التنقُّل المذموم بين المذاهب الفقهية الصوفيّة نموذجًا
للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة
كثيرًا ما تَرفع الصوفيةُ شعارَ التمذهبِ والتمسّك بالمذاهب الفقهية وعدم الخروج عنها؛ لمحاولة صنع نوعٍ من الثقة الدينية بها لدى المجتمعات الإسلامية، في حين إنها منذ نشأتها كانت محلَّ تحفُّظ من علماء المسلمين في كل عصر ومصر، وإن كان هذا التحفُظ يتفاوت من طبقة إلى طبقة، ومن شخص إلى شخص، بحسب ما يصدر عنه، وما يعتقده من معتقد، وما يظهر عنده من سلوك. والصوفية وإن بدت في بداية ظهورها منسجمةً إلى حدٍّ ما مع التصوّر الديني الشائع لدى المسلمين قبلها ولم تنفصل عنه، لكنها شهدت بعد ذلك تطوراتٍ عدةً في مجالات شتى، منها قضايا المعتقد والسلوك، بل حتى النظر الفقهي؛ مما أدى إلى أن تنتقل الصوفية من محاولة للوصول إلى مقامات العبودية إلى منهج له تصوّره الذي يخصّه في المعتقدات والسلوك وأحيانا في التفقُّه وطرق الاستنباط، وهذا ما جعل الهوة تزداد بينهم وبين حملة الشريعة من العلماء والمصلحين.
وتبنى العلماء في إزاء نقدِ التصوُّف طرقًا متعدِّدة، فمنهم من يرى ما عند القوم من الصلاح والعبادة والزهد، ويعتبر أن هذا هو الأصل والباقي دخيل، فحاول تهذيب الطرق ونقدها من الداخل، مع الإبقاء على ما عندها من الخير والاعتراف به، وآخرون نظروا إلى الطريقة وانفراد أهلها بأصول خاصّة وكثرةِ الزيغ فيهم وتفاحُشه وقوته، فرأوا أن السبيل الأقومَ هو ردّ الناس إلى المشرب الأول، والتخلّص من كل ما عند القوم من بدع، واعتبار ما عندهم من الحقِّ موجودًا قبلهم لا يحتاج إلى نسبته لهم، فهو موجود عند من لم ينتسب لهم، ولا يحتاج في إقراره إلى نسبته إليهم، بل المنسوب إلى القوم هو ما اختصّوا به من الباطل والبدع، فأغلظوا الكلمة عليهم، وردوا باطلهم، واعتبروا مجرَّد الانتساب إليهم مفارقةً للحق وسلوكًا لطريق الضلال، ونظروا في ذلك إلى مآل الطرق بغضِّ النظر عن نشأتها وحسن مَقصدها. وكان العلماء الذين قاموا بنقد الصوفية ينتسبون إلى المذاهب، بل أقوالهم مقرّرة في هذه المذاهب، وخصوصًا في المسائل التي نقدوا فيها التصوّف، ويمكن إجمالها في قضايا أساسية، بعضها يتعلق بأصول الفقه، والبعض الآخر يتعلق بالعقائد، وينص عليه أهل المذاهب في أبواب الردّة، والبعض الآخر يتعلَّق بالسلوك والتعبّد. ونبدأ -بعون الله- ببيان مخالفة أهل التصوف للمذاهب فيما يلي:
أولا: مخالفة المتصوفة في أصول الفقه:
لا شك أنَّ مخالفة أصول المذاهب في الاستدلال تعدُّ الصورةَ المثلى للخروج عن المذهب وعدم التزامه، ويتأكَّد الأمر ويظهر حين يبنى على الأصول فروعٌ كثيرة يمكن أن تشكِّل أصلًا منهجيًّا منفردًا لأصحابه. وقد انفرد غلاةُ المتصوِّفة عن بعض مذاهبهم باعتماد أصول لا يعتمدها مذهَبهم، وفي حالة اعتمادها فإنه لا يقدِّمها على غيرها، وإنما يركِّبها عليه، ويجعلها عاضدة له ومقررة، لا مؤسسة للأحكام.
من ذلك: اعتمادهم أصلَ الولاية وكمالها مبررًا في الخروج عن المذهب واعتماد ما يمليه الكشف والإلهام، يقول عمر بن سعيد الفوتي (ت: 1280هـ): “إن الوليَّ المفتوح عليه لا يتقيَّد بمذهب معيَّن من مذاهب المجتهدين، بل يدور مع الحقِّ عند الله تعالى أينما درا”([1]).
ومن سمع هذا الكلام لا يخالجه شكٌّ في سلامة ظاهِره، وأنه خرج من صاحبه مخرج الطالب للدليل المحقِّق في الأقوال، لكن الأمر خلافُ ذلك، ومنزع الرجل غير منزع العلماء المجتهدين الذين تجاوزوا مرتبة التقليد بتعلُّمهم لآثار النبي صلى الله عليه وسلم واطلاعهم على أدلة المسائل، بل الأمر قضية أخرى خاصة، تأتي على الوحي من قواعده، عبَّر عنها صاحب الفكرة الأصلية الذي نقل عنه الفوتي بقوله: “إن الولي المفتوح عليه يعرف الحقَّ والصواب، ولا يتقيد بمذهب من المذاهب، ولو تعطَّلت المذاهب بأسرها لقدر على إحياء الشريعة، وكيف لا وهو الذي لا يغيب عنه النبي صلى الله عليه وسلم طرفةَ عين، ولا يخرج عن مشاهدة الحقِّ -جل جلاله- لحظة”([2]).
فجهة الخروج عن المذهب ليست اقتناعًا بأدلة راجحة ترجَّحت عنده، وإنما بدعوى باطلة لا تلزم أهل المذهب، فضلا عن مخالفيهم، وهي دعوى مجالسة النبي صلى الله عليه وسلم ومشاهدة الحق وتلقِّي العلوم عنه مباشرة، وهو خروج عن الشرع الظاهر واستدراك عليه، وترجيح بمرجح ليس معتمَدًا في دين الله ولا مقبولًا فيه، بل هو مردود؛ وذلك أن الإلهام والتحديث لا حجَّة فيهما على من معه الدَّليل؛ لأن غاية ما يحصل للولي أن يكون كرامة، سواء حدثت بالإلهام أو التحديث أو الخارق، وكل ذلك لا حجَّة فيه بذاته، ودليل ذلك:
- أن الشريعة حاكمة لا محكوم عليها، فلو كان ما يقَع من الخوارق والأمور الغيبيَّة حاكمًا عليها بتخصيص عموم أو تقييد مطلق أو تأويل ظاهر لبطل عمومها، وانتقض أصلها([3]).
- أن مخالفة الخوارق للشريعة دليل على بطلانها في نفسها؛ لأن الكرامة ما ثبتت إلا بالشريعة، فإن خالفتها بطلت، “ومن هنا يعلم أن كلَّ خارقة حدثت أو تحدث إلى يوم القيامة فلا يصحّ ردها ولا قبولها إلا بعد عرضها على الشرع”([4]).
وعليه فإن هذه الخوارق سواء كانت رؤيا أو تحديثا أو إلهاما لا يمكن الاستناد إليها في إثبات الشرع استقلالا، فضلا عن الترجيح أو الخروج عن المذهب وبلوغ درجة الاجتهاد، هذا إذا سُلِّم أن ما وقع إلهامٌ، وسُلِّم إمكان رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظةً وتحديث الله للعبد مباشرة، مع اتفاق الشرع والعادة على خلافِه، وهم في تقريرهم الذي توارد عليه غلاتهم من جميع أهل المذاهب مخالفون لأهل المذاهب في هذا الأصل وتقريره؛ إذ نصَّ أغلبُ أهل المذاهب على عدم اعتمادِ الإلهام دليلًا مفردًا يُتَّبَع دون الرجوع إلى الشرع، ولهم في ذلك أدلة:
أولها: أنه معارَض بالمثل، فإذا احتجَّ شخص بإلهامه فبإمكان شخص آخر أن يعارضه بنقيض قوله، ويحتجّ بأنه أُلهم خلافَ ما أُلهِم صاحبه، ولا حجَّة في إلهامه على غيره، وما كان هذا شأنه لا يمكن أن يكون مصدرا للتّشريع.
ثانيًا: مخالفته لهدي الصحابة، فهذا عمر كان محدَّثا بنص كلام النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: «إنه قد كان فيما مضى قبلكم من الأمم محدَّثون، وإنه إن كان في أمتي هذه منهم فإنه عمر بن الخطاب»([5])، وقد اختلف عمر مع أبي بكر في مانعي الزكاة، فاحتج عليه أبو بكر بما ورد عن رسول الله، ولم يعارض عمر ذلك بأنه محدَّث أو ملهَم.
قال في المراقى:
وينبذ الإلهام بالعراء *** أعني به إلهام الأولياء
وقد رآه بعض من تصوَّفا *** وعِصمة النبي توجب اقْتِفا
لا يحكم الولي بلا دليل *** من النصوص أو من التأويل([6])
ثالثًا: أنَّ الإلهام لو كان دليلًا لقامت به الحجة وانقطع به العذر، وقد شهدت النصوص أنه لا حجَّة إلا فيما جاءت به الرسل، “فمن ادَّعى أنه غني في الوصول إلى ما يرضي ربه عن الرسل وما جاؤوا به ولو في مسألة واحدة فلا شكَّ في زندقته، والآيات والأحاديث الدالة على هذا لا تحصَى، قال تعالى: {مَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15]، ولم يقل: حتى نلقي في القلوب إلهامًا، وقال تعالى: {رُسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء: 165]، وَقَالَ: {وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُم بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلاَ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَى} [طه: 134]. والآيات والأحاديث بمثل هذا كثيرة جدًّا… وبذلك تَعلم أن ما يدَّعيه كثير من الجهلة المدَّعين التصوفَ من أن لهم ولأشياخهم طريقًا باطنة توافق الحقَّ عند الله ولو كانت مخالفة لظاهر الشرع -كمخالفة ما فعله الخضر لظاهر العلم الذي عند موسى- زندقةٌ، وذريعةٌ إلى الانحلال بالكلية من دين الإسلام؛ بدعوى أن الحقَّ في أمور باطنة تخالف ظاهره([7]).
فمع تنصيص المالكية والشافعية على أنَّ اعتماد الإلهام والذوقِ والرؤيا ليس من مذهبهم، بل هما مطَّرحان شرعا([8])، إلا أنَّ الصوفي الغالي يخرج وبصورة صارِخة عن أصول مذهبه، وينشئ لنفسه عباداتٍ وأقوالًا ما كان لأهل المذهب -أصولا وفروعًا- بها من علم ولا لآبائهم؛ معتمدًا في ذلك على الإلهام والرؤى والأحلام، مخصِّصًا بها عمومات الشريعة، ومقيِّدًا لمطلقها، ولذلك أمثلة كثيرة، حتى ادعى بعضُهم أن رؤيته للنبي صلى الله عليه وسلم من فوائِدِها تصحيحُ الأحاديث التي ضعَّفها الحفّاظ كما نصَّ عليه بعضهم([9]).
وهذا يعني بطلان الشريعة الظاهرة، وهو خروج عن المذاهب، وقلب لأدلَّتها، فما كان مرجوحًا لضعفٍ فيه أو اضطرابٍ في الأدلة يصير راجحًا برؤية هؤلاء للنبي صلى الله عليه ودعواهم أنهم سمعوه منه مشافهة، ثم الإجماع لا يصير حجَّة مع إمكانية اللّقيّ بالنبي صلى الله عليه وسلم يقظةً واستفتائه؛ لأن الإجماع ليس في حقه حجة، سواء كان إجماع قرّاء أو حفّاظ أو فقهاء، ولا يخفى ما في التزام هذا الأصل من الخطر على الشرع والعقل معًا.
ثانيا: مخالفة المتصوّفة للمذاهب في العقائد:
يظن كثيرٌ من الباحثين أن المذاهب ليس لها رأي عقديّ باعتبار إضافتها إلى الفقه، لكن الحقّ خلاف ذلك، فللمذاهب آراء عقدية مقرَّرة، وهي غالبًا ما توجد في كتب الردة، وهي أبواب متأخرة في الفقه، يعجل كثير من الناس عن قراءتها، فهم يضمِّنون فيها المواقف العقدية المتَّفق عليها في المذهب أو المعتمدة، ومن نظر في كتب الفقه عند المذاهب يجد نصَّهم على الصوفية في كثير من أقوالهم بأنها مخالفة للمعتقد الصحيح، ولما عليه هذه المذاهب.
من ذلك تنصيص أهل المذاهب على كفر من قال بأنه يصعد إلى السماء أو يرى الله سبحانه وتعالى ويكلِّمه معاينةً، فقد ذكر الزرقاني عند قول خليل: “أو ادعى أنه يصعد للسماء”، فعلق قائلا: “أي: يصعد بجسده (للسماء)، أو يدخل الجنة ويأكل من ثمارها كما في الذخيرة، أو يدخل النار كما بحثه الشعراوي، أو مجالسة الله أو مكالمته؛ فكافر إجماعًا كما في الشفاء”([10]).
ومثله تصريح أهل المذاهب بتكفير القائلين بالحلول، ثم لا يستنكف الصوفي الغالي أن يخرج عن أقوال أهل المذهب في تكفير القائل بالحلول، ويتبنى القول به، أو يدافع عن أهله، مع أن القول المعتمد في المذهب هو تكفير القائل به، وهذا مصرَّح به، فانظر إلى تصريح الشافعية في كتبهم بتكفير الحلولية([11]).
وقد نقل الحطاب المالكي عن ابن عبد السلام الشافعي في أماليه: “إذا قال ولي من أولياء الله تعالى: أنا الله عزِّر التعزير الشرعيَّ، وهذا لا ينافي الولاية؛ إذ الأولياء غير معصومين”، ثم علق عليه فقال: “قلت: وانظر ما مراده بالتعزير الشرعي، هل هو الاستتابة أو غيرها، والظاهر أنه الاستتابة؛ لأن هذا القول فيه دعوى الألوهية أو حلول الباري سبحانه وتعالى فيه، فتأمَّله”([12]).
وهذا القول معروف في بقية المذاهب، ومقرَّر في الكتب المعتمدة عندهم في الفتيا، فاعتقاد الشخص له مع دعوى الالتزام بأيّ مذهب يعدُّ افتياتا على المذاهب، وإذا لم يكن الخروج عنها باعتقاد ما تقول أنه كفر فلا يمكن الخروج عنها مطلقًا، ولم أستفِض في هذه النقطة لوضوحها عند أهل المذاهب، ووضوحها كذلك عند الصوفية، وتنبي كثير منهم لها خصوصًا المعاصرين، ولا يخفى أنَّ استخدام المصطلح باعتبار غلبَته على هذا النوع، فلا وجه للاحتجاج بالتصوّف السنّي الذي لم يعد له وجود في الواقع إلا وجودًا منزويًا لا تأثير له على التصوّف، وأصحابه استسلموا أمام مصداقيَّة التصوُّف الحلولي الذي طغَى في الفترات المتأخِّرة على هذه الطرق.
ومن المخالفات العقدية لما يقرِّره أهل المذاهب تفضيلُ الولي على النبي، أو إعطاؤه الحق في مخالفة الشريعة والخروج عليها كما خرج الخضر عن طاعة موسى عليهما السلام، فكل أهل المذاهب ينصّون في المعتمد من أقوالهم على كفر من قال ذلك، وبعضهم يحكي عليه الإجماع([13]). ولسنا هنا في معرض مناقشة دليل غلاة المتصوفة على ما زعموا من اعتقاد وجود شريعة وحقيقة، وأن الحقيقة مقدَّمة على الشريعة، وأن الشريعة هي التي كانت عند موسى عليه السلام والحقيقة هي التي كانت الخضر، فكل هذا الباطل لسنَا بصدد مناقشته؛ إذ الغرض إثباتُ مخالفة المذاهب فقط والخروج عليها، وإبطال دعوى تمسُّكهم بها في هذا الباب.
ومنه كذلك دعواهم أن الأولياء يتصرَّفون في الكون، وقد شدَّد أهل المذاهب الفقهية النكير على القائل بهذا القول، يقول القرافي رحمه الله: “وقد وقع ذلك لجماعة من جهال الصوفية، فيقولون: فلان أُعطِي كلمة (كن)، ويسألون أن يعطَوا كلمة (كن) التي في قوله تعالى {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [النحل: 40]، وما يعلمون معنى هذه الكلمة في كلام الله تعالى، ولا يعلمون ما معنى إعطائها إن صحَّ أنها أعطيت، وهذه أغوار بعيدة الروم على العلماء المحصّلين، فضلا عن الصوفية المتخرِّصين، فيهلكون من حيث لا يشعرون، ويعتقدون أنهم إلى الله تعالى متقرِّبون وهم عنه متباعدون، عصمنا الله تعالى من الفتن وأسبابها والجهالات وشبهها”([14]).
ومن ذلك كذلك تشبيه الله بخلقه، فكل أهل المذاهب الفقهية من أهل الأثر وأهل الكلام ينصّون على تكفير من شبَّه الله بخلقه، وكثير من الصوفية الغلاةِ من دعاة التمذهُب يشبِّهون الله بخلقه، وانظر في ذلك “جواهر الرسائل” للشيخ إبراهيم النص([15])، وكذلك “جواهر المعاني”([16]). هذا فضلا عمَّا أُثِر عن الحلاج وابن عربي وابن سبعين وغيرهم ممَّا لا يوجد عقل يقبَله أو شرع يقِرّه.
فإذا تبيَّنت المخالفة بقيت أخرى نمرُّ عليها مرورًا، وهي متداخلة مع القضايا العقدية؛ وذلك لأنها متعلقة بالغيب، ألا وهي دعوى رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظَةً وأخذ الشريعة عنه، فهي مخالفة لما يقرِّره أهل المذاهب، فأهل المذاهب يقرِّرون عدمَ إمكانية رؤيته يقظة، ومن ثَمَّ ينفون أخذ الشريعة عنه مباشرة، فلو فُرض أنه رآه يقظة على سبيل الكرامة -وهو خلاف ظاهر الشرع- فإنَّ أخذَ ما يخالف الشرع الظاهر عنه مستحيل شرعًا كما هو مقرر، ونحيل في ذلك على ما تقدَّم معنا في كلام الشاطبي رحمه الله، ولا شكَّ أن المخالفة في العقيدة ينبني عليها كثرة المخالفة في الفروع؛ ولذا تجد الإنكار من أهل المذاهب على أهل التصوُّف لما أدخلوا على المذاهب من المخالفة، والتي قد لا تكون مخالفة للمذهب فقط، بل هي مخالفة للسنة، وقد تكون خروجًا عن دين الإسلام.
ثالثا: مخالفتهم لأهل المذاهب في الفروع:
لم يخل مذهب من المذاهب من صوفية ينتسِبون إليه، كما لم يخل مذهب من المذاهب من محتسبين يحاولون ردَّ الناس إلى صحيح السنَّة وما أُثر عن السلف مما بُني عليه أصل المذهب وقاعدته، ويحاولون إرجاع الأمور إلى نصابها باعتماد أقوال أئمة المذهب قبل نشوء الفرق، واعتماد الروايات الصحيحة، وتبيين ما خالفها أو خالف قاعدة الإمام وأصله.
ولا شك أن الفروع أقلُّ خطرًا من الأصول والعقائد، فهنا سوف تتَّسع الدائرة وتشمل المخالفة أناسًا قد لا يكونون غلاةً، لكن الانتساب للتصوّف والغلو في بعض معانيه أوقعهم في نوع من المخالفة لمذهبهم الفقهي، وتبعهم الغلاة في ذلك، أو شاركوا هم الغلاة في مخالفة المذهب مع اختلافهم في المقصد والمخالفة، وقطعًا مما يخرج الورقة عن مضمونها تتبُّع جميع الجزئيات في جميع المذاهب، وحسبنا أن نشير إلى مخالفتهم لبعض المذاهب المشتهرة في بعض الأبواب المهمَّة، وليقس ما لم يقل:
1- مخالفة المذهب في البناء على القبور:
من المعلوم أن قضيةَ البناء على القبور من أساسيَّات التصوّف الغالي، ومن رأى انتشار الأضرحة والبناء عليها وتشييدها عند المتصوِّفة بشتى انتماءاتهم الفقهية يعلم علم يقين أن القول بها على هذا النحو ليس مذهبيًّا، فانظر إلى صوفية المالكيّة في المغرب وغلوّهم في القبور مع تنكّرهم لأصل الإمام مالك وهو سدّ الذرائع، وإغفالهم لأقوال أهل المذهب في المسألة، مع تعصبهم للمذهب، وفرحهم به، وإظهارهم تبنيه في كل صغيرة وكبيرة. والعجيب أن المذهب في قضية القبور معضّد بالنص، ومع ذلك لم يلتفتوا إلى أصله في سد الذرائع، ولا إلى رجحان قوله بالدليل، ولا إلى الأقوال المعتمدة في المذهب.
ودونك قول المالكية واستدلالهم، فقد وردت في البناء على القبور أدلة متعدِّدة، منها عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن زوَّارات القبور([17])، وعن عائشة وعبد الله بن عباس قالا: لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفِق يطرح خميصةً له على وجهه، فإذا اغتم بها كشفها عن وجهه فقال وهو كذلك: «لعنة الله على اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»؛ يحذر ما صنعوا([18])، وعن جابر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصَّص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه([19])، وفي حديث أبي الهياج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أن لا تدع تمثالًا إلا طمستَه، ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته([20]).
وقد تناول فقهاء المالكية المعاني المقصودة من هذه الأحاديث، فاتفقت كلمتُهم أن ما كان من البناء للزينة والمباهاة أو في مقبرة لعموم المسلمين فإنه يحرم ويزال ذلك البناء ويُهدم، قال القرطبي رحمه الله: “وأما البناء الكثير على نحو ما كانت الجاهلية تفعلُه تفخيمًا وتعظيمًا فذلك يهدم ويزال، فإنَّ فيه استعمالَ زينة الدنيا في أول منازل الآخرة، وتشبُّها بمن كان يعظِّم القبور ويعبدها. وباعتبار هذه المعاني وظاهر النهي أن ينبغي أن يقال: هو حرام”([21]). وقال زروق في شرحه على الرسالة: “يعني ما يكون منه على نفس القبر إذا قُصد به الظهور، لا إن قصد به المباهاة، فيحرم. قاله ابن بشير. إلا إن قصد به التمييزَ فيجوز بشرط أن لا يضيق به على أحد، ولا يكون المدفَن حبسًا فيمنَع”([22]).
وبنحو قول زروق قال ابن ناجي التنوخي في شرحه للرسالة([23]). ونقل عبد السميع الأبي أنه يجب على ولي الأمر هدم القبر الذي يبنى عليه في المقابر المحبسة على المسلمين([24]).
وخرَّجوا عليه القول بعدم نفاذِ وصية من وَصَّى أن يبنَى على قبره، وأن لا تنفذ وصيته، بأن ذلك دليل التحريم([25]).
وقال ابن الحاجب: “ويكره البناء على القبور، فإن كان للمباهاة حرم، وإن كان لقصد التمييز فقولان: قال ابن عبد السلام: يعني أن البناء إما أن يقصد به المباهاة، أو التمييز، أو لا يقصد به شيء من ذلك، والأول حرام”([26]).
وأفتى ابن رشد بهدم بناء عشرة أشبار على القبر، ويوجب هدم ما بني عليها من القباب والسقائف والروضات، ولا يترك من ذلك إلا ما يميز به؛ خيفة الدفن عليه، وذلك قدر ما يمكن دخوله من كل ناحية دون باب([27]).
أما ما يتميز به القبر -وهو ما يذكرون فيه الجواز والكراهة- فالمنقول عن الإمام مالك -رحمه الله- أنه لم ير بالحجر والعود والخشبة بأسًا، يعرف الرجل به قبر وليِّه، ما لم يكتب فيه([28]). وهو قول ابن القاسم حيث يقول: “ولا بأس بالحجر والعود يعرف الرجل به قبر وليه ما لم يكتب عليه، ولا يجعل على القبر بلاطة ويكتب عليها ونحوه”([29]).
وحمل المازري -رحمه الله- قول ابن عبد الحكم حين سئل عن الرجل يوصي بالبناء عليه، قال: “لا، ولا كرامة”، ففسره المازري بالبيت ونحوه قال: “ولا بأس بالحائط اليسير الارتفاع؛ ليكون حاجزًا بين القبور؛ لئلا تختلط على الناس قبورهم”([30]). وعزا القرطبي لمالك منع ما زاد على التسنيم في رفع القبر([31]).
أما تجصيص القبور -أي: تبيضها- فالاتفاق عندهم على كراهته، كما حكاه الفاكهاني في “شرح الرسالة”، وعزاه الحطاب له، وسكت عليه، خلافا لأبي حنيفة رحمه الله([32]).
والناظر في كتب المالكية يجد أنهم متَّفقون على معنى معيَّن للرفع، وهو كلُّ ما تحفظ به حرمة الميت، ويتميز به قبره عن غيره، كما اتفقوا على كراهة الكتابة على القبر، ونصُّوا على ذلك، وما كان من البناء زائدًا على التسنيم وفي موضع موقوف على المسلمين أو متميِّز يمكن أن يأوي إليه أهل الفساد ويحدث لهم فتنة فإنهم متَّفقون على تحريمه وإزالته، وقد اتفقت كلمتهم على ذلك في كتبهم؛ عملا بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من النهي عن ذلك.
2- الذكر بهيئة مخصوصَة:
نصَّ المالكية على منع أذكار الصوفية بالهيئات المخصوصة والتزامها في أوقات معينة وبطرق معينة، ومعلوم تشديد الإمام مالك في العبادة؛ حيث يطلب الدليلَ على أصلِها ووصفِها، ومع ذلك لا يستنكف المنتسبون المتعصِّبون للمذهب من الخروج عنه في هذه القضية، ومخالفة أصل الإمام، وليس قوله وفرعه كما نصَّ عليه غير واحد([33]).
فقد سئل الإمام أبو بكر الطرطوشي رحمه الله: ما يقول سيّدنا الفقيه في مذهب الصوفية -حرس الله مدته- أنه اجتمع جماعة من الرجال يكثرون من ذكر الله، وذكر محمد صلى الله عليه وسلم، ثم إنهم يوقعون أشعارًا مع الطقطقة بالقضيب على شيء من الأديم، ويقوم بعضهم يرقص، ويتواجد حتى يخرّ مغشيًّا عليه، ويحضرون شيئًا يأكلونه، هل الحضور معهم جائز أم لا؟
فأجاب بقوله: “يرحمكم الله، مذهب هؤلاء بطالة وجهالة وضلالة، وما الإسلام إلا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأما الرقص والتواجد فأوَّل من أحدثه أصحاب السامري لما اتخذ لهم عجلا جسدًا له خوار، قاموا يرقصون حواليه، ويتواجدون، فهو دين الكفار وعباد العجل، وأما القضيب فأوَّل من أحدثه الزنادقة؛ ليشغلوا به المسلمين عن كتاب الله تعالى، وإنما كان يجلس النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه كأنما على رؤوسهم الطير من الوقار، فينبغي للسلطان ونوَّابه أن يمنعهم من الحضور في المساجد وغيرها، ولا يحلُّ لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يحضرَ معهم، ولا يعينهم على باطلهم. هذا مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل، وغيرهم من أئمة المسلمين، وبالله التوفيق”([34]).
ثم قس على ذلك سائر ما أحدثوه في أبواب العبادات؛ من التزام صلاة وصوم معيّن نص أهل المذاهب على كراهته وبدعته، كما هو الحال فيما يفعلونه في رجب وفي ليلة الإسراء والمعراج، وكل هذا الخروج عن المذهب يدلُّ على عدم الانضباط المنهجيّ، فلو كان لرجحان القول المخالف لما كان هناك إشكال، لكن الخارج لا يعدّ نفسه مجتهدَ ترجيح، بل يعترف بأنه مقلّد جامد، ثم يخرج عن المذهب هذا الخروجَ السافرَ، فكل هذا يجعَل المصداقية العلميَّة تحت المستوى المطلوب إن لم يمحقها محقَا كلِّيًّا.
تنبيه:
لا يخفى علينا أن الصوفية ليست على درجة واحدة، وأن بعضَ من نقلنا عنهم نقدَ التصوف والإنكار عليه منتسبٌ للتصوف معظِّم له ويراه درجةَ كمال، فالذي يعقِّب على هذا الإنكار بحجَّة أن المنقولَ عنهم معظِّمون للصوفية منتسبون إليها يخلِط بين اصطلاح القوم وبين ما حدَث بعدَهم؛ مما جعل للصوفية حقيقة عرفيَّة مخالفة لما استقر عند الأوائل، فقد كان متقدِّمو الصوفية يطلَق عليهم: الزهاد، وهم أهل عبادة وورع، وإنما دخلهم الدَّخن من حيث المبالغة في الانقطاع عن الخلق لأجل الخالق سبحانه وتعالى، وكانت دائرة الإنكار عليهم ضيِّقة؛ لأن الورع يمكن للشخص أن يعمل به في نفسه، لكن لا يفتي به عامة الناس؛ إذ يتعذر العمل به من كل أحدٍ، ولم يكونوا أصحابَ طرق كما هو حال المتأخرين، ثم غلب مفهوم التصوف في العصر الحديث على الاستغناء بالمخلوق عن الخالق ودعائه والنذر له، والصدِّ به عن الوحي، واعتقاد أن ما عنده من الباطل خيرٌ مما جاءت به الرسل؛ حتى ارتكب أصحاب هذا الأمر المحرمات، وخالفوا دين الرسل، وكثرت فيهم المخالفة في جميع أبواب الدين، ولم يبق باب إلا وأحدثوا فيه بدعةً وخالفوا فيه سنة، فكان الفرق بينهم وبين الأوائل فرقَ ما بين السماء والتراب، وما بين السواد والبياض، يدركه كل عاقل بحسّه قبل عقله لظهوره وفشوِّه، وبعد أن كان التصوف زهدًا وبُعدًا عن الدنيا وجهادًا في سبيل الله، صار أكلًا لأموال الناس بالباطل، وخوضا في دين الله بغير علم، وصدًّا عن الهدى، بل وأحيانا يكون ضربًا من السحر والشعوذة والعياذ بالله، فكيف يُظنّ بأئمة المسلمين إقرارُه والتحذير منه في آن واحد؟!
ومن ناحية أخرى فإنّنا لم نلتزم التفصيل في المصطلح في كل وقت؛ لأنّا لا نراه مصطلحًا شرعيًّا ورد في الكتاب والسنة يجب التزامه ونفي الدخيل عليه، فكلُّ ما فيه أنه مصطلح حادث عند قوم، أحيانا يطلق فيراد به الحقّ، وأحيانا يطلق ويراد به الباطل المحض، والمسلمون في غنى عنه، فمن لم يعرفه ولم يلتزم به ولا انتسب إليه فإن ذلك لا يضرُّه في دين ولا دنيا، ومن انتسب إليه بمعناه الحقّ لزم تبيُّن ذلك منه وقبوله، ومن انتسب إليه بمعناه الباطل وجب الإنكار عليه، ولا تنفعه دعواه مشاركة الخيِّرين له فيه، فدين الله وشرعُه يُعرفان من وجههما، وإليهما تحاكم الخلائق، ولا يحاكمان إلى الناس، والمأمور به الوقوف عند شرع الله واتباع كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ثم ما التزمه الصحابة الكرام من بعده رضوان الله عليهم، فالمسلمون مطالبون بـ”معرفة ما أراد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بألفاظ الكتاب والسنة؛ بأن يعرفوا لغة القرآن التي بها نزل، وما قاله الصحابة والتابعون لهم بإحسان، وسائر علماء المسلمين في معاني تلك الألفاظ، فإن الرسول لما خاطبهم بالكتاب والسنة عرَّفهم ما أراد بتلك الألفاظ، وكانت معرفة الصحابة لمعاني القرآن أكمل من حفظهم لحروفه، وقد بلَّغوا تلك المعاني إلى التابعين أعظم مما بلَّغوا حروفه، فإن المعاني العامة التي يحتاج إليها عموم المسلمين -مثل معنى التوحيد ومعنى الواحد والأحد والإيمان والإسلام ونحو ذلك- كان جميع الصحابة يعرفون ما أحبَّ الله ورسوله صلى الله عليه وسلم من معرفته”([35]).
يقول عمر بن العزيز رضي الله عنه ناصحًا بعض ولاته: “فارض لنفسك ما رضي به القوم لأنفسهم، فإنهم عن علم وقَفوا، وببصرٍ نافذ قد كفّوا، ولهم كانوا على كشف الأمور أقوى، وبالفضل لو كان فيه أحرى، فلئن قلتم: أمرٌ حدث بعدهم، فما أحدثه بعدهم إلا من اتبع غير سنتهم، ورغب بنفسه عنهم، إنهم لهم السابقون، فقد تكلموا منه بما يكفي، ووصفوا منه ما يشفي، فما دونهم مقصّر، وما فوقهم مخسّر، لقد قصر عنهم آخرون فضلّوا، وإنهم بين ذلك لعلى هدى مستقيم”([36]).
فهذا هو الدين، وهو المنهج القويم، وبه تكون العصمة، وهو الحجة عند الله سبحانه وتعالى، وما سوى ذلك فإنه من مشبّهات الأمور التي لا ينجو منها من أدخل نفسه فيها، إلا بكثير من التأويل ومحال من التفسير، فالمسلم يستعصم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يحتجب عن ربه بعبدٍ دونه، ولا يجعل بينه وبين الله وسيلة لم يعيِّنها الله، ولا عينها رسوله صلى الله عليه وسلم، والله ولي التوفيق.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)
([1]) رماح حزب الرحيم على نحور حزب الرجيم (1/ 67).
([3]) ينظر: الموافقات (2/ 266).
([5]) أخرجه البخاري (3469)، ومسلم (2398).
([6]) نشر البنود على مراقي السعود (2/ 220).
([8]) تراجع ورقة علمية بعنوان: “مفهوم الكرامة وضوابطها”، ففيها تفصيل للمسألة، وقد صدرت عن مركز سلف للبحوث والدراسات.
([9]) هذا الكلام منقول عن أحمد الزواوي، ينظر: بغية المستفيد (ص: 79).
([10]) شرح الزرقاني على المختصر (8/ 11). وينظر: مواهب الجليل، للحطاب (6/ 180).
([11]) ينظر: كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار (ص: 198).
([12]) مواهب الجليل (6/ 280-281).
([13]) ينظر: تفسير النسفي (2/ 252)، وشرح الفقه الأكبر (ص: 349)، وأحكام القرآن لابن العربي (2/ 738)، وفتاوى ابن حجر الهيتمي (1/ 111).
([16]) جواهر المعاني (ص: 140).
([21]) تفسير القرطبي (10/ 371).
([22]) شرح زروق على الرسالة (1/ 421).
([23]) ينظر: شرح الرسالة لابن ناجي (1/ 260).
([24]) ينظر: الثمر الداني (ص: 275).
([25]) ينظر: شرح مختصر خليل للخرشي (2/ 139).
([26]) مواهب الجليل شرح مختصر خليل (2/ 243).
([27]) ينظر: شرح زروق على الرسالة (1/ 422).
([28]) ينظر: النوادر والزيادات (1/ 653).
([29]) ينظر: شرح ابن ناجي التنوخي على الرسالة (1/ 260).
([31]) تفسير القرطبي (10/ 380).
([32]) ينظر: مواهب الجليل (2/ 243).
([33]) ينظر: الإحكام شرح عمدة الأحكام (1/ 122)، والاعتصام (1/ 140).
([34]) ينظر: المدخل لابن الحاج (3/ 100).