الخميس - 19 جمادى الأول 1446 هـ - 21 نوفمبر 2024 م

(وقالوا نحن ابناء الله ) الأصول والعوامل المكوّنة للأخلاق اليهودية

A A

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة

المقدمة:

لا يكاد يخفى أثر العقيدة على الأخلاق وأثر الفكر على السلوك إلا على من أغمض عينيه دون وهج الشمس منكرًا ضوءه، فهل ثمّة أصول انطلقت منها الأخلاق اليهودية التي يستشنعها البشر أجمع ويستغرب منها ذوو الفطر السليمة؟!

كان هذا هو السؤال المتبادر إلى الذهن عند عرض الأخلاق اليهودية وما فيها من شنائع وتناقضات وعنف وإرهاب.

أضف إلى ذلك أن الباحثين في الأخلاق اليهودية يشتكون مما فيها من الاضطراب والتناقض؛ فبينما هي تدعو إلى الأخلاق الفاضلة نجدها تتناقض وتشرِّع الأخلاق الرذيلة([1])، ولذا اتخذ القرآن الكريم عند عرضها منهجَ التفصيل بأن منهم ومنهم ولم يعمّم([2]).

وقد نتج عنه أنِ اختار كثير من الباحثين الاقتصارَ على دراسة الأخلاق الرذيلة لغلَبَتها، ولم يتحدّثوا عن الأخلاق الفاضلة إلا نادرًا([3]).

وإن كان الأمر كذلك: فما أبرز العوامل والأصول المكوِّنة للأخلاق اليهودية؟

وما أثر العقائد والمصادر الدينية على الأخلاق اليهودية؟

وهل العوامل الدينية هو العامل الأوحد في خلق تلك الأخلاق اليهودية، أم ثمّة عوامل أخرى مؤثّرة تأثيرَها؟

هذه الأسئلة وغيرها ساهمت في مخاض هذه الورقة حيث يتمّ التنقيب فيها عن أهم الأصول المكوِّنة والأسس المؤصّلة للأخلاق اليهودية؛ ذلك “أن أيّ معاملة لليهودي مع غيره من النا إنما تتمّ وفق تصوّر تعاليمه؛ وبالتالي فإن أي معاملة من غير اليهود يجب أن تأخذ في الحسبان ما يعتقده اليهود عن غيرهم من الناس”([4]).

تمهيد:

لم يكن علماءُ الإسلام يدرسون المسائل مجردَّة، بل كانوا ينقّبون في أغوارها باحثين عن أصولها ومنشئها والأصول المكوِّنة لها والخلفيات والظروف التي نشأت فيها المسألة محلّ الدراسة؛ فليس هذا من مخترعات الفكر الحضاري والنهضة العلمية المعاصرة ومنجزاتها، بل قد سبق إليه فحول علماء الإسلام؛ حيث كانوا يركِّزون بعدسات بحثهم على مناقشة القضايا الرئيسة والأصول بدلًا مما انبنى عليها من فروع ومسائل، وينقّبون عن أصل الخلاف ومنشئه بدلًا من التطويل في مسائله ومخرجاته؛ إذ إن نقض الأصل نقضٌ للفرع، وبيان بطلان المنشأ يبطل كل ما انبنى عليه من المسائل([5]).

ومما لا شكّ فيه أن هذا من الصعوبة بمكان؛ إذ يتطلّب من الباحث سعةَ اطلاع على الآراء والأهواء والملل والنحل، وحذقًا للمناهج البحثية من توصيف ومقارنة وتحليل وغيرها في آن واحد، وإدراكًا لمواطن الاشتراك والاختلاف بين القول والآخر، ومعرفة بقضايا الأثر والتأثير، وهو من أصعب المناهج البحثية حتى يوم الناس هذا([6]).

ولا نريد الاستطرادَ أكثر في هذا الباب وفي بيان سبق علماء الإسلام، فهو حديث ذو شجون؛ لكن المقصود هنا الحديث عن العوامل المكونة للأخلاق اليهودية والتي تكشف لنا سبب هذا الاضطراب والتضارب الذي سبق، ومن هنا كان لا بد من البحث في عواملها وجذورها التي تفرعت عنها، والتأمل في العوامل الأساسية التي كوَّنت الشخصية اليهوديَّة، ونتج عنها ظهور تلك الأخلاق والسلوكيات؛ حتى يستوعب القارئ -الإنسان فضلا عمَّن طهَّره الله بالإسلام- كثيرًا من تلك الأخلاق المنافية للفطرة الإنسانية أن تكون مسطرة في صحفٍ يزعمون فيها أنها مكرَّمة ومطهَّرة من التحريف ومنزَّلة من الرب اللطيف!([7]).

العوامل المكونة للاخلاق اليهوديَّة:

بعد التأمّل في العوامل نجد أنه يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أنواع، وأن العوامل الدينية هي العوامل المركزية الأساسية في تكوين الأخلاق اليهودية وفي تشكُّل الشخصية اليهودية، وإن كانت العوامل الأخرى لا تقلّ عنها أهمية؛ كالعوامل التاريخية والنفسية وغيرها، وأبرز تلك العوامل المكوّنة للأخلاق اليهوديَّة ما يأتي:

النوع الأول: العوامل الدينية

يمثِّل الدين أهمَّ عنصر فاعل في فكر اليهود وسلوكهم على مرِّ تأريخهم، ولا أدل على ذلك من أن كثيرًا من حاخامات ورجال الدين وغيرهم يتشبّثون بالنصوص الدينية حين تعوزهم الخطَط والدَّهاء، ومن أهم العوامل الدِّينيَّة التي أنتجت أخلاقياتهم:

العامل الأول: دعوَى أنهم شعب الله المختار:

من أبرز العوامل المكوِّنة والأصول المؤسسة للأخلاق اليهودية دعواهم أنهم شعب الله المختار، وهو ما أخبر المولى سبحانه وتعالى في كتابه الحق أن اليهود زعموا زورًا وبهتانًا أنهم: {أَبْنَاءُ اللَّهِ} [المائدة: 18]؛ ذلك أن اليهود يزعمون أنهم شعب الله المختار دون بقية الشعوب، وقد يعبّرون عنه بأنهم أبناء الله وأحباؤه من دون البشر أجمعين؛ فهم السادة وغيرهم من البشر عبيد لهم، لم يُخلقوا إلا لخدمتهم، ولم يوجدوا إلا لتلبية رغباتهم وحاجاتهم، وهي من الركائز الرئيسة في الدين اليهوديّ التي ألقت بظلالها على عامة جوانب الفكر اليهودي، سواء الأخلاق أو العقائد أو التشريعات، واليهود يستندون في ذلك على مجموعة من النصوص التوراتية والتلمودية، ومنها على سبيل المثال:

  • ما في سفر التثنية: “لأنك أنت شعب مقدس للرب إلهك. إياك قد اختار الرب إلهك لتكون له شعبًا أخص من جميع الشعوب الذين على وجه الأرض، ليس من كونكم أكثر من سائر الشعوب التصق الرب بكم واختاركم؛ لأنكم أقل من سائر الشعوب”([8]).
  • وجاء في التلمود: “الإسرائيلي معتبر عند الله أكثر من الملائكة، فإذا ضرب أميٌّ إسرائيليًّا فكأنه ضرب العزة الإلهية… اليهوديّ جزء من الله كما أن الابن جزء من أبيه”([9]).
  • ومن الأقوال المأثورة في التلمود: “كما أن العالم لا يمكن أن يعيش بلا هواء، فإنه لا يمكن أن يعيش بدون إسرائيل”([10]).

ويعتبر هذا العامل من أكبر العوامل المكوِّنة للأخلاق والسلوكيات اليهوديَّة؛ فالنص الآنف الذكر من التلمود “وحده كافٍ لوضع علامات على حدود الشخصية الإسرائيلية”([11])؛ وماذا عسانا أن نجد من أخلاق فاضلة في التعامل مع غيره ممن يعتقد أنه شعب مختارٌ بعناية إلهيّة خاصة، وأنه متميز ومختلف كل الاختلاف بجوهر ومتفرد بأسرار ومواهب لا يتصف بها أحد غيره، وكأنه خلق من نطفة إلهية وغيره من نطفة حيوانية([12]).

وهذه الفكرة الجوهرية في الشخصية اليهوديَّة أفرزت أخلاقا سيئة للغاية؛ كالاستعلاء على البشر أجمعين والكبر والحسد والحقد وقسوة القلب والتكبر حتى عن الحق بعد ما تبيّن، وإن كان غير اليهودي في مرتبة الحيوان وإنما خلق بصورة إنسان لخدمة اليهود فما المشكلة حينئذ في الخيانة والغدر والمكر والتحايل معهم والتعامل معهم بأسوأ الأخلاق وأقبحها([13])، ولم يقف الأمر على ذلك، بل تعدَّى إلى إهدار كافة حقوقهم واستباحة أموالهم وأعراضهم وأوطانهم وإبطال جميع العهود معهم، بل وجعلوا كتابهم المقدس الذي يدَّعون أنه منزل من رب العالمين داعيا إلى ذلك ففيه: “لا تقطع لهم عهدًا، ولا تشفق عليهم ولا تصاهرهم، لا تعط بنتك لابنه، ولا تأخذ بنته لابنك؛ لأنه يرد ابنك عني، فيعبد آلهة أخرى، فيحمي غضب الرب عليكم ويهلككم سريعًا ولكن هكذا تفعلون بهم: تهدمون مذابحهم، وتحطمون أنصابهم، وتقطعون سواريهم، وتحرقون أصنامهم بالنار، لأنك أنت شعب مقدس للرب إلهك…”([14]).

 ولولا أنه ليس من موضوع البحث تناول أثر هذه الفكرة على علاقتهم مع إلههم لجرى القلم في إجلاء ذلك؛ فهم يعتقدون أن لإلههم عليهم حقوقًا، وأنه إله خاص بهم وحدهم، وأن شريعتهم خاصة بهم، وتسمِّيهم بأسماء وخلعهم على أنفسهم صفات العظمة والغرور والتعالي([15]).

وهذا العامل الذي أوردناه هنا لا يكاد يوجد كاتب من الكتَّاب في اليهودية إلا وتكلم عنه وعن أثره، كقول بعضهم: “استطعت أن أقيس مدى تأثير (الشعب المختار) في تسميم أفكار الشعب وتخديره وشل حيويته… ذلك أن تسعة أعشار المؤلّفات والنشرات والمسرحيات واللوحات الفنية التي تروّج للإباحية المطلقة وللماركسية هي من صنع اليهود… وقد طالعني الشارع بحقائق لم تخطر لي ببال، منها الدور الذي يمثله (الشعب المختار) في ترويج سوق الدعارة وفي الإتجار بالرقيق الأبيض”([16]).

العامل الثاني: دعوى نقاوة عرقهم:

دعوى اليهود أنهم ذوو العرق الأنقى والجنس الأسمى من أهم العوامل المكونة لأخلاقهم؛ فهم بزعمهم أبناء العلاقة الشرعية بين آدم وحواء عليهما السلام، وأما غيرهم من البشر فهم من أبناء الزنا؛ والتي حصلت في بعض نزوات آدمهم وحوائهم اللذَين ينسبون إليهما ذلك مع الشياطين أمثال الشيطانة ليلت، وهذا من أخطر القضايا الفكرية التي ألقت بظلالها على الفكر اليهودي عموما والأخلاق على وجه الخصوص.

وهم يعتمدون في هذه الفكرة على بعض نصوص كتابهم المقدس، مثل ما جاء في سفر التكوين من اصطفاء الله لنسل إبراهيم وفيه: “وأقيم عهدي بيني وبينك وبين نسلك من بعدك في أجيالهم عهدا أبديًّا؛ لأكون إلها لك ولنسلك من بعدك، وأعطي لك ولنسلك من بعدك أرض غربتك كل أرض كنعان ملكا أبديًّا. وأكون إلههم، وقال الله لإبراهيم: وأما أنت فتحفظ عهدي أنت ونسلك من بعدك في أجيالهم”([17]). وهذا النص في اصطفاء الله سبحانه نسل إبراهيم، ثم جاء بتخصيص نسل إسحاق ليقيم عهده بهم فقال: “فقال الله: بل سارة امرأتك تلد لك ابنا وتدعو اسمه إسحاق. وأقيم عهدي معه عهدا أبديًّا لنسله من بعده، وأما إسماعيل فقد سمعت لك فيه. ها أنا أباركه وأثمره وأكثره كثيرا جدًّا. اثني عشر رئيسًا يلد وأجعله أمة كبيرة، ولكن عهدي أقيمه مع إسحاق الذي تلده لك سارة في هذا الوقت في السنة الآتية”([18]).

وإذا كان اليهوديّ يشعر في نفسه أنه مخلوق من نطفة خاصّة ذهبية مميزة بعكس غيره من البشر، وأنه متميز ومختلف كل الاختلاف؛ لأنه من جوهر غير طينة البشر جميعًا؛ فماذا عسانا أن نجد عنده من أخلاق يعيش بها حياته ويقيم بها علاقاته مع المخلوقين ورب المخلوقين؟!

فيمكن بسهولة أن نستنتج منه النزعة العنصرية والغرور وجنون العظمة والصلف والكبرياء والخيانة والغدر والمكر والتحايل والاستعلاء على البشر أجمعين والحسد والحقد وغيرها([19])، وعلى سبيل المثال كانت قصة المصارعة دافعًا للكبرياء والصلف والغرور من اليهود تجاه غيرهم من البشر، “فذاقوا بسببها أهوال المذابح والهزائم وآلام الهجرة والشتات، وتضييع كل شيء بين عشية وضحاها. ولأنهم كانوا المخترعين الأُول للعصبية العنصرية والدِّينيَّة، فقد كان جزاؤهم من جنس عملهم”([20]).

بل إن من آثارها تسميتَهم لمن كان من غير العرقية الطاهرة النقية بأسماء وقحة، كوصفه بأنه: همجيّ بربريّ يجمع مع الحقارة النجاسة والقذارة، وهذا هو معنى (جوييم) الذي يطلقونه على كل أحد من البشر غير اليهود، وأقبح منه مصطلح: (ممزير)([21])، و(عاريل)([22]).

ودعوى النقاء العرقيّ مبنيّة على دعوى أوهى منها، وهي زعم أن اليهود اليوم ينتمون إلى قومية واحدة متميزة عن غيرها من القوميات؛ فهم يزعمون أنهم متّحدون في الجنس واللغة والتأريخ والثقافة، فضلا عن اتحادهم في الدين، ويزعمون أنهم قومية محدّدة متميزة بسماتها وملامحها ومعالمها وهويتها وقيمها وحضارتها. والحقيقة كما يقول المسيري أن “أيّة وحدة بين هؤلاء هي وحدة يتمتعون بها داخل التشكيل القومي الذي ينتمون إليه، ومن خلاله وبسببه، لا من خارجه ورغمًا عنه. كما أنها من ناحية أخرى لا ترقى البتة إلى مستوى الوحدة اليهودية العالمية الشاملة”([23]).

فكيف لو عرفنا أن “اصطلاح يهودي في نهاية القرن التاسع عشر كان يضم عشرات الهويات والانتماءات الدينية والاثنية والطبقية… -كما هو واضح- مركبة وثرية وغير متجانسة على المستويات الثقافية والدينية، بل وعلى كافة المستويات. وكانت هذه الجماعات غير المتجانسة تتحدث عشرات اللغات، وتقع ضمن تشكيلات اجتماعية لا حصر لها ولا عدد”([24]).

ويمكن اختصار نقد العامِلَين السابقين بالنقاط الآتية:

  1. أنه مجرّد ادعاء لا دليل عليه، لا من نص، ولا واقع، ولا حقيقة علمية([25]).
  2. أنها خرافة صدَّقها اليهود وأخذوا بها، رغم أنه لا مستند لها بأي شكل من الأشكال.
  3. أن الله سبحانه وتعالى إنما فضَّل بني إسرائيل على العالمين حين فضَّلهم لسبقهم إلى الإيمان لا لعنصرهم.
  4. على الرغم من دعاوى اليهود الزائفة بالنقاء العرقي وقيام فكرهم على العنصرية العرقية إلا أن ذلك باطل علميًّا كما أبطله علماء الأنثروبولوجيا؛ حيث يؤكدون أنهم ليسوا من عرق واحد، بل هم أخلاط متفرقة؛ فاليهود ليسوا مجموعة بشرية واحدة، بل جماعات وأجناس مختلفة، وهذا واضح كل الوضوح فيمن جلبتهم الصهيونية إلى فلسطين؛ فهم شراذم من الناس وشظايا متنافرة، يظهر للناظر فيهم من بعيد أنهم ليسوا كتلة واحدة، ولا يمكن أن يكونوا كذلك، ومن هنا سماهم المسيري (الجماعات اليهوديَّة) بدلًا من: اليهود، أو الجماعة اليهوديَّة.

ومن أهم الأخلاط في الكيان الاحتلالي اليوم:

1- الفلاشة، وهم أحباش.

2- اليهود الألمان الذين يمتازون بسمات الشخصية الألمانية.

3- التأميل، وهم يهود سود البشرة من الهند.

4- يهود الخزر، وأصولهم من الجنس التركي.

“وفي ذلك يقول العلامة السويسري أوجين بيتار: (إن جميع اليهود في نظر علماء الأنثروبولوجيا على الرغم من كل ما يدّعيه اليهود المنضَوُون تحت الفكرة العنصرية الإسرائيلية، بعيدون عن الانتماء إلى جنس يهودي). وكما يقول رينان: (لا توجد سحنة يهودية، بل هناك عدة سحنات يهودية)”([26]).

5- أنها هادمة للأمم مانعة من قيام أي حضارة لها؛ فالحضارات لم ولن تقوم على العنصرية العرقية؛ فالأمم القديمة -الفرعونية والمصريون القدماء والبابليون والآشوريون وكذلك الهنود واليونان والصين- كلها لم تقم عليه، وإنما على اعتزاز قومي غير محدد ولا مغلّق على نسب محدّد، وانغلاق اليهوديَّة وعنصريتها من أبرز وأهم أسباب عدم وجود أيّ حضارة لها؛ فهي أمة بلا حضارة([27]).

يقول المسيري: “«نقاء اليهود عرْقيًّا» عبارة تفترض أن أعضاء الجماعات اليهودية قد حافظوا عبر التاريخ وفي كل زمان ومكان على نقائهم العرْقي، فلم يختلطوا بالأجناس والشعوب الأخرى… وبذل كثير من «العلماء» الصهاينة كثيرًا من المحاولات التي ترمي إلى إثبات نقاء اليهود عرْقيًا… والحديث عن الوحدة العرْقية بين اليهود (كما بيَّن الدكتور جمال حمدان وغيره من العلماء) لا محل له من حقيقة أو علم على الإطلاق. واليهود لا يعرفون الوحدة العرْقية أكثر مما يعرفون الوحدة الجغرافية، وثمة اتفاق بين الدارسين في الوقت الحاضر على أن نقط التشابه بين أعضاء الجماعات اليهودية وبين أبناء المجتمعات التي يعيشون فيها يفوق كثيرًا أي تَشابُه قد يُوجَد بين أية جماعة يهودية وأية جماعة يهودية أخرى في مجتمع آخر… وقد اتضحت الخلافات العرْقية بين اليهود في الدولة اليهودية بشكل مثير لا يمكن الجدل بشأنه، فاليهود الإشكناز الشقر ويهود الفلاشاه السود ويهود بني إسرائيل الداكنو اللون (الذين جاؤوا من الهند) لا يمكن أن ينتموا إلى عرْق واحد مهما بلغت الادعاءات العنصرية (الصهيونية أو المعادية لليهود) من حنكة وموضوعية!”([28]).

العامل الثالث: العزلة الاجتماعيَّة وعقدة الانفصال عن البشر:

أفرز العاملان السابقان مع مرور الأزمان وتوالي حوادث الدهور على اليهود عاملًا ثالثًا كان له بالغ الأثر في تكوين الأخلاق اليهوديَّة؛ وهي عقدة الانفصال عن البشر ودعوى السموّ الاجتماعي، وإن شئت فسمِّه: العزلة الاجتماعيَّة، التي “اتخذت طريقها إلى النفسية الإسرائيلية، وأصبحت عاملًا أساسيًّا في تكوين شخصية هذه الطائفة من الناس منذ القدم”([29]).

 ولم تخيب التوراة -التي كيَّفها اليهود على مقاس رغباتهم- ظنَّهم في أن يجدوا ما يحتجون به كما جاء في سفر التكوين: “وقال إبراهيم لعبده كبير بيته المستولي على كل ما كان له: ضع يدك تحت فخذي. فأستحلفك بالرب إله السماء وإله الأرض أن لا تأخذ زوجة لابني من بنات الكنعانيين الذين أنا ساكن بينهم”([30]).

وما دام أن الأصل هو الانفصال التام عن البشر غير اليهود، فأبشر بالجشع والقسوة والتمرُّد والانغلاق والانطوائيَّة والتعصُّب الشديد والعنصرية والاعتداء على الآخر؛ يقول الدكتور حسن ظاظا: “هم يحرصون في داخل المجتمعات البشرية التي يعيشون فيها -ابتداء من مصر الفرعونية وحتى الآن- على أن يكونوا غير ملحوظين ولا ظاهرين للعيان من جهة، وعلى أن يكونوا مختلفين في زيهم وشمائلهم ولغتهم؛ فضلًا عن تقاليدهم وأسلوب تعاملهم مع الناس بشكل ملفت للأنظار من جهة أخرى؛ فهم في آن واحد يسعون جاهدين إلى المساواة من ناحية، وإلى الامتياز من الناحية الأخرى. فإذا تحققت لهم المساواة بدؤوا باستغلالها لتحقيق الامتياز، وهم لا يكفون عن التغني بالصدق مع الله!”([31]).

ومن أبرز معالم العزلة الاجتماعيَّة في اليهوديَّة:

  • الحياة البدوية المنعزلة؛ فقد كانت قبائل العبرانيين تعيش في ضواحي المدن والحواضر المعروفة في الحضارات القديمة([32]).
  • الجيتو وهو: حي خاص باليهود في أوروبا يقيمون فيه بصفة إجبارية، ويمنع تجولهم ليلًا خارجَه، وهي ظاهرة اجتماعيَّة منتشرة في تاريخ اليهود في أوروبا كلها بسبب الانغلاق والجمود النصراني واليهودي، وعدم تعايش الديانتين مع بعضهما البعض بعكس المسلمين؛ فإن اليهود لم يعرفوا الجيتو في تاريخهم مع العرب والمسلمين، بل على العكس عاملوهم بإنسانيتهم حتى كان منهم من يرتاد القصور والبلاط الملكي([33]).

والخلاصة في معالم العزلة الاجتماعيَّة الآنفة الذكر سطَّرَها ظاظا في عبارة مختصرة قائلا: “وإذا كان السنهدرين والقهيلة من صور العزلة اليهوديَّة الاجتماعيَّة التي أراد بها اليهود أن يحافظوا لأنفسهم على كيان يستعصي على الذوبان في الأمم الأخرى؛ فإن «الجيتـو» -أو الحي الخاص بسكنى اليهود في أوروبا- كان صورة أخرى من اندحار اليهوديَّة وراء أسوار معمارية حقيقيَّة فرضها القوم على أنفسهم، وأقرتهم على ذلك الأمم التي يعيشون بينها، كان الجيتو تتويجًا لمسلك العزلة والعداوة بين إسرائيل والأمم الأخرى، وكان بوتقة جديدة أُعيد فيها سبك الشخصية الإسرائيلية”([34]).

وفي ختام الحديث عن العوامل الدِّينيَّة تحسن الإشارة إلى أن هذه العوامل وإن كانت دينية في ظاهرها إلا أن العامل الديني في حقيقته وبدلالاته الحقيقية لم يكن هو المؤثر دائما، بل المؤثر غالبا ما أضيف على الدين وانتُحل لخدمة رغباتهم، وهو ما يؤكد لنا أنه إلى جانب العامل الديني لعبت العوامل التَّأريخيَّة دورًا مهمًّا في سبك الأخلاق اليهوديَّة، وهو محل حديثنا الآتي.

النوع الثاني: العوامل التاريخية:

لا جرم أن الإنسان ابن بيئته، وأن التأريخ الماضي للإنسان يلقِي بظلاله على الحاضر، ويكشف عن كثير من خبايا المستقبل، ويجلِّي لنا العوامل المكوّنة لأخلاقه، واليهود ليسوا بمنأى عن هذه القاعدة، فمن أهم العوامل التَّأريخيَّة المكونة للأخلاق عندهم ما يأتي:

العامل الأول: الشتات (الدياسبورا):

لئن كان التمدُّد الإسلامي الذي اكتسح العالم شرقًا وغربًا في فترة وجيزة محلَّ إعجاب وإكبار وتأمُّل من منقّبي التأريخ وسبب دخول كثير من غير المسلمين فيه حيث “انتشر بسرعة أشبه بالمعجزة، لا بين المساكين والمتخلِّفين، بل على أنقاض إمبراطوريات وممالك قادت الحضارة البشرية آلافا من السنين… حقيقة تاريخية مذهلة”([35])، أقول: لئن كان الأمر كذلك في الدين الإسلامي فإن الشتات في التأريخ اليهودي على النقيض من ذلك أثَّر سلبًا على اليهود أنفسهم في عامة مناحي الحياة، وفي الأخلاق على وجه الخصوص؛ فالباحث المنقّب في تأريخ اليهود يجد أن عامة تأريخهم هو الشتات، والذي يسمّى عند اليهود (الدياسبورا)([36])، وقد كثرت النصوص التوراتية المرويّة عن الأنبياء والمنذِرة بتشتيت بني إسرائيل كإرميا وإشعيا([37]).

ولا ننسى أن أول عصورهم مع موسى عليه السلام كان خروجًا وهربًا من بطش فرعون من مصر، ولكنهم لم يظفروا بالاستقرار زمنًا؛ بل بدأ الشتات والتيه منذ ذلك العصر بسبب عنادهم وصَلَفهم وتكبرهم عن اتباع أمر الله ورسوله موسى عليه السلام، فعوقبوا بالتيه، كما أخبر الله تعالى في كتابه الحق: {فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ} [المائدة: 26]، وازدادت بليّتهم وتضخمّت مصيبتهم بعد أن مات موسى عليه السلام وهم في التيه، وبقوا كذلك محاولين الدخول حتى عهد يوشع خليفة موسى، ثم قامت لهم مملكتهم في عهد داود، ثم خلفه ابنه سليمان.

ولكن تلا هذا العصر الذهبيَّ لليهود عصرُ تشرذم وانقسامٍ، إلا أنه بقيت لهم مملكتان: السامرة الشمالية (إسرائيل)، وأورشليم الجنوبية (يهوذا)، وهذه هي الفترة الوحيدة التي عاش فيها اليهود بلا شتات؛ ولكن سرعان ما انقضى هذا العهد عام 720 ق. م؛ حيث قضى الآشوريون على المملكة الشمالية، وفُرض عليهم الشتات والتفرق في الأرض، كما قضى البابليون بقيادة بختنصر على المملكة الجنوبية عام 586 ق. م. ودمَّر كل شيء في القدس من آثار اليهود، وفُرض عليهم الشتات أيضًا.

ثم بدا لهم بريق أمل مع قورش الفارسي بعد سبعين سنة، وعادوا فعلًا إلى القدس، ولكن سرعان ما انقضّ عليهم فسبازيان مرة أخرى وشتت اليهود عام 70م.

ثم في عام 135م قمعهم هدريان الروماني وأنهى الوجود اليهودي في القدس بالكلية كردة فعل على محاولات التمرد اليهودي، وقد ذاق اليهود مرارة الشتات قرابة تسعة عشر قرنًا، وأثر ذلك على فكرهم وعقائدهم وتشريعاتهم وتراثهم وأخلاقهم، ولم تقم لهم قائمة حتى لمع بريق لتجمّعهم من جديد في الاحتلال الصهيوني الذي أقاموه عام 1948م([38]).

ومن الأخلاق التي نشأت عن هذا العامل: الجشع وحب المال والقسوة وعدم النظافة والقذارة حسيًّا ومعنويًّا، ومحاولة التمرد، وكراهية الأمم الأخرى، وبقاء اليهودي في خوف وقلق دائم وعدم استقرار وأمن، “فهم عاشوا في الشتات؛ تتضخَّم في نفوسهم عقدة الشُّعور بالاضطهاد، ويتضخم معها الحقد على أمم العالم؛ فلا يبقى لهم حلّ بعد ذلك إلا العزلة التي ألقت بهم في النهاية في الجيتو”([39])، وهكذا تعود النفسية اليهودية إلى الشعور بالاضطهاد من جديد، وتدور في هذه الدائرة المغلقة إلا أن يشاء الله خروجها منها.

واتخذ صناديد اليهود ذكريات الشتات وتواريخها مادة لإذكاء هذه الأخلاق فيهم؛ فسمِّي الحي الذي أقيم فيه كيان الاحتلال الصهيوني (تل أبيب)؛ تذكيرًا بالمنطقة التي سَباهم إليها بختنصر الكلداني بعد تدمير القدس، واتُّخذ من يوم التاسع من آب يوم صوم وحداد لأنه اليوم الذي حصل فيه تدمير بختنصر للقدس، ويزعمون أنه هو نفسه اليوم الذي اقتحم فيه تيتوس القدس عام 70م.

العامل الثاني: أمل إعادة ملك داود وسليمان:

كان من أهم سؤالات هرقل لأبي سفيان وأوائلها حين أراد اختبار دلائل نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: “فهل كان من آبائه من ملِكٍ؟”([40]). وقد بيَّن هرقل سبب سؤاله هذا بأن من عادة من كان في أسلافه مَلكٌ أن يطلب مُلكَ آبائه وأسلافه؛ وهذا بالضبط هو ما نتحدث عنه في هذا العامل بالنسبة لليهود.

فمما هو متفق عليه أنه لم تقم لليهود قائمة، ولم تكن لهم دولة ومملكة إلا فترة من عصورهم، وهي فترة ملك داود وابنه، وعلى الرغم من أنه لم تكن لهم إلا تلك المملكة إلا أن ملكهم كان عظيمًا، ويذكر أن سليمان خاصة من أكبر وأعظم من ملك في الأرض حتى دانت له الإنس والجن والعفاريت، حتى إن جنوده تنافسوا في النكال بعدوه، وكان منهم من جاء بعرش ملكة سبأ في طرفة عين كما أخبر الحق سبحانه وتعالى في الكتاب الحق([41]).

ومهما يكن من أمر فإن هذه الدولة التي قامت لليهود بقي أثرها على فكرهم ونفوسهم وأخلاقهم، فاليهود بقوا من بعد تلك الفترة التي تعاقبت عليها قرون ودول وملوك وعصور يطلبون إعادة ملك أسلافهم؛ “فملك داود حوَّله اليهود في أجيالهم المتأخرة إلى مثلٍ أعلى قالوا بوجوب استمراره مؤبَّدًا إلى يوم القيامة”([42])، ونشأ عن ذلك الكذبُ والمبالغة في وصف ذلك الـمُلك واختلاق الأعاجيب والسعي بالإفساد في الأرض بنشر الإلحاد والفواحش والرذائل والحروب والفتن والأخلاق الرذيلة؛ لتَخلوَ لهم الساحة ويعود ملكهم الموعود إليهم.

ولكن اليهود لم ينعموا بالاستقرار زمنًا، بل على العكس نجد أن عدم الاستقرار والشتاتَ والتفرق في البلدان الأخرى والتشرذم والانصهار في الدول الأخرى هو قدَرُهم كما تبين من قبل؛ وهو ما أثّر سلبا على النفسية اليهودية كما سنناقشه فيما يأتي.

النوع الثالث: العوامل النفسية والاجتماعية:

من أهم العوامل النفسية المكوِّنة للأخلاق اليهودية ما يأتي:

العامل الأول: الشعور بالاضطهاد:

اليهود في عامة تاريخهم كانوا بالنسبة إلى من حولهم قليلي العدد ضعفاء، كيانهم هشّ؛ خاصة بعد السبي وفي عصور الشتات، ولكن اليهود لم يرضوا بالمستوى الذي ألجأهم إليه القدر بما اكتسبته أيديهم، بل تكبَّروا واستعلوا على غيرهم؛ فزادت الأمم لهم اضطهادا وتنكيلًا وتشتيتًا؛ فازدادوا هم حقدًا وحنقًا على الأمم.

وهو ما أورث في نفوسهم الشعور بالاضطهاد الذي ازداد ألمه وتضاعف جرحه وهم يعيشون في كنف النصارى، بينما تعايش المسلمون مع اليهود وعاملوهم بالعدل بما لهم وما عليهم؛ ووقفوا منهم موقفا وسطًا؛ فلم يظلموهم، ولم ينصاعوا أيضًا لرغباتهم، ولا انصهروا في فكرهم، بل استفادوا من علومهم كالطب وأفادوهم([43])، فأما عن حال اليهود بين نصارى أوروبا، فإلى جانب الاضطهاد والتشريد النهائي الذي حصل مع فسبازيان ثم تيتوس وهدريان وبدء الشتات الكبير الذي دام قريبا من عشرين قرنًا نجد أن اليهود تزداد عليهم مرارة الاضطهاد في كنف النصارى وتاريخ أوروبا عموما([44]).

والمقصود هنا أن اليهود تأصَّلت في نفوسهم هذه العقدة: عقدة الشعور بالاضطهاد، وأصبح مكونًا رئيسًا في النفسية اليهوديَّة، ونتج عنه مجموعة من الأخلاق اليهوديَّة، خاصة الحقد والكراهية والخوف الدائم والارتياب والقلق الدائم من الأغيار خاصة وعدم أمنهم، يقول الدكتور حسن ظاظا: “معلوم أن الحقد هو الابن الشرعي للشعور بالاضطهاد، والحقد اليهودي لا يشذّ عن هذه القاعدة. وليس وجود عقدة الاضطهاد في الشخصية الإسرائيلية شعورًا من تخييل الوهم أو نسج الخيال، فما لا شك فيه أن اليهود ذاقوا مرارة الاضطهاد كثيرًا، وفي عصور متعددة من تأريخهم… وإذا كانت جماعة صغيرة من الناس تجعل التمييز العنصري أساسًا لفكرها منذ البداية، ثم لا تفكر على مر العصور إلا في تقوية هذا التمييز العنصري، فهي جماعة مقضي عليها بالكراهية. فإذا كانت إلى جانب ذلك قليلة العدد ضعيفة هشة تحولت الكراهية بسرعة إلى اضطهاد، ويظلُّ الاستعلاء العنصري يجذب الكراهية، والكراهية تولد الحقد، والحقد يغري بالاضطهاد، وإذا باليهود يدورون والعالم على أثرهم في حلقة جهنمية مفرغة”([45]).

العامل الثاني: تأصُّل الصّراع والتمرُّد:

من العوامل النفسية الرئيسة لليهودي مركزيَّة فكرة الصراع والتمرد فيه؛ فقد كان بنو إسرائيل دائما متمردين؛ تمردوا على نبي الله موسى أكثر من مرة ولم يكد يجفّ بللهم من الانتصار على فرعون والنجاة من الغرق، كما تمردوا على نبي الله يعقوب ونسبوا إليه ما في نفوسهم من مرض، وزعموا أنه صارع الإله وصرعه، وغيرها من أحداث الصراع والتمرد والعصيان التي تغمر الفكر اليهودي؛ بدءًا بتوراتهم المحرفة التي يزعمون إفكًا وزورًا أنها كما هي اليوم من عند رب العالمين.

يقول أحمد عاشور: “عندما يُقبِل الإنسان على قراءة العهد القديم -وهو كتاب اليهود السماوي المقدس- يُدهِشه أن هذا الكتاب يختلف عن أسفار العهد الجديد المسيحية وعن القرآن الكريم؛ لكون فكرة الصراع في ثناياه ثابتة مستمرة متصلة، تكاد تشمله من أوله إلى آخره. وتكاد أسفار هذا الكتاب تشبه فصول ملحمة طويلة دامية في كثير من الأحيان، تتضمن أخبارًا مجملة حينا ومفصلة أحيانا عن صدام بالقوة بين الأفراد أو بين جموع من البشر؛ لأن طبيعة العنصرية الإسرائيلية لا يمكن أن تتبلور في نفس اليهودي إلا مسبوكة بنيران الحروب”([46]).

ولن يعجز الباحث عن سرد عشرات النصوص التي تسعفه على تقرير هذه الفكرة؛ فمثلا نجد في صمويل الأول أمرًا مباشرًا صريحًا فجًّا بالإبادة والتدمير الكلي لكل ما يتعلق بالعدو ومحوه تماما: “وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلا تَعْفُ عَنْهُمْ، بَلِ اقْتُلْ رَجُلًا وَامْرَأَةً، طِفْلًا وَرَضِيعًا، بَقَرًا وَغَنَمًا، جَمَلًا وَحِمَارً”([47]).

 ومثله في سفر حزقيال للرب قوله: “اعْبُرُوا فِي الْمَدِينَةِ خَلْفَهُ وَاقْتُلُوا. لا تَتَرَأّفْ عُيُونُكُمْ وَلا تَعْفُوا. أَهْلِكُوا الشَّيْخَ وَالشَّابَّ وَالْعَذْرَاءَ وَالطِّفْلَ وَالنِّسَاءَ. وَلَكِنْ لاَ تَقْرَبُوا مِنْ أَيِّ إِنْسَانٍ عَلَيْهِ السِّمَةُ، وَابْتَدِئُوا مِنْ قْدِسِي. فَابْتَدَؤُوا يُهْلِكُونَ الرِّجَالَ وَالشُّيُوخَ الْمَوْجُودِينَ أَمَامَ الْهَيْكَلِ. وَقَالَ لَهُمْ: نَجِّسُوا الْهَيْكَلَ وَامْلَؤُوا سَاحَاتِهِ بِالْقَتْلَى، ثُمَّ اخْرُجُوا. فَانْدَفَعُوا إِلَى الْمَدِينَةِ وَشَرَعُوا يَقْتُلُون”([48]).

وإذا كان هذا حال كتابهم المقدس فلا نعجب بعد ذلك أن فتاوى الحاخامات تنهج النهج نفسه، وتحرض على الإبادة الجماعية للعدو ومحو كل شيء يتعلق به حتى الحيوانات والجمادات، فضلا عن الأطفال والنساء والشيوخ([49]).

ولا نعجب أن التأريخ اليهودي كله مبني على الصراع والحروب؛ فإن “من يتصفح تأريخ الحرب عند اليهود منذ أقدم العصور وإلى الآن يقف مبهورًا أمام كثرة هذه الحروب، حتى يخيّل إليه أن الحرب هي الوضع الطبيعي! فهي القاعدة، والسلام هو الشذوذ”([50]).

ختاما:

من الطبيعي في الختام أن نتساءل: ما الأخلاق التي ستثمر في شجرة هذه جذورها وأصولها؟! وما السلوكيات التي تنتظرها من إنسان هذه نفسيته؟!

ومن المنطقي هنا أن لا نتعجب من تلك الأخلاق اليهودية البشعة الوحشية المتطرفة غاية التطرف؛ إذ هي قد تكونت بفعل عوامل عدَّة؛ كدعوى الاصطفاء والاختيار الإلهي ودعوى النقاء العنصري وما عانوه من الاضطهاد والسبي وغيرها من العوامل، وأيضا ظهر لنا أنها استمدت من عدة مصادر، بدءًا من التوراة ومرورًا بالتلمود وانتهاء بالحاخامات.

وإذا كانت التوراة التي بأيديهم اليوم مملوءةً بأرذل الأخلاق وأشنعها -كالعنصرية والاستعلاء على الآخرين والأنانية والمادية المقيتة- فما ظنك بما بعده من المصادر كالتلمود والحاخامات؟!

ولا شك أن هذه الأخلاق ألقت بظلالها على اليهود اليوم فيما بينهم وبين طوائفهم وجماعاتهم وفرقهم وأحزابهم، فضلا عن الشعوب الأخرى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) ينظر: المتفق والمختلف في القيم الأخلاقية بين اليهوديَّة والمسيحية والإسلام.. دراسة مقارنة، أحمد إبراهيم الديبو، مجلة ريحان للنشر العلمي الصادرة عن مركز فكر للدراسات والتطوير، (ع: 14، 9/ 9/ 2021م، ص: 159)، الأخلاق في القرآن والتوراة والتلمود، أحمد عمار عبد الجليل، دار نور حوران – دمشق، بدون رقم الطبعة، عام 2018م (ص: 9).

([2]) جامع البيان للطبري (10/ 130).

([3]) ينظر: القدس مدينة الله أم مدينة داود، حسن ظاظا، وهو مطبوع ضمن كتاب أبحاث في الفكر اليهودي (ص: 37)، المتفق والمختلف في القيم الأخلاقية بين اليهوديَّة والمسيحية والإسلام.. دراسة مقارنة، أحمد إبراهيم الديبو، مجلة ريحان للنشر العلمي الصادرة عن مركز فكر للدراسات والتطوير، (ع: 14، 9/ 9/ 2021م، ص: 159)، الأخلاق في القرآن والتوراة والتلمود، أحمد عمار عبد الجليل (ص: 9).

([4]) أثر عقيدة اليهود في موقفهم من الأمم الأخرى، هند دخيل الله وصل القثامي، رسالة ماجستير بقسم العقيدة بجامعة أم القرى عام ١٤٢٠ه -غير مطبوع- (ص: ٣٦٧).

([5]) ينظر: منهاج السنة النبوية (5/ 280)، الرد على البكري (1/ 182)، تحرير منشأ الخلاف في مسائل العقيدة عند شيخ الإسلام ابن تيمية، عبد اللطيف القريقري (ص: 5).

([6]) ينظر: أبجديات البحث في العلوم الشرعية، فريد الأنصاري (ص: 114).

([7]) ينظر: الشخصية الإسرائيلية، حسن ظاظا (ص: 7).

([8]) تث: (7: 6-7)، ونبه حسن ظاظا أنه تكرر مثله في: تث: (14: 2).

([9]) اليهودي على حسب التلمود، أوجست روهلنج، وهو القسم الأول من كتاب الكنز المرصود في قواعد التلمود، ترجمة: يوسف نصر الله، تقديم: مصطفى الزرقا وحسن ظاظا، دار القلم – دمشق، الطبعة الثانية 1420هـ-1999م (ص: 73).

([10]) التلمود البابلي، عبوده زارة ١٠/ ب – تعنيت ٣/ ب – مدراش يلقوط على سفر زكريا ١٩٦٩م، نقلًا عن: الشخصية الإسرائيلية، حسن ظاظا (ص: 9).

([11]) الشخصية الإسرائيلية، حسن ظاظا (ص: 9).

([12]) ينظر: موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية (5/ 72 وما بعدها).

([13]) ينظر: الأخلاق في القرآن والتوراة والتلمود، أحمد عمار عبد الجليل (ص: 195)، مفهوم الآخر في اليهودية والمسيحية، رقية العلواني وآخرون، دار الفكر – دمشق 2008م (ص: 51)، العنصرية اليهوديَّة وآثارها في المجتمع الإسلامي والموقف منها، أحمد عبد الله الزغيبي، مكتبة العبيكان – الرياض، الطبعة الأولى 1418هـ-1998م (1/ 24 وما بعدها)، الشخصية اليهوديَّة الإسرائيلية والروح العدوانية، رشاد عبد الله الشامي، عالم المعرفة – الكويت، بدون رقم الطبعة عام 1978م (ص: 122).

([14]) تث: (7: 2-6).

([15]) ينظر: القتل والسرقة في اليهودية والمسيحية والإسلام، عناد نجر العجرفي العتيبي، بدون دار طباعة، الطبعة الأولى، 1419هـ-1998م (ص: 204)، الشخصية الإسرائيلية، حسن ظاظا (ص: 6 وما بعدها، 36-38، 50)، الساميون ولغاتهم، حسن ظاظا (ص: 66)، الصهيونية العالمية وإسرائيل، حسن ظاظا وعائشة راتب ومحمد فتح الله الخطيب (ص: ٤١)، مقال: الدولة الصهيونية والتعصب العنصري، حسن ظاظا، وهو مطبوع ضمن كتاب أبحاث في الفكر اليهودي (ص: 110)، اليهود ليسوا تجارًا بالنشأة، حسن ظاظا وأحمد عاشور (ص: 63 وما بعدها)، مقال: اليهود وحساب الزمن، حسن ظاظا، الفيصل (ع: 211/ ص: 6).

([16]) كفاحي، أدولف هتلر، ترجمة: لويس الحاج، بيسان للنشر والتوزيع – بيروت، الطبعة الثالثة ٢٠١٤م (ص: 22-23)، وينظر: العنصرية اليهوديَّة وآثارها في المجتمع الإسلامي والموقف منها، أحمد عبد الله الزغيبي (1/ 137 وما بعدها).

([17]) تك: (17: 7-9).

([18]) تك: (17: 15-21)، وينظر: تث: (26: 18-19).

([19]) ينظر: العنصرية اليهوديَّة وآثارها في المجتمع الإسلامي والموقف منها، أحمد عبد الله الزغيبي (1/ 150 وما بعدها).

([20]) مقال: الدولة الصهيونية والتعصب العنصري، حسن ظاظا، وهو مطبوع ضمن كتاب أبحاث في الفكر اليهودي (ص: 105 وما بعدها)، وينظر: مقال: إسرائيليات للبيع، حسن ظاظا، جريدة الرياض (ع: 9649، 21/ 6/ ١٤١٥ه-24/ 11/ ١٩٩4م، وهو ضمن كتاب الكشكول (٢)، (ص: 21 وما بعدها).

([21]) ومن العجيب أن يطلق اليهود هذا على نبيّنا إسماعيل عليه السلام، ويعيّرون به المسلمين، مع أنهم يزعمون أن سليمان إنما ولد نتيجة لزنا داود بزوجة أوريا الحثي، هذا غير نسبتهم إليه الزنا براحاب التي استعان بها في فتح بعض المدن، ونسبتهم الزنا إلى أبناء سليمان وغيرهم من الأنبياء التي لا يكاد ينفك منها قارئ التوراة، خاصة سفري القضاة والملوك وما بعدها.

([22]) ينظر: موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية (5/ 240 وما بعدها)، مقال: الدولة الصهيونية والتعصب العنصري، حسن ظاظا، وهو مطبوع ضمن كتاب أبحاث في الفكر اليهودي (ص: 109)، الشخصية الإسرائيلية، حسن ظاظا (ص: 48-49).

([23]) موسوعة اليهود واليهودية (٢/ 21).

([24]) الانتفاضة الفلسطينية والأزمة الصهيونية – دراسة في الإدراك والكرامة، المسيري، مكتبة الأسرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، بدون رقم الطبعة ولا تاريخ (ص: ٢٩-30).

([25]) ينظر: مقال: الدولة الصهيونية والتعصب العنصري، حسن ظاظا، وهو مطبوع ضمن كتاب أبحاث في الفكر اليهودي (ص: 97)، مقال: الشعر اليهودي وبداياته، حسن ظاظا، الفيصل (ع: ٢59/ ص: 36).

([26]) الأجناس البشرية في التاريخ (بالفرنسية)، يوجين بيتار (ص: 413)، نقلا عن: الشخصية الإسرائيلية، حسن ظاظا (ص: ٣٥)، وينظر: الفكر الديني الإسرائيلي، حسن ظاظا (ص: 320)، يهود اليمن، عباس علي الشامي، بدون دار طباعة، الطبعة الأولى 1408هـ-1988م (ص: 31 وما بعدها).

([27]) ينظر: موسوعة اليهود واليهودية، المسيري (3/ 201).

([28]) موسوعة اليهود واليهودية (٢/ 67).

([29]) الشخصية الإسرائيلية، حسن ظاظا (ص: ٣٥)، وينظر: العنصرية اليهوديَّة وآثارها في المجتمع الإسلامي والموقف منها، أحمد عبد الله الزغيبي (1/ 151 وما بعدها).

([30]) تك: (24: 2-10)، وينظر: عزرا: (9: 1-3).

([31]) مقال: بنوة الفكر اليهودي للإسلام، حسن ظاظا، الفيصل (ع: 220/ ص: 19)، وينظر: موسوعة اليهود واليهودية، المسيري (٢/ 66)، مقال: العبرية الصهيونية واليهودية الشعبية، حسن ظاظا، الفيصل (ع: ٢١٢/ ص: 6).

([32]) ينظر: موسوعة اليهود واليهودية، المسيري (٢/ 316)، الصهيونية العالمية وإسرائيل، حسن ظاظا وعائشة راتب ومحمد فتح الله الخطيب (ص: ٢٠-٢١).

([33]) ينظر: موسوعة اليهود واليهودية، المسيري (٢/ 66)، الشخصية الإسرائيلية، حسن ظاظا (ص: 70 وما بعدها).

([34]) الشخصية الإسرائيلية (ص: 70-71).

([35]) مقال: اليهود في ظل الإسلام، حسن ظاظا، الفيصل (ع: 215/ ص: 19-20). وينظر: رسالة في الطريق إلى ثقافتنا، محمود شاكر (ص: 33).

([36]) ينظر: موسوعة اليهود واليهودية، المسيري (٢/ 98)، الشخصية الإسرائيلية، حسن ظاظا (ص: 66).

([37]) ينظر: إر: (14: 15-16)، إش: (43: 1-7).

([38]) ينظر: موسوعة اليهود واليهودية، المسيري (4/ 136 وما بعدها)، العنصرية اليهوديَّة وآثارها في المجتمع الإسلامي والموقف منها، أحمد عبد الله الزغيبي (1/ 163 وما بعدها)، الفكر الديني الإسرائيلي، حسن ظاظا (ص: 37 وما بعدها)، الساميون ولغاتهم، حسن ظاظا (ص: 74 وما بعدها)، شريعة الحرب عند اليهود، حسن ظاظا وأحمد عاشور (ص: 32 وما بعدها).

([39]) الشخصية الإسرائيلية، حسن ظاظا (ص: 68).

([40]) القصة في المتفق عليه، أخرجها البخاري (2681)، ومسلم (1773).

([41]) ينظر: جامع البيان للطبري (19/ 459)، تفسير البغوي -إحياء التراث- (3/ 505)، تفسير ابن كثير -ت: سلامة- (6/ 191).

([42]) الفكر الديني الإسرائيلي، حسن ظاظا (ص: 40).

([43]) ينظر: مقال: القدس مدينة الله أم مدينة داود، حسن ظاظا (ص: 39 وما بعدها)، الصهيونية العالمية وإسرائيل، حسن ظاظا وعائشة راتب ومحمد فتح الله الخطيب (ص: 52 وما بعدها)، مقال: اللاسامية والإسلام، حسن ظاظا، الفيصل (ع: 248/ ص: 20)، مقال: اليهود في ظل الإسلام، حسن ظاظا، الفيصل (ع: 215/ ص: 20 وما بعدها).

([44]) الصهيونية العالمية وإسرائيل، حسن ظاظا وعائشة راتب ومحمد فتح الله الخطيب (ص: ٥٧-٥٨).

([45]) الشخصية الإسرائيلية، حسن ظاظا (ص: 65).

([46]) شريعة الحرب عند اليهود، حسن ظاظا وأحمد عاشور (ص: 16).

([47]) صم 1 (3: 15).

([48]) حز: (9: 5).

([49]) ينظر: فتاوى الحاخامات رؤية موضوعية لجذور التطرف في المجتمع الإسرائيلي، منصور عبد الوهاب، الهيئة المصرية العامة للكتاب (ص: 16 وما بعدها).

([50]) مقال: اليهود والحرب، حسن ظاظا، (ع: 234/ ص: 19)، وينظر: الأصول التوراتية للعنف اليهودي، عبد الغني عماد (ص: 2 وما بعدها)، الآخر في الفكر اليهودي – الجزء الأول: الآخر من المنظور اللغوي والتاريخي، نازك عبد الفتاح وآخرون، دار العلوم للنشر – القاهرة، بدون رقم الطبعة عام 1406هـ-2006م.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جديد سلف

صيانة الشريعة لحق الحياة وحقوق القتلى، ودفع إشكال حول حديث قاتل المئة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقدمة: إنّ أهلَ الأهواء حين لا يجدون إشكالًا حقيقيًّا أو تناقضًا -كما قد يُتوهَّم- أقاموا سوق الأَشْكَلة، وافترضوا هم إشكالا هشًّا أو مُتخيَّلًا، ونحن نهتبل فرصة ورود هذا الإشكال لنقرر فيه ولنثبت ونبرز تلك الصفحة البيضاء لصون الدماء ورعاية حقّ الحياة وحقوق القتلى، سدًّا لأبواب الغواية والإضلال المشرَعَة، وإن […]

برهان الأخلاق ودلالته على وجود الله

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: إنَّ قضيةَ الاستدلال على وجود الله تعالى، وأنه الربّ الذي لا ربّ سواه، وأنه المعبود الذي استحقَّ جميع أنواع العبادة قضية ضرورية في حياة البشر؛ ولذا فطر الله سبحانه وتعالى الخلق كلَّهم على معرفتها، وجعل معرفته سبحانه وتعالى أمرًا ضروريًّا فطريًّا شديدَ العمق في وجدان الإنسان وفي عقله. […]

التوظيف العلماني للقرائن.. المنهجية العلمية في مواجهة العبث الفكري الهدّام

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة     مقدمة: حاول أصحاب الفكر الحداثي ومراكزُهم توظيفَ بعض القضايا الأصولية في الترويج لقضاياهم العلمانية الهادفة لتقويض الشريعة، وترويج الفكر التاريخي في تفسير النصّ، ونسبية الحقيقة، وفتح النص على كلّ المعاني، وتحميل النص الشرعي شططَهم الفكري وزيفَهم المروَّج له، ومن ذلك محاولتُهم اجترار القواعد الأصولية التي يظنون فيها […]

بين عُذوبة الأعمال القلبية وعَذاب القسوة والمادية.. إطلالة على أهمية أعمال القلوب

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   مقدمة: تعاظمت وطغت المادية اليوم على حياة المسلمين حتى إن قلب الإنسان لا يكاد يحس بطعم الحياة وطعم العبادة إلا وتأتيه القسوة من كل مكان، فكثيرا ما تصطفُّ الجوارح بين يدي الله للصلاة ولا يحضر القلب في ذلك الصف إلا قليلا. والقلب وإن كان بحاجة ماسة إلى تعاهُدٍ […]

الإسهامات العلمية لعلماء نجد في علم الحديث.. واقع يتجاوز الشائعات

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: لا يخلو زمن من الأزمان من الاهتمام بالعلوم وطلبها وتعليمها، فتنشط الحركة التعليمية وتزدهر، وربما نشط علم معين على بقية العلوم نتيجة لاحتياج الناس إليه، أو خوفًا من اندثاره. وقد اهتم علماء منطقة نجد في حقبهم التاريخية المختلفة بعلوم الشريعة، يتعلمونها ويعلِّمونها ويرحلون لطلبها وينسخون كتبها، فكان أول […]

عرض وتعريف بكتاب: المسائل العقدية التي خالف فيها بعضُ الحنابلة اعتقاد السّلف.. أسبابُها، ومظاهرُها، والموقف منها

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة تمهيد: من رحمة الله عز وجل بهذه الأمة أن جعلها أمةً معصومة؛ لا تجتمع على ضلالة، فهي معصومة بكلِّيّتها من الانحراف والوقوع في الزّلل والخطأ، أمّا أفراد العلماء فلم يضمن لهم العِصمة، وهذا من حكمته سبحانه ومن رحمته بالأُمّة وبالعالـِم كذلك، وزلّة العالـِم لا تنقص من قدره، فإنه ما […]

قياس الغائب على الشاهد.. هل هي قاعِدةٌ تَيْمِيَّة؟!

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   القياس بمفهومه العام يُقصد به: إعطاء حُكم شيء لشيء آخر لاشتراكهما في عِلته([1])، وهو بهذا المعنى مفهوم أصولي فقهي جرى عليه العمل لدى كافة الأئمة المجتهدين -عدا أهل الظاهر- طريقا لاستنباط الأحكام الشرعية العملية من مصادرها المعتبرة([2])، وقد استعار الأشاعرة معنى هذا الأصل لإثبات الأحكام العقدية المتعلقة بالله […]

فَقْدُ زيدِ بنِ ثابتٍ لآيات من القرآن عند جمع المصحف (إشكال وبيان)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: القرآن الكريم وحي الله تعالى لنبيّه محمد صلى الله عليه وسلم، المعجزة الخالدة، تتأمله العقول والأفهام، وتَتَعرَّفُه المدارك البشرية في كل الأزمان، وحجته قائمة، وتقف عندها القدرة البشرية، فتعجز عن الإتيان بمثلها، وتحمل من أنار الله بصيرته على الإذعان والتسليم والإيمان والاطمئنان. فهو دستور الخالق لإصلاح الخلق، وقانون […]

إرث الجهم والجهميّة .. قراءة في الإعلاء المعاصر للفكر الجهمي ومحاولات توظيفه

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: إذا كان لكلِّ ساقطة لاقطة، ولكل سلعة كاسدة يومًا سوقٌ؛ فإن ريح (الجهم) ساقطة وجدت لها لاقطة، مستفيدة منها ومستمدّة، ورافعة لها ومُعليَة، وفي زماننا الحاضر نجد محاولاتِ بعثٍ لأفكارٍ منبوذة ضالّة تواترت جهود السلف على ذمّها وقدحها، والحط منها ومن معتنقها وناشرها([1]). وقد يتعجَّب البعض أَنَّى لهذا […]

شبهات العقلانيين حول حديث: (إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: لا يزال العقلانيون يحكِّمون كلامَ الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم إلى عقولهم القاصرة، فينكِرون بذلك السنةَ النبوية ويردُّونها، ومن جملة تشغيباتهم في ذلك شبهاتُهم المثارَة حول حديث: «الشيطان يجري في ابن آدم مجرى الدم» الذي يعتبرونه مجردَ مجاز أو رمزية للإشارة إلى سُرعة وقوع الإنسان في الهوى […]

شُبهة في فهم حديث الثقلين.. وهل ترك أهل السنة العترة واتَّبعوا الأئمة الأربعة؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة حديث الثقلين يعتبر من أهمّ سرديات الخطاب الديني عند الشيعة بكافّة طوائفهم، وهو حديث معروف عند أهل العلم، تمسَّك بها طوائف الشيعة وفق عادة تلك الطوائف من الاجتزاء في فهم الإسلام، وعدم قراءة الإسلام قراءة صحيحة وفق منظورٍ شمولي. ولقد ورد الحديث بعدد من الألفاظ، أصحها ما رواه مسلم […]

المهدي بين الحقيقة والخرافة والرد على دعاوى المشككين

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   مقدمة: صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا، لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ»([1]). ومن رحمته صلى الله عليه وسلم بالأمه أنه أخبر بأمور كثيرة واقعة بعده، وهي من الغيب الذي أطلعه الله عليه، وهو صلى الله عليه وسلم لا […]

قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لو كان الإيمان منوطًا بالثريا، لتناوله رجال من فارس) شبهة وجواب

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  يقول بعض المنتصرين لإيران: لا إشكالَ عند أحدٍ من أهل العلم أنّ العربَ وغيرَهم من المسلمين في عصرنا قد أعرَضوا وتولَّوا عن الإسلام، وبذلك يكون وقع فعلُ الشرط: {وَإِن تَتَوَلَّوْاْ}، ويبقى جوابه، وهو الوعد الإلهيُّ باستبدال الفرس بهم، كما لا إشكال عند المنصفين أن هذا الوعدَ الإلهيَّ بدأ يتحقَّق([1]). […]

دعوى العلمانيين أن علماء الإسلام يكفرون العباقرة والمفكرين

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة عرفت الحضارة الإسلامية ازدهارًا كبيرًا في كافة الأصعدة العلمية والاجتماعية والثقافية والفكرية، ولقد كان للإسلام اللبنة الأولى لهذه الانطلاقة من خلال مبادئه التي تحثّ على العلم والمعرفة والتفكر في الكون، والعمل إلى آخر نفَسٍ للإنسان، حتى أوصى الإنسان أنَّه إذا قامت عليه الساعة وفي يده فسيلة فليغرسها. ولقد كان […]

حديث: «إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ» شبهة ونقاش

من أكثر الإشكالات التي يمكن أن تؤثِّرَ على الشباب وتفكيرهم: الشبهات المتعلِّقة بالغيب والقدر، فهما بابان مهمّان يحرص أعداء الدين على الدخول منهما إلى قلوب المسلمين وعقولهم لزرع الشبهات التي كثيرًا ما تصادف هوى في النفس، فيتبعها فئام من المسلمين. وفي هذا المقال عرضٌ ونقاشٌ لشبهة واردة على حديثٍ من أحاديث النبي صلى الله عليه […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017