مفهوم الكبائر في نصوص البلد الحرام
للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة
مقدمة:
المعصيةُ شؤمُها عظيم، وعاقبتها وخيمةٌ، وهي من أسباب حِرمان الطاعة، فلو لم يكن للذنب عقوبةٌ سوى صدِّه عن الطاعة لكفى، فالعاصي تقطع عليه المعصيةُ طاعاتٍ كثيرة، كل واحدة منها خير من الدنيا وما عليها([1]).
والمغبون من حُرم الطاعة والعبادة في أفضل أماكنها وأوقاتها، قال الغزالي: (فإن الله سبحانه إذا أحبَّ عبدًا استعمله في الأوقات الفاضلة بفواضل الأعمال، وإذا مقته استعمله في الأوقات الفاضة بسيِّئ الأعمال؛ ليكون ذلك أوجعَ في عتابه وأشدَّ لمقته؛ لحرمانه بركةَ الوقت، وانتهاكه حرمة الوقت)([2]). ولا شكَّ أن انتهاكَ حرمة المكان أعظمُ من انتهاك حرمة الوقت، كما قرر ذلك أهل العلم([3]).
فالخير كله في الطاعات، والشر كلُّه في المخالفات؛ ولذلك جاء القرآنُ بالحثّ على الطّاعات: دقّها وجلّها، قليلها وكثيرها، كبيرها وصغيرها، والزّجر عن المخالفات: دقّها وجلّها، قليلها وكثيرها، كبيرها وصغيرها([4]). قال ابن القيم: (والمعاصي كلها شُعَب من شُعَب الكفر، كما أن الطاعات كلها شُعَب من شُعَب الإيمان)([5]).
والمعاصي متفاوتة في عظمها، فبعضُها كبائر لا تكفَّر إلا بالتوبة، وبعضها صغائر تكفَّر بالاستغفار وبالأعمال الصالحة.
والكبائر يعرِّفها العلماء بأنها: كل ذنب ختَمه الله تعالى بنار أو غضب أو لعنة أو عذاب. وهنا يأتي موضوع هذه الورقة: أن المعاصي في مكة وإن كانت صغائر، إلا أنَّ هناك نصوصًا تدلّ على أن مرتكبها متوعَّدٌ بأشدِّ العقوبات، وهذا ما يصدق عليه تعريف الكبيرة! فهل كل معصية في مكةَ كبيرة؟ وما قصد العلماء من قولهم: إنها كبيرة؟ وهل يوصف أهل مكة بالفسق إذا ارتكبوا المعصية -وإن كانت صغيرة- بناء على أنها كبيرة في البلد الحرام؟
للإجابة عن هذه التساؤلات لا بد من التحدُّث عن موضوع مضاعفة السيِّئات في مكة؛ إذ لها علاقة بموضوع الكبائر. فإلى التفصيل:
الأصل في مضاعفة السيئات:
من رحمة الله ولطفه بعباده أن جعل المضاعفة في جانب الحسنات مطلقًا، ولم يجعلها كذلك في جانب السيئات، فالأصل في السيئة عدم مضاعفتها، وأن من عمل سيئةً كُتبت له واحدة، كما قال تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [الأنعام: 160]. قال الفخر الرّازي: (وهذا في غاية الدلالة على أن جانب الحسنة راجح عند الله تعالى على جانب السيئة)([6])، وقال الشنقيطي: (وهو نصّ صريح قرآني في أن السيئات لا تضاعف)([7]).
وهناك من فسر: {مَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ} بالأعمال السيئة أو الشرك، {فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا} في العِظم والقبح([8]). وعلى هذا التفسير لا إشكالَ في القول بمضاعفة السيئات.
وينبغي في هذا المقام استحضارُ عدل الله سبحانه وتعالى قبل كلِّ شيء، وأنه يعاقِب على السيئة بقدرها في الِخفَّة والعِظَم، وأن المؤمن العاصي قد يتغمَّده برحمته، ويتفضل عليه بمغفرته فلا مجازاة، وأدلة الكتاب والسنة مصرحة بهذا تصريحا لا يبقى بعده ريب لمرتاب([9]).
مضاعفة السيئات باعتبارات أخرى:
ذكر العلماءُ أن السيئةَ قد تتضاعَف باعتبارات؛ كشرف الزمان والمكان وأحوال عاملِيها.
ففي شرف الزمان نجد أن المعصية تعظم في الأوقات الفاضلة؛ كالأشهر الحرم، قال تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة: 36].
قال القرطبي: ({لَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُم} بارتكاب الذنوب؛ لأن الله سبحانه إذا عظَّم شيئًا من جهة واحدةٍ صارت له حرمةٌ واحدة، وإذا عظَّمه من جهتين أو جهاتٍ صارت حرمتُه متعددةً، فيضاعف فيه العقاب بالعمل السيّئ، كما يضاعف الثواب بالعمل الصالح، فإن من أطاع الله في الشهر الحرام في البلد الحرام ليس ثوابه ثوابَ من أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام، ومن أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في شهر حلال في بلد حلال)([10]).
وفي شرف المكان: اتفق العلـماء على تعظيـمِ سيئـات الحرم، وذلك لقوله تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: 25]، وأن صاحبه أبغض الناس إلى الله([11]).
قال ابن مسعود: (لو أن رجلا همَّ فيه بإلحاد وهو بعدن أبْيَن([12]) لأذاقه الله عذابًا أليمًا)([13])؛ وذلك لأن معصيته معصيتان: إحداهما بنفس المخالفة، والثّانية: بإسقاط حرمة البلد الحرام([14]).
قال ابن باز: (وإذا كان مَن هَمَّ بالإلحاد في الحرم مُتَوَعَّدًا بالعذاب الأليم، فكيف بحال من فعل في الحرم الإلحاد بالسيئات والمنكرات؟! فإنّ إثمَه يكون أكبر من مجرد الهَمّ)([15]).
وسيأتي مزيد تفصيل في مسألة مضاعفة سيئات الحرم.
وفي أحوال عامليها: نجد أن المعصية تعظُم وتتضاعف لشرف عامليها ومعرفتهم بالكتاب والسنة واعتبارهم قدوات، قال ابن رجب: (وقد تُضاعف السيئات بشرف فاعلها وقوة معرفته بالله وقربه منه؛ فإن من عصى السلطان على بساطه أعظم جرمًا ممن عصاه على بعد)([16]).
قال الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (74) إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ} [الإسراء: 74، 75]، أي: ضعف عذاب الحياة وضعف عذاب الممات.
وفي المراد بالضّعف ههنا وجهان:
أحدهما: النصيب، ومنه قوله تعالى: {لكلٍّ ضِعْف} [الأعراف: 38]، أي: نصيب.
والثاني: مثلان؛ وذلك لأن ذنبك أعظم([17]).
عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنا معاشر الأنبياء يضاعفُ لنا البلاء كما يضاعف لنا الأجر»([18]).
وقد عـامل المولى عـز وجـل زوجـاتِ نبيـه الكريـم صلى الله عليه وسلم لشرفهن بمضاعفة الأجر ومضاعفة العذاب، فقال تعالى: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30) وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا} [الأحزاب: 30، 31].
فبيَّنت الشّريعة في غير ما موضع أنه كلما تضاعفت الحرمات فهتكت تضاعفت العقوبات؛ ولذلك ضوعف حدُّ الحُرّ على العبد والثيب على البكر([19]).
وما قيل في حقّه صلى الله عليه وسلم وحق زوجاته قاسَ عليه بعض العلماء كلَّ عالم اختصَّه الله بمعرفة الكتاب والسنة، كان أجره إذا عمل بالطاعة وأدامها مضاعفًا على غيره، وإذا عصى الله كان عليه من العقاب كذلك؛ فإنّ العبد كلّما كملت نعمة الله عليه ينبغي له أن تكون طاعته له أكمل، وشكره له أتمّ، ومعصيته له أقبح، وشدّة العقوبة تابعة لقبح المعصية؛ ولهذا كان أشدَّ النّاس عذابًا يوم القيامة عالمٌ لم ينفعه الله بعلمه، فإنّ نعمة الله عليه بالعلم أعظم من نعمته على الجاهل([20]).
نخلص مما سبق: أن السيئات قد تتضاعف حقيقةً في حالات خاصَّة؛ لورود بعض النصوص في ذلك، وهذا لا ينافي الأصل وهو عدَم مضاعفتها.
مضاعفة السيئات بمكة:
النّصوص الدّالة على التضعيف تنقسم إلى قسمين:
القسم الأوّل: ما جاء بمعنى التغليظ والتعظيم.
القسم الثاني: ما جاء بمعنى التّضعيف العدديّ الحقيقي.
قال الشنقيطي في التّضعيف الوارد في حقِّ نبيِّه صلى الله عليه وسلم وأزواجه: {إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ}، وقوله: {يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ}: (ومضاعفة السيئة المشار إليها في هاتين الآيتين إن كانت بسبب عِظَم الذنب حتى صار في عِظمه كذَنبين فلا إشكال، وإن كانت مضاعفة جزاء السيئة كانت هاتان الآيتان مخصِّصتين للآيات المصرحة بأن السيئة لا تجزى إلا بمثلها، والجميع محتمل، والعلم عند الله تعالى)([21]).
والعبرة في ترجيح الميزان يوم القيامة بوزن الأعمال وثقلها، وليس لازمًا أن يكون هذا الترجيح بكثرة العدَد، وقد وردت نصوص في أعمال قليلة يعملها الإنسان لكنها تكون ثقيلةً في الميزان، كـما في قول: (سبحان الله العظيم، وسبحان الله وبحمده) في الأذكار، وأيضًا: الصلاة التي تؤدَّى بكامل أركانها وسننها بطمأنينة وإخلاص ليست كالصلوات التي تؤدَّى بحركات وسكنات خالية من الطمأنينة والإخلاص.
ومن النصوص الصريحة في ذلك حديث البطاقة، وفيه: «فيقول: يا ربي، ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟! فقال: إنك لا تُظلم، قال: فتوضع السجلات في كفة، والبطاقة في كفة، فطاشت السجلات، وثقلت البطاقة، فلا يثقل مع اسم الله شيء»([22]).
فهذا رجل من الناس سيختاره الله يوم القيامة، ويؤتى به على رؤوس الخلائق، ويُرى صحائفَ أعماله تسعةً وتسعين سجلًّا كل واحد مدّ البصر، كلها كتبتها الملائكة من الأعمال والأقوال، والرجل لا يستطيع أن يُنكر شيئًا منها، ثم توضع (لا إله إلا الله) في كفة، فتطيش السجلات، وترجح (لا إله إلا الله)، ولا يثقل مع اسم الله شيء.
وفيه أن الشهادة التي نطقَها بإخلاص أثقلُ من كلّ السجلات في الميزان، مع أنه عمل واحد فقط.
والميزان الذي يوزن به أعمال العباد ذكره سبحانه في قوله: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} [الأنبياء: 47].
فمن رجحت حسناته على سيئاته نجا وأفلح، جاء في تعبير القرآن: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [المؤمنون: 102]، {فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} [القارعة: 6، 7].
ومن رجحت سيئاته على حسناته -وإن كان مسلمًا- استحق دخول النار، {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ} [المؤمنون: 103]، وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (9) وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (10) نَارٌ حَامِيَةٌ} [القارعة: 8-11].
ووجه الاستشهاد: أن القرآن عبر بثمرة الأعمال حينما توزن بقوله: {فَمَنْ ثَقُلَتْ}، ولم يقل: فمن كثرت، وفي أهل النار قال: {وَمَنْ خَفَّتْ}، ولم يقل: فمن قلَّت.
وفرقٌ بين التعبيرين؛ فالخطيئة والسيئة في مكة شأنها عظيم، فقد جاء في السُّنّة إخباره صلى الله عليه وسلم عن ملحدٍ قرشيّ سيُلحد بمكة: «يحلّها ويحلُّ به رجل من قريش، لو وزنت ذنوبه بذنوب الثقلين لوزنتها»([23]).
وهذا الحديث ظاهرٌ في الدّلالة على عظم شأن الخطيئة والإلحاد بمكة، وأنها تتضاعف في الميزان حقيقة.
وهناك نظير لهذا الحديث في مفهوم الوزن بذنوب الثّقلين، فقد صحّ في فضائل أبي بكر رضي الله عنه أنه لو وُزن إيمانُه بإيمان أهل الأرض لرجَح بهم إيمانُ أبي بكر، كما قاله عمر رضي الله عنه([24]).
قال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: (والخطيئة فيه أعظم)([25])، والقول بالتعظيم لا ينافي المضاعفة؛ إذ هي من صوره.
وقال عمر رضي الله عنه: (لأن أخطئ سبعين خطيئة بركبة أحبّ إليَّ من أن أخطئ خطيئة واحدة بمكة)([26]).
وقال رضي الله عنه: (يا أهل مكة، اتّقوا الله في حرم الله، أتدرون من كان ساكن هذا البيت؟ كان به بنو فلان فأحلّوا حَرمه فأهلكوا، وكان به بنو فلان فأحلّوا حَرَمَه فأهلكوا)، حتى ذكر ما شاء الله من قبائل العرب أن يذكر، ثم قال: (لأن أعمل عشر خطايا في غيره أحب إلي من أن أعمل ههنا خطيئة واحدة)([27]).
وورد التصريح بالمضاعفة من قول بعض التابعين ومن بعدهم؛ منهم: مجاهد وأبو حنيفة وسفيان بن عيينة وأحمد والقاضي أبو يعلى وابن الجوزي وغيرهم([28]).
قال مجاهد: (تُضاعف السيئات بمكة كما تُضاعف الحسنات)([29]).
وظاهر كلام مجاهد وغيره القول بحقيقة المضاعفة، ويجعلون ذلك مستثنى من النصوص لدليل قام عندهم على استثنائه.
ولولا أنهم قائلون بحقيقة المضاعفة لم يكونوا مخالفين للجمهور؛ إذ لا خلاف أن المعصية بمكة أقبح منها بغيرها([30]).
قال مرعي الحنبلي تعليقًا على أثر مجاهد: (ظاهر كلامه أن السيئة تبلغ في التضعيف مبلغ الحسنة وهو مائة ألف)([31]).
وإن كان القول بتحديد المضاعفة في السيئة بمئة ألف بحاجة إلى تأمل، وقال بعضهم: والأظهر في قول مجاهد أن التشبيه في مطلق المضاعفة.
وسئل الإمام أحمد: بلغك في شيء من الحديث أن السيئة تُكتب بأكثر من واحدة؟ قال: (لا, ما سمعنا, إلا بمكة لتعظيم البلد)([32]).
الخلاصة: أن مضاعفة السيئات بمكة قال به جمع من أهل العلم، والمضاعفة وجه من وجوه كونها كبيرة؛ لأن صاحبها متوعَّد بأشدِّ العقوبات.
والجمهور يقولون: إن سيئات الحرم لا تضاعف عددًا، ولكنهم يتفقون على أنها معظَّمة ومغلَّظة، قال ابن القيم: (ومن هذا تضاعف مقادير السيئات فيه لا كمياتها، فإن السيئة جزاؤها سيئة، لكن سيئة كبيرة جزاؤها مثلها، وصغيرة جزاؤها مثلها، فالسيئة في حرم الله وبلده وعلى بساطه آكد وأعظم منها في طرف من أطراف الأرض، ولهذا ليس من عصى الملك على بساط ملكه كمن عصاه في الموضع البعيد من داره وبساطه، فهذا فصل النزاع في تضعيف السيئات، والله أعلم)([33]).
ومن أوجه اعتبار سيئات الحرم كبائر: المعاقبة على الهم بالسيئة في الحرم، فمن همَّ أن يعمل سيئة في مكة أذاقه الله العذاب الأليم، بخلاف غير الحرم المكي من البقاع، فلا يعاقب فيه بالهمِّ. ورد ذلك عن ابن مسعود والضحاك وأبي حنيفة وأحمد ورجحه ابن القيم([34]).
قال ابن مسعود رضي الله عنه عند تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ} [الحج: 25]: (ما من رجل يهم بسيئة فتكتب عليه، ولو أن رجلا بعدن أبْيَن همَّ أن يقتل رجلًا بهذا البيت لأذاقه الله من العذاب الأليم)([35]). وعن الضحاك بن مزاحم قال: (إن الرجل ليهم بالخطيئة بمكة وهو في بلد آخر ولم يعملها فتكتب عليه)([36]).
قال ابن جرير رحمه الله: (فتأويل الكلام: ومن يرد في المسجد الحرام بأن يميل بظلم، فيعصي الله فيه؛ نذقه يوم القيامة من عذاب موجع له)([37]).
والإلحاد المذكور في الآية يشمل المعاصي كلها، قال رحمه الله: (وأولى الأقوال التي ذكرناها في تأويل ذلك بالصواب: القول الذي ذكرناه عن ابن مسعود وابن عباس من أنه معني بالظلم في هذا الموضع: كل معصية لله، وذلك أن الله عمَّ بقوله: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بإلحْادٍ بِظُلْمٍ}، ولم يخصص به ظلم دون ظلم في خبر ولا عقل، فهو على عمومه)([38]).
ويقول الشنقيطي: (والإلحاد في اللغة أصله: الميل، والمراد بالإلحاد في الآية: أن يميل ويحيد عن دين الله الذي شرعه، ويعم ذلك كل ميل وحيدة عن الدين، ويدخل في ذلك دخولًا أوليًّا الكفر بالله، والشرك به في الحرم، وفعل شيء ممّا حرمه، وترك شيء ممّا أوجبه، ومن أعظم ذلك: انتهاك حرمات الحرم)([39]).
فينبغي إذن الحذر من مجرد إرادة المعصية في البلد الحرام، لهذا يقول الزمخشري لمن أراد سكنى مكة في هذه الآية: (يعني: أن الواجب على من كان فيه أن يضبط نفسه، ويسلك طريق السداد والعدل في جميع ما يهم به ويقصده)([40]).
ويقول الشيخ عبد الرحمن ابن السعدي رحمه الله: (وفي هذه الآية وجوب احترام الحرم، وشدة تعظيمه، والتحذير من إرادة المعاصي فيه وفعلها)([41]).
مسألة:
لو قلنا: إن سيئات الحرم كبائر؛ فهل هذا يعني أن مرتكب المعصية في مكة -ولو كانت صغيرة في غيرها – فاسق؟
يخرج الإنسان من العدالة إلى الفسق بأقواله وأفعاله، وإذا ثبت الفسق على شخص لم يقبل خبره في أمور الديانة؛ كخبره بطهارة الماء أو نجاسته، وخبره بدخول وقت الصلاة، ودلالته غيره على القبلة، ولا يرجع الإمام لتسبيحه في الصلاة، ولا يقبل خبره برؤية هلال رمضان وغيره من الأهلة، ولا تقبل فتاواه إذا كان عالِمًا… إلخ.
فهذه بعض الأحكام المترتبة على الفسق، والتي نص عليها الفقهاء.
نقول وبالله التوفيق:
أولًا: الفسق مصطلح شرعي لا يجوز إطلاقه على أحد إلا بدليل، قال صلى الله عليه وسلم: «لا يَرْمي رجُلٌ رجُلًا بالفِسْقِ أوِ الكُفرِ إلّا ارتدَّتْ عليه، إنْ لمْ يكنْ صاحبُهُ كذلك»([42]).
قال ابن حجر: (وهذا يقتضي أن من قال لآخر: أنت فاسق، أو قال له: أنت كافر، فإن كان ليس كما قال كان هو المستحق للوصف المذكور، وأنه إذا كان كما قال لم يرجع عليه شيء لكونه صدق فيما قال؛ ولكن لا يلزم من كونه لا يصير بذلك فاسقًا ولا كافرًا أن لا يكون آثمًا في صورة قوله له: أنت فاسق، بل في هذه الصورة تفصيل: إن قصد نصحه أو نصح غيره ببيان حاله جاز، وإن قصد تعييره وشهرته بذلك ومحض أذاه لم يجز؛ لأنه مأمور بالستر عليه وتعليمه وعظته بالحسنى، فمهما أمكنه ذلك بالرفق لا يجوز له أن يفعله بالعنف؛ لأنه قد يكون سببًا لإغرائه وإصراره على ذلك الفعل كما في طبع كثير من الناس من الآنفة، لا سيما إن كان الآمر دون المأمور في المنزلة)([43]).
قال ابن تيمية: (نصوص الوعيد التي في الكتاب والسنة ونصوص الأئمة بالتكفير والتفسيق ونحو ذلك لا يستلزم ثبوت موجبها في حق المعين إلا إذا وجدت الشروط وانتفت الموانع، لا فرق في ذلك بين الأصول والفروع. هذا في عذاب الآخرة، فإن المستحق للوعيد من عذاب الله ولعنته وغضبه في الدار الآخرة خالد في النار أو غير خالد، وأسماء هذا الضرب من الكفر والفسق يدخل في هذه القاعدة، سواء كان بسبب بدعة اعتقادية أو عبادية، أو بسبب فجور في الدنيا وهو الفسق بالأعمال)([44]).
والفاسق والعاصي سواء، كل منهما يطلق على الآخر، ويطلق الفاسق أيضًا على الكافر والمنافق.
وقد نبه بعض الأصوليين إلى أن تخصيص الفاسق بمسلم صدرت منه كبيرة أو أصر على صغيرة عُرفٌ متجدِّد عند المتأخرين من الفقهاء، والأصل في الفاسق عند المتقدمين إطلاقه على الكافر([45]).
ثانيًا: الأفعال والأقوال التي يفسَّق المرء بتعاطيها هي الموصوفة بالكبائر والصغائر إذا أصرَّ عليها.
حدُّ الكبيرة: كل ذنب ختمه الله بنار أو غضب أو لعنة أو عذاب. روي هذا عن ابن عباس والحسن وعلي بن أبي طلحة([46]).
أو: كل ذنب قرن به وعيد أو حد في الدنيا أو لعن. وهذا القول منسوب إلى أكثر العلماء([47]).
والصغائر: هي الذنوب التي دون الكبائر، وتطلق على التي لم يرد فيها وعيد أو حد أو لعن. مثل: النظرة المحرمة واللمسة.
فالإصرار على هذه الصغائر يصيرها كبائر؛ إذ لا صغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة مع التوبة والاستغفار([48]).
وضابط التكرار الذي يصيرها كبيرة: للعلماء في ذلك وجهان:
الوجه الأول: هو تكرار الصغيرة من الذنب تكرارًا يشعر بقلة مبالاته بدينه إشعار ارتكاب الكبيرة بذلك، وكذا إذا اجتمعت صغائر مختلفة بحيث يشعر مجموعها بما يشعر أصغر الكبائر([49]).
الوجه الثاني: هو مطلق المداومة والمواظبة على الصغيرة([50]).
والظاهر أن الضابطين متقاربان؛ لأن المداومة والمواظبة على الصغيرة أو على صغائر مختلفة برهان على الاستخفاف بحرمات الله تعالى، وقلة المبالاة بالدين، وعدم الوقوف عند حدود الله.
وإذا كان مرتكب الكبيرة يفسَّق بالمرة الواحدة، فالذي يستمر على المعصية -وإن كانت صغيرة أولى-؛ لكثرة انتهاكه لحرمات الله تعالى([51]).
والنصوص الواردة في التفسيق ينطبق الأوصاف فيها على الجميع، سواء كان مرتكبها في مكة أو غيرها من البلدان في هذا المقدار، فكل ما ذكر من الأوصاف المفسقة ينطبق على معصية الحرم وغيرها، إلا أن سيئات الحرم تزيد عن غيرها في عد الصغيرة كبيرة.
عن طيسلة بن علي قال: أتيتُ ابنَ عمر عشية عرفة، وهو تحت ظل أراك، فسألته عن الكبائر، فقال: (هن: الإشراك بالله، وقذف المحصنة، وقتل النفس المؤمنة، والفرار من الزحف، والسحر، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، وعقوق الوالدين المسلمين، والإلحاد في البيت الحرام قبلتكم أحياءً وأمواتًا)([52]). فعدَّ ابن عمر رضي الله عنهما الإلحاد في الحرم من الكبائر.
ويمكن أن يضاف كذلك من أوجه عدِّ الذنوب في مكة كبائر: أن المجاورة بمكة من دواعي الإكثار من الطاعات والعبادات؛ إذ بها تضاعف الحسنات، فدافع المعصية ضعيف أمام كثرة العبادات وتنوعها، والقاعدة: أنه متى قلَّ دافع المعصية وفعلها الإنسان فهو مستحق لأشد العقوبات؛ وذلك كمن يعبد الأصنام، فإنه لا شيء من الشهوات يحركه لهذا الفعل؛ لذا كان الشرك من أقبح الذنوب والمعاصي، ولا يغفر الله لفاعله.
ولا مكان يضاهي مكة في العبادة، بل كل عبادة شرعها الله لعباده فالأصل أنها يمكن أن تؤدَّى في مكة ولا عكس، إلا ما كان من المرابطة في الثغور والجهاد في سبيل الله. فقد أمَّن الله مكة وجعلها بلدة آمنة لا تغزى بعد الفتح من قِبل الكفار، فليست تشبه شيئا من البلاد لما خُصّت به.
وقد تفضَّل الله تبارك وتعالى على البلد الحرام فخصَّه بعباداتٍ لا يشرع أداؤها في مكانٍ آخر سواه.
– فالإحرام عبادة لا تشرع إلا لقاصد بيت الله الحرام.
– والطَّوافُ عبادة لا تكون إلا حول بيت الله الحرام.
– واستلامُ الركنين، والتزام ما بين باب الكعبة والركن، والصلاة عند المقام، كلها عبادات فاضلة لا تكون إلَّا بمكة.
– وتقبيل الحجر الأسود لا يكون إلا في ذلك الموضع من الكعبة، وهي عبادة لا تؤدى في الوقت ذاته إلا لشخص واحد في العالم كله.
– والسعي بين الصفا والمروة لا يكون إلا ببلد الله الحرام.
– والعمرة والحجُّ بشعائره العظيمة من الوقوف بعرفات والمبيت بمزدلفة والمبيت بمنى ورمي الجمار لا يكونان إلا إلى الكعبة المشرفة.
– والهدي إلى الكعبة في الحج والعمرة وغيرهما من تعظيم شعائر الله لا يكون إلا بمكة.
ثالثًا: مقصود أهل العلم بالكبائر في الذنوب التي تعد من الصغائر خارج مكة:
أجاب ابن حجر الهيتمي عن هذا الإشكال، فقال بأن مقصودهم هو: شدة عقابها المترتب عليها من حيث المحل، لا من حيث ذواتها، وحينئذ فليست كبائر موجبة للفسق والقدح في العدالة؛ لأن ذلك لا يمكن القول بعمومه، وإلا لم يكن بأهل الحرم عدل لتعذر الصون عن محقرات الذنوب وصغائرها، وللإجماع على عدالتهم مع العلم بارتكابهم الصغائر؛ إذ لا عصمة ولا حفظ بالكلية، فتعين تأويل عد ذلك كبيرة على هذا([53]).
خلاصة ما أجاب به ابن حجر الهيتمي في هذه المسألة: أنها كبائر باعتبار شدة العقوبة، وليست كبائر في ذاتها مثل الشرك والزنا والقتل، التي هي موجبة للفسق؛ وذلك لأمرين:
الأول: لو قلنا: إنها كبائر في ذاتها لم يكن بأهل مكة شخص عدل؛ لتعذر الصون عن الصغائر.
الثاني: الإجماع على عدالة أهل مكة مع ارتكابهم الصغائر عبر العصور.
وختامًا: سكنى مكة نعمة عظيمة وفضيلة اختصَّ الله بها بعضَ عباده، فعلى ساكنها والمجاور بها ممن أكرمه الله ببلوغها أن يستشعرَ عظمةَ السؤال والوقوف بين يديه سبحانه، وأن يُعدَّ له عدته، ويتأهَّبَ له أهبته، فإذا كان الإنسان محاسبًا على نعمة الأكل من الطعام الذي به قوام بدنه، فكيف بمقامه في أحب البقاع إلى الله ورسوله التي بها قوام دينه ودنياه؟!
وكان السلف رحمهم الله تعالى يتواصون عند إرادة سكنى مكة بالابتعاد عن الخطيئة والمعصية، فعن أبي سليمان قال: قال لي سعيد بن المسيب: لا تسكن مكة -وكان أبو سليمان رجلًا جميلًا- قال: فظننت أنه يريد ذلك، فقلت: يا أبا محمد، إني لأرجو أن يدفع الله عني، قال: لستُ أعني ذلك، ولكن إذا سكنتَ في الحرم أوشكتَ أن تعمل فيه ما يعمل في الحلّ إذا طال عليك، والخطأ فيه أكثر([54]).
ولا يمنع القول بمضاعفة السيئات وتغليظها من سكنى مكة والمجاورة بها للعبادة؛ لذا نبه ابن مفلح بعد إيراده لقول الإمام أحمد في تضعيف سيئاتها: (وأحمد على هذا يرى فضيلة المجاورة بها)([55]).
والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)
([1]) انظر: الداء والدواء (ص: 54).
([2]) إحياء علوم الدين (1/ 249).
([3]) انظر: اقتضاء الصراط المستقيم (ص: 76).
([8]) انظر: تفسير مقاتل بن سليمان (1/ 599)، الوسيط للواحدي (4/ 14)، محاسن التأويل (4/ 552).
([9]) انظر: فتح القدير (2/ 267).
([10]) الجامع لأحكام القرآن (8/ 134).
([11]) كما في حديث ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أبغض الناس إلى الله ثلاثة: ملحد في الحرم» الحديث. أخرجه البخاري (6488).
([12]) مدينة مشهورة على ساحل بحر الهند من ناحية اليمن، وتضاف إلى أبين. ينظر: معجم البلدان (4/ 89).
([13]) أخرجه أحمد (1/ 428)، والحاكم (3460)، قال ابن حجر في المطالب العالية (15/ 56): موقوف قوي الإسناد.
([14]) انظر: أحكام القرآن لابن العربي (3/ 277).
([15]) مجموع فتاوى ومقالات (3/ 390).
([16]) جامع العلوم والحكم (2/ 318).
([17]) انظر: النكت والعيون للماوردي (3/ 260).
([18]) أخرجه أحمد (3/ 94)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (5/ 75).
([19]) الجامع لأحكام القرآن (14/ 174).
([20]) انظر: إعلام الموقعين (2/ 129).
([22]) أخرجه الترمذي (2639)، وابن ماجه (4300)، وحسنه الشوكاني في فتح القدير (2/ 273)، وصححه أحمد شاكر في عمدة التفسير (2/ 7)، والألباني في صحيح الترغيب (1533).
([23]) أخرجه أحمد (2/ 196)، قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2462).
([24]) أخرجه عبدالله بن أحمد في السنة (1/ 378)، والبيهقي في الشعب (1/ 69)، وصححه موقوفا السخاوي في المقاصد الحسنة (908)، والشوكاني في الفوائد (18). والمراد ما عدا إيمان الرسل عليهم الصلاة والسلام، وخصَّه الذهبي بإيمان أهل أرض زمانه. انظر: سير أعلام النبلاء (8/ 405).
([25]) أخرجه عبدالرزاق في مصنفه (5/ 27)، وإسناده صحيح.
([26]) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (5/ 27)، وإسناده منقطع.
([27]) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (4/ 352)، والفاكهي في أخبار مكة (2/ 266)، والآثار الواردة عن عمر في هذا الباب أسانيدها منقطعة، إلا أن طرقها متعددة.
([28]) انظر الأقوال في: إعلام الساجد (ص: 28)، هداية السالك (2/ 928)، تفسير البغوي (3/ 283)، أخبار مكة للفاكهي (2/ 308)، مثير العزم (1/ 331)، شفاء الغرام (1/ 109)، وللمالكية قول قريب من هذا، انظر: البيان والتحصيل (17/ 2421).
([29]) ينظر: الكشف والبيان عن تفسير القرآن (7/ 17).
([30]) الزواجر عن اقتراف الكبائر (1/ 334).
([31]) المسائل الست الكرام (ص: 12).
([32]) مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه (9/ 5499)، وانظر: مثير العزم (1/ 331)، القرى (ص: 659).
سبق أن القول بالتعظيم محل اتفاق بين أهل العلم، كما قال عبد الله بن عمرو بن العاص: (فإن الخطيئة فيه أعظم)، ولم أقف حسب بحثي على أثر لأي صحابي أو تابعي نص على عدم مضاعفة السيئات بمكة؛ لذا نقل أحد الباحثين المعاصرين الاتفاق على القول بالمضاعفة. انظر: أحكام الحرم المكي، سامي الصقر (ص: 45)، إلا أنه حملها على المقدار والتعظيم، وفيه نظر كما سبق.
([33]) زاد المعاد في هدي خير العباد (1/ 52).
([34]) انظر: تفسير الطبري (9/ 131)، الدر المنثور (4/ 634)، زاد المعاد (1/ 51).
([35]) ينظر: تفسير الطبري (9/ 131).
([36]) ينظر: تفسير الطبري (9/ 131).
([41]) تيسير الكريم الرحمن (ص: 536).
([44]) مجموع الفتاوى (10/ 372).
([45]) انظر: الإحكام للآمدي (2/ 105)، رفع الحاجب (2/ 62)، بيان المختصر (1/ 696).
([46]) انظر: جامع البيان (5/ 41)، المفهم (1/ 283)، منح الجليل (4/ 219)، الفروع (6/ 486)، مدارج السالكين (1/ 247).
([47]) انظر: بدائع الصنائع (6/ 262)، منح الجليل (4/ 219)، قواعد الأحكام (1/ 21)، التهذيب (8/ 262)، العزيز (13/ 6)، مجموع الفتاوى (11/ 650-651)، مدارج السالكين (1/ 247)، المحلى (9/ 393).
([48]) انظر: بدائع الصنائع (6/ 270)، الاعتصام للشاطبي (2/ 551)، العزيز (13/ 9)، مدارج السالكين (1/ 246).
([49]) انظر: قواعد الأحكام (1/ 22-23)، الذخيرة (10/ 223)، الفروق (4/ 68).
([50]) انظر: إحياء علوم الدين (4/ 29)، العزيز (13/ 9).
([51]) انظر: الأحكام المترتبة على الفسق في الفقه الإسلامي، فوفانا آدم (1/ 56).
([52]) أخرجه البخاري في الأدب المفرد، انظر: صحيح الأدب المفرد (ص: 35).
([53]) انظر: الزواجر (1/ 332-336).