الجمعة - 01 شعبان 1446 هـ - 31 يناير 2025 م

عرض وتعريف بكتاب: “قاعدة إلزام المخالف بنظير ما فرّ منه أو أشد.. دراسة عقدية”

A A

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة

المعلومات الفنية للكتاب:

عنوان الكتاب: (قاعدة إلزام المخالف بنظير ما فرّ منه أو أشد.. دراسة عقدية).

اسـم المؤلف: الدكتور سلطان بن علي الفيفي.

الطبعة: الأولى.

سنة الطبع: 1445هـ- 2024م.

عدد الصفحات: (503) صفحة، في مجلد واحد.

الناشر: مسك للنشر والتوزيع – الأردن.

أصل الكتاب: رسالة علمية تقدَّم بها المؤلف لنيل درجة العالمية الدكتوراه، بجامعة أم القرى، بمكة المكرمة.

قيمة الكتاب:

تبرز أهمية الكتاب في كونه يقدِّم نقدًا أصيلًا عبر سلاح معترَف به عند المدارس الكلامية والجدلية، وهو مسلك الإلزام، فهو لا يقتصر على الدفاع الضمني عن معتقد السلف الصالح، بل ينقد أصول المخالف الكلامية -وهي شبهات في الحقيقة وليس أصولًا معتبرة-، ويبيِّن خواءها. وهذا جارٍ على جميع الطوائف المخالفةِ للحقّ؛ كالخوارج والمعتزلة والمرجئة والأشاعرة والرافضة وغيرها، فإنه يلزمهم نظير ما فرّوا منه أو أشدُّ، وذلك على قدر ما تقلَّدوه من الباطل وجانبوا فيه الكتاب والسنة، وقد قال الله تعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: 82].

وقد أسفرت هذه القاعدةُ عن الوضوح العقديّ عند أهل السنة والجماعة، وأبانت عن سلامتهم من المناقضة، والسبب ظاهر وهو كمال تسليمهم للوحي المعصوم، فأنجاهم الله من التخبّط والتناقض والمراوغة أو التردّد في تقرير الأصول التي يستقون منها العقائد، فالمخالف لأهل السنة والجماعة قد وقع في نظير ما فر منه أو أشد.

لذا فإنّ من أهم ما يتسلّل إلى نفس المطالع لهذا الكتاب أنّ المخالفين لأهل السنة والجماعة لما ضعُف اعتمادهم على النصوص الشرعية من الوحي المنزَّل في تقرير العقائدِ اضطربوا وزاغوا، ولم تكن لهم قواعد أو أصول راسخة يدورون حولها، إلا خيوط العنكبوت، بعيدة عن المسالك الشرعية الصحيحة والعقلية الصريحة.

لذا حسُن من المؤلف افتتاحُ كتابه بذكر بعضِ قواعد أهل السنة والجماعة، كقاعدة وجوب التسليم المطلق للنصوص الشرعية، وقاعدة وجوب التمسك بفهم السلف الصالح لنصوص الكتاب والسنة، وقاعدة العقل الصريح لا يعارض النقل الصحيح. ودلَّل على ذلك بعدة شواهد ونُقول من أهل العلم، وكذلك قاعدة أن ظواهر النصوص مطابقة لمراد الشارع.

العرض التفصيلي للكتاب:

الكتاب يدور حول بابين، الباب الأول منهما: جانب تأصيلي تقعيدي، والباب الثاني: جانب تطبيقي عقدي.

الباب الأول: الجانب التأصيلي:

 أصَّل فيه مفهوم الإلزام، ومفهوم إلزام المخالف بنظير ما فرّ منه أو أشدّ، مع ذكر المستند الشرعي لذلك، وبيّن أن مفهوم هذه القاعدة النقدية تضمن أمرين:

الأول: أن يعمد المخالف إلى معنى شرعيّ صحيح في نفسه فينفيه فرارًا من محظور ظنَّه لازمًا لإثبات ذلك المعنى الشرعي الصحيح، فيقع في إثبات أمر آخر يستلزم ذلك المحذور الذي فرّ منه بعينه أو أشدّ منه.

والثاني: أن يضطرب المخالف في إثباته ونفيه؛ فإذا أثبت شيئًا وطُولب بإثبات نظيره لم يُثبته، أو نفى شيئًا وطُولب بنفي نظيره لم ينف النظير، ولم يأت بفارق صحيح حمله على عدم الاطراد في الإثبات والنفي.

وأثبت أن القاعدة تستند على عدّة ركائزَ شرعيةٍ، منها مشروعية مجادلة أهل الباطل، وتستند كذلك على تناقض المبتدعة واضطرابهم، وهذه سمة عامّة لكل المخالفين لأهل السنة والجماعة، كما تستند كذلك على تسوية الشارع بين المتماثلات وتفريقه بين المختلفات، وأيضًا تستند القاعدة على استعمال الدليل الإلزامي في مجادلة المخالفين، وذلك أن مجال استعمال هذه القاعدة النقدية متعلق بمسلك الإلزام.

وتناول كذلك أصول قاعدة الإلزام وهي: القياس، الإلزام.

الباب الثاني: الجانب التطبيقي:

حشد فيه المؤلف جملةً وافرة من المسائل العقدية التي طبّق فيها قاعدة إلزام المخالف في مسائل الإيمان بالله تعالى، وتناول فيها نقض عدة شبهات؛ كنفي الصفات، والقول بقدم العالم، وفي مسائل النبوات نقض شبهات كثيرة، منها شبهة القول بإمكان اكتساب النبوة، وكذلك في مسائل القدر، ومنها مسألة شبهة نفي علم الله تعالى السابق بأفعال العباد وكتابتها، والقول بالكسب، وغيرها. وكذلك مسائل متنوعة في مفهوم اسم الإيمان الشرعي، ومسائل متعلقة بالصحابة رضي الله عنهم.

وختامًا:

تعدّ هذه الدراسة الجادّة مهمّةً جدًّا وفاتحةَ خير، مع دراسات أخرى مقاربة تُعنى بنقض المقالات المخالفة عبر وسائل المخالف نفسِه وعلومه ومقرّراته، بدراسة بينيّة بين العِلْمين، وهذا من أعظم ما يبيِّن فساد المقولات الباطلة وزخرفها، وأيضًا فساد الأصول التي أصّلوها، وجعلتهم خصماء حتى لأنفسهم، فضلا عن كونهم خصماء للفطرة التي فطر الله الناسَ عليها وللشرع والعقل الصريح.

والحمد لله رب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جديد سلف

الصمت في التصوف: عبادة مبتدعة أم سلوك مشروع؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: الصوفية: جماعةٌ دينية لهم طريقةٌ مُعيَّنة تُعرف بالتصوّف، وقد مَرَّ التصوّف بمراحل، فأوَّل ما نشأ كان زُهدًا في الدنيا وانقطاعًا للعبادة، ثم تطوَّر شيئًا فشيئًا حتى صار إلحادًا وضلالًا، وقال أصحابه بالحلول ووحدة الوجود وإباحة المحرمات([1])، وبين هذا وذاك بدعٌ كثيرة في الاعتقاد والعمل والسلوك. وفي إطار تصدِّي […]

دفع مزاعم القبورية حول حديث: «اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»

مقدمة: من الفِرى ردُّ الأحاديث الصحيحة المتلقّاة بالقبول انتصارًا للأهواء والضلالات البدعية، وما من نصّ صحيح يسُدُّ ضلالًا إلا رُمِي بسهام النكارة أو الشذوذ ودعوى البطلان والوضع، فإن سلم منها سلّطت عليه سهام التأويل أو التحريف، لتسلم المزاعم وتنتفي معارضة الآراء المزعومة والمعتقدات. وليس هذا ببعيد عن حديث «‌اتخذوا ‌قبور ‌أنبيائهم»، فقد أثار أحدهم إشكالًا […]

استباحة المحرَّمات.. معناها وروافدها

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: من أعظم البدع التي تهدم الإسلام بدعة استباحةُ الشريعة، واعتقاد جواز الخروج عنها، وقد ظهرت هذه البدعة قديمًا وحديثًا في أثواب شتى وعبر روافد ومصادر متعدِّدة، وكلها تؤدّي في نهايتها للتحلّل من الشريعة وعدم الخضوع لها. وانطلاقًا من واجب الدفاع عن أصول الإسلام وتقرير قواعده العظام الذي أخذه […]

الحالة السلفية في فكر الإمام أبي المعالي الجويني إمام الحرمين -أصول ومعالم-

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: من الأمور المحقَّقة عند الباحثين صحةُ حصول مراجعات فكرية حقيقية عند كبار المتكلمين المنسوبين إلى الأشعرية وغيرها، وقد وثِّقت تلك المراجعات في كتب التراجم والتاريخ، ونُقِلت عنهم في ذلك عبارات صريحة، بل قامت شواهد الواقع على ذلك عند ملاحظة ما ألَّفوه من مصنفات ومقارنتها، وتحقيق المتأخر منها والمتقدم، […]

أحوال السلف في شهر رجب

 مقدمة: إن الله تعالى خَلَقَ الخلق، واصطفى من خلقه ما يشاء، ففضّله على غيره، قال تعالى: ﴿وَرَبُّكَ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُ ‌وَيَخۡتَارُ﴾ [القصص: 68]. والمقصود بالاختيار: الاصطفاء بعد الخلق، فالخلق عامّ، والاصطفاء خاصّ[1]. ومن هذا تفضيله تعالى بعض الأزمان على بعض، كالأشهر الحرم، ورمضان، ويوم الجمعة، والعشر الأواخر من رمضان، وعشر ذي الحجة، وغير ذلك مما […]

هل يُمكِن الاستغناءُ عن النُّبوات ببدائلَ أُخرى كالعقل والضمير؟

مقدمة: هذه شبهة من الشبهات المثارة على النبوّات، وهي مَبنيَّة على سوء فَهمٍ لطبيعة النُّبوة، ولوظيفتها الأساسية، وكشف هذه الشُّبهة يحتاج إلى تَجْلية أوجه الاحتياج إلى النُّبوة والوحي. وحاصل هذه الشبهة: أنَّ البَشَر ليسوا في حاجة إلى النُّبوة في إصلاح حالهم وعَلاقتهم مع الله، ويُمكِن تحقيقُ أعلى مراتب الصلاح والاستقامة من غير أنْ يَنزِل إليهم […]

الصوفية وعجز الإفصاح ..الغموض والكتمان نموذجا

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  توطئة: تتجلى ظاهرة الغموض والكتمان في الفكر الصوفي من خلال مفهوم الظاهر والباطن، ويرى الصوفية أن علم الباطن هو أرقى مراتب المعرفة، إذ يستند إلى تأويلات عميقة -فيما يزعمون- للنصوص الدينية، مما يتيح لهم تفسير القرآن والحديث بطرق تتناغم مع معتقداتهم الفاسدة، حيث يدّعون أن الأئمة والأولياء هم الوحيدون […]

القيادة والتنمية عند أتباع السلف الصالح الأمير عبد الله بن طاهر أمير خراسان وما وراء النهر أنموذجا (182-230ه/ 798-845م)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  المقدمة: كنتُ أقرأ قصةَ الإمام إسحاق بن راهويه -رحمه الله- عندما عرض كتاب (التاريخ الكبير) للإمام البخاري -رحمه الله- على الأمير عبد الله بن طاهر، وقال له: (ألا أريك سحرًا؟!)، وكنت أتساءل: لماذا يعرض كتابًا متخصِّصًا في علم الرجال على الأمير؟ وهل عند الأمير من الوقت للاطّلاع على الكتب، […]

دعوى غلو النجديين وخروجهم عن سنن العلماء

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: تكثر الدعاوى حول الدعوة النجدية، وتكثر الأوهام حول طريقتهم سواء من المخالفين أو حتى من بعض الموافقين الذين دخلت عليهم بعض شُبه الخصوم، وزاد الطين بلة انتسابُ كثير من الجهال والغلاة إلى طريقة الدعوة النجدية، ووظفوا بعض عباراتهم -والتي لا يحفظون غيرها- فشطوا في التكفير بغير حق، وأساؤوا […]

التحقيق في موقف ابن الزَّمْلَكَاني من ابن تيّمِيَّة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: يُعتَبَر ابن الزَّمْلَكَاني الذي ولد سنة 667هـ مُتقاربًا في السنِّ مع شيخ الإسلام الذي ولد سنة 661هـ، ويكبره شيخ الإسلام بنحو ست سنوات فقط، وكلاهما نشأ في مدينة دمشق في العصر المملوكي، فمعرفة كلٍّ منهما بالآخر قديمة جِدًّا من فترة شبابهما، وكلاهما من كبار علماء مذهبِه وعلماء المسلمين. […]

الشَّبَهُ بين شرك أهل الأوثان وشرك أهل القبور

مقدمة: نزل القرآنُ بلسان عربيٍّ مبين، وكان لبيان الشرك من هذا البيان حظٌّ عظيم، فقد بيَّن القرآن الشرك، وقطع حجّةَ أهله، وأنذر فاعلَه، وبين عقوبته وخطرَه عليه. وقد جرت سنة العلماء على اعتبار عموم الألفاظ، واتباع الاشتقاق للأوصاف في الأفعال، فمن فعل الشرك فقد استوجب هذا الاسمَ، لا يرفعه عنه شرعًا إلا فقدانُ شرط أو […]

هل مُجرد الإقرار بالربوبية يُنجِي صاحبه من النار؟

مقدمة: كثيرٌ ممن يحبّون العاجلة ويذرون الآخرة يكتفون بالإقرار بالربوبية إقرارًا نظريًّا؛ تفاديًا منهم لسؤال البدهيات العقلية، وتجنُّبا للصّدام مع الضروريات الفطرية، لكنهم لا يستنتجون من ذلك استحقاق الخالق للعبودية، وإذا رجعوا إلى الشرع لم يقبَلوا منه التفصيلَ؛ حتى لا ينتقض غزلهم مِن بعدِ قوة، وقد كان هذا حالَ كثير من الأمم قبل الإسلام، وحين […]

هل كان شيخ الإسلام أبو عثمان الصابوني أشعريًّا؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: مِن مسالك أهل الباطل في الترويج لباطلهم نِسبةُ أهل الفضل والعلم ومن لهم لسان صدق في الآخرين إلى مذاهبهم وطرقهم. وقديمًا ادَّعى اليهود والنصارى والمشركون انتساب خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام إلى دينهم وملَّتهم، فقال تعالى ردًّا عليهم في ذلك: ﴿‌مَا ‌كَانَ ‌إِبۡرَٰهِيمُ يَهُودِيّا وَلَا نَصۡرَانِيّا وَلَٰكِن كَانَ […]

هل علاقة الوهابية بالصوفية المُتسنِّنة علاقة تصادم؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: تعتبر الصوفيةُ أحدَ المظاهر الفكرية في تاريخ التراث والفكر الإسلامي، وقد بدأت بالزهد والعبادة وغير ذلك من المعاني الطيِّبة التي يشتمل عليها الإسلام، ثم أصبحت فيما بعد عِلمًا مُستقلًّا يصنّف فيه المصنفات وتكتب فيه الكتب، وارتبطت بجهود عدد من العلماء الذين أسهموا في نشر مبادئها السلوكية وتعدَّدت مذاهبهم […]

مناقشة دعوى بِدعية تقسيم التوحيد

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة    مقدّمة: إن معرفة التوحيد الذي جاء به الأنبياء من أهم المهمّات التي يجب على المسلم معرفتها، ولقد جاءت آيات الكتاب العزيز بتوحيد الله سبحانه في ربوبيته وأنه الخالق الرازق المدبر، قال تعالى: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 54]، كما أمر الله تبارك وتعالى عباده […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017