الخميس - 28 شعبان 1446 هـ - 27 فبراير 2025 م

النصيرية.. نشأتهم – عقائدهم – خطرهم على الأمة

A A

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة 

مقدمة:

لقد كانت الباطِنيَّةُ -وما زالت- مصدرَ خطَرٍ على الإسلامِ والمسلمين مذ وُجِدت، وقد أيقَن أعداءُ الإسلامِ أنَّ حَسْمَ المواجهة مع المسلمين وجهًا لوجهٍ لن يُجدِيَ شيئًا في تحقيق أهدافِهم والوصولِ لمآربهم؛ ولذلك كانت الحركاتُ الباطِنيَّةُ بعقائِدِها وفِتَنِها نتيجةً لاتجاهٍ جديدٍ للكيد للمسلمين عن طريق التدثُّرِ باسمِه والتستُّرِ بحبِّ آل البيت، وهي فكرة خبيثة ماكرة حاكها ودبرها عبد الله بن سبأ اليهودي الذي تظاهر بالإسلام، وعمل من خلال ذلك على نفث سمومه، وبث مؤامراته بين المسلمين([1]).

وهذا الخطر تنبه له علماء الإسلام منذ زمن بعيد، فهذا عبد القاهر بن طاهر بن محمد بن عبد الله البغدادي التميمي الإسفراييني أبو منصور (429هـ) يقول: “اعلموا -أسعدكم الله- أن ضَرَر الباطنية على فرق الْمُسلمين أعظم من ضَرَر الْيَهُود وَالنَّصَارَى والمجوس عَلَيْهِم، بل أعظم من مضرَّة الدهرية وَسَائِر أَصْنَاف الْكَفَرَة عَلَيْهِم، بل أعظم من ضَرَر الدَّجَّال الذي يظْهر فِي آخر الزَّمَان؛ لِأَن الَّذين ضلوا عَن الدّين بدعوة الباطنية من وَقت ظُهُور دعوتهم إلى يَوْمنَا أكثر من الَّذين يضلون بالدجال في وَقت ظُهُوره؛ لَأن فتْنَة الدَّجَّال لَا تزيد مدَّتهَا على أربعين يَوْمًا، وفضائح الباطنية أكثر من عدد الرمل والقطر”([2]).

ومن أخطر هذه الطوائف وأكثرها عداء للمسلمين طائفة النصيرية العلوية، فهذه الطائفة من أضل الفرق الباطنية، وأعظمها انحرافًا، سواء في مجال اعتقادها أو في مجال أعمالها، فهي تتظاهر باسم الإسلام مع أنها من أشد أعدائه عبر التاريخ، تدعي أنها علوية من شيعة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهم من أبعد الناس عن هديه رضي الله عنه، تسموا باسمه وارتكبوا أعظم الجرائم منذ نشأتهم إلى يومنا هذا.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: “هؤُلاءِ القومُ المُسمّون بالنُصيرِيّة هُم وسائِرُ أصنافِ القرامِطةِ الباطِنِيّةِ أكفرُ مِن اليهُودِ والنّصارى؛ بل وأكفرُ مِن كثِيرٍ مِن المُشرِكِين، وضررُهُم على أُمّةِ مُحمّدٍ صلّى اللّهُ عليهِ وسلّم أعظمُ مِن ضررِ الكُفّارِ المُحارِبِين مِثل كُفّارِ التّتارِ والفرنج وغيرِهِم؛ فإِنّ هؤُلاءِ يتظاهرُون عِند جُهّالِ المُسلِمِين بِالتّشيُّعِ ومُوالاةِ أهلِ البيتِ، وهُم فِي الحقِيقةِ لا يُؤمِنُون بِاللّهِ ولا بِرسُولِهِ ولا بِكِتابِهِ ولا بِأمرِ ولا نهيٍ ولا ثوابٍ ولا عِقابٍ ولا جنّةٍ ولا نارٍ، ولا بِأحدِ مِن المُرسلِين قبل مُحمّدٍ صلّى اللّهُ عليهِ وسلّم، ولا بِمِلّةِ مِن المِللِ السّالِفةِ”([3]).

وهذه الورقة العلمية تجيب على الأسئلة الآتية:

من هذه الطائفة؟ وكيف نشأت؟ وما عقيدتها؟ وما عباداتها؟ وما مدى خطرها على أمة الإسلام؟

مركز سلف للبحوث والدراسات

 

 

أولًا: تعريف النصيرية:

هي حركة باطنية ظهرت في القرن الثالث للهجرة، أصحابها يُعدُّون من غلاة الشيعة الذين زعموا وجودًا إلهيًّا في علي وألهوه به، مقصدهم هدم الإسلام ونقض عراه، وهم مع كل غاز لأرض المسلمين، ولقد أطلق عليهم الاستعمار الفرنسي لسوريا اسم العلويين تمويهًا وتغطية لحقيقتهم الرافضية والباطنية([4]).

وهم لهم جماعة ينصرون مذهبهم، ويذبون عن أصحاب مقالاتهم، وبينهم خلاف في كيفية إطلاق اسم الإلهية على الأئمة من أهل البيت. قالوا: ظهور الروحاني بالجسد الجسماني أمر لا ينكره عاقل؛ أما في جانب الخير فكظهور جبريل عليه السلام ببعض الأشخاص، والتصور بصورة أعرابي، والتمثل بصورة البشر. وأما في جانب الشر فكظهور الشيطان بصورة إنسان حتى يعمل الشر بصورته، وظهور الجن بصورة بشر حتى يتكلم بلسانه. فكذلك نقول: إن الله تعالى ظهر بصورة أشخاص. ولما لم يكن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم عندهم شخص أفضل من علي رضي الله عنه وبعده أولاده المخصوصون وهم خير البرية؛ ظهر الحق بصورتهم، ونطق بلسانهم، وأخذ بأيديهم. فعن هذا أطلقنا اسم الإلهية عليهم. وإنما أثبتنا هذا الاختصاص لعلي رضي الله عنه دون غيره لأنه كان مخصوصا بتأييد إلهي من عند الله تعالى فيما يتعلق بباطن الأسرار([5]).

ثانيًا نشأة النصيرية وتسميتهم:

تمتد جذور الفرقة النصيرية إلى ميمون القداح الديصاني، وهو يهودي فارسي كان ذا ميول شعوبية ترمي إلى هدم الإسلام وإعادة النفوذ إلى الفرس، وكان يشتغل بمهنة طب العيون واستخراج الماء منها. وتحت هذا الغطاء استقر بالشام للدعوة إلى المذهب الذي عرف فيما بعد بالمذهب الإسماعيلي([6]) حيث تفرعت عنه الفرق الباطنية الأثيمة.

 وقد خلفه بعد موته ابنه عبد الله الذي أقام بسلمية من قرى حماة في بلاد الشام، ثم خلفه ابنه أحمد حتى ظهور عبيد الله المهدي مؤسس الدولة الفاطمية.

 ويذهب بعض المؤرخين إلى أن عبيد الله المهدي من نسل رجل يهودي كان يعمل حدادًا بسلمية، ولما مات أبوه تزوجت أمه أحد الأثرياء العلويين، فلما بلغ ادعى لنفسه نسبًا علويًّا([7]).

والنصيرية تنسب إلى أبي شعيب محمد بن نصير النميري، عاش في القرن الثالث الهجري (270هـ)، وعاصر ثلاثة من أئمة الشيعة الانثي عشرية، وهم: علي الهادي (214-254هـ) والحسن العسكري (230-260هـ) ومحمد المهدي (255هـ)، وزعم ابن نصير أنه الباب الثاني إلى الإمام الحسن و(الحجة والمرجع للشيعة من بعده)، وأنه وارثُ علمه، وأن صفة المرجعية والبابية بقيت معه بعد غيبة الإمام المهدي، فتبعه طائفة من الشيعة سموا بـ(النصيرية)، ولكن ابن نصير لم يكتف بذلك، وإنما ادعى النبوة والرسالة، ونسب الأئمة إلى الألوهية.

فالنصيرية هو الاسم الديني والتاريخي لهذه الفرقة، وقد قيل: إن النصيرية تنسب إلى نصير غلام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ولكن هذا قول ضعيف ليست له حجة.

والطائفة النصيرية طائفة قليلة تسكن الشمال وبعض أجزاء من غرب سوريا، وهي لا تمثل سوى 8% من سكان البلاد.

وللنصيرية أسماء محلية يعرفون بها في أماكن سكناهم مثل: “التختجية” و”الخطابون” في غرب الأناضول، ويمكن أن يكون هؤلاء من بقايا الخطابية، فتكون الخطابية إما أصل فرقة النصيرية أو قسمًا منها، وهناك تشابه كبير بين أصول عقيدة الخطابية وبين عقيدة النصيرية، كما أن هناك تعاطفًا كبيرًا حتى يومنا الحاضر بين النصيرية بالشام والخطابين أو الحطابين في تركيا([8]).

والنصيريون كما هي عادتهم يغيرون أسماء مذهبهم كلما تلطخ اسم من أسمائهم بجرائمهم التي لن ينساها التاريخ، ويظنون أنهم بهذا التغيير يسدلون الستار على ما مضى من تاريخهم الأسود، وأنهم يواجهون الناس بالاسم الجديد بتاريخ ناصع جميل. والدليل على ذلك أنه بعد الاحتلال الفرنسي لسوريا وضعت هذه الطائفة يدها بيد المستعمر، ووجد فيها الفرنسيون خير معين لهم نظرًا لما تنطوي عليه نفوس أهل هذه الطائفة من حقد دفين على الإسلام والمسلمين.

 فأراد الفرنسيون بالتآمر مع هذه الطائفة أن يغيروا اسمها وأن يطلقوا عليها اسم (العلويين) لتأليههم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، وذلك إمعانًا في الحقد من المستعمر الفرنسي الذي أراد أن يخدع أهل سوريا بأن هناك من المسلمين من يتعاون معه بإخلاص ووفاء.

 وأراد المستعمر بهذه التسمية أن يخفف ويخفي آثار هذه الطائفة القذرة، وأن يخلص الطائفة النصيرية مما علق تاريخيًّا باسمها من ذم شنيع وكفر بواح، فأطلقوا عليهم اسم (العلويين) كي تفتح هذه التسمية لهم آفاقًا جديدة مع أعداء الإسلام وجهلة المسلمين، وقد ارتاحوا لهذه التسمية حيث ستفتح لهم مجالًا أرحب في التقارب مع الشيعة، ولتلقى الدعم والتأييد منهم([9]).

والنصيرية يدَّعون أنهم شيعة اثنا عشرية، وأن ابن نصير كان (الباب) إلى الإمام الحادي عشر وارث علمه والمرجع للشيعة من بعده، وأن صفة المرجعية والبابية بقيت معه بعد غيبة الإمام الثاني عشر.

ولكن أحد كتاب الشيعة المعاصرين المدعو عبد الحسين بن مهدي العسكري يكفرهم ويتبرأ منهم([10]).

 كما تبرأ منهم قدماء الشيعة حيث يقول عنهم سعد بن عبد الله القمي (301هـ): “وقد شذت فرقة من القائلين بإمامة علي بن محمد في حياته فقالت بنبوة رجل يقال له: محمد بن نصير النميري، كان يدَّعي أنه نبي رسول، وأن علي بن محمد العسكري أرسله، وكان يقول بتناسخ الأرواح، ويغلو في أبي الحسن، ويقول فيه بالربوبية، ويدعو إلى إباحة نكاح ذوات المحارم، ويحلل نكاح الرجال بعضهم لبعض”([11]).

وقد ذم هذا المبدأ عامة علماء الشيعة ومؤرخوهم، ومن ذلك يتضح عدم صحة دعوى النصيرية بأنهم شيعة، أو أنهم داخلون تحت مسمى الفرق الإسلامية.

ويذكر الأشعري أن النصيرية مَثَل واضح للجماعة التي انتقلت من الوثنية إلى دعوة التشيع بلا علم ولا فهم، حيث يتحدث أهل السنة الذين يجاورون النصيرية أن النصيرية لا تزال تمارس بعض الطقوس النصرانية كالاحتفال بالأعياد النصرانية مثل عيد الميلاد وعيد الفصح، ويعتبرونها من الأعياد الكبرى، كما أن بعضهم يحمل أسماء نصرانية مثل متى ويوحنا وهيلانة، بالإضافة إلى المبادئ التي اقتبستها النصيرية من النصرانية، فإن عقيدة الطائفة النصيرية تحتفظ بقسط من الأسرار كما هو الشأن عند النصارى، وكما أن النصارى يرمزون إلى عقيدتهم بثلاثة «الله – الابن – روح القدس» فكذلك النصيرية يرمزون إلى عقيدتهم بثلاث حروف هي (ع، م، س) حيث يقولون: إن الله حل في ثلاثة هم: علي، ومحمد، وسلمان الفارسي([12]).

وصلتهم بالمجوسي لم تنقطع، فهم يحتفلون بعيد النيروز وهو عيد فارسي يحتفل به في أول الربيع، ويزعم بعضهم أنه اليوم الذي خلق فيه النور، وهو أشبه بالعشاء الرباني عند النصارى، والنصيرية يحتفلون به باعتباره من أعيادهم المقدسة، وأعيادهم تبلغ عشرة أعياد خلال السنة الواحدة.

وقد بقيت هذه الفئة الخبيثة محتفظة بحقدها وعدائها للإسلام والمسلمين حتى يومنا الحاضر فهي كالأمراض الخبيثة عندما تجد مقاومة ومضادات حيوية تقبع داخل الجسم، وعندما تحين الفرصة لها تخرج إلى السطح، وكان من متأخري دعاتها وقادتها سلمان بن مرشد بن يونس: علوي متأله من النصيرية من قرية جوبه برغال شرقي اللاذقية بسوريا، تلقَّب بالرب، وقد بدأت حركته سنة 1920م، وسجن سنة 1923م، ونفي إلى الرقة حتى سنة 1925م، وعاد من منفاه فتزعَّم طائفة النصيرية في تأليه علي بن أبي طالب والقول بالحلول، وكانت الثورة أيام عودته قائمة على الفرنسيين، وانتهت بتأليف حكومة وطنية لها شيء من الاستقلال الداخلي، فتآمر معه الفرنسيون واستخدموه كعميل من الدرجة الأولى، وجعلوا للبلاد النصيرية نظامًا خاصًّا، فقويت شوكته وشوكة أتباعه، وتلقب برئيس الشعب العلوي الحيدري الغساني، وقد عين سنة 1938م قضاة وفدائيين، وفرض الضرائب على المدن والقرى التابعة له، وأصدر قرارًا جاء فيه: نظرًا للتعديات من الحكومة الوطنية والشعب السني فقد شكلت لدفع هذا الاعتداء جيشًا لحماية الشعب العلوي، وقد جعل لمن أسماهم الفدائيين ألبسة عسكرية خاصة بهم، وكان يزور دمشق نائبًا عن العلويين في المجلس النيابي السوري، فلما تحررت سوريا اسميًّا وجلا عنها الفرنسيون ترك المستعمر سلاحه وقوته في يد هذا العميل الخائن، مما أغراه بالعصيان والتمرد، فجردت حكومة سوريا في ذلك الوقت قوة كبيرة بمساعي عادل العظمة، فتكت بهذا المتأله وببعض أتباعه، واعتقلته مع آخرين من جنده ثم قتل شنقًا في دمشق سنة 1366هـ/ 1946م([13]).

ومنذ عام 1949م -أي: منذ انقلاب حسني الزعيم الذي دبرته المخابرات الأمريكية- والخطر النصيري يتزايد ويتعاظم مستترًا خلف أقنعة خفية، فقام النصيري زكي الأرسوزي والنصراني الصليبي اليوناني ميشيل عفلق -وكلا الرجلين من ألد أعداء الإسلام-، وقد جعلا من حزب البعث مباءة لتجميع أبناء الأقليات غير الإسلامية، والتي تبطن أحقادًا ضد الإسلام والمسلمين؛ مثل النصيريين والنصارى والدروزوالإسماعيلية([14]).

ثالثًا: عقائدهم:

1- السرية التامة:

من المهم أولًا معرفة أن طائفة النصيرية يعتبرون ديانتهم ومذهبهم سرًّا من الأسرار العميقة التي لا يجوز إفشاؤها لسواهم، وقرروا أن الذي يفشي شيئًا منها يكون جزاؤه القتل في أسوأ صورة له، لأنه أفشى سر العلي الأعلى، ومن أمثلة ذلك أن سليمان الأضني([15]) وهو من أبناء مشايخ النصيرية من ولاية أضنة، تنصّر بتأثير بعض المنصرين الأمريكيين وجاء إلى اللاذقية، وكتب كتبًا سماه: (الباكورة السليمانية)، وكشف فيه الكثير من أسرار العقيدة النصيرية، وطبع المنصرون الأمريكيون الكتاب في بيروت سنة 1863م.

وبعد أن أقام باللاذقية مدة أخذ أقاربه يراسلونه ويحببون إليه العودة إليهم، مستعملين في ذلك كل وسائل التودد والمجاملة، حتى أمن جانبهم وعاد إلى وطنه الأصلي، فكان جزاؤه أن أحرقوه حيًّا، ثم حاول النصيريون بكل جهد وعزم على احتواء الكتاب حتى اختفى تدريجيًّا، ولا توجد منه الآن نسخة واحدة([16]).

وخلاصة ما جاء في الباكورة السليمانية مما يتعلق بعقائدهم ما يلي:

أ- أن النصيرية علويون يعتقدون بألوهية الإمام علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) وهم قسمان:

الشمالية منهم يقولون: إنه حالّ في القمر، وهم الذين يسكنون الساحل في لواء اللاذقية.

والكلازية وهم الذين يسكنون الجبال يقولون: إنّه حالّ في الشمس؛ ولذلك فالنصيرية عمومًا يقدسون الشمس والقمر وسائر النجوم.

ومن السّمات المميزة بين الشمالية والكلازية أن الشمالية يعفون اللحى بخلاف الكلازية فإنهم يحلقونها.

ب- يعتقد النصيرية بتناسخ الأرواح، فالأرواح الصالحة عندهم تحل في النجوم؛ ولهذا يسمون عليًا: (أمير النحل) أي: أمير النجوم، والأرواح الشريرة تحل في أجسام الحيوانات التي هي في نظرهم نجسة كالخنازير والقرود وبنات آوى.

ج- إن كلمة السر عندهم ثلاثة أحرف وهي: (ع، م، س) أي: علي، محمد، سلمان.

د- إن للنصيرية كتابًا مقدسًا يعتمدونه ويرجعون إليه وهو غير القرآن الكريم، ولا يحتل القرآن عندهم إلا مكانًا ثانويًّا.

هـ- يتضح من ذلك الكتاب أن العقيدة النصيرية غير متجانسة، فهي وثنية قديمة، ورواسب من تعليم النصرانية، وآراء مغلفة بغشاء من تعاليم ومذاهب غلاة الشيعة واعتقاداتهم الباطلة([17]).

والنصيرية من أشدّ الفرق إيغالًا في التأويلات الباطنية من سائر فرق الغلاة، فقد كان ابن نصير يقول: “بإباحة المحارم، ويحلل نكاح الرجال بعضهم لبعض، ويزعم أن ذلك من التواضع والتذلّل من المفعول به والفاعل، وأن ذلك إحدى الشهوات والطيبات، وأن الله لم يحرم شيئًا من ذلك”([18]).

ومن أجل ذلك اتفق أهل السنة على عدم اعتبار النصيرية من الفرق الإسلامية، ويعتبرونها خارجة عن الإسلام، ويصفونها بالزندقة والكفر؛ لأن اعتقادها يدل على ذلك، وعليه فإن النصيرية وإن نسبوا إلى الفرق الإسلامية وانتسبوا إليها لا يُعَدّون من المسلمين، ولا يعاملون معاملة المسلمين([19]).

ومن كتبهم المعتبرة: تعليم الديانة النصيرية، وهذا الكتاب يوجد منه مخطوطة في المكتبة الأهلية بباريس برقم (6182)، وقد حلله بالألمانية القس الدكتور فولف روتفيل (WOLF ROTTWELL) في ألمانيا بمقال في (ZDMG)([20])، وهو على طريقة السؤال والجواب، ويتألف من (101) سؤال وجواب، وفيما يلي نماذج من هذه الأسئلة والأجوبة ليتبين لكل ذي عينين كفر هؤلاء وخروجهم عن الإسلام.

س1- من الذي خلقنا؟

ج- علي بن أبي طالب أمير المؤمنين.

س3- من الذي دعانا إلى معرفة ربنا؟

ج- محمد كما قال هو في خطبته التي ختمها بقوله: (إنه -أي: علي- ربي وربكم).

س76- ما “القداس”؟

ج- تقديس الخمر التي تشرب على صحة النقباء أو النجباء.

س79- ما سر الله الأعظم؟

ج- هو سر الجسد والدم، الذي قال عنه يسوع: (هذا جسدي وهذا دمي، فكلوا منهما تظفروا بالحياة الدائمة).

س100- ما هي أسماء أشخاص الصلاة، وساعتها المفروضة؟

ج- أول وقت للصلاة المفروضة هو الظهر، وصلاة الظهر تتألف من (8) ركعات، والوقت الثاني هو العصر، ويتألف من أربع ركعات، والوقت الثالث صلاة المغرب وتتألف من خمس ركعات، والرابعة صلاة العشاء وتتألف من أربع ركعات، والخامسة صلاة الفجر وتتألف من ركعتين.

فانظر كيف غيروا عدد الركعات في صلاة الظهر والمغرب، فالظهر زادوها من أربع إلى ثمان ركعات، والمغرب من ثلاث إلى خمس، والزيادة في الدين كالنقصان منه، وهذه نماذج من كفر هؤلاء وتبديلهم شعائر الإسلام([21]).

2- طريقة تعلم العقيدة النصيرية:

لما كانت العقيدة النصيرية من أردأ المذاهب وأشدها توغلًا في الباطل لم يأنسوا من إظهار مذهبهم صراحة حتى من بعضهم لبعض، إلا بعد تعقيدات واختبارات شديدة يذلل من خلالها ويتجرع أشد أنواع الإذلال والإهانة.

إذ يتم دخوله في المذهب بطريقة فاحشة، يتم من خلالها القضاء على كل عرق ينبض بالرجولة والشهامة فيه، وتداس كرامته وينتهك عرضه.

فحينما يحضر التلميذ يختار الشيخ الذي سيلازمه من بين مجموعة المشائخ الموجودين، ويسمونه الوالد الروحي أو الوالد الديني، ثم يغرسون في نفس التلميذ تقديس شيخه والتواضع له تواضعًا مطلقًا أشبه ما يكون بالقاعدة الصوفية: (كالميت بين يدي الغاسل).

ومن الطرق التي يتوسلون بها إلى إذلال الشخص أنه حينما يدخل يقف في ناحية وهو ساكت لا يتكلم بشيء، وأحذية المشايخ مرفوعة فوق رأسه، ثم يتكلم شيخه لبقية المشايخ ويتوسل إليهم أن يقبلوا هذا الشخص الماثل أمامهم ويدخلوه في زمرتهم، فإذا قبِله المشائخ أنزلت الأحذية من فوق رأسه، ثم يأخذ في تقبيل أيدي وأرجل الحاضرين من المشايخ([22]).

ثم يقف في مكانه ويوضع على رأسه خرقة بيضاء، ثم يأخذ الشيخ في قراءة العقد الذي سيتم بين التلميذ وبين المشايخ، وهو أشبه ما يكون بعقد الزواج، ويعتبرون هذا بمثابة الخطبة، ويعتبرون الكلام الذي يسمعه بمثابة النكاح، وما يتحمله من العلم عنهم بمثابة الحمل، فإذا علم وأراد التعليم فإن ذلك يكون بمثابة الوضع.

وبعد أن تتم هذه المرحلة يقال للتلميذ: يجب عليك أن تكرر في اليوم خمسمائة مرة: (بحق ع. م. س) لمدة يحددونها، ثم بعد ذلك يأتي إليهم ليتم تعليمه المذهب بعد اختبارات قاسية يرضى فيها بكل شيء حتى ولو بإهدار رجولته([23]).

3- أهم شروط تعلم المذهب:

يشترطون فيمن يتعلم المذهب النصيري الشروط الآتية([24]):

1- أن يجتاز سن التاسعة عشرة.

2- أن يمر بالمراحل الآتية على التدريج:

المرحلة الأولى: وتسمى مرحلة الجهل. وفيها يهيئون من يقع عليه الاختيار من أبناء الطائفة لقبول أسرار المذهب وحملها.

مرحلة التعليق: وفي هذه المرحلة يلقنونه شيئًا من تعاليم المذهب، ويبقى مدة سنة إلى سنتين تحت إشراف شيخ من شيوخ الطائفة ليطلعه على شيء من أسرار المذهب بالتدريج، فإذا توسموا فيه القبول والنجابة نقلوه إلى المرحلة الثالثة الآتية، وإلا طردوه.

مرحلة السماع: وهي الدرجة العليا، ويطلعونه فيها على أكثر أصول المذهب النصيري، ثم يعقد الرؤساء الروحيون للطائفة مجمعًا خاصًّا لتلقينه بقية أسرار المذهب، ثم ينقلونه إلى درجة أعلى يطلقون عليها: درجة الشيخ، أو صاحب العهد.

ويتم ذلك بحضور الكفلاء، والشهود يشهدون باستعداد الرجل لقبول السر ومحافظته عليه، ثم يحلف اليمين المقررة عندهم أن يحافظ على السر ولو أريق دمه. وبعد حصوله على هذه الدرجة يصبح شيخًا من شيوخ الطائفة([25]).

4- أهم عقائد النصيرية:

من العرض السابق يتضح أن عقائد النصيرية تنتظم في النقاط التالية:

أ- تأليه علي رضي الله عنه:

من أبرز عقائدهم: تأليه الإمام علي رضي الله عنه، زاعمين أنه إمام في الظاهر وإله في الباطن، لم يلد ولم يولد، ولم يمت ولم يقتل، ولا يأكل ولا يشرب.

وبحسب اعتقادهم أن الله تجلى في علي، فقد اتخذ علي محمدًا، وبالغوا في كفرهم فقالوا: إن عليًّا خلق محمدًا، ومحمد خلق سلمان الفارسي، وسلمان خلق الأيتام الخمسة الذين بيدهم مقاليد السموات والأرض وهم:

  1. المقداد: رب الناس وخالقهم الموكل بالرعود والصواعق والزلازل.
  2. أبو الدر (أبو ذر الغفاري): الموكل بدوران الكواكب والنجوم.
  3. عبد الله بن رواحة الأنصاري: الموكل بالرياح وقبض أرواح البشر.
  4. عثمان بن مظعون: الموكل بالمعدة وحرارة الجسد وأمراض الإنسان.
  5. قنبر بن كادان: الموكل بنفخ الأرواح في الأجسام([26]).

ويحتج النصيريون لهذه العقيدة بقولهم: إن الله معبود مقدس، يحل في الأجسام متى يشاء، وله التصرف، وإليه ترجع الأمور.

ومن حماقتهم أنهم يستدلون على ألوهية علي بما حصل له من كرامات كقلع باب خيبر وشجاعته الحربية، وزعموا أنه كان يكلم الجن، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم أسند إليه قتال الكفار الظاهرين، وعلي أسند إليه قتال المنافقين، لأنه يعرف البواطن.

وقد اختلفوا في مكان حلوله بعد أن ترك ثوبه الآدمي، أي: صورته البشرية.

– فمنهم من يتجه إلى القمر في عبادته لاعتقاد أنه حل فيه، بل القمر نفسه هو علي، وهؤلاء يسمون الشمالية.

– ومنهم من يتجه إلى الشمس في عبادته لاعتقادهم أنه حل فيها، بل الشمس نفسها هي علي، وهؤلاء يسمون الكلازية([27]).

ب- تأليه الأئمة من بعد علي رضي الله عنه:

فبعد أن زعموا ألوهية علي وحلول الإله فيه زعموا أن الحسين هو الله رب العالمين، بل إنهم يعتقدون جازمين أن الأئمة أفضل من كل الأنبياء؛ لأن الأئمة بزعمهم يكلمون الله بدون واسطة والأنبياء بواسطة.

يقول الهفت الشريف([28]) عن الأئمة: “نحن الأئمة أولياء الله لا يفتر علينا من علمه شيء لا في الأرض ولا في السماء، نحن يد الله وجنبه، ونحن وجه الله وعينه، وأينما نظر المؤمن يرانا. إن شئنا شاء الله -ولا تلقه إلا إلى أهله- والحمد لله الذي اصطفانا من طينة نور قدرته، ووهبنا سر علم مشيئته… إلخ”([29]).

وقد ادعى رجل منهم الألوهية([30]) حين كانت فرنسا مستعمرة للشام وتخطِّط لإحياء الجهل وطمس الدين بأي وسيلة كانت؛ لتبقى أطول مدة تحكم فيها بلاد المسلمين، فوقع اختيارهم على دمية نصيري من سوريا يسمى سلمان المرشد، فأوصل نفسه إلى رتبة الألوهية -لأن الله تقمص به-، وآمن به واتبعه كثير من النصيريين.

وقد مثل المهزلة تمثيلًا جيدًا، فكان كما يذكر في تاريخه يلبس ثيابًا فيها أزرار كهربائية، ويحمل في جيبه بطارية صغيرة متصلة بالأزرار، فإذا أوصل التيار شعت الأنوار من الأزرار، فيخر له أنصاره ساجدين حين يرون طلعته الشقية.

ومن الطريف أن المستشار الفرنسي الذي كان وراء هذه الألوهية المزيفة كان يسجد مع الساجدين ويخاطب سلمان المرشد بقوله: يا إلهي، وبعد أن ادعى الألوهية كان عليه أن يرسل الرسل، وهذا ما حصل بالفعل؛ فقد اتخذ سلمان المرشد رسولًا اسمه سلمان الميده، وكان يشتغل جمَّالًا عند أحد المزارعين في حمص، في حين كان سلمان المرشد مدعي الألوهية راعي أبقار، وهكذا يكون الإله راعيًا والرسول جمَّالًا كما يذكر الحلبي. قال أبو الهيثم: “لقد جاء يوم على المرشدية كانت فيه سيفَ الفرنسيين المصلت على رقبة كل وطني في هذه المحافظة -يقصد اللاذقية-، وكان ذلك عام 1938م، إذا أقام ربها سلمان نفسه دولة ضمن دولة يفرض الإتاوات ويجبي الضرائب وينصب المحاكم وينفذ أحكام الإعدام ويقطع طرق المواصلات… إلخ”([31]).

وحين رحل الفرنسيون عن سوريا في مواكب العار -كما سماها أبو الهيثم- وذلك سنة 1938م ترك له هؤلاء من أسلحتهم ما أغراه بالعصيان، فجردت الحكومة السورية آنذاك قوة بقيادة محمد علي عزمة فتكت ببعض أتباعه واعتقلته مع آخرين، ثم أعدم شنقًا في دمشق عام 1946م. وقد سئل مرة قبل هلاكه فقيل له: أنت إله وأغاخان إله، فكيف تتسع الأرض لإلهين؟ فأجاب بقوله: “إن الخالق يبثّ روحه فيمن يشاء، وقد يبثها في مائة من مخلوقاته فيصيرون أربابًا مثلي”([32]).

ج- القول بالتناسخ:

تؤمن النصيرية بتناسخ الأرواح، وأن الروح عندما تفارق الجسم بالموت تتقمص ثوبا آخر، وهذا الثوب يكون على حسب إيمان هذا الشخص بديانتهم أو كفره بها، وعلى هذا فهم يرون أن الثواب والعقاب ليسا في الجنة والنار، وإنما في هذه الدنيا على حسب التراكيب والتقمصات الناسوتية والمسوخية التي تصيب الروح([33]).

يقول النوبختي معرفًا بهم: “هم أهل القول بالدور في هذه الدار، وإبطال القيامة والبعث والحساب، وزعموا أن لا دار إلا الدنيا، وأن القيامة إنما هي خروج الروح من بدن ودخوله في بدن آخر غيره، إن خيرًا فخير وإن شرًّا فشرّ، وأنهم مسرورون في هذه الأبدان أو معذبون فيها، والأبدان هي الجنان وهي النار، وأنهم منقولون في الجسام الحسنة الإنسية المنعمة في حياتهم، ومعذبون في الأجسام الرديئة المشوهة من كلاب وخنازير وحيات وعقارب وخنافس وجعلان، محولون من بدن إلى بدن معذبون فيها، هكذا أبد الأبد، فهي جنتهم ونارهم، لا قيامة ولا بعث، ولا جنة ولا نار غير هذا، على قدر أعمالهم وذنوبهم وإنكارهم لأئمتهم ومعصيتهم له”([34]).

والتناسخ حسب معتقد النصيرية في أربع صور حسب قرب الشخص أو بعده عن الإيمان وطاعة الأئمة أو عصيانهم، وهي كما يلي: نسخ، مسخ، فسخ، رسخ.

  1. أما النسخ: فهو انتقال الروح من جسم آدمي إلى جسم آدمي آخر.
  2. وأما المسخ: فهو انتقال الروح من جسم آدمي إلى جسم حيوان.
  3. وأما الفسخ: فهو خروج الروح من جسم آدمي إلى جسد حشرة من حشرات الأرض وهوامها.
  4. وأما الرسخ: فهو انتقال الروح من جسم آدمي إلى الشجر والنبات والجماد([35]).

قال المفضل: “سألت مولانا الصادق: هل يذل الأعداء من دون الأولياء والأولياء من دون الأعداء في اصطناع الخير والشر فيما كان من أحدهما إلى الآخر؟ فقال: أما علمت أن المؤمن يكون في الناسوتية والكافر في المسوخية وفي تراكيب شتى حتى يصنع كل واحد منهما إلى الآخر من الخير والشر، مثلما كان يصنع إليه؛ إن كان خيرًا فخير، وإن كان شرًّا فشرّ”([36]).

د- إنكار الثواب والعقاب:

يعتقد النصيرية أن الثواب والعقاب ليسا في الجنة والنار وإنما في هذه الدنيا على حسب التراكيب والتقمصات الناسوتية والمسوخية التي تصيب الروح.

وهم إضافة إلى ذلك يؤمنون بعالم روحاني تسكنه المخلوقات العليا أو النجوم، وهذه المخلوقات تفيض بالنور بشكل متسلسل وفق ترتيب السموات السبع، وهؤلاء يشكلون العالم النوراني الكبير، وتتكون السموات السبع من أهل المراتب والكواكب.

 ويعتقد النصيريون أن عدد العالم البشري (119) ألفا، ويتكون من المقربين والكروبيين والروحانيين والمقدمين والسائحين والمستمعين واللاحقين، وجميع هذه المراتب من العالم النوراني الذي هبط من السماء النورانية على سبع مراحل، وأما عالم الظلمة فيضم الأرواح التي لبست قمصان المسوخية في كل أدوار مسخها، ومنها المسخ بصورة امرأة([37]).

وذلك لأنهم يعتقدون أن المرأة لا تستحق أن تكون مؤمنة، فإذا قدر لها ذلك فإنها بعد موتها ترد بصورة رجل مؤمن؛ لأن صورة المرأة هي هبوط من الدرجة التي سما لها المؤمن، أما الرجل الكافر بدينهم فيعتقدون أنه عندما يموت ترد روحه في صورة امرأة كافرة؛ لأن الشياطين كما يقولون من المرأة، والإنسان إذا ارتقى في كفره صار إبليسا وورد في صورة امرأة([38]).

هـ- تقديس الخمر:

زعم النصيرية أن الله -تعالى عما يقولون- يتجلى في الخمر، وأنها تسمى: عبد النور تشريفًا لها، وجعلوا من أكبر الإجرام قلع شجرة العنب([39]).

ويزعمون أن الله حلّل لهم الخمر بصفتهم أولياء الله الذين آمنوا به وعرفوه بشخص (علي)، وحرَّمها على الجاحدين لله المنكرين له -أي: الذين لم يؤمنوا بعلي-، فهو نوع من الأغلال والآصار وضع عليهم لعدم إيمانهم بعلي. يروى عن الخصيبي: “أنه إذا حضر بين يديه (عبد النور) -أي: الخمر- يأخذ القدح في يمينه، وينهل منه ثلاث نهلات، ويترنم عليه في هذا القداس المبارك، ويقول: الحمد لله العلي وحده الذي أنجز وعده ونصر عبيده وأعز جنده وأهلك ضده وهزم الأحزاب وحده، فلا إله مثله ولا إله بعده, مفزع الطالبين وغاية العارفين، إله الأولين والآخرين، له الدين الخالص، وإنما تدعون من دونه الباطل, وإن الله هو العلي الكبير أمير المؤمنين الملك الحق المبين… اللهم إن هذا عبدك عبد النور شخص النار، حللته وكرمته وفضلته لأوليائك العارفين بك حلالا طلقا، وحرمته على أعدائك الجاحدين المنكرين لك حراما نصا، اللهم مولاي كما حللته لنا ارزقنا به الأمن والأمان، والصحة من الأسقام، وانف عنا به الهم والأحزان… ثم يقرأ عددًا من الآيات ويقول أخيرا: تذكروا بسر (العين) الله يرزقكم بركتها ورضاها”([40]).

رابعًا: عباداتهم:

1- صلاتهم وزكاتهم:

النصيريون يصلون في خمس أوقات، إلا أنها تختلف في الأداء وفي عدد الركعات عن بقية المذاهب الإسلامية، وصلاتهم لا سجود فيها، وفيها بعض الركوع أحيانًا.

ولا يصلون الجمعة ولا يعترفون بها كفرض، ولا يتطهرون قبل آداء صلواتهم، ولا يصلون في المساجد، بل يحاربون بناء المساجد ولا يرضون بإقامتها، بل يجتمعون في بيوت معلومة وأوقات معينة، ويسمون هذا الاجتماع عيدًا، يقوم الشيوخ بتلاوة بعض القصص والأخبار والمعجزات الخرافية لأئمتهم، ويختلط الحابل بالنابل في هذه الاجتماعات رجالًا ونساءً.

ثم يقومون بأداء بعض الطقوس والصلوات المشابهة لقداسات المسيحيين وطقوسهم، ومن قداساتهم الكثيرة قداس الطيب لكل أخ وحبيب، وقداس البخور في روح ما يدور في محل الفرح والسرور، وقداس الأذان وبالله المستعان. وكل قداس له ذكر خاص به وأدعية يتوسلون فيها بالإله علي والخمسة الأيتام وكبار مشائخهم -الذين جعلوهم أربابًا من دون الله؛ كالخصيبي وغيره- أن تحل في ديارهم البركة، وأن ينصروا على أعدائهم([41]).

وجاء في (الهفت الشريف) في بيان معنى الصلاة والزكاة: إن جعفر الصادق قال للمفضل: “أتدري ما معنى قوله تعالى: {وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ}؟ قال: الصلاة أمير المؤمنين، والزكاة معرفته، وأما إقامة الصلاة فهي معرفتنا وإقامتنا”([42]).

2- صيامهم:

الصيام عند النصيرية ليس هو عن الأكل والشرب وجميع المفطرات في نهار رمضان؛ بل هو الامتناع عن معاشرة النساء طوال شهر رمضان([43]).

3- الحج:

والحج إلى بيت الله الحرام يعتبرونه كفرًا وعبادة للأصنام([44]).

لذا جاء سؤال إلى شيخ الإسلام ابن تيمية: “ما تقُولُ السّادةُ العُلماء… فِي النصيرِيّة القائِلِين بِاستِحلالِ الخمرِ وتناسُخِ الأرواحِ وقِدمِ العالِمِ وإِنكارِ البعثِ والنُّشُورِ والجنّةِ والنّارِ فِي غيرِ الحياةِ الدُّنيا، وبِأنّ الصّلواتِ الخمس عِبارةٌ عن خمسةِ أسماءٍ وهِي: علِيٌّ وحسنٌ وحُسينٌ ومُحسِنٌ وفاطِمةُ، فذِكرُ هذِهِ الأسماءِ الخمسةِ على رأيِهِم يُجزِئُهُم عن الغُسلِ مِن الجنابةِ والوُضُوءِ وبقِيّةِ شُرُوطِ الصّلواتِ الخمسةِ وواجِباتِها، وبِأنّ الصِّيام عِندهُم عِبارةٌ عن اسمِ ثلاثِين رجُلًا واسمِ ثلاثِين امرأةً يعُدُّونهُم فِي كُتُبِهِم ويضِيقُ هذا الموضِعُ عن إبرازِهِم؟”.

فكان في رده عليهم قوله: “وَمَا ذَكَرَهُ السَّائِلُ فِي وَصْفِهِمْ قَلِيلٌ مِنْ الْكَثِيرِ الَّذِي يَعْرِفُهُ الْعُلَمَاءُ فِي وَصْفِهِمْ”([45]).

خامسًا: خطر النصيرية على المسلمين:

أما عن خطرهم على الأمة فقد قال فيهم شيخ الإسلام ابن تيمية -وهو العالم بهم المطلع على دقيق أخبارهم-: “هؤُلاءِ القومُ المُسمّون بالنُصيرِيّة هُم وسائِرُ أصنافِ القرامِطةِ الباطِنِيّةِ أكفرُ مِن اليهُودِ والنّصارى؛ بل وأكفرُ مِن كثِيرٍ مِن المُشرِكِين وضررُهُم على أُمّةِ مُحمّدٍ صلّى اللّهُ عليهِ وسلّم أعظمُ مِن ضررِ الكُفّارِ المُحارِبِين مِثل كُفّارِ التّتارِ والفرنج وغيرِهِم؛ فإِنّ هؤُلاءِ يتظاهرُون عِند جُهّالِ المُسلِمِين بِالتّشيُّعِ ومُوالاةِ أهلِ البيتِ، وهُم فِي الحقِيقةِ لا يُؤمِنُون بِاللّهِ ولا بِرسُولِهِ ولا بِكِتابِهِ ولا بِأمر ولا نهيٍ ولا ثوابٍ ولا عِقابٍ ولا جنّةٍ ولا نارٍ ولا بِأحدِ مِن المُرسلِين… ومِن المعلُومِ عِندنا أنّ السّواحِل الشّامِيّة إنّما استولى عليها النّصارى مِن جِهتِهِم، وهُم دائِمًا مع كُلِّ عدُوٍّ لِلمُسلِمِين؛ فهُم مع النّصارى على المُسلِمِين. ومِن أعظمِ المصائِبِ عِندهُم فتحُ المُسلِمِين لِلسّواحِلِ وانقِهارُ النّصارى؛ بل ومِن أعظمِ المصائِبِ عِندهُم انتِصارُ المُسلِمِين على التّتارِ. ومِن أعظمِ أعيادِهِم إذا استولى -والعِياذُ بِاللّهِ تعالى- النّصارى على ثُغُورِ المُسلِمِين… ثُمّ إنّ التّتار ما دخلُوا بِلاد الإِسلامِ وقتلُوا خلِيفة بغداد وغيرهُ مِن مُلُوكِ المُسلِمِين إلّا بِمُعاونتِهِم ومُؤازرتِهِم؛ فإِنّ مُنجِّم هُولاكُو الّذِي كان وزِيرهُم وهُو النّصِيرُ الطوسي كان وزِيرًا لهُم بالألموت، وهُو الّذِي أمر بِقتلِ الخلِيفةِ وبِوِلايةِ هؤُلاءِ. ولهُم ألقابٌ معرُوفةٌ عِند المُسلِمِين، تارةً يُسمّون الملاحِدة، وتارةً يُسمّون القرامِطة، وتارةً يُسمّون الباطِنِيّة، وتارةً يُسمّون الإِسماعِيلِيّة، وتارةً يُسمّون النُصيرِيّة، وتارةً يُسمّون الخرمية، وتارةً يُسمّون المُحمِّرة، وهذِهِ الأسماءُ مِنها ما يعُمُّهُم ومِنها ما يخُصُّ بعض أصنافِهِم”([46]).

ويقول الشيخ محمد أبو زهرة: «إن النصيرية من الطوائف التي انخلعت من الإسلام، وقد كانوا أثناء الهجمة الصليبية على العالم الإسلامي خير معين للصليبيين على المسلمين، وعندما استولى الصليبيون على بعض البلاد الإسلامية قربوهم وأدنوهم، وجعلوا لهم مكانًا مرموقًا عندهم، وكانوا موالين للتتار ضد المسلمين أثناء غزو التتار لبلاد الشام»([47]).

وهذه نماذج من خيانات النصيرية للمسلمين:

في سنة 705هـ كمن الجيش التتاري لجيش حلب، فقتلوا منهم خلقا من الأعيان وغيرهم، وكثر النوح ببلاد حلب بسبب ذلك. ولما كان قد ثبت خيانة العلويين الذين يسكنون بلاد الجرد سار إليهم نائب السلطنة بمن بقي معه من الجيوش الشامية، وكان قد تقدم بين يديه طائفة من الجيش مع ابن تيمية، فساروا إلى بلاد الجرد والرفض والتيامنة لغزوهم، فنصرهم الله عليهم، وأبادوا كثيرا منهم ومن فرقهم الضالة، ووطئوا أراضي كثيرة من بلادهم، وقد حصل بسبب شهود الشيخ ابن تيمية هذه الغزوة خير كثير، وأبان الشيخ علما وشجاعة في هذه الغزوة([48]).

وفي سنةُ 717هـ خرجتِ النُّصيرِيّةُ عنِ الطّاعةِ، فأقامُوا مِن بينِهِم رجُلًا سمّوهُ مُحمّد بن الحسنِ المهدِيّ القائِم بِأمرِ اللّهِ، وتارةً يدّعِي أنّهُ علِيُّ بنُ أبِي طالِبٍ فاطِرُ السّمواتِ والأرضِ -تعالى اللّهُ عمّا يقُولُون عُلُوًّا كبِيرًا-، وتارةً يدّعِي أنّهُ مُحمّدُ بنُ عبدِ اللّهِ صاحِبُ البِلادِ، وصرّح بِكُفرِ المُسلِمِين، وأنّ النُّصيرِيّة على الحقِّ، واحتوى هذا الرّجُلُ على عُقُولِ كثِيرٍ مِن كِبارِ النُّصيرِيّةِ الضُّلّالِ، وعيّن لِكُلِّ إِنسانٍ مِنهُم تقدِمة ألفٍ، وبِلادًا كثِيرةً، ونِيابة قلعةٍ، وحملُوا على مدِينةِ جبلة فدخلُوها، وقتلُوا خلقًا مِن أهلِها، وخرجُوا مِنها يقُولُون: لا إِله إِلّا علِيٌّ، ولا حِجاب إِلّا مُحمّدٌ، ولا باب إِلّا سلمانُ، وسبُّوا الشّيخينِ، وصاح أهلُ البلدِ: وا إِسلاماهُ، وا سُلطاناهُ، وا أمِيراهُ، فلم يكُن لهُم يومئِذٍ ناصِرٌ ولا مُنجِدٌ، وجعلُوا يبكُون ويتضرّعُون إِلى اللّهِ عزّ وجلّ، فجمع هذا الضّالُّ تِلك الأموال فقسّمها على أصحابِهِ وأتباعِهِ -قبّحهُمُ اللّهُ أجمعِين-، وقال لهُم: لم يبق لِلمُسلِمِين ذِكرٌ ولا دولةٌ، ولو لم يبق معِي سِوى عشرةِ نفرٍ لملكنا البِلاد كُلّها، وأمر أصحابهُ بِخرابِ المساجِدِ، واتِّخاذِها خمّاراتٍ، وكانُوا يقُولُون لِمن أسرُوهُ مِن المُسلِمِين: قُل: لا إِله إِلّا علِيٌّ، واسجُد لِإِلهِك المهدِيِّ الّذِي يُحيِي ويُمِيتُ حتّى يحقِن دمك، ويكتُب لك فرمان([49]).

وعندما قدم الغزو الصليبي على بلاد المسلمين وقويت محاولة الصليبين السيطرة على الأماكن المقدسة، وبينما كانت جموع الحملة الصليبية الأولى تحاصر مدينة أنطاكية التي استماتت في الدفاع ضد هجمات الصليبين المتكررة عليها؛ لم يقف النصيريون مكتوفي الأيدي، بل وجدوا الفرصة مناسبة -ولَن تُعَوَّض- للانتقام من أهل السنة عن طريق التحالف مع الصليبيين وتقديم العون لهم، فنجدهم ينزلون إلى السواحل من جبالهم التي كانوا يعتصمون بها لكي يلاقوا الصليبيين ويقدموا لهم ما يحتاجون. وبدلا من أن يقف النصيريون إلى جانب المدافعين عن أنطاكية ويكونوا عونا لهم ضد العدو الغاشم حدثتهم أنفسهم بالخيانة، فبعد حصار طويل استمر قرابة سبعة أشهر على أنطاكية من قبل الصليبيين أمام أسوار أنطاكية لدرجة أن الفوضى وسوء النظام دبت بين الجند نتيجة لتأثير الجوع والإنهاك، فأخذ بعض الصليبيين يفرون من المعركة ويتسللون خفية هاربين، وفي هذا الموقف الحرج في هذه الفترة اتصل الزعيم النصيري فيروز الذي كان موكلا بحراسة أحد أبراج المدينة من قبل الأمير ياغيسيان بالقائد الصليبي بوهيموند على تسليم البرج إليه ودخول المدينة منه, والاستيلاء عليها، فتم الاتفاق بينهما على ذلك، وعند الفجر تسلق بوهيموند وأصحابه السلالم صاعدين إلى البرج حيث كان ينتظرهم فيروز وبمساعدته استطاعوا أن يحتلوا باقي الأبراج، وتمكنوا من احتلال المدينة بكاملها، فأعملوا السيف في أهلها، ونهبوا كل ما وقعت عليه أيديهم، وهكذا تمكن الصليبيون من الاستيلاء على أنطاكية بمساعدة الزعيم النصيري فيروز، ولو لم يجد الصليبيون هذا الرجل الخائن الذي أعانهم على فتح المدينة لكان حصارهم لها قد طال كثيرا، ولكانت النتيجة غير ما آلت إليه بعد ذلك([50]).

ومما يدل أيضا على تعامل النصيريين مع الصليبيين ومساعدتهم لهم ما ذكره الشيخ محمد أبو زهرة حيث فقال: “كانت النصيرية عند الهجوم الصليبي على العالم الإسلامي عونا للصليبيين ضد المسلمين، ولما استولى الصليبيون على بعض البلاد الإسلامية قربوهم وأدنوهم، وجعلوا لهم مكانا مرموقا، وعندما توحدت الجبهة الإسلامية في وجه الصليبيين على يد قادة الجهاد الإسلامي -أمثال نور الدين محمود وصلاح الدين الأيوبي- اختفى هؤلاء عن الأعين واعتصموا بجبالهم، واقتصر عملهم على تدبير المكايد والفتن والفتك بكبراء المسلمين وقوادهم العظام. ولما أغار التتار بعد ذلك على الشام مالأهم أولئك النصيريون كما مالؤوا الصليبيين من قبل، فمكنوا للتتار من الرقاب، حتى إذا انحسرت غارات التتار قبعوا في جبالهم قبوع القواقع في أصدافها لينتهزوا فرصة أخرى”([51]).

مذبحة تل الزعتر: في آخر حزيران 1976م حين كانت الحرب الأهلية في لبنان على أشدها، ودحر الفلسطينيون وسُنة لبنان الكتائبيين وأعوانهم من الموارنة، تدخل الجيش السوري النصيري ليسحق سنة لبنان مع الفلسطينيين، وقتل من المسلمين خمسين ألفا، وبعدها بأشهر تآزر اليهود مع النصيريين والموارنة على الفلسطينيين في مخيم تل الزعتر، ودخله الموارنة بعد دكه بالمدافع النصيرية، فذبحوا الأطفال والشيوخ، وبقروا بطون الحوامل، وهتكوا أعراض الحرائر، فكانت حصيلة المذبحة ستة آلاف، ودمر المخيم بأكمله.

وكان تدخل النصيريين في لبنان انتهاكا لسيادته، لكن لأن المهمة كانت ذبح الفلسطينيين وأهل السنة في لبنان سكت عنها العالم الحر، ورحب بها اليهود مع أنهم يظهرون عداوتهم لما يسمى بدول التصدي، ووقتها قال زعيم اليهود رابين: إن إسرائيل لا تجد سببًا يدعوها لمنع البعث السوري من التوغل في لبنان، فهذا الجيش يهاجم الفلسطينيين، وتدخلنا عندئذ سيكون بمثابة تقديم المساعدة للفلسطينيين، ويجب علينا ألا نزعج القوات السورية أثناء قتلها للفلسطينيين، فهي تقوم بمهمة لا تخفى نتائجها الحقة بالنسبة لنا.

ومما نقله القادمون من بيروت آنذاك أن الأوغاد كانوا إذا اعتدوا على كرامة الأبكار من الفتيات تركوهن يعدن إلى أهلهن عاريات كيوم ولدتهن أمهاتهن.

ووقتها طلب الفلسطينيون المحاصرون في لبنان فتوى من علماء المسلمين تبيح لهم أكل جثث الموتى بعد أن أكلوا القطط والكلاب وأطعموها أُسرهم([52]).

مذبحة سجن تدمر: في 27 حزيران 1980م نفذ النصيريون مذبحة في سجن تدمر بخيرة شباب أهل السنة ممن يحملون الشهادات العليا، فأبادوهم جميعا في نصف ساعة، وكان عددهم زهاء 700 شاب. وفي صيف ذلك العام كان النصيريون يجوبون الشوارع فينزعون حجاب العفيفات بالقوة حتى كتبت صحفية سويسرية رأت ذلك: إن عملية الاعتداء على المحجبات في سوريا هي إحدى الطرق التي يحارب بها الأسد الإسلام([53]).

مذبحة حماة: في الثاني من شهر شباط 1982م كانت مذبحة حماة أبشع مذبحة في التاريخ المعاصر؛ إذ حوصرت بالمدرعات والدبابات، وقطعت عنها الكهرباء والمياه، ودكت دكا شديدا، حتى أبيدت عشائر كاملة بالمئات لم يبق منها فرد يحمل اسمها، ثم اقتحمها النصيريون فاغتصبوا النساء، ونحروا الأطفال، وأبادوا الرجال، فكان القتلى زهاء 40 ألف نفس، واعتقل 15 ألفا من خيرة الشباب، أعدم جلهم بعد ذلك.. مذابح في إثر مذابح، وعذاب مهين لقيه كرام أهل الشام خلال أربعين سنة، فيا لله العظيم ما أعظم نكبتهم! وما أفدح مصيبتهم! وما أشد خذلان المسلمين لهم! ومذابح بعدها مذابح لا تنتهي([54]).

– أصدرت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان بيانًا يُبرز أشد الخسائر البشرية والمادية التي خلّفها نظام بشار الأسد على المجتمع السوري والدولة السورية على مدار 14 عامًا، وأبرز الانتهاكات الموثّقة:

  1. القتل خارج نطاق القانون:

وثَّقت الشَّبكة مقتل ما لا يقل عن 202 ألف مدني على يد قوات نظام بشار الأسد، بينهم 23,058 طفلًا و12,010 امرأة.

  1. الإخفاء القسري:

تشمل قاعدة بيانات الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان ما لا يقل عن 96,321 حالة اختفاء قسري على يد قوات نظام بشار الأسد، بينهم 2,329 طفلًا و5,742 امرأة.

  1. الوفيات بسبب التعذيب:

سجّلنا وفاة ما لا يقل عن 15,102 شخصًا تحت التعذيب على يد قوات نظام بشار الأسد، بينهم 190 طفلًا و95 امرأة.

  1. حصيلة استخدام أربعة أنواع من الأسلحة المدمرة:
  • البراميل المتفجرة:

منذ تموز يوليو 2012م ألقى طيران نظام بشار الأسد ما لا يقل عن 81,916 برميلًا متفجرًا، تسببت هذه البراميل في مقتل 11,087 مدنيًّا، بينهم 1,821 طفلًا و1780 امرأة.

  • الأسلحة الكيميائية:

تم توثيق 217 هجومًا كيميائيًّا نفذه نظام بشار الأسد، بدأ أولها في حي البياضة في حمص بتاريخ 23 كانون الأول ديسمبر 2012م. أسفرت هذه الهجمات عن مقتل 1,514 شخصًا، منهم 1,413 مدنيًّا، بينهم 214 طفلًا و262 امرأة، إضافة إلى إصابة 11,080 شخصًا.

  • الذخائر العنقودية:

تم توثيق 252 هجومًا بذخائر عنقودية نفّذتها قوات نظام بشار الأسد منذ أول استخدام لها في تموز يوليو 2012م، ما أدى إلى مقتل 835 شخصًا، بينهم 337 طفلًا و191 امرأة.

  • الأسلحة الحارقة:

سُجّل ما لا يقل عن 51 هجومًا بأسلحة حارقة استهدفت مناطق مدنيَّة منذ آذار مارس 2011م([55]).

الخاتمة:

يمكننا بعد دراسة العقائد التي مرت بنا وتحليلها والتي آمنت بها النصيرية أن نقول بما لا يدع مجالًا للشك: إن الطائفة النصيرية طائفة كافرة، ومن انتسب إليها وأيدها ظاهرًا أو باطنًا فحكمه حكمها لأن مناصرة الكافر وتأييده في حرب الإسلام والمسلمين كفر، قال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}.

وهذه الطائفة كما هو معروف في تاريخها قد تتقنع بأقنعة كثيرة، فيسمون أنفسهم بالعلويين تارة، والنصيريين تارة أخرى، ولكن تغيير الأسماء لا يغير حقيقة المسمى، فهي تقول بالحلول بمعنى أن الله قد حل في علي بن أبي طالب وفي أشخاص آخرين.

وتقول أيضا: إن للشريعة ظاهرا وباطنا وأن المراد باطنها دون ظاهرها، وترتب على هذا الاعتقاد تركهم جميع الفرائض الإسلامية وتأويلها، وظهوره أيضا على سلوكهم وأعمالهم، فهم يظهرون خلاف ما يبطنون ويقولون ما لا يعتقدون.

وهم بالإضافة إلى ذلك قد اعتقدوا بالتناسخ، وكفروا بالبعث والحساب، فهدموا بذلك ركنا مهما من أركان الإيمان، وأباحوا المحرمات كشرب الخمر والزنا.

وهذا كله -بل واحد منه- مخالف للإسلام وخروج عنه، بل هو كفر به واستهانة بما فرض الله تعالى.

وكل من له بصيرة يعلم أن الإسلام ما جاء إلا لمحو هذه الاعتقادات الضالة الكافرة، فالتوحيد وترك عبادة الأوثان والأشخاص هو أول اعتقاد في هذا الدين العظيم، أما اليوم الآخر فهو الركن المهم لعقيدة التوحيد؛ لأن الإيمان بالله يتبعه الإيمان باليوم الآخر، وقول النصيرية بالتناسخ هدم لهذا الركن الهام من أركان الإيمان.

بهذا يتبين أن لا علاقة للإسلام بالنصيرية، فالإسلام شيء والنصيرية شيء آخر، وعلى هذا الأساس عاملهم جميع أمراء المسلمين ابتداء من صلاح الدين وانتهاء بالسلطان العثماني عبد الحميد، فقد حاولوا الكثير معهم في الرجوع إلى أصول الإسلام، ولكنهم لا يلبثون أن يرجعوا في كل مرة إلى ضلالاتهم وكفرهم.

ومع ذلك يحاول الكثير منهم في الوقت الحاضر أن يبرهن أمام الرأي العام أنهم مسلمون موحدون، فظهرت كتب وبيانات تقول بذلك، ولكن كل ذلك لا يجدي شيئا أمام الحقائق والأعمال التي يقومون بها، والتي تدحض كل هذه الادعاءات الباطنية المزيفة.

ولعل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كان من أوائل الذين عرفوا حقيقة هذه الطائفة، فحاربها قولا وعملا، كما حارب بقية الطوائف الباطنية، فنجده في رده على سؤال حول حكم هذه الطائفة يفند كل ضلالاتهم، ويرد عليهم بجرأة العالم الواعي لحقائق الأمور، والواقع أن فتوى ابن تيمية فيهم تعتبر جزءًا مهمًّا من الحقائق التاريخية الدامغة للنصيرية، علاوة على قيمتها في إظهار عقائدها الباطنية.

والحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلَّم على نبيِّنا محمَّد وعلى آله وأصحابه أجمعين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) الحركات الباطنية في العالم الإسلامي، د: محمد أحمد الخطيب، ط: دار عالم الكتب (ص: 7).

([2]) الفرق بين الفرق وبيان الفرقة الناجية، ط: دار الأفاق الجديدة – بيروت (ص: 265).

([3]) مجموع الفتاوى (35/ 149).

([4]) الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة، د. مانع بن حماد الجهني، ط: دار الندوة العالمية للطباعة والنشر والتوزيع (1/ 390).

([5]) ينظر: الملل والنحل، محمد بن عبد الكريم بن أبي بكر أحمد الشهرستاني (1/ 188).

([6]) الإسماعيلية فرقة باطنية، انتسبت إلى الإمام إسماعيل بن جعفر الصادق، ظاهرها التشيع لآل البيت، وحقيقتها هدم عقائد الإسلام، تشعبت فرقها وامتدت عبر الزمان حتى وقتنا الحاضر، وحقيقتها تخالف العقائد الإسلامية الصحيحة، وقد مالت إلى الغلوِّ الشديد لدرجة أن الشيعة الاثني عشرية يكفِّرون أعضاءَهَا. الحركات الباطنية في العالم الإسلامي (ص: 57).

([7]) انظر: تاريخ الإسلام السياسي، د. أحمد شلبي (3/ 192-196).

([8]) تاريخ سوريا ولبنان وفلسطين، فيليب حتي (2/ 143-144).

([9]) انظر: العلويين والنصيرية، عبد الحسين العسكري (ص: 7-9)، وتاريخ سوريا ولبنان وفلسطين، فيليب حتي (2/ 143-144).

([10]) انظر: العلويون أو النصيرية، عبد الحسين بن مهدي العسكري (ص: 25).

([11]) المقالات والفرق (ص: 100-101). وانظر: فرق الشيعية، الحسن بن موسى النوبختي (ص: 41، 78)، والفرق بين الفرق، عبد القاهر بن طاهر البغدادي (ص: 252).

([12]) مقالات الإسلاميين (1/ 102-105). وانظر: تاريخ الإسلام السياسي، د. حسن إبراهيم (4/ 265-267).

([13]) انظر: الأعلام للزركلي (3/ 170). ولأمين حداد كتاب في سيرته سماه: مدعي الألوهية في القرن العشرين.

([14]) الإخوان المسلمون والمؤامرة على سوريا، جابر رزق (ص: 25-111).

([15]) سليمان الأضني أو الأدني من علماء النصيرية ولد في أنطاكية سنة (1250هـ/ 1834م). انظر: معجم المؤلفين، عمر رضا كحاله (4/ 256).

([16]) انظر: دائرة معارف القرن العشرين (10/ 249).

([17]) انظر: الباكورة السليمانية، سليمان الأضنى (ص: 18-105).

([18]) انظر: مجموع الفتاوى (35/ 161).

([19]) انظر: العلويين أو النصيرية، عبد الحسين مهدي العسكري (ص: 7-9).

([20]) ج3 سنة (1849م) ص302-309.

([21]) انظر: مذاهب الإسلاميين للأشعري (2/ 474-487)، والعلويون أو النصيرية، عبد الحسين مهدي العسكري (ص: 82-96).

([22]) انظر: فرق معاصرة تنتسب إلي الإسلام (2/ 554).

([23]) انظر: الحركات الباطنية في العالم الإسلامي (ص: 374).

([24]) انظر: دائرة معارف القرن العشرين، مادة “نصر”.

([25]) انظر: طائفة النصيرية (ص: 45)، ودائرة معارف القرن العشرين، مادة “نصر”.

([26]) انظر: طائفة النصيرية (ص: 47).

([27]) العلويون (ص: 57).

([28]) الهفت الشريف هو كتاب علوي باطني منسوب إلى جعفر الصادق برواية المفضل بن عمر الجعفي، يتحدث عن مسائل الدين بطريقة باطنية صوفية، حيث يتناول محاور كالخلق وتناسخ الأرواح وغيرها، وقد أجمع أغلب علماء الشيعة الإمامية الجعفرية على التشكيك في نسبة هذا الكتاب إلى جعفر الصادق، بينما يعترف به العلويون الذي يتوافق مع بعض عقائدهم. https://ar.wikipedia.org/wiki

([29]) الهفت الشريف (ص: 197).

([30]) وتسمى جماعته المرشدية، وقد ظهرت قبل أربعين سنة حين تزعمها سلمان المرشد. انظر: الإسلام في مواجهة الباطنية (ص: 101). ولقد ثبت بصورة قاطعة أن المرشدية على صلة وثيقة بالإرسالية البروتستانية الأمريكية في اللاذقية، وهي صلة مريبة لا شك أن وراءها أصابع السياسة الأمريكية، وبكلمة أوضح: أصابع الصهيونية العالمية. الإسلام في مواجهة الباطنية (ص: 103).

([31]) انظر: الإسلام في مواجهة الباطنية (ص: 103).

([32]) انظر: الأعلام للزركلي (3/ 170).

([33]) انظر: موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام (9/ 262).

([34]) فرق الشيعة (ص: 57).

([35]) تحقيق ما للهند من مقولة الباروني (ص: 38).

([36]) انظر: الهفت الشريف (ص: 36).

([37]) موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام (9/ 626).

([38]) الهفت والأظلة، للمفضل الجعفي (ص: 144).

([39]) فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام وبيان موقف الإسلام منها (2/ 572).

([40]) الحركات الباطنية في العالم الإسلامي (ص: 369).

([41]) إسلام بلا مذاهب (ص: 309).

([42]) الهفت الشريف (ص: 40).

([43]) طائفة النصيرية (ص: 66).

([44]) طائفة النصيرية (ص: 66).

([45]) مجموع الفتاوى (35/ 145-150).

([46]) مجموع الفتاوى (35/ 150).

([47]) المذاهب الإسلامية (ص: 94-96).

([48]) البداية والنهاية (14/ 35).

([49]) البداية والنهاية (18/ 169).

([50]) انظر: الحروب الصليبية في المشرق، سعيد برجاوي (ص: 135).

([51]) تاريخ المذاهب الإسلامية (ص: 94).

([52]) النصيرية.. تاريخ يقطر دما وخيانة، إبراهيم بن محمد الحقيل:

https://alburhan.com/Article/index/9536

([53]) ينظر الرابط:

https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%AC%D8%B2%D8%B1%D8%A9_%D8%B3%D8%AC%D9%86_%D8%AA%D8%AF%D9%85%D8%B1

([54]) ينظر الرابط:

https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%AC%D8%B2%D8%B1%D8%A9_%D8%AD%D9%85%D8%A7%D8%A9_1982

([55]) الشبكة السورية لحقوق الإنسان: https://snhr.org/arabic/

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جديد سلف

عبادة السلف في رمضان وأين نحن منها؟!

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: لا يخفى أن السلف الصالح -رضوان الله عليهم- كانوا يحرصون كل الحرص على كثرة التعبد لله سبحانه وتعالى بما ورد من فضائل الأعمال، وبما ثبت من الصالحات الباقيات التي تعبَّد بها النبي صلى الله عليه وسلم، بل إنهم كانوا يتهيؤون للمواسم – ومنها شهر رمضان – بالدعاء والتضرع […]

النصيرية.. نشأتهم – عقائدهم – خطرهم على الأمة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: لقد كانت الباطِنيَّةُ -وما زالت- مصدرَ خطَرٍ على الإسلامِ والمسلمين مذ وُجِدت، وقد أيقَن أعداءُ الإسلامِ أنَّ حَسْمَ المواجهة مع المسلمين وجهًا لوجهٍ لن يُجدِيَ شيئًا في تحقيق أهدافِهم والوصولِ لمآربهم؛ ولذلك كانت الحركاتُ الباطِنيَّةُ بعقائِدِها وفِتَنِها نتيجةً لاتجاهٍ جديدٍ للكيد للمسلمين عن طريق التدثُّرِ باسمِه والتستُّرِ بحبِّ […]

موقف الإمامية الاثني عشرية من خالد بن الوليد -قراءة نقدية-

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: إن الله أعزّ الأمة، ووجّهها نحو الطريق المستقيم، وفتح لها أبواب الخير بدين الإسلام، هذا الدين العظيم اصطفى الله له محمدَ بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، واصطفى له من بين أهل الأرض رجالًا عظماء صحبوه فأحسنوا الصحبة، وسخروا كل طاقاتهم في نشر دين الله مع نبي […]

التلازم بين العقيدة والشريعة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: من تأمل وتتبَّع أسفار العهدين القديم والحديث يدرك أنهما لا يتَّسمان بالشمول والكمال الذي يتَّسم به الوحي الإسلامي؛ ذلك أن الدين الإسلامي جاء كاملا شاملا للفكر والسلوك، وشاملا للعقيدة والشريعة والأخلاق، وإن شئت فقل: لأعمال القلوب وأعمال الجوارح واللسان، كما جاء شاملا لقول القلب واللسان، وهذا بخلاف غيره […]

إنكار ابن مسعود للمعوذتين لا طعن فيه في القرآن ولا في الصحابة

يعمد كثير من الملاحدة إلى إثارة التشكيك في الإسلام ومصادره، ليس تقويةً لإلحاده، ولكن محاولة لتضعيف الإسلام نفسه، ولا شك أن مثل هذا التشكيك فيه الكثير من النقاش حول قبوله من الملاحدة، أعني: أن الملحد لا يؤمن أساسًا بالنص القرآني ولا بالسنة النبوية، ومع ذلك فإنه في سبيل زرع التشكيك بالإسلام يستخدم هذه النصوص ضد […]

دعاوى المناوئين لفتاوى ابن باز وابن عثيمين

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: تُثار بين الحين والآخر نقاشات حول فتاوى علماء العصر الحديث، ومن أبرز هؤلاء العلماء الشيخ عبد العزيز بن عبد الله ابن باز والشيخ محمد بن صالح العثيمين. ويطغى على هذه النقاشات اتهام المخالف لهما بالتشدد والتطرف بل والتكفير، لا سيما فيما يتعلق بمواقفهما من المخالفين لهما في العقيدة […]

شبهات العقلانيين حول حديث “الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم” ومناقشتها

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة    مقدمة: لا يزال العقلانيون يحكِّمون كلامَ الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم إلى عقولهم القاصرة، فينكِرون بذلك السنةَ النبوية ويردُّونها، ومن جملة تشغيباتهم في ذلك شبهاتُهم المثارَة حول حديث: «الشيطان يجري في ابن آدم مجرى الدم» الذي يعتبرونه مجردَ مجاز أو رمزية للإشارة إلى سُرعة وقوع الإنسان في […]

البهائية.. عرض ونقد

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد مات بعد أن أتم الله تعالى عليه النعمة وأكمل له الملة، وأنزل عليه وهو قائم بعرفة يوم عرفة: {اليومَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وأَتْمَمْتُ علَيْكُم نِعْمَتي ورَضِيتُ لَكُمُ الإسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3]، وهي الآية التي حسدتنا عليها اليهود كما في الصحيحين أنَّ […]

الصمت في التصوف: عبادة مبتدعة أم سلوك مشروع؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: الصوفية: جماعةٌ دينية لهم طريقةٌ مُعيَّنة تُعرف بالتصوّف، وقد مَرَّ التصوّف بمراحل، فأوَّل ما نشأ كان زُهدًا في الدنيا وانقطاعًا للعبادة، ثم تطوَّر شيئًا فشيئًا حتى صار إلحادًا وضلالًا، وقال أصحابه بالحلول ووحدة الوجود وإباحة المحرمات([1])، وبين هذا وذاك بدعٌ كثيرة في الاعتقاد والعمل والسلوك. وفي إطار تصدِّي […]

دفع مزاعم القبورية حول حديث: «اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»

مقدمة: من الفِرى ردُّ الأحاديث الصحيحة المتلقّاة بالقبول انتصارًا للأهواء والضلالات البدعية، وما من نصّ صحيح يسُدُّ ضلالًا إلا رُمِي بسهام النكارة أو الشذوذ ودعوى البطلان والوضع، فإن سلم منها سلّطت عليه سهام التأويل أو التحريف، لتسلم المزاعم وتنتفي معارضة الآراء المزعومة والمعتقدات. وليس هذا ببعيد عن حديث «‌اتخذوا ‌قبور ‌أنبيائهم»، فقد أثار أحدهم إشكالًا […]

استباحة المحرَّمات.. معناها وروافدها

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: من أعظم البدع التي تهدم الإسلام بدعة استباحةُ الشريعة، واعتقاد جواز الخروج عنها، وقد ظهرت هذه البدعة قديمًا وحديثًا في أثواب شتى وعبر روافد ومصادر متعدِّدة، وكلها تؤدّي في نهايتها للتحلّل من الشريعة وعدم الخضوع لها. وانطلاقًا من واجب الدفاع عن أصول الإسلام وتقرير قواعده العظام الذي أخذه […]

الحالة السلفية في فكر الإمام أبي المعالي الجويني إمام الحرمين -أصول ومعالم-

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: من الأمور المحقَّقة عند الباحثين صحةُ حصول مراجعات فكرية حقيقية عند كبار المتكلمين المنسوبين إلى الأشعرية وغيرها، وقد وثِّقت تلك المراجعات في كتب التراجم والتاريخ، ونُقِلت عنهم في ذلك عبارات صريحة، بل قامت شواهد الواقع على ذلك عند ملاحظة ما ألَّفوه من مصنفات ومقارنتها، وتحقيق المتأخر منها والمتقدم، […]

أحوال السلف في شهر رجب

 مقدمة: إن الله تعالى خَلَقَ الخلق، واصطفى من خلقه ما يشاء، ففضّله على غيره، قال تعالى: ﴿وَرَبُّكَ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُ ‌وَيَخۡتَارُ﴾ [القصص: 68]. والمقصود بالاختيار: الاصطفاء بعد الخلق، فالخلق عامّ، والاصطفاء خاصّ[1]. ومن هذا تفضيله تعالى بعض الأزمان على بعض، كالأشهر الحرم، ورمضان، ويوم الجمعة، والعشر الأواخر من رمضان، وعشر ذي الحجة، وغير ذلك مما […]

هل يُمكِن الاستغناءُ عن النُّبوات ببدائلَ أُخرى كالعقل والضمير؟

مقدمة: هذه شبهة من الشبهات المثارة على النبوّات، وهي مَبنيَّة على سوء فَهمٍ لطبيعة النُّبوة، ولوظيفتها الأساسية، وكشف هذه الشُّبهة يحتاج إلى تَجْلية أوجه الاحتياج إلى النُّبوة والوحي. وحاصل هذه الشبهة: أنَّ البَشَر ليسوا في حاجة إلى النُّبوة في إصلاح حالهم وعَلاقتهم مع الله، ويُمكِن تحقيقُ أعلى مراتب الصلاح والاستقامة من غير أنْ يَنزِل إليهم […]

الصوفية وعجز الإفصاح ..الغموض والكتمان نموذجا

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  توطئة: تتجلى ظاهرة الغموض والكتمان في الفكر الصوفي من خلال مفهوم الظاهر والباطن، ويرى الصوفية أن علم الباطن هو أرقى مراتب المعرفة، إذ يستند إلى تأويلات عميقة -فيما يزعمون- للنصوص الدينية، مما يتيح لهم تفسير القرآن والحديث بطرق تتناغم مع معتقداتهم الفاسدة، حيث يدّعون أن الأئمة والأولياء هم الوحيدون […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017