
عرض وتعريف بكتاب (نقض كتاب: مفهوم شرك العبادة لحاتم بن عارف العوني)
للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة
مقدّمة:
إنَّ أعظمَ قضية جاءت بها الرسل جميعًا هي توحيد الله سبحانه وتعالى في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، حيث أُرسلت الرسل برسالة الإخلاص والتوحيد، وقد أكَّد الله عز وجل ذلك في قوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 25]. وهذا يدلُّ على أن غاية بعثة الرسل جميعًا هي الدعوة إلى عبادة الله وحده لا شريك له.
وكما أن توحيد الله في ربوبيته أساسيٌّ، فإن توحيده في ألوهيته هو القضية الأهم، فقد جاءت الشريعة بأدلة قاطعة تؤكد هذا الأمر، إذ بيَّن الله أنَّ حكمة خلق الإنس والجن هي عبادته وحده، كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]. كما أكَّد في مواضع أخرى أن جميع الرسل بعثوا بهذه الرسالة، فقال: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: 36]. وهذا أمر معلوم من الدين بالضرورة ومتفق عليه بين المسلمين، فكلهم متفقون على أن العبادة يجب أن تكون لله وحده دون سواه.
إلا أن الخلاف الذي وقع بين طوائف المسلمين في العصور المتأخرة لم يكن في أصل التوحيد، بل في تحديد مفهوم العبادة التي يجب إفراد الله بها وعدم صرفها لغيره، وقد أشار العلامة عبد الرحمن المعلمي إلى ذلك بقوله: “فإنِّي تدبَّرت الخلاف المستطير بين الأمَّة في القرون المتأخرة في شأن الاستعانة بالصالحين الموتى وتعظيم قبورهم ومشاهدهم، وتعظيمِ بعض المشايخ الأحياء، وزعم بعض الأمَّة في كثيرٍ من ذلك أنَّه شرك، وبعضها أنَّه بدعة، وبعضها أنَّه من الحق، ورأيت كثيرًا من الناس قد وقعوا في تعظيم الكواكب والروحانيين والجن بما يطول شرحه، وبعضُه موجودٌ في كتب التَّنجيم والتعزيم كـ(شمس المعارف) وغيره، وعلمت أنَّ مسلمًا من المسلمين لا يُقدِم على ما يعلم أنَّه شرك، ولا على تكفير من يعلم أنَّه غير كافر؛ ولكنَّه وقع الاختلاف في حقيقة الشرك، فنظرت في حقيقة الشِّرك فإذا هو بالاتفاق اتخاذ غير الله عز وجل إلهًا من دونه، أو عبادة غير الله عز وجل، فاتجه النَّظر إلى معنى الإله والعبادة، فإذا فيه اشتباهٌ شديد… فعلمت أنَّ ذلك الاشتباه هو سببُ الخلاف، وإذا الخطر أشدُّ مما يُظن؛ لأنَّ الجهل بمعنى (إله) يلزمه الجهل بمعنى كلمة التوحيد (لا إله إلا الله)، وهي أساس الإسلام وأساس جميع الشرائع الحقة”([1]).
ولأجل أنَّ العبادة بهذه الأهمية العظمى في الإسلام، فإن تحرير مفهومها يعدُّ من الركائز الأساسية في الدراسات الإسلامية، إذ إن الخطأ في تحديد معناها يترتب عليه أخطاء كثيرة في فهم قضايا التوحيد والشرك وما يتعلق بهما من أحكام. ومن هنا جاءت الشريعة ببيان واضح لمعنى التوحيد، كما بيَّنت حقيقة الشرك الذي يناقضه.
وإذا نظرنا في حال الأمة الإسلامية اليوم نجد أنها قد غرقت في أنواع متعددة من الخرافات والممارسات التي منعتها الشريعة، حيث تعلق بعض المسلمين بمشاهد الأولياء والصالحين، وصاروا يطلبون الحوائج من المقبور أو عند القبور، بما يناقض جوهر التوحيد. ومن هنا فإن تصحيح المفاهيم المتعلقة بهذا الجانب يعد من الضرورات الملحة؛ لأن الدين هو الذي يحدد مصير الإنسان الأخروي، وهو أولى ما يُحرص عليه ويُصحَّح فهمه. فلا شيء أعظم من توحيد الله، ولا شيء أخطر من الوقوع في الشرك الذي ينافيه.
وهذا الكتاب الذي نحن بصدد عرضه والتعريف به يأتي ضمن هذا السياق.
البيانات الفنية للكتاب:
عنوان الكتاب: نقض كتاب (مفهوم شرك العبادة لحاتم بن عارف العوني).
المؤلف: أ. د. فهد بن سليمان بن إبراهيم الفهيد.
تقديم: سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ مفتي عام المملكة العربية السعودية. ومعالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ.
الناشر: دار إيلاف الدولية للنشر والتوزيع.
رقم الطبعة وتاريخها: الطبعة الأولى 1446هـ.
حجم الكتاب: يقع في 885 صفحة.
فكرة الكتاب الأساسية:
يأتي هذا الكتاب ضمن النقاشات المتعلقة بمفهوم العبادة، وكون اعتقاد خصائص الربوبية يدخل في مفهوم العبادة أو لا، وينبني عليه هل صَرْف شيء من العبادة لغير الله يعدّ شِركًا أو لا يعدُّ كذلك إلا باعتقاد شيء من خصائص الربوبية في المصروف له، وهذه الفكرة الأخيرة -أعني: وجوب اعتقاد خصائص الربوبية ليصبح الفعل عبادة- هو ما يذهب إليه د. حاتم العوني في كتابه المردود عليه، ويرد عليه الدكتور الفهيد في هذا الكتاب.
وقد اعتنى مركز سلف بملف مفهوم العبادة في عدد من المنشورات، من أهمها:
- هل غلط السلفيون في مفهوم العبادة؟([2]).
- هل تناقضت السلفية في عدم اشتراط اعتقاد الربوبية في مفهوم العبادة؟([3]).
- تحديد ضابط العبادة والشرك والجواب عن بعض الإشكالات المعاصرة([4]).
- مفهوم العبادة في النصوص الشرعية والرد على تشغيبات دعاة القبور([5]).
ويأتي كتاب الدكتور الفهيد ردًّا على القول باشتراط اعتقاد الربوبية في مفهوم العبادة، ومناقشة ونقض ما جاء في كتاب د. حاتم العوني حول هذه القضية.
عرض الكتاب:
بدأ الكتاب بمقدمة بيَّن المؤلّف فيها أهمية التوحيد، وأهمية دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وبين سبب تأليف الكتاب، وأن د. حاتمًا العوني لم يتعرض فيه لمن هو داخل في التكفير أساسا وهم الخوارج، فقال: “اطلعت على كتاب: (مفهوم شرك العبادة: تحريره والرد على غلاة التكفير بحجة وقوع المسلمين فيه)… تأليف الأستاذ الدكتور: حاتم بن عارف العوني؛ فوجدته مشتملًا على عددٍ من الأغلوطات والشبهات، والوقوع في التحريف لبعض النصوص الشرعية، وتحريف بعض أقوال أهل العلم، ولَمْزِ أهل السُّنَّة والجماعة الداعين إلى توحيد الله في جميع العبادات بأنهم غلاة التكفير! والخَلْط بينهم وبين من عُرِفوا بالإفساد من خوارج العصر. وقد طبع كتابه هذا في مركز نماء، ومن العجائب أن هذا المركز طبع كتاب (أسئلة الثورة)!
وزعم الكاتب أن كتابه هذا فيه: [الرد القوي القاصم لتقرير أهل الغلو]! والحق أن كتابه هذا كشف فيه عن مبلغ علمه بحقيقة التوحيد الذي جاءت به الرسل وهو إفراد الله بالعبادة.
وإن هذه الشبهات التي وردت على الكاتب في باب الاعتقاد لو أنه تعوّذ بالله منها، ولجأ إليه، ونظر في كتاب الله بتدبر؛ لعرف الحق برحمة الله تعالى، وأسأل الله تعالى أن يمنّ عليه بالهداية والتوفيق ولزوم طريق أهل العلم والتحقيق…
ولم أرَ مؤلف كتاب (مفهوم شرك العبادة) يتناول شبهات الخوارج المعاصرين بشيء من النقد، لا رؤساءهم ومنظريهم، ولا مؤلفاتهم ولا تنظيماتهم، فلم يذكر لهم اسمًا ولا وصفًا ولا مؤلفًا ولا شبهة فیردَّ علیها. بل أحسب أن الخوارج يجدون تَشَفِّيًا وراحةً لكتابه من عدة وجوه:
الأول: أنه لم يذكر المسائل التي زاغ فيها الخوارج المعاصرون.
الثاني: أنه ينتقد أئمة أهل السنة من أهل العلم الراسخين فيه، وهؤلاء العلماء هم الذين وقفوا أمام الخوارج وغيرهم، ودافعوا عن العقيدة الإسلامية، فإذا قدح فيهم حصل مقصود الخوارج المعاصرين.
الثالث: أنه لم يتناول رؤوس الخوارج المعاصرين بالذم والتحذير، بل إنه عَرَّضَ بكبار العلماء في البلاد مثل الشيخ محمد بن إبراهيم والشيخ ابن باز والشيخ محمد بن عثيمين رحمهم الله وغيرهم من أهل العلم”([6]).
ثم شرع المؤلف في تمهيد تناول فيه تقسيمات كتاب (مفهوم شرك العبادة)([7])، وأقسام التوحيد عند أهل السنة والجماعة، وبيان إيهام الكاتب في إظهار حرصه على عدم التكفیر!
بدأ المؤلف بذكر تقسيم د. العوني لكتابه (مفهوم شرك العبادة)، فبين أنه اشتمل على تمهيد وسبعة مباحث، وذكر مجمل هذه المباحث باختصار.
ثم عرض أقسام التوحيد عند أهل السنة والجماعة:
فبين أن أقسام التوحيد مستفادة من كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، ودلائل ذلك كثيرة جدا، فتقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام: توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات، أو إلى قسمين: توحيد معرفة وإثبات -وهو توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات-، وتوحيد إرادة وطلب -وهو توحيد الألوهية-، هذا مدلول الكتاب والسنة ومعتقد الصحابة والتابعين وأئمة الإسلام.
والمراد بتوحيد الربوبية: الاعتقاد الجازم بأنَّ الله وحده الخالق الرازق المحيي المميت المدبر لشئون خلقه كلها لا شريك له في ذلك.
والمراد بتوحيد الألوهية: إفراد الله وحده بالخضوع والذل والمحبة والخشوع وسائر أنواع العبادة لا شريك له.
والمراد بتوحيد الأسماء والصفات: الإيمان الجازم بأسماء الله وصفاته الواردة في الكتاب والسنة، وإثباتها دون تحريف أو تعطيل أو تكييف أو تمثيل.
ثم قال: “والكاتب يُظهر أنه يقرر أقسام التوحيد الثلاثة، فيقول في المقدمة في ص٧: [ولا شك أن توحيد الله يقوم على إفراده تعالى بالربوبية وبالألوهية وفي صفات الكمال المطلق… فلا خالق للخلق ولا رازق ولا مدبر لهم إلا الله… ولا معبود بحق إلا الله… ولا يشاركه في كمال صفاته أحد…].
فهو يُظهر أنه على طريقة السلف بتقريره للتوحيد بهذه الطريقة وهذا التقسيم، ويقول في الحاشية في ص١٦: [الظاهر أني لن أكون سلفيًّا عندهم حتى أكون تكفيريًّا، ألا ساءت تلك السلفية التي تكفر المسلمين…].
وسيظهر من خلال الرد على كتابه هذا أنه لا يقر بأقسام التوحيد الثلاثة، وإنما الربوبية والألوهية عنده شيء واحد، فعند الكاتب أنّ مَنْ أقرَّ بالربوبية فقد أقرَّ بالألوهية كما سيأتي، وهذا مخالف لصريح القرآن والسنة والواقع الذي عليه المشركون”([8]).
وقد قسم الدكتور الفهيد كتابه حسب تقسيم د. العوني، فبدأ بالتمهيد ثم المباحث:
نقض ما ورد في تمهيد العوني من أغلاط وشبهات([9]):
بدأه بقوله: “إيهام الكاتب في إظهار حرصه على عدم التكفير”.
بين فيه أنه يوهم القارئ بأنه لا يكفر الناس، وأن المردود عليهم يكفرون الناس، وقد بين العوني أن صرف العبادة لغير الله شرك، لكن لا يوجد مسلم يصرف العبادة لغير الله لأنه لا يعتقد الربوبية في المصروف له.
والمؤلف يرد على هذه الفكرة، ويبين أن القرآن قد بين أن صرف العبادة لغير الله شرك.
الرد على قول العوني أن كلّ أهل الشهادتين مُقِرُّون بالربوبية والألوهية قطعًا([10]):
قال د. حاتم ص١٥: [مع أن أهل الشهادتين مُقِرُّون بتفرد الله تعالى بالربوبية، وأنه لا رب سواه… وهذا هو ما قطعت لهم به الشهادتان، والتي دلت أيضًا أنهم مُقِرُّون لله تعالى بالتفرد وحده بالألوهية والعبادة دلالة قاطعة].
يجزم العوني بأن كل أهل الشهادتين يقرون لله تعالى بالتفرد بالألوهية والعبادة، وسيأتي نقض ما أورده في المبحث الأول من كتابه في ص١٧ أنه يجعلها شيئًا واحدًا.
ولا ريب أن من نطق بالشهادتين يريد الدخول في الإسلام أنه مسلم ويجب عليه القيام بحقوق الشهادتين، ولكن يوجد ممن نطق بالشهادتين مَنْ وَقَعَ في أمر يخرجه من الإسلام سواء من الشرك في العبادة أو ناقض آخر، فلم يقم بحقوقهما بل ناقضهما، وقد وجد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم من نطق بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ثم شهد لمسيلمةَ الكذَّاب بأنه رسول مع نبي الله محمد عليه الصلاة والسلام، فلا شك فی کفره وردته.
وردّ عليه من وجوه أهمها:
1- أن المقصود من الشهادتين ما دلّتا عليه من الحقيقة والمعنى لا مجرد اللفظ، وقد قيِّدت الشهادتان بالإخلاص أو قولهما بحق.
2- وقع الإجماع على أن الشهادتين لا بد فيهما من اعتبار حقيقة معنى الشهادتين لا اللفظ فقط.
3- أن المنافقين ينطقون بالشهادتين وهم في الدرك الأسفل، فلا يكفي مجرد النطق.
4- مما يبين هذا أن الأحاديث قيدت (لا إله إلا الله) بحقها.
دَفع الكاتب وَصف الشرك ممّن وقع فيه بالاحتمالات الموهومة:
قال د. حاتم في ص١٥: [فلا يحق لأحد أن يتهم أحدًا من المسلمين بخلاف دلالة الشهادتين لقول أو فعل صدر منه يحتمل عدم مناقضتها مجرد احتمال…]. وقال في نفس الصفحة: [وأنه لا يقين مع وجود الاحتمال].
والرد عليه بما يأتي:
١- إجراء الاحتمالات الموهومة لا يمكن أن تقوم به دنيا ولا دين، فأعمال الخلائق تكون حسب الظاهر.
2- الأصل في الكلام الحقيقة، ولا يصار إلى الاحتمالات إلا لدليل.
3- بناءً على هذا الاحتجاج المتهافت يسوغ لقطاع الطرق والسراق والبغاة والمفسدين في الأرض والمعتدين على الأعراض والممتلكات العامة والقاذفين وشاربي المسكرات التخلص من العقوبة بمثل هذه الاحتمالات الموهومة، ومن المعلوم بإجماع علماء الإسلام أن الواجب معاملتهم على حسب ما أظهروا إذا قامت عليهم البينة، والتكلف في وضع الاحتمالات المتوهمة للدفاع عنهم غير مقبول، وهذا من التلاعب بالدين وبالحقوق، وأعظم الحقوق حقُّ اللّه تبارك وتعالى، ويشبه هذا التلاعب ما يُذكر أنَّ رجلًا سرق فقال لعمر: سرقت بقضاء الله وقدره، فقال له: وأنا أقطع يدك بقضاء الله وقدره.
من أغلاط الكاتب وضعه شرطًا وهو: أنه لا بدَّ من التأكد أن اعتقادهم القلبي لا يتضمن إنكار الخالق أو جعل شريك معه في الخلق:
قال د. حاتم في ص١٥-١٦: [إن لوقوع شرك العبادة من أي شخص شرطًا، فإن تحقق من أي أحد فقد وقع في الشرك…]. وقال في نفس الصفحة: [وإنه لا وجود لشرك في العبادة إلا بنقض توحيد الربوبية].
يقصد بذلك الشرط وجودَ نقضٍ لتوحيد الربوبية، فإذا لم يوجد نقض لتوحيد الربوبية فإنه لم يشرك في العبادة، وبالتالي جعل من يقع في شرك العبادة باقيًا على إسلامه حتى يقع في شرط الكاتب.
هذا هو زبدة الكتاب وخلاصته، وهو أن العبرة بتوحيد الربوبية فقط، وعليه فمن قال: إن الله هو الخالق وحده فقوله هذا دليل أنه سوف يفرده بالعبادة ولن يشرك به شيئا!
وكلامه هذا مناقضٌ لما تقدم من قوله في ص٧: [إن توحيد الله تعالى يقوم على إفراد الله بالربوبية والألوهية وصفات الكمال المطلق، وأن الإخلال بالربوبية كفر، وأن صرف الربوبية أو بعضها لغير الله شرك به مناقضٌ للتوحيد، ومخرجٌ من ملة الإسلام، وأن من صرف شيئًا من العبادة لغير الله فقد أشرك بالله، فإن كان من أهل الشهادتين قبل الشرك فقد ارتد وأشرك بصرفه العبادة…].
إذن فقوله السابق في تقسيم التوحيد إلى ربوبية وألوهية وأسماء وصفات لا يستقيم مع ما ذكره هنا، فهو يقول: إن من أتى بالربوبية فإنه لا يمكن أن يشرك في الألوهية.
والقول بالحكم بإسلام من وقع في الشرك في العبادة إذا كان مقرًّا بالربوبية من جنس أقوال المرجئة الغلاة الذين يجعلون الإيمان هو التصديق، والكفر لا يكون إلا بالاستحلال والتكذيب([11]).
ثم ذكر قول د. حاتم أن الأفعال التي ظاهرها العبادة صرفها قد يكون محرما، أو ذريعة للشرك، ورد عليه بذكر بيان أن صرف العبادة لغير الله شرك، قال: “ولذلك سأذكر الأدلة على أنَّ صرف العبادة لغير الله شرك أكبر وهو حرام، بل من أعظم الحرام، فحُرْمَتُه بلغت مبلغًا عظيمًا، فهو الذنب الذي لا يغفره الله من بين سائر الذنوب والمعاصي، ولا يمكن لمن وقع فيه أن يدخل الجنة إلا إذا تاب قبل موته.
قال تعالى عن عبادة الدعاء: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} [المؤمنون: 117]، وقال: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60] فالدعاء عبادة، فمن صرف العبادة لغير الله فقد أشرك وكفر”([12]).
ثم ذكر الإجماع فقال: “واعلم أن القول بكفر من عبد غير الله وأشرك به ليس قول طائفة محدودة من أهل العلم؛ بل هو قول جميع الأنبياء والرسل”([13]).
ومن ردوده على هذه الفكرة قوله: “يقال له أيضًا: إنَّ الله تعالى رتَّب أحكام الكفر على أعمال موضحة؛ وعلَّق الحكم بالكفر بنفس الشرك وعبادة غير الله، فمن وقع فيها حكم عليه بمقتضى عمله؛ مثل قوله تعالى: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً} [التوبة: 36]، وقوله: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ} [المائدة: 72]، وقوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] وتعليق الحكم بوصف مشتقّ دليل على علة الحكم، وكذلك في حكم السحر وادعاء علم الغيب والتكذيب بالبعث والسجود للشمس والقمر، وأمثلة أخرى كثيرة دلت النصوص على كفر من فعلها، ولا يتوقف ذلك على وجود ناقض لتوحيد الربوبية، قال تعالى في شأن السحر: ﴿وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَخْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ﴾ [البقرة: ١٠٢]. فلا يجوز أن يتعقب كلام الله تعالى ويقال: لا يكفر حتى يكون منكرًا للربوبية.
وقال تعالى: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} [النمل: 65]، فمن ادعى علم الغيب فقد كفر.
وقال تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [التغابن: 7]، فمن أنكر البعث بعد الموت كفر ولو كان ينطق بالشهادتين؛ لا يقال: لا بد من تحقق شرط إنكار الربوبية”([14]).
ثم رد على قوله بأن أهل الشهادتين كلهم مقرون بالربوبية، فقال: “وبالنظر لما تقدم يُعلم أنَّ هذه الجملة غير صادقة في كل من زعم أنَّه من أهل الشهادتين من عدة جهات:
الجهة الأولى: أن الله قيّد الانتفاع بالشهادة بقيد فقال: {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: 86]، وقال تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} [محمد: 19] ونحو ذلك من الأدلة المقيدة للمراد بالنطق بالشهادتين.
الجهة الثانية: أنه لا يخفى على أحدٍ وجودُ من يشرك بالله في الربوبية وهو ينطق بالشهادتين، وهذا كثير كالباطنية من الدروز والنصيرية والإمامية الذين ينطقون بالشهادتين ويجعلون عليًّا يتصرف في الكون، وشركهم وكفرهم ظاهر ومشهور”([15]).
ثم ناقش مسألة أخرى فقال: “هل مجرد النطق بالشهادتين يمنع وقوع الردة عن الإسلام؟”.
قال: “قول الكاتب في ص١٦: [لأننا تيقنا إسلامهم بنطقهم الشهادتين].
يقال له: إن مجرد النطق بالشهادتين لا يمنع وقوع الردة عن الإسلام، يبين ذلك: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل من كل من جاءه من الكفار يريد الدخول في الإسلام الشهادتين فقط، ويعصم دمه بذلك ويجعله مسلمًا، فمن نطق بالشهادتين يريد الدخول في الإسلام فيجب أن يُقبل منه ذلك، ويُكَفَّ عنه ويُحْكم بإسلامه ويُعَلّم شرائع الإسلام، ثم إذا تبين بعد ذلك أنه صادق فسيلتزم بالصلاة والزكاة، وقد يتبين كذبه، فقد يقولها لدفع السيف عنه، وقد يقولها وهو هازل لا يريد الدخول في الإسلام، فحينئذٍ يُعرف كفره، فلا ينتفع بالنطق بالشهادتين.
أما من كان يتظاهر بالنطق بالشهادتين مع مناقضتهما فلا يكفي مجرد النطق، بل لا بد من الصدق والعلم والقبول لهذه الشهادة والتزام حقوقها”([16]).
نقض شبهات: (المبحث الأول: أصل مشكلة المكفرين بشرك العبادة وتوسعهم في إدخال ما لیس منه فیه)([17]):
وأصل هذا المبحث يدور حول تعريف العبادة، وقد قدم الدكتور الفهيد بمقدمة فقال: “الحمد لله أن الله بيّن في كتابه العبادة التي شرعها لعباده ومعناها وأنواعها، ووضحها الرسول صلى الله عليه وسلم بفعله وقوله وإقراره، وقام أهل العلم ببيان ما في الكتاب والسنة من معنى العبادة وأنواعها بما يُغني عن تكلف المتكلفِّين، وسيظهر للقارئ أغلاط الكاتب في تفسير العبادة”([18]).
وبين الدكتور الفهيد معنى أن كفار قريش مقرون الربوبية بعد أن بين خطأ الدكتور حاتم في تقريره، قال: “قال الكاتب في ص١٩: [فقادهم تعجلهم في استظهار معنى من بعض آيات في كتاب الله تعالى توهموا منها أنَّ مشركي العرب كانوا موحدين في الربوبية مع شركهم في العبادة].
ثم قال: “ومقالة الكاتب سالفة الذكر متضمنة لما يلي: ادعاء الكاتب أن مشركي العرب ليسوا موحدين في الربوبية.
وقد اختار هذا التعبير وهو [موحدين] يظن أنه سيفلج غيره -وهو المهزوم- فعبارة (موحدين) أو (مقرين) أو (معترفين) المقصود منها المعنى العام، وهو واضح، وليس المعنى أن المشركين يعرفون من معاني الربوبية كل ما ورد في الكتاب والسنة”([19]).
وها هنا تنبيه مهم لمن غلط في هذه المسألة كالكاتب وغيره، وهو أنه: ليس المراد بإقرار المشركين بتوحيد الربوبية أنهم جاؤوا به كاملًا لا نقص فيه، كما يدّعي الكاتب وينسب لأهل السنة أنهم يقولون بذلك، وإنما المقصود أنهم أقروا به فاعترفوا بأن الله خالقهم ورازقهم ومدبر شؤونهم، ولم يجعلوا معه شريكًا في ذلك، وإلا فإنهم لو أعطوا توحيد الربوبية حقه كما جاء بيانه في الكتاب والسنة لأوجب لهم تعظيم الله وحده دون ما سواه، ولما وقعوا في الشرك في الألوهية.
أما الشبهة التي تليها فقال عنها: اعتراض الكاتب على تفسير الآيات التي تبين إقرار المشركين بأن الله خلقهم ورزقهم:
قال الكاتب في ص١٩: [الآيات التي تثبت للمشركين إقرارًا مجملًا بالربوبية لله تعالى]، وأورد الكاتب في ص٢٠ بعض الآيات من سورة العنكبوت وسورة المؤمنون وسورة لقمان وسورة يونس، وذكر أنَّ أهل السنة والجماعة يستدلون بها وبنحوها من الآيات على [أن مشركي العرب كانوا موحدين في الربوبية]، فأنكر على أهل السنة استدلالهم بهذه الآيات.
والرد عليه بالآتي:
١- الكاتب موافق لمن سبقه كما تقدم، ومنهم حسن السقاف الذي اتهم أهل السنة والجماعة بأنهم يطلقون اسم الموحد توحيدًا كاملًا أو توحيدًا صحيحًا على المقر بالربوبية فيقول: (لا يعرف في الشرع إطلاق اسم موحد على من كفر ولو بجزء من العقيدة الإسلامية، وذلك بنص الكتاب والسنة… فلا يحل لنا أن نطلق على من كان يقر بوجود الله ويدرك أنه هو الإله المستحق للعبادة دون أن يذعن ويدخل في هذا الدين بأنه موحد… فكيف يقال: إنهم موحدون توحيد ربوبية والله تعالى وصفهم بالكفر صراحة؟!).
٢- والرد عليهم بأن المراد الإقرار بالربوبية إجمالا والاعتراف بالخالق وأنه هو الله، وهذا لم ينفعهم ولم يدخلهم في الإسلام.
وقول الكاتب: [كانوا موحدين في الربوبية]، هذه الجملة فيها تفصيل يجب التنبه له، فلم يقل أحدٌ من أهل العلم: إنَّ المشركين من كفار العرب كانوا موحدين في الربوبية بالإطلاق ويسكت، بل يبينون المراد، ويوضحون الحقيقة التي وضحها القرآن؛ وهي أن التوحيد يشمل توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات، وأن أولئك المشركين أقروا بالربوبية وأشركوا في العبادة؛ فهؤلاء يوصفون بأنهم وحدوا الله في الربوبية أو أقروا بالربوبية أو نحو ذلك؛ أي: أنهم لم يجعلوا معه شريكًا في الخلق والرزق والتدبير، ومن اعتقد هذا لا يكون موحدًا لله تعالى، ولا ينفعه عند الله إقراره بالربوبية، ولا ينجيه ذلك من النار إن لم يخلص عباداته كلها لله تعالى.
ومن الشبهات التي تمسك بها من قال باشتراط اعتقاد الربوبية ما قاله الدكتور الفهيد: “فهو يزعم أن الخطاب في القرآن للكفار الذين يقولون: إن الإله هو الرب والرب هو الإله؛ وعندهم من لم يكن ربًّا فليس بإله، فالمشركون -عند الكاتب- يُثبتون قدرًا من الربوبية لله ويثبتون لمعبوداتهم من الأصنام وغيرها الربوبية أيضًا، لكن لا دليل عندهم على ذلك، وحينئذ يُلْزِمهم الله بما التزموا به.
فيزعم أن المشركين التزموا: [بأن الإله المستحق للعبودية عندهم هو من كانت فيه صفات الربوبية أو بعضها]. ولا شك أن هذا قولٌ بغير علم من الكاتب ليتوصل به إلى مقصوده الباطل، فأين في كتاب الله أو سُنة رسوله صلى الله عليه وسلم أن المشركين التزموا بأنه لا يكون إلهًا إلا من هو خالق رازق مدبر؟!
فصارت الحجة على المشركين منحصرة في هذا الطريق الذي وضعه الكاتب، وتلخيصه بالآتي: [أنت -أيها المشرك- تلتزم بأن الرب هو المعبود وتعتقد أن الله موصوف بالربوبية، أين برهانك على أن معبوداتك الأخرى ربُ؟ والجواب: لا دليل عنده]”([20]).
وقد رد عليه فقال:
أليس في حكايتك بما زعمته أنه اعتقاد الكفار لمعبوداتهم بالربوبية؟! أليست الربوبية هي الخلق والإيجاد والرزق والتدبير؟! فأين وجدتَ في كتاب الله تعالى أن الكفار اعتقدوا هذه الأمور في معبوداتهم؟! أين في القرآن أو السنة أو كلام الصحابة أن الكفار قالوا: إن معبوداتنا هي التي خلقتنا وهي التي ترزقنا ونحو ذلك؟!
قال الله تعالى: {إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [العنكبوت: 17]، أي: اطلبوه منه، ولو كان الكفار يعتقدون أنَّها أرباب لرد العابدون لتلك الأصنام فقالوا: بل تملك الرزق.
ومن الشبهات التي يتمسك بها هؤلاء: أن المشركين لم يكونوا مقرين بالربوبية لله، بل كان ذلك ظنا وتخرصا منهم. يقول الدكتور الفهيد: “غلط كبير من الكاتب: كرّر الكاتب مقالةً خطيرة؛ فقال في كتابه هذا في ص٨٠-٨١: [إن المشركين كانوا أصحاب ظن وتخرُّص… فمن يثق بخبر المشركين عن أنفسهم في دعواهم الإقرار بالربوبية قد وثق بكذَّاب جهول، أو شكاك مرتاب لا يثبت على يقين، والمصيبة أنه قد اعْتُمِد على هذا الإقرار الكاذب الجاهل في تكفير أهل الشهادتين].
ومآل هذا الكلام ومؤدّاه: ردٌّ لخبر الله العليم الخبير عن هؤلاء المشركين.
والذي يؤمن بكلام الله يعلم أن الله بيّن أقوالهم وما تُكِنُّهُ صدورهم، لا يشك في خبرِ اللهِ عنهم، وأما زَعمُ الكاتب أنه لا يوثق بخبر المشركين، فإنّ زعمه نُقَابله بالآيات الواضحة، فالذي أخبر عنهم هو الذي يعلم السر وأخفى، ومن صدّق بكلام الله تعالى صدّق بأن هذا الكلام قد قاله الكفار والمشركون.
وليس الوثوق هنا مصدره من كلام المشركين استقلالا وانفرادًا، وإنما نثق بخبر الله تعالى عن أحوالهم وعقائدهم…
وعلى هذا التقدير فما الفائدة من ذكر أقوال الكفار والمشركين واليهود والنصارى في القرآن إذا كانت كلها أقوالًا لا يعتقدونها؟!…
وأما قول الله تعالى: ﴿انظُرْ كَيْفَ كَذَبُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ﴾ [الأنعام: ٢٤]، فهذا حاصل يوم القيامة، وليس الكذب في قولهم: (الله الذي خلقنا)، ولكن المعنى أنهم يتبرؤون من الشرك، ومن عبادة غير اللّه، ويتنصّلون من ذلك تهربًا منهم يوم القيامة؛ فقال تعالى: {انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} [الأنعام: 24].
وهذا أمر واضح؛ فلا أدري كيف اشتبه عليه! وزعم أن هذا تكذيب لإقرارهم بأن اللّه هو خالقهم!
وأما الآيات التي فيها أن المشركين أصحاب ظن وتخرص فيما يتعلق بالله، فلا تدل على أن قولهم: (الله خالقنا) تخرصٌ وظنٌّ منهم؛ بل هذا أمر مستقر عندهم، ولم ينكره الله عليهم كما أنكر عليهم تخرصاتهم الأخرى، مثل ما حكى الله قولهم في تسميتهم آلهتهم، وفي ظنهم أن الملائكة إناث، ونحو ذلك.
ومن جهة أخرى فمعلومٌ أن المشركين في مكة لا يحبون أن يؤثر عنهم الكذب، فهل كفار قريش كانوا يرضون لأنفسهم بالكذب؟!
ثم إن كلامه هذا يدل على أنَّ توحيد الربوبية عنده يحتاج إلى أدلة وبحث وإثبات، وأنه ليس بدليل ظاهر بالفطرة والضرورة العقلية والسمعية؛ كحال الأشاعرة وغيرهم من المتكلمين الذين أفرغوا كل جهدهم في إثبات هذا التوحيد؛ لظنهم أنه الغاية من الخلق، فأنكروا إثباته بالفطرة والضرورة، وأهملوا توحيد العبادة”([21]).
ومن الشبهات: أن المشركين كانوا يرون التلازم بين الألوهية والربوبية:
قال الدكتور الفهيد: “أمر جلل وقع فيه الكاتب: قول الكاتب ص٢٢: [ولو أن المشركين لا يرون تلازمًا بين الربوبية والألوهية لكانوا عندما كرر الله عليهم الاحتجاج بأنهم ضالون ظالمون بعبادة من لا يخلق ولا يرزق ولا يدبر قد قالوا في رد حجة الله عليهم: ومن قال: إن الألوهية عندنا لا تصلح إلا للرب؟! ومن ذا الذي يوجب علينا أن لا نؤله بالعبادة إلا الخالق المالك الرازق ذا السلطان المطلق في خلقه؟!].
والرد عليه: أن الله تعالى بيّن حال المشركين واعتقادهم وما قالوه للرسل عليهم الصلاة والسلام، فإن المشركين معترفون بأن الله خالقهم، وإذا دُعوا إلى عبادته وحده نفروا وأبوا…
وقول الكاتب: [لا يرون تلازمًا بين الربوبية والألوهية… ومن قال: إن الألوهية عندنا لا تصلح إلا للرب؟!] معنى هذا أن الكاتب يعتقد أن الربوبية والألوهية شيء واحد، وهذا سبق بيان خطئه وضلاله فيه عدة مرات، وكررته لأجل إيضاح أنَّ تقسيمه التوحيد في أول الكتاب إلى ثلاثة أقسام لا يستقيم مع ما ذكره في مواضع من کتابه.
وقوله في سياق حجة المشركين: [ومن قال: إن الألوهية عندنا لا تصلح إلا للرب؟!] معنى هذا أنهم يقولون: إن الألوهية تصلح للرب وتصلح أيضًا لمن ليس برب، فلا تلومونا إذا صرفنا الألوهية لمن ليس برب! فاعترف الكاتب أنهم يصرفون الألوهية لغير معنى الربوبية، وهذا مما يؤكد فساد تصوره، وبطلان دعواه اعتقادهم التلازم بين الربوبية والألوهية.
قال تعالى: {وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ * أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ * وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ} [ص: 4-6]، فصرحوا أن الألوهية -وهي العبادة- تصرف في اعتقادهم لله ولغيره من معبوداتهم، ولم يقولوا: إن الربوبية لله ولغيره.
وتأمل هذه الآية وأعد النظر في معناها مرة بعد مرة: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} [يونس: 18].
أليس في قولهم عن المعبودات الباطلة: (شفعاؤنا) أوضح دليل أنهم لا يعتقدون ربوبيتهم؛ وإلا لوصفوهم بأعلى وصف يستحقونه وهو أنهم أرباب أو نحوه؟! فكيف يصفونهم بوصف هو أقل، وهو أنهم شفعاء والشفيع طالب محتاج سائل متجه إلى من يرجو منه قبول الشفاعة؟! فهذا حال المشركين واعتقادهم فيمن عبدوهم، وسمى الله تعالى فعلهم عبادة لغيره؛ فقال: ﴿وَيَعْبُدُونَ﴾، ووصفهم بالشرك في قوله: ﴿سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾”([22]).
نقض شبهات: (المبحث الثاني: وجود صورة من صور الشرك في الربوبية لا تعارض الإثبات المجمل للربوبية يقطع ببطلان احتجاجهم بآيات إثبات المشركين المجمل للربوبية)([23]):
قال الدكتور الفهيد: “الرد على شبهة الكاتب أن المشركين لما عبدوا غير الله اتخذوه وليًّا من الذل وظهيرًا وعضيدًا، وأن من فعل ذلك من المسلمين وعبد غير الله ولم يعتقده وليًّا من الذل فلا يضر إسلامه:
أطال الكاتب الكلام من ص٣١ إلى ص٥٤ تحت عنوان: [المبحث الثاني: وجود صورة من صور الشرك في الربوبية لا تعارض الإثبات المجمل للربوبية يقطع ببطلان احتجاجهم بآيات إثبات المشركين المجمل للربوبية].
وقد ظنّ أنّ الولي من الذل الذي يعتقده المشركون يقتضي بأنهم يعتقدون في معبوداتهم الربوبية وهم بهذا مشركون بالربوبية وإن أقروا بأن الله هو الخالق، وفي أثناء هذا المبحث ادعى أن ابن تيمية رجع عن قوله في شرك العبادة أو أنه متناقض.
وأورد في هذا الموضع ما محصله أنَّ المشركين مع إقرارهم بأن الله الخالق ولا خالق غيره، إلا أنهم أشركوا في الربوبية في صورة معينة، وعليه فلا يمكن أن يكون الشرك في العبادة دون شرك في الربوبية.
وتوصل بفهمه المغلوط إلى هذه النتيجة من خلال ثلاثة مواضع من كتاب الله، يزعم أنها بمنزلة الشرط والقيد، وهي: صورة (الولي من الذل)، وصورة (الظهير المعين)، وصورة (العضيد المساعد).
وجعل معنى هذه الأمور الثلاثة حجة في عدم وقوع شرك في العبادة من أي مكلف إلا وهو مشرك في الربوبية، وزعم أنَّ هذه المواضع تدل على أنَّ إثبات المشركين المجمل بالربوبية يقع معه ولا بد شرك في الربوبية!
ويتعجب هذا الكاتب ص٣٢ من شدة غفلة أهل العلم عن هذه النتيجة التي توصل إليها مع أن الكاتب قام بتنبيههم منذ سنوات!
أما الموضع الأول فهو يزعم فيه اعتقاد المشركين (أن لله وليًّا من الذل)، ومعناه عند الكاتب: أن الكفار المشركين يعتقدون أن الله محتاج لمن يعينه وينصره ويشير عليه، فهم نسبوا إلى معبوداتهم القدرة على التأثير على أوامر الله، واعتقدوا أن الله لا يقدر على تسيير ملكه إلا بهؤلاء الوزراء، وهذا هو الشرك في الربوبية الذي وقع فيه المشركون.
ثم جعل هذا المعنى بمنزلة الشرط والقيد في كل عبادة تصرف لغير الله، ويصف أهل تلك العبادات الشركية بالمسلمين، ويزعم أن هذا هو المنتشر في العالم الإسلامي، وأن أهل العلم كفَّروهم بغير حق… إلخ كلامه المتقدم، هكذا أرهق نفسه وألّف هذا الكتاب لهذا الغرض، نسأل الله العافية والهداية لنا وله ولجميع المسلمين”([24]).
والرد عليه من طريقين:
الطريق الأول: الرد المجمل: وهو أن نردَّ المشتبه إلى المحكم، فقد بيَّن الله تعالى إقرار المشركين بالربوبية، وأنَّ ذلك الإقرار لم يكن نافعًا لهم بسبب عبادتهم غيره.
الطريق الثاني: الرد المفصل على الكاتب:
فقوله تعالى: ﴿وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلِّ﴾ [الإسراء: ١١١]، وقوله تعالى: ﴿قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَه﴾ [سبا: ٢٢]، وقوله تعالى: ﴿وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا﴾ [الكهف: 51]، كل هذا بيان من اللّه تعالى لكماله المقدس وغناه عن خلقه، وأنه الملك الحق المبين، الذي لا شريك له في ملكه ولا معين ولا ظهير، ولا يشفع أحد عنده إلا بإذنه، وفي الآيات بيان بطلان عبادة غير الله؛ لأن كل معبودات المشركين فيها النقص والعجز والحاجة، وهو أمر ظاهر فيها وفيمن يواليها.
وأما اعتقاد المشركين في معبوداتهم أنها بمنزلة الوزراء عند الملوك فلا يتعارض مع إقرارهم بأن الله هو الذي يدبر الأمر وهو الخالق الرازق، فصح قول أهل العلم بإقرار المشركين بالربوبية؛ لأن اعتقاد المشرك أن من يعبده من دون الله مشير وظهير ليس منافيًا لقوله: إن الله الخالق.
فهؤلاء الذين ظنوا فيهم هذا الظن لا يعتقدون فيهم أنهم يخلقون أو يدبرون، والمشركون أغلبهم يعلمون أن اللّه غني عنها وعن جميع خلقه، ولهذا في تلبيتهم يقولون عمن عبدوهم مع الله: (تملكه وما ملك).
هذا من خلال سياقها ودلالة الاقتران، فقوله تعالى: ﴿وَلمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلِّ﴾ [الإسراء: ١١١] سبقه بقوله: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ} [الإسراء: 111]، ومعلوم أن المشركين لم يدعوا لآلهتهم أنها شريكة لله في الملك، كيف وهم في تلبيتهم يقولون: (تملكه وما ملك)؟! فالله أقام عليهم الحجة باعترافهم بتفرده تعالى بالملك، فكذلك في قوله: ﴿ولمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلِّ﴾ فهم معترفون بهذا، وبه أقيمت عليهم الحجة، ومثله القول في الآية الثانية والثالثة.
نقض شبهات: (المبحث الثالث: النصوص الدالة على أن شرك المشركين كان في الربوبية مع شركهم في العبادة)([25]):
وقد ذكر في هذا المبحث شبهات عديدة، ويعدّ هذا المبحث مع الأول لبَّ الكتاب، حيث ذكر شبهات القائلين بوجوب اشتراط اعتقاد الربوبية حول حقيقة شرك المشركين:
قال الدكتور الفهيد: “الرد على شبهته الأولى ص٥٥: وحاصل كلامه: أنَّ المشركين يعتقدون في آلهتهم العز والمنعة والنصرة، ويطلبون ذلك منها، وذكر عددًا من الآيات، ونقل في الحواشي بعض النقول عن المفسرين، ثم قال ص٥٨: [فكيف يتجاهلون هذه الآيات التي تبين حقيقة شرك المشركين، وأنه شرك في الربوبية، حتى إنهم كانوا يعتقدون أن آلهتهم تمنعهم من عذاب الله وأنها تنصرهم في الدنيا؟!].
وللرد عليه نقول: إنَّ هذه الآيات لم يتجاهلها أهل العلم؛ بل التجاهل للحق وأدلته هو شأن أهل البدع والأهواء. وأما أهل العلم والإيمان فقالوا بموجبها، وآمنوا بها، وعلموا أن كلام الله لا يتناقض؛ فالله تعالى حكى عن المشركين اعترافهم بأنَّ الله هو الخالق الرازق المدبر، وحكى عنهم أيضًا أنهم اتخذوا آلهة من دون الله ليكونوا لهم عزًّا، ولعلهم ينصرون”([26]).
وقال الفهيد: “ويقال له: إنَّ الله تعالى حكم بكفرهم وشركهم لمَّا صرفوا لها الدعاء والعبادات، ولم يعلق الله سبحانه الحكم بكفرهم على تلك الأسباب التي يذكرها الكاتب، فقال تعالى: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} [المؤمنون: 117]، فحكم عليه بالكفر بدعائه مع الله معبودًا غير اللّه، وهذا صريح أنَّ الحكم على فعل المكلف.
وهكذا قوله تعالى: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} [فاطر: 13] فلو قال المشرك: إنّني أعتقد أنَّ الذي أدعوه من دون الله يسمع دعائي؛ لم يكن هذا رافعًا لحكم الكفر والشرك عنه، ثم قال: ﴿وَلَوْ سَمِعُواْ مَا اُسْتَجَابُواْ لَكمْ﴾، فلو قال المشرك: إنه استجاب لي؛ لم يكن هذا مؤثرًا في منع الحكم بالكفر والشرك، ثم قال: ﴿وَيَوْمَ اُلْقِيَمَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ﴾ فسماه شركًا، وهو أعلم بما يقوم بما في نفوس العباد.
والمخالف أراد أن يأخذ من الآيات التي فيها أن المشركين اتخذوا معبوداتهم للنصر والعزة والمنعة والتخويف والنفع والضر على أنَّ هذه مسوغاتٌ مؤثرة، إذا لم توجد لم تكن العبادة لغير الله شركًا، وهذا من الخطأ والضلال”([27]).
ومن الشبهات أيضا:
ما ذكره الدكتور الفهيد في قوله: “الرد على شبهته الثانية ص٥٨: وحاصل استدلاله: [أن المشركين ما كانوا يدعون آلهتهم إلا لترزقهم وتنصرهم وتشفيهم وتحقق رغباتهم، وهذا هو اعتقاد الربوبية فيهم ما داموا يعتقدون فيها التأثير في الرزق والنصر والتدبير إما استقلالا أو شركة أو إعانة، ومنها قبول الله شفاعتهم لحاجته إليهم]([28]).
والرد عليه: أن طلب شفاعتهم قسم رابع ليس هو طلب إعانتهم، وقد كفَّر الله سبحانه من عبد غيره طلبًا لشفاعته عند الله، كما قال تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} [يونس: 18]، فالشفاعة هي أصل شبهة المشركين والحجة التي تعلقوا بها في شركهم، كما قرر ذلك أهل العلم…
ويُردُّ على الكاتب في استدلاله هذا بالرد نفسه على استدلاله الأول، فإن الله تعالى بيَّن أنَّهم يعتقدون أنَّ الرزق من عند الله ويعترفون بذلك، ويناقضون أنفسهم فيدعون غيره؛ ابتغاء أن يشفع لهم عند الله، فيتحقق النصر والشفاء ببركتها وبتقربهم إليها.
والتوجه من المشرك إلى هذا المعبود من دون الله -المؤثر على الله بزعمه- عندما يتوجه إليه وإلى الله تعالى في الدعاء، فيدعوه مع الله، وقد يدعوه من دون الله عند شدة الحاجة؛ لكشف ضر أو جلب نفع؛ فهذا لا يخرج عن كونه شركًا في الألوهية، والعبرة بحقيقة الشرك لا بأصناف الشركاء، فلا فرق بين من أشرك بالله مَلَكًا أو نبيًّا، أو من أشرك به كوكبًا أو حجرًا أو شيطانًا، فكل من صرف العبادة لغيره فقد أشرك بالله مهما كان تعليله وتسويغه.
ويقال للكاتب: هذا الذي في الآيات الكريمة من الحجج التي ذكرها الله تعالى عن المشركين هي موجودة بعينها في المشركين المتأخرین. فهؤلاء الذين يحجون إلى القبور يقصدون ما يقصده المشركون الذين يقصدون بعبادة المخلوق ما يقصده العابدون لله.
فمنهم من يقصد قضاء حاجته وإجابة سؤاله من الرزق والشفاء والمدد، وهو يقول: هؤلاء أقرب إلى الله مني، فأنا أتوسل بهم وهم يتوسطون لي في قضاء حاجتي، وقد ينذر لهم ليرضيهم، ومن هؤلاء من يظن أن القبر إذا كان في مدينته أو قريته فإنهم ببركته يرزقون وينصرون، وأنه يندفع عنهم الأعداء والبلاء بسببه. فما الفرق بينهم وبين المشركين الأولين؟!”([29]).
ومن الشبهات أيضا:
ما ذكره الدكتور الفهيد في قوله: “الرد على شبهته الثانية عشرة ص٨٢: وحاصلها: أن الكفار يبغضون توحيد الله، ويشمئزون من ذكره، فكيف يوصفون بأنهم موحدون في الربوبية؟! وذكر قول أبي سفيان يوم أحد: (اعْلُ هُبَل)، فهذا عنده دليل على أنهم يعتقدون في معبوداتهم الربوبية.
والرد عليه: أن هذا غير صحيح، فالمشركون يبغضون توحيد الله؛ أي: إفراده بالعبادة ويشمئزون من ذلك، وإلا فهم يعلمون أن الله خالقهم، ويقول قائلهم: (اللّهم لا تُرع)، ويقول قائلهم: (لبيك اللهم لبيك)، ويقول قائلهم: (وللبيت رب يحميه).
فهم لا يتضايقون من الإقرار بالربوبية ولا يشمئزون من ذلك، وأما قول أبي سفيان فالمراد دينهم وعبادتهم، فهو يقول: (اعلُ هُبَل) أي: قد ظهر دينك وعلا على من ينهى عن عبادتك، وهُبَل هو صنمهم الأكبر.
فعداوة المشركين للنبي صلى الله عليه وسلم إنما كانت لأجل دعوته إلى التوحيد الخالص من جميع شوائب الشرك، فهو -أي: أبو سفيان حين كان مشركا- لا يجحد وجود الله وأنه الخالق، ولا يعتقد أن صنمه هُبَل أعلى من الخالق”([30]).
نقض شبهات: (المبحث الرابع: أثر تعريف الإله في بيان تلازم الربوبية بالعبادة)([31]):
قال الدكتور الفهيد: “وخلط الكاتب في هذا المبحث خلطًا عجيبًا، جمع بين تقرير كلام علماء الكلام المبتدعة، والتناقض، وعدم الفهم، وتنقّصِ أهل العلم.
وخلاصة كلامه (… أن معنى الإله في لغة العرب هو المستحق للعبادة…)”([32]).
ثم يقول: “فالمقام الأول: هو محل البحث، فتجد أن الكاتب يغلط فيه كمن سبقه ليقرر أن معنى الإله في اللغة هو: المعبود بحق، وهذا الغلط الأول، فإن علماء اللغة لا يقولون بهذا، ولا يقول به سائر علماء المسلمين حين يُعَرِّفون الكلمة من حيث اللغة…
والغلط الثاني عند الكاتب: أن الخبر عند الكاتب مقدر بـ(موجود أو أحد) لا يكون تقديره عنده (بحق أو حق)، فإنه لا بد من تقديرٍ لخبر (لا) المحذوف.
فإن إعراب كلمة التوحيد ببيان أن (لا) نافية للجنس، (إله) اسم (لا) مبني معها على الفتح في محل نصب، منفي بـ(لا)، والإله جنس يتناول كل معبود من بشر أو حجر أو شجر أو مدر أو غير ذلك، فهذا الجنس على تعدد أفراده منفي بـ(لا)، وخبر (لا) محذوف على الصحيح كما في الآيات، تقديره (حق)، و(إلا) أداة استثناء، ولفظ الجلالة (الله) هو المستثنى بـ(إلا) بدل من (لا) واسمها، والاستثناء من الخبر، فالله هو: الإله الحق وعبادته حق، وقوله الحق، والصحيح: أنه مُخْرَجٌ من اسم (لا) وحكمِه، كما قرره العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى. فهذا إعراب كلمة الإخلاص، الذي يعرفه أهل العربية وغيرهم من العلماء في إعرابها”([33]).
ومن الشبهات أيضا:
متا ذكره الدكتور الفهيد في قوله: “الرد على شبهتين للكاتب:
ظن الكاتب أن العبادة لا تسمى عبادة إلا إذا صرفت لمن اعتقد فيه عابده صفات الألوهية التي هي عنده خصائص الربوبية! واحتج بشبهتين في ص٩٣-٩٤:
الأولى: أنَّ العربَ لديهم عبيدٌ مماليك خاضعون لأسيادهم، وربما سجدوا للملوك والسادة، ولم يسموهم آلهة.
والثانية: أن العرب اختلفوا في أنواع شركهم، ومع ذلك لم يطلقوا على معبودات غيرهم من مشركين آخرين أنها آلهة، ويقول: (فعلامَ إنكار بعضهم تسمية بعضهم الآخر معبودات غيرهم آلهة، لو كان مطلق وقوع العبادة يوجب تسمية المعبود عند العرب إلهًا). ولولا أن الإله عند العرب هو من اتصف بصفات توجب عندهم تخصيصه بهذا الاسم (لما اختلفوا فيما يطلقون عليه هذا الاسم، ولكان أي معبودٍ لدى بعضهم إلها عند جميعهم، ومن المعلوم قطعًا أن العرب ما كانوا متفقين على آلهتهم، وأن منهم من لا يعترف بألوهية آلهة كان يؤلهها غيره).
ومراده أن لفظ الإله في إطلاقات العرب مقيد باعتقاد أنه الخالق الرازق المدبر، ويزعم أن هذا اللفظ (الإله) بإطلاقه اللغوي هو المعبود بحق.
والرد عليه: بأن العبرة بما قرره اللّه عليهم في القرآن، فالله تبارك وتعالى سمى معبوداتهم الباطلة آلهة ومرت آيات كثيرة في الاستدلال على هذا، كقوله تعالى عن المشركين أنهم قالوا: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص: 5]، وما حكاه عن العرب وموقف مماليكهم منهم إنما حكاه من تلقاء نفسه، والكاتب ليس بعمدة في نقل اللغة ومعرفة تقريرات العرب ولغاتهم.
وكون العرب سَمّوا ما يعبدونه آلهة، ولم يسموا ما يعبده غيرهم آلهة، كلام باطل مخالف لواقع العرب، ومخالف لما قرره القرآن الكريم عنهم، فقد ذكر الله تعالى عن المشركين أنهم قالوا: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص: 5]، {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} [نوح: 23]، ومعلوم أن هذه صارت أصنامًا، وكل قبيلة وحيٍّ من العرب اتخذ أحدَها معبودًا له.. فسماها القرآن آلهةً لهم، وهم سموها: (آلهتنا) (آلهتكم)، وقد أجمعوا على محاربة النبي صلى الله عليه وسلم وتكذيبه، واتفق جميع المشركين مع تنوع عباداتهم الشركية واختلاف نوع من يعبدونه على عداوة النبي صلى الله عليه وسلم وتكذيبه والدفاع عن معبوداتهم.
ولذلك ذكر الله عن إبراهيم الخليل أنه كسّر أصنامهم وترك كبيرًا لهم، فكل هذه الأصنام اتخذوها معبودات لهم، ويدافع بعضهم عن بعض حتى لو لم يتجه إلى كل واحدٍ من تلك الأصنام جميعهم.
بل أوضح من هذا: أن الواحد من المشركين يعبد صنمًا ثم يتركه ويعبد غيره، ويضع صنمًا من تمر ثم يأكله، فهم في غيهم متفرقون.
وبهذا يعرف بطلان ما زعمه أن المشرك إنما يعتقد في صنمه الذي يعبده الإلهية ولا يصف بذلك صنم غيره الذي لا يعتقد فيه، بل هذا المشرك يقول عن صنم غيره: إن غيره قد اتخذه إلها، وهذا من أوضح الأمور.
فليست العبرة بعدم اعتقاد المشرك ما يعبده غيره إلها، بل النظر والاعتبار في أن كل المشركين قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم وبعد مبعثه صرفوا العبادة لغير الله تعالى، وتنوعت معبوداتهم، فكل منهم اتخذ آلهة دون الله يعبدها، فتسميتهم لما يعبده غيرهم آلهة أو عدم تسميتهم لها بذلك الوصف غير مؤثر في المعنى اللغوي لكلمة (الإله) في لغة العرب([34]).
نقض شبهات: (المبحث الخامس: أثر تعريف العبادة في بيان تلازم الربوبية بالعبادة)([35]):
قال الدكتور الفهيد: “الرد على الكاتب في ادعائه أن لفظ العبادة لغة يلزم منه اعتقاد الربوبية:
اشتمل هذا الموضع من كتابه على شبهة قديمة، أراد الكاتب الترويج لها، وهي: أن العبادة لا تكون عبادة إلا إذا صرفها العابد لمن يعتقده ربًّا، أو جعل له صفات الربوبية كالاستقلال بالنفع والضر، وأما إذا لم يعتقد أنه ربّ، ولم يعتقد فيه صفات الربوبية، فلو صرف له العبادة فلا تسمى عبادة…
وقد بين أهل اللغة أن معنى العبودية في اللغة هي الذل والخضوع”([36]).
ومن الشبهات المتعلقة بتعريف العبادة:
قال الدكتور الفهيد: “الرد على الكاتب فيما أثاره من شبهات في بيان معنى العبادة لغة واصطلاحًا:
أولًا: تناقض الكاتب: فهو بعنوانه الذي وضعه ص٩٧: فقال: [أثر تعريف العبادة في بيان تلازم الربوبية بالعبادة]، فالكاتب هنا زعم أن الربوبية ملازمة لمعنى العبادة في اللغة، بينما في ص١٠٤ حين قال [فإن قيل: لكن هذا التعريف لا يوافق التعريف اللغوي الذي جعل العبادة غاية الخضوع والذل]، فأجاب بـ[من جمد عند فهمه القاصر الذي تمسك بظاهر لفظ التعريف اللغوي للعبادة..]، فهذا اعتراف منه بأن التعريف اللغوي للعبادة مخالف لتحريفاته.
وكل مشرك عبد غير الله تقليدًا لآبائه وأسلافه من غير اعتقاد منه في معبوده أنَّ فيه صفات الربوبية؛ لا يقال: إنه ليس بمشرك لأجل إقراره بالربوبية.
وبهذا التعريف للعبادة يكون قول المشركين في الجاهلية: (لبيك لا شريك لك، إلا شريكا هو لك، تملكه وما ملك) منجيًا لهم من الشرك والكفر؛ فقولهم: (تملكه وما ملك) نفي للربوبية عن الشريك، فهل يقول عاقل مثل هذا؟!
ثم إن هذا القيد لم يذكره أئمة الإسلام في التفسير والفقه والحديث، فهم يصفون من يسجد لغير اللّه ويستغيث بغيره بأنه مشرك، ولا ينتظرون أن يقال: هل يعتقد فيمن عبدهم أنهم خلقوا أو رزقوا أو نحو ذلك من معاني الربوبية.
ثم يقال لهؤلاء: إنكم بهذا التقرير لمعنى العبادة لا يكون عندكم فعل أهل الجاهلية -بصرف الدعاء والسجود والعكوف والذبح والنذر لغير الله- شركًا، وإنما يكون الشرك ما قام بقلوبهم من اعتقاداتهم أن معبوداتهم تتصرف في الكون وتخلق وترزق وتدبر!
وهذا الأمر قد نفاه الله تعالى وبين أن المشركين لا يعتقدونه.. ونجد أن الله تعالى في القرآن حكم عليهم بالكفر والشرك بنفس تلك العبادات، ولم يجعل الأمر منوطًا بشيء في قلوبهم، وإن كان القلب لا بد أن يكون فيه من الكفر ما فيه”([37]).
نقض شبهات: (المبحث السادس: التحدِّي بذكر الفارق بين العبادة وغيرها من أعمال القلوب والجوارح)([38]):
قال الدكتور الفهيد: “الرد على الكاتب فيما ذكره في المبحث السادس من ص١٠٩ إلى ص١١٨ بعنوان: [التحدي بذكر الفارق بين العبادة وغيرها من أعمال القلوب والجوارح]:
ومن شبهات الكاتب أنه يتحدى من يخالفهم بمطالبته بذكر الحد الفاصل بين عمل القلب الذي هو عبادة وعمل القلب الذي ليس بعبادة.
هذا خلاصة كلامه، ويريد بذلك أن يقرر أن الحدَّ الفاصل المميز هو: اعتقاد الربوبية في المصروف إليه العبادة”([39]).
ثم قال: وسبب الغلط الذي وقع فيه هو عدم الفرقان بين الحق والباطل، وعدم التمييز بين الأنواع المختلفة المتباينة.
وكذلك من أسباب غلطه: عدم التمييز بين تصديق القلب وعمله، وبينهما من الفرقان ما لا يخفى.
وصار في كلام الكاتب التسوية بين المتفرقات، فهو يجعل حبَّ العشق مثل حبِّ العبادة، ويشبِّه على مَنْ لا تمييز عنده ليجعلهما نوعًا واحدًا…
ويكفي في معرفة فساد تصوره للأمر أنه يجعل حب الله تعالى -وهو حب العبادة- مثل من يحب مخلوقًا حبَّ شهوة أو عشق حتى يصيبه الجنون أو المرض أو الموت بسبب هذا الحب، ويجعل النوعين نوعًا واحدًا!
ثم قرر الدكتور الفهيد مذهب أهل السنة والجماعة في الحب والخوف وغير ذلك.
نقض شبهات: (المبحث السابع: بعض أهم الاستدلالات الباطلة التي يفرح بها المبطلون)([40]):
وقد ذكر في هذا المبحث الأدلة التي استند عليها من قال بهذا القول، أعني: اشتراط اعتقاد الربوبية، وقد ناقشها الدكتور الفهيد آية آية.
أهم مميزات كتاب الدكتور الفهيد:
أولا: حسن الترتيب، خاصة في الإطار العام للكتاب، فقد مشى على ترتيب كتاب د. العوني، وهو ما يسهل وييسر للقارئ معرفة مواضع النقاش، ومناقشتها في كتاب الدكتور الفهيد.
ثانيا: كثرة الاستدلال بالأدلة الشرعية، فلا يذكر الدكتور الفهيد مسألة إلا ويستدل لها من الكتاب والسنة وأقوال أهل العلم، ويفيض الكلام في الأدلة وأوجه الدلالة.
ثالثا: الاهتمام بالنقل عن أئمة الدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ومن بعده، فقد نقل عنهم نقولا كثيرة تبين الموقف الصحيح لأهل السنة والجماعة من هذه المسألة، وردودهم على ما ذهب إليه المردود عليه.
رابعا: لم يغفل الدكتور فهد الفهيد ما استدل به أصحاب هذا القول، فلم يكتف ببيان القول الصحيح وأدلته بل ذكر أدلتهم؛ سواء من القرآن أو السنة أو حتى من أقوال العلماء.
خامسا: حسن الإخراج، فقد ميّز كلام المردود عليه بلون مختلف، واعتنى بالإخراج الجيد الذي يسهل القراءة والتتبع.
سادسا: أنه لم يكتف بمناقشة المسائل، بل اهتم بالمنهج العلمي، فقد أظهر مثلا تناقضات المردود عليه، يقول مثلا: “أَوْهَمَ الكاتب القراء حرصه على عدم تكفير المسلمين وأن المردود عليهم يكفرون المسلمين فيقول في ص١٥: [من صور التكفير الباطلة: تكفير أهل الشهادتين بادعاء صرفهم العبادة لغير الله مع أن أهل الشهادتين مقرُّون بتفرد الله تعالى بالربوبية]. ظاهر هذا النص مناقضٌ لكلامه السابق؛ فإنه قبل ذلك قال معترفًا على نفسه ص٧: [من صرف شيئًا من العبادة لغير الله فقد أشرك بالله، فإن كان من أهل الشهادتين قبل الشرك فقد ارتدَّ وأشرك بصرفه العبادة]، فحكم على أهل الشهادتين بالردة بصرف العبادة لغير الله؛ لكنه قال هنا ص١٥: [من صور التكفير الباطلة: تكفير أهل الشهادتين بادعاء صرفهم العبادة لغير الله]، ثم قرَّر ص١٥: [أن عامة أهل الشهادتين هم موحدون في الربوبية قطعًا، وأنه لا وجود لشرك في العبادة إلا بنقض توحيد الربوبية]؛ فهو يقول: إنه لا يمكن ممن نطق بالشهادتين صرف العبادة لغير الله”([41]).
وقال: “من أغلاط الكاتب وضعه شرطًا وهو: أنه لا بدَّ من التأكد أن اعتقادهم القلبي لا يتضمن إنكار الخالق أو جعل شريك معه في الخلق.
قال الكاتب في ص١٥-١٦: [إن لوقوع شرك العبادة من أي شخص شرطًا، فإن تحقق من أي أحد فقد وقع في الشرك…]، وقال في نفس الصفحة: [وإنه لا وجود لشرك في العبادة إلا بنقض توحيد الربوبية].
يقصد بذلك الشرط وجودَ نقضٍ لتوحيد الربوبية، فإذا لم يوجد نقض لتوحيد الربوبية فإنه لم يشرك في العبادة، وبالتالي جعل من يقع في شرك العبادة باقيًا على إسلامه حتى يقع في شرط الكاتب.
هذا هو زبدة الكتاب وخلاصته، وهو أن العبرة بتوحيد الربوبية فقط، وعليه فمن قال: إن الله هو الخالق وحده فقوله هذا دليل أنه سوف يفرده بالعبادة ولن يشرك به شيئا!
وكلامه هذا مناقضٌ لما تقدم من قوله في ص٧: [إن توحيد الله تعالى يقوم على إفراد الله بالربوبية والألوهية وصفات الكمال المطلق، وأن الإخلال بالربوبية كفر، وأن صرف الربوبية أو بعضها لغير الله شرك به مناقضٌ للتوحيد، ومخرجٌ من ملة الإسلام، وأن من صرف شيئًا من العبادة لغير الله فقد أشرك بالله، فإن كان من أهل الشهادتين قبل الشرك فقد ارتد وأشرك بصرفه العبادة…].
إذن فقوله السابق في تقسيم التوحيد إلى ربوبية وألوهية وأسماء وصفات لا يستقيم مع ما ذكره هنا، فهو يقول: إن من أتى بالربوبية فإنه لا يمكن أن يشرك في الألوهية.
والقول بالحكم بإسلام من وقع في الشرك في العبادة إذا كان مقرًّا بالربوبية من جنس أقوال المرجئة الغلاة الذين يجعلون الإيمان هو التصديق، والكفر لا يكون إلا بالاستحلال والتكذيب([42]).
وقال: “قول الكاتب: [حكم بعض الأفعال المحرمة التي أدخلها الغلاة في الشرك].
ظاهر كلامه أنه يخص (بعض الأفعال) مع أنه لا يخصّ بعضًا دون بعض، بل جميع الأفعال عنده لا يمكن أن تدخل في الشرك بمجردها، بل لا بدَّ من اعتقاد مرتكبها الربوبية في غير الله، وهذا مذهب فاسد غاية الفساد كما سيأتي بيانه بحول الله.
وسيأتي في ص٣٠ قول آخر للكاتب لا يخص بعض الأفعال المحرمة بل يقول: [العمل لا يكون عبادة إلا إذا صرف لمن اعتُقدت فيه الربوبية أو بعض خصائصها]. وسيأتي في ص١٧٤ قول الكاتب: [وبذلك يتبين خطأ المكفرين بشرك العبادة من المعاصرين].
فلماذا يقول في أول الكتاب: [حكم بعض الأفعال المحرمة التي أدخلها الغلاة في الشرك]؟! لماذا لم يوضح ويوقل: حكم جميع الأعمال التي لا يعتقد فاعلوها فيمن صرفت إليه الربوبية؟!”([43]).
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)
([1]) رفع الاشتباه عن معنى العبادة والإله وتحقيق معنى التوحيد والشرك بالله (1/ 3-4).
([2]) https://salafcenter.org/4261/
([3]) https://salafcenter.org/6961/
([4]) https://salafcenter.org/8847/