه من جهة المعنى، فيُقبل الحق ويُرد الباطل.
ويرى ابن تيمية أن هذه المصطلحات الكلامية ليست من لغة العرب، فيقول: “وإذا قيل: قيام هذه الأفعال يستلزم قيام الحوادث به؛ كان كما قيل: قيام الصفات له يستلزم قيام الأعراض به، ولفظ الأعراض والحوادث لفظان مجملان، فإن أريد بذلك ما يعقله أهل اللغة من أن الأعراض والحوادث هي الأمراض والآفات كما يقال: فلان قد عرض له مرض شديد، وفلان قد أحدث حدثًا عظيمًا… فهذه من النقائص التي ينزه الله عنها. وإن أريد بالأعراض والحوادث اصطلاح خاص فإنما أحدث ذلك الاصطلاح من أحدثه من أهل الكلام، وليست هذه لغة العرب، ولا لغة أحد من الأمم، لا لغة القرآن ولا غيره، ولا العرف العام ولا اصطلاح أكثر الخائضين في العلم، بل مبتدعو هذا الاصطلاح هم من أهل البدع المحدثين في الأمة الداخلين في ذم النبي صلى الله عليه وسلم”([35]).
ويقول ابن أبي العز: “حلول الحوادث بالرب تعالى المنفي في علم الكلام المذموم لم يرد نفيُه ولا إثباته في الكتاب ولا في السنة، وفيه إجمال، فإن أريد بالنفي أنه لا يحلّ في ذاته المقدسة شيء من مخلوقاته المحدثة أو لا يحدث له وصف متجدّد لم يكن فهذا نفي صحيح، وإن أريد به نفي الصفات الاختيارية من أنه لا يفعل ما يريد، ولا يتكلم بما شاء، ولا أنه يغضب ويرضى لا كأحد من الورى، ولا يوصف بما وصف به نفسه من النزول والاستواء والإتيان كما يليق بجلاله وعظمته، فهذا نفي باطل. وأهل الكلام المذموم يطلقون نفي حلول الحوادث، فيسلّم السني للمتكلم ذلك على أنه نفى عنه سبحانه ما لا يليق بجلاله، فإذا سلّم له هذا النفي ألزمه نفي الصفات الاختيارية وصفات الفعل، وهو غير لازم له، وإنما أتي هذا السني من تسليم هذا النفي المجمل، وإلا فلو استفسر واستفصل لم ينقطع معه”([36]).
مصدر الوهم:
وإنما مصدر هذا الوهم عند من نسبوا ذلك إلى ابن تيمية: وقوع الاشتباه في كلام الشيخ رحمه الله، من خلال اعتراضه على مبدأ (نفي حلول الحوادث) عند المتكلمين واتخاذ ذلك المصطلح تكأة لنفي قيام الأفعال الاختيارية. فلمّا لم يُسلم ابن تيمية لهم بتلك المُسلَّمة وأبطلها فَهِم البعض أنه قائلٌ بقول الكرامية في حلول الحوادث، حتى شاع هذا القول عند الأشعرية ونسبوه إلى شيخ الإسلام، وحتى بعض السلفيين ينسبونه إليه كذلك، وهو خطأ منهم ومن الأشعرية في فهم مراد الشيخ رحمه الله.
وقد رد ابن تيمية على مذهب الكرامية في حلول الحوادث، فقال رحمه الله: “وأما الكرامية فيقولون: صار متكلما بعد أن لم يكن، فيلزم انتفاء صفة الكمال عنه، ويلزم حدوث الحادث بلا سبب، ويلزم أن ذاته صارت محلا لنوع الحوادث بعد أن لم تكن كذلك كما تقوله الكرامية، وهذا باطل”([37]).
فالحاصل أن حلول الحوادث لفظ مجمل، يُستفصل فيه، فإن أُريد به الأفعال الاختيارية فالمعنى صحيح، وإن كانت اللفظة ذاتها من ابتداع أهل الكلام، وإذا أُريد به أن الله يحل فيه الحوادث المخلوقة أو التي تُحيله وتجعله محلًّا للتغيرات المخلوقة والاستحالات أو أن الله استحدث صفة لم تكن موجودة من قبل كما تقول الكرامية، فالمعنى واللفظ خطأ معًا.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)
([1]) مصطلح حلول الحوادث اصطلاح كلامي فيهه تفصيل.
([2]) رواه البخاري (3340)، ومسلم (194).
([3]) انظر: القواعد المثلى (ص: 63)، وشرح لمعة الاعتقاد لابن عثيمين (ص: 25-26).
([4]) يقول البيهقي: “وذهب أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري إلى أن الله تعالى جل ثناؤه فعل في العرش فعلا سماه استواء، كما فعل في غيره فعلا سماه رزقا أو نعمة أو غيرهما من أفعاله”. الأسماء والصفات (ص: 410). ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية: “وكثير من هؤلاء كأبي الحسن وأتباعه ومن وافقهم من متأخري أصحاب مالك والشافعي وأحمد مثل ابن عقيل وابن الجوزي وأمثالهما يقولون: إن الخلق هو المخلوق، والفعل هو المفعول”. مجموع الفتاوى (5/ 229).
([5]) وافق القاضي أبو يعلى الجهمية والأشعرية في أن الخلق هو المخلوق في كتابه المعتمد (ص: 132)، فقال: “والمخلوق مخلوق لا بخلق، والخلق هو المخلوق، خلافًا لأبي الهذيل والكرامية في قولهم: المخلوق مخلوق بخلق”. لكن شيخ الإسلام نقل عنه رجوعَه من كتابه المفقود (عيون المسائل)، انظر: مجموع الفتاوى (3/ 505).
([6]) ينظر: مجموع الفتاوى (6/ 149).
([7]) ينظر: مجموع الفتاوى (6/ 149).
([8]) خلق أفعال العباد (ص: 112).
([9]) الحيدة والاعتذار (ص: ١٨٤).
([10]) صحيح البخاري، كتاب التوحيد، باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِى شَأْنٍ} [الرحمن: 29].
([11]) صحيح البخاري -مع الفتح- (13/ 373).
([12]) ينظر: اجتماع الجيوش الإسلامية (ص: 151).
([14]) نكت القرآن الدالة على البيان في أنواع العلوم والأحكام (1/ 428).
([15]) نكت القرآن الدالة على البيان في أنواع العلوم والأحكام (3/ ٥٢١).
([16]) مناقب الإمام أحمد للهروي، ونقله عنه شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (6/ 179). وسيأتي كلامه كاملًا.
([17]) رد الدارمي على بشر المريسي (ص: 9).
([18]) لم يقل كل المحدثين؛ لأن بعضهم تأثر بالكلابية والسالمية.
([21]) المسائل العقدية من الروايتين والوجهين (ص: 60).
([22]) نكت القرآن الدالة على البيان في أنواع العلوم والأحكام (1/ 428).
([23]) صحيح البخاري، كتاب التوحيد.
([24]) عمدة القاري شرح صحيح البخاري (32/ ٢١٦).
([25]) لأن المعتزلة يصفون القرآن بالحدث أيضًا، وهو خطأ من ابن بطال؛ لأن مقصود المعتزلة هو الخلق المنفصل.
([26]) ينظر: فتح الباري (15/ 377).
([28]) فيض الباري شرح صحيح البخاري (6/ 589).
([29]) الاختلاف في اللفظ والرد على الجهمية (ص: 39).
([30]) نكت القرآن الدالة على البيان في أنواع العلوم والأحكام (1/ 428).
([31]) ينظر: درء التعارض (1/ 280).
([32]) كما زعم بعض الباحثين أن قول ابن تيمية في الأفعال هو أحد قولي السلف، وهذا خطأ قبيح، بل جميع السلف على مذهب واحد.