الخميس - 19 جمادى الأول 1446 هـ - 21 نوفمبر 2024 م

فقه النبوءات والتبشير عند الملِمّات

A A

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة

مقدمة:

منَ الملاحَظ أنه عند نزول المصائب الكبرى بالمسلمين يفزع كثير من الناس للحديث عن أشراط الساعة، والتنبّؤ بأحداث المستقبَل، ومحاولة تنزيل ما جاء في النصوص عن أحداث نهاية العالم وملاحم آخر الزمان وظهور المسلمين على عدوّهم من اليهود والنصارى على وقائع بعينها معاصرة أو متوقَّعة في القريب، وربما حدَّد بعضهم لذلك تواريخَ معيَّنة، فيقول: زوال دولة إسرائيل في عام كذا وكذا، ويمضي هذا التاريخ دون حدوث شيء. وللأسف لا يتعلَّمون الدرسَ، فيحدِّدون لذلك تاريخًا غيرَه، ويمرّ أيضًا دون حدوث ما تنبَّؤوه، ولكن دون تراجع عن هذا المنهج الخاطئ.

وربما كان الحامل لبعضهم على ذلك هو تبشير المسلمين، وبثّ الرجاء في قلوبهم، حتى لا يملأ اليأس القلوب؛ بسبب شدة البلاء وطول الأمد، فربما استبطأ الناس النصرَ، وضعفوا ويئسوا، فيظنّ بعض هؤلاء أن صنيعهم هذا يعيد الأمل للقلوب.

ولا شكَّ أن التبشيرَ عند الملمّات من هدي الأنبياء والمرسلين، كما قال تعالى: ﴿‌وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوۡمِكُمَا بِمِصۡرَ بُيُوتا وَٱجۡعَلُواْ بُيُوتَكُمۡ قِبۡلَة وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَۗ وَبَشِّرِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ﴾ [يونس: 87]، وقال تعالى: ﴿وَلَنَبۡلُوَنَّكُم بِشَيۡء مِّنَ ٱلۡخَوۡفِ وَٱلۡجُوعِ وَنَقۡص مِّنَ ٱلۡأَمۡوَٰلِ وَٱلۡأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَٰتِۗ ‌وَبَشِّرِ ٱلصَّٰبِرِينَ﴾ [البقرة: 155]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «بشِّرْ هذهِ الأُمَّةَ بالتَّيسيرِ والسَّناءِ والرِّفعةِ بالدِّينِ، والتَّمكينِ في البلادِ، والنَّصرِ»([1])، وعَنْ أَبِي مُوسَى الأشعري قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا بَعَثَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ فِي بَعْضِ أَمْرِهِ قَالَ: «‌بَشِّرُوا ‌وَلَا ‌تُنَفِّرُوا، وَيَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا»([2]).

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبشِّر أصحابه في أوقات المحن والأزمات، فلما أتاه خباب بن الأرت رضي الله عنه يشكو إليه ما يلقَونَه من شدة ومعاناة أمرهم بالتأسي بمن قبلهم بالصالحين، ثم بشرهم بالنصر والتمكين، فعن خباب بن الأرتِّ قال: شَكَوْنا إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً له في ظِلِّ الكَعْبَةِ، فَقُلْنا: ألا تَسْتَنْصِرُ لنا؟! ألا تَدْعُو لَنا؟! فقالَ: «قدْ كانَ مَن قَبْلَكُمْ يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فيُحْفَرُ له في الأرْضِ، فيُجْعَلُ فيها، فيُجاءُ بالمِنْشارِ، فيُوضَعُ علَى رَأْسِهِ، فيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ، ويُمْشَطُ بأَمْشاطِ الحَدِيدِ ما دُونَ لَحْمِهِ وعَظْمِهِ، فَما يَصُدُّهُ ذلكَ عن دِينِهِ. واللَّهِ، لَيَتِمَّنَّ هذا الأمْرُ حتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِن صَنْعاءَ إلى حَضْرَمَوْتَ، لا يَخافُ إلَّا اللَّهَ، والذِّئْبَ علَى غَنَمِهِ، ولَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ»([3]).

وعن عديِّ بن حاتم رضي الله عنه قال: بيْنَا أنَا عِنْدَ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذْ أتَاهُ رَجُلٌ فَشَكَا إلَيْهِ الفَاقَةَ، ثُمَّ أتَاهُ آخَرُ فَشَكَا إلَيْهِ قَطْعَ السَّبِيلِ، فَقَالَ: «يا عَدِيُّ، هلْ رَأَيْتَ الحِيرَةَ؟» قُلتُ: لَمْ أرَهَا وقدْ أُنْبِئْتُ عَنْهَا، قَالَ: «فإنْ طَالَتْ بكَ حَيَاةٌ لَتَرَيَنَّ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنَ الحِيرَةِ حتَّى تَطُوفَ بالكَعْبَةِ، لا تَخَافُ أحَدًا إلَّا اللَّهَ -قُلتُ فِيما بَيْنِي وبيْنَ نَفْسِي: فأيْنَ دُعَّارُ طَيِّئٍ الَّذِينَ قدْ سَعَّرُوا البِلَادَ؟!- ولَئِنْ طَالَتْ بكَ حَيَاةٌ لَتُفْتَحَنَّ كُنُوزُ كِسْرَى»، قُلتُ: كِسْرَى بنِ هُرْمُزَ؟ قَالَ: «كِسْرَى بنِ هُرْمُزَ، ولَئِنْ طَالَتْ بكَ حَيَاةٌ لَتَرَيَنَّ الرَّجُلَ يُخْرِجُ مِلْءَ كَفِّهِ مِن ذَهَبٍ أوْ فِضَّةٍ، يَطْلُبُ مَن يَقْبَلُهُ منه، فلا يَجِدُ أحَدًا يَقْبَلُهُ منه»([4]).

فبشرهم بذهاب الفقر والخوف. وهذا معروف من هديه وسيرته صلى الله عليه وسلم، وتتبُّع ذلك يطول.

والغرض المقصود: أن التبشير في المحن مطلوب، لكن لا بد من الاتّزان في ذلك، حتى لا يخرج الأمر عن حدِّه المشروع، ويدخل في باب الأوهام أو الكذب، أو القول على الله بلا علم، أو الكهانة والرجم بالغيب، أو الاغترار بالأماني من غير عمل وأخذ بالأسباب.

وهذه الأمور في الحقيقة لها آثار سلبية جدًّا على من يتلقاها ويصدقها وينفعل معها، إذ قد يصاب باليأس والإحباط إذا لم يتحقَّق ما يرجوه، وقد يتشكَّك في الوحي ويكذّب القرآن بعد أن تأوَّله على غير وجهه، وقد يترك العمل بما أوجبه الله عليه شرعًا بحجة انتظار مجيء المهدي الذي سينصر الله تعالى به الإسلام، أو العمل على نشوب حرب، اعتقادًا بأن هذه الحرب هي الحرب التي سيقتل فيها المسلمون اليهود وينطق الحجر والشجر كما جاء في الحديث المشهور.

ثم إن كثيرًا من الطاعنين في الوحي والشريعة من غير المسلمين ومن المنافقين يتَّخذون من هذه المقولات غير المنضبطة بابًا للطعن في الدين والقرآن والسنة، بل ربما أدَّى ذلك لإنكار البشارات الصحيحة الثابتة في القرآن والسنة أصلًا؛ خلطًا منهم بين الحق والباطل.

ولذلك أحببتُ أن أبين بعض الضوابط المهمة؛ لكي يضبط بها هذا الباب المهمّ، وحتى لا يصير التبشير -وهو مطلوب شرعًا- فتنة للناس كما حدث وما زال يتكرر، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ضوابط تنزيل نصوص البشارات ونبوءات على الواقع:

ذكرت في هذا المبحث ستّة ضوابط، وربما جعلتُ تحت بعض هذه الضوابط ضوابطَ أخرى تابعة لها وتندرج فيها:

الضابط الأول: البشارات المطلَقة لا يجوز أن نقيِّدها بزمن معيَّن أو بطائفة معيّنة بغير دليل صحيح:

وذلك أن الله سبحانه وتعالى بشر المؤمنين بالنصر والتمكين في آيات كثيرة، مثل قوله تعالى: ﴿وَلَقَدۡ كَتَبۡنَا فِي ٱلزَّبُورِ مِنۢ بَعۡدِ ‌ٱلذِّكۡرِ ‌أَنَّ ‌ٱلۡأَرۡضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ ٱلصَّٰلِحُونَ﴾ [الأنبياء: 105]، وقوله تعالى: ﴿وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ ‌لَيَسۡتَخۡلِفَنَّهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ كَمَا ٱسۡتَخۡلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمۡ دِينَهُمُ ٱلَّذِي ٱرۡتَضَىٰ لَهُمۡ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنۢ بَعۡدِ خَوۡفِهِمۡ أَمۡناۚ ﴾ [النور: 55]، وقوله تعالى ﴿وَكَانَ ‌حَقًّا ‌عَلَيۡنَا ‌نَصۡرُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ﴾ [الروم: 47]، وقوله تعالى ﴿وَلَقَدۡ سَبَقَتۡ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا ٱلۡمُرۡسَلِينَ * إِنَّهُمۡ لَهُمُ ٱلۡمَنصُورُونَ * وَإِنَّ ‌جُندَنَا ‌لَهُمُ ٱلۡغَٰلِبُونَ﴾ [الصافات: 171-173]، وقوله تعالى ﴿يُرِيدُونَ لِيُطۡفِـُٔواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفۡوَٰهِهِمۡ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَٰفِرُونَ * ‌هُوَ ‌ٱلَّذِيٓ ‌أَرۡسَلَ ‌رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِينِ ٱلۡحَقِّ لِيُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ﴾ [الصف: 8، 9]، وغيرها من الآيات الكثيرة.

ولكن لا يجوز لأحد أن يجزم بأن حربًا بعينها سينتصر فيها المسلمون اعتمادًا على الوعد المطلق؛ فإن لهذا الوعد شروطًا، وهي تحقيق الإيمان والعمل الصالح وإعداد العدة والأخذ بالأسباب اللازمة للنصر، فسنن الله تعالى لا تحابي أحدًا من الخلق، ولو كانوا أحب الخلق إلى الله.

وإذا كان المسلمون في زمن النبي صلى الله عليه وسلم قد تعرَّضوا في يوم أحد لما هو معلوم وفيهم النبي والصحابة الكرام، وذلك لأن فريقًا منهم كان يريد الدنيا ولم تكن إرادة الآخرة خالصة في قلوبهم كما قال تعالى: ﴿وَلَقَدۡ صَدَقَكُمُ ٱللَّهُ وَعۡدَهُۥٓ إِذۡ ‌تَحُسُّونَهُم بِإِذۡنِهِۦۖ حَتَّىٰٓ إِذَا فَشِلۡتُمۡ وَتَنَٰزَعۡتُمۡ فِي ٱلۡأَمۡرِ وَعَصَيۡتُم مِّنۢ بَعۡدِ مَآ أَرَىٰكُم مَّا تُحِبُّونَۚ مِنكُم مَّن يُرِيدُ ٱلدُّنۡيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ ٱلۡأٓخِرَةَ﴾ [آل عمران: 152]، فكيف يجزم أحد بعد ذلك بأنه أهلٌ وجديرٌ بوعد الله ونصره؟!

بل إذا كان الأنبياء أنفسهم يَصِلون للحال التي ذكرها الله تعالى في قوله: ﴿‌حَتَّىٰٓ ‌إِذَا ‌ٱسۡتَيۡـَٔسَ ٱلرُّسُلُ وَظَنُّوٓاْ أَنَّهُمۡ قَدۡ كُذِبُواْ جَآءَهُمۡ نَصۡرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَآءُ﴾ [يوسف: 110]، وقد فسرها ابن عباس -على أحد وجوه القراءة والتأويل- بقوله: “‌كَانُوا ‌بَشَرًا، ضَعُفُوا وَيَئِسُوا”([5]).

قال القرطبي رحمه الله: “قال الترمذي الحكيم: وجهُه عندنا أن الرسلَ كانت تخاف بعدما وعد الله النصر، لا مِن تهمة لوعد الله، ولكن لتُهمة النفوس أن تكون قد أحدثت حدثا ينقض ذلك الشرط والعهد الذي عهد إليهم، فكانت إذا طالت عليهم المدة دخلهم الإياس والظنون من هذا الوجه”([6]).

ومن أمثلة ذلك: لما بشر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في عام الحديبية بدخول البيت والطواف به، ثم حُصِروا ومنعهم المشركون، وعقدوا صلح الحديبية، وكان من بنوده أن يرجع المسلمون من عامهم هذا على أن يأتوا في العام الذي بعده، وأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالحلق والتحلل، فغضب الصحابة حتى قال عمر رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم: أوَليسَ كُنْتَ تُحَدِّثُنَا أنَّا سَنَأْتي البَيْتَ فَنَطُوفُ بهِ؟! قالَ: «بَلَى، فأخْبَرْتُكَ أنَّا نَأْتِيهِ العَامَ؟» قالَ: قُلتُ: لَا، قالَ: «فإنَّكَ آتِيهِ ومُطَّوِّفٌ به»([7]). ونزل في ذلك قوله تعالى: ﴿‌لَّقَدۡ ‌صَدَقَ ‌ٱللَّهُ رَسُولَهُ ٱلرُّءۡيَا بِٱلۡحَقِّۖ لَتَدۡخُلُنَّ ٱلۡمَسۡجِدَ ٱلۡحَرَامَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ ءَامِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمۡ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَۖ فَعَلِمَ مَا لَمۡ تَعۡلَمُواْ فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَٰلِكَ فَتۡحا قَرِيبًا﴾ [الفتح: 27].

فإذا كان عمر بن الخطاب المحدَّث الملهَم بنص الحديث قد أخطأ في تقييده هذه البشارة النبوية المطلقة بعام معيَّن، رغم وجود أمارات كثيرة كانت تدلّ على إمكانية تحقُّق ذلك في ذلك العام، ومع ذلك كان ظنُّه في ذلك خاطئًا، فكيف يجزم بعد ذلك أحد بصحة ذكره زمنًا معينًا أو طائفة معينة لتحقيق هذه البشارات؟!

ومن أمثلة ذلك أيضا: وعدُه سبحانه وتعالى بهلاك الظالمين والمفسدين، فإن ذلك عام ومطلَق في كتاب الله تعالى، مثل قوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ ‌لَا ‌يُصۡلِحُ ‌عَمَلَ ٱلۡمُفۡسِدِينَ﴾ [يونس: 81]، وقوله تعالى: ﴿وَٱسۡتَفۡتَحُواْ ‌وَخَابَ ‌كُلُّ ‌جَبَّارٍ عَنِيد﴾ [إبراهيم: 15]، وقوله تعالى: ﴿وَقُلۡ جَآءَ ٱلۡحَقُّ ‌وَزَهَقَ ‌ٱلۡبَٰطِلُۚ إِنَّ ٱلۡبَٰطِلَ كَانَ زَهُوقا﴾ [الإسراء: 81]، وقوله تعالى: ﴿فَأَمَّا ‌ٱلزَّبَدُ فَيَذۡهَبُ جُفَآءۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ فَيَمۡكُثُ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ كَذَٰلِكَ يَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡأَمۡثَالَ﴾ [الرعد: 17].

وهذا حقٌّ لا نشكّ فيه: أن مآل المتجبرين الخيبة والخسران، وأن مكرهم إلى بوار، وأن ما ينفقونه من مال سوف يكون عليهم حسرة. كل ذلك لا شكَّ فيه، لكن متى ذلك؟ هذا في علم الله تعالى، ولا يجوز الجزم بتحديد معيَّن في ذلك، كمن يقول: إن أمريكا ستنهار في العام كذا، وإن إسرائيل ستزول في عام كذا، ونحو ذلك من التخرُّصات والقول بلا دليل.

الضابط الثاني: عدم الاعتماد على المصادر الباطلة في هذا الباب:

“وهذه الآفة قاسِم مشترَك بين الخائضين بالظنّ في أشراط الساعة، فهم يوردون الأحاديث الضعيفة والباطلة، ثم يؤسِّسون عليها توقُّعاتٍ وأحكامًا، متناسين أن التفسير فرع التصحيح، ولو أَعمَلنا قول بعض السلف: (أثبت العرش ثم انقش) لطَرَح ذلك عن كاهلنا عبئًا ثقيلًا من هذه المرويات الباطلة، ولأرحنا واسترحنا من عناء الجواب عما يطرأ بسببها من إشكالات وتوقعات”([8]).

ومن ذلك مثلا: الأحاديث والآثار التي يرويها نعيم بن حماد رحمه الله في كتابه (الفتن)([9]) عن السفياني الذي يخرج في الشام، والأبقع الذي يخرج من مصر، والأصهب، وعن قائد الروم الذي يأتي من المغرب وهو يعرج، فكل هذه الأحاديث التي أوردها أبو نعيم شديدة الضعف، لا يجوز الاعتماد عليها.

ونعيم بن حماد مع جلالته في باب السنة والاعتقاد وشدَّته على الجهمية، إلا أن له أوهامًا كثيرة في باب الرواية، خاصة في باب الفتن والملاحم. قال الذهبي: “لا يجوز لأحد أن يحتجَّ به، وقد صنَّف كتاب الفتن، فأتى فيه بعجائب ومناكير”([10])، وقال أيضا: “نعيم من كبار أوعية العلم، لكنه لا تركن النفس إلى مروياته”([11])، وقال ابن رجب الحنبلي: “أئمة الحديث كانوا يحسنون به الظن؛ لصلابته في السنة… فلما كثر عثورهم على مناكيره حكموا عليه بالضعف”([12])، وقال مسلمة بن قاسم: “كثير الخطأ، وله أحاديث منكرة في الملاحم انفرد بها”([13]).

ويدخل في ذلك أيضا: الاعتماد على الإسرائيليات، وهي الأخبار المروية عن بني إسرائيل.

وقد قسم العلماء الإسرائيليات إلى ثلاثة أقسام([14]):

  • ما شهد شرعنا بصدقه.
  • ما شهد شرعنا بكذبه.
  • ما لم يشهد شرعنا له بصدق ولا كذب، فهذا الذي قال فيه نبينا صلى الله عليه وسلم: «بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً، وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»([15]).

فهذا القسم يجوز روايته، ولا نكذّبه، ولكن لا نصدّقه أيضا؛ ولذلك لا يصح الاعتماد عليه في تحديد شيء من علامات الساعة أو أمور المستقبل.

قال الشافعي رحمه الله: “أباح الحديثَ عن بني إسرائيل عن كلّ أحد، وأنه من سمع منهم شيئًا جاز له أن يحدث به عن كل من سمعه منه، كائنًا من كان، وأن يخبر عنهم بما بلغه، لأنه -والله أعلم- ليس في الحديث عنهم ما يقدح في الشريعة، ولا يوجب فيها حكمًا، وقد كانت فيهم الأعاجيب؛ فهي التي يحدّث بها عنهم؛ لا شيء من أمور الديانة”([16]).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “الكتاب والسنة والإجماع، وبإزائه لقوم آخرين المنامات والإسرائيليات والحكايات”([17]).

وقال ابن كثير رحمه الله: “وإنما أباح الشارع الرواية عنهم في قوله: «وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج» فيما قد يجوِّزه العقل، فأما فيما تحيله العقول ويحكم عليه بالبطلان ويغلب على الظنون كذبه فليس من هذا القبيل”([18]).

ومما يبيِّن خطر ذلك ما قاله القرطبي في ذكر خبر السفياني اعتمادًا على الإسرائيليات: “وقد ذكر خبر السفياني مطولًا بتمامة أبو الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي في كتاب الملاحم له، وأنه الذي يخسف بجيشه… وذكر أشياء كثيرة الله أعلم بصحتها، أخذها من كتاب دانيال فيما زعم. قال الحافظ أبو الخطاب بن دحية: ودانيال نبي من أنبياء إسرائيل، كلامه عبراني، وهو على شريعة موسى بن عمران، وكان قبل عيسى ابن مريم بزمان، ومن أسند مثل هذا إلى نبي عن غير ثقة أو توقيف من نبينا صلى الله عليه وسلم فقد سقطت عدالته، إلا أن يبين وضعه لتصح أمانته.

وقد ذكر في هذا الكتاب من الملاحم وما كان من الحوادث وسيكون، وجمع فيه التنافي والتناقض بين الضب والنون، وأغرب فيما أغرب في روايته عن ضرب من الهوس والجنون، وفيه من الموضوعات ما يكذب آخرُها أولَها، ويتعذر على المتأول لها تأويلها، وما يتعلق به جماعة الزنادقة من تكذيب الصادق المصدوق محمد صلى الله عليه وسلم أن في سنة ثلاثمائة يظهر الدجال من يهودية أصبهان، وقد طعنا في أوائل سبعمائة في هذا الزمان وذلك شيء ما وقع ولا كان، ومن الموضوع فيه المصنوع والتهافت الموضوع الحديثُ الطويل الذي استفتح به كتابه، فهلا اتَّقى الله وخاف عقابه، وإن مِنْ أفضح فضيحة في الدين نقلَ مثل هذه الإسرائيليات عن المتهوِّدين، فإنه لا طريق فيما ذكر عن دانيال إلا عنهم، ولا رواية تؤخذ في ذلك إلا منهم”([19]).

فانظر كيف جرّ الاعتمادُ على الإسرائيليات إلى مثل هذه الخرافات؟!

ومن أمثلة ذلك أيضا: اعتمادُ كثير من المسلمين على ما يذكره أهل الكتاب عن ملاحم آخر الزمان، ومعركة هرمجدون، وعودة اليهود لبيت المقدس، وبناء الهيكل، والبقرات الحمر، وغير ذلك من هذه الخرافات التي يصدِّقها الصهاينة النصارى واليهود، ويبنون عليها سياساتهم في بناء إسرائيل على أرض فلسطين، والسعي لهدم المسجد الأقصى لبناء الهيكل المزعوم، من أجل نزول المسيح المخلِّص.

وكل هذه التفاصيل لم ترد عندنا في كتاب ولا سنة، ولا يجوز الاعتماد على ما يرويه أهل الكتاب في ذلك، كما فعل صاحب كتاب (هرمجدون آخر بيان يا أمة الإسلام) والذي اعتمد فيه على أخبار كاهن يهودي! فزاد الطين بلة.

وقد ملأ كتابه بالجهل الكثير، والخرافات التي كشف الواقع كذبها، كزعمه أن المهدي سيظهر بعد حكم طالبان بست سنوات، أي: في عام (2002م) وأتت هذه السنة، ومرت سنوات كثيرة، وتغيرت فيها الأحوال، ولم يخرج المهديّ، بل ذهب حكم طالبان في عام 2001م.

نعم، ورد عندنا ذكر الملحمة مع اليهود في آخر الزمان، كما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ، يَا عَبْدَ اللهِ، هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي، فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ، إِلَّا الْغَرْقَدَ، فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ»([20]).

والظاهر أن هذا القتالَ مع اليهود يكون في آخر الزمان، عند قتال الدجال، فإن أكثر أتباعه من اليهود، وهم ينتظرون مسيح الضلالة، يظنونه المسيح الموعود به في التوراة، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: “فالمراد بقتال اليهود: وقوع ذلك إذا خرج الدجال ونزل عيسى”([21]). وذكر شواهدَ ذلك.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “اليهود إنما ينتظرون المسيح الدجال، فإنه الذي يتبعه اليهود، ويخرج معه سبعون ألف مُطَيلَس [أي: عليهم الطيالسة] من يهود أصبهان، ويقتلهم المسلمون معه، حتى يقول الشجر والحجر: يا مسلم، هذا يهودي ورائي تعال فاقتله”([22]).

ولا شكَّ أن إسقاط هذا الحديث على الواقع المعاصر وما يحدث فيه من معارك غيرُ صحيح؛ لما سبق بيانه أن هذا يكون في قتال الدجال، ويسبقه خروج المهدي ونزول عيسى ابن مريم عليه السلام وغيرها من الأحداث العظيمة التي تسبق هذا الحدث.

ومن المصادر التي لا يجوز الاعتماد عليها في ذلك: الرؤى والمنامات، وهي من أخطر الأمور في ذلك؛ لأن الرؤيا تختلط بحديث النفس بتلاعب الشيطان برأس صاحبها؛ ولذلك اتفق العلماء على أن رؤى غير الأنبياء يُستأنس بها، ولا يستدل بها وحدها؛ لأنه لا يجزم بصحتها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “والرؤيا المحضة التي لا دليل يدلّ على صحتها لا يجوز أن يثبت بها شيء بالاتفاق”([23]).

ونقل الإمام النووي عن القاضي عياض الإجماع على أن المنام لا تبطل بسببه سنة ثبتت ولا تثبت به سنة لم تثبت، ثم قال بعدها: “هذا كلام القاضي، وكذا قاله غيره من أصحابنا وغيرهم، فنقلوا الاتفاق على أنه لا يغير بسبب ما يراه النائم ما تقرر في الشرع… ولا يجوز إثبات حكم شرعي به؛ لأن ‌حالة ‌النوم ‌ليست ‌حالة ‌ضبط وتحقيق”([24]).

وللأسف الشديد، فقد رأينا وسمعنا كيف أن أناسًا أهلكوا أنفسهم وأتباعهم بالدخول في فتن عظيمة، معتمدين فيها على رؤى ومنامات، بدلا من الاحتكام لقواعد الشرع المحكمات.

وفي التاريخ القريب جرت فتنة الجهيمان الذي ادَّعى المهدية في بعض أتباعه، ثم أدخلوا السلاح لبيت الله الحرام، ودعوا لمبايعته بين الركن والمقام، وجرى بسبب ذلك من إراقة الدماء وتدنيس بيت الله الحرام ما هو معلوم.

وكان من أعظم أسباب هياج الفتنة عندهم الرؤى والمنامات، حيث تلاعب بهم الشيطان في وقت واحد، على أن صاحبهم محمد القحطاني هو المهدي، فظنوا أن هذا من تواطؤ الرؤيا الذي يوجب صدقها([25]).

وهذا يدل على أنه يجب الاقتصار على مصادر الاستدلال الصحيحة في هذا الباب -كما في غيره من الأبواب- وترك المصادر الباطلة، كالأحاديث الباطلة، والإسرائيليات، وأخبار الكهان، والتنجيم، والرؤى والمنامات ونحوها.

الضابط الثالث: الالتزام بالمنهج الصحيح في تفسير الأدلة الواردة في هذا الباب:

لا يكفي ثبوت الدليل وصحّته، بل لا بد من تصحيح الاستدلال كذلك.

ومن أهم ذلك: الالتزام في تفسير القرآن بكلام السلف، وعدم اختراع أقوال محدَثة في تفسير الآيات، لكي تنزَّل على الواقع المعاصر، أو اعتبارها بشارة قرآنية.

ومن ذلك مثلا: تفسير آيات سورة الإسراء: ﴿‌وَقَضَيۡنَآ إِلَىٰ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ فِي ٱلۡكِتَٰبِ لَتُفۡسِدُنَّ فِي ٱلۡأَرۡضِ مَرَّتَيۡنِ وَلَتَعۡلُنَّ عُلُوّا كَبِيرا…﴾ الآيات [الإسراء: 4-8].

فقد دأب كثير من المعاصرين على حمل هذه الآيات على أنها بشارة بزوال دولة إسرائيل المعاصرة، وأنّ هذا هو الإفساد الثاني لهم، والذي يعقبه الإخراج من بيت المقدس. ولكن بالنظر في جميع كتب التفسير التي بين أيدينا لا نجد أثرًا لهذا القول، فلا نعلم سلفًا له، وهذا يستوجب ردَّه.

بل جميع الآثار الواردة في تفسير الآية تدلّ على أن هاتين المرتين كانتا في الماضي، على خلاف بينهم في بيان المراد، وليس الغرض الآن تحقيق القول في ذلك، ولكن الغرض بيان أن القول بأنه لم يأت بعد، وأن المقصود بالعباد أولي البأس الشديد المسلمون قول محدث مخالف لقول جميع السلف والمفسرين.

إضافة لذلك فإن في الآيات ما يدلّ على ضعفه، فالمسلمون إذا دخلوا المسجد الأقصى لم يدمّروه كما دمّره الكفار أولو البأس الشديد الذين أرسلهم الله على بني إسرائيل عقوبة لهم على الإفساد في الأرض، وأكثر المفسرين على أنه بختنصر ملك بابل الذي قتلهم وشرَّدهم وأخرجهم من بيت المقدس.

والمسلمون لما دخلوا بيت المقدس في عهد فاتحها عمر أو محرِّرها صلاح الدين أو من سيحرِّرها بعد ذلك من المسلمين -إن شاء الله- لم ولن يدمّروا المسجد، بل يعظِّمونه ويحترمونه.

ولكن في الآيات بشارة مطلقة عامة من قوله تعالى: {وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا}، فهذا مما قضاه الله عليهم وأعلَمهم به، أنهم كلّما عادوا للإفساد في الأرض سلط الله عليهم من يسومهم سوء العذاب.

ولا شكّ أنهم قد أفسدوا في الأرض فسادًا عظيمًا، وعلَوا وتجبروا تجبرًا عظيمًا في هذا الزمان، وهذا مما يجعلنا نستبشر بوعد الله تعالى: {وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا}.

ولكن المقصود أنه ليس هناك تحديد وقت مخصوص لزوال دولة إسرائيل الحالية، ولكنه الوعد العام الذي أَشرنا إليه. ومع ذلك نوقن بالملحمة الكبرى مع اليهود الذين يقاتلون مع الدجال في آخر الزمان -الذي لا نعلم وقته-، وهذا أيضا لا يعني ولا يستلزم بقاء إسرائيل إلى آخر الزمان، كما قال ذلك البعض، فقد تتفكَّك هذه الدولة وتقوم ثانية، ويتكرَّر ذلك قبل آخر الزمان، فالعلم عند الله تعالى. فالانشغال بمثل هذه التوقّعات لا منفعة فيه، بل هي مضرَّة محضَة، على المسلمين الانصراف عنها وعمن يروِّجها.

ومن ذلك أيضا: تفسير قوله تعالى: ﴿وَقُلۡنَا مِنۢ بَعۡدِهِۦ لِبَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ ٱسۡكُنُواْ ٱلۡأَرۡضَ فَإِذَا جَآءَ وَعۡدُ ٱلۡأٓخِرَةِ جِئۡنَا بِكُمۡ ‌لَفِيفًا﴾ [الإسراء: 104]، على أن المقصود بها اجتماع اليهود في فلسطين، وأن هذا بداية تحقّق وعد الآخرة، فهذا أيضا مثل الذي قبله، لا يصحّ فيه شيء.

بل عامّة المفسرين على أن المقصود به يوم القيامة، وأن الله تعالى سيجمعهم جميعًا للحساب يوم القيامة، قال ابن جرير رحمه الله: “فَإِذَا جَاءَتِ السَّاعَةُ وَهِيَ وَعْدُ الْآخِرَةِ {جِئْنَا بِكُمْ ‌لَفِيفًا} يَقُولُ: حَشَرْنَاكُمْ مِنْ قُبُورِكُمْ إِلَى مَوْقِفِ الْقِيَامَةِ، {‌لَفِيفًا} أَيْ: مُخْتَلِطِينَ قَدِ الْتَفَّ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ، لَا تَتَعَارَفُونَ، وَلَا يَنْحَازُ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلَى قَبِيلَتِهِ وَحَيِّهِ”([26]).

إلا ما أخرجه ابن جرير عن ابن جريج قَالَ: “بَلَغَنِي أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمَّا قَتَلُوا أَنْبِيَاءَهُمْ كَفَرُوا، وَكَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ سِبْطًا، تَبَرَّأَ سِبْطٌ مِنْهُمْ مِمَّا صَنَعُوا، وَاعْتَذَرُوا، وَسَأَلُوا اللَّهَ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُمْ، فَفَتَحَ اللَّهُ لَهُمْ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ، فَسَارُوا فِيهِ حَتَّى خَرَجُوا مِنْ وَرَاءِ الصِّينِ، فَهُمْ هُنَالِكَ حُنَفَاءَ مُسْلِمُونَ، يَسْتَقْبِلُونَ قِبْلَتَنَا. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا}، وَوَعْدُ الْآخِرَةِ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَخْرُجُونَ مَعَهُ”([27])، فهذا إن صح عن ابن عباس فهو بلا شك من الإسرائيليات التي نجزم بعدم صحتها لمنافاتها المعقول.

ومن المسالك الفاسدة في تفسير القرآن: الاعتماد على ما يسمونه الإعجاز العددي في القرآن الكريم، كما فعل صاحب كتاب (زوال إسرائيل سنة 2022 نبوءة أم صدف رقمية)، وهو من العبث بكتاب الله تعالى، فقد اعتمد فيه على منهج فاسد في أرقام الآيات وعدد الكلمات، وهي طريقة بِدعية محدثة مأخوذة من علم الحرف المأخوذ عن أهل الكتاب والسحرة والدجالين، وهو ليس من علوم المسلمين في شيء.

قال ابن عباس رضي الله عنهما فِي ‌قَوْمٍ ‌يَكْتُبُونَ ‌أَبَاجَادٍ وَيَنْظُرُونَ فِي النُّجُومِ، قَالَ: (مَا أَرَى مِنْ فِعْلِ ذَلِكَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ خَلاقٍ)([28]). والمقصود بذلك: علم الحرف الذي يستدلون به على المغيَّبات بزعمهم.

وما زال علماء المسلمين ينكرون على من يستخدم هذا العلم في التنبؤ بالغيب، أو استعماله في تفسير القرآن([29]). وقد نص كثير من العلماء على أنه من العلوم المحرَّمة، كصاحب الدر المختار من كتب الأحناف([30])، وابن نجيم والسيوطي وقال: “وَمِنْ هَذَا الْقِسْمِ: عِلْمُ الْحرفِ. صَرَّحَ بِهِ الذَّهَبِيُّ وَغَيْرُهُ”([31]).

وقول الذهبي المشار إليه نقله غير واحد عنه كالمناوي، وهو قوله: “‌جاءت ‌النصوص ‌في ‌فَناء ‌هذه ‌الدار وأهلها ونسف الجبال، وذلك تواتره قطعيّ لا محيدَ عنه، ولا يعلم متى ذلك إلا الله، فمن زعم أنه يعلمه بحساب أو بشيء من علم الحرف أو بكشف أو بنحو ذلك فهو ضال مضلّ”([32]).

وقال السخاوي رحمه الله في سرده لفوائد حديث الدجال الطويل: “ومن فوائده الردُّ على الحرالي المغربي([33]) الزاعم أنه استخرج من علم الحرف وقتَ خروج الدجال ووقتَ طلوع الشمس من مغربها، مع أن هذه تحديداتٌ وعلوم استأثر الله بها عن سائر أنبيائه ورسله، فضلًا عن من دونهم”([34]).

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في ترجمة ابن برجان: “عابوا عليه الإمعان في علم الحرف حتى استعمله في تفسير القرآن”([35]).

وابن برجان هذا هو عبد السلام بن برجان (536هـ) من مشايخ الصوفية، وله كتاب في التفسير يقال: إنه تنبَّأ في تفسير سورة الروم بأن بيت المقدس ينتزع من أيدي النصارى سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة.

قال السخاوي: “بنى الأمر على التاريخ كما يفعل المنجِّمون… وهذه نجابة وافقت إصابة إن صحّ أنه قال ذلك قبل وقوعه، وكان في كتابه قبل حدوثه، قال: وليس هذا من قبيل ‌علم ‌الحرف، ولا من باب الكرامات؛ لأنها لا تنال بحساب”([36]).

وهذا التشكيك من السخاوي في كون هذه النبوءة مقحَمة في الكتاب بعد تحرير بيت المقدس على يد الناصر صلاح الدين هو الأقرب للصواب، ولذلك خلت طبعة الكتاب المحققة من ذكر هذه الزيادة المقحمة([37]).

وللأسف، هذا المسلك ما زال شائعًا حتى يومنا هذا، فمنهم من تنبأ بزوال إسرائيل سنة 2022م([38])، ومنهم من تنبأ بزوالها سنة 2027م([39])، ومنهم من تنبأ بزوالها في 2023م([40])، وكل هذه النبوءات تدَّعي الاستنباط من القرآن وفق معادلات عددية ورقمية، لا دليل عليها، فهي طريقة مبتدَعة محدَثة في الاستنباط من القرآن. ويكفي في بيان بطلانها مرورُ هذا العام دون حدوثها، رغم جزم أصحابها بذلك حينها.

وهنا لا بدَّ أن نفرِّق بين التوقّع المبنيّ على قرائن ظاهرة والرجم بالغيب استنادًا لأدلة باطلة، فمثل هذا ضرب من الكهانة والرجم بالغيب لا يجوز.

فقد يتوقَّع بعض الخبراء والعلماء أن دولةً ستزول أو أنّ حربًا ستندلع ونحو ذلك، بناء على مقدمات صحيحة تؤدّي لهذه النتائج، فهذا لا حرج فيه، بل هو مطلوب وحسَن، وليس كلامنا فيه.

الالتزام بالمنهج العلمي في التعامل مع المرويات النبوية:

وكذلك السنة النبوية، لا بدَّ من التزام المنهج الصحيح في التعامل مع مروياتها، وعدم التعسف في تنزيلها على أوجه معينة؛ لتوافق وقائع معينة.

فمن ذلك مثلا: الحديث الوارد في أصحاب الرايات السود:

عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَقْتَتِلُ عِنْدَ كَنْزِكُمْ ثَلَاثَةٌ، كُلُّهُمُ ابْنُ خَلِيفَةٍ، ثُمَّ لَا يَصِيرُ إِلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ، ثُمَّ تَطْلُعُ ‌الرَّايَاتُ ‌السُّودُ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ، فَيَقْتُلُونَكُمْ قَتْلًا لَمْ يُقْتَلْهُ قَوْمٌ». ثُمَّ ذَكَرَ شَيْئًا لَا أَحْفَظُهُ فَقَالَ: «فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَبَايِعُوهُ وَلَوْ حَبْوًا عَلَى الثَّلْجِ، فَإِنَّهُ خَلِيفَةُ اللَّهِ الْمَهْدِيُّ»([41]).

فهذا الحديث ادَّعى قوم أن المقصود بهم طالبان، وحسبوا بناء على ذلك أن المهدي سيظهر بعد حكمهم بسنوات معدودة، وهذا تأويل للحديث على غير وجهه، قال ابن كثير رحمه الله: “وَهَذِهِ الرَّايَاتُ السُّودُ لَيْسَتْ هِيَ الَّتِي أَقْبَلَ بِهَا أَبُو مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيُّ فاستلب بها دولة بني أمية في سنة اثنتين وثلاثين ومائة، بل رايات سود أخر تأتي بصحبة الْمَهْدِيِّ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَلَوِيُّ الفاطمي الحسني رضي الله عنه، يصلحه الله في ليلة، أي: يتوب عليه ويوفِّقه ويفهمه ويرشده بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، وَيُؤَيِّدُهُ بِنَاسٍ من أهل المشرق ينصرونه ويقيمون سلطانه”([42]).

ومن ذلك: تفسير بعضهم لحديث: «عُمْرانُ بيتِ المقدسِ خرابُ يَثْرِبَ، وخرابُ يَثْرِبَ خروجُ المَلحَمَةِ، وخُروجُ المَلْحَمةِ فَتْحُ القُسْطَنْطينيَّةِ، وفَتْحُ القُسْطَنْطينيَّةِ خروجُ الدَّجَّالِ»([43]).

فقد تهوَّر بعضهم وأسقط الحديثَ على الواقع الحالي، وأن عمران بيت المقدس أي: بالإيمان، وخراب يثرب أي: بخلوها من الإيمان! وهذا تفسير مخترع لا قائل به، بل معناه خلوّ أهلها منها، وذلك في آخر الزمان، وذلك لخروجهم للشام لعمارتها وربما لنصرة أهلها.

قال ابن كثير رحمه الله عن هذا الحديث: “حديث حسن، وعليه نور الصدق وجلالة النبوة، وليس المراد أن المدينة تخرب بالكلية قبل خروج الدجال، وإنما ذلك في آخر الزمان كما سيأتي بيانه في الأحاديث الصحيحة، بل تكون عمارة بيت المقدس سببا في خراب المدينة النبوية، فإنه قد ثبت في الأحاديث الصحيحة أن الدجال لا يقدر على دخولها يمنع من ذلك بما على أبوابها من الملائكة القائمين بأيديهم السيوف المصلتة”([44]).

وقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ الإيمَانَ لَيَأْرِزُ إلى المَدِينَةِ كما تَأْرِزُ الحَيَّةُ إلى جُحْرِهَا»([45]). قال الحافظ: “يشمل ذلك جميع الأزمنة”([46]).

ثم هذا في ملاحم آخر الزمان، وهذا يسبقه أحداث كثيرة، لا يجوز القفز عليها وتجاوزها.

ومن ذلك: حديث: «لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لَعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ إِلَّا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لَأْوَاءَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَيْنَ هُمْ؟ قَالَ: «بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ»([47]).

فالحديث بهذه الزيادة ضعيفة، ولو صحَّت فمعناها كما قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: “المراد بالذين يكونون ببيت المقدس الذين ‌يحصرهم ‌الدجال إذا خرج، فينزل عيسى إليهم، فيقتل الدجال، ويظهر الدين في زمن عيسى”([48]).

وليس المقصود اختصاص هذه الطائفة ببقعة الشام، وقد كانت طائفة معاوية رضي الله عنه تقاتل بالشام، وكان البعض يستدل بهذه الزيادة على أنَّ الحقَّ معهم، ولكن هذا الاستدلال باطل لما ذكرنا، فالحديث -إن صح- محمول على آخر الزمان.

وكذلك الملحمة الكبرى مع اليهود التي ينطق فيها الحجر والشجر، تكون في آخر الزمان عند قتال الدجال إمام اليهود مسيح الضلالة، فلا يصحّ إسقاطها على الحروب المعاصرة قبل حدوث مقدمات هذه الملاحم، من ظهور المهدي ورجوع الخلافة ونزول عيسى ابن مريم وغيرها من علامات الساعة.

والغرض المقصود: التنبيه على ضرورة الالتزام بالمنهج العلمي في تفسير القرآن وشرح الأحاديث.

الضابط الرابع: عدم الجزم بوقت معين لشيء مما يحدث في المستقبل:

فإن هذا من الرجم بالغيب.

والمستقبل من الغيب المطلق الذي لا يعلمه إلا الله تعالى، قال تعالى: ﴿وَعِندَهُۥ ‌مَفَاتِحُ ‌ٱلۡغَيۡبِ لَا يَعۡلَمُهَآ إِلَّا هُوَ﴾ [الأنعام: 59].

ولما سأل جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن بعض علامات الساعة قال له: «إذَا ولَدَتِ الأمَةُ رَبَّهَا، وإذَا تَطَاوَلَ رُعَاةُ الإبِلِ البُهْمُ في البُنْيَانِ، في خَمْسٍ لا يَعْلَمُهُنَّ إلَّا اللَّهُ». ثُمَّ تَلَا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: {إنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} الآيَةَ [لقمان: 34]([49]).

فما أخبر به صلى الله عليه وسلم من أمور المستقبل أخبر به مجملا، من غير تحديد لزمانه ولا تفاصيله المحددة، فلا يخرج عن كونه من الغيب المطلق.

فكل من يدَّعي وقتا معينًا لظهور شيء من علامات الساعة، أو حدث في المستقبل، كان كاذبًا راجمًا بالغيب، من جنس الكهّان والمنجّمين، ولو نَسَبَ ذلك للقرآن فإنه يُخشى عليه مع ذلك أن يكون قائلا على الله بغير علم.

الضابط الخامس: عدم الجزم بتنزيل النصّ على واقع معين قبل حدوثه:

فلا يجزم بأن فلانا هو المهديّ قبل ظهوره وظهور علاماته التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم.

ومن أحسن ما جاء في هذا ما روِي عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ قَالَ: قُلْتُ لِسُفْيَانَ الثوري: مَا تَقُولُ فِي الْمَهْدِيِّ فَقَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ؟ قَالَ: “‌إِنْ ‌مَرَّ ‌عَلَى ‌بَابِكَ فَلَا تَكُنْ مِنْهُ شَيْئًا حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَيْهِ”([50]).

قال الشيخ الألباني رحمه الله: “واعلم -أيها الأخ المؤمن- أن كثيرًا من الناس تطيش قلوبهم عن حدوث بعض الفتن، ولا بصيرة عندهم تجاهها، بحيث إنها توضّح لهم السبيل الوسط الذي يجب عليهم أن يسلكوه إبانها، فيضلون عنه ضلالا بعيدًا، فمنهم مثلا من يتبع من ادعى أنه المهدي أو عيسى، كالقاديانيين الذين اتبعوا ميرزا غلام أحمد القادياني الذي ادعى المهدوية أولا، ثم العيسوية، ثم النبوة، ومثل جماعة ‌جهيمان السعودي الذي قام بفتنة الحرم المكي على رأس سنة 1400هـ، وزعم أن معه المهديّ المنتظر، وطلب من الحاضرين في الحرم أن يبايعوه، وكان قد اتَّبعه بعض البسطاء والمغفَّلين والأشرار من أتباعه، ثم قضى الله على فتنتهم بعد أن سفكوا كثيرًا من دماء المسلمين، وأراح الله تعالى العباد من شرهم”([51]).

ومن علامات العقل والحكمة: التأنِّي في تنزيل هذه الأحاديث على الواقع، وعدم الاستعجال في هذه الأمر؛ فإن هذا من أعظم أسباب الغلط، ومع مرور الوقت والتأني تنجلي الأمور، كما حدث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم حينما شكّوا في ابن صياد اليهودي، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يختبره، حتى تبيّن له أنه من جنس الكهان.

ومن علامات العقل والحكمة في باب التنزيل أيضا: مراعاة المصالح والمفاسد في هذا الباب، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وِعَاءَيْنِ، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ قُطِعَ هَذَا الْبُلْعُومُ([52]).

قال القرطبي: “قال علماؤنا: وهذا الذي لم يبثه أبو هريرة وخاف على نفسه فيه الفتنة أو القتل إنما هو مما يتعلق بأمر الفتن، والنص على أعيان المرتدين والمنافقين، ونحو هذا مما لا يتعلق بالبينات والهدى”([53]).

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: “حمل العلماء الوعاء الذي لم يبثه على الأحاديث التي فيها تبيين أسامي أمراء السوء وأحوالهم وزمنهم، وقد كان أبو هريرة يكني عن بعضهم ولا يصرح به خوفًا على نفسه منهم، كقوله: أعوذ بالله من رأس الستين وإمارة الصبيان، يشير إلى خلافة يزيد بن معاوية؛ لأنها كانت سنة ستين من الهجرة، واستجاب الله دعاء أبي هريرة فمات قبلها بسنة… ويحتمل أن يكون أراد مع الصنف المذكور ما يتعلق بأشراط الساعة وتغير الأحوال والملاحم في آخر الزمان، فينكر ذلك من لم يألفه، ويعترض عليه من لا شعور له به”([54]).

فهذا فيه مراعاة مصلحة المتحدِّث والمستمع، ومراعاة حال الناس وما يصلحهم، وهل يصلحهم التحديث بهذا الأحاديث أم لا؟

الضابط السادس: أن هذه النبوءات والبشارات وعلامات الساعة ونحوها هي من الأخبار والواجب فيها التصديق:

فهي داخلة في باب القدر الذي نؤمن به، وليست من الشرع الذي أمرنا بالعمل به. فالقدر نؤمن به ولا نحتجّ به، فنعمل بالشرع ونؤمن بالقدر، لا أن نترك العمل بالشرع ونحتج عليه بالقدر.

فنحن لم نؤمر شرعًا بإيجاد هذه الأحداث وصنعها، لا نسعى إليها، كما يفعل اليهود والنصارى الذين يزعمون تهيئة العالم لنزول المسيح المخلص، وهم في الحقيقة ينتظرون الدجال.

بل إذا حدثت هذه الأخبار على الوجه المطابق للوحي آمنا بها وصدقناها، وعملنا حينئذٍ بما يجب علينا شرعا، وما أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم لفعله حينها. ولكننا لا نخالف الشرع، ولا نترك واجبًا نقدر عليه بحجة انتظار شيء منها.

وذلك مثل الشيعة الذين يزعمون: عدم وجوب الجمعة والجماعة ولا الجهاد في سبيل الله، حتى يخرج المهدي الغائب في السرداب. وأما أهل السنة فلا ينتظرون مهديّهم في شيء، بل يعملون بما يقدرون عليه من أمور الشرع.

مثال آخر: بعض الناس يزعم بأنه لا فائدة من اقتناء الأسلحة الحديثة؛ لأن حروب آخر الزمان ستكون بالأسلحة البيضاء والخيول([55]).

ولا شك أن الأحاديث تدل على استعمال السيوف والخيول والرماح والسهام، ولا نؤولها بما ينفي هذا الظاهر، ولكن هل ذلك يستلزم انهيار الحضارة الحديثة والأسلحة الحديثة كما يقول بعض العلماء؟([56]).

هذا لا يلزم على الراجح؛ إذ لا دليل عليه، وما زالت الخيول والأسلحة البيضاء تستعمل في الحروب الحديثة حتى يومنا هذا.

فهذا من الغيب الذي لا نجزم به، بل نترك علم ذلك إلى الله.

والأهم أن نعلم أن الله تعالى أمرنا بإعداد العدة، وإقامة الفروض الكفائية الغائبة، دون تأخير أو انتظار لشيء مما أخبرنا بحدوثه مستقبلا.

وهذا ما يجب على المسلمين الاشتغال به وبذل الجهد فيه، بدلا من التعلق بالأوهام والأماني، وصدق الله إذ قال: ﴿‌لَّيۡسَ ‌بِأَمَانِيِّكُمۡ وَلَآ أَمَانِيِّ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِۗ مَن يَعۡمَلۡ سُوٓءا يُجۡزَ بِهِۦ وَلَا يَجِدۡ لَهُۥ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّا وَلَا نَصِيرا﴾ [النساء: 123].

والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) أخرجه أحمد (21258)، وصححه الحاكم (7862).

([2]) أخرجه مسلم (1732).

([3]) أخرجه البخاري (6943).

([4]) أخرجه البخاري (3595)، ومسلم (1016).

([5]) تفسير الطبري (13/ 393). والوجه الآخر في التأويل على هذه القراءة: أن الذين ظنوا ذلك هم المشركون، وهو اختيار ابن جرير، وفي الآية قراءة أخرى بالتشديد وضم الكاف وكسر الذال، وهي قراءة عائشة، وتأويلها: أن الرسل ظنت أن أتباعهم قد كذبوهم لما طال عليهم البلاء. راجع تفسير الطبري في الموضع المذكور.

([6]) تفسير القرطبي (9/ 276).

([7]) أخرجه البخاري (2731).

([8]) فقه أشراط الساعة، لمحمد إسماعيل المقدم (ص: 157).

([9]) أخرج هذه الأحاديث التي ورد فيها ذلك أبو نعيم في الفتن (882، 841، 963).

([10]) السير (10/ 609).

([11]) السير (10/ 600).

([12]) جامع العلوم والحكم (2/ 394).

([13]) انظر: إكمال تهذيب الكمال (12/ 67).

([14]) انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (13/ 366).

([15]) أخرجه البخاري (3416).

([16]) ينظر: التمهيد، لابن عبد البر (1/ 43).

([17]) مجموع الفتاوى (19/ 5).

([18]) تفسير ابن كثير (7/ 394).

([19]) التذكرة، للقرطبي (1196).

([20]) أخرجه مسلم (2922).

([21]) فتح الباري (6/ 610).

([22]) الجواب الصحيح (2/ 30).

([23]) مجموع الفتاوى (27/ 458).

([24]) شرح صحيح مسلم (1/ 115).

([25]) للاطلاع على تفاصيل فتنة الجهيمان يمكن مراجعة كتاب (أيام مع جهيمان) لناصر الحزيمي، و(زمن الصحوة). و(حتى لا يعود جهيمان) كلاهما لستيفان لاكروا.

([26]) تفسير الطبري (15/ 111).

([27]) تفسير الطبري (10/ 501).

([28]) أخرجه البيهقي في السنن (16/ 496).

([29]) ينظر: مقدمة ابن خلدون (1/ 664).

([30]) الدر المختار (ص: 12).

([31]) الأشباه والنظائر للسيوطي (ص: 417). والأشباه والنظائر لابن نجيم (ص: 328).

([32]) فيض القدير (3/ 547). ولم أجده بعد البحث في كتب الذهبي.

([33]) انظر ترجمته في مسالك الأبصار في ممالك الأمصار (8/ 336).

([34]) القناعة في ما يحسن الإحاطة من أشراط الساعة (ص: 28).

([35]) لسان الميزان (4/ 14).

([36]) الدارس في تاريخ المدارس، لعبد القادر الدمشقي (ص: 174).

([37]) تفسير ابن برجان (4/ 325). تحقيق أحمد فريد مزيدي.

([38]) وهو الشيخ بسام جرار، صاحب كتاب (زوال إسرائيل نبوءة قرآنية أم صدف رقمية؟).

([39]) وهو الشيخ أحمد ياسين رحمه الله رحمة واسعة.

([40]) وهو الشيخ حازم أبو إسماعيل.

([41]) أخرجه ابن ماجه (4084)، وصححه الحاكم (8432)، قال البوصيري في زوائده (2441): “هَذَا إِسْنَاد صَحِيح رِجَاله ثِقَات”.

([42]) النهاية في الفتن والملاحم (ص: 55).

([43]) أخرجه أبو داود (4294)، وأحمد (22023). وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود.

([44]) النهاية في الفتن والملاحم (ص: 94).

([45]) أخرجه البخاري (1876).

([46]) فتح الباري (4/ 94).

([47]) أخرجه أحمد (21286). وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (11/ 698).

([48]) فتح الباري (13/ 294).

([49]) أخرجه البخاري (50) واللفظ له، ومسلم (9).

([50]) أخرجه يعقوب الفسوي في تاريخه (ص: 726)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 31).

([51]) السلسلة الصحيحة (5/ 278).

([52]) أخرجه البخاري (120).

([53]) تفسير القرطبي (2/ 186).

([54]) فتح الباري (1/ 216).

([55]) عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ الرُّومُ بِالأَعْمَاقِ -أَوْ: بِدَابِقَ- فَيَخْرُجُ إِلَيْهِمْ جَيْشٌ مِنَ الْمَدِينَةِ مِنْ خِيَارِ أَهْلِ الأَرْضِ يَوْمَئِذٍ فَإِذَا تَصَافُّوا قَالَتِ الرُّومُ خَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الَّذِينَ سَبَوْا مِنَّا نُقَاتِلْهُمْ. فَيَقُولُ الْمُسْلِمُونَ لاَ وَاللَّهِ لاَ نُخَلِّي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا، فَيُقَاتِلُونَهُمْ فَيَنْهَزِمُ ثُلُثٌ لاَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَبَدًا وَيُقْتَلُ ثُلُثُهُمْ أَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللَّهِ وَيَفْتَتِحُ الثُّلُثُ لاَ يُفْتَنُونَ أَبَدًا فَيَفْتَتِحُونَ قُسْطُنْطِينِيَّةَ فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الْغَنَائِمَ قَدْ عَلَّقُوا سُيُوفَهُمْ بِالزَّيْتُونِ إِذْ صَاحَ فِيهِمُ الشَّيْطَانُ إِنَّ الْمَسِيحَ قَدْ خَلَفَكُمْ فِي أَهْلِيكُمْ. فَيَخْرُجُونَ وَذَلِكَ بَاطِلٌ فَإِذَا جَاءُوا الشَّأْمَ خَرَجَ فَبَيْنَمَا هُمْ يُعِدُّونَ لِلْقِتَالِ يُسَوُّونَ الصُّفُوفَ إِذْ أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ فَأَمَّهُمْ فَإِذَا رَآهُ عَدُوُّ اللَّهِ ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ فَلَوْ تَرَكَهُ لانْذَابَ حَتَّى يَهْلِكَ وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ اللَّهُ بِيَدِهِ فَيُرِيهِمْ دَمَهُ فِي حَرْبَتِهِ». أخرجه مسلم (2897).

([56]) وممن رجح ذلك الدكتور الأشقر في القيامة الصغرى (ص: 275).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جديد سلف

صيانة الشريعة لحق الحياة وحقوق القتلى، ودفع إشكال حول حديث قاتل المئة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقدمة: إنّ أهلَ الأهواء حين لا يجدون إشكالًا حقيقيًّا أو تناقضًا -كما قد يُتوهَّم- أقاموا سوق الأَشْكَلة، وافترضوا هم إشكالا هشًّا أو مُتخيَّلًا، ونحن نهتبل فرصة ورود هذا الإشكال لنقرر فيه ولنثبت ونبرز تلك الصفحة البيضاء لصون الدماء ورعاية حقّ الحياة وحقوق القتلى، سدًّا لأبواب الغواية والإضلال المشرَعَة، وإن […]

برهان الأخلاق ودلالته على وجود الله

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: إنَّ قضيةَ الاستدلال على وجود الله تعالى، وأنه الربّ الذي لا ربّ سواه، وأنه المعبود الذي استحقَّ جميع أنواع العبادة قضية ضرورية في حياة البشر؛ ولذا فطر الله سبحانه وتعالى الخلق كلَّهم على معرفتها، وجعل معرفته سبحانه وتعالى أمرًا ضروريًّا فطريًّا شديدَ العمق في وجدان الإنسان وفي عقله. […]

التوظيف العلماني للقرائن.. المنهجية العلمية في مواجهة العبث الفكري الهدّام

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة     مقدمة: حاول أصحاب الفكر الحداثي ومراكزُهم توظيفَ بعض القضايا الأصولية في الترويج لقضاياهم العلمانية الهادفة لتقويض الشريعة، وترويج الفكر التاريخي في تفسير النصّ، ونسبية الحقيقة، وفتح النص على كلّ المعاني، وتحميل النص الشرعي شططَهم الفكري وزيفَهم المروَّج له، ومن ذلك محاولتُهم اجترار القواعد الأصولية التي يظنون فيها […]

بين عُذوبة الأعمال القلبية وعَذاب القسوة والمادية.. إطلالة على أهمية أعمال القلوب

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   مقدمة: تعاظمت وطغت المادية اليوم على حياة المسلمين حتى إن قلب الإنسان لا يكاد يحس بطعم الحياة وطعم العبادة إلا وتأتيه القسوة من كل مكان، فكثيرا ما تصطفُّ الجوارح بين يدي الله للصلاة ولا يحضر القلب في ذلك الصف إلا قليلا. والقلب وإن كان بحاجة ماسة إلى تعاهُدٍ […]

الإسهامات العلمية لعلماء نجد في علم الحديث.. واقع يتجاوز الشائعات

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: لا يخلو زمن من الأزمان من الاهتمام بالعلوم وطلبها وتعليمها، فتنشط الحركة التعليمية وتزدهر، وربما نشط علم معين على بقية العلوم نتيجة لاحتياج الناس إليه، أو خوفًا من اندثاره. وقد اهتم علماء منطقة نجد في حقبهم التاريخية المختلفة بعلوم الشريعة، يتعلمونها ويعلِّمونها ويرحلون لطلبها وينسخون كتبها، فكان أول […]

عرض وتعريف بكتاب: المسائل العقدية التي خالف فيها بعضُ الحنابلة اعتقاد السّلف.. أسبابُها، ومظاهرُها، والموقف منها

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة تمهيد: من رحمة الله عز وجل بهذه الأمة أن جعلها أمةً معصومة؛ لا تجتمع على ضلالة، فهي معصومة بكلِّيّتها من الانحراف والوقوع في الزّلل والخطأ، أمّا أفراد العلماء فلم يضمن لهم العِصمة، وهذا من حكمته سبحانه ومن رحمته بالأُمّة وبالعالـِم كذلك، وزلّة العالـِم لا تنقص من قدره، فإنه ما […]

قياس الغائب على الشاهد.. هل هي قاعِدةٌ تَيْمِيَّة؟!

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   القياس بمفهومه العام يُقصد به: إعطاء حُكم شيء لشيء آخر لاشتراكهما في عِلته([1])، وهو بهذا المعنى مفهوم أصولي فقهي جرى عليه العمل لدى كافة الأئمة المجتهدين -عدا أهل الظاهر- طريقا لاستنباط الأحكام الشرعية العملية من مصادرها المعتبرة([2])، وقد استعار الأشاعرة معنى هذا الأصل لإثبات الأحكام العقدية المتعلقة بالله […]

فَقْدُ زيدِ بنِ ثابتٍ لآيات من القرآن عند جمع المصحف (إشكال وبيان)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: القرآن الكريم وحي الله تعالى لنبيّه محمد صلى الله عليه وسلم، المعجزة الخالدة، تتأمله العقول والأفهام، وتَتَعرَّفُه المدارك البشرية في كل الأزمان، وحجته قائمة، وتقف عندها القدرة البشرية، فتعجز عن الإتيان بمثلها، وتحمل من أنار الله بصيرته على الإذعان والتسليم والإيمان والاطمئنان. فهو دستور الخالق لإصلاح الخلق، وقانون […]

إرث الجهم والجهميّة .. قراءة في الإعلاء المعاصر للفكر الجهمي ومحاولات توظيفه

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: إذا كان لكلِّ ساقطة لاقطة، ولكل سلعة كاسدة يومًا سوقٌ؛ فإن ريح (الجهم) ساقطة وجدت لها لاقطة، مستفيدة منها ومستمدّة، ورافعة لها ومُعليَة، وفي زماننا الحاضر نجد محاولاتِ بعثٍ لأفكارٍ منبوذة ضالّة تواترت جهود السلف على ذمّها وقدحها، والحط منها ومن معتنقها وناشرها([1]). وقد يتعجَّب البعض أَنَّى لهذا […]

شبهات العقلانيين حول حديث: (إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: لا يزال العقلانيون يحكِّمون كلامَ الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم إلى عقولهم القاصرة، فينكِرون بذلك السنةَ النبوية ويردُّونها، ومن جملة تشغيباتهم في ذلك شبهاتُهم المثارَة حول حديث: «الشيطان يجري في ابن آدم مجرى الدم» الذي يعتبرونه مجردَ مجاز أو رمزية للإشارة إلى سُرعة وقوع الإنسان في الهوى […]

شُبهة في فهم حديث الثقلين.. وهل ترك أهل السنة العترة واتَّبعوا الأئمة الأربعة؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة حديث الثقلين يعتبر من أهمّ سرديات الخطاب الديني عند الشيعة بكافّة طوائفهم، وهو حديث معروف عند أهل العلم، تمسَّك بها طوائف الشيعة وفق عادة تلك الطوائف من الاجتزاء في فهم الإسلام، وعدم قراءة الإسلام قراءة صحيحة وفق منظورٍ شمولي. ولقد ورد الحديث بعدد من الألفاظ، أصحها ما رواه مسلم […]

المهدي بين الحقيقة والخرافة والرد على دعاوى المشككين

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   مقدمة: صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا، لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ»([1]). ومن رحمته صلى الله عليه وسلم بالأمه أنه أخبر بأمور كثيرة واقعة بعده، وهي من الغيب الذي أطلعه الله عليه، وهو صلى الله عليه وسلم لا […]

قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لو كان الإيمان منوطًا بالثريا، لتناوله رجال من فارس) شبهة وجواب

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  يقول بعض المنتصرين لإيران: لا إشكالَ عند أحدٍ من أهل العلم أنّ العربَ وغيرَهم من المسلمين في عصرنا قد أعرَضوا وتولَّوا عن الإسلام، وبذلك يكون وقع فعلُ الشرط: {وَإِن تَتَوَلَّوْاْ}، ويبقى جوابه، وهو الوعد الإلهيُّ باستبدال الفرس بهم، كما لا إشكال عند المنصفين أن هذا الوعدَ الإلهيَّ بدأ يتحقَّق([1]). […]

دعوى العلمانيين أن علماء الإسلام يكفرون العباقرة والمفكرين

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة عرفت الحضارة الإسلامية ازدهارًا كبيرًا في كافة الأصعدة العلمية والاجتماعية والثقافية والفكرية، ولقد كان للإسلام اللبنة الأولى لهذه الانطلاقة من خلال مبادئه التي تحثّ على العلم والمعرفة والتفكر في الكون، والعمل إلى آخر نفَسٍ للإنسان، حتى أوصى الإنسان أنَّه إذا قامت عليه الساعة وفي يده فسيلة فليغرسها. ولقد كان […]

حديث: «إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ» شبهة ونقاش

من أكثر الإشكالات التي يمكن أن تؤثِّرَ على الشباب وتفكيرهم: الشبهات المتعلِّقة بالغيب والقدر، فهما بابان مهمّان يحرص أعداء الدين على الدخول منهما إلى قلوب المسلمين وعقولهم لزرع الشبهات التي كثيرًا ما تصادف هوى في النفس، فيتبعها فئام من المسلمين. وفي هذا المقال عرضٌ ونقاشٌ لشبهة واردة على حديثٍ من أحاديث النبي صلى الله عليه […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017