صُورٌ من نُصرة الله وانتِصاره لرسولِه ﷺ عَبرَ القرونِ
للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة
إنَّ من عظيم فضلِ النبي صلى الله عليه وسلم أن اختصَّه الله سبحانه بخصائص لم تكن لأحدٍ قبله، ومنها أنه تعالى تولى نصرتَه صلى الله عليه وسلم والانتصارَ له والردَّ على أعدائه، بخلاف من تقدَّمه من الأنبياء عليهم السلام؛ فإنهم كانوا يدافعون عن أنفسهم، ويتولَّون الردَّ على أعدائهم بأنفسهم([1]).
فهذا نوح عليه السلام عندما اتهمه قومه بالضلال -كما جاء به القرآن الكريم في قوله تعالى: {قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الأعراف: 60]- تولى نوح عليه السلام الردَّ عليهم بقوله كما بين القرآن الكريم: {قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 61].
وهذا هود عليه السلام حينما رمَاه قومه بالسفاهة وكذبوه -كما بين الله تعالى ذلك في كتابه، فقال سبحانه: {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} [الأعراف: 66]- تولى هود عليه السلام دفع تلك الاتهامات عن نفسه، فقال كما جاء في القرآن الكريم: {قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 67].
ولما تهكَّمت ثمود على نبيهم صالح عليه السلام وأنهم كانوا يرجون أن يكون فيهم سيدًا قبل هذا، وتعجُّبهم من دعوته إلى توحيد الله سبحانه؛ وقد أبان الله تعالى قولهم لنبيهم فقال سبحانه: {قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ} [هود: 62]، فأبان سبحانه ما أجابهم به نبيهم صالح عليه السلام فقال تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ} [هود: 63].
ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم تولى الله سبحانه وتعالى نصرته وتبرئته ممَّا نسب إليه أعداؤه، ورد عليهم سبحانه بنفسه؛ فقد أجاب عليهم حين قالوا: مجنون، فقال عز وجل: {مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} [القلم: 2]، وبرأه سبحانه حين قالوا: هو شاعر، فقال تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ} [يس: 69]، فما كان يتسهل له صلى الله عليه وسلم ذلك، وما كان يتَّزن له بيت من شعر، حتى إذا تمثل ببيت شعر جرى على لسانه منكسرًا([2]).
وأجاب سبحانه وتعالى عنه حين قالوا: افترى القرآن، والافتراء: الكذب؛ فقال عز وجل: {وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يونس: 37]، وفيها وجهان من المعنى:
أحدهما: وما كان هذا القرآن افتراء من دون الله.
والوجه الثاني: وما ينبغي لمثل هذا القرآن أن يفترى من دون الله([3]).
وأجاب الله -تقدست أسماؤه- عنه حين قالوا: {إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ} [النحل: 103]، فقال عز وجل: {لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} [النحل: 103].
وفي هذه الورقةِ بيانٌ لكثير من الصور والنماذج التي تجلت فيها نصرة الله سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم، وبرق سراج انتصاره ممن تعدَّى أو انتقص من عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك بعد قيام شرطه، وهو عجز المؤمنين عن استيفاء الحق من شانئه صلى الله عليه وسلم وتطبيق ما أجمع أهل العلم عليه من وجوب الانتصار للنبي صلى الله عليه وسلم من سابه ومتنقِّصه؛ فقد قال أبو بكر ابن المنذر: أجمع عوام أهل العلم على أن من سبَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يُقتل، وممن قال ذلك: مالك بن أنس والليث وأحمد وإسحاق وهو مذهب الشافعي؛ قال القاضي أبو الفضل: وهو مقتضى قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ولا تقبل توبتُه عند هؤلاء، وبمثله قال أبو حنيفة وأصحابه والثوري وأهل الكوفة والأوزاعي في المسلمين، لكنَّهم قالوا: هي ردَّة، وروى مثله الوليد بن مسلم عن مالك، وحكى الطبري مثله عن أبي حنيفة وأصحابه فيمن تنقصه صلى الله عليه وسلم أو برئ منه أو كذَّبه([4]).
لذا كان من المقرر عند أهل العلم أنه عند عجز المسلمين عن إقامة الحد على شانئ النبي صلى الله عليه وسلم ومتنقِّصه؛ فإن الله تعالى يتولى الانتصار لنبيه ومصطفاه صلى الله عليه وسلم، وفي هذا المعنى يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: “من سنة الله أن من لم يمكن المؤمنون أن يعذِّبوه من الذين يؤذون الله ورسوله، فإن الله سبحانه ينتقم منه لرسوله ويكفيه إياه”([5])؛ ومصداق ذلك ودليله وبرهانه ما جاء صريحًا في عدد من آيات الذكر الحكيم، ومنها:
1- قول الله سبحانه وتعالى: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} [الحجر: 95]:
من أعلامه صلى الله عليه وسلم الدالة على صدق نبوته: أن الله تعالى كفاه أمر المستهزئين به من قريش، وقد عدَّهم بعض أهل العلم سبعة، وهم: الوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل السهمي، والأسود بن عبد يغوث الزهري، وفكيهة بن عامر الفهري، والحارث بن الطلاطلة، والأسود بن الحارث، وابن عيطلة([6])، والمشهور من أقوال أهل العلم أنهم كانوا خمسة([7]).
يقول ابن إسحاق: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمر الله محتسبًا مؤديًا إلى قومه النصيحة على ما كان فيهم من النائرة([8]) والأذى والاستهزاء، وكان عظماء المستهزئين برسول الله صلى الله عليه وسلم… خمسة: الأسود بن عبد يغوث بن وهب، والأسود بن المطلب بن أسد، والوليد بن المغيرة، والعاصي بن وائل، والحارث بن الطلاطلة أحد بني خزاعة، فكانوا يهزؤون برسول الله صلى الله عليه وسلم ويغمزونه، فأتاه جبريل عليه السلام فوقف به عند الكعبة وهم يطوفون به، فمر به الأسود بن عبد يغوث، فأشار جبريل إلى بطنه فمات حَبَنًا([9])؛ ومر به الأسود بن المطلب فرمى في وجهه بورقة خضراء فعمي، ومر به الوليد بن المغيرة فأشار إلى جرح في كعب رجله قد كان أصابه قبل ذلك بيسير، فانتقض به فقتله، ومر به العاصي بن وائل فأشار إلى أخمص رجله، فركب إلى الطائف على حمار، فربض به على شِبرَقة([10])، فدخلت في أخمص رجله شوكة فقتلته، ومر به الحارث بن الطلاطلة فأشار إلى رأسه، فامتخض قيحًا حتى قتله، ففيهم أنزل الله عز وجل: {إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ}([11]).
وهذا أبو جهل عدو الله ورسوله، حينما تكبر وعتى وسب رسول الله صلى الله عليه وسلم عاجله الله تعالى بالهلاك في غزوة بدر؛ حيث أفرح الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم، وأرصد لأبي جهل غلامين صغيرين يقضيان عليه في أول لقاء بين المسلمين والمشركين؛ فقد روى عبد الرحمن بن عوف قال: بينا أنا واقف في الصف يوم بدر، فنظرت عن يميني وعن شمالي، فإذا أنا بغلامين من الأنصار حديثة أسنانهما، تمنيت أن أكون بين أضلع منهما، فغمزني أحدهما فقال: يا عم، هل تعرف أبا جهل؟ قلت: نعم، ما حاجتك إليه يا ابن أخي؟ قال: أخبرت أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي نفسي بيده، لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجلُ منا، فتعجبتُ لذلك، فغمزني الآخر، فقال لي مثلها، فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل يجول في الناس، قلت: ألا إن هذا صاحبكما الذي سألتماني، فابتدراه بسيفيهما، فضرباه حتى قتلاه، ثم انصرفا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبراه، فقال: «أيكما قتله؟»، قال كل واحد منهما: أنا قتلته، فقال: «هل مسحتما سيفيكما؟»، قالا: لا، فنظر في السيفين، فقال: «كلاكما قتله، سلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح»، وكانا معاذ ابن عفراء، ومعاذ بن عمرو بن الجموح([12]).
وقد كتب النبي صلى الله عليه وسلم كتابًا إلى كسرى وقيصر يدعوهما إلى الإسلام، وكلاهما لم يسلم، لكن قيصر أكرم كتاب النبي صلى الله عليه وسلم وأكرم رسوله، فثبَّت الله ملكه، فيقال: إن الملك باق في ذريته إلى اليوم، وكسرى مزَّق كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم واستهزأ برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقتله الله بعد قليل، ومزَّق ملكه كل ممزَّق، ولم يبق للأكاسرة ملك؛ وقد روى عمير بن إسحاق بعض ذلك فقال: كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كسرى وقيصر، فأما كسرى فلما قرأ الكتاب مزقه، وأما قيصر فلمَّا قرأ الكتاب طواه ثم وضعه، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أما هؤلاء -يعني كسرى- فيمزقون، وأما هؤلاء فستكون لهم بقية»([13]).
2- قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [التوبة: 61]:
يقول -تعالى ذكره- لهؤلاء المنافقين الذين يعيبون رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقولون: هو أذن، وأمثالهم من مكذبيه، والقائلين فيه الهجرَ والباطل: عذاب من الله موجع لهم في نار جهنم([14]).
وقد أبان الله تعالى في هذه الآية بعضَ ما آذى به المنافقون رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقال سبحانه: {وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ} [التوبة: 61]، وقولهم: “أذن” هو من تسمية الشخص باسم الجارحة للمبالغة في وصفه بوظيفتها؛ وهو كثرة السمع لما يقال وتصديقُه، كأنه كله أذن سامعة، كقولهم للجاسوس: عين، ويطلق على لازمه وهو عدم الدقة في التمييز بين ما يسمع، وتصديق ما يُعقل وما لا يُعقل، فيراد به الذم بالغرارة وسرعة الانخداع، وهو من أكبر عيوب الملوك والرؤساء؛ لما يترتب عليه من قبول الغش بالكذب والنميمة وتقريب المنافقين وإبعاد الناصحين؛ وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعامل المنافقين بأحكام الشريعة وآدابها التي يعامل بها عامة المسلمين، كما أمره الله تعالى ببناء المعاملة على الظواهر، فظنوا أنه يصدق كل ما يقال له([15]).
فأجاب الله تعالى عنه بقوله سبحانه: {قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ} [التوبة: 61]؛ والمعنى: نَعم هو أذن، ولكنه نِعمَ الأذن؛ لأنه أذن خير لا كما تزعمون، فهو لا يقبل مما يسمعه إلا الحق وما وافق الشرع، وما فيه الخير والمصلحة للخلق، وليس بأذن في غير ذلك؛ كسماع الباطل والكذب والغيبة والنميمة والجدل والمراء، فهو لا يلقي سمعه لشيء من ذلك، وإذا سمعه من غير أن يستمع إليه لا يقبله، ولا يصدِّق ما لا يجوز تصديقُه شرعًا أو عقلًا، كما هو شأن من يوصفون بهذا الوصف من الملوك والزعماء، فيستعين المتملقون وأصحاب الأهواء به على السعاية عندهم؛ لإبعاد الناصحين المخلصين عنهم، وحمله على إيذاء من يبغون إيذاءه([16]).
وبلغ إيذاؤهم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم مبلغه؛ فعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: كنت مع عمي، فسمعت عبد الله بن أبي ابن سلول يقول: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا، وقال أيضًا: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذلَّ، فذكرت ذلك لعمي، فذكر عمي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبد الله بن أبي وأصحابه، فحلفوا ما قالوا، فصدَّقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذَّبني، فأصابني همٌّ لم يصبني مثله قط، فجلست في بيتي، فأنزل الله عز وجل: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} [المنافقون: 1] إلى قوله: {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّه} [المنافقون: 7] إلى قوله: {لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ} [المنافقون: 8]، فأرسل إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأها عليَّ، ثم قال: «إن الله قد صدَّقك»([17]).
وكما هي سنة الله تعالى فقد انتصر الله سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم؛ حيث تصدى لعبد الله بن أبي ابن سلول ابنُه عبد الله وقال له: والله لا تنقلب حتى تقِرَّ أنك الذليل، ورسول الله صلى الله عليه وسلم العزيز، ففعل([18]). وذكر عكرمة وابن زيد وغيرهما: أن الناس لما قفلوا راجعين إلى المدينة وقف عبد الله بن عبد الله هذا على باب المدينة، واستلَّ سيفه، فجعل الناس يمرون عليه، فلما جاء أبوه عبد الله بن أبي قال له ابنه: وراءك، فقال: ما لك ويلك؟! فقال: والله، لا تجوز من هاهنا حتى يأذن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه العزيز وأنت الذليل. فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم -وكان إنما يسير ساقة- فشكا إليه عبد الله بن أبي ابنَه، فقال ابنه عبد الله: والله يا رسول الله، لا يدخلها حتى تأذن له، فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أما إذ أذن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم فجُز الآن([19]).
3- قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67]:
أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بتبليغ رسالته، ووعده بأنه حافظُه وناصرُه ومؤيِّده على أعدائه ومظفره بهم، فلن يصل أحد منهم إليه بسوء يؤذيه([20])؛ فقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [المائدة: 67].
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرسه المؤمنون في أول الأمر حتى نزل قوله تعالى: {وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}، هذا ما بينته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بقولها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يُحرس حتى نزلت هذه الآية: {وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}، فأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسَه من القبة، فقال لهم: «يا أيها الناس، انصرفوا؛ فقد عصمني الله»([21]).
وتنوَّعت أنظار العلماء في سبب نزول هذه الآية، فرأى فريقٌ منهم أنها نزلت بسبب أعرابيٍّ كان همَّ بقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكفاه الله إياه، فعن محمد بن كعب القرظي وغيره قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل منزلًا اختار له أصحابه شجرة ظليلةً، فيقيل تحتها، فأتاه أعرابيٌّ فاخترط سيفه ثم قال: من يمنعك مني؟ قال: الله، فرعدت يد الأعرابي وسقط السيف منه، قال: وضرب برأسه الشجرة حتى انتثر دماغه، فأنزل الله: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}([22]).
وكان من عظيم حفظ الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم أن صرف عنه شتمَ قريشٍ وسبَّهم له؛ فقد كان الكفار من قريش من شدة كراهتهم للنبي صلى الله عليه وسلم لا يسمُّونه باسمه الدال على المدح، فلا يقولون محمدًا، وإنما يعدلون إلى ضدِّه فيقولون: مذمَّم، وإذا ذكروه بسوء قالوا: فعل الله بمذمَّم، ومذمَّم ليس هو اسمَه صلى الله عليه وسلم، ولا يُعرف به، فكان الذي يقع منهم في ذلك مصروفًا إلى غيره([23])، وقد أبان النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا تعجبون كيف يصرف الله عني شتمَ قريش ولعنهم؟! يشتمون مذمَّمًا، ويلعنون مذمَّمًا، وأنا محمَّد»([24]).
4- قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا} [الأحزاب: 57]:
في الآية وعيدٌ شديد لقوم تظاهروا بالإيمان، وكان من دأبهم السعي فيما يؤذي الرسول صلى الله عليه وسلم، فأعلم الله تعالى المؤمنين بأن من سعى في إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يكون من الملعونين المطرودين من رحمته سبحانه في الدنيا والآخرة؛ فالجملة مستأنفة استئنافًا بيانيًّا؛ لأنه يخطر في نفوس كثير ممن يسمع الآيات السابقة أن يتساءلوا عن حال قوم قد علم منهم قلة التحرز من أذى الرسول صلى الله عليه وسلم بما لا يليق بتوقيره، وجيء باسم الموصول للدلالة على أنهم عرفوا بأن إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم من أحوالهم المختصة بهم، ولدلالة الصلة على أن أذى النبي صلى الله عليه وسلم هو علة لعنهم وعذابهم.
واللعن: الإبعاد عن الرحمة وتحقير الملعون؛ فهم في الدنيا محقَّرون عند المسلمين ومحرومون من لطف الله وعنايته، وهم في الآخرة محقَّرون بالإهانة في الحشر وفي الدخول في النار، والعذاب المهين: هو عذاب جهنم في الآخرة، ووصف بأنه مهين؛ لأنه عذاب مشوب بتحقير وخزي، والقرنُ بين أذى الله ورسوله؛ للإشارة إلى أن أذى الرسول صلى الله عليه وسلم يغضِب اللهَ تعالى، فكأنه أذى لله تعالى([25]).
ومن أشهر الأمثلة على هذا: ما أوقعه الله تعالى بالكاتب المفتري الذي كان يكذِب على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقد روى أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رجل نصرانيًّا فأسلَم، وقرأ البقرة وآل عمران، فكان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم، فعاد نصرانيًّا، فكان يقول: ما يدري محمد إلا ما كتبتُ له، فأماته الله فدفنوه، فأصبح وقد لفظته الأرض، فقالوا: هذا فعل محمد وأصحابه لما هرب منهم، نبشوا عن صاحبنا فألقوه، فحفروا له فأعمقوا، فأصبح وقد لفظته الأرض، فقالوا: هذا فعل محمدٍ وأصحابه، نبشوا عن صاحبنا لما هرب منهم فألقوه، فحفروا له وأعمقوا له في الأرض ما استطاعوا، فأصبح وقد لفظته الأرض، فعلموا: أنه ليس من الناس، فألقوه([26]).
فهذا الملعونُ الذي افترى على النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما كان يدري إلا ما كتب له قصمه الله تعالى وفضحه بأن أخرجه من القبر بعد أن دُفن مرارًا، وهذا أمر خارجٌ عن العادة، يدلُّ على أن هذا عقوبةٌ لما قاله، وأنه كان كاذبًا؛ إذ كان عامة الموتى لا يصيبهم مثلُ هذا، وأن هذا الجرم أعظمُ من مجرَّد الارتداد؛ إذ كان عامة المرتدين يموتون ولا يصيبهم مثلُ هذا، وأن الله منتقم لرسوله صلى الله عليه وسلم، فتأمل كيف انتقم الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم من هذا الكاتب المفتري الذي طعن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وسبه؟! وكيف أظهر الله تعالى دينه، وفضح هذا المفتري الكاذب إذ لم يمكن الناس أن يقيموا عليه الحد؟!([27]).
5- قوله سبحانه وتعالى: {إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} [الكوثر 3]:
في الآية الكريمة تصريحٌ بأن مبغضَ النبي صلى الله عليه وسلم ومبغضَ ما جاء به من الهدى والحقِّ والبرهان الساطع والنور المبين هو الأبتر الأقلُّ الأذل، المنقطع دابره وذكرُه، وذلك صفة كلِّ من أبغضه صلى الله عليه وسلم من الناس، وإن كانت الآية نزلت في شخصٍ بعينه، فعن ابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد وقتادة: أنها نزلت في العاص بن وائل السهمي، وقال آخرون: نزلت في عقبة بن أبي معيط، وقيل: نزلت في جماعة من قريش([28]).
وفي الآية أنواع من التأكيد:
أحدها: تصدير الجملة بـ(إن).
الثاني: الإتيان بضمير الفصل (هو) الدال على قوة الإسناد والاختصاص.
الثالث: مجيء الخبر على أفعل التفضيل (الأبتر)، دون اسم المفعول.
الرابع: تعريفه باللام الدالة على حصول هذا الموصوف له بتمامه، وأنه أحقُّ به من غيره، ونظير هذا في التأكيد قوله: {لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى} [طه: 68]([29]).
وسنة الله تعالى التي لا تتخلَّف فيمن شنأ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أو أبغضه وعاداه؛ أنه سبحانه يقطع دابره ويمحق عينه وأثره؛ ومن الكلام السائر: “لحوم العلماء مسمومة”، فكيف بلحوم الأنبياء عليهم السلام؟!([30])، وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يقول الله تعالى: من عادى لي وليًّا فقد آذنته بالحرب»([31])، فكيف بمن عادى الأنبياء؟!
ولهذا أمثلة تفوق الحصر، ومنها:
أنه ظهر في آخر أيام الحاكم العبيدي صاحب مصر، وكان يدعو إلى عبادة الحاكم، وحكي عنه أنه سبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبصق على المصحف، وسار في البوادي يدعوهم، إلى أن قتله الله تعالى بمكة، وكان لما وصل إليها اجتمع مع أبي الفتوح أميرها، فنزل عليه، فلما رآه المجاورون يطوف بالكعبة مضوا إلى أبي الفتوح، وذكروا له شأنه، فقال: هذا قد نزل عليّ، وأعطيته الذمام، فقالوا: إن هذا سبَّ النبي صلى الله عليه وسلم، وبصق على المصحف، فسأله عن ذلك، فأقرَّ به، وقال: قد تبتُ، وقال المجاورون: توبة هذا لا تصح، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل ابن خطل وهو متعلق بأستار الكعبة، وهذا لا يصح أن يعطى الذمام، ولا يسع إلا قتله، فدافعهم أبو الفتوح عنه، فاجتمع الناس عند الكعبة، وضجوا إلى الله سبحانه وتعالى وبكوا، وكان من قضاء الله تعالى أنَّ الله تعالى أرسل ريحًا سوداء، حتى أظلمت الدنيا، ثم انجلت الظلمة، وصار على الكعبة فوق أستارها كهيئة الترس الأبيض، له نور كنور الشمس، دون سقف الكعبة بنحو القامة، فلم يزل كذلك يرى ليلًا ونهارًا على حاله مدة سبعة عشر يومًا، فلما رأى أبو الفتوح ذلك أمر بالمسمَّى بهادي المستجيبين وغلام كان صحبته مغريى إلى باب العمرة، فضربت أعناقهما وصلبا، ولم يزل المغاربة يرجمونهما بالحجارة حتى سقطا إلى الأرض، فجمعوا لهما الحطب والعظام وأحرقوهما، وكان قتل المذكور في سنة عشر وأربعمائة([32]).
6- قوله تعالى: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ} [التوبة: 40]:
وهذا إعلام من الله تعالى أصحابَ رسوله صلى الله عليه وسلم أنه سبحانه المتوكِّل بنصر رسوله صلى الله عليه وسلم على أعداء دينه وإظهاره عليهم دونهم، أعانوه أو لم يعينوه، وتذكيرٌ منه سبحانه لهم فِعلَ ذلك به، وهو من العدد في قلة، والعدو في كثرة، فكيف به وهو من العدد في كثرة والعدو في قلة؟! يقول لهم جل ثناؤه: إلا تنفروا -أيها المؤمنون- مع رسولي إذا استنفركم فتنصروه، فالله ناصره ومعينه على عدوه، ومغنيه عنكم وعن معونتكم ونصرتكم([33])؛ ولهذا يقول مجاهد في تفسير قوله تعالى: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ}: ذكر ما كان في أول شأنه حين بعثه. يقول الله: فأنا فاعل ذلك به وناصره، كما نصرته إذ ذاك وهو ثاني اثنين([34]).
وقد ذكَّرهم الله عز وجل بموقفين جليلين تجلَّت فيهما نصرته سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم:
الأول: {إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ} [التوبة: 40]؛ فقد رد الله تعالى مكر الذين كفروا في نحورهم، وحمى نبيه صلى الله عليه وسلم؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ} [الأنفال: 30] قال: تشاورت قريش ليلة بمكة، فقال بعضهم: إذا أصبح فأثبتوه بالوثاق، يريدون النبي صلى الله عليه وسلم، وقال بعضهم: بل اقتلوه، وقال بعضهم: بل أخرجوه، فأطلع الله عز وجل نبيَّه على ذلك، فبات عليٌّ على فراش النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة، وخرج النبي صلى الله عليه وسلم حتى لحق بالغار، وبات المشركون يحرسون عليًّا، يحسبونه النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فلما أصبحوا ثاروا إليه، فلما رأوا عليًّا ردَّ الله مكرهم، فقالوا: أين صاحبك هذا؟! قال: لا أدري، فاقتصّوا أثره، فلما بلغوا الجبل خلط عليهم، فصعدوا في الجبل، فمروا بالغار، فرأوا على بابه نسج العنكبوت، فقالوا: لو دخل هاهنا لم يكن نسج العنكبوت على بابه، فمكث فيه ثلاث ليال([35]).
والثاني: {إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} [التوبة: 40]؛ وفيه تجلت معية الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم بنصرته وتأييده؛ فقد روى أنس بن مالك رضي الله عنه عن أبي بكر رضي الله عنه قال: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم وأنا في الغار: لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا، فقال: «ما ظنك -يا أبا بكر- باثنين الله ثالثهما؟!»([36]).
ومن أغرب ما جاء في نصرة الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم وانتقامه ممن شنأه وعاداه: أن الحافظ ابن حجر ذكر عن جمال الدين إبراهيم بن محمد الطيبي أن بعض أمراء المغل تنصَّر فحضر عنده جماعة من كبار النصارى والمغل، فجعل واحد منهم ينتقص النبي صلى الله عليه وسلم وهناك كلب صيد مربوط، فلما أكثر من ذلك وثب عليه الكلب فخمشه فخلَّصوه منه، وقال بعض من حضر: هذا بكلامك في محمَّد صلى الله عليه وسلم، فقال: كلَّا، بل هذا الكلبُ عزيز النفس، رآني أشير بيدي فظنَّ أني أريد أن أضربه، ثم عاد إلى ما كان فيه فأطال، فوثب الكلب مرة أخرى فقبض على زَرْدَمَته([37]) فقلعها، فمات من حينه، فأسلم بسبب ذلك نحو أربعين ألفًا من المغل([38]).
وقد كان المسلمون يستعصي عليهم فتح الحصن أو القلعة، فإذا تعدَّى أعداؤهم وسبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم امتلأت قلوبهم غيظًا عليهم لإيذائهم النبي صلى الله عليه وسلم، فما يلبث أن ينتقم الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم ويعجِّل لهم بالنصر والفتح؛ ولهذا وقائع كثيرة مشتهرة أخبر عنها العلماء ووثقوها؛ ومنها ما يحكيه شيخ الإسلام ابن تيمية عمَّا سمعه من الفقهاء وأهل الخبرة، فيقول: “ونظير هذا ما حدَّثَناه أعدادٌ من المسلمين العدول أهل الفقه والخبرة عما جربوه مرات متعدِّدة في حصر الحصون والمدائن التي بالسواحل الشامية، لما حصر المسلمون فيها بني الأصفر في زماننا قالوا: كنا نحن نحصر الحصن أو المدينة الشهر أو أكثر من الشهر وهو ممتنع علينا، حتى نكاد نيأس منه، حتى إذا تعرض أهله لسب رسول الله صلى الله عليه وسلم والوقيعة في عرضه فعجَّلنا فتحة وتيسر، ولم يكد يتأخر إلا يومًا أو يومين أو نحو ذلك ثم يفتح المكان عنوة، ويكون فيهم ملحمة عظيمة، قالوا: حتى إن كنا لنتباشر بتعجيل الفتح إذا سمعناهم يقعون فيه مع امتلاء القلوب غيظًا عليهم بما قالوا فيه، وهكذا حدثني بعض أصحابنا الثقات: أن المسلمين من أهل المغرب حالهم مع النصارى كذلك، ومِن سنة الله أن يعذب أعداءه؛ تارة بعذاب من عنده، وتارة بأيدي عباده المؤمنين”([39]).
كما يحكيه أيضًا الشيخ تقي الدين السبكي فيقول: “ولهذا جرت العادة في الحصون والقلاع أنهم متى تعرضوا لذلك هلكوا، وكثير ممن رأيناه وسمعنا به تعرض لشيء من ذلك، وإن نجا من القتل في الدنيا، بلغنا عنهم خاتمة ردية نسأل الله السلامة، وليس ذلك ببدع من غيرة الله لنبيه، وما من أحد وقع في شيء من ذلك في هذه الأزمنة مما شاهدناه أو سمعناه إلا لم يزل منكوسًا في أموره كلِّها في حياته ومماته”([40]).
ألا فإننا نُشهد الله تعالى على ما نلقاه في صدورنا من غيظ وحُرقة على ما يفعله هؤلاء الآثمون من تعديهم وعداوتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ومع هذا فإننا على يقين من نصرة الله تعالى وسرعة انتقامه ممن آذاه، {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء: 227].
وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا.
ـــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)
([1]) ينظر: سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد للصالحي الشامي (10/ 308) مع ذكر الأمثلة.
([2]) ينظر: تفسير البغوي (7/ 26).
([3]) تفسير السمعاني (2/ 383).
([4]) الشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض (2/ 215).
([5]) الصارم المسلول على شاتم الرسول (ص: 164).
([6]) أعلام النبوة للماوردي (ص: 127).
([7]) قاله الحافظ ابن كثير في تفسيره (4/ 553).
([8]) يعني: الحقد والعداوة. ينظر: تهذيب اللغة للأزهري (15/ 170).
([9]) الحبن: داء في البطن يعظم منه ويرم. ينظر: القاموس المحيط للفيروز آبادي (ص: 1188).
([10]) قال الفراء: هي نبت يسميه أهل الحجاز: الضريع، فيه حمرة. ينظر: المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث لأبي موسى المديني (2/ 171).
([11]) السير والمغازي (ص: 273).
([12]) أخرجه البخاري (3141)، ومسلم (1752).
([13]) الأموال للقاسم بن سلام (ص: 31).
([14]) تفسير الطبري (14/ 328).
([15]) ينظر: تفسير المنار لرشيد رضا (10/ 446).
([17]) أخرجه البخاري (4901)، ومسلم (2772).
([18]) سنن الترمذي (5/ 418)، وقال: «هذا حديث حسن صحيح».
([19]) ينظر: تفسير ابن كثير (8/ 132).
([20]) ينظر: تفسير ابن كثير (3/ 151-152).
([21]) أخرجه الترمذي (3046) وقال: غريب.
([22]) ينظر: تفسير الطبري (10/ 470).
([23]) ينظر: فتح الباري لابن حجر (6/ 558).
([25]) ينظر: التحرير والتنوير للطاهر بن عاشور (22/ 104).
([27]) ينظر: الصارم المسلول على شاتم الرسول (ص: 116-117).
([28]) ينظر: تفسير الطبري (24/ 656، 658)، وتفسير ابن كثير (8/ 504).
([29]) ينظر: مجموع الفتاوى (16/ 533).
([30]) ينظر: الصارم المسلول على شاتم الرسول (ص: 165).
([31]) أخرجه البخاري (6502) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
([32]) ينظر: العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين لتقي الدين الفاسي (6/ 171)، والمقفى الكبير للمقريزي (3/ 371).
([33]) ينظر: تفسير الطبري (14/ 257).
([34]) ينظر: المرجع السابق (14/ 258).
([35]) أخرجه أحمد (5/ 301)، وقال ابن كثير في السيرة النبوية (2/ 239): “وهذا إسناد حسن، وهو من أجود ما روي في قصة نسج العنكبوت على فم الغار”.
([36]) أخرجه البخاري (3653)، ومسلم (2381).
([37]) الزَرْدَمَة: موضع الازدرام والابتلاع. ينظر: الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية للجوهري (5/ 1941).
([38]) الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة (4/ 152-153).