الثلاثاء - 21 رجب 1446 هـ - 21 يناير 2025 م

لماذا لم تفرض الشريعةُ الحجابَ على الرجالِ منعًا من افتتان النِّسَاء؟

A A

 

إن الشريعة الإسلامية نادت بالعِفَّة، وحرّمت الزنا ومقدِّماته، وشرعت من الأحكام بين الجنسين ما روعي فيه طبيعة كل منهما، ومن جملة تلك الأحكام: فرض الحجاب على المرأة.

وقد أثار دعاة السفور والتهتّك والانحلال شبهاتٍ حول حجاب المرأة، ومن تلك الشبهات قولهم: ما دام الأمرُ بالحجاب من أجْل الفِتنة، وأخَذنا مسألةَ الفِتنة مأخَذًا جادًّا، فلماذا لا يكون من حقِّ النساء أنْ يُطالِبْن بحَجْب الرجال؛ لأنَّهم يَفتِنونهنَّ، ولأنَّ الرجُل الجميل يُثير في المرأة ما تُثيره المرأة الجميلة في الرجُل، فلا بد من أمر الرجل بالحجاب كما تؤمر المرأة بذلك.

ولا يخفى أن الأمر بالحجاب أمرٌ منَ الله تعالى، وليس قولًا قال به الفقهاءُ من باب المَصلَحة والسياسة حتى يُعتَرض عليهم بقُصور نظَرِهم، وعدمِ قِيامهم بسياسةٍ عادلة وقياس صحيح، وإنَّما هو تشريع نصَّ عليه القرآنُ، وبعبارة بعض أهل العِلم نقول: الحجابُ منَ الشرع المُنزَّل، لا منَ الشرعِ المؤَوَّل، والشرع المُنزَّل مُلزِم لكافَّة الخلائق، في جميع الأعصار والأمصار، فالاعتراض على فرض الحجاب على المرأة اعتراض على العليم الخبير جلّ وعلا.

يقول ابن القطان الفاسي: (لا خلاف في جواز إبداء الرجال شعورهم وأذرعهم وسوقهم، سواء بحضرة الرجال أو بحضرة النساء، وشعر المرأة وساقها لا يحلّ للأجنبي أن ينظر إليهما إجماعًا)([1]).

والجواب عن هذه الشبهة من وجوه:

الوجه الأول: أن الشريعة لم تهمل افتتان النساء بجمال الرجال: فإن القول بعدم وجوب الحجاب للرجال لا يلزم منه إباحة التعري للرجال، بل إن الشريعة أمرت المرأة بغض البصر عن الرجال، يقول تعالى: {وَقُل لِّلۡمُؤۡمِنَٰتِ ‌يَغۡضُضۡنَ مِنۡ أَبۡصَٰرِهِنَّ وَيَحۡفَظۡنَ فُرُوجَهُنَّ} [النور: 31]. ولا نزاع بين الفقهاء أن المرأة إن قصدت اللذة وخافت الفتنة بنظرها إلى الرجل حرم نظرها إليه([2]).

كما أن الشريعة أتت بتحريم الاختلاط بين الجنسين، الذي هو من أعظم أسباب افتتان النساء بالرجال ووقوعهن في المحظور، لا سيما مع طول المكث.

وأهل الفِقه يَذكُرون منَ الفروع الفقهيَّة ما يُفيد في سدِّ ذَريعة الفساد في باب فِتنة النِّساء بالرجال، ولا يَقصُرون الحديثَ على فِتنة الرجال بالنساء، فمِن ذلك أنَّ بعض الفقهاء نصُّوا في مَسائل الحِسْبة على أنَّه: (مهما كان الواعظُ شابًّا مُتزَينًا للنساء في ثِيابه وهَيئته، كثيرَ الأشعار، والإشارات والحركات، وقد حضَر مَجلسَه النساءُ؛ فهذا مُنكَر يجِب المنعُ منه؛ فإنَّ الفساد فيه أكثرُ منَ الصلاح، ويُتَبيَّن ذلك منه بقرائنِ أحواله، بل لا ي الورَعُ، وهيئتُه السكينةُ والوقارُ، وزيُّه زيُّ الصالحين، وإلا فلا يَزداد الناسُ به إلا تماديًا في الضَّلال)([3]).

ومن طريف ما يذكر في هذا ما جاء في ترجمة أبي الحسن الواعظ المعروف بـ(المصري): (أنه كان له مجلس يتكلم فيه ويعظ، وكان يحضر مجلس وعظه رجال ونساء، فكان يجعل على وجهه بُرقُعًا تخوّفًا أن يفتتن به النساء من حسن وجهه)([4]).

ولا ندّعي أن ما فعله هذا الواعظ هو المأمور به شرعًا، لكن القصد أننا لا ننكر أصل افتتان النساء بجمال الرجال، وأن الشريعة أتت بكل ما يسُدُّ ذريعَةَ الفتنة.

الوجه الثاني: أن ما يجذب المرأة في الرجل ليس هو ما يجب الرجل في المرأة:

يقول الشيخ رشيد رضا في بيان الفرق بين ما يجذب المرأة في الرجل وما يجذب الرجل في المرأة: (يحسب أكثرُ الرجال أن للحُسْن والجمال سُلطانًا على قلوب النساء لا يدع فيه لغيره أمرًا ولا نهيًا، وأن شَغَف النساء بالحُسن يعلو شغفَ الرجال به، فلو أُطلِقت لهُنَّ الحرية في تخيُّر الأزواج لما اختَرْنَ إلا ذا الوجهِ الجميلِ والطرفِ الكحيل، وإن كان خسيسَ الأبوين صِفْرَ اليدين عادمَ الفضيلتين: فضيلةَ العلم والأدب، هذا هو الوجه في الحجر عليهنَّ أن يتخيَّرنَ لأنفسهن، فإنَّهُنَّ يتَّبِعن الهوى دون المصلحة، فيُصبحن على ما فعلنَ نادماتٍ بعد أن يُقاسِين من استبدادِ سُلطان الجمال ما لا طاقةَ لهُنَّ به ولا احتمال.

وهذا الحسبان خطأ، سبَبُه قياسُ أحدِ الصنفين على الآخر، وهو السببُ في تصدِّي حِسَان الوجوه من الشُّبان لتصبِّي النساء وإغوائهِن، وقد يُعدُّ نجاحهم في التَّصبِّي دليلًا على صحة القياس، وما هو بدليلٍ إلا عند من يجهل التعليل.

إن الفتنة بالجمال أولَعُ بالرجال منها بالنساء، فيقلُّ في النساء من فُتَنت بجمال الرجال، كامرأة عزيز مصر وصواحِبِها، ولا يتناول الإحصاءُ عددَ الرجال الذين فُتِنوا بجمال النساء كبني عُذْرةَ، وأمثال بني عُذْرةَ من جميع القبائل والشعوب، هذا هو السببُ عندي في شكوى الرجال من قِلَّةِ الوفاءِ في النساء.

إنما يَفتِن المرأة من الرجال تحبُّبُه إليها، فهي مجنونة في حُبِّ الحُبِّ، أي: حبِّ أن يُحبَّها الرجل، كما قالت علية بنت المهدي حكاية عن نَحيزَةِ صنفها([5]):

تحبَّبْ فإن الحُبَّ داعيةُ الحب

فهُنَّ يُفتنَّ بالرجال على قدر تصبِّيهم لهُنَّ، وتحبُّبِهم إليهنَّ، إذا هُنَّ صدَّقنَ، وأمِنَّ الخِلابَة والحيلة، وما أسرع تصديقَ الفتاة الغرِّ لوحي العيون، وانخداعَها بقول الزور، واستسلامَها للوُدِّ الممذوق والحُبِّ المصنوع، بل هي فتنةٌ لا تكادُ تسلمُ منها العوان([6]) التي مارست الرجال وعرفت الزمان.

قرأتُ قصةً (روايةً) في امرأة كانت تُدعى (فاتنةَ باريس)، وكانت تهوي إليها أفئدةُ الرجال، وتُمطرُها سحائبُ الأموال، فتفوز لديها آمالٌ وتخيبُ آمال، حتى إذا ما عرض لها مرضٌ حال له لونُها، وحال بين طلاب التمتُّع وبينها، انفضَّ مِن حولها الناس، إلا رجلًا واحدًا كان الحبُّ قد أخذه عن نفسه، ورانَ على عقله وحسِّه، ثم اختطفه من طبيعةِ الرجال، وطار به في فضاء الخيال، ولم تلبَثِ المرأة أن أفاقت من غشيةِ المرض، فلم ترَ من تلك الجُمُوع إلا ذلك الرجل، فاعتقدت أنه محبٌّ لها مُخلصٌ في حُبِّه، فاصطنعته لنفسها، وثابَتْ على يديه إلى رُشدِها، وهجرَتْ الرجال وهاجرَتْ معه من باريس إلى أريافها، وهُناك تزوَّجَت به ومَكَّنته من جميع ما تملك.

هذا الذي ذكرتُه من افتتان النساء بالتحبُّبِ والتصبي هو العلَّةُ الأولى فيما هو معروفٌ بين الناس من ميل نساء المدن إلى المُتَوَرِّنينَ والمُتطرِّسِين([7])، وزهدهنَّ في أهل العلم والدين، فهُنَّ يعتقدْنَ أنَّ هؤلاء في شُغُلٍ عنهُنَّ، وأنَّ أولئك لم يُبالِغُوا في التطيُّب والتزيُّن إلا لأجلِهِنَّ، ثم صار ذلك عادةً موروثةً فيهنَّ، وقد فشَتْ هذه العادةُ السوءُ في بيوتِ المُترفين من أهل مصر وغيرها، حتى إن العذارى ليقْتَرِحن أنْ يُغيِّر الخاطبُ لهن زِيَّهُ العلميَّ إن كان عالمًا، وقد يكون هذا التغيير وبالًا عليهِنَّ بعدَ الزواج، لأنَّه يُسهِّل على صاحبِه الدُّخول في بُيوتِ الفِسْق التي تَخرِب بيتهما وتُوقِع بينهما.

أما أهل البادية ومَن في حكمهم فإنَّ نِساءَهم لا يمِلْن إلا لمن اشتَهر بالشجاعةِ والشهامةِ والرُّجُوليَّةِ والكرمِ، وبهذه الصفات يتقرَّبُ الرجال إلى النساء عندهم، ولو وُجِد في المُدن شُبَّانٌ يُعرَفُون بهذه الصفات لما فضَّل النساء عليهم أحدًا، فإنَّ من صفات الفِطْرة أن تُحبَّ المرأة من الرَّجُل ما هو من شأنِ الرُّجُوليَّةِ، والعكسُ بالعكسِ، وهذا الذي يُحكى عن نساء الأمصار من وَلَعِهنَّ بالمُخنَّثِين ومن يقرُب منهم هو من فسادِ الفِطْرة.

وقد كان من حُسن تربية النساء في بلاد الإنكليز أنَّهُن قَرُبنَ من الفطرة السليمة، فقد اقتُرح عليهنَّ في بعض الجرائد أن يذكرنَ أحبَّ صفات الرجال إليهنَّ، فكان الجواب -مِن أكثرِ من أجبن- ناطقًا بحُبِّ صفاتِ الرُّجُوليَّةِ من الشجاعة والاستقلال والسُّلطَة عليهنَّ)([8]).

والقصد أن جمال المرأة الجسدي يحرك في الرجل ما لا يحركه جمال الرجل الجسدي في المرأة، والفرق بين المرأة والرجل في ذلك أمرٌ بدهي، لو تأمله دعاة التعري والسفور لأقروا به.

والدليل على إدراكهم لهذا الفرق تسليعهم لجسد المرأة، بحيث صارت وسيلة يستعملها رجال الأعمال لجذب الزبائن وترويج المنتجات في المكاتب والمطاعم والمؤسسات ووسائل الإعلام وغير ذلك.

كما أنَّنا لا نَجِد ظاهرةَ التحرُّش بالرجال مثلَ ظاهرة التحرُّش بالنساء في المجتمعات؛ ممَّا يعني أنَّ التسويةَ بين الرجُل والمرأة في وجوب الحجاب حتى لا يُفتَتَن كلٌّ منَ الصِّنفَين بالآخَر ضربٌ من إنكار الواقع والحِس.

وقد يعترض بعض الملاحدة هنا بأنه قد يقع التحرّش بالأطفال، والجواب عن ذلك أن لظاهرة التحرش أسبابًا متعددة لا تنحصر في السفور، منها الإثارة الجنسية المستمرة، والصناعة الإباحية، وتسليع المرأة، والاعتداء الجنسي على المتحرّش في الطفولة، والتقارب المجتمعي بين الرجال والنساء، والبطالة، وغير ذلك من الأسباب.

ونحن لم ندّعِ أن التبرج والسفور هو السبب الوحيد للتحرش، لكننا نستدل بشيوع التحرش من الرجال بالنساء على أن افتتان الرجال بأجساد النساء أشد من افتتان النساء بأجساد الرجال.

الوجه الثالث: المرأة تحتاج من الحفظ والصيانة ما لا يحتاج إليه الرجل: فإن المرأة سريعةُ التصوُّر، سريعةُ التأثُّر، سريعةُ الحكم، سريعةُ الانخداع، فهي لهذا قليلةُ الرَّويَّةِ، كثيرةُ الخطأ، لا سيما إذا كانت عذراء، خاضعةً لسلطان الحياء، تخدَعُها النظرةُ، وتتجاذبها الغرة([9]).

ولهذا فإن من تتبع الأحكام المتعلقة بالمرأة في أبواب العبادات والمعاملات يجد أن من أهم مقاصدها: المحافظة على المرأة وصيانتها.

يقول الإمام الشافعي: (وإنّما يُبايعُ النِّساءُ على الإسْلامِ، فأمّا على الطّاعَةِ فهُنَّ ‌لا ‌جِهادَ ‌عليهنّ)([10]).

ويقول شيخ الإسلام: (فهذه مريم احتاجت إلى من يكفلها ويحضنها، حتى اقترعوا على كفالتها، فكيف بمن سواها من النساء؟ وهذا أمر يعرف بالتجربة: أن المرأة تحتاج من الحفظ والصيانة إلى ما لا يحتاج إليه الصبي، وكل ما كان أستر لها وأصون كان أصلح لها.

ولهذا كان لباسها المشروع لباسًا لما يسترها، ولعن النبي صلى الله عليه وسلم من يلبس منهن لباس الرجال، وقال لأم سلمة في عصابتها: «لية لا ليتين» رواه أبو داود وغيره.

وقال في الحديث الصحيح: «صنفان من أهل النار من أمتي لم أرهما بعد: نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات، على رؤوسهن مثل أسنمة البخت، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، ورجال معهم سياط مثل أذناب البقر يضربون بها عباد الله».

وأيضًا: فأُمِرَت المرأة في الصلاة أن تتجمع ولا تجافي بين أعضائها، وفي الإحرام أن لا ترفع صوتها إلا بقدر ما تسمع رفيقتها، وأن لا ترقى فوق الصفا والمروة، كل ذلك لتحقيق سترها وصيانتها.

ونُهِيَت أن تسافر إلا مع زوج أو ذي محرم، لحاجتها في حفظها إلى الرجال مع كبرها ومعرفتها)([11]).

وبهذا الأصل رُجِّح قول الجمهور بأن البنت تكون عند أحد الأبوين في فترة الحضانة، وأنها لا تخيَّر كما يخير الصبي؛ لأن ذلك أحفظ لها.

يقول شيخ الإسلام بعد كلامه آنف الذكر: (فكيف إذا كانت صغيرة مميزة، وقد بلغت سن ثوران الشهوة فيها، وهي قابلة للانخداع؟! وفي الحديث: «النساء لحم على وضم إلا ما ذبَّ عنه».

فهذا مما يبين أن مثل هذه الصبية المميزة من أحوج النساء إلى حفظها وصونها، وترددها بين الأبوين مما يخل بذلك، من جهة أنها هي لا يجتمع قلبها على مكان معين، ولا يجتمع قلب أحد الأبوين على حفظها، ومن جهة أن تمكينها من اختيار هذا تارة وهذا تارة يخل بكمال حفظها، وهو ذريعة إلى ظهورها ومرورها، فكان الأصلح لها أن تجعل عند أحد الأبوين مُطلقًا، ولا تمكن من التخيير، كما قال ذلك جمهور علماء المسلمين مالك وأبو حنيفة وأحمد وغيرهم. وليس في تخييرها نص صريح ولا قياس صحيح)([12]).

وخلاصة القول:

أن المرأة كما يعلم بالتجربة تحتاج منذ طفولتها من العناية والصيانة والحفظ والرعاية ما لا يحتاج إليه الرجل، وقد جاءت الشريعة الإسلامية بتشريعات تراعي ذلك، وتبعدها عن أسباب الغش والخداع. ومِن المعلوم اضطِرارًا أنَّ عَواقب تَعرِّي المرأة لا تُقارَن بعواقب تَعرِّي الرجُل، ويدُل على ذلك أنَّ أعداء الإسلامِ إنَّما تُدَرُّ عليهمُ الأرباحُ، ويَجْنون الأموالَ بسبب تِجارتهم بأجساد النِّساء، ولا يوجَد مثلُ ذلك بالنسبةِ للرجال.

وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلَّم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

 

([1]) «إحكام النظر في أحكام النظر بحاسة البصر» (ص: 431) لابن القطان الفاسي.

([2]) «إحكام النظر في أحكام النظر بحاسة البصر» (ص: 432).

([3]) «إحياء علوم الدين» للغزالي (2/ 337)، ونقله الأردبيلي في «الأنوار لأعمال الأبرار».

([4]) «تاريخ بغداد» (١٢/ ٧٥-٧٦).

([5]) النَّحيزَة: هي الطريقة.

([6]) العوان: المرأة الثيب، ومن شأنها أن تكون ذات تجربة ودراية.

([7]) المُتورِّنين والمتطرسين: أي المُنعمين والمتأنقين.

([8]) «مجلة المنار»، المجلد الثامن.

([9]) «مجلة المنار»، المجلد الثامن.

([10]) «مختصر المزني» (2/ 436).

([11]) «جامع المسائل» (3/ 418) لابن تيمية.

([12]) «جامع المسائل» (3/ 418-419).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جديد سلف

الحالة السلفية في فكر الإمام أبي المعالي الجويني إمام الحرمين -أصول ومعالم-

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: من الأمور المحقَّقة عند الباحثين صحةُ حصول مراجعات فكرية حقيقية عند كبار المتكلمين المنسوبين إلى الأشعرية وغيرها، وقد وثِّقت تلك المراجعات في كتب التراجم والتاريخ، ونُقِلت عنهم في ذلك عبارات صريحة، بل قامت شواهد الواقع على ذلك عند ملاحظة ما ألَّفوه من مصنفات ومقارنتها، وتحقيق المتأخر منها والمتقدم، […]

أحوال السلف في شهر رجب

 مقدمة: إن الله تعالى خَلَقَ الخلق، واصطفى من خلقه ما يشاء، ففضّله على غيره، قال تعالى: ﴿وَرَبُّكَ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُ ‌وَيَخۡتَارُ﴾ [القصص: 68]. والمقصود بالاختيار: الاصطفاء بعد الخلق، فالخلق عامّ، والاصطفاء خاصّ[1]. ومن هذا تفضيله تعالى بعض الأزمان على بعض، كالأشهر الحرم، ورمضان، ويوم الجمعة، والعشر الأواخر من رمضان، وعشر ذي الحجة، وغير ذلك مما […]

هل يُمكِن الاستغناءُ عن النُّبوات ببدائلَ أُخرى كالعقل والضمير؟

مقدمة: هذه شبهة من الشبهات المثارة على النبوّات، وهي مَبنيَّة على سوء فَهمٍ لطبيعة النُّبوة، ولوظيفتها الأساسية، وكشف هذه الشُّبهة يحتاج إلى تَجْلية أوجه الاحتياج إلى النُّبوة والوحي. وحاصل هذه الشبهة: أنَّ البَشَر ليسوا في حاجة إلى النُّبوة في إصلاح حالهم وعَلاقتهم مع الله، ويُمكِن تحقيقُ أعلى مراتب الصلاح والاستقامة من غير أنْ يَنزِل إليهم […]

الصوفية وعجز الإفصاح ..الغموض والكتمان نموذجا

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  توطئة: تتجلى ظاهرة الغموض والكتمان في الفكر الصوفي من خلال مفهوم الظاهر والباطن، ويرى الصوفية أن علم الباطن هو أرقى مراتب المعرفة، إذ يستند إلى تأويلات عميقة -فيما يزعمون- للنصوص الدينية، مما يتيح لهم تفسير القرآن والحديث بطرق تتناغم مع معتقداتهم الفاسدة، حيث يدّعون أن الأئمة والأولياء هم الوحيدون […]

القيادة والتنمية عند أتباع السلف الصالح الأمير عبد الله بن طاهر أمير خراسان وما وراء النهر أنموذجا (182-230ه/ 798-845م)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  المقدمة: كنتُ أقرأ قصةَ الإمام إسحاق بن راهويه -رحمه الله- عندما عرض كتاب (التاريخ الكبير) للإمام البخاري -رحمه الله- على الأمير عبد الله بن طاهر، وقال له: (ألا أريك سحرًا؟!)، وكنت أتساءل: لماذا يعرض كتابًا متخصِّصًا في علم الرجال على الأمير؟ وهل عند الأمير من الوقت للاطّلاع على الكتب، […]

دعوى غلو النجديين وخروجهم عن سنن العلماء

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: تكثر الدعاوى حول الدعوة النجدية، وتكثر الأوهام حول طريقتهم سواء من المخالفين أو حتى من بعض الموافقين الذين دخلت عليهم بعض شُبه الخصوم، وزاد الطين بلة انتسابُ كثير من الجهال والغلاة إلى طريقة الدعوة النجدية، ووظفوا بعض عباراتهم -والتي لا يحفظون غيرها- فشطوا في التكفير بغير حق، وأساؤوا […]

التحقيق في موقف ابن الزَّمْلَكَاني من ابن تيّمِيَّة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: يُعتَبَر ابن الزَّمْلَكَاني الذي ولد سنة 667هـ مُتقاربًا في السنِّ مع شيخ الإسلام الذي ولد سنة 661هـ، ويكبره شيخ الإسلام بنحو ست سنوات فقط، وكلاهما نشأ في مدينة دمشق في العصر المملوكي، فمعرفة كلٍّ منهما بالآخر قديمة جِدًّا من فترة شبابهما، وكلاهما من كبار علماء مذهبِه وعلماء المسلمين. […]

الشَّبَهُ بين شرك أهل الأوثان وشرك أهل القبور

مقدمة: نزل القرآنُ بلسان عربيٍّ مبين، وكان لبيان الشرك من هذا البيان حظٌّ عظيم، فقد بيَّن القرآن الشرك، وقطع حجّةَ أهله، وأنذر فاعلَه، وبين عقوبته وخطرَه عليه. وقد جرت سنة العلماء على اعتبار عموم الألفاظ، واتباع الاشتقاق للأوصاف في الأفعال، فمن فعل الشرك فقد استوجب هذا الاسمَ، لا يرفعه عنه شرعًا إلا فقدانُ شرط أو […]

هل مُجرد الإقرار بالربوبية يُنجِي صاحبه من النار؟

مقدمة: كثيرٌ ممن يحبّون العاجلة ويذرون الآخرة يكتفون بالإقرار بالربوبية إقرارًا نظريًّا؛ تفاديًا منهم لسؤال البدهيات العقلية، وتجنُّبا للصّدام مع الضروريات الفطرية، لكنهم لا يستنتجون من ذلك استحقاق الخالق للعبودية، وإذا رجعوا إلى الشرع لم يقبَلوا منه التفصيلَ؛ حتى لا ينتقض غزلهم مِن بعدِ قوة، وقد كان هذا حالَ كثير من الأمم قبل الإسلام، وحين […]

هل كان شيخ الإسلام أبو عثمان الصابوني أشعريًّا؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: مِن مسالك أهل الباطل في الترويج لباطلهم نِسبةُ أهل الفضل والعلم ومن لهم لسان صدق في الآخرين إلى مذاهبهم وطرقهم. وقديمًا ادَّعى اليهود والنصارى والمشركون انتساب خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام إلى دينهم وملَّتهم، فقال تعالى ردًّا عليهم في ذلك: ﴿‌مَا ‌كَانَ ‌إِبۡرَٰهِيمُ يَهُودِيّا وَلَا نَصۡرَانِيّا وَلَٰكِن كَانَ […]

هل علاقة الوهابية بالصوفية المُتسنِّنة علاقة تصادم؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: تعتبر الصوفيةُ أحدَ المظاهر الفكرية في تاريخ التراث والفكر الإسلامي، وقد بدأت بالزهد والعبادة وغير ذلك من المعاني الطيِّبة التي يشتمل عليها الإسلام، ثم أصبحت فيما بعد عِلمًا مُستقلًّا يصنّف فيه المصنفات وتكتب فيه الكتب، وارتبطت بجهود عدد من العلماء الذين أسهموا في نشر مبادئها السلوكية وتعدَّدت مذاهبهم […]

مناقشة دعوى بِدعية تقسيم التوحيد

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة    مقدّمة: إن معرفة التوحيد الذي جاء به الأنبياء من أهم المهمّات التي يجب على المسلم معرفتها، ولقد جاءت آيات الكتاب العزيز بتوحيد الله سبحانه في ربوبيته وأنه الخالق الرازق المدبر، قال تعالى: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 54]، كما أمر الله تبارك وتعالى عباده […]

اتفاق علماء المسلمين على عدم شرط الربوبية في مفهوم العبادة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدّمة: كنّا قد ردَدنا في (مركز سلف) على أطروحة أحد المخالفين الذي راح يتحدّى فيها السلفيين في تحديد ضابط مستقيم للعبادة، وقد رد ردًّا مختصرًا وزعم أنا نوافقه على رأيه في اشتراط اعتقاد الربوبية؛ لما ذكرناه من تلازم الظاهر والباطن، وتلازم الألوهية والربوبية، وقد زعم أيضًا أن بعض العلماء […]

هل اختار السلفيون آراءً تخالف الإجماع؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: كثير من المزاعم المعاصرة حول السلفية لا تنبني على علمٍ منهجيٍّ صحيح، وإنما تُبنى على اجتزاءٍ للحقيقة دونما عرضٍ للحقيقة بصورة كاملة، ومن تلك المزاعم: الزعمُ بأنَّ السلفية المعاصرة لهم اختيارات فقهية تخالف الإجماع وتوافق الظاهرية أو آراء ابن تيمية، ثم افترض المخالف أنهم خالفوا الإجماع لأجل ذلك. […]

الألوهية والمقاصد ..إفراد العبادة لله مقصد مقاصد العقيدة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: مما يكاد يغيب عن أذهان بعض المسلمين اليوم أن العبودية التي هي أهمّ مقاصد الدين ليست مجرد شعائر وقتيّة يؤدّيها الإنسان؛ فكثير من المسلمين لسان حالهم يقول: أنا أعبدُ الله سبحانه وتعالى وقتَ العبادة ووقتَ الشعائر التعبُّدية كالصلاة والصيام وغيرها، أعبد الله بها في حينها كما أمر الله […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017