السبت - 24 محرّم 1447 هـ - 19 يوليو 2025 م

أشهر من امتُحنوا في مسألة خلق القرآن

A A

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة

مقدمة:

إن فتنة القول بخلق القرآن من أعظم الفتن التي مرت بالأمة الإسلامية، وأشد المحن التي امتحن الله بها كثيرًا من العلماء والصالحين، حيث تعرض لها أئمة أعلام وفقهاء كبار، فثبتوا على الحق، ورفضوا الخضوع للبدع وأصحابها، وأفنوا أعمارهم في الذب عن عقيدة أهل السنة والجماعة، مؤكدين أن القرآن كلام الله غير مخلوق.

وأشهر من امتحن بالقول بخلق القرآن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، ولكنه ليس وحده من اكتوى بنار هذه الفتنة، بل سبقه ولحقه كثير من الأئمة الكبار، وفي هذا البحث عرض لصور من مواقف أشهر العلماء الذين ابتلوا بهذه المحنة العظيمة، وكيف واجهوا الابتلاء بالثبات والإيمان والصبر واليقين.

وقد أُعد هذا المقال إسهامًا في توثيق تلك المواقف وإبرازها ضمن جهود مركز سلف للبحوث والدراسات في بيان الحق ونصرة عقيدة أهل السنة والجماعة.

مركز سلف للبحوث والدراسات

 

أولًا: نبذة عن محنة خلق القرآن وموقف أهل السنة والجماعة منها:

الخلاف حول خلق القرآن من أعظم الفتن العقدية التي وقعت في تاريخ الإسلام، حيث نشأت هذه القضية في العصر العباسي، وأدت إلى محن عظيمة لأهل السنة، خاصة في زمن المأمون والمعتصم والواثق، وقد انقسم العلماء والمتكلمون إلى فريقين:

 – القائلون بأن القرآن كلام الله غير مخلوق: وهم أهل السنة والجماعة.

– القائلون بخلق القرآن: وهم المعتزلة ومن تأثر بهم.

أصل المسألة ونشأتها:

بدأت هذه الفتنة عندما تأثر بعض المسلمين بالفكر الفلسفي اليوناني الذي كان يرى أن الله لا يقوم به فعل أو كلام، وأن كلامه حادث مخلوق، تبنّت فرقة المعتزلة هذا الرأي، وأصبح أصلًا من أصولهم الخمسة، ثم أقنعوا الخليفة المأمون بجعله عقيدة رسمية للدولة العباسية، مما أدى إلى محنة عظيمة امتُحن فيها العلماء، وعلى رأسهم الإمام أحمد بن حنبل.

وكان أول ظهور لهذه الأفكار في زمن أبي حنيفة رحمه الله، فقال فيها قولًا فصلًا أسكتهم إلى أن عادت في الظهور في زمن المأمون([1])، وكان أول من أظهر هذا القول الجعد بن درهم، ثم جهم بن صفوان، ثم بشر بن غياث المريسي([2]).

آراء الفرق في مسألة خلق القرآن:

1- المعتزلة وأتباعهم (القائلون بخلق القرآن):

قالوا: إن القرآن مخلوق وليس صفة ذاتية لله، لأنهم اعتبروا أن الله لا يجوز أن يقوم به كلام قديم، بل هو يخلق الكلام كما يخلق الأشياء([3]).

واستدلوا بقوله تعالى: ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [الزمر: 62]، واعتبروا أن القرآن شيء، فيكون مخلوقًا.

وزعموا أن القول بقدم القرآن يؤدي إلى القول بتعدد القدماء، مما ينافي التوحيد.

2- أهل السنة والجماعة (القائلون بأن القرآن كلام الله غير مخلوق):

أجمع السلف الصالح على أن القرآن كلام الله غير مخلوق، بل هو صفة من صفاته، تكلم به حقيقة، وليس مخلوقًا كالمخلوقات([4]).

ومن أدلتهم من القرآن: قول تعالى: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ﴾ [التوبة: 6] سماه «كلام الله»، ولم يقل: «مخلوق الله».

وقوله تعالى: ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾ [النساء: 164]، وهذا دليل واضح على أن الله يتكلم بكلام ذاتي وليس مخلوقًا([5]).

ومن أدلتهم من السنة: قوله صلى الله عليه وسلم في دعائه: «أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر»([6])، فهل يقول عاقل: إنه صلى الله عليه وسلم استعاذ بمخلوق؟!([7]).

ومن أدلتهم العقلية:

1- أن القرآن كلام الله، والله قديم، فلا يكون كلامه مخلوقًا لأن الصفة تتبع الموصوف.

2- إذا كان القرآن مخلوقًا، فهذا يعني أن الله لم يكن متكلمًا ثم خلق الكلام، وهذا نقص لا يليق بالله.

3- وفي حضرة المأمون ناظر الإمام عبد العزيز المكي بشرًا المريسي فقال له: يلزمك واحدة من ثلاث لا بد منها: إما أن تقول: إن الله خلق القرآن، وهو عندي أنا كلامه في نفسه، أو خلقه قائمًا بذاته ونفسه، أو خلقه في غيره؟ قال: أقول: خلقه كما خلق الأشياء كلها. وحاد عن الجواب. فقال المأمون: اشرح أنت هذه المسألة، ودع بشرا فقد انقطع. فقال عبد العزيز: إن قال: خلق كلامه في نفسه، فهذا محال؛ لأن الله لا يكون محلا للحوادث المخلوقة، ولا يكون فيه شيء مخلوق، وإن قال: خلقه في غيره، فيلزم في النظر والقياس أن كل كلام خلقه الله في غيره فهو كلامه، فهو محال أيضا؛ لأنه يلزم قائله أن يجعل كل كلام خلقه الله في غيره هو كلام الله! وإن قال: خلقه قائما بنفسه وذاته، فهذا محال؛ لا يكون الكلام إلا من متكلم، كما لا تكون الإرادة إلا من مريد، ولا العلم إلا من عالم، ولا يعقل كلام قائم بنفسه يتكلم بذاته، فلما استحال من هذه الجهات أن يكون مخلوقا، علم أنه صفة لله([8]).

ثانيًا: المحنة الكبرى: فرض القول بخلق القرآن:

اعتقد الخليفة المأمون عبد الله بن هارون الرشيد (170-218هـ) أن القرآن مخلوق وتعصب لهذا الرأي وبالغ فيه([9]) وفرض هذا المعتقد بالقوة، وأجبر القضاة والعلماء على القول بخلق القرآن، وصمم على امتحان العلماء وشدد عليهم في ذلك([10]).

ولما تولى المعتصم الخلافة امتحن الناس بخلق القرآن، وكتب بذلك إلى الأمصار، وأخذ بذلك المؤذنين وفقهاء المكاتب([11]).

ولما تولى الواثق استمر على نفس النهج من القول بخلق القرآن وامتحان الناس به([12]).

استمرت الفتنة في عهد المعتصم والواثق، وكان القاضي أحمد بن أبي دؤاد هو المحرض على اضطهاد العلماء.

وانتهت المحنة في عهد الخليفة المتوكل (232هـ)، الذي أعاد الأمور إلى مذهب أهل السنة وأبطل القول بخلق القرآن.

أبرز من دعا إلى القول بخلق القرآن ودافع عنه:

الجعد بن درهم (ت: 124هـ): أول من قال بخلق القرآن، كان يسكن دمشق، وله بها دار، وهو الذي ينسب إليه مروان ابن محمد لأنه كان معلمه. وقيل: إنه كان من أهل حرّان، هو الذي قتله خالد بن عبد الله القسري بالكوفة يوم الأضحى، وكان أول من أظهر القول بخلق القرآن في أمة محمد، فطلبه بنو أمية فهرب من دمشق وسكن الكوفة، ومنه تعلم الجهم بن صفوان بالكوفة خلق القرآن([13]).

الجهم بن صفوان (ت: 128هـ): هو مؤسس الفرقة الجهمية التي تنسب إليه، تأثر بالفلاسفة والمتكلمين، وكان يرى أن القرآن مخلوق مثل سائر كلام البشر، مما أدى إلى محاربته من قبل أهل السنة والجماعة. قُتل في زمن سلمة بن أحوز التميمي، لكن أفكاره ظلت مؤثرة في بعض الفرق الكلامية التي جاءت بعده([14]).

بشر المريسي (ت: 218هـ): كان من كبار المعتزلة في العصر العباسي، وقد تبنى القول بخلق القرآن ودافع عنه بشدة، حتى صار من أبرز من نشر هذه العقيدة بين الفقهاء والمتكلمين. عرف بمناظراته الطويلة مع علماء أهل السنة، وكان يجادل بشدة في نفي الصفات الإلهية، مما أدى إلى تصنيفه ضمن أهل البدع والضلال([15]).

الخليفة المأمون (ت: 218هـ): يُعد المأمون العباسي أول خليفة تبنى القول بخلق القرآن رسميًّا، حيث تأثر بالمعتزلة والفلاسفة، وأصدر مرسومًا يلزم العلماء بقبول هذه العقيدة. أمر بامتحان القضاة والفقهاء، وأدى ذلك إلى اضطهاد الإمام أحمد بن حنبل وغيره من العلماء الذين رفضوا الإذعان لهذا القول([16]).

الخليفة المعتصم (ت: 227هـ): تبنى سياسة المأمون في فرض القول بخلق القرآن، لكنه لم يكن مهتمًّا بالعقيدة بنفس القدر، بل كان يعتمد على أحمد بن أبي دؤاد في هذه المسألة. في عهده تعرض الإمام أحمد بن حنبل للجلد والسجن، لكنه ثبت على موقفه، مما جعل المعتصم يتراجع لاحقًا عن التشدد في الامتحان([17]).

الخليفة الواثق (ت: 232هـ): كان أكثر تشددًا من المعتصم في مسألة خلق القرآن، حتى إنه عذب وقتل بعض من رفض القول بذلك، ومنع العلماء الذين يخالفون المعتزلة من التدريس والوظائف العامة. لكنه لم يستمر طويلًا في الحكم، وبعد وفاته جاء الخليفة المتوكل الذي أوقف هذه الفتنة وأعاد الأمور إلى عقيدة أهل السنة والجماعة([18]).

أحمد بن أبي دؤاد (ت: 240هـ): كان قاضي القضاة في عهد الخليفة المأمون ثم المعتصم، وهو من أكبر المحرضين على امتحان العلماء بخلق القرآن. كان له تأثير كبير على المعتصم والواثق، فأقنعهما بإجبار العلماء على تبني معتقد المعتزلة في هذه القضية. وكان وراء اضطهاد الإمام أحمد بن حنبل، لكنه بعد سقوطه من المنصب في عهد المتوكل، نُبذ وأصيب بالشلل ومات في عزلة([19]).

وقد نقل المؤرخون وأصحاب السير أخبار تلك المحنة، وأطنبوا في ذكر فصولها، ومن هؤلاء الإمام الذهبي حيث فصَّل فيها كثيرًا، ومما قال: “كان الناس أمة واحدة، ودينهم قائمًا في خلافة أبي بكر وعمر، فلما استشهد قُفْلُ باب الفتنة عمر رضي الله عنه وانكسر الباب، قام رؤوس الشر على الشهيد عثمان حتى ذبح صبرًا، وتفرقت الكلمة وتمت وقعة الجمل، ثم وقعة صفين، فظهرت الخوارج وكُفِّرت سادة الصحابة، ثم ظهرت الروافض والنواصب.

وفي آخر زمن الصحابة ظهرت القدرية، ثم ظهرت المعتزلة بالبصرة والجهمية والمجسمة بخراسان في أثناء عصر التابعين مع ظهور السنة وأهلها إلى بعد المئتين، فظهر المأمون الخليفة وكان ذكيًّا متكلمًا له نظر في المعقول، فاستجلب كتب الأوائل، وعرب حكمة اليونان، وقام في ذلك وقعد وخب ووضع، ورفعت الجهمية والمعتزلة رؤوسها، بل والشيعة، وآل به الحال وهلك لعامة، وخلف بعده شرًا وبلاء في الدين، فإن الأمة ما زالت على أن القرآن العظيم كلام الله تعالى ووحيه وتنزيله، لا يعرفون غير ذلك، حتى نبغ لهم القول بأنه كلام مخلوق مجعول، وأنه إنما يضاف إلى الله تعالى إضافة تشريف، كبيت الله وناقة الله، فأنكر ذلك العلماء، ولم تكن الجهمية يظهرون في دولة المهدي والرشيد والأمين، فلما ولي المأمون كان منهم وأظهر المقالة.

روى أحمد بن إبراهيم الدورقي، عن محمد بن نوح أن الرشيد قال: بلغني أن بشر بن غياث المريسي يقول: القرآن مخلوق، فللّه علي إن أظفرني به لأقتلنه، قال الدروقي: وكان متواريًا أيام الرشيد، فلما مات الرشيد ظهر ودعا إلى الضلالة.

قلت: ثم إن المأمون نظر في الكلام، وناظر، وبقي متوقفًا في الدعاء إلى بدعته.

قال أبو الفرج بن الجوزي: خالطه قوم من المعتزلة، فحسنوا له القول بخلق القرآن، وكان يتردد ويراقب الشيوخ، ثم قوي عزمه وامتحن الناس”([20]).

ثالثًا: أشهر من امتُحنوا في مسألة خلق القرآن:

1- الإمام عبد الأعلى بن مسهر الغساني (140- 218هـ):

عبد الأعلى بن مسهر بن عبد الأعلى بن مسهر الإمام شيخ الشام، أبو مسهر بن أبي ذرامة الغساني الفقيه.

قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل يقول: رحم الله أبا مسهر ما كان أثبته! وجعل يطريه.

امتحانه في خلق القرآن:

أدخل أبو مسهر على المأمون بالرقة وقد ضرب رقبة رجل وهو مطروح، فأوقف أبا مسهر وامتحنه بخلق القرآن، فلم يجبه، فأمر به فوضع في النطع لقطع عنه، فأجاب إلى خلق القرآن، فأخرج من النطع، فرجع عن قوله، فأعيد إلى النطع فأجاب، فأمر به أن يوجه إلى العراق ولم يثق بقوله، فلم يمكث بعد ذلك إلا أقل من ثلاثة أشهر ومات رحمه الله([21]).

وفي موقف أبي مسهر رحمه الله عظة لمن تضعف نفوسهم أمام المحن، فيتخلون عن مبادئهم وعقائدهم عند أدنى امتحان، أو يضعفون أمام مغريات من الدنيا؛ إذ وَقَفَ أبو مسهر موقفًا ثابتًا راسخًا حتى وقد رأى غيره قطعت عنقه، وأدخل النطع لتقطع عنقه، عندها أخذ بالتقية التي شرعها الله لمثل هذه المواقف، تأسيًا بعمار بن ياسر حين عذبه كفار قريش لينال من النبي صلى الله عليه وسلم ودينه، فقال ما قال ليخلص نفسه من عذابهم، ولما علم النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «إن عادوا فعد»([22])، ونزل قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [النحل: 106].

2- الإمام أبو نعيم التيمي (130-219هـ):

الفضل بن عمرو بن حماد بن زهير بن درهم، أبو نعيم التيمي الطلحي القرشي مولاهم، الكوفي، الحافظ الكبير، شيخ الإسلام.

قال يعقوب الفسوي: أجمع أصحابنا أن أبا نعيم كان غاية في الإتقان، قال أبو حاتم: كان حفاظًا متقنًا، لم أر من المحدثين من حفظ ويأتي بالحديث على لفظ واحد لا يغيره سوى قبيصة وأبي نعيم في حديث الزهري.

امتحانه بخلق القرآن:

امتحنه المأمون في خلق القرآن، حيث أتي به إلى الوالي، فامتحنه وطلب منه أن يقول: القرآن مخلوق، فأبى وثبت، وعُرض على السيف فقال مقولته المشهورة: (لقد أدركت الكوفة وبها أكثر من سبعمائة شيخ: الأعمش فمن دونه، يقولون: القرآن كلام الله، وعنقي أهون من زري هذا). ثم سجن وأطلق سراحه بعد مدة، قال الذهبي: توفي أبو نعيم شهيدًا فإنه طعن في عنقه([23]).

إنه موقف عظيم سجله التاريخ وحفظه لهذا العالم الرباني، وهو دليل على أن المؤمن قادر على أن ينتصر لدينه حتى وهو في مواجهة الموت المحتم، ولكن الدين أبقى والعمر فان.

3- الإمام أبو نصر التمار (137-228هـ):

عبد الملك بن عبد العزيز بن عبد الملك بن ذكوان بن يزيد، ويقال: إن جده هو الحارث والد بشر بن الحارث الحافي الإمام القدوة الزاهد القشيري مولاهم التمار.

امتحانه في خلق القرآن:

دعي إلى القول بخلق القرآن، فامتنع وعذب ونكل به، فأجاب تقية وتأولًا، فأخرج من السجن. توفي بغداد وهو ابن إحدى وتسعين سنة، وكان قد ذهب بصره([24]).

وهذا نموذج رائع من نماذج الصبر والثبات، والحكمة معًا، فقد ثبت حتى يريَ المبتدعة أن الحق هو الحق ولن تغيره كل قوى الأرض، وفي نفس الوقت أعمل الحكمة والعقل في الأخذ برخصة التقية والنجاة من العذاب ما دام قلبه مطمئنًا بالإيمان ثابتًا على المبدأ.

4- الإمام نعيم بن حماد (ت: 229هـ):

نعيم بن حماد بن معاوية أبو عبد الله الخزاعي المروزي الفرضي الأعور صاحب التصانيف.

قال أبو بكر الخطيب: يقال: إن أول من جمع المسند وصنفه نعيم.

قال أحمد العجلي: نعيم بن حماد ثقة مروزي، وقال العباس بن مصعب: وضع نعيم بن حماد ثلاثة عشر كتابًا في الرد على الجهمية، وكان من أعلم الناس بالفرائض.

قال الذهبي: نعيم من كبار أوعية العلم.

امتحانه بخلق القرآن:

امتحن في خلق القرآن، فأجاب بأن القرآن منزل غير مخلوق، فحمل مقيدًا إلى العراق فألقي في السجن سنة 224هـ، وراودوه مرارًا أن يجيبهم بأن القرآن مخلوق، فامتنع فمات في قيوده في السجن، فجُرَّ بأقياده فألقي في حفرة، ولم يكفن ولم يصل عليه، فعل به ذلك المعتصم. وقيل: إنه أوصى أن يدفن في قيوده وقال: إني مخاصم([25]).

وهذا نموذج عظيم من نماذج الثبات وتحدي أهل الباطل وكسر شوكتهم، فليس الغلبة بأن تغلب خصمك بما تعارف عليه الناس من هزائم تقاس بالماديات فحسب، بل للغلبة وجوه وأساليب، ومنها أن تثبت على مبدئك وتقهر خصمك بأن تريه أنك أقوى من كل مكائده وقدراته، فيموت جسدك تحت التعذيب ولكن مبدأك وقناعتك بعيدة المنال، مهما فعل عدوك فلن ينال منها حتى وإن مت، فتموت ومبدؤك وقناعتك في قلبك تأخذها معك إلى يوم يقوم الناس لرب العالمين.

5- الإمام يوسف البويطي (ت: 231هـ):

يوسف بن يحيى أبو يعقوب البويطي، صاحب الإمام الشافعي. لازم الإمام الشافعي مدة وتخرج به وفاق أقرانه.

كان إمامًا في العلم، قدوة العمل زاهدًا ربانيًّا متهجدًا، دائم الذكر والعكوف على الفقه، بلغنا أن الشافعي قال: ليس في أصحابي أحد أعلم من البويطي.

وقال الربيع بن سليمان: كان البويطي أبدا يحرك شفتيه بذكر الله، وما أبصرت أحدًا أنزع بحجة من كتاب الله من البويطي.

امتحانه بخلق القرآن:

سعِيَ به عند الخليفة الواثق أنه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل في مسألة القرآن، فأمر أن يكتب إلى والي مصر ليمتحنه، فإن أجاب وإلا أرسله إلى بغداد موثقًا ومربوطًا في أربعين رطلًا من حديد، فاستدعاه والي مصر فامتحنه فلم يجب، وكان الوالي حسن الرأي فيه، فقال له: قل فيما بيني وبينك، قال: إنه يقتدي به مئة ألف ولا يدرون المعنى، فكرر عليه الوالي وتلطف به لكنه أصر على عقيدته وأن القرآن منزل غير مخلوق، فأوثق بالقيد وحمل إلى بغداد.

قال الربيع بن سليمان: لقد رأيته على بغل في عنقه غل وفي رجليه قيد، وبين الغل سلسلة فيها لبنة وزنها أربعون رطلًا وهو يقول: إنما خلق الله الخلق، ولئن أدخلت عليه لأصدقنه يعني الواثق، ولأموتن في حديدي هذا حتى يأتي قوم يعلمون أنه قد مات في هذا الشأن قوم في حديدهم، فلما وصل بغداد امتحن وطلب منه الإجابة، فأصر على عقيدته فسجن في قيده وعذب حتى مات([26]).

6- الإمام أحمد بن نصر الخزاعي (ت: 231هـ):

أحمد بن نصر بن مالك الهيثم أبو عبد الله الخزاعي المروزي ثم البغدادي.

كان جده أحد نقباء الدولة العباسية، وكان أحمد أمارًا بالمعروف قوالًا بالحق.

امتحانه بخلق القرآن:

كان رحمه الله في خراسان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ثم قدم بغداد فاجتمع إليه خلق يأمرون بالمعروف، فنُمَّ به إلى نائب بغداد إسحاق بن إبراهيم أن الخزاعي ومن معه يريدون الثورة على الخليفة وخلعه، فأرسل الشرط وأخذوا الخزاعي وجماعة ممن عنده، فحملوا إلى سامراء مقيدين، فجلس الواثق لهم وقال لأحمد: دع ما أخذت له، ما تقول في خلق القرآن؟ قال: كلام الله، قال: فمخلوق هو؟ قال: كلام الله، قال: أفترى ربك في القيامة؟ قال: كذا جاءت الرواية، قال: ويحك يرى كما يرى المحدود المتجسم، ويحويه مكان ويحصره ناظر؟ أنا كفرت بمن هذه صفته، ما تقولون فيه؟ قال قاضي الجانب الغربي: هو حلال الدم، ووافقه فقهاء آخرون، فأظهر أحمد بن أبي دؤاد أنه كاره لقتله، وقال: شيخ مختل، تغير عقله، يؤخر.

قال الواثق: ما أراه إلا مؤديًا لكفره قائمًا بما يعتقده، ودعاه بالصمصامة، وقام، وقال: أحتسب خطاي إلى هذا الكافر، فضرب عنقه بعد أن مدوا رأسه بحبل وهو مقيد، ونصب رأسه بالجانب الشرقي، وتتبع أصحابه فسجنوا.

قال الحسن بن محمد الحربي: سمعت جعفر بن محمد الصائغ يقول: رأيت أحمد بن نصر حين قطع رأسه يقول: لا إله إلا الله.

قال المروذي: سمعت أحمد بن حنبل ذكر أحمد بن نصر، فقال: رحمه الله، لقد جاد بنفسه.

وعلق في أذنه أحمد بن نصر ورقة فيها: هذا رأس أحمد بن نصر، دعاه الإمام إلى القول بخلق القرآن ونفي التشبيه، فأبى إلا المعاندة، فعجله الله إلى ناره، بقي الرأس منصوبًا ببغداد، والبدن مصلوبًا بسامرا مدة([27]).

7- الإمام يحيى بن معين (158-233هـ):

يحيى بن معين بن عون بن زياد بن بسطام الغطفاني المري مولاهم البغدادي.

امتحانه بخلق القرآن:

امتحن في خلق القرآن، وسجن وعذب فأجاب تقية، فخلي سبيله([28]).

هذا الإمام الكبير ثبت على مبدئه حتى وجد نفسه لا تقوى على التحمل، فلجأ إلى رحمة الله فيما شرع من تقية جعلها منفذا لأوليائه يخرجون منها إلى النجاة، ويتركون أهل البدع والضلالات حيث جنّدهم إبليس وسخرهم خاضعين له ولسطوته.

8- أبو معمر الهذلي (ت: 236هـ):

إسماعيل بن إبراهيم بن معمر بن الحسن أبو معمر الهذلي الهروي ثم البغدادي القطيعي.

امتحانه بخلق القرآن:

امتحن في خلق القرآن، حيث سجن مدة وعذب، فتأول، فأطلق سراحه([29]).

رحمة الله بعباده واسعة، ولذا فقد عدد منافذ الهرب من العذاب والقهر، فإما تقية تخلصه، أو تأويل يهزئ به من أعدائه، ويفلت من قبضتهم، وقناعته واعتقاده في قلبه لا سلطان للشيطان وجنوده عليه.

9- الإمام القاضي سحنون بن حبيب التنوخي (160-240هـ):

سحنون بن سعيد بن حبيب أبو سعيد التنوخي، قال القاضي عياض: وسحنون لقب له واسمه عبد السلام، سمعت بعض مشايخ أهل الحديث يحكي عن بعض شيوخ إفريقية أنه قال: سمي سحنون باسم طائر حديد لحدته في المسائل.

ولد في بلدة القيروانية في أفريقية (تونس)، وأخذ العلم عن كبار علمائها.

حفظ من السنة الشيء الكثير، وتبحر في فقه الإمام مالك حتى صار إمام أهل المغرب، وقيل: لم يكن بين مالك وسحنون أفقه من سحنون.

وكان رقيق القلب غزير الدمعة ظاهر الخشوع متواضعًا زاهدًا في الدنيا، كريم الأخلاق حسن الأدب، شديدًا على أهل البدع.

امتحانه بخلق القرآن:

كان بدء محنته في خلق القرآن أنه حضر جنازة، فتقدم ابن أبي الجواد للصلاة عليها، وكان ابن أبي الجواد يقول بخلق القرآن، فرجع سحنون ولم يصل خلفه، فبلغ ذلك الأمير زيادة الله، فأمر بأن يوجه إلى عامل القيروان، وأن يضرب سحنون خمسمائة سوط، ويحلق رأسه ولحيته، فبلغ ذلك وزيره علي بن حميد، فأمر بالبريد أن يتوقف، ولطف حتى دخل على الأمير وقت القائلة وقد نام، فقال له: ما شيء بلغني في كذا؟ قال: نعم، قال: لا تفعل، فإن العكي إنما هلك في ضربه للبهلول بن راشد، فقال: وهذا مثل البهلول؟ قال: نعم، وقد حبست البريد شفقة على الأمير، فشكره ولم ينفذ أمره، وبينا سحنون يقرأ للناس إذ أتاه الخبر بما أزاح الله عنه، وقيل له: لو ذهبت إلى علي بن حميد فشكرته، قال: لا أفعل، قيل له: فلو وجهت ابنك لذلك، فأبى، قيل: فاكتب إليه، فأبى وقال: ولكني أحمد الله الذي حرك علي بن حميد لهذا، فهو أولى بالشكر. وأقبل على إسماعه.

ولما ولي أحمد بن الأغلب الإمارة، وأخذ الناس بالمحنة بالقرآن، وجه في طلب سحنون وكلف بذلك رجلًا يقال له: ابن سلطان، وكان مبغضًا لسحنون فظًّا غليظًا، اختاره لذلك في خيل وجهها معه، فلما وصل إلى سحنون قال له ابن سلطان: وجهني الأمير إليك وقصدني لبغضي فيك لأبلغ منك، وقد حالت نيتي عن ذلك، وأنا أبذل دمي دون دمك، فاذهب حيث شئت من البلاد فأنا معك، أو أقم وأنا معك. فشكره سحنون، وقال: ما كنت أعرضك لهذا، بل أذهب معك، وخرج فشيعه أصحابه، فقال عبد الرحيم للرسول: قل للأمير: أوحشتنا من صاحبنا وأخينا في هذا الشهر العظيم -وكان شهر رمضان- سلبك الله ما أنت فيه، وأوحشك منه.

فلما وصل إلى الأمير جمع له قواده وقاضيه ابن أبي الجواد وغيره، وسأله عن القرآن، فقال سحنون: أما شيء من نفسي فلا، ولكني سمعت من تعلمتُ منه وأخذتُ عنه كلهم يقولون: القرآن كلام الله غير مخلوق، فقال ابن أبي الجواد: كفر، أقتله ودمه في عنقي، وقال مثله غيره ممن يرى رأيه، وقال بعضهم: يقطع أربعًا ويجعل كل ربع بموضع من المدينة، ويقال: هذا جزاء من لم يقل بكذا.

فقال الأمير لداود بن حمزة: ما تقول أنت؟ قال: قتله بالسيف راحة، ويقال: هذا هو علي بن حميد والحضرمي ورجال السنة من أصحاب السلطان، ولكن قتل الحياة، نأخذ عليه الضمناء، وينادى عليه بسماط القيروان: لا يفتي ولا يسمع أحدًا ويلزم داره، ففعل ذلك وأخذ عليه عشرة حملاء، ويقال: إن ابن أبي الجواد هو الذي أمر بأخذ الحملاء عليه حتى يتبين عليه، ففعل ذلك، وأمر الحرس أن يأخذوا ثياب من دخل عليه، ثم بعد مدة رفعت المحنة عن الإمام سحنون وعلا شأنه، ثم ولي القضاء فلم يزل فيه إلى أن توفي([30]).

10- الإمام أحمد بن حنبل (164-241هـ):

أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد بن إدريس بن عبد الله، أبو عبد الله الذهلي الشيباني المروزي ثم البغدادي، أحد الأئمة الأعلام.

قال إسحاق بن راهويه: أحمد حجة بين الله وبين خلقه، وقال ابن المديني: أعز الله الدين بالصديق يوم الردة، وبأحمد يوم المحنة.

وقال أبو عبيد: انتهى العلم إلى أربعة: أحمد بن حنبل وهو أفقههم.

وقال الحسن بن الربيع: ما شبهت أحمد بن حنبل إلا بابن المبارك في سمته وهيئته.

امتحانه بخلق القرآن

الإمام أحمد رحمه الله على رأس من امتحن بخلق القرآن، ولتعلق هذه المحنة به تكاد تكون حكرًا عليه، رغم أن غيره امتحن وقتل بسبب موقفه الرافض للقول بخلق القول كما مر، إلا أن هذه الفتنة تعرف بالإمام أحمد ويعرف بها، فقد امتحن رحمه الله في خلق القرآن، وتعاقب عليه ثلاثة خلفاء سُلطوا عليه، وهم: المأمون والمعتصم والواثق، وبذلوا كل ما في وسعهم، ومعهم علماء السوء والقضاء والوزراء والولاة، أجلبوا عليه جميعًا على أن يقول بخلق القرآن، لكنه ثبت ثبات الجبال، فلم يبال بحبس ولا قيود، ولا ضرب السياط، ولا التهديد والوعيد، والنفي والتشريد عن وطنه، ولم يثنه الوعد، وتحمل من الأذى ما لم يأت على عالم من نظرائه، فقد سجن وعذب وضرب بالسياط في عهد المعتصم بعد وفاة المأمون، وبقي في السجن لمدة عامين ونصف، ثم أعيد إلى منزله وفرضت عليه الإقامة الجبرية ومنع من التحديث طيلة خلافة المعتصم، ثم ابنه الواثق.

قال الأصم: حدثنا عباس الدوري: سمعت أبا جعفر الأنباري يقول: لما حُمل أحمد إلى المأمون أخبرت فعبرت الفرات، فإذا هو جالس في الخان، فسلمت عليه، فقال: يا أبا جعفر، تعنيت، فقلت: يا هذا أنت اليوم رأس، والناس يقتدون بك، والله لئن أجبت إلى خلق القرآن ليجيبن خلق، وإن أنت لم تجب ليمتنعن خلق من الناس كثير، ومع هذا فإن الرجل إن لم يقتلك فإنك تموت، لا بد من الموت، فاتق الله ولا تجب، فجعل أحمد يبكي ويقول: ما شاء الله، ثم قال: يا أبا جعفر، أعد علي فأعدت عليه، وهو يقول: ما شاء الله.

وبقي أحمد محبوسًا بالرقة حتى بويع المعتصم إثر موت أخيه، فرد أحمد إلى بغداد.

وقد مكث في السجن ثمانية وعشرين شهرًا.

وكان يعذب حتى يذهب عقله، قال رحمه الله: ذهب عقلي مرارًا، فكان إذا رفع عني الضرب رجعت إلي نفسي، وإذا استرخيت وسقطت رفع الضرب.

ولما علم المعتصم أن الإمام أحمد لن يعدل عن قوله خلى سبيله، فعولج مما أصابه تحت التعذيب حتى برئ وعاد إلى الجمعة والجماعة والإفتاء، حتى مات المعتصم وتولى ابنه الواثق من بعده، فعاد ابن أبي دؤاد يحرضه على الإمام أحمد رحمه الله حتى أقنعه وأعاد تعذيب الإمام أحمد فيما كان يعذب عليه في زمن المأمون والمعتصم حتى مات الواثق، وتولى أخوه المتوكل بن محمد الخلافة([31]).

النظر في عواقب الأمور نور أشرق على طريق أولياء الله الصالحين، ومنهم الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله الذي ثبت ثبات الجبال، وأبى أن يتأول أو يتقي شر المبتدعة بكلام ظاهره معهم وباطنه يطلع عليه الله ويعلم به.

رغم معرفة الإمام أحمد بأن الله شرع له أن يتقي شر أعدائه بكلمة لا يؤمن بها بل ينفذ بها من قبضتهم فينجو، لكنه كان يعلم أن عامة الناس يعتقدون أن ما يقوله حق، وأن كلمة منه قد تنجيه لكنها ستضِلّ كثيرًا من الخلق، فأبى وإن كلفه موقفه خروج روحه من جسده.

وهذا يعطينا درسًا في أن ننظر في عواقب أعمالنا وآثارها، ولا نكتفي بالنظر إلى النتيجة القريبة المنظورة، بل ننظر فيما يعقبها من آثار.

11- الإمام يحيى بن عمر الكندي (213-287هـ):

يحيى بن عمر بن يوسف بن عامر أبو زكريا الكندي ولد بالأندلس ونشأ بقرطبة وأخذ أول علومه على يد علمائها، ثم رحل إلى إفريقية فسمع من كثير من علمائها.

امتحانه بخلق القرآن:

كان الإمام يحيى يرد على المبتدعة بدعة خلق القرآن في بلاد القيروان وما حولها، ويشدد في النكير عليهم، وكان شجًى في حلوقهم، وكان من بين هؤلاء ابن عبدون.

وبعد مدة ولي ابن عبدون قضاء القيروان وكان من المتعصبين على أهل السنة، لذا امتحن على يديه جماعة من فقهاء المالكية وغيرهم، حيث أغرى الأمير ببعضهم وحكم على بعضهم بالضرب والسجن، فطلب ذات يوم الإمام يحيى وأخافه، فتوارى منه وخرج إلى بلدة سوسة فاختفى بها، واستمر مختفيا متواريًا عن الناس حتى مات رحمه الله([32]).

الخاتمة:

بعد جولة قصيرة في تاريخ الأمة المشرق، وتتبع من امتحن من أئمة الإسلام وعلمائه في محنة خلق القرآن، لاحظنا أن علماء الأمة كانوا على يقظة تامة بأساليب الشيطان وخطواته، وأنهم كانوا مسلحين بالعلم والمعرفة في مواجهته وأعوانه، وأن العلماء انقسموا بين من ثبت على موقفه حتى الموت فقدم روحه قربانًا لعقيدته، وبين من أخذ برخصة التقية التي تنجيه من قبضة العذاب وأهواله، وبين من ثبت على الحق فلم يجب المبتدعة إلى قولهم لا تقية ولا تأويلًا حتى أنجاه الله كما حصل لأحمد بن حنبل رحمه الله.

ومما يلاحظ من هذه الورقة العلمية أن الفتنة بدأت في نهايات القرن الثاني الهجري، وبلغت أوجها في النصف الأول من القرن الثالث الهجري، وأن أغلب من اكتوى بنار هذه الفتنة كانوا من أعلام القرن الثالث الهجري.

والحمد لله رب العالمين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) مسألة خلق القرآن وأثرها في صفوف الرواة والمحدثين وكتب الجرح والتعديل، عبد الفتاح أبو غدة (ص: 6).

([2]) البداية والنهاية، ابن كثير (13/ 147)، ومسألة خلق القرآن وأثرها في صفوف الرواة والمحدثين (ص: 5).

([3]) شرح العقيدة الطحاوية، لابن أبي العز الحنفي (ص: 173).

([4]) شرح العقيدة الطحاوية، لابن أبي العز الحنفي (ص: 168).

([5]) شرح العقيدة الطحاوية، لابن أبي العز الحنفي (ص: 198).

([6]) أخرجه أحمد (١٥٤٩٩)من حديث عبد الرحمن بن خنبش. وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (٢٩٩٥).

([7]) شرح العقيدة الطحاوية، لابن أبي العز الحنفي (ص: 178).

([8]) شرح العقيدة الطحاوية، لابن أبي العز الحنفي (ص: 172).

([9]) سير أعلام النبلاء (10/ 273).

([10]) سير أعلام النبلاء (10/ 283).

([11]) سير أعلام النبلاء (10/ 291).

([12]) تاريخ بغداد (14/ 19).

([13]) تاريخ دمشق (72/ 99).

([14]) تاريخ الإسلام (3/ 389).

([15]) الوافي بالوفيات (10/ 94).

([16]) تاريخ الخلفاء للسيوطي (225).

([17]) تاريخ الخلفاء للسيوطي (243).

([18]) تاريخ الخلفاء للسيوطي (248).

([19]) سير أعلام النبلاء (11/ 169).

([20]) سير أعلام النبلاء (11/ 136) وما بعدها.

([21]) ينظر: طبقات ابن سعد (7/ 473)، وتذكرة الحفاظ (1/ 381)، وسير أعلام النبلاء (10/ 228)، وشذرات الذهب (2/ 44).

([22]) أخرجه الحاكم (3362)، وقال: صحيح على شرط الشيخين.

([23]) ينظر: تذكرة الحفاظ (1/ 372)، وسير أعلام النبلاء (10/ 142)، وشذرات الذهب (2/ 46).

([24]) ينظر: ابن سعد (7/ 340) التاريخ الكبير (5/ 423) وسير أعلام النبلاء (10/ 471).

([25]) ينظر: طبقات ابن سعد (7/ 519)، وتاريخ بغداد (13/ 306)، وسير أعلام النبلاء (10/ 595).

([26]) ينظر: وفيات الأعيان (7/ 61)، وطبقات الشافعية للسبكي (2/ 162)، وسير أعلام النبلاء (12/ 58).

([27]) ينظر: الوافي بالوفيات (8/ 211)، والبداية والنهاية (10/ 303)، وسير أعلام النبلاء (11/ 166).

([28]) ينظر: تاريخ بغداد (14/ 177)، ووفيات الأعيان (6/ 273)، وسير أعلام النبلاء (11/ 729).

([29]) ينظر: طبقات ابن سعد (7/ 359)، وتذكرة الحفاظ (2/ 471)، وسير أعلام النبلاء (11/ 69).

([30]) ينظر: وفيات الأعيان (3/ 180)، وترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعيان مذهب مالك (4/ 45)، وسير أعلام النبلاء (12/ 63).

([31]) ينظر: حلية الأولياء (9/ 161)، وصفوة الصفوة (2/ 190)، ووفيات الأعيان (1/ 17)، وسير أعلام النبلاء (11/ 177).

([32]) ينظر: ترتيب المدارك (4/ 357).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جديد سلف

أشهر من امتُحنوا في مسألة خلق القرآن

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: إن فتنة القول بخلق القرآن من أعظم الفتن التي مرت بالأمة الإسلامية، وأشد المحن التي امتحن الله بها كثيرًا من العلماء والصالحين، حيث تعرض لها أئمة أعلام وفقهاء كبار، فثبتوا على الحق، ورفضوا الخضوع للبدع وأصحابها، وأفنوا أعمارهم في الذب عن عقيدة أهل السنة والجماعة، مؤكدين أن القرآن […]

بيانُ مركزِ سلف في الردِّ على فتوى دار الإفتاء المصريَّة بجواز طَلَب المدَدِ من الأموات

الحمد لله ربِّ العالمين، وأشهد لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله وخليله ومصطفاه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومنِ اهتدَى بهداه. أما بعد: فقد أصدَرت دارُ الإفتاء المصريّة فتوى تجيزُ فيها طلَبَ المدَدِ منَ الأموات، وهو ما يُعدُّ من المسائل العظيمةِ التي تمُسُّ أصلَ الدين وتوحيدَ ربِّ […]

ردّ ما نُسِب إلى الإمام مالك رحمه الله من (جواز قتل ثُلُث الأُمَّة لاستصلاح الثلثين)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: إن حفظ النفس من المقاصد الضرورية الخمس التي اتفقت في شأنها الشرائع، وبمراعاتها يستقر صلاح الدنيا والآخرة، وجاءت الشريعة الإسلامية بمراعاتها من جهتي الوجود والعدم. وبذل فقهاء المسلمين جهودهم في بيان تلك التشريعات والأحكام المتعلقة بحفظ النفس، إذ بها تنتظم حياة الناس وشؤونهم. ومما نُسِب إلى الإمام مالك […]

مشاهد وقباب آل البيت في بلاد الشام .. بين الحقيقة والخرافة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الناظر في تاريخ بناء المشاهد والقباب في العالم الإسلامي يدرك منذ اللحظة الأولى أنّ الذي ساعد على نشر هذه البدعة السياسيون من أتباع المذاهب الباطنية التي تزعم الانتساب للتشيع لآل البيت، فالقرامطة والبويهيون والحمدانيون أول من بدأ ببناء الأضرحة كمزارات مقدّسة كالضريح المنسوب إلى علي بن أبي طالب؛ […]

المنهج العلموي في العلوم التجريبية… تقويم ونقاش

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: شهد التاريخ الإسلامي ازدهارًا غير مسبوق في مجال العلوم التجريبية خلال القرون الأولى من الحضارة الإسلامية، حيث لم يكن العلم مفصولًا عن الدين، بل كان الاستكشاف العقلي للظواهر الطبيعية يُعدّ جزءًا من عبادة الله والتأمل في خلقه. فقد أسّس الحسن بن الهيثم منهجًا تجريبيًّا في دراسة الضوء والرؤية، […]

صيانة الشريعة لحق الحياة وحقوق القتلى “ودفع إشكال حول حديث قاتل المئة”

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقدمة: إنّ أهلَ الأهواء حين لا يجدون إشكالًا حقيقيًّا أو تناقضًا -كما قد يُتوهَّم- أقاموا سوق الأَشْكَلة، وافترضوا هم إشكالا هشًّا أو مُتخيَّلًا، ونحن نهتبل فرصة ورود هذا الإشكال لنقرر فيه ولنثبت ونبرز تلك الصفحة البيضاء لصون الدماء ورعاية حقّ الحياة وحقوق القتلى، سدًّا لأبواب الغواية والإضلال المشرَعَة، وإن […]

ولاية الفقيه الشيعية.. أصولها العقدية، ومناقضتها للوحي والنبوة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: جريا على نهج مركز سلف للبحوث والدراسات في تعميق البحث في أصول المعتقدات وفروعها حررنا هذه الورقة العلمية في موضوع “ولاية الفقيه الشيعية.. أصولها العقدية، ومناقضتها للوحي والنبوة“، قصدنا فيها إلى الكشف عن أصولها العقدية داخل المذهب، وحقيقة شكلها السياسي من خلال القراءة الخمينية، معتمدين على تراث الخميني […]

مصطلح أهل السنة والجماعة.. دلالته وتاريخه

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: مصطلح “أهل السنة والجماعة” من المصطلحات الكبرى التي حظِيت بعنايةِ العلماء عبر العصور؛ نظرًا لأهميته في تحديد منهج أهل الحق الذين ساروا على طريق النبي ﷺ وأصحابه، وابتعدوا عن الأهواء والبدع، ويُعدّ هذا المصطلح من أوسع المصطلحات التي استُخدمت في التاريخ الإسلامي، حيث لم يكن مجردَ توصيف عام، […]

نزعة الشّكّ في العقيدة .. بين النّقد والهدم

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقدمة: إنَّ العقيدة هي الركيزة الأساسية التي يقوم عليها الإيمان، وهي أصل العلوم وأشرفها، إذ تتعلق بالله سبحانه وتعالى وأسمائه وصفاته، وبالإيمان برسله وكتبه، وباليوم الآخر وما أعدَّ الله فيه من ثواب وعقاب. فهي من الثوابت الراسخة التي لا تقبل الجدل ولا المساومة، إذ بها تتحقق الغاية العظمى من […]

السلفية في المغرب.. أصول ومعالم (من خلال مجلة “دعوة الحق” المغربية)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مدخل: مجلة “دعوة الحق” مجلة شهرية مغربية، تعنى بالدراسات الإسلامية وبشؤون الثقافة والفكر، أسست سنة 1957م، من إصدار وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وهي مجلة رافقت بناء الدولة المغربية بعد الاستقلال، واجتمعت فيها أقلام مختلفة التخصصات، من المشرق والمغرب، وكانت “الحركة السلفية” و”العقيدة السلفية” و”المنهج السلفي” جزءا مهمًّا من مضامين […]

قطعية تحريم الخمر في الإسلام

شبهة حول تحريم الخمر: لم يزل سُكْرُ الفكرة بأحدهم حتى ادَّعى عدمَ وجود دليل قاطع على حرمة الخمر، وتلمَّس لقوله مستساغًا في ظلمة من الباطل بعد أن عميت عليه الأنباء، فقال: إن الخمر غير محرم بنص القرآن؛ لأن القرآن لم يذكره في المحرمات في قوله تعلاى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ […]

السَّلَف والحجاج العَقلِيّ .. الإمام الدارمي أنموذجًا

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقدمة: من الحقائق العلمية التي تجلَّت مع قيام النهضة العلمية لأئمة السلف في القرنين الثاني والثالث وما بعدها تكامل المنهج العلمي والمعرفي في الدين الإسلامي؛ فالإسلام دينٌ متكاملٌ في مبانيه ومعانيه ومعارفه ومصادره؛ وهو قائم على التكامل بين المصادر المعرفية وما تنتجه من علوم، سواء الغيبيات والماورائيات أو الحسيات […]

ذلك ومن يعظم شعائر الله .. إطلالة على تعظيم السلف لشعائر الحج

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقدمة: لا جرم أن الحج مدرسة من أعظم المدارس أثرا على المرء المسلم وعلى حياته كلها، سواء في الفكر أو السلوك أو العبادات، وسواء في أعمال القلوب أو أعمال الجوارح؛ فإن الحاج في هذه الأيام المعدودات لو حجَّ كما أراد الله وعرف مقاصد الحج من تعظيم الله وتعظيم شعائره […]

‏‏ترجمة الشيخ الداعية سعد بن عبد الله بن ناصر البريك رحمه الله

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة اسمه ونسبه: هو الشيخ سعد بن عبد الله بن ناصر البريك. مولده: ولد الشيخ رحمه الله في مدينة الرياض يوم الاثنين الرابع عشر من شهر رمضان عام واحد وثمانين وثلاثمائة وألف للهجرة النبوية 14/ 9/ 1381هـ الموافق 19 فبراير 1962م. نشأته العلمية: نشأ رحمه الله نشأته الأولى في مدينة […]

تسييس الحج

  منذ أن رفعَ إبراهيمُ عليه السلام القواعدَ من البيت وإسماعيلُ وأفئدة الناس تهوي إليه، وقد جعله الله مثابةً للناس وأمنا، أي: مصيرًا يرجعون إليه، ويأمنون فيه، فعظَّمه الناسُ، وعظَّموا من عظَّمه وأقام بجواره، وظل المشركون يعتبرون القائمين على الحرم من خيارهم، فيضعون عندهم سيوفهم، ولا يطلب أحد منهم ثأره فيهم ولا عندهم ولو كان […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017