الاثنين - 13 ذو الحجة 1446 هـ - 09 يونيو 2025 م

دفع الإشكال عن حديث: «وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك»

A A

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة

من أصول أهل السنّة التي يذكرونها في عقائدهم: السمعُ والطاعة لولاة أمور المسلمين، وعدم الخروج عليهم بفسقهم أو ظلمهم، وذلك لما يترتب على هذا الخروج من مفاسد أعظم في الدماء والأموال والأعراض كما هو معلوم.

وقد دأب كثير من الخارجين عن السنة في هذا الباب -من الخوارج ومن سار على دربهم ومن اتجاهات اليسار العلماني كذلك- على الطعن في بعض الأحاديث، وأحيانا الاستهزاء بها بدعوى أنها تدعو للخنوع وترضى بالظلم، وخاصة هذه الجملة «وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك»؛ ولذلك أحببت أن أدفع هذه المطاعن عن هذا الحديث، وأبين الفهم الصحيح له، مع التوفيق بينه وبين الأحاديث التي يُظن معارضتها له.

أولَا: نصّ الحديث:

روى مسلم في صحيحه عن حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ قال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا كُنَّا بِشَرٍّ، فَجَاءَ اللهُ بِخَيْرٍ، فَنَحْنُ فِيهِ، فَهَلْ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، قُلْتُ: هَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الشَّرِّ خَيْرٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، قُلْتُ: فَهَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، قُلْتُ: كَيْفَ؟ قَالَ: «يَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ لَا يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ، وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي، وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ»، قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ؟ قَالَ: «تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ، وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ، فَاسْمَعْ وَأَطِعْ».

ثانيا: تخريج الحديث وبيان درجته:

هذا الحديث أخرجه الإمام مسلم([1])، وأخرجه الإمام البخاري كذلك([2]) ولكن بدون هذه الزيادة «وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك»، وإنما أورد هذه الزيادة مسلم من طريق أبي سلام عن حذيفة بن اليمان.

قال النووي رحمه الله: “قال الدارقطني: هذا عندي مرسل؛ لأن ‌أبا ‌سلام ‌لم ‌يسمع حذيفة. وهو كما قال الدارقطني، لكن المتن صحيح متصل بالطريق الأول، وإنما أتى مسلم بهذا متابعة كما ترى. وقد قدمنا في الفصول وغيرها أن الحديث المرسل إذا رُوي من طريق آخر متصلًا تبيّنّا به صحة المرسل، وجاز الاحتجاج به، ويصير في المسألة حديثان صحيحان”([3]).

وله متابعة من رواية خالد بن سبيع عن حذيفة، أخرجها أبو داود الطيالسي([4]) ونعيم بن حماد([5]).

ووصله الطبراني([6]) عَنْ زَيْدِ بْنِ سَلَّامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَتَكُونُ أَئِمَّةٌ لَا يَهْتَدُونَ بِهَدْيِي، وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي، وَسَتَكُونُ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي أَجْسَادِ الْإِنْسِ»، قُلْتُ: كَيْفَ أَصْنَعُ إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: «تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ الْأَعْظَمِ، ‌وَإِنْ ‌ضَرَبَ ‌ظَهْرَكَ وَأَخَذَ مَالَكَ، فَاسْمَعْ وَأَطِعْ».

وأخرجه كذلك موصولا الحاكم([7]) عَنْ زَيْدِ بْنِ سَلَّامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ حُذَيْفَةَ وفيه: «تَسْمَعُ لِلْأَمِيرِ الْأَعْظَمِ ‌وَإِنْ ‌ضَرَبَ ‌ظَهْرَكَ وَأَخَذَ مَالَكَ».

فالحديث بهذه الزيادة صحيح ثابت إن شاء الله.

ثالثا: شواهد هذا الحديث من الأحاديث الأخرى وأصول الشريعة:

هذا المعنى المذكور في هذا الحديث قد جاء في أحاديث أخرى صحيحة بالاتفاق، فليست المسألة متوقفة على هذا الحديث، حتى يظن البعض أن الصبر على جور الأئمة متوقف على هذه الزيادة، وأنها وحدها متمَسَّك أهل السنة في ذلك، بل أحاديث الأمر بالصبر على جور الحكام كثيرة مشهورة، ومنها:

  • قوله صلى الله عليه وسلم: «سَتَكُونُ أثَرَةٌ وأُمُورٌ تُنْكِرُونَها»، قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، فَما تَأْمُرُنا؟ قالَ: «تُؤَدُّونَ الحَقَّ الذي علَيْكُم، وتَسْأَلُونَ اللَّهَ الذي لَكُمْ»([8]).
  • وقوله صلى الله عليه وسلم: «مَن رَأَى من أمِيرِهِ شيئًا يَكْرَهُهُ فلْيَصْبِرْ عليه، فإِنَّهُ ليس أحدٌ يُفارِقُ الجَماعةَ شِبْرًا فيَموتُ إِلَّا ماتَ مِيتةً جَاهِلِيَّةً»([9]). والأحاديث في ذلك كثيرة مشهورة.

بل إن هذا الأصل أيّدته قواعد الشريعة ومقاصدها، من مراعاة المصالح والمفاسد، والموازنة بينها، وتحمّل أدنى المفسدتين لدفع أعلاهما، وتفويت أدنى المصلحتين لتحصيل أعلاهما، وهو أصل عظيم وقاعدة من قواعد الشريعة متفق عليها بين أهل العلم، لا يختلفون فيها كأصل، وإن اختلفوا في بعض الصور الفرعية من جهة تحقيق المناط فيها، إلا أنهم لا يختلفون في مراعاة هذا الأصل جملة.

رابعًا: كلام العلماء في معنى: «وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك»:

اختلف أهل العلم في محمل هذا الحديث على قولين:

الأول: أنه محمول على أن يفعل الإمامُ ذلك ظلمًا بغير حق، فعندها واجب المظلوم الصبر على ذلك، وعدم نزع اليد من الطاعة في المعروف، وعدم الخروج على هذا الحاكم المسلم بسبب هذه المظلمة التي وقعت عليه.

وهذا قول أكثر العلماء شراح الحديث، ولذلك ذكروه في أبواب (الفتن) و(الصبر على جور الأئمة وترك قتالهم).

قال ابن هبيرة رحمه الله: “وفيه أيضًا: أن المؤمن إذا بلي بذلك في وقت أمير جائر من ضرب ظهره وأخذ ماله فإنه لا يخرج عليه ولا يحاربه، بل يسمع ويطيع، فإنه بخروجه يزيد الفتن شرًّا”([10]).

وقال النووي رحمه الله: “وفي حديث حذيفة هذا لزوم جماعة المسلمين وإمامهم، ووجوب طاعته وإن فسق وعمل المعاصي من أخذ الأموال وغير ذلك، فتجب طاعته في غير معصية”([11]).

وقال أبو العباس القرطبي رحمه الله: “هذا أمر للمفعول به ذلك للاستسلام والانقياد، وترك الخروج عليه؛ مخافة أن يتفاقم الأمر إلى ما هو أعظم من ذلك”([12]).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بعد أن ذكر الحديث: “فهذا أمر بالطاعة مع ظلم الأمير”([13]).

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: “وإلى ذلك الإشارة بقوله: «الزم جماعة المسلمين وإمامهم» يعني: ولو جار. ويوضح ذلك رواية أبي الأسود: «ولو ضرب ظهرك وأخذ مالك»، وكان مثلُ ذلك كثيرًا في إمارة الحجاج ونحوه… وقال ابن بطال: فيه حجة لجماعة الفقهاء في وجوب لزوم جماعة المسلمين وترك الخروج على أئمة الجور”([14]).

والنقول في ذلك كثيرة جدًّا، وهذا المعنى هو ظاهر الحديث والمتبادر إلى الذهن.

الثاني: أن ذلك محمول على أن يفعل الإمام ذلك بوجه حقّ، أو على الأقل: له فيه تأويل محتمل.

وممن ذهب إلى ذلك ابن حزم رحمه الله، فقال: “أما أمره صلى الله عليه وسلم بِالصبرِ على أَخذ المَال وَضرب الظّهْر فَإِنَّمَا ذَلِك بِلَا شكّ إِذا تولى الإِمَام ذَلِك بِحَقّ، وَهَذَا مَا لَا شكّ فِيهِ أَنه فرض علينا الصَّبْر لَهُ… وَأمَّا إِن كَانَ ذَلِك بباطل فمعاذ الله أَن يَأْمر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِالصبرِ على ذَلِك”([15]).

والذي حمل ابن حزم على هذا التأويل هو ترجيحه لقول من يقول بوجوب الخروج على الحاكم الظالم بالسيف، قال رحمه الله: “سلُّ السيوف فِي الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَاجِب إِذا لم يُمكن دفع الْمُنكر إِلَّا بذلك. قَالُوا: فَإِذا كَانَ أهل الْحق فِي عِصَابَة يُمكنهُم الدّفع وَلَا ييأسون من الظفر فَفرض عَلَيْهِم ذَلِك، وَإِن كَانُوا فِي عدد لَا يرجون لقلتهم وضعفهم بظفر كَانُوا فِي سَعَة من ترك التَّغْيِير بِالْيَدِ”([16]).

ولا شك في فساد هذا المذهب، فإنه لا قائل به بهذا الإطلاق، بل من ذهب إلى ذلك قديمًا كمن خرجوا على الحجاج ويزيد؛ فكان حاملهم على ذلك فشو الظلم، وظنهم أن الخروج سوف يحقق إزالة هذا الظلم أو تقليله، ولذلك أجمع العلماء بعد هذه التجارب وما نجم عنها من مفاسد عظيمة في الدين والدنيا على حرمة الخروج بالسيف.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: “قولهم: ‌كان ‌يرى ‌السيف، يعني كان يرى الخروج بالسيف على أئمة الجور. وهذا مذهب للسلف قديم، لكن استقر الأمر على ترك ذلك؛ لما رأوه قد أفضى إلى أشد منه، ففي وقعة الحرة ووقعة ابن الأشعث وغيرهما عظة لمن تدبر”([17]).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “ولهذا استقر أمر أهل السنة على ترك ‌القتال ‌في ‌الفتنة للأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وصاروا يذكرون هذا في عقائدهم، ويأمرون بالصبر على جور الأئمة وترك قتالهم، وإن كان قد قاتل في الفتنة خلق كثير من أهل العلم والدين”([18]).

وقال أيضا في خروج الحسين رضي الله عنه زمن يزيد: “ولم يكن في الخروج لا مصلحة دين ولا مصلحة دنيا، بل تمكن أولئك الظلمة الطغاة من سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قتلوه مظلوما شهيدًا، وكان في خروجه وقتله من الفساد ما لم يكن حصل لو قعد في بلده، فإن ما قصده من تحصيل الخير ودفع الشر لم يحصل منه شيء، بل زاد الشر بخروجه وقتله، ونقص الخير بذلك، وصار ذلك سببا لشر عظيم. وكان قتل الحسين مما أوجب الفتن، كما كان قتل عثمان مما أوجب الفتن. وهذا كله مما يبين أن ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من الصبر على جور الأئمة وترك قتالهم والخروج عليهم هو أصلح الأمور للعباد في المعاش والمعاد، وأن من خالف ذلك متعمدًا أو مخطئًا لم يحصل بفعله صلاح بل فساد”([19]).

وقال النووي رحمه الله: “وأما ‌الخروج ‌عليهم وقتالهم فحرام بإجماع المسلمين وإن كانوا فسقة ظالمين، وقد تظاهرت الأحاديث بمعنى ما ذكرتُه، وأجمع أهلُ السنة أنه لا ينعزل السلطان بالفسق، وأما الوجه المذكور في كتب الفقه لبعض أصحابنا أنه ينعزل، وحُكي عن المعتزلة أيضًا فغلطٌ من قائله مخالفٌ للإجماع. قال العلماء: وسبب عدم انعزاله وتحريم الخروج عليه ما يترتب على ذلك من الفتن وإراقة الدماء وفساد ذات البين، فتكون المفسدة في عزله أكثر منها في بقائه”([20]).

وكلام العلماء واضح في أن الإجماع انعقد بعد ذلك على تحريم الخروج؛ لما يترتب عليه من مفاسد أعظم من المفاسد الحاصلة، وهذا الذي وردت به النصوص، وأيده التاريخ والواقع المعاصر إلى يومنا هذا أن الخروج بالسيف يفضي إلى فتن، ويترتب عليه فساد في الدماء والأموال أضعاف ما يخرج الناس من أجله.

والغرض المقصود: أن الذي حمل ابن حزم على هذا التأويل هو انتصاره لهذا المذهب الفاسد.

وهذا لا يعني انفراد ابن حزم بهذا الوجه، فقد ذكره غيره من أهل العلم، كالقرطبي صاحب المفهم، فقد ذكره احتمالا، فقال: “ويحتمل أن يكون ذلك خطابًا لمن يُفعل به ذلك بتأويل يسوّغ للأمير بوجهٍ يظهر له ولا يظهر ذلك للمفعول به، وعلى هذا يرتفع التعارض بين الأحاديث ويصحّ الجمع، والله تعالى أعلم”([21]).

وهذا الاحتمال بعيد جدًّا عن سياق الحديث، فإن امتثال المؤمن لدفع ماله في الزكاة ونحوها من المصارف الشرعية، وكذا إقامة الحدود عليه هو الأصل في المسلم، وفعل الإمام لذلك ليس مما يستنكر حتى يقال: اسمع وأطع وإن فعل ذلك.

ولكن هذا الحديث مثل حديث وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجُلٌ سَأَلَهُ فَقَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَيْنَا أُمَرَاءُ ‌يَمْنَعُونَا ‌حَقَّنَا ‌وَيَسْأَلُونَا ‌حَقَّهُمْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا؛ فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا، وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ»([22]). وغيرها من الأحاديث الكثيرة الدالة على الصبر على جور الحكام.

وليس معارضًا لغيره من الأحاديث، بل هو موافق لها كما سنبين.

خامسا: هل الأمر بالصبر يعني الخنوع والرضا بالظلم؟

الأمر بالصبر على جور الحكام هو من باب الموازنة بين المفاسد الحاصلة والمفاسد المتوقَّعة، والشرع والعقل قد دلَّا على وجوب تحمل المفسدة الأدنى لدفع الأعلى.

وما يجزم به كل عاقل أن المفاسد الواقعة بسبب الخروج على الأئمة بالسيف أعظم من المفاسد الحاصلة، وبهذا أتت الشريعة، وهذا ما دل عليه التاريخ والواقع.

وليس هذا في الحقيقة مما انفرد به الإسلام، بل لا نعلم نظامًا حاكمًا إسلاميًّا أو غير إسلامي يجيز لأفراده حمل السلاح وإعلان التمرد على الدولة لمجرد تعرض شخص لمظلمة، بل غاية ما يسمحون به في النظم التي يسمونها ديمقراطية هو حق الاعتراض والمطالبة بحقّه، وهذا أيضا ما جاء به الإسلام، فالأمر بالصبر لا ينافي السعي في دفع الظلم عن نفسه، ولا السعي في تحصيل حقّه، إما بالتقاضي أو غيرها من الوسائل المشروعة، لكن لا يحمله هذا الظلم الشخصيّ الجزئي على أن ينزع يده من طاعة الإمام، ويخرج على المسلمين بالسيف، فيعرض ملايين المسلمين لمظالم أعظم ومفاسد أعظم.

سادسا: هل ينافي ذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما يقول ابن حزم؟

والجواب: أن ذلك لا ينافيه من وجهين:

الوجه الأول: أن الصبر هنا معناه: عدم الخروج على الأئمة، وهذا لا يتنافى مع إنكار المنكر الصادر منهم بضوابطه الشرعية.

ومن أمثلة ذلك: موقف الإمام أحمد رحمه الله مع الخلفاء الذين كانوا يدعون لخلق القرآن، فقد أنكر عليهم ذلك إنكارًا مشهورًا، ولكنه أبى الخروج عليهم ودعا للصبر؛ التزامًا بالآثار والنصوص، ومنعًا للمفاسد المتوقعة من ذلك.

فعن أَبي بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَأْمُرُ بِكَفِّ الدِّمَاءِ، وَيُنْكِرُ الْخُرُوجَ إِنْكَارًا شَدِيدًا([23]).

وسئل عن قوم دعوا للخروج زمن الواثق، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَجَعَلَ يَقُولُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! الدِّمَاءَ الدِّمَاءَ، لَا أَرَى ذَلِكَ، وَلَا آمُرُ بِهِ، الصَّبْرُ عَلَى مَا نَحْنُ فِيهِ خَيْرٌ مِنَ الْفِتْنَةِ، يُسْفَكُ فِيهَا الدِّمَاءُ، وَيُسْتَبَاحُ فِيهَا الْأَمْوَالُ، وَيُنْتَهَكُ فِيهَا الْمَحَارِمُ، أَمَا عَلِمْتَ مَا كَانَ النَّاسُ فِيهِ؟! يَعْنِي أَيَّامَ الْفِتْنَةِ. فقيل له: وَالنَّاسُ الْيَوْمَ، أَلَيْسَ هُمْ فِي فِتْنَةٍ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: وَإِنْ كَانَ، فَإِنَّمَا هِيَ فِتْنَةٌ خَاصَّةٌ، فَإِذَا وَقَعَ السَّيْفُ عَمَّتِ الْفِتْنَةُ، وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، الصَّبْر عَلَى هَذَا وَيَسْلَمُ لَكَ دِينُكَ خَيْرٌ لَكَ. وَرَأَيْتُهُ يُنْكِرُ الْخُرُوجَ عَلَى الْأَئِمَّةِ، وَقَالَ: الدِّمَاءَ، لَا أَرَى ذَلِكَ، وَلَا آمُرُ بِهِ([24]).

فهذا الإمام جمع بين البابين: باب الصبر على جور الأئمة وإن ضربوا الظهور ظلمًا وعدوانًا، مع النهي عن المنكر والحفاظ على الدين.

وهذه الموازنة بين الحفاظ على الأمة والجماعة من جانب والمحافظة على السنة والدين من جانب آخر هي من معالم منهج أهل السنة والجماعة ووسطيتهم، فهم ليسوا كالخوارج الذين أرادوا بزعمهم الحفاظ على الدين والنهي عن المنكر، فخرجوا على الأمة ومزقوا الجماعة وأضاعوها، فكان خروجهم فتنة ومنكرًا، وليسوا كالمرجئة الذين زعموا الحفاظ على الأمة فضيعوا السنة والدين، وأما أهل السنة فقاموا بالأمرين، مصداقا لقوله تعالى: ﴿وَٱعۡتَصِمُواْ ‌بِحَبۡلِ ‌ٱللَّهِ ‌جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُواْ﴾ [آل عمران: 103]، وقوله تعالى: ﴿أَنۡ ‌أَقِيمُواْ ‌ٱلدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُواْ فِيهِ﴾ [الشورى: 13]، وغيرها من النصوص التي تبين وجوب ملازمة هذين الأصلين العظيمين.

الوجه الثاني: أن النهي عن المنكر يكون بحسب القدرة والاستطاعة، فإذا سقطت القدرة سقط معها الوجوب، وبقي الاستحباب، وربما سقط الاستحباب كذلك في بعض الأحوال.

فإذا كان الضرر المعتبر المتوقع حصوله لاحقًا بالمنكِر فقط سقط الوجوب وبقي الاستحباب. أما إذا كان هذا الضرر يلحق غيره فهنا يسقط الاستحباب كذلك؛ لأنه لا يجوز له إلحاق الضرر بغيره دون إذنه، فيصير الإنكار في حقه محرمًا.

وكذلك لو كان يترتب على إنكار المنكر وجود منكر أعظم، فإن الإنكار عند ذلك يكون محرمًا.

قال ابن القيم رحمه الله: “إنكار المنكر أربع درجات: الأولى: أن يزول ويخلفه ضده، الثانية: أن يقل وإن لم يُزل بجملته، الثالثة: أن يخلفه ما هو مثله، الرابعة: أن يخلفه ما هو شر منه. فالدرجتان الأولَيَانِ مشروعتان، والثالثة موضع اجتهاد، والرابعة محرمة”([25]). وذكر أدلة ذلك والأمثلة عليه.

فظهر بذلك أن الصبر على جور الحكام ليس معارضًا للنهي عن المنكر، بل هو موافق له، وأن مخالفة ذلك هي المنكر الذي يجب النهي عنه.

سابعا: هل ذلك مخالف لأحاديث دفع الصائل كحديث: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ»([26]

والجواب من وجهين:

الوجه الأول: أن أحاديث دفع الصائل يستثنى منها الحكام لما سبق من النهي عن قتال الأئمة. قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: “قال ابن المنذر: والذي عليه أهل العلم أن للرجل أن يدفع عما ذُكر إذا أريد ظلمًا بغير تفصيل، إلا أن كل من يُحفظ عنه من علماء الحديث كالمجمعين على ‌استثناء ‌السلطان للآثار الواردة بالأمر بالصبر على جوره وترك القيام عليه”([27]).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في تعريف الصائل الذي يشرع قتاله: “وهو الظالم بلا تأويل ولا ولاية”([28]).

وقال الشوكاني رحمه الله:” قَوْلُهُ: «‌وَإِنْ ‌ضُرِبَ ‌ظَهْرُك وَأُخِذَ مَالُك فَاسْمَعْ وَأَطِعْ» فيه دليل على وجوب طاعة الأمراء، وإن بلغوا في العسف والجور إلى ضرب الرعية وأخذ أموالهم، فيكون هذا مخصِّصًا لعموم قوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194]، وَقَوْلِهِ: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: 40]”([29]).

الوجه الثاني: أن دفع الصائل مأمور بتركه في أزمنة الفتنة؛ لئلا يجرّ إلى فتن أعظم.  وعليه يحمل حديث: «فَكُنْ عَبْدَ اللهِ الْمَقْتُولَ، وَلَا تَكُنْ عَبْدَ اللهِ الْقَاتِلَ»([30]).

قال ابن قتيبة في الجمع بين أحاديث البابين: “أراد بقوله: «من قتل دون ماله فهو شهيد» من قاتل اللصوص عن ماله حتى يقتل في منزله وفي أسفاره. وأراد بقوله…: «كن عبد الله المقتول، ولا تكن عبد الله القاتل» أي: افعل هذا في زمن الفتنة، واختلاف الناس على التأويل، وتنازع سلطانين، كل واحد منهما يطلب الأمر ويدعيه لنفسه بحجة”([31]).

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: “وفَرَّق الأوزاعي بين الحال التي للناس فيها جماعة وإمام، فحمل الحديث عليها، وأما في حال الاختلاف والفرقة فليستسلم ولا يقاتل أحدًا”([32]).

ومعلوم أن مقاتلة الحاكم بما معه من جند وشوكة يفضي إلى فتن أعظم ومظالم أكبر، ولذلك لا يصح إدخاله في هذا الباب.

وكما سبق فإن هذا لا يعني أنه يلزمه أن يسلِّم ماله ونفسَه وهو قادر على دفع ذلك من غير خروج على الإمام، بل مهما أمكنه ذلك بالوسائل المشروعة فعله، ولا حرج عليه في ذلك، كأن يحرز ماله ويخفيه، أو غيرها من الوسائل التي لا تفضي إلى مفسدة أعظم.

فبطل بهذا كلام ابن حزم بأن الصبر على أخذ المال وضرب الظهر معاونة على الإثم والعدوان، فإن المظلوم لا يعين على ذلك، بل لو قدر على منعه لفعل، ما لم يفض ذلك إلى منكر أعظم، على ما سبق بيانه وتقريره، ولكنه يصبر على ما لا قدرة له على دفعه غالبا.

ولكن الحديث ينبّه ويشدّد على أن هذه المعصية من الحاكم لا تُسقط ولايتَه، وهذه المظلمة الخاصة لا تبيح للمظلوم أن يفرق جماعة المسلمين، ويشق عصا الطاعة، فتصير المظلمة عامة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) صحيح مسلم (1847).

([2]) صحيح البخاري (3606).

([3]) شرح صحيح مسلم (12/ 237-238).

([4]) مسند الطيالسي (444).

([5]) الفتن (357).

([6]) المعجم الأوسط (2893).

([7]) المستدرك (8533). وقال: “هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ”، ولم يتعقبه الذهبي، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2739).

([8]) أخرجه البخاري (3603)، ومسلم (1843).

([9]) أخرجه البخاري (7143) واللفظ له، ومسلم (1849).

([10]) الإفصاح عن معاني الصحاح (2/ 221).

([11]) شرح صحيح مسلم (12/ 237).

([12]) المفهم لما أشكل من صحيح مسلم (4/ 39).

([13]) منهاج السنة النبوية (3/ 394).

([14]) فتح الباري (13/ 36-37).

([15]) الفصل في الملل والأهواء والنحل (4/ 133).

([16]) المصدر السابق (4/ 132).

([17]) تهذيب التهذيب (2/ 288).

([18]) منهاج السنة النبوية (4/ 529-530).

([19]) منهاج السنة (4/ 530-531).

([20]) شرح صحيح مسلم (12/ 229).

([21]) المفهم (4/ 39).

([22]) أخرجه الترمذي (2199). وقال: “حديث حسن صحيح”، وصححه الألباني.

([23]) السنة للخلال (87).

([24]) السنة للخلال (89).

([25]) إعلام الموقعين (4/ 339).

([26]) أخرجه البخاري (2480). وكذا حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ جَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَخْذَ مَالِي؟ قَالَ: «فَلَا تُعْطِهِ مَالَكَ»، قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَاتَلَنِي؟ قَالَ: «قَاتِلْهُ»، قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلَنِي؟ قَالَ: «فَأَنْتَ شَهِيدٌ»، قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلْتُهُ؟ قَالَ: «هُوَ فِي النَّارِ». أخرجه مسلم (140).

([27]) فتح الباري (5/ 124).

([28]) مجموع الفتاوى (28/ 319).

([29]) نيل الأوطار (7/ 207).

([30]) أخرجه أحمد في المسند (21064). وصححه ابن حجر في الفتح (12/ 279).

([31]) تأويل مختلف الحديث (ص: 234).

([32]) فتح الباري (5/ 124).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جديد سلف

ذلك ومن يعظم شعائر الله .. إطلالة على تعظيم السلف لشعائر الحج

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقدمة: لا جرم أن الحج مدرسة من أعظم المدارس أثرا على المرء المسلم وعلى حياته كلها، سواء في الفكر أو السلوك أو العبادات، وسواء في أعمال القلوب أو أعمال الجوارح؛ فإن الحاج في هذه الأيام المعدودات لو حجَّ كما أراد الله وعرف مقاصد الحج من تعظيم الله وتعظيم شعائره […]

‏‏ترجمة الشيخ الداعية سعد بن عبد الله بن ناصر البريك رحمه الله

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة اسمه ونسبه: هو الشيخ سعد بن عبد الله بن ناصر البريك. مولده: ولد الشيخ رحمه الله في مدينة الرياض يوم الاثنين الرابع عشر من شهر رمضان عام واحد وثمانين وثلاثمائة وألف للهجرة النبوية 14/ 9/ 1381هـ الموافق 19 فبراير 1962م. نشأته العلمية: نشأ رحمه الله نشأته الأولى في مدينة […]

تسييس الحج

  منذ أن رفعَ إبراهيمُ عليه السلام القواعدَ من البيت وإسماعيلُ وأفئدة الناس تهوي إليه، وقد جعله الله مثابةً للناس وأمنا، أي: مصيرًا يرجعون إليه، ويأمنون فيه، فعظَّمه الناسُ، وعظَّموا من عظَّمه وأقام بجواره، وظل المشركون يعتبرون القائمين على الحرم من خيارهم، فيضعون عندهم سيوفهم، ولا يطلب أحد منهم ثأره فيهم ولا عندهم ولو كان […]

البدع العقدية والعملية حول الكعبة المشرفة ..تحليل عقائدي وتاريخي

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة تُعدُّ الكعبةُ المشرّفة أقدسَ بقاع الأرض، ومهوى أفئدة المسلمين، حيث ارتبطت ارتباطًا وثيقًا بعقيدة التوحيد منذ أن رفع قواعدها نبي الله إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام، تحقيقًا لأمر الله، وإقامةً للعبادة الخالصة. وقد حظيت بمكانةٍ عظيمة في الإسلام، حيث جعلها الله قبلةً للمسلمين، فتتوجه إليها وجوههم في الصلاة، […]

الصد عن أبواب الرؤوف الرحيم

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: من أهمّ خصائص الدين الإسلامي أنه يؤسّس أقوم علاقة بين الإنسان وبين إلهه وخالقه سبحانه وتعالى، وإبعاد كلّ ما يشوب هذه العلاقة من المنغّصات والمكدرات والخوادش؛ حيث تقوم هذه العلاقة على التوحيد والإيمان والتكامل بين المحبة والخوف والرجاء؛ ولا علاقة أرقى ولا أشرف ولا أسعد للإنسان منها ولا […]

إطلاقات أئمة الدعوة.. قراءة تأصيلية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   مقدمة: يقتضي البحث العلمي الرصين -لا سيما في مسائل الدين والعقيدة- إعمالَ أدوات منهجية دقيقة، تمنع التسرع في إطلاق الأحكام، وتُجنّب الباحثَ الوقوعَ في الخلط بين المواقف والعبارات، خاصة حين تكون صادرة عن أئمة مجدِّدين لهم أثر في الواقع العلمي والدعوي. ومن أبرز تلك الأدوات المنهجية: فهم الإطلاق […]

التوحيد في موطأ الإمام مالك

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: يختزن موطأ الإمام مالك رضي الله عنه كنوزًا من المعارف والحكمة في العلم والعمل، ففيه تفسيرٌ لآيات من كتاب الله تعالى، وسرد للحديث وتأويله، وجمع بين مختلفه وظاهر متعارضه، وعرض لأسباب وروده، ورواية للآثار، وتحقيق للمفاهيم، وشرح للغريب، وتنبيه على الإجماع، واستعمال للقياس، وفنون من الجدل وآدابه، وتنبيهات […]

مناقشة دعوى مخالفة حديث: «لن يُفلِح قومٌ ولَّوا أمرهم امرأة» للواقع

مقدمة: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وآله وصحبه أجمعين، أمّا بعد: تُثار بين حين وآخر بعض الإشكالات على بعض الأحاديث النبوية، وقد كتبنا في مركز سلف ضمن سلسلة –دفع الشبهة الغويّة عن أحاديث خير البريّة– جملةً من البحوث والمقالات متعلقة بدفع الشبهات، ونبحث اليوم بعض الإشكالات المتعلقة بحديث: «لن يُفلِحَ قومٌ وَلَّوْا […]

ترجمة الشيخ أ. د. أحمد بن علي سير مباركي (1368-1446هـ/ 1949-2025م)(1)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة اسمه ونسبه: هو الشَّيخ الأستاذ الدكتور أحمد بن علي بن أحمد سير مباركي. مولده: كان مسقط رأسه في جنوب المملكة العربية السعودية، وتحديدًا بقرية المنصورة التابعة لمحافظة صامطة، وهي إحدى محافظات منطقة جازان، وذلك عام 1365هـ([2]). نشأته العلمية: نشأ الشيخ نشأتَه الأولى في مدينة جيزان في مسقط رأسه قرية […]

(الاستواء معلوم والكيف مجهول) نصٌ في المسألة، وعبث العابثين لا يلغي النصوص

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. فقد طُبِع مؤخرًا كتاب كُتِبَ على غلافه: (الاستواء معلوم والكيف مجهول: تقرير لتفويض المعنى لا لإثباته عند أكثر من تسعين إمامًا مخالفين لابن تيمية: فكيف تم تحريف دلالتها؟). وعند مطالعة هذا الكتاب تعجب من مؤلفه […]

التصوف بين منهجين الولاية نموذجًا

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: منذ أن نفخ الله في جسد آدم الروح، ومسح على ظهره، وأخذ العهد على ذريته أن يعبدوه، ظلّ حادي الروح يحدوها إلى ربها، وصوت العقل ينادي عليها بالانحياز للحق والتعرف على الباري، والضمير الإنساني يؤنّب الإنسان، ويوبّخه حين يشذّ عن الفطرة؛ فالخِلْقَة البشرية والهيئة الإنسانية قائلة بلسان الحال: […]

ابن تيميَّـة والأزهر.. بين التنافر و الوِفاق

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: يُعد شيخ الإسلام ابن تيمية أحد كبار علماء الإسلام الذين تركوا أثرًا عظيمًا في الفقه والعقيدة والتفسير، وكان لعلمه واجتهاده تأثير واسع امتدّ عبر الأجيال. وقد استفاد من تراثه كثير من العلماء في مختلف العصور، ومن بينهم علماء الأزهر الشريف الذين نقلوا عنه، واستشهدوا بأقواله، واعتمدوا على كتبه […]

القول بالصرفة في إعجاز القرآن بين المؤيدين والمعارضين

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: إنَّ الآياتِ الدالةَ على نبوّة محمدٍ صلى الله عليه وسلم كثيرة كثرةَ حاجة الناس لمعرفة ذلك المطلَب الجليل، ثم إن القرآن الكريم هو أجلّ تلك الآيات، فهو معجزة النبي صلى الله عليه وسلم المستمرّة على تعاقُب الأزمان، وقد تعدَّدت أوجه إعجازه في ألفاظه ومعانيه، ومع ما بذله المسلمون […]

الطاقة الكونية مفهومها – أصولها الفلسفية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة تمهيد: إن الله عز وجل خلق الإنسان، وفطره على التوحيد، وجعل في قلبه حبًّا وميلًا لعبادته سبحانه وتعالى، قال الله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [الروم: 30]، قال السعدي رحمه الله: […]

موقف الليبرالية من أصول الأخلاق

مقدمة: تتميَّز الرؤية الإسلامية للأخلاق بارتكازها على قاعدة مهمة تتمثل في ثبات المبادئ الأخلاقية وتغير المظاهر السلوكية، فالأخلاق محكومة بمعيار رباني ثابت يحدد مسارها، ويمنع تغيرها وتبدلها تبعًا لتغير المزاج البشري، فحسنها ثابت الحسن أبدًا، وقبيحها ثابت القبح أبدًا، إذ هي تحمل صفات ثابتة في ذاتها تتميز من خلالها مدحًا أو ذمًّا خيرًا أو شرًّا([1]). […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017