الثلاثاء - 18 جمادى الآخر 1447 هـ - 09 ديسمبر 2025 م

الحالة السلفية عند أوائل الصوفية

A A

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة

 

مقدمة:

تعدَّدت وجوه العلماء في تقسيم الفرق والمذاهب، فتباينت تحريراتهم كمًّا وكيفًا، ولم يسلم اعتبار من تلك الاعتبارات من نقدٍ وملاحظة، ولعلّ أسلمَ طريقة اعتبارُ التقسيم الزمني، وقد جرِّب هذا في كثير من المباحث فكانت نتائج ذلك محكمة، بل يستطيع الباحث أن يحاكم الاعتبارات كلها به، وهو تقسيم المذاهب إلى “مذهب السلف” و”مذاهب الخلف“، وقريب منه تقسيم الفرق إلى “مذاهب الأوائل” و”مذاهب الأواخر“، وتحت هذا تقسيماتٌ باعتبارات كثيرة، لكن ضابط التمييز في كل هذا هو “متابعة الخلف للسلف وعدمها“، ومن ذلك تقسيم الصوفية إلى قسمين: “صوفية أوائل” و”صوفية أواخر“، لتتبع “الحالة السلفية” فيهما، ومحاججة الأواخر بالأوائل، وقد رأى مركز سلف للبحوث والدراسات أن يعرض خلاصة هذه المحاولة ونتائجها في ورقة علمية، والله المستعان.

تحقيق معنى الصوفية:

لن أحاول تحقيق معنى مصطلح “الصوفية” و”التصوف“، فقد سال في ذلك مداد كثير، لكنني سأسلُكُ مسلكًا أقترح تسميتَه: “القبول الإجرائي“، أي: سأقبل المصطلح لتسهيل إجراء تحقيق آخر أهمّ، وسأعتبر المصطلح مقبولا، وأحقّق مطابقته لمن يدَّعيه أو يدَّعى له، والسبب في هذا أن الصوفية أنفسهم يتشكَّكون في “المطابقة” في كثير من الأحيان، من ذلك قول صاحب رد المحتار: «لفظ الصوفية إنما يراد به في العادة من كانوا على طريقة مرضية، أما غيرهم فليسوا منهم حقيقة، وإن سَمَّوا أنفسهم بهذا الاسم، فإذا أطلق الاسم لا يدخلون فيه»([1])، وينصون على أن هذه الطريقة المرضية هي «ما كان عليه المشايخ المتقدمون»([2])، وهذه إشارة مهمة تكشف عن “أصل” خطير في باب التصوف، وهو أن في “الصوفية” “متقدمين” و”متأخرين“، فما السبب في ذلك؟

قبل الجواب عن هذا السؤال يثيرك أمر آخر، وهو أن هناك “متشبِّهين” بهم “متلبِّسين بلباسهم” و”ليسوا منهم“، ولذلك «ينبغي للعاقل في زماننا هذا أن يعرف شيئا من أصول الصوفية وطريقة أهل الصدق منهم؛ حتى يميز بين المتشبهين بهم المتلبسين لباسهم والمتمسكين بسماتهم»([3])، وبجمع هذا إلى ما قبله فإن “من لا يشهد بتصوف آثار المتقدمين من مشايخ التصوف كان من المدَّعين“.

لم يتردَّد السبكي في كشف بعض أسباب حرصهم على التمييز بين الأدعياء الذين يكثر وجودهم في “المتأخرين“، وقد نبه تاج الدين على هؤلاء المتصوفة المتشبهين بقوله: «اعلم أنهم قد تشبَّه بهم أقوام ليسوا منهم، فأوجب تشبُّه أولاء بهم سوء الظن، ولعلَّ ذلك من اللَّه تعالى قصدًا لخفاء هذه الطائفة التي تؤثِر الخمول على الظهور»([4])، وحسبي هذا، فأخلص إلى أن هناك “صوفية أوائل” يتشبَّه بهم “أواخر” ليسوا منهم؛ لمخالفتهم “أصولهم” و”طريقتهم“.

هل كان الصحابة والتابعون صوفية؟

 الجواب: لا، لم يكونوا صوفيين([5])، «فاستعمال لفظ صوفي ومتصوف لم ينتشر في الإسلام إلا في القرن الثاني وما بعده»([6])، ومع هذا فإن وصفهم بذلك إلزاما للمتأخرين بوجوب متابعة المتقدمين جائز، وعند هذا ينتهي الجواز، وإلا فلم يكن الصحابة والتابعون من الصوفية، ومن لطيف العبارات في وصفهم بالمصدر لا باسم الفاعل عند المدافعة والنصح لمخالفهم ممن يدعي التصوف قول الذهبي ردًّا على أهل الوحدة والحلول في دعواهم موافقة الهروي في منازله: «فما أحلى تصوف الصحابة والتابعين! ما خاضوا في هذه الخطرات والوساوس، بل عبدوا الله، وذلّوا له، وتوكّلوا عليه، وهم من خشيته مشفقون، ولأعدائه مجاهدون، وفي الطاعة مسارعون، وعن اللغو معرضون، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم»([7]).

الخلاصة: أن الصوفية فرقتان باعتبار الزمن، صوفية “سلف“، وصوفية “خلف“، وعلى الخلف متابعة السلف في “تصوفهم“، وأصله كما قال الذهبي “تصوف الصحابة والتابعين“، وهذه هي التي أسميها: الحالة السلفية الواجبة.

صوفية القرنين:

من “الصوفية الأوائل”؟

تصفهم المستشرقة الألمانية المتخصّصة في “التصوف” آنا ماري شيميل بـ”الصوفية الأصولية“([8])، أي: الذين بنوا تصوفهم على “الأصول“، أي: “القرآن والسنة“، مثلهم مثل “الفقهاء الأصوليّين” الذين بنوا فقههم على أصوله، وينطبق عليهم كونهم “الأولين“، وهم الذين يقول فيهم نيكلسون: «الصوفية الأولون كانوا في الحقيقة زهادًا وادعين، أكثر منهم متصوّفة»([9])، وهذا مهم، ويحتاج إلى تأمل، أعني قوله: «كانوا في الحقيقة زهادا وادعين، أكثر منهم متصوفة»! مع كون ماسينيون يصفهم بـ«المتصوفة الأول»([10])، وكل هذا أيضا يحتاج إلى تأمل، مع تحفُّظي على استعماله عبارة “متصوفة“.

من أفضل النصوص التي وجدتها تلخِّص مقاصد هذه الورقة العلمية قولُ عبد الرحمن بدوي: «ولئن لم نجد لديهم مذاهب كاملة في التصوف النظري، ولا نظريات عميقة في الكون والعلاقة بين العبد والرب، ولا مراتب منتظمة للعالم الروحي، فإن لديهم ميزةً كبيرةً، هي نصاعة التقوى الخالية من التهاويل اللفظية والاصطلاحات الإيهامية، مما سيبالغ فيه ابن عربي وابن الفارض، وخلو ورعهم من كل الظواهر غير السوية التي سيغالي في استجلابها الصوفية المتأخرون، صحيح أن هذا التطور الذي حدث في التصوف الإسلامي -وفي سائر ألوان التصوف إلى أية ديانة انتسب- كان أمرا محتومًا يقتضيه منطق التطور الروحي والحضاري، ولكنه من غير شك يمثل انحلالا بالنسبة إلى هذه المرحلة الأولى التي عنينا بدراستها هاهنا»([11]).

أول ما يثير انتباهك في هذا النص أن “الأوائل” كانوا ميالين إلى “العمل” لا إلى “التنظير” كحال “المتأخرين“، ويظهر هذا في سلامة “التصوف” عندهم من “الاصطلاحات الإيهامية“، و”التهاويل اللفظية“، ومن “النظريات الفلسفية“، وأن “المتأخرين” خاضوا في كل ذلك، وسماه: “انحلالا“، والمراد هنا انحلال ومخالفة “المتأخرين منهم” للحالة السلفية عند “المتقدمين منهم“، وكان العلامة الناصري أحد علماء الطريقة الناصرية الصوفية في المغرب واضحا غير متردد في هذا فقال: «الفرق -والحمد لله- واضحٌ والحق لائح، هو التمسك بالسنة وطريقة السلف، فمن تمسك بهما اعتقدناه، ومن نبذهما نبذناه»([12])، فهذه هي الحالة السلفية التي أشرتُ إليها، فإن كان من “طريقة” أو “طريق” فطريقة السلف، وأصلها التمسك بالسنة، ومن خالف هذا خرج عن “الحالة السلفية” التي كان عليها متقدمو الصوفية وأوائلهم وسلفهم، فصح عندنا بهذا أن التقسيم الأقوى للمذاهب الصوفية أن يكون بهذه الطريقة: الصوفية الأوائل المتقدمون، والصوفية الأواخر المتأخرون، خلاف ما هو شائع، وإلا فإن بعض التقسيمات الأخرى راجعة عند التحقيق إلى هذا التقسيم.

اتباع السنة:

نُقِلت عن الصوفية الأوائل مقالات رائقة في وجوب البناء على الكتاب والسنة، وقد عرض طائفةً نافعةً منها ابن القيم الحنبلي في (مدارج السالكين)، والشاطبي المالكي في (الاعتصام)، ومن أشهرها قول سيد الطائفة أبي القاسم الجنيد: «الطرق كلها مسدودة على الخلق إلا من اقتفى أثر الرسول، واتبع سنته، ولزم طريقته، فإن طريق الخيرات كلها مفتوحة عليه»([13]).

 ومنها قول أبي العباس أحمد بن سهل ابن عطاء الآدمي البغدادي الزاهد العابد([14]) (ت 309هـ): (من ألزم نفسه أدب السنة نوَّر الله قلبه بنور المعرفة، ولا مقام أشرفُ من مقام متابعة الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم في أوامره وأفعاله وأخلاقه، والتأدب بأدبه قولا وفعلا وعقدا ونية)([15]).

وقال أبو عبد الله الحسين بن عبد الله الصبيحي الإمام الصوفي المقرئ، وقد سئل عن أصول الدين فقال: «إثبات صدق الافتقار إلى الله تعالى، وحسن الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم»([16]).

والصبيحي([17]) هو الحسين بن عبد الله بن بكر البصري، وكنيته أبو عبد الله، قيل: إنه لم يخرج من سرب في داره ثلاثين سنة يجتهد فيه ويتعبّد، أخرجه أهل البصرة منها، فخرج إلى السُّوس([18]) فمات بها، وبها قبره، وكان عالما بعلوم القوم وبالأصول، صنف لهم كتبا، وكان صاحب لسان وورع([19])، قال فيه أبو نعيم: «له العقل الرصين، والكلام الواضح المبين»([20])، وانظر إلى قوله: «والكلام الواضح المبين» لتعرف كيف كان كلام الأولين في وضوحه، وكيف خالفه في بيانه المتأخِّرون الذين تكلَّفوا وتعمَّقوا، فلم يبيّنوا ولم يفصِحوا.

وصورة كلام الصبيحي أنّ أصول الدين أصلان: التوحيد والمتابعة، وسئل أبو عمرو إسماعيل بن نُجيد السلمي جدُّ أبي عبد الرحمن السلمي لأمه: ما الذي لا بد للعبد منه؟ فقال: «ملازمة العبودية على السنة، ومداومة المراقبة»([21]).

وسئل أبو الحسين بن علي الجوزجاني: كيف الطريق إلى الله تعالى؟ قال: (اتباع السنة)، فسئل: وكيف الطريق إلى اتباع السنة؟ فقال: (مجانبة البدع، واتباع ما أجمع عليه الصدر الأول من علماء المسلمين، والتباعد عن مجالس الكلام وأهله، ولزوم طريقة الاقتداء، وبذلك أُمِر نبينا صلى الله عليه وآله وسلم بقوله تعالى: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [النحل: 123])([22]).

وقال أبو حفص عمر بن سالم النيسابوري من أعلام الصوفية المحققين من أهل القرن الثالث: (من لم يِزِن أقواله وأفعاله في كل وقت بالكتاب والسنة، ولم يتَّهِم خواطره، فلا تعدَّه في ديوان الرجال)([23]).

وقال أبو الحسين محمد بن سعد الوراق النيسابوري الصوفي من أئمتهم في القرن الرابع الهجري: (الصدق استقامة الطريق في الدين واتباع السنة في الشرع، وعلامة محبة الله اتباع حبيبه)([24]).

وقال أيضا: (لا يصل العبد إلى الله تعالى إلا بالله، وبموافقة حبيبه صلى الله عليه وآله وسلم في شرائعه، ومن جعل الطريق إلى الوصول غير الاقتداء يضل من حيث يظن أنه مهتد)([25]).

وقال سهل بن عبد الله التستري أبو محمد، العالم الصوفي الشهير (ت 288هـ): (أصولنا -يعني أصول طريقتنا مبنية- على سبعة أشياء: التمسك بكتاب الله تعالى، والاقتداء بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأكل المال الحلال، وكف الأذى، واجتناب الآثام، والتوبة، وأداء الحقوق). وقال: (لقد أيس العلماء والحكماء من هذه الخلال الثلاث: ملازمة التوبة، ومتابعة السنة، وترك أذى الخلق)([26]).

وروى أبو نعيم في الحلية عن سهل بن عبد الله التستري أنه قال (من كان اقتداؤه بالنبي صلى الله عليه و سلم لم يكن في قلبه اختيار لشيء من الأشياء، ولا يجول في قلبه سوى ما أحب الله ورسوله صلى الله عليه و سلم)، وسئل: هل للمقتدي اختيار بالاستحسان؟ قال: (لا، إنما جعل السنة واعتقادها بالاسم)([27]).

وقال أبو حمزة محمد بن إبراهيم البغدادي، الإمام الصوفي المقرئ (ت 286هـ): (لا دليل على الطريق إلى الله إلا متابعة الرسول في أحواله وأفعاله وأقواله)([28]).

وقال أبو الحسين أحمد بن محمد الخراساني البغوي، الشهير بالنوري، أحد أئمة الصوفية، (ت 295هـ)، وكان من أصحاب الجنيد([29]): (أفضل الأرزاق تصحيح العبودية على المشاهدة، ومعانقة الخدمة على موافقة السنة)([30])، وعند السلمي بلفظ: (أفضل الأعمال تصحيح العبودية على المشاهدة، وملازمة الخدمة على السنة)([31]).

وسئل أبو حفص عمر بن سالم النيسابوري الحداد الزاهد العابد (ت 264هـ) عن البدعة فقال: (التعدي في الأحكام، والتهاون بالسنن، وترك الاتباع والاقتداء)([32]).

وقال أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد الخواص الصوفي الصادق (ت 291هـ)([33]): (ليس العلم بكثرة الروايات، إنما العالم من اتبع العلم واستعمله، واقتدى بالسنن، وإن كان قليل العلم)([34]).

اتباع الصحابة والتابعين:

الكل يدَّعي الرجوع إلى القرآن والسنة، ولا تصحّ هذه الدعوى إلا بشرط مهمّ مميِّز بين الصادق والمدَّعي، وهو الرجوع إلى ما كان عليه الصحابة والتابعون علمًا وعملًا، فهم كانوا التنزيل غير المعصوم للقرآن والسنة باعتبار أفرادهم، وهم حجة الله على من بعدهم في الأصول الجامعة التي بنوا عليها دينهم وحياتهم، وهذا هو القول الفصل بين أدعياء الصوفية وبين صادقيهم من المتقدمين، وشهاداتهم في هذا وتحريراتهم كاشفة مبيّنة.

سئل أبو الفيض ذو النون ثوبان بن إبراهيم النوبي الإخميمي المصري (ت 245هـ) -وهو من محققي الصوفية- عن المحبة، فقال: (المحبة أن تحب ما أحب الله تعالى، وتبغض ما أبغضه الله تعالى، وتفعل الخير كله، وترفض كل ما يشغلك عن الله، وأن لا تخاف في الله لومة لائم، مع العطف على المؤمنين، والغلظة للكافرين، واتباع أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم في الدين)([35]).

وقال أبو بكر الطمستاني([36]): (الطريق واضح، والكتاب والسنة قائمة بين أظهرنا، فمن صحب الكتاب والسنة، وعزف عن نفسه والخلق والدنيا، وهاجر إلى الله بقلبه، فهو الصادق المصيب، المتبع لآثار الصحابة؛ لأنهم سُمّوا السابقين لمفارقتهم الآباء والأبناء المخالفين، وتركوا الأوطان والإخوان، وهاجروا وآثروا الغربة والهجرة على الدنيا والرخاء والسعة، وكانوا غرباء، فمن سلك مسلكهم واختار اختيارهم كان منهم، ولهم تبعا)([37]).

وأما القشيري صاحب (الرسالة) فيقول في تفسير قوله تعالى: {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} [البقرة: 43]: (تقتدي بآثار السلف في الأحوال، وتجتنب سنن الانفراد، فإن الكون في غمار الجمع أسلم من الامتياز من الكافة)([38]). وهذا من التفسير الإشاري عندهم، وقد تكلم علماؤنا فيه. وعلى كل حال فقد كانت «أصول مذهبهم المؤيد([39]) المنوط بمتابعة كتاب الله عز وجل، والاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، والتخلق بأخلاق الصحابة والتابعين، والتأدب بآداب عباد الله الصالحين»([40]). فانظر كيف جعل الطوسي طريقهم مخصوصة بأصول أربعة، كأنها عصمة الاستدامة للنهج النبوي الأول، اللاحق منها فرع عن سابقه، وهي المتابعة القرآنية، والاقتداء النبوي، والتخلق السلفي، والتأدب الصالحي، وقد جعل القشيري هذا أصل رسالته إلى جماعات الصوفية في عصره، وقال لهم: (اعلموا -رحمكم اللَّه- أَن شيوخ هذه الطائفة بنوا قواعد أمرهم عَلَى أصول صحيحة فِي التوحيد، صانوا بِهَا عقائدهم عَنِ البدع، ودانوا بِمَا وجدوا عَلَيْهِ السلف وأهل السنة»([41]).

وقد عقد الطوسي في اللمع فصلا خاصا بالصحابة، وذكر طائفة من أقوال مقدميهم، ونتفا من أحوالهم، ثم ختم بقوله: «والمؤمنون مندوبون إلى التعلق بمثل هذه الأفعال، والتخلق بأخلاقهم فيما أتوا به من أنواع الطاعات، ونطقوا به من أنواع الحكم»([42])، وجمعه قول الخركوشي: «والله ولي التوفيق للاقتداء بهم جميعا، فإن الاهتداء بهم على حسب ما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم»([43]).

ومثله الشيخ زروق البرنسي المغربي في قوله: «اعلم أن الأوائل من القوم لم يكن لهم ترتيب في المشيخة معروف، ولا اصطلاح في السلوك مألوف، وإنما كانت عندهم الصحبة واللقاء، فكان الأدنى منهم إذا لقي الأعلى استفاد برؤيته أحوالا، لأن من تحقق بحالة لم يخل خاطره منها، والأحوال مورثة»([44])، فتصريحهم بوجوب التشبّث بالأصول الإسلامية عام في الأزمنة كعمومه في الأمكنة، من أقصى المشرق إلى أقصى المغرب، وفي هذا إشارة لطيفة وقوية إلى نقض دعوى اشتراط الشيخ المربي الواحد، فـ«أمر الاهتداء إلى الله تعالى وصلاح النفس وتزكيتها لا يتوقف على التزام شيخ، وإنما يتوقف على التزام العلم والعمل الذي أمر الله به، وتضمنه الكتاب والسنة وسلوك السلف الصالح من الأمة، فأي إنسان مسترشد عمل بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وسيرة الخلفاء الراشدين والسلف الصالح، فقد سلك طريق الهدى، وتوجَّه إلى الله تعالى راشدًا مهديًّا… فالشيخ أو المرشد عند المحاسبي هو القرآن والسنة الشريفة»([45]).

أما الختم هنا فبكلام جميل جدًّا، عن أحمد بن أبي الحواري، عن أخيه محمد عن علي بن الفضيل بن عياض أنه قال لأبيه الفضيل: يا أبت، ما أحلى كلام أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم! فقال: يا بني، وتدري لم حلا؟ قال: لا يا أبت، قال: لأنهم أرادوا الله به([46]).

النهي عن البدع ومنتحلي التصوف:

بموجب البناء على الكتاب والسنة وأصول تدين السلف أظهر الصوفية الأوائل شدةً على البدع وأهلها، خاصة أدعياء التصوّف، فقال أبو القاسم النصراباذي([47]) -أحد شيوخ السلمي، (ت 367هـ)، وهـو ممن كان له «لسان الإشارة مقرونا بالكتاب والسنة»([48])-: «أصل التصوف ملازمة الكتاب والسنة، وترك الأهواء والبدع، وتعظيم حرمات المشايخ، ورؤية أعذار الخلق، وحسن صحبة الفقراء، والقيام بخدمتهم، واستعمال الأخلاق الجميلة، والمداومة على الأوراد، وترك ارتكاب الرخص والتأويلات، وما ضلّ أحد في هذا الطريق إلا بفساد الابتداء، فإن فساد الابتداء يؤثر في الانتهاء»([49]).

وقال أبو العباس أحمد بن محمد الدينوري، أحد كبار صوفية نيسابور وسمرقند: «نقضوا أركان التصوف، وعدموا سبيلها، وغيروا معانيها بأسامي أحدثوها، سموا الطمع زيادة، وسوء الأدب إخلاصا، والخروج عَنِ الحق شطحا، والتلذذ بالمذموم طيبة، واتباع الهوى ابتلاء، والرجوع عَلَى الدنيا وصلا، وسوء الخلق صولة، والبخل جلادة، والسؤال عملا، وبذاءة اللسان ملامة، وَمَا هَذَا كَانَ طريق الْقَوْم»([50]).

وقال أبو عثمان سعيد بن إسماعيل الحيري النيسابوري (ت 298هـ): «من أمَّر السنة على نفسه قولا وفعلا نطق بالحكمة، ومن أمَّر الهوى على نفسه قولا وفعلا نطق بالبدعة، قال الله تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54]»([51]).

ونسب الملا نور الدين الجامي لسلم بن الحسن الباروسي قوله: «لا يظهر على أحد شيء من نور الإيمان إلا باتباع السنة ومجانبة البدعة، وكل موضع ترى فيه اجتهادا ظاهرا بلا نور فاعلم أن ثَمَّ بدعةً خفية»([52]).

ومن أجل كل هذا نصب الشاطبي اعتصامه، وجعله للحق صمامه، وكان مما رفع به عقيرته قوله في طوائف المتأخرين من المتصوفة وجماعات من المستصوّفة المتصلّفة([53]): «إنما داخلتها المفاسد وتطرقت إليها البدع من جهة قوم تأخرت أزمانهم عن عهد ذلك السلف الصالح، وادَّعوا الدخول فيها من غير سلوك شرعي، ولا فهم لمقاصد أهلها، وتقوَّلوا عليهم ما لم يقولوا به، حتى صارت في هذا الزمان الأخير كأنها شريعة أخرى غير ما أتى بها محمد صلى الله عليه وسلم، وأعظم من ذلك أنهم يتساهلون في اتباع السنة، ويرون اختراع العبادات طريقا للتعبّد صحيحا، وطريقة القوم بريئة من هذا الخباط بحمد الله»([54]).

وقال قائل منهم: «الذي في أيدينا اليوم هو الانتساب إليهم فقط، والمحبة لهم باللسان من غير عمل ولا اتباع، فما أبعدنا عن طريقهم وسيرهم وسيرتهم! لتساهلنا وغفلتنا عما كان عليه الأسلاف، وما جهلناه وفرطنا فيه وضيعناه من السنة، واشتغلنا عن ذلك بالبدعة، حتى وقع من تيهنا عن الطريق إلا من رحم الله»([55]).

ومثل هذا قول أبي العباس القرطبي المالكي: «وعلى الجملة، فللمتأخرين من هذه الطائفة من الطرق المبتدعة والتحكمات المخترعة والألفاظ المبهرجة والشطحات المزعجة ما يتبرأ منه أهل التحقيق، ولا يقبله إلا كل جاهل أو زنديق، ولا يظن غمر جاهل أو ذو غمر متجاهل أنّا ننكر طريق العباد المحققين الأولياء والصالحين، وإنما ننكر على الجهال المبتدعين الذين يتحكمون في دين الله بأهوائهم، وبما يقع في قلوبهم، ويتركون القواعد الشرعية والأحكام النبوية، جامحين إلى ما تقتضيه النفوس والطباع من الأكل والرقص والسماع، لا عرفنا الله بهم، وتاب علينا من مشاهدتهم»([56]).

ومنه قول أبي الطيب الطبري إمام الشافعية منكرا بعض أحوالهم: «وإذا كان فعله أحد من هؤلاء المتأخرين فإنه لا يجوز؛ لأنه قد أخطأ في ذلك، لا يلزم الاقتداء به، ويترك الاقتداء بالأئمة الراشدين المهديين الذين أخذوا كل شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم توقيفا، ومن هنا يعيب كثير من الناس الصواب، يحتج إليهم بالصحابة والتابعين، الصلحاء المتقدمين، فيحتجون هم بالمتأخرين الذين لا يقضى لهم بالإصابة كما قضي بها للصحابة، نعوذ بالله من حرمان الصواب»([57]).

كان حرص الصوفية الأوائل كبيرا على التحذير من مجالسة أهل البدع من كل لون، خاصة من كان منهم من المتصوفة، من ذلك قول بندار بن الحسين الشيرازي: «صحبة أهل البدع تورث الإعراض عن الحق»([58])، وهذا لأن من ميزة البدعة مزاحمة السنن، والسنن النبوية عنصر الحق، والناظر في تاريخ “البدع” يرى دائما تدافعا، بل تناقضا بين الجهتين، ففي السنة العصمة، ومن تركها وانحاز إلى البدعة بمصاحبة أهلها ضيع الاعتصام، ومتى رفع الاعتصام لم يأمن المرء أن يضل في الخوالي، قال عبد الله بن داود -وكان من العباد ممن يستجاب دعاؤهم كرامة وتفضلا من الله تعالى-: «من علامات الحق البغض لمن يدين بالهوى، ومن أحب الحق فقد وجب عليه البغض لأصحاب الهوى»([59]).

ومن طريف الأمر أن الصوفية أنفسهم لاحظوا “تكاثر” هذا النوع فيهم، وهم “جذور حرة” قديمة، صارت سرطانات، أفسدت “طريقة الأوائل“، وتحوَّلت إلى “موائد للأواخر“، فسموا هؤلاء الأدعياء المسترزقة باسم عجيب، حاكوه على “مقاسهم” فناسبهم، فقال الهجويري: «المستَصوِف هو من تشبه بهم من أجل المنال والجاه وحظ الدنيا، وهو غافل عن هذين، وعن كل معنى، إلى حد أن قيل: المستصوف عند الصوفية كالذباب، وعند غيرهم كالذئاب»([60]). والهجويري هذا هو أبو الحسن علي بن عثمان الجلابي الغزنوي الهجويري، من أقران القشيري صاحب (الرسالة)، وقد اختُلف في سنة وفاته، ومما قيل في ذلك أنه توفي سنة 465هـ، وهي السنة التي توفي فيها القشيري أيضا! وقد أعجب هذا اللقب المستشرقة الألمانية أنا ماري شيمل، فأثبتته في “الأبعاد الصوفية في الإسلام“! ويسميه الشيخ محمد زكي إبراهيم شيخ العشيرة المحمدية الصوفية المصرية في رسالته “هذا هو تصوفنا وتلك هي دعوتنا“: “المتمصوف“!

والختم بقول ابن الملقن: «فمن أحب الله اتبع رسوله، ومن اتبعه أحبه الله، فأَقبِح بالبدعة الصادة عن الحق، ولا خير فيها، ولا مرجع إلى الله ورسوله، ولا اتباع بها لصراط الله، بل لسبيل يفرق عن سبيل الله، ويبعد عن محبة الله، أعاذنا الله منها بمنه»([61]).

استمرار التحذير في الصوفية المتأخرين:

استمرّ هذا التحذير في بعض الصوفية المتـأخرين -وهو حجة عليهم- من هذا الانتحال والخروج عن طريقة الأوائل، فقد حذر الشيخ أحمد الرفاعي -أحد شيوخ التصوف، ورأس الطريقة الرفاعية، (ت 578ه)- من اعتبار هذه الأقوال والشطحات، فقال: «إياكم والقول بهذه الأقاويل، إن هي إلا أباطيل، درج السلف على الحدود بلا تجاوز، بالله عليكم، هل يتجاوز الحد إلا الجاهل؟! هل يدوس عنوة في الجب إلا الأعمى؟! ما هذا التطاول؟!»([62]).

وقال الشيخ مَحمد([63]) بن عيسى السفياني الفهدي الذي يزعمونه شيخا للطائفة العيساوية، وهو منها براء: «كيف تشرق ذاتٌ بأنوار النبي صلى الله عليه وسلم ولم تفعل ما كانت تفعله الذات الشريفة؟!». وكان رحمه الله يشترط فيما يشترط على المريد عند تلقينه الورد امتثال المأمورات واجتناب المنهيات، والمحافظة على الصلوات، ومراقبة الله تعالى في جميع الأوقات، والصمت والمحبة والصبر، والعزلة والحنانة والرأفة، وأن يرى جميع معاملة الإخوان معه من الله.

وقد نَسبَ هذا الكلام لمحمد بن عيسى عبدُ الرحمن بن زيدان في “إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس“([64])، وفيه بعد قوله: “الذات الشريفة“: «السنة تجمعنا، والبدعة تفرّقنا». ونقل عن تلميذه أبي الحجا بن مهدي قوله: «كثيرا ما ينتسب إلى الشيخ ابن عيسى أقوام يهتكون أسرار الشريعة، ويحِلون المحرمات، ويظهرون أفعالا لا تشبه خرق العادات، ويدعون أن ذلك مما خصهم الله به من البركات -وحاشاه من ذلك-، إنما هم زنادقة أو مبتدعة»([65]).

وأجعل الختم بكلمة مهمة للدكتور عبد الحليم محمود المتصوف -شيخ الأزهر سابقا- أظنها من القلب نابعة، لأهل التصوف نافعة، ولسوء حالهم اليوم دافعة، رأيت فيها اجتماع ما ينبغي أن يكون نصيحة جامعة، وهي قوله: «ولن تكون للتصوف نهضة إلا بالتأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم، والتأسي لا يكون إلا بالعلم، بسيرته، بأحاديثه، بالقرآن الذي أنزل عليه»([66])، وهذه عبارة رائعة.

خلاصات:

هذه هي الحالة السلفية التي تشرَّبها الصوفية الأوائل، وارتضوها لأنفسهم، واعتصموا بها في مسالكهم التربوية والزهدية، وكل من مال عنها فقد مال عنهم، إذا بها عرف سادة القوم، والذي عليه حال المتصوّفة في زماننا مخالف لطريقتهم في العقد والقول والعمل، وهم في دعواهم الانتساب للتصوف -بله ساداتهم- أدعياء، فالميزان هو انتحال هدي السلف من الصحابة والتابعين، فهم كانوا على الهدى المستقيم، أبرّ الناس قلوبها، وأقومهم زهدًا بعد نبيّهم عليه الصلاة والسلام، فها هي أقوال سادات الصوفية الأوائل، وهي حجة على خَلَفِهم من المتأخرين، ونحن أولى بهم منهم، وهم من كان أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية يمدحهم، ويحاجج بكلامهم وأفعالهم من كان في زمانه من “المتصوفة“، وحَريّ بدعاة الإصلاح أن يسلكوا مسلك الحجاج للقوم بالرد إلى ما كان عليه أسلافهم، فمن كان صادقا عرف فلزم، وإلا فإن الأهواء أكنّة على القلوب والعياذ بالله.

وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

ـــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) رد المحتار -دار عالم الكتب- (6/ 681).

([2]) المقدمة في التصوف (ص: 72).

([3]) المصدر نفسه.

([4]) معيد النعم ومبيد النعم، مكتبة الخانجي، الطبعة الثانية 1413هـ-1993م (ص: 119).

([5]) التصوف في الإسلام، لعمر فروخ (ص: 57).

([6]) التصوف، لماسينيون ومصطفى عبد الرزاق (ص: 54).

([7]) سير أعلام النبلاء (10/ 510).

([8]) الأبعاد الصوفية في الإسلام (ص: 73).

([9]) الصوفية في الإسلام (ص: 12).

([10]) التصوف (ص: 32).

([11]) تاريخ التصوف الإسلامي، الصفحة الثانية من التصدير.

([12]) تعظيم المنة بنصرة السنة (ص: 480).

([13]) رواه ابن الجوزي في تلبيس إبليس (ص: 10-11) عن جعفر الخلدي وحامد بن إبراهيم عنه.

([14]) ينظر: طبقات الأولياء لابن الملقن (ص: 59).

([15]) أخرجه السلمي في الطبقات (ص: 208)، والقشيري في الرسالة (ص: 97)، وأبو نعيم في الحلية (10/ 302) عن أبي سعيد عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب بن نصير الرازي عنه.

([16]) رواه السلمي في طبقات الصوفية (ص: 252)، قال: سمعت أبا الفتح القوَّاس يقول: سمعت الصبيحي… وزاد: «وفروعه أربعة أشياء: الوفاء بالعهود، وحفظ الحدود، والرضا بالموجود، والصبر على المفقود».

([17]) في طبقات الشعراني (1/ 187): «الصنجي»!

([18]) بلدة بخوزستان. معجم البلدان (3/ 280).

([19]) طبقات الصوفية (ص: 252).

([20]) حلية الأولياء (10/ 354)، وينظر أيضا: طبقات الأولياء، لابن الملقن (ص: 334).

([21]) رواه عنه السلمي في الطبقات (ص: 340).

([22]) رواه السلمي في الطبقات (ص: 196) عن شيخه عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن الرازي قال: سمعت أبا علي الجوزجاني… ومن طريقه أبو إسماعيل الأنصاري، كما في كتاب الاستقامة، لابن تيمية، تحقيق: محمد رشاد سالم، جامعة محمد بن سعود، الطبعة الثانية، 1411هـ-1991م (1/ 110).

([23]) رواه القشيري في الرسالة (ص: 73) عن محمد بن الحسين، عن أبي الحسن محمد بن موسى، عن أبي علي الثقفي، عن أبي حفص، لكن بلفظ “نعده” بنون موحدة.

([24]) رواه السلمي في طبقات الصوفية (ص: 230-231) مفرقا، عن أبي بكر محمد بن أحمد بن إبراهيم عنه.

([25]) رواه السلمي في طبقات الصوفية (ص: 230) عن أبي بكر محمد بن أحمد بن إبراهيم عنه… وفيه بعد ذلك «ومن وصل اتصل».

([26]) رواه أبو نعيم (10/ 190) عن أبيه عن أبي بكر الجوربي عنه، ورواه أيضا السلمي في طبقات الصوفية (ص: 170) عن أبي نصر عن الدقي عن أبي بكر الفرغاني عنه، وفي رواية أبي نعيم: “ستة”، وهو تصحيف، وروى العبارة الثانية السلمي في طبقات الصوفية (ص: 170)، ومن طريقه أبو نعيم في الحلية (10/ 202) عن أبي الحسين الفارسي عن أبي يعقوب البلدي عنه.

([27]) رواه أبو نعيم في الحلية (10/ 190).

([28]) رواه السلمي في الطبقات (ص: 229) عن (أبي الفضل) نصر بن أبي نصر الطوسي (العطار الصوفي)، عن محمد بن عبد الله بن المتأنق (أو ابن المثاقف، أو المتأفف) البغدادي عن الجنيد عنه.

([29]) انظر: سير أعلام النبلاء (14/ 348).

([30]) رواه أبو نعيم في الحلية (10/ 355).

([31]) طبقات الصوفية (ص: 267).

([32]) أخرجه السلمي في طبقات الصوفية (ص: 108)، وأبو نعيم في حلية الأولياء (10/ 53) عن أبي الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن مقسم، عن المرتعش، عن أبي حفص.

([33]) يحرص الشيخ على ذكر سِني وفاتهم للتنبيه على تقدمهم وسبقهم، إثباتا لمفهوم المتقدم والمتأخر في كلامه.

([34]) أخرجه السلمي في الطبقات (ص: 221) عن أبي بكر محمد بن عبد الله الرازي، عنه.

([35]) رواه ابن عربي الحاتمي الصوفي في الكوكب الدرّي في مناقب ذي النون المصري (ص: 136).

([36]) ترجمته في طبقات السلمي (ص: 352).

([37]) رواه أبو نعيم في حلية الأولياء (10/ 382) قال: سمعت أبا حامد أحمد بن محمد بن رسته الجمال الصوفي يقول: «إنه قدم فكان نازلا عليه..»، فذكر من أحواله الرفيعة واستصغاره الفانية الوضيعة، وكان يقول:.. وذكره.

([38]) لطائف الإشارات (1/ 42).

([39]) المؤيد بالرجوع إلى الكتاب والسنة.

([40]) اللمع في التصوف، للسراج الطوسي (ص: 21).

([41]) الرسالة (ص: 24).

([42]) اللمع (ص: 193).

([43]) تهذيب الأسرار (ص: 224).

([44]) عدة المريد الصادق (ص: 54)، وراجع الشذرة رقم (18).

([45]) التجربة الصوفية في تصوف الحارث بن أسد المحاسبي، لعلاء جعفر حسين، ضمن: التصوف أبحاث ودراسات -منشورات ضفاف- (ص: 220).

([46]) رواه أبو نعيم في الحلية (10/ 23).

([47]) انظر ترجمته في تاريخ دمشق (7/ 104)، وطبقات الأولياء (ص: 26).

([48]) رواه ابن عساكر عن السلمي في تاريخ دمشق (7/ 104).

([49]) رواه عنه تلميذه السلمي في طبقات الصوفية (ص: 365).

([50]) نسبه إليه القشيري في الرسالة (ص: 123).

([51]) أخرجه أبو نعيم (10/ 244) عن أبي عمرو بن حمدان، والسلمي في حقائق التفسير (2/ 55) عن جده، والقشيري (ص: 20)، والطوسي في اللمع (ص: 144)، والبيهقي في الزهد (ص: 376)، والخطيب في الجامع (1/ 145)، من طريق أبي عمرو إسماعيل بن نجيد، ثلاثتهم عن أبي عثمان بذلك.

([52]) نفحات الأنس من حضرات القدس (ص: 193).

([53]) الصاد واللام والفاء أصل صحيح، يدل على شدة وكزازة وقلة خير كما في مقاييس اللغة لابن فارس (2/ 18)، ومرادي هنا من يدع الخير ويكثر فيه الشر، ومن ذلك قولهم: «صلَف تحت الراعدة»، يقال فيمن يكثر كلامه، مادحا نفسه، ولا خير فيه.

([54]) الاعتصام (1/ 67)، وبعدها عرض من أقوال هؤلاء الصوفية الأوائل وشذراتهم في الأمر بالاتباع والنهي عن الابتداع.

([55]) محمد المنالي الفاسي في سلوك الطريق الوارية في الشيخ والمريد والزاوية (ص: 72).

([56]) كشف القناع عن حكم الوجد والسماع (ص: 85).

([57]) الرد على من يحب السماع (ص: 53).

([58]) طبقات الصوفية (ص: 351).

([59]) رواه أبو نعيم في الحلية (10/ 392).

([60]) كشف المحجوب (1/ 231).

([61]) حدائق الأولياء (1/ 253).

([62]) البرهان المؤيد (ص: 36).

([63]) بفتح الميم الأولى.

([64]) إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس (4/ 20).

([65]) إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس (4/ 23).

([66]) شيخ الشيوخ أبو مدين الغوث (ص: 27).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جديد سلف

الحالة السلفية عند أوائل الصوفية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   مقدمة: تعدَّدت وجوه العلماء في تقسيم الفرق والمذاهب، فتباينت تحريراتهم كمًّا وكيفًا، ولم يسلم اعتبار من تلك الاعتبارات من نقدٍ وملاحظة، ولعلّ أسلمَ طريقة اعتبارُ التقسيم الزمني، وقد جرِّب هذا في كثير من المباحث فكانت نتائج ذلك محكمة، بل يستطيع الباحث أن يحاكم الاعتبارات كلها به، وهو تقسيم […]

إعادة قراءة النص الشرعي عند النسوية الإسلامية.. الأدوات والقضايا

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: تشكّل النسوية الإسلامية اتجاهًا فكريًّا معاصرًا يسعى إلى إعادة قراءة النصوص الدينية المتعلّقة بقضايا المرأة بهدف تقديم فهمٍ جديد يعزّز حقوقها التي يريدونها لا التي شرعها الله، والفكر النسوي الغربي حين استورده بعض المسلمين إلى بلاد الإسلام رأوا أنه لا يمكن أن يتلاءم بشكل تام مع الفكر الإسلامي، […]

اختلاف أهل الحديث في إطلاق الحدوث والقدم على القرآن الكريم -قراءة تحليلية-

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: يُعَدّ مبحث الحدوث والقدم من القضايا المركزية في الخلاف العقدي، لما له من أثر مباشر في تقرير مسائل صفات الله تعالى، وبخاصة صفة الكلام. غير أنّ النظر في تراث الحنابلة يكشف عن تباينٍ ظاهر في عباراتهم ومواقفهم من هذه القضية، حيث منع جمهور السلف إطلاق لفظ المحدث على […]

وقفة تاريخية حول استدلال الأشاعرة بصلاح الدين ومحمد الفاتح وغيرهما

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: يتكرر في الخطاب العقدي المعاصر استدعاء الأعلام التاريخيين والحركات الجهادية لتثبيت الانتماءات المذهبية، فيُستدلّ بانتماء بعض القادة والعلماء إلى الأشعرية أو التصوف لإثبات صحة هذه الاتجاهات العقدية، أو لترسيخ التصور القائل بأن غالب أهل العلم والجهاد عبر التاريخ كانوا على هذا المذهب أو ذاك. غير أن هذا النمط […]

الاستدلال بتساهل الفقهاء المتأخرين في بعض بدع القبور (الجزء الثاني)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة خامسًا: الاستدلال بإباحة التوسل وشدّ الرحل لقبور الصالحين: استدلّ المخالفون بما أجازه جمهور المتأخرين من التوسّل بالصالحين، أو إباحة تحرّي دعاء الله عند قبور الصالحين، ونحو ذلك، وهاتان المسألتان لا يعتبرهما السلفيون من الشّرك، وإنما يختارون أنها من البدع؛ لأنّ الداعي إنما يدعو الله تعالى متوسلًا بالصالح، أو عند […]

الاستدلال بتساهل الفقهاء المتأخرين في بعض بدع القبور (الجزء الأول)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: من المعلوم أن مسائل التوحيد والشرك من أخطر القضايا التي يجب ضبطها وفقَ الأدلة الشرعية والفهم الصحيح للكتاب والسنة، إلا أنه قد درج بعض المنتسبين إلى العلم على الاستدلال بأقوال بعض الفقهاء المتأخرين لتبرير ممارساتهم، ظنًّا منهم أن تلك الأقوال تؤيد ما هم عليه تحت ستار “الخلاف الفقهي”، […]

ممن يقال: أساء المسلمون لهم في التاريخ

أحد عشر ممن يقال: أساء المسلمون لهم في التاريخ. مما يتكرر كثيراً ذكرُ المستشرقين والعلمانيين ومن شايعهم أساميَ عدد ممن عُذِّب أو اضطهد أو قتل في التاريخ الإسلامي بأسباب فكرية وينسبون هذا النكال أو القتل إلى الدين ،مشنعين على من اضطهدهم أو قتلهم ؛واصفين كل أهل التدين بالغلظة وعدم التسامح في أمورٍ يؤكد كما يزعمون […]

كيفَ نُثبِّتُ السُّنة النبويَّة ونحتَجُّ بها وَقَد تأخَّر تدوِينُها؟!

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: إنَّ إثارةَ الشكوك حول حجّيّة السنة النبوية المشرَّفة بسبب تأخُّر تدوينها من الشبهات الشهيرة المثارة ضدَّ السنة النبوية، وهي شبهة قديمة حديثة؛ فإننا نجدها في كلام الجهمي الذي ردّ عليه الإمامُ عثمانُ بن سعيد الدَّارِميُّ (ت 280هـ) رحمه الله -وهو من أئمَّة الحديث المتقدمين-، كما نجدها في كلام […]

نقد القراءة الدنيوية للبدع والانحرافات الفكرية

مقدمة: يناقش هذا المقال لونا جديدًا منَ الانحرافات المعاصرة في التعامل مع البدع بطريقةٍ مُحدثة يكون فيها تقييم البدعة على أساس دنيويّ سياسيّ، وليس على الأساس الدينيّ الفكري الذي عرفته الأمّة، وينتهي أصحاب هذا الرأي إلى التشويش على مبدأ محاربة البدع والتقليل من شأنه واتهام القائمين عليه، والأهم من ذلك إعادة ترتيب البدَع على أساسٍ […]

كشف الالتباس عما جاء في تفسير ابن عباس رضي الله عنهما لقوله تعالى في حق الرسل عليهم السلام: (وظنوا أنهم قد كُذبوا)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: إن ابن عباس رضي الله عنهما هو حبر الأمة وترجمان القرآن، ولا تخفى مكانة أقواله في التفسير عند جميع الأمة. وقد جاء عنه في قول الله تعالى: (وَظَنُّوٓاْ أَنَّهُمۡ قَدۡ كُذِبُواْ) (يوسف: 110) ما يوهم مخالفة العصمة، واستدركت عليه عائشة رضي الله عنها لما بلغها تفسيره. والمفسرون منهم […]

تعريف بكتاب “نقض دعوى انتساب الأشاعرة لأهل السنة والجماعة بدلالة الكِتابِ والسُّنَّةِ والإِجْمَاعِ”

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقَـدّمَـــة: في المشهد العقدي المعاصر ارتفع صوت الطائفة الأشعرية حتى غلب في بعض الميادين، وتوسعت دائرة دعواها الانتساب إلى أهل السنة والجماعة. وتواترُ هذه الدعوى وتكرارها أدّى إلى اضطراب في تحديد مدلول هذا اللقب لقب أهل السنة؛ حتى كاد يفقد حدَّه الفاصل بين منهج السلف ومنهج المتكلمين الذي ظلّ […]

علم الكلام السلفي الأصول والآليات

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: اختلف العلماء في الموقف من علم الكلام، فمنهم المادح الممارس، ومنهم الذامّ المحترس، ومنهم المتوسّط الذي يرى أن علم الكلام نوعان: نوع مذموم وآخر محمود، فما حقيقة علم الكلام؟ وما الذي يفصِل بين النوعين؟ وهل يمكن أن يكون هناك علم كلام سلفيّ؟ وللجواب عن هذه الأسئلة وغيرها رأى […]

بين المعجزة والتكامل المعرفي.. الإيمان بالمعجزة وأثره على تكامل المعرفة الإنسانية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: لقد جاء القرآن الكريم شاهدًا على صدق نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم، بل وعلى صدق الأنبياء كلهم من قبله؛ مصدقًا لما معهم من الكتب، وشاهدا لما جاؤوا به من الآيات البينات والمعجزات الباهرات. وهذا وجه من أوجه التكامل المعرفي الإسلامي؛ فالقرآن مادّة غزيرة للمصدر الخبري، وهو […]

قواعد علمية للتعامل مع قضية الإمام أبي حنيفة رحمه الله

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: من القضايا التي عملت على إثراء التراث الفقهي الإسلامي: قضية الخلاف بين مدرسة أهل الرأي وأهل الحديث، وهذا وإن كان يُرى من جانبه الإيجابي، إلا أنه تمخَّض عن جوانب سلبية أيضًا، فاحتدام الصراع بين الفريقين مع ما كان يرجّحه أبو حنيفة من مذهب الإرجاء نتج عنه روايات كثيرة […]

كيف نُؤمِن بعذاب القبر مع عدم إدراكنا له بحواسِّنا؟

مقدمة: إن الإيمان بعذاب القبر من أصول أهل السنة والجماعة، وقد خالفهم في ذلك من خالفهم من الخوارج والقدرية، ومن ينكر الشرائع والمعاد من الفلاسفة والملاحدة. وجاءت في الدلالة على ذلك آيات من كتاب الله، كقوله تعالى: {ٱلنَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ أَدْخِلُواْ ءَالَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ ٱلْعَذَابِ} [غافر: 46]. وقد تواترت الأحاديث […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017