
ابن تيميَّـة والأزهر.. بين التنافر و الوِفاق
للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة
مقدمة:
يُعد شيخ الإسلام ابن تيمية أحد كبار علماء الإسلام الذين تركوا أثرًا عظيمًا في الفقه والعقيدة والتفسير، وكان لعلمه واجتهاده تأثير واسع امتدّ عبر الأجيال. وقد استفاد من تراثه كثير من العلماء في مختلف العصور، ومن بينهم علماء الأزهر الشريف الذين نقلوا عنه، واستشهدوا بأقواله، واعتمدوا على كتبه في بحوثهم ومؤلفاتهم.
وعلى الرغم من وجود بعض الاختلافات الفقهية بين علماء الأزهر وعلماء الدعوة الإصلاحية فإن ذلك لم يمنع من التعاون العلمي، والاعتراف بجهود كل طرف في خدمة الإسلام.
هذا وقد ادَّعى بعض المعاصرين أن ابن تيمية شخصية “قلِقة”، وغير معتمَد في الأزهر ولا يُستدلّ بتحريراته، وهذا الأمر غير صحيح، فما زال الأزهر الشريف يأخذ بكثير من فقه ابن تيمية في مشكلات المعاملات المالية وفتاوى الطلاق لتيسيره على المسلمين كما يأخذ من غيره من علماء الإسلام، ومن ذلك الموسوعة التي ألفها الدكتور علي جمعة في ثلاثة أجزاء بعنوان: (فتاوى الإمام ابن تيمية في المعاملات وأحكام المال) أثنى في مقدمتها على جهود شيخ الإسلام الفقهية ودقيق نظره وآرائه واختياراته التي حلَّت كثيرًا من المشكلات المعاصرة.
وفي إطار أهداف مركز سلف للبحوث والدراسات – ومنها الدفاع عن الأئمة الأعلام، وتفنيد الدعاوى المغلوطة عليهم- كان هذا البحث الذي نستعرض فيه أقوال علماء الأزهر في ابن تيمية ومدرسته الإصلاحية، ونبيّن كيف كانت أقواله معتمدةً في كتب الأزهريين، ليس في الفقه فقط، بل في شتى مجالات الشريعة؛ من عقيدة وفكر وعلوم حديث وغير ذلك، ثم نُبيِّن أسباب هذه الحملة المعاصرة على شيخ الإسلام ابن تيمية ودوافعها، مع التأكيد على أهمية الإنصاف العلمي في تناول الشخصيات التراثية بعيدًا عن التعصب والانحياز.
سلف للبحوث والدراسات
وسنعقد البحث في ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: هل ابن تيمية مُعتمَدٌ في الجامع الأزهر؟
نستعرضُ في هذا المقام جُملةً من علماء الأزهر الشريف الكبار -قديمًا وحديثًا- الذين اعتمدوا ابن تيمية أو أسموه بشيخ الإسلام، واحتجوا بأقواله في شتى مناحي الشريعة من العقيدة والفقه والحديث وغير ذلك:
1- العلامة جلال الدين السيوطي:
وهو من العلماء الذين درّسوا في الجامع الأزهر[1].
– يقول السيوطي: “ابن تَيْمِيَّة الشَّيخ الإمام العلامة الحافظ الناقد الفقيه المجتهد المفسر البارع، شيخ الإسلام، عَلَم الزُّهاد، نادرة العصر، تقي الدِّين أبو العبَّاس أحمد بن المفتي شهاب الدِّين عبد الحليم ابن الإمام المجتهد شيخ الإسلام مجد الدِّين عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم الحرَّاني، أحد الأعلام”[2].
– ويقول أيضًا: “فقد كنت قديمًا في سنة سبع أو ثمان وستين وثمانمائة ألفتُ كتابًا في تحريم الاشتغال بفن المنطق، سميته: (القول المشرق) ضمنته نقول أئمة الإسلام في ذمه وتحريمه، وذكرت فيه أن شيخ الإسلام أحد المجتهدين تقي الدين ابن تيمية ألف كتابًا في نقض قواعده، ولم أكن إذ ذاك وقفت عليه، ومضى على ذلك عشرون سنة فلما كان في هذا العام وتحدثت بما أنعم الله به علي من الوصول إلى رتبة الاجتهاد”[3].
وقد نقل الجلال السيوطي في كتابه السابق كثيرًا من كلام ابن تيمية في نقد آراء المتكلمين واعتمد قوله، ولا شك أن هذه قضايا عقدية وفكرية.
2- شيخ الأزهر أحمد الدمنهوري رحمه الله:
استدل شيخ الأزهر الدمنهوري بابن تيمية، وأسماه بشيخ الإسلام في كتابه (إقامة الحجة الباهرة)، فقد نقل أقوال المذاهب الأربعة، وأفرد كلَّ مذهبٍ في فصل، ثم قال ما نصه: “ولقد وقفتُ على فتوى وجوابها في هذا الشأن للعلامة المجتهد شيخ الإسلام ابن تيمية، وأطال الكلام على ذلك والأدلة والبراهين، وقال: إن القاهرة بقي ولاة أمورها نحو مائتي سنة على غير شريعة الإسلام”[4].
ومعلوم أن العلامة الدمنهوري متوفى عام 1192هـ/ 1778م، فهو متقدم عن زمن الشيخ محمد عبده بأكثر من قرنٍ من الزمان، فلا يُمكن أن يُقال بأنه تأثر بالإصلاحيين، ففي ذلك دلالة واضحة أن الاستدلال بابن تيمية واعتماده هو منهج عتيق للأزهر.
3- شيخ الأزهر سليم البشري رحمه الله:
عُرض على الشيخ سليم البشري سؤال عن نسبة الجهة لله ونسبة ذلك إلى ابن تيمية، فأجاب رحمه الله بعد أن نفى الجهة والمكان على طريقة الأشاعرة، قال: “وممن نُسب إليه القول بالجهة من المتأخرين أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية الحراني الحنبلي من علماء القرن من ضمن أمورٍ نُسبت إليه خالف الإجماع فيها عملًا برأيه وشنَّع عليه معاصروه.. وقد انتدب بعض تلامذته للذب عنه وتبرئته مما نسب إليه، وساق له عبارات أوضح معناها، وأبان غلط الناس في فهم مراده، واستشهد بعباراتٍ له أخرى صريحة في دفع التهمة عنه، وأنه لم يخرج عمَّا عليه الإجماع، وذلك هو المظنون بالرجل لجلالة قدره ورسوخ قدمه“[5].
وبصرف النظر عن عدم تحقيق الشيخ سليم البشري في مسألة الجهة، إلا أنّه وافق على تبرئة ابن تيمية من التجسيم لجلالة قدره ورسوخ قدمه -بحسب وصفه-.
4- شيخ الأزهر عبد المجيد سليم رحمه الله:
الشيخ عبد المجيد كان دائم الاستدلال بابن تيمية وابن القيم في فتاواه، ويسميهما بشيخي الإسلام.
– ومن ذلك إجابته عن فتوى بشأن تسعير السلع، جاء فيها: “والتسعير هاهنا كما قال شيخ الإسلام ابن القيم في كتابه (الطرق الحكمية في السياسة الشرعية) إلزامهم بالعدل الذي ألزمهم الله به. وما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من تركه التسعير ومن قوله: «إن الله هو القابض الباسط» هو من قبيل واقعة الحال التي لا تعم؛ إذ ليس في هذه الواقعة كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية أن أحدًا امتنع عن بيع ما الناس يحتاجون إليه، وحينئذ فالتسعير كما قال ابن القيم في هذه الحالة جائز بل واجب”[6].
– وفي فتاوى دار الإفتاء المصرية من أجوبة الشيخ سليم البشري على سؤال دفن الميت داخل المسجد، قال ما نصه: “اطلعنا على كتاب الوزارة رقم ٢٧٢٣ المؤرخ ٢١-٣-١٩٤٠م المطلوب به بيان الحكم الشرعي فيما طلبه رئيس خدم مسجد عز الدين أيبك من دفنه في أحد القبرين اللذين بهذا المسجد. ونفيد أنه قد أفتى شيخ الإسلام ابن تيمية بأنه لا يجوز أن يدفن في المسجد ميت، لا صغير ولا كبير ولا جليل ولا غيره. فإن المساجد لا يجوز تشبيهها بالمقابر. وقال في فتوى أخرى: إنه لا يجوز دفن ميت في مسجد، فإن كان المسجد قبل الدفن غيِّر؛ إما بتسوية القبر وإما بنبشه إن كان جديدا إلخ؛ وذلك لأن في الدفن في المسجد إخراجا لجزء من المسجد عما جعل له من صلاة المكتوبات وتوابعها من النفل والذكر وتدريس العلم، وذلك غير جائز شرعا، ولأن اتخاذ قبر في المسجد على هذا الوجه الوارد في السؤال يؤدّي إلى الصلاة إلى هذا القبر أو عنده، وقد وردت أحاديث كثيرة دالة على حظر ذلك”[7].
5- شيخ الأزهر عبد الحليم محمود رحمه الله:
الشيخ عبد الحليم من أعلام الصوفية، ومع هذا يقول مادحًا جهود ابن تيمية السلفية الإصلاحية: “ولقد كان للإمام ابن تيمية فضلٌ كبير وأثرٌ بالغ في بيان فساد علم المنطق الذي كان سائدا في الأوساط الإسلامية منذ أن كان الكندي والفارابي وابن سينا، ولقد كتب الإمام ابن تيمية فيه كتبا من أنفس ما يكون، وعلى الخصوص كتاب (الرد على المنطقيين). ولم يقتصر الإمام ابن تيمية على نقد المنطق، وإنما عمل جهده على تسفيه كل فكرة منحرفة من أفكارهم”[8].
6- الدكتور العلامة محمد أبو شهبة رحمه الله:
يستدل الشيخ محمد أبو شهبة بابن تيمية كثيرًا ويُسمّيه بشيخ الإسلام، ويُعظِّم من مدرسته جدًا.
– يقول رحمه الله: “وللإمام ابن كثير حاسية دقيقة وملكة راسخة في نقد المرويات والتنبيه إلى منشئها ومصدرها، وكيف تدسست إلى الرواية الإسلامية، وقد تعقب ابن جرير على جلالته وتقدمه في بعض الإسرائيليات والموضوعات التي ذكرها في تفسيره، ولا عجب في هذا، فهو من مدرسة عرفت بحفظ الحديث، والعلم به رواية ودراية، وأصالة النقد، والجمع بين المعقول والمنقول، وهي مدرسة شيخ الإسلام ابن تيمية وتلاميذه: ابن القيم والذهبي وابن كثير وأمثالهم، فجزاه الله على صنيعه هذا خير الجزاء“[9].
– ويقول رحمه الله: “وكذلك ما روي عند تفسير قوله تعالى: {وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَة} مِن أن المراد بها: أُذُن عليّ، فقد رووا أن النبي صلى الله عليه وسلم لما نزلت الآية أخذ بأذنه وقال: (هي أُذُنُك يا عليّ)، وفي رواية: (اللهم اجعلها أذنَ عليّ)، وهما موضوعان كما نبَّه على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية“[10].
ويقول أيضًا: “وللإمام تقي الدين أحمد ابن تيمية في هذا مقالة جيدة، قال رحمه الله: الاختلاف في التفسير على نوعين، منه ما مستنده النقل فقط، ومنه ما يعلم بغير ذلك، إذا العلم إما نقل مصدق، وإما استدلال محقق، والمنقول: إما عن المعصوم، وإما عن غير المعصوم”[11].
– بل يُثمِّن الشيخ أبو شهبة من جهود السلفيين، فيقول في كتابه (دفاعٌ عن السنة): “ولا يفوتني أنْ أُنَوِّهَ بما قام به في هذا المضمار أخوان كريمان وشيخان جليلان، هما الأستاذان: عبد الرحمن بن يحيى المعلَّمي اليماني، ومحمد عبد الرزاق حمزة. فقد أخرج كل منهما في ذلك كتابًا حافلًا، فلهما من الله سبحانه الجزاء الأوفى، ومن الناس الثناء والدعاء”[12].
وكلا الشيخين اللَّذين أشار إليهما وأثنى على جهودهما من كبار السلفيين، ومع ذلك فكتاب الشيخ أبي شهبة (دفاعٌ عن السنة) معتمدٌ في الأزهر الشريف، وقد أشرف على طباعته وتحقيقه مجمع البحوث الإسلامية.
فإذا كان منهج الأزهر يمنع من الإحالة إلى السلفيين فكيف يشيد العلامة أبو شهبة إلى علمائهم؟!
7- الشيخ عطية صقر -رئيس لجنة الإفتاء سابقًا-:
يقول رحمه الله وهو يتحدّث عن جبهات الدفاع عن عالمية الإسلام: “أُلفت الكتب في الرد على الشبهات في العقائد، وتخليصها من أوشاب الفلسفة والخرافات الطارئة على الثقافة الإسلامية، وفي تخليص العبادات وأحكام الدين مما دخل عليها من بدع ومنكرات وعقدت المناظرات، وأرسلت الكتب إلى الخصوم، وكانت حركة علمية قوية برز فيها الغزالي في الرد على ما دخل في العقائد من فلسفة، وفي الدعوة إلى تنقية الدين من الأفكار الخاطئة… وكتب ابن تيمية وابن القيم في الرد على شبهات أهل الكتاب وفي توضيح مبادئ الدين على أساسٍ معقول، ونعيا على ما أُلصق بالدين في عقائده وعباداته من بدع وخرافات، ورأيا أن المسلمين بعيدون عن الدين الحقيقي الذي لو عرفوه حقًّا، ونفذوه صدقا لما كانوا في وضعهم المؤلم الذي جعل الأجانب يغيرون عليهم من الشرق والغرب ويتحكمون في مصير الخلافة. وجاء محمد بنُ عبدِ الوهاب فكانت دعوته امتدادًا لدعوتهما، وكانت من أقوى الحركات التي عرفت في القرون الأخيرة، وأبقاها أثرا في الميدان السياسي والفكري. كما ظهر في الهند شاه ولى الله الذي عاصر انحلال إمبراطورية المغول، ودعا إلى تطهير الصوفية مما شابها، وقد أصر على أن المسلم الحق يجب عليه ألا يقبل الانحطاط الذي كان سائدا في عصره، وكان يطمع في إنشاء دولة إسلامية في الهند على شاكلة دولة المغول ليستعيد المجتمع الإسلامي قوته”[13].
– ويقول الشيخ عطية أيضًا: “الشيخ محمد بن عبد الوهاب مصلحٌ دينيٌ ظهر في الجزيرة العربية، وندد بالمنكرات والبدع التي لا تتفق مع الدين واهتم اهتمامًا كبيرا بما يؤكد توحيد الله سبحانه وتعالى، كان هناك بعض الناس مثلًا يتوسلون ببعض الأولياء ويتبركون بهم ويقدسونهم تقديسًا كبيرًا لدرجةٍ توحي أن هؤلاء الأشخاص كأنهم أنبياء أو كأنهم ذات الله سبحانه وتعالى، إنَّ التغالي في الحب أمرٌ مرفوضٌ، لما رأى النبي عليه الصلاة والسلام تغالي الصحابة في الحب خاف أن يرفعوه فوق درجته فقال: «لا تطروني كما أطرت النصارى المسيح ابن مريم، ولكن قولوا: عبد الله ورسوله».. فالمبالغة في الحب الشديد منكرةٌ ومرفوضةٌ رفضًا تامًّا، فمحمد بن عبد الوهاب اهتم في إصلاحاته في تجريد التوحيد لله سبحانه وتعالى واعتقاد أنه الفاعل لكل شيء وأنه المغني والمحيي والمميت، ولكنَّ الذين يتبرَّك بهم الناس لدرجةٍ قد تجعل الواحد منهم يقول: هذا الشيخ الكبير يشفي المرضى، هذا الشيخ الكبير يجلب الرزق، هذا التغالي يؤدي إلى الكفر؛ لأن الله هو المتفرد بكل شيء، فهو قام بهذه النهضة الإصلاحية وركز تركيزًا شديدًا على إخلاص أو تخليص التوحيد لله سبحانه، وإن كان بعض التلاميذ أو بعض من أخذوا مذهبه تغالوا أيضًا في هذا التوحيد، فمنعوا بعض الأشياء التي يُشم منها ولو برائحة بسيطة أن هناك شريكًا لله، فالتغالي في كل شيء قد يؤدي إلى ضرر كبير، لا بد أن نكون معتدلين، وأن نكون عاقلين، قبل أن نعطي الحكم لشيء نتدبر ونفهم فهمًا جيدًا؛ لأن المسارعة في الحكم على إنسان بإطلاق اسم الكفر عليه، هذا شيء ضارٌّ جدًّا، وأنتم تعلمون الحديث: «من قال لأخيه: يا كافر فقد باء بها أحدهما» فالمهم أن بعض أتباع هذا الشيخ العظيم غالوا في هذا الموضوع، وأنكروا أشياء، لدرجة أنهم حكموا على بعض الناس أنهم كفار، فالاعتدال مطلوب”[14].
أما عن فتاوى الشيخ عطية صقر واعتباره لأقوال ابن تيمية:
فمن نظر في موسوعة فتاوى الشيخ عطية صقر سيجد الشيخ ينقل آراء ابن تيمية كثيرًا، إما مرجحًا قوله، أو ناقلًا قوله كأحد الأقوال المعتبرة، وإن رجح قول غيره.
ومن ذلك -على سبيل المثال- في جوابه عن سؤالٍ في الزكاة: “وعند أبي حنيفة والشافعي في أحد قوليه جواز إخراج الزكاة من عين السلع التي يتاجر فيها، ولا مانع من الأخذ بهذا الرأي، والأولى اعتبار ما فيه مصلحة المحتاج من نقود أو دواء كما أشار إليه ابن تيمية في فتاويه“[15].
ويقول الشيخ في سؤال عن الكتب التي تُنسب إلى علي بن أبي طالب التي فيها إخبار بالغيبيات مثل كتاب (الجفر) وغيره، فذكر الشيخ كلام العلماء الذين نسبوا ذلك إلى عليٍّ كالغزالي وغيره، ثم قال: “هذا، وقد أنكر ابن تيمية نسبة ذلك إلى علي فقال: ومن الناس من ينسب إليه الكلام في الحوادث كالجفر وغيره، وآخرون ينسبون إليه أمورًا أُخر يعلم الله تعالى أن عليا -كرم الله وجهه- منها بريء، ويؤيد كلام ابن تيمية ما رواه البخاري أن عامة ما يروى عن عليٍّ كذب”[16].
والملاحظ: أن الشيخ عطية صقر يعتمد في أحيان كثيرة على أجوبة ابن تيمية، وهذا يدل على أن ابن تيمية معتمدٌ في الأزهر.
8- شيخ المحدثين بالأزهر أحمد شاكر:
قبل أن نورد كلام الشيخ أحمد شاكر يحسن بنا أن نذكر مقام العلامة أحمد شاكر عند الأزهريين، ومن ذلك ما قاله الدكتور إبراهيم المرشدي الصوفي الأشعري: “ثم سطع نور الإمام العلامة المحدث الكبير، أستاذ العلل ونقد الرجال والأسانيد، العلامة الشيخ أحمد محمد شاكر المتوفى سنة 1958م، والذي كان من أعلم أهل زمانه على الإطلاق بالصنعة الحديثية الفائقة، حتى كتب شقيقه العلامة الأديب محمود محمد شاكر مقالًا بعنوان: “أحمد محمد شاكر إمام المحدثين” وكتب الأستاذ محمد عزت الطهطاوي: “الشيخ أحمد شاكر إمام أئمة الحديث في هذا العصر”[17].
فإذا علمتَ مكانة الشيخ أحمد شاكر عند الأزهريين، فليعلم أن الشيخ رحمه الله كان سلفيًّا ومنتصرًا للدعوة الإصلاحية.
يقول الشيخ أحمد شاكر: “تزاملنا وتآخينا منذ أكثر من خمس وأربعين سنةً لله وفي سبيل الله، نصدر عن رأي واحد وعقيدةٍ سليمة صافية في الاستمساك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، لا نحيد عنها ما استطعنا، وفي نصرة العقيدة السلفية والذب عنها ما وسعنا ذلك، لم يصرفنا عما قمنا له وبه، واضطلعنا بالذب عنه ما لقينا وما نلقى من أذًى أو عنت. ولعلنا -فيما قمنا به معًا- من أول العاملين على نشر العقيدة الصحيحة في بلادنا هذه، وما أريد فخرًا بعملي ولا بعملك، فما كنّا نعمل إلّا لله. وكان من أعظم المصادر العلمية التي استضأنا بنورها -بعد الكتاب الكريم والسنة المطهرة- كتبُ شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه الإمام الحافظ ابن القيّم، ثم كتب شيخ الإسلام مجدد القرن الثاني عشر محمد بن عبد الوهاب، رحمهم الله جميعًا”[18].
9- شيخ التراث محمود محمد شاكر:
الشيخ محمود شاكر وإن لم يكن أزهريًّا مثل أخيه، إلا أنه معتمَدٌ في الأزهر من حيث المنهج والفكر، ويُلقّبه الأزهريون بشيخ العربية، وقد تتلمذ عليه بعض أعضاء هيئة كبار العلماء في الأزهر، مثل الدكتور محمد أبو موسى وغيره.
– يقول محمود شاكر: “وَهَبْ ابن عبد الوهاب يكافح البدع والعقائد التي تخالف ما كان عليه سلف الأمة من صفاء عقيدة التوحيد، وهي ركن الإسلام الأكبر، ولم يقنع بتأليف الكتب، بل نزل إلى عامة الناس في بلاد جزيرة العرب، وأحدث رجة هائلة في قلب دار الإسلام”[19].
– ويرى الأستاذ محمود شاكر أنه في ظل هذا التقهقر والجمود في المتأخرين وتدهور الحالة العلمية والثقافية للأمة: “تولى يقظة دار الإسلام ونهضته خمسة من العلماء الكبار وهم: البغدادي والجبرتي ومحمد بن عبد الوهاب والمرتضى الزبيدي والشوكاني”[20].
– ويحكي عنه تلميذه الدكتور محمود الطناحي قائلا: “وكان مما جرى في تلك الأيام أن الأستاذ الدكتور طه حسين رحمه الله كان معنيا بإخراج كتاب (المغني في أبواب التوحيد والعدل) للقاضي عبد الجبار بن أحمد المعتزلي. وهذا الكتاب من أصول المعتزلة، وهو كتاب كبير، وقد حصل الدكتور طه حسين على عون من وزارة الأوقاف المصرية لطبع الكتاب، وكان وزير الأوقاف وقتئذ الأستاذ الشيخ أحمد حسن الباقوري، وكان من أوِدّاء الأستاذ محمود محمد شاكر، ومن ملازمي مجلسه، فكلمه الأستاذ محمود على طريقته إذا تحمس لشيء وآمن به، وقال له: ما ينبغي أن تعين وزارة الأوقاف على نشر تراث المعتزلة ولا يكون لها إسهام في نشر كتب السلف! فوافق الشيخ الباقوري على ما أراد شيخنا، وأعانت الوزارة دار العروبة في نشر كتاب (منهاج السنة) لشيخ الإسلام ابن تيمية، وصدر منه جزءان بتحقيق الأستاذ الدكتور محمد رشاد سالم“[21].
فهذا الشيخ أحمد حسن الباقوري رحمه الله يوجَّه إلى طباعة كتب شيخ الإسلام ابن تيمية بإشارة من شيخ العربية محمود شاكر غيرةً منه على كتب السلف -بحسب تعبيره-، ويستعينان بالعلامة الدكتور محمد رشاد سالم.
10- د. محمد محمد أبو موسى -عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر-:
يقول -حفظه الله-: “وقد اتُهم الشيخ محمد بن عبد الوهاب بالتطرف، وتكرر ذلك، وقاله من لا يُحسن أن يقرأ كتابًا لابن عبد الوهاب، وقد ذكر المرحوم محمود محمد شاكر أن الشيخ ابن عبد الوهاب أحد رجال النهضة الذين دخل الاستعمار ديارنا للقضاء عليهم، وهذا مذكور في هذا الكتاب في بحث محمود شاكر والفجر الصادق، وكذلك قيل عن ابن تيمية وهو من أوسع علمائنا علمًا”[22].
وقال أيضًا: “لَا يُجادل أحد في أنّ ابن تيمية من شيوخ العلم سواء وافقته أو خالفته، وكذلك لا يُجادِل أحد في أن ابن عبد الوهاب من شيوخ العلم، وأنه في مصاف الشاطبي ومن على شاكلته ممن أوقفوا حياتهم على رصد البدع والضلالات وتنقية دين الله منها، ولم يكن يظن أحد الشيخين -ابن تيمية وابن عبد الوهاب- أنه سيخرج من أرض الكنانة -التي سمّاها الإمام العيني: كعبة الإسلام- من يصف الشيخين بالإرهاب، ولكن يبدو أننا في أيام غريبة، تلد الليالي فيها كل عجيب”[23].
11- الشيخ محمد الراوي رحمه الله -أحد كبار علماء الأزهر-:
يقول الشيخ محمد الراوي: “والله، ثم والله، وأقولها شهادة لله، أنا أسمع هذه الأيام كلمة وهابية وغير وهابية، والكلام قد كثر جدًّا، والله الذي لا إله إلا هو، ما سمعتها في حياتي منهم أبدًا، وإنما الذي عرفته منهم -وأنا مقيمٌ بينهم- أن العبرة بالدليل من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحيثما تملك الدليل تكون أنت المُنتصر.. خمسة وعشرون عامًا، وما تكلم إنسان معي على الإطلاق، ما هي الوهابية؟ محمد بن عبد الوهاب كل الذي طلبه الدليل من القرآن والسنة، فما الإشكال في هذا؟! ثم إنه لا يليق بنا أن نُمزق صلتنا بإخواننا بشعارات أوجدها لنا الأعداء حتى نظل نتطاحن هكذا”[24].
12- الدكتور محمد حسن مهدي بخيت -أستاذ العقيدة والفلسفة بالأزهر الشريف-:
يقول الدكتور بخيت: “يختلف موقف شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية من المنطق الأرسطي عن موقف من سبقوه اختلافًا كبيرًا؛ ذلك أنه لم يرفض المنطق أو يُهاجمه بناءً على أساس عاطفي وجداني، وإنما رفضه على أُسسٍ عِلمية تعتمد على العقل لا على الفتوى الشرعية، حيث تناوله في جزئياته المتعددة بملاحظاته النقدية المنهجيَّة القيِّمة، التي كانت بداية انطلق منها فلاسفة العصر الحديث، وخاصةً ديفيد هيوم، وجون ستيوارت مِل، في نقد المنطق الأرسطي”[25].
ويقول أيضًا: “دعا ابن تيمية إلى الاهتمام بالمنهج الاستقرائي الذي يرجع إليه الفضل في تقدم العلوم التجريبية في العصر الحديث، والاستقراء الذي أهمله أرسطو هو أسلوب الذهن الذي يسير من الجزئي إلى الكلي”[26].
مع العلم أن الدكتور محمد مهدي بخيت أشعري المذهب، وله كتب في العقيدة كتبها على المذهب الأشعري[27]، فلا مجال للقول بأنه يُحابي السلفية أو الإصلاحيين، ولكنه الإنصاف واحترام علماء المسلمين الذي يفتقده كثير من المتصدرين اليوم.
13- عبد الفتاح الحسيني الشيخ -رئيس جامعة الأزهر الأسبق-:
يقول رحمه الله في مقدمة كتابه (فقه العبادات) تحت فصل «الفقه في عصر النهضة الأخيرة» مادحًا الدعوة الإصلاحية وأثرها في الفقه الإسلامي ما نصه: “بذلت محاولات كثيرة مشكورة في سبيل الإصلاح الفقهي من أواخر القرن الثالث عشر الهجري، وظهرت ثمرتها في النصف الأول من القرن الرابع عشر الهجري… وقد بدأت هذه المحاولات في قرون سابقة بدعوة الإمام ابن تيمية بنبذ التقليد والدعوة إلى الاجتهاد حتى يعود للفقه الإسلامي نشاطه. ثم حمل المشعل من بعده الشيخ محمد بن عبد الوهاب بالحجاز“[28].
ثم يؤكد أن جامعة الأزهر استلهمت هذا الإصلاح بقوله: “اهتمَّت الجامعات -وفي مقدمتها جامعة الأزهر- بدراسة الفقه الإسلامي.. وقد كان التركيز على الدراسة المقارنة بين المذاهب المختلفة، والترجيح لأحد الآراء الفقهية بالأدلة”[29].
14- الدكتور أحمد عمر هاشم -رئيس جامعة الأزهر الأسبق-:
في لقاءٍ صحفي سأله الصحفي حمدي رزق: ألم يتطرف ابن تيمية؟ ألا يُعد إمام المتطرفين؟
فأجاب: “لا، لم يتطرف ابن تيمية، ولم يتشدّد، بل هم ينتحلون عنه ذلك، لكنه إمامٌ مجتهدٌ خلَّف ثروة فقهية عظيمة تصونها الأمة، وله فتاوى، كتاب ضخم أكثر من ثلاثين جزء اسمه: فتاوى ابن تيمية. تكلم فيه حتى عن الصوفية وقسمهم ثلاثة أقسام، قال: منهم المغالون الذين غالوا في الأولياء ورفعوهم أعلى من درجتهم، ومنهم المتوسطون، ومنهم المؤمنون، فبيَّن أن فيهم من هو معتدل، وقال كلمة حق”[30].
وقال في خطبة الجمعة في الجامع الأزهر: “وهذا شيخ الإسلام ابن تيمية يقف لقائد التتار يُطالبه بإعادة الأسرى وإطلاق سراحهم، فيطلق سراح الأسرى من المسلمين، فيقول له شيخ الإسلام: لن أبرح هذا المكان حتى تطلق سراح جميع الأسارى من اليهود ومن النصارى، فأطلق له سراح الجميع تطبيقًا لهذا المبدأ الإسلامي الذي راعاه الإسلام وأئمة الإسلام في كل مكان؛ حتى لا يُشعل أهل السوء الفتنة الطائفية بيننا، وحتى لا يشعل أهل السوء الإرهاب بين أمتنا”[31].
15- الدكتور محمد عمارة -عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر-:
كان الدكتور محمد عمارة رحمه الله من المعظِّمين لمنهج ابن تيمية، ويراه أساس التجديد والإصلاح في العالم الإسلامي، وقد ألف في الدفاع عن ابن تيمية رسالته: (رفع الملام عن شيخ الإسلام) وألف أيضًا العديد من المقالات والكتب في بيان تجديد ابن تيمية.
بل يرى د. عمارة أن مشروع ابن تيمية هو السبيل لنهضة الأمة، فيقول رحمه الله: “لو أنَّ المشروع التجديدي لابن تيمية قد وَجَد الدولة والسياسة التي تنهض به، لتغيَّر وجه العالم الإسلامي ووِجهته، ولاختصرت الأمة من عصور التراجع الحضاري عدة قرون”[32].
– ويقول أيضًا: “لم يكن ابن تيمية مجرد فقيه وفيلسوف، وإنما كان مُجددًا لفكر الأمة وحياتها وواقعها الذي تعيش فيه، وفي هذا الميدان قدَّم حياته وحريته قُربانًا في هذا الجهاد”[33].
– ويقول عن السلفية: “ولقد استجابت السلفية لبساطة الفكر عند العامة، وفقر الفكر المُركب والفلسفي، وكذلك استجاب لفكرها وأعلامها العامة والجمهور، فسارت تصارع الفلسفة وتناهض المتكلمين، معتمدة على النصوص والمأثورات، واستمرت هكذا في عصر نشأتها الأولى، وكذلك في عصرها الوسيط، وأيضًا من خلال الحركة الوهابية في العصر الحديث، تلك الحركة التي نهضت في شبه الجزيرة العربية، بمهمة تجديد الدين وتنقية عقائده من البدع والخرافات التي تراكمت عليه طوال عصر المماليك والعثمانيين”[34].
– ويقول عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب: “ويُعد ابن عبد الوهاب أهم مَن انتقل بالتجديد الإسلامي في العصر الحديث من إطار التجديد الفردي والمشروع الفكري إلى إطار الدعوة التي اتخذت لها دولة تحميها وتقاتل في سبيل نشرها، الأمر الذي جعل لدعوته من التأثير والاستمرارية ما لم تحظ بهما دعوات تجديدية أخرى ربما كانت أرسخ منها قدمًا في فكر التجديد”[35].
16- العلامة عبد المتعال الصعيدي -عالم البلاغة وأحد رموز الفكر في الجامع الأزهر-:
ذكر الشيخ عبد المتعال الصعيدي الشيخ محمد بن عبد الوهاب ضمن المجددين في هذه الأمة، وذكر ولادته ونشأته، ورحلاته لتحصيل العلوم، ثم قال: “وقد رجع إلى بلده بعد هذه الرحلة العلمية الطويلة، وقد تهيأ له بها مالم يتهيأ لغيره من علماء نجد، فكان أوسع منهم علمًا، وأعرف بالعلماء السابقين الذين كانت لهم جولة في الإصلاح، ولم يقع في ذلك الجمود ولا ركود، الذي وقع فيه علماء عصره حتى ألفوا ما فيه من البدع وأخذوها على أنها من أصول الدين وأركانه. فلما عاد الشيخ إلى بلده لم يرض بما رضي به علماء نجد من السكوت على تلك البدع، وأراد أن يعيد في محاربتها عهد أسلافه من الحنابلة، ولا سيما الشيخ ابن تيمية رحمه الله. وكان قد درس كتبه ورسائله الإصلاحية، فيما درسه في نشأته”[36].
ويقول متحدثًا عن الدعوة الوهابية: “وهي الآن محل تقدير كثير من أصحاب الثقافة الحديثة من المسلمين، ولا ينظر لها بعين البغض إلا العامّة وأشباه العامة ممن طبع الجمود الديني على قلبه وبصره وسمعه، فيرى النور ظلامًا، والهدى ضلالًا، والحُسن قبحًا”[37].
17- شيخ الأزهر سيد طنطاوي رحمه الله:
قال في تفسير سورة الكهف وهو يتكلم عن الخضر عليه السلام: “ويرى المحققون من العلماء أنه قد مات كما يموت سائر الناس. وإلى ذلك ذهب البخاري وشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيرهم. ويرى آخرون أنه حي وسيموت في آخر الزمان. قال ابن القيم: إن الأحاديث التي يذكر فيها أنه حي كلها كذب، ولا يصح في ذلك حديث واحد. وهذه المسألة من المسائل التي فصل العلماء الحديث عنها. فارجع إلى أقوالهم فيها إن شئت”[38].
بل كان الشيخ سيد طنطاوي رحمه الله ميَّالًا لمذهب السلف، فيقول رحمه الله: “{وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164]، وقوله: {تَكْلِيمًا} مصدر مؤكد لعامله رافع لاحتمال المجاز. قال الفراء: العرب تسمّي ما وصل إلى الإِنسان كلاما بأي طريق وصل ما لم يؤكد بالمصدر. فإن أكد به لم يكن إلا حقيقة الكلام. فدل قوله: {تَكْلِيمًا} على أن موسى قد سمع كلام الله تعالى حقيقة من غير واسطة، ولكن بكيفية لا يعلمها إلا هو سبحانه”[39].
ويقول رحمه الله بعد أن أبطل تأويل الخلف: “فهم -أي: السلف- مؤمنون بأنه عز وجل في السماء على المعنى الذي أراده سبحانه مع كمال التنزيه. وحديث الجارية التي قال لها الرسول صلى الله عليه وسلم: «أين الله؟» فأشارت إلى السماء من أقوى الأدلة في هذا الباب. وتأويله بما أوَّل به الخلف خروجٌ عن دائرة الإنصاف عند ذوي الألباب. والمعنى: أأمنتم -أيها الناس- من في السماء وهو الله عز وجل أن يذهب الأرض بكم، فيجعل أعلاها أسفلها.. فإذا هي تمور بكم وتضطرب، وترتج ارتجاجا شديدا تزول معه حياتكم”[40].
وفي تفسير آية (الوسيلة) في سورة المائدة التي يتخذها القبوريون تكأة للاستغاثة رجَّح الدكتور سيد طنطاوي أن الوسيلة هي الأعمال الصالحة، ثم ذكر كلامًا كثيرًا عن ابن تيمية في معنى الوسيلة محتجًّا به، ثم قال: “قال الآلوسى ما ملخصه: واستدل بعض الناس بهذه الآية على مشروعية الاستغاثة بالصالحين، وجعلهم وسيلة بين الله تعالى وبين العباد والقسم على الله تعالى بهم، بأن يقال: اللهم إنا نقسم عليك بفلان أن تعطينا كذا. ومنهم من يقول للغائب أو للميت من عباد الله الصالحين: يا فلان ادع الله أن يرزقني كذا وكذا، ويزعمون أن ذلك من ابتغاء الوسيلة، وكل ذلك بعيد عن الحق بمراحل. وتحقيق الكلام في هذا المقام: أن الاستغاثة بمخلوق وجعله وسيلة بمعنى طلب الدعاء منه لا شك في جوازه إن كان المطلوب منه حيًا، ولا يتوقف على أفضليته من الطالب، بل قد يطلب الفاضل من المفضول، فقد صح أنه صلى الله عليه وسلم قال لعمر لما استأذنه في العمرة: «لا تنسنا يا أخي من دعائك»، ولم يرد عن أحد من الصحابة -وهم أحرص الناس على كل خير- أنه طلب من ميت شيئا“[41].
وواضح مما سبق أن الدكتور سيد طنطاوي يؤيد الرؤية الإصلاحية ويمنع سؤال الأموات، فلو كان منهج الأزهر الشريف لا يعتمد ابن تيمية، فكيف ينقل عنه الدكتور سيد طنطاوي في التفسير الوسيط مقرًّا له في قضيَّة حساسة كهذه؟!
18- الشيخ محمد الغزالي رحمه الله:
يقول رحمه الله: “محمد بن عبد الوهاب عُرف بين الناس بأنه داعية غيور على عقيدة التوحيد، يحب أن يمحو من الأذهان أن هناك وساطة ما بين الخالق والمخلوق، وقد أعلن حربًا شعواء على تعلق الرعاع بالقبور، ودعائهم المدفونين بها، يطلبون منهم ما لا يجوز طلبه إلا من رب العالمين. والتوحيد بلا شك دعامة الإسلام وشارته، وقد ضلت جماهير غفيرة عن حراسته في الفكر والعاطفة والسلوك، وتوجهت إلى من اتسموا بالصلاح من الأحياء والأموات، تعاملهم كما يُعامل النصارى قديسيهم. وهذا خطأ مبين”[42].
ويقول: “ولماذا نستحي من وصف القبوريين بالشرك مع أن الرسول وصف المرائين به فقال: «الرياء شرك»؟! إن واجب العالم أن يرمق هذه التوسلات النابية باستنكار، ويبذل جهده في تعليم ذويها طريق الحق، لا أن يفرغ وسعه في التمحّل والاعتذار! ولست ممن يحب تكفير الناس بأوهى الأسباب، ولكن حرامٌ أن ندع الجهل بالعقائد ونحن شهود. أيُّ جريمة يرتكبها الطبيب إذا هو طمأن المريض ومنع عنه الدواء، وأوهمه أنه سليمٌ معافى؟! إن ذلك لا يجوز”[43].
ما سبق كان نبذة سريعة من آراء أعلام الأزهر الشريف في ابن تيمية ومدرسته وفي الدعوة الإصلاحية، وقد أثبتنا والحمد لله أن أعلام الأزهر كانوا يستدلون بهم ويعتمدونهم في مناهجهم وبحوثهم دون غضاضة. ولولا ضيق المقام لذكرنا أكثر من ذلك.
المطلب الثاني: العلاقة بين الدعوة الإصلاحية والأزهر الشريف:
بدأ التفاعل بين المدرستين في وقت مبكر جدًّا، فحينما نُفي بعض أبناء الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى مصر في عهد إبراهيم باشا كان لهم اتصال مباشر بعلماء الأزهر، فأخذوا عنهم العلم، وتوثّقت الصلات بينهم. ولم يكن هذا مجرد تلاقٍ عابر، بل ظهر في كتابات العلماء الأزهريين ثناءٌ على علماء الدعوة، كما تولى بعضهم مناصب علمية في الأزهر نفسه.
– فقد تولى منصب شيخ رواق الحنابلة بالجامع الأزهر: الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، وقد ترجم له العلامة البيطار فقال: “الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن عبد الوهاب النجدي الحنبلي العالم المشهور، والهمام الذي فضله مأثور… التفت إلى الطلب والتعلُّم والتعليم والاستفادة والإفادة إلى أن صار في الأزهر شيخ رواق الحنابلة، وكان ظاهر التقوى والصلاح والزهادة والعبادة”[44].
يقول الشيخ أمين الحلواني: “أما الشيخ عبد الرحمن المذكور فقد أدركته في الجامع الأزهر يُدرِّس مذهب الحنابلة، وكان شيخ رواق الحنابلة سنة 1273هـ، وتوفي سنة 1274هـ، وكان عالمًا فقيهًا ذا سمت حسن يظهر عليه التقوى والصلاح”[45].
– ويقول الشيخ عبد الرحمن صاحب كتاب (فتح المجيد شرح كتاب التوحيد) في ذكر مشيخته من الأزهر: “وأما مشايخنا من أهل مصر فمن فضلائهم في العلم الشيخ حسن القويسني، حضرت عليه شرح جمع الجوامع في الأصول للمحلي ومختصر السعد في المعاني والبيان… ومنهم إبراهيم البيجوري قرأتُ عليه شرح الخلاصة للأشموني إلى الإضافة، وحضرت عليه في السلم وعلى محمد الدمنهوري في الاستعارات والكافي في علمي العروض والقوافي، قرأها لنا بحاشيته بالجامع الأزهر عمَّره الله تعالى بالعلم والإيمان“[46].
– ويقول علامة الأزهر الشيخ محمد العزيزي الشافعي الخلوتي: “فإنه لما حضر إلى مصر السادة الوهابية كان من أجلهم وأعظمهم حبيبنا العمدة الفاضل والهمام الكامل مولانا الشيخ عبد الله الحنبلي ]يقصد: الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب[، وأخيه العمدة الفاضل حبيبنا صاحب الأخلاق المرضية والأفعال المصطفوية الشيخ إبراهيم الحنبلي، وكذلك من أعيانهم النبلاء الأذكياء: سيدي عبد الرحمن بن عبد العزيز رحمه الله رحمةً واسعة بمنِّه وكرمه، وكان حبيبنا الشيخ عبد الله -رحمه الله رحمةً واسعة- من العلماء الفضلاء وأنجب ولده الشيخ عبد الرحمن الحنبلي، وهو من أذكياء أهل العلم وصلحائهم”[47].
وتفاعُلُ المدرستين معًا هو ما يؤكد أن الأزهر الشريف لم يكن يومًا منغلقًا على فكرٍ معين، بل كان منارةً علميةً تتفاعل مع مختلف التيارات والمدارس الفقهية والفكرية.
وفي العصور الحديثة، ومنذ عهد الملك عبد العزيز كان هناك التعاون في تحقيق التراث بين علماء الأزهر وعلماء الدعوة الإصلاحية، كما استقبلت الجامعات السعودية علماء الأزهر للتدريس فيها، فلو كان السلفيون يُكفرون الأزهريين -كما يشيعه بعض الناس- لما قبلوا انتدابهم للتدريس في جامعاتهم العلمية.
ومن مظاهر احترام الدعوة الإصلاحية للأزهر أنه في 1420هـ/ 2000م مُنحت جائزة الملك فيصل العالمية في خدمة الإسلام للجامع الأزهر؛ ليكون أوّل المؤسسات التي تفوز بالجائزة وذلك للخدمات الجليلة التي قدَّمهَا للعالم الإسلامي. وقد حصل العديد من الأزهريين على جائزة الملك فيصل، مثل الشيخ محمد الغزالي والشيخ حسنين مخلوف والدكتور عبد السلام هارون والدكتور حسن الشافعي.
المطلب الثالث: لماذا هذه الحملة على شيخ الإسلام ابن تيمية؟
بعد استعراض شهادات أعلام الأزهر الشريف في ابن تيمية ومدرسته الإصلاحية يتبيّن بوضوح أنه لم يكن شخصيةً هامشية قد نبذها العقل الجمعي كما يدعي البعض، بل كان مرجعًا معتمدًا لدى جمعٍ غفير من الأزهريين الذين استدلوا بأقواله واعتمدوا على كتبه في مسائل العلم والدين.
أما الهجمة التي يتعرض لها شيخ الإسلام اليوم فهي في كثيرٍ من الأحيان قائمة على التعميم الخاطئ وردود الفعل العاطفية، بسبب تصرفات الغلاة وتوظيفهم لكلام ابن تيمية في توظيفًا خاطئًا، وهذا ليس بسديد؛ لأن الواجب هو بيان خطأ انتساب هذه الجماعات المتطرفة إلى ابن تيمية وتخليصه منها؛ فإنه قد انتسب إلى أبي حنيفة طوائف من بعض المعتزلة والكرامية، وانتسب إلى ابن رشد العلمانيون والملاحدة، ولم يوجب ذلك إسقاط ابن رشد من تراثنا الإسلامي.
ولعل من تلك الدوافع التي يتكئ عليها المخالف أيضًا أنَّ ابن تيمية قد أحدث حالة سجالية في عصره، وكثير من معاصريه قد ردوا عليه، ثم يستنتج المُخالف من هذا السجال أن ابن تيمية شخصيَّة “قلِقة” -بحسب تعبيره-؛ فالأسلم البُعد عن ابن تيمية، وهذا الذي وصل إليه المخالف خطأ في طريقة التفكير؛ إذ لا ينبغي أن يُتخذ الخلاف العلمي ذريعة لإقصاء ابن تيمية أو غيره من أعلام الفكر الإسلامي.
ويُمكن أن يُجاب المُخالف بنفس حجته بما يلي:
إن هذه الحالة السجالية في زمن ابن تيمية لم يسلم منها مفكرو الإسلام عبر التاريخ، فقد حصل جنس ذلك مع أبي حامد الغزالي وعبد الغني المقدسي وابن رشد وغيرهم، ولم يوجب ذلك إهدارهم.
قال القاضي عياض: “والشيخ أبو حامد -يعني الغزالي- ذو الأنباء الشنيعة والتصانيف الفظيعة، غلا في طريقةِ التصوُّفِ، وتجرَّد لنصر مذهبهم، وصار داعيةً في ذلك، وألَّف فيه تواليفه المشهورة، أُخذ عليه فيها مواضعُ، وساءتْ به ظنونُ أمَّةٍ، والله أعلم بسرِّه”[48].
بل قد غالى القاضي عياض جدًّا، وألمح بتكفير الغزالي، فقال بعد أن ذكر مذهب الجاحظ في إعذار مقلدة اليهود والنصارى: “وقد نحا الغزالي قريبًا من هذا المنحى في كتاب (التفرقة)، وقائل هذا كله كافر بالإجماع على كفر من لم يكفر أحدًا من النصارى واليهود، وكل من فارق دين المسلمين، أو وقف في تكفيرهم، أو شك”[49].
قال أبو عمرو بن الصلاح: “فصلٌ لبيان أشياء مهمة أنكرت على أبي حامد: ففي تواليفه أشياء لم يرتضها أهل مذهبه من الشذوذ، منها قوله في المنطق: هو مقدمة العلوم كلها، ومن لا يحيط به فلا ثقة له بمعلوم أصلا، فهذا مردود، إذ كل صحيح الذهن منطقيٌّ بالطبع، وكم من إمام ما رفع بالمنطق رأسا”[50].
قال ابن عطية المُفسِّر عن الغزالي: “كتابه الذي سماه بـ(الاقتصاد) إلحادٌ عندي، وتطرُّقٌ خبيث إلى تشويش عقيدة المسلمين في ختم محمد صلى الله عليه وسلم النبوءة، فالحذرَ الحذرَ منه، والله الهادي برحمته”[51].
ومن هؤلاء الأعلام الذين أحدثوا حالة جدلية أيضًا الحافظ عبد الغني المقدسي الذي ظُلم واضطهد طيلة حياته، ومات طريدًا، بسبب اتهامه بالتجسيم، وحكم عليه الأشاعرة بالكفر والبدعة؛ فطرده القضاة والعلماء من أصبهان والموصل ودمشق ومصر، كما ذكر الحافظ ابن كثير[52].
قال الحافظ ابن رجب عن محنة عبد الغني: “فأما قولهم: (أجمع الفقهاء على الفتوى بكفره وأنه مبتدع) فيا لله العجب، كيف يقع الإجماع وأحفظ أهل وقته للسُّنة وأعلمهم بها هو المخالف؟! -يعني عبد الغني- هذا مع مخالفة فقيه الإسلام في وقته -يعني ابن قدامة- الذي يُقال: إنه لم يدخل الشام بعد الأوزاعي أفقه منه، ومعه خلق أئمة وفقهاء”[53].
ومع ذلك فالحافظ عبد الغني يعرف قدره الكبار، وقد تتابع الفحول على كتابه (الكمال في أسماء الرجال) تهذيبًا وترتيبًا، كالحافظ المزي، ثم الحافظ الذهبي، ثم الحافظ ابن حجر العسقلاني.
هذه أمثلة لأئمة أحدثوا حالة سجالية في عصرهم بسبب اختلاف المذهب، أو بسبب حجاب المعاصرة، ولم يوجب ذلك إهدارهم من التراث الإسلامي، ولولا خشية الإطالة لذكرنا آخرين سُجنوا أو نفوا، مثل الحافظ المزي وابن القيم وابن أبي العز الحنفي وابن رشد الأندلسي وغيرهما.
والمقصود: أنه لو جاز إهدار ابن تيمية لأجل السجال في عصره، لأهدرنا كثيرًا أعلام الأمة الإسلامية، ولا يشك عاقل أن هذا فيه فسادٌ وإفساد، وإسقاط لتراث المسلمين.
ومع ذلك نقول: إن الذين تكلَّموا في ابن تيمية قِلّة قليلة بالنسبة إلى الجمهور الغفير من العلماء. وحسبك لما تكلَّم علاء الدين البخاري رفض علماء الأمصار كلامه، وقرظوا كتاب “الرد الوافر” لابن ناصر الدين الدمشقي في الرد عليه.
قال السخاوي: “فانتدب حافظ الشام الشمس ابن ناصر الدين لجمع كتاب سماه: (الرد الوافر على من زعم أن من أطلق على ابن تيمية شيخ الإسلام كافر)، جمع فيه كلام من أطلق عليه ذلك من الأئمة الأعلام من أهل عصره من جميع المذاهب سوى الحنابلة، وذلك شيء كثير، وضمَّنه الكثير من ترجمة ابن تيمية، وأرسل منه نسخة إلى القاهرة، فقرّظه من أئمتها شيخنا -يعني ابن حجر- والعَلَم البلقيني والتفهني والعيني والبساطي بما هو عندي في موضعٍ آخر”[54].
وفي الختام:
ينبغي للعاملين للإسلام تخطِّي هذه النزاعات التاريخية واحترام علماء المسلمين، فإن هدم العلماء فيه هدم إرث الأمة الإسلامية، بل فيه هدم الدين في قلوب المسلمين، وبذلك يهون الإسلام في نفوس العامة، ولا ينبغي الرد على غلاة السلفيين بغلوٍّ مقابل، فالخطأ لا يُعالج بخطأ مثله.
نعم، تبقى مسائل الخلاف في الرواق العلمي مشفوعة بآداب البحث العلمي، أما التعرض للأئمة والعلماء بالإسقاط والتشهير، فهذا ليس بصنيع أهل العلم والفهم، والأجدر بنا أن نرتقي بمستوى النقاش العلمي بعيدًا عن التصنيفات الضيقة، وأن يكون هدفنا هو البحث عن الحقيقة، لا مجرد الانتصار للمواقف المسبقة.
وصلِّ اللهم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
ـــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)
[1] الأزهر في ألف عام (2/ 296).
[2] طبقات الحفاظ (ص: 516-517).
[3] صون المنطق والكلام عن فني المنطق والكلام (ص: 33).
[4] إقامة الحجة الباهرة (ص: 165).
[5] فرقان القرآن (ص: 74).
[6] فتاوى دار الإفتاء المصرية (6/ 98).
[7] فتاوى دار الإفتاء المصرية (7/ 154).
[8] مجلة البحوث الإسلامية – عدد: المحرم – جمادى الثانية لسنة 1400هـ.
[9] الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير (ص: 129).
[10] الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير (ص: 332).
[11] الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير (ص: 110).
[12] دفاع عن السنة (ص: 10).
[13] الدين العالمي ومنهج الدعوة إليه (ص: 139-140).
[14] من لقاء مع الشيخ عطية صقر على الرابط:
https://www.youtube.com/watch?v=ObsbxLYi9eQ
[15] كتاب فتاوى دار الإفتاء المصرية (9/ 234).
[16] كتاب فتاوى دار الإفتاء المصرية (8/ 92).
[17] المحدثون في رحاب الأزهر (ص: 132).
[18] بيني وبين حامد الفقي (ص: ١١-١٢).
[19] رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (ص: 82).
[20] رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (ص: 117).
[21] مدخل إلى نشر التراث (ص: 153).
[22] من الحصاد القديم (ص: 12).
[23] من الحصاد القديم (ص: 260).
[24] جزء من لقاء مع الشيخ محمد الراوي في برنامج (لله ثم للتاريخ)، على قناة أزهري:
https://www.youtube.com/watch?v=Fb6lU6BlSHA
[25] المنطق الأرسطي بين القبول والرفض (ص: 93).
[26] المنطق الأرسطي بين القبول والرفض (ص: 115).
[27] مثل كتاب (عقيدة المؤمن) في جزأين: عقيدة المؤمن في الإلهيات، وعقيدة المؤمن في النبوات والسمعيات.
[28] فقه العبادات (ص: 162).
[29] المرجع السابق (ص: 164).
[30] لقاء الدكتور أحمد عمر هاشم على قناة صدى البلد مع الصحفي حمدي رزق (الدقيقة: 33).
[31] مقطع من خطبة فضيلة الدكتور أحمد عمر هاشم في الجامع الأزهر:
[32] مقام العقل عند شيخ الإسلام ابن تيمية (ص:5). وقد نشرته مجلة الأزهر.
[33] روائع ابن تيمية (ص: 127).
[34] السلفية (ص: 52-52).
[35] شخصيات لها تاريخ (ص: 144).
[36] المجددون في الإسلام (ص: 438).
[37] تاريخ الإصلاح في الأزهر (ص: 220-221).
[38] التفسير الوسيط (8/ 552).
[39] التفسير الوسيط (3/ 393).
[40] التفسير الوسيط (15/ 20).
[41] التفسير الوسيط (4/ 141).
[42] معركة المصحف في العالم الإسلامي (ص: 162).
[43] عقيدة المسلم، محمد الغزالي (ص: 72).
[44] حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر (1/ 839).
[45] مختصر مطالع السعود في أخبار الوالي داود (ص: 117)، وانظر: مشاهير نجد وأعلامهم (ص: 50).
[46] من كتاب: الإيمان والرد على أهل البدع (ص: ٥٣)، مطبوع ضمن مجموعة الرسائل والمسائل النجدية، ونقلها أيضا صاحب كتاب (علماء نجد وغيرهم).
[47] كتاب الإجازة العلمية في نجد، قراءة استقرائية (2/ 518-521). وانظر: مخطوط الإجازة بخط المُجيز محفوظة بمكتبة ليدن برقم (2496).
[48] انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي (19/ 327).
[49] الشفا (2/ 602-603).
[50] انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي (19/ 329).
[51] المحرر الوجيز (4/ 388).
[52] انظر: البداية والنهاية (7/ 40).
[53] ذيل طبقات الحنابلة (4/ 16). وفيات المائة السابعة.
[54] الضوء اللامع لأهل القرن التاسع (9/ 292).