الثلاثاء - 04 صفر 1447 هـ - 29 يوليو 2025 م

الأوراد الصوفية المشتهرة في الميزان

A A

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة

مقدمة:

إنَّ الذكرَ من أعظم العبادات القلبية واللفظية التي شرعها الله لعباده، ورتَّب عليها الأجور العظيمة، كما قال تعالى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ [البقرة: 152]، وقال سبحانه: ﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ [الرعد: 28].

وقد داوم النبي صلى الله عليه وسلم على الأذكار الشرعية، وعلَّمها أصحابَه، وكان يرشِدهم إلى أذكار الصباح والمساء، والنوم والاستيقاظ، والطعام والشراب، والخوف والرجاء، وكل أحوال الإنسان.

لكن هذه العبادة الجليلة لم تسلَم من التحريف والتغيير عند بعض الطوائف المنتسبة إلى الإسلام، ومن أبرزهم بعض الطرق الصوفية، حيث استحدثوا أورادًا وأحزابًا خاصَّة بهم، تُقرأ بألفاظ معينة، في أوقات مخصوصة، وتُكرَّر بعدد دقيق، ويُنسب لها من الفضائل والمقامات ما لم يرد به نصٌّ صحيح، بل قد يتجاوز الأمر إلى الغلوّ والمخالفات العقدية الصريحة، من مثل دعوى أن هذه الأوراد أفضل من القرآن، أو أنها توقَف عليها السعادة الأبدية، أو أنها تؤدِّي إلى الكشف والعروج الروحي، ونحو ذلك من الدعاوى الغيبية المجازفة.

وقد انتشرت هذه الأورادُ الصوفية المشتهرة بين كثير من العوام في البلاد الإسلامية، لا سيما مع تداول كتيبات “الأحزاب” و”الأوراد” المنسوبة لأقطاب التصوّف، مثل: صلاة الفاتح لما أُغلق، ودلائل الخيرات، والأوراد الأسبوعية للطرق التيجانية والقادرية والشاذلية والرفاعية وغيرها، بل تعدّى الأمر إلى أن صارت هذه الأوراد جزءًا من الطقوس اليومية عند المريدين، يُلزمهم بها شيخ الطريقة، وربما اعتُبرت أعظمَ من الذكر النبوي الصحيح.

وقد كان من مقتضى الأمانة العلمية والواجب الديني الذي التزمه مركز سلف للبحوث والدراسات أن يُدرس هذا الموضوع دراسة علمية منهجية، تقوم على الميزان الشرعي المستمَدّ من الكتاب والسنة وفهم سلف الأمة، ويُنظر في هذه الأوراد: ما مشروعها من غير المشروع؟ وما المقبول منها مما فيه بدعة ومخالفة؟ وما الآثار العقدية والسلوكية التي ترتبت على شيوعها؟

ومن هنا جاءت هذه الورقة العلمية الموسومة بـ: “الأوراد الصوفية المشتهرة في الميزان”، لتحقق عدة أهداف، أهمها:

1.تحرير مفهوم الأوراد الصوفية ومصادرها وموقعها في البناء العقدي والسلوكي للصوفية.

2.عرض نماذج مشتهرة من هذه الأوراد وبيان ما فيها من مخالفات شرعية.

3.ضبط ضوابط الذكر المشروع وبيان ميزانه في الشريعة.

4.رصد المآخذ العقدية والمنهجية التي وقعت فيها الطرق الصوفية من خلال التزام هذه الأوراد.

5.الدعوة إلى العودة للذكر النبوي الصحيح، ونبذ البدع والزيادات.

سائلين الله تعالى أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، نافعًا لعباده، وسبيلًا للتمسك بالسنة وترك البدعة، والرجوع إلى الطريق المستقيم.

تمهيد: بيان فضل الذكر ومنزلته في الكتاب والسنة:

إن من أجلّ القربات وأعظمها منزلة عند الله تعالى ذكرَه سبحانه، وقد جاء الحث عليه والترغيب فيه في نصوص الشرع الحكيم، ففي كتاب الله تعالى آيات كثيرة جاءت بأساليب متنوعة تبين عظم قدر الذكر وأهميته في حياة المسلم، وما يترتب عليه من أجور عظيمة، قال تعالى: ﴿وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: ٣٥].

وقال تعالى في الحث على الإكثار من ذكره: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ [الأحزاب: 41، 42]، وقال تعالى أيضا: ﴿اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾ [العنكبوت: ٤٥].

وفي عظيم فضل الذكر وأن الله عز وجل يتفضل على عباده فيذكر من يذكره قال تعالى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ﴾ [البقرة: ١٥٢].

وقد جاءت أقوال أهل العلم في فضله وبركته ومكانته مستفيضة في كتبهم ومقالاتهم.

وللذكر مكانة عظيمة في حياة المسلم؛ لما له من أثر في صلاح القلب واستقامة النفس، قال تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الرعد: 28]، وقال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: «أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي، وأنا معهُ إذا ذَكَرَنِي» الحديث([1])، وقال صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ الذي يَذْكُرُ رَبَّهُ والذي لا يَذْكُرُ رَبَّهُ مَثَلُ الحَيِّ والمَيِّتِ»([2])، وفي الحديث: «سَبَقَ المُفَرِّدُونَ»، قالوا: وَما المُفَرِّدُونَ يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: «الذّاكِرُونَ اللهَ كَثِيرًا والذّاكِراتُ»([3]).

وقد دلت النصوص على أن الذكر خير ما تُصرف فيه الأوقات، وأعظم ما يثمر في حياة المسلم، فهو ميزان العمل الأكبر؛ قال ابن القيّم رحمه الله في بيان منزلة الذِّكر: “وهي منزلة القوم الكبرى الَتي منها يتزودون، وفيها يتَّجرون، وإليها دائمًا يتردَّدون”([4]).

ضوابط الأوراد الشرعية:

قبل الحديث عن ضوابط الأوراد الشرعية التي ينبغي أن يلتزم بها المسلم في أذكاره وأدعيته اليومية وفي مختلف شؤونه لا بد من التمهيد بأمرين أساسيين:

الأول: أن قبول أي عمل في الإسلام مشروط بأمرين لا يصح بدونهما، هما:

1- الإخلاص: بأن يكون العمل خالصًا لله تعالى دون رياء أو طلب لمدح الناس، ودليله قوله تعالى: ﴿فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ﴾ [الزمر: 2].

2- المتابعة: بأن يكون العمل موافقًا لما شرعه النبي صلى الله عليه وسلم، ودليله قوله صلى الله عليه وسلم: «مَن أَحْدَثَ في أَمْرِنا هذا ما ليسَ فِيهِ، فَهو رَدٌّ»([5]).

والثاني: أن الأوراد الشرعية من العبادات المحضة -وهي عبادات توقيفية- لا تُشرع إلا بدليل صحيح من الكتاب أو السنة نصًّا ومعنى، فالأصل في العبادات المنع حتى يرد دليل بالإذن بها، ومن ابتدع في هذا الباب شيئًا لم يأت به الشرع فقد أتى بعبادة محدثة، وهذا هو معنى البدعة المنهي عنها([6]).

أهم الضوابط المستنبطة من النصوص الشرعية للأوراد:

للأوراد الشرعية المستندة إلى نصوص الكتاب والسنة ضوابط مهمّة تحفظها من التحريف وتمنع دخول ما ليس منها فيها، وقد استنبطها أهل العلم من الأدلة الثابتة، ومن أبرز هذه الضوابط:

1- اختيار الألفاظ: بأن تكون من أحسن العبارات، وأجملها في المعنى، وأوضحها في الدلالة؛ لأن الذكر مقام مناجاة بين العبد وربه.

2- سلامة اللغة: أن تكون الألفاظ موافقة لقواعد اللغة العربية الصحيحة.

3- الخلو من المحذور: أن تخلو الأذكار من أي محذور شرعي أو لفظي أو معنوي.

4- الإطلاق وعدم التقييد: أن تكون الأذكار من باب الذكر والدعاء المطلق، لا مما يُقيد بزمان أو مكان أو حال خاصّ.

5- عدم جعلها سنّة راتبة: فلا تُتخذ هذه الأوراد على وجه الالتزام والمواظبة كأنها من السنن الثابتة([7]).

6- عدم نسبتها إلى السنة: فلا يُقال: إن هذه الألفاظ والأوراد من السنة النبوية ما لم يثبت ذلك بدليل صحيح من ألفاظ النبي صلى الله عليه وسلم([8]).

أنواع الأذكار الشرعية واختصاصها:

تنقسم الأذكار الشرعية إلى قسمين رئيسين:

1- الذكر المطلق: وهو ما لا يتقيّد بزمان أو مكان أو عدد أو حال، كالتسبيح والتهليل والتحميد والتكبير، ويجوز للمسلم أن يذكر الله بما يشاء من هذه الأذكار، في أي وقت وبأي عدد، قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا﴾ [الفرقان: 62].

2- الذكر المقيد: وهو ما ورد تقييده بزمان أو مكان أو عدد معين، كأذكار دبر الصلوات، وأذكار الصباح والمساء، وغيرها، قال تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ﴾ [النساء: 103]، وقال: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا…﴾ [طه: 130].

وعلى المسلم أن يلتزم بالذكر المقيد كما ورد في النصوص دون زيادة، وأن يكثر من الذكر المطلق لما فيه من الفضل والأجر([9]).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “قاعدة نافعة: في وجوب الاعتصام بالرسالة، وبيان أن السعادة والهدى في متابعة الرسول، وأن الضلال والشقاء في مخالفته، وأن كل خير في الوجود إما عام وإما خاص فمنشؤه من جهة الرسول، وأن كل شر في العالم مختص بالعبد فسببه مخالفة الرسول، أو الجهل بما جاء به”([10]).

مفهوم الأوراد والأحزاب الصوفية ونشأتها:

1- تعريف الأوراد الصوفية:

قال ابن منظور: “الأوراد جمع ورد، بالكسر، وهو الجزء، يقال: قرأت وردي. قال أبو عبيد: تأويل الأوراد أنهم كانوا أحدثوا أن جعلوا القرآن أجزاء، كل جزء منها فيه سور مختلفة من القرآن على غير التأليف، جعلوا السورة الطويلة مع أخرى دونها في الطول ثم يزيدون كذلك، حتى يعدلوا بين الأجزاء ويتمّوا الجزء، ولا يكون فيه سورة منقطعة ولكن تكون كلها سورا تامة، وكانوا يسمونها الأوراد. ويقال: لفلان كل ليلة ورد من القرآن يقرؤه، أي: مقدار معلوم؛ إما سبع أو نصف السبع أو ما أشبه ذلك. يقال: قرأ ورده وحزبه بمعنى واحد”([11]).

وأما الأحزاب والأوراد اصطلاحًا عند الصُّوفيَّة: فالأوراد: أذكار وتلاوات وعبادات معينة يلتزم بها المريد يوميًّا، ويؤدّيها بعدد معين وهيئة مخصوصة، وقد يُشترط عليه ذلك في بداية سلوكه للطريقة، والورد يطلَق عند الصوفية على أذكار يلقّنها الشيخ للمريد، منها الصباحية، ومنها المسائية([12]).

فتُمثِّل الأحزاب والأوراد حجر الأساس في الطُّرُق الصُّوفيَّة، فهي الرَّابطة المتينة بين الشَّيخ ومُريديه، وهي عمود التصوُّف وسنامه؛ قال أبو طالبٍ المكّيّ في بيان معنى ومنزلة الأوراد عند الصُّوفيَّة: “اعلم أن الورد اسم لوقت من ليل أو نهار يرد على العبد مكررًا فيقطعه في قربة إلى الله، ويورد فيه محبوبا يرد عليه في الآخرة… فسمي الحزب من أحزاب القرآن لوقت ما وردا، فمن العمال من كان يجعل الأوراد من أجزاء القرآن، ومنهم من كان يجعله من أعداد الركوع، وفوق هؤلاء من العلماء كانوا يجعلون الأوراد من أوقات الليل والنهار… وأما العارفون فإنهم لم يوقتوا الأوراد ولم يقسموا الأوقات، بل جعلوا الورد واحدا لمولاهم”([13]).

2- نشأة الأوراد الصوفية وتطورها:

خالفت الصُّوفيَّةُ أصولَ أهل السّنّة والجماعة في كثير من عقائدهم وعباداتهم، واتخذت لنفسها مرجعيّةً دينيّةً مخالفةً لما جاء في الكتاب والسّنّة الصحيحة من كشف وذوق واتباع لشيوخهم، وخالفوا الصُّوفيَّة الأوائلَ في وصاياهم بلزوم الكتاب والسّنّة، حيث بدأ التصوف في القرون الأولى على الزهد والعبادة، ثم تطور مع الزمن إلى مدارس وطرق وأحزاب، وبدأت الأوراد الخاصة تظهر كمناسك يومية خصوصًا في القرن الخامس الهجري وما بعده، فنشأت فيهم الجماعاتُ المخالفةُ البِدعيّة، والتي انتظمت فيما يسمى “الطرق الصُّوفيّة”([14]). وقيل في هذا المعنى: “إنما دَخلتها -أي: الصُّوفيَّة- المفاسد وتطرقت إليها البدع من جهة قوم تأخرت أزمانهم عن عهد ذلك السلف الصالح، وادعوا الدخول فيها من غير سلوك شرعي، ولا فهم لمقاصد أهلها، وتقولوا عليهم ما لم يقولوا به، حتى صارت في هذا الزمان الأخير كأنها شريعة أخرى غير ما أتى بها محمد g”([15]).

وبعد تطور الطرق الصوفية وظهور البدع القولية في المرحلة الثانية منه، فابتدأت بالشطح والهذيان في حال غيبة الصوفي عن وعيه، ثم تطورت بدعهم إلى أقوال تحفظ وتتداول بين أتباع الصوفية، حتى جاءت الفترة التي ظهرت فيها الطرق الصوفية فتطور الأمر شيئًا فشيئًا، فظهرت الأوراد الخاصة بكل طريقة، واختص كل صاحب طريقة أتباعه بجملة منها، فما كان من الأتباع إلا تعظيم ما يتلقونه عن مشايخهم أكثر مما يعظمون الأذكار الشرعية المتلقاة من الكتاب والسنة الصحيحة، وأصبحت تلك الأقوال منتظمة فيما يسمى بالأحزاب والأوراد، ويمكن القول: بأن هذه الأحزاب والأوراد جاءت وحلَّت محل الأذكار والأدعية الشرعية المأثورة التي صح النقل فيها عند هؤلاء الصوفية، ومن هنا كانت نشأة الأحزاب والأوراد الصوفية واكتمال بنائها، وابتداء انتشارها وشهرتها([16]).

3- بعض أسماء الأوراد الصُّوفيَّة المشتهرة واستخداماتها:

تنوَّعت الأوراد الصوفية وتعددت أسماؤها واستخداماتها تبعًا لظهور الطرق الصوفية وانتشارها، حيث اعتاد كل مؤسِّس لطريقة أن يضع أورادًا خاصة بها يُلزِم بها أتباعه، كما فعل أبو الحسن الشاذلي. وبعض الطرق حافظت على أوراد طريقتها الأصل؛ كالنقشبندية التي غالبًا ما تتبنى أوراد الشاذلية. في المقابل ظهرت طرق أخرى جمعت أورادًا من طرق متعددة، وألزم بها شيوخها أتباعهم؛ كما هو الحال في الطريقة الختمية التي تُعد خليطًا من خمس طرق: القادرية، والنقشبندية، والجنيدية، والخلوتية، والميرغنية، فكانت أورادها مزيجًا من أوراد هذه الطرق جميعًا.

ومِنْ أسماء الأحزاب والأوراد الصُّوفيَّة المشتهرة:

١- “ورد البسملة الشريفة”: وهو ورد تقول به القادرية، ويجعلون في فضله أن من قال: (بسم الله الرحمن الرحيم) ثمان مئة مرة في اليوم فقد أُعتق من النار ووجبت له الجنة، في رواية يروونها عن نبي الله عيسى عليه السلام([17]).

٢- “ورد التوهيبات”: وهو ورد يقرؤه المريد في الطريقة القادرية، يحتوي على آيات وأذكار وأدعية، ويهب ثوابها للنبي، وإلى فاطمة وعلي والحسن والحسين والأئمة الاثني عشر، ولباقي أئمة الطريقة([18]).

٣- “الحزب الكبير” و”الحزب الصغير” لأحمد الرفاعي، وفيهما أذكار وأدعية، ويختلف الكبير عن الصغير في بعض ألفاظه وعدد التكرار لجمل الورد، ففي الكبير يُكرر الدعاء 10 مرات، وفي الصغير 3 مرات، وهما لقضاء الحاجات ونيل المرادات، وقرب السالك من الله، ووسيلة للفتوح الصوفية([19]).

٤- “أوراد أيام الأسبوع”: وهي أوراد تعتمدها أغلب الطرق الصوفية، حيث تضع كل طريقة ما يناسبها من الأذكار والأدعية لكل يوم من أيام الأسبوع، وتُلزم بها المريدين. فتُسمى: ورد السبت، ورد الأحد، ورد الاثنين، ورد الثلاثاء، ورد الأربعاء، ورد الخميس، ورد الجمعة، وهو أعظمها. وتُجعل لكل ورد خصائص تختلف عن خصائص ورد اليوم الآخر([20]).

٥- “الصلاة الجوهريّة” أو “جوهرة الأسرار” لأحمد الرفاعي، وهي صيغة صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، اشتملت على عبارات فيها غلو وشرك ظاهر، حتى قال فيها: “اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على نورك الأسبق… فهو سرك القديم الساري، وماء جوهر الجوهرية الجاري، الذي أحييت به الموجودات…”، مما يدل على مجاوزة الحد المشروع في مدح النبي صلى الله عليه وسلم([21]).

4- الأوراد الصوفية وصِلتها بالمقامات والأحوال وآثارها:

أ) المقامات والأحوال عند أهل السنة والجماعة:

يطلق أهل السنة والجماعة على المقامات والأحوال اسم “أعمال القلوب”، كما سماها شيخ الإسلام ابن تيمية، وهي من أصول الإيمان التي يثاب عليها العبد أو يعاقب، وتعد دافعا لأعمال الجوارح. وقد أولى العلماء هذه الأعمال عناية كبيرة، خلافا للصوفية الذين تفردوا بألفاظ خاصة كـ”المقامات” و”الأحوال” و”منازل السائرين” و”مقامات العارفين”.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “فإن أعمال القلوب التي يسميها بعض الصوفية: أحوالًا ومقامات، أو منازل السائرين إلى الله، أو مقامات العارفين، أو غير ذلك، كل ما فيها فما فرضه الله ورسوله فهو من الإيمان الواجب، وفيها ما أحبه ولم يفرضه، فهو من الإيمان المستحب، فالأول لا بد لكل مؤمن منه، ومن اقتصر عليه فهو من الأبرار أصحاب اليمين، ومن فعله وفعل الثاني كان من المقربين السابقين”([22]).

وقال رحمه لله أيضا: “وطائفة تظن أن التوكل إنما هو من مقامات الخاصة المتقربين إلى الله بالنوافل، كذلك قولهم في أعمال القلوب وتوابعها كالحب والرجاء والخوف والشكر ونحو ذلك، وهذا ضلال مبين، بل جميع هذه الأمور فروض على الأعيان باتفاق أهل الإيمان، ومن تركها بالكلية فهو إما كافر وإما منافق، لكن الناس هم فيها كما هم في الأعمال الظاهرة فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات”([23]).

ورد ابن القيم على من قال بوجوب الترتيب والتسلسل في المقامات، مؤكدًا أن هذا من باب التحكم لا الدليل، وأن العبد بدخوله في الإسلام يلتزم جميع لوازمه الظاهرة والباطنة دفعة واحدة؛ يقول ابن القيم رحمه الله: “إن الترتيب الذي يشير إليه كل مرتب للمنازل لا يخلو عن تحكم، ودعوى من غير مطابقة، فإن العبد إذا التزم عقد الإسلام ودخل فيه كله فقد التزم لوازمه الظاهرة والباطنة، ومقاماته وأحواله، وله في كل عقد من عقوده وواجب من واجباته أحوال ومقامات…”([24]).

كما خالف المتأخرون من الصوفية المتقدمين، فبالغوا في ترتيب المقامات وتفصيلها، وقسموا المريدين إلى مراتب: مبتدئ، متقدم، واصل، بخلاف كلام الصوفية الأوائل، الذي كان عامًّا غير محصور ولا مرتب. قال ابن القيم في متقدمي الصوفية: “فإنهم تكلموا على أعمال القلوب، وعلى الأحوال كلاما مفصلا جامعا مبينا مطلقا من غير ترتيب ولا حصر للمقامات بعدد معلوم، فإنهم كانوا أجل من هذا، وهمهم أعلى وأشرف”([25])، على خلاف الطرقية الذين يشترطون الترتيب في الترقي بين المقامات والأحوال، وتقسيم المريدين إلى مبتدئين ومتقدمين وواصلين([26]).

ب) تعريف المقامات والأحوال عند الصوفية:

المقامات: جمع مقام وهو: “مقام العبد بين يدي الله تعالى، فيما يقام فيه من العبادات والمجاهدات والرياضات والانقطاع إلى الله عز وجل، وعليه فيكون المقام هو نتيجة لعبادة الصوفي ومجاهداته.

ومن المقامات: مقام التوبة، والورع، والزهد، والصبر، والفقر، التوكل، والرضا، وغير ذلك.

ويستدلون على هذه المقامات بقول الله تعالى: ﴿وَمَا مِنَّآ إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ﴾ [الصافات: ١٦٤].

ويرد على استدلالهم بالآية: أن المقصود فيها هم الملائكة، فقد جاء في تفسير الآية الكريمة: “وهذا خبر من الله عن قيل الملائكة أتم قالوا: وما منا معشر الملائكة إلا من له مقام في السماء معلوم([27])، ولم يأت في تفسيرها بأنها مقامات للناس يترقون فيها ويجتهدون في تحصيلها”([28]).

واختلف الصوفية فيما بينهم في المقامات؛ فاختلفوا في أعدادها، وترتيبها، وصفاتها، وهل الترقي فيها يسير لكل أحد، أم لا بد من إعانة الشيخ وإذنه في ذلك؟

قال ابن القيم رحمه الله: “ولأرباب السلوك اختلاف كثير في عدد المقامات وترتيبها، كل يصف منازل سيره، وحال سلوكه”([29]).

واتفق الصوفية على أن أول مقامات السير إلى الله هو مقام التوبة، فهو بداية الطريق وأول ما يُطلب من المريد ليُقبل في الطريقة، وأول ما يعاهد عليه شيخه. أما نهاية المقامات عندهم فهي مقام الرضا، ويُعرفونه بأنه “باب الله الأعظم، وجنة الدنيا”، ويقصدون به: سكون قلب العبد تحت حكم الله عز وجل ورضاه بكل ما يقضي به”([30]).

والأحوال: جمع حال، وهو: “ما يحل بالقلوب، أو تحل به القلوب من صفاء الأذكار”([31]).

والحال أمر وهبي من الله تعالى؛ لا كسب للإنسان فيه وليس بمقدوره([32])، وهو خلاف المقام، فلا يكون عن طريق المجاهدات والرياضات والعبادات. والحال مثل: المراقبة، والقرب، والمحبة، والخوف، والرجاء، والحزن، والشوق، وغير ذلك([33]).

ويمكن القول: بأن الحال هو: حالة شعورية تنتاب الصوفي يهبها الله وعن له من غير عمل أو جهد منه. واشترط آخرون في الحال أن يدوم في قلب المريد، فإن لم يدم فيسمى لوائح وطوالع وبوارق، وهي مقدمات للحال، وليست بأحوال([34]).

قال ابن القيم رحمه الله: “والصحيح في هذا أن الواردات والمنازلات لها أسماء باعتبار أحوالها، فتكون لوامع وبوارق ولوائح عند أول ظهورها وبدوها، كما يلمع البارق ويلوح عن بعد، فإذا نازلته وباشرها فهي أحوال، فإذا تمكنت منه وثبتت له من غير انتقال فهي مقامات، وهي لوامع ولوائح في أولها، وأحوال في أوسطها، ومقامات في نهاياتها”([35]).

ج) المقامات والأحوال عند الصُّوفيَّة:

أول من تكلم في ترتيب الأحوال ومقامات أهل الولاية ذو النون المصري، وقد أنكر عليه أمير مصر في حينها، وهجره علماء مصر لما شاع خبره ورموه بالزندقة([36]).

قال الكلاباذي: “اعلم أن علوم الصوفية علوم الأحوال، والأحوال مواريث الأعمال، ولا يرث الأحوال إلا من صحح الأعمال”([37])، وقوله: “الأحوال مواريث الأعمال” حق لا ريب فيه؛ فلا يمتلئ قلب العبد خشية ومراقبة ومحبة إلا بعلم صحيح يظهر أثره على القلب والجوارح، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اُللهَ مِنْ عِبَادِهِ اُلْعُلَمَاء﴾ [فاطر: ٢٨].

ويبين الكلاباذي علاقة المقامات بالأحوال فيقول: “لكل مقام بدء ونهاية، وبينهما أحوال متفاوتة”([38])، فيمر الصوفي في أحوال عدة في المقام الواحد حتى يستطيع تجاوزه لما بعده.

ويرى بعض العلماء أن المقامات والأحوال قد تتداخل أو تتشابه في بعض الجوانب، إلا أن الفرق الجوهري بينهما أن الأحوال متغيرة وغير مستقرة، ولهذا سميت “أحوالًا” لتحولها وتبدلها، بينما المقامات تدل على الثبات والاستقرار، فهي مراحل يثبت فيها السالك نتيجة سلوكه وتدرّجه([39]).

قال ابن القيم رحمه الله: “والفرق بينهما: أن المقامات كسبية، والأحوال وهبية، ومنهم من يقول: الأحوال من نتائج المقامات، والمقامات نتائج الأعمال، فكل من كان أصلح عملا كان أعلى مقاما، وكل من كان أعلى مقاما كان أعظم حالا”([40]).

واختلف مشايخ الصوفية هل للعبد أن يترقى لمقام غير مقامه الذي هو فيه قبل إحكام مقامه؟ على أقوال؛ فمنهم من قال: لا ينبغي للعبد الانتقال من مقام إلى غيره حتى یحکم مقامه، وقال آخرون: بل لا يكمل المقام ويحكم حتى يترقى لمقام فوقه.

ويجمع السهروردي بين القولين برأي جامع فيقول: “إن العبد في مقامه يعطى حالا من مقامه الأعلى الذي سوف يرتقي إليه، وهذا الحال هو من الله تعالى، فلا يضاف للعبد أنه يترقى أو لا يترقى، فإن العبد بالأحوال يترقى إلى المقامات، والأحوال مواهب لا مكاسب”([41]).

د) علاقة الأحزاب والأوراد بالمقامات والأحوال الصوفية:

يرى الصوفية أن المقامات والأحوال تمثل درجات في السير إلى الله، ويكون الترقّي فيها بحسب الاجتهاد في الأوراد والأحزاب. فالذكر عندهم هو الأساس في الطريق، كما قال القشيري: “الذكر ركن قوي في طريق الحق سبحانه وتعالى، بل هو العمدة في هذا الطريق، ولا يصل أحد إلى الله إلا بدوام الذكر”([42])، وقال أيضا عن حال الشيخ مع المريد المبتدئ: “وإن تفرس شيخه فيه القوة والثبات في الطريقة أمره بالصبر واستدامة الذكر حتى تسطع في قلبه أنوار القبول، وتطلع في سره شموس الوصول”([43])، وقيل أيضا: “الحال هو الذكر الخفي”([44]).

قال ابن القيم رحمه الله في بيان صلة الأوراد بأحوال الصوفية، ومنها الوجد الذي هو ثمرة أعمال القلوب -المقامات والأحوال- والذي يكون نتيجة ترديد الأذكار والتزامها: “والمواجيد ثمرات الأوراد، وكلما كثرت الأوراد قويت المواجيد”([45]).

ويؤدي هذا الالتزام الجماعي بالأوراد مع السماع والرقص إلى حالات من التواجد والسكر الروحي، بزعم أن ذلك يُرقّي المقام؛ كما أفرد الغزالي في إحياء علوم الدين بابًا بعنوان: “بيان اختلاف الأوراد باختلاف الأحوال”، وذكر أن أوراد السالك تختلف بحسب حاله، وأن أعلى درجات السالكين -وهي الصديقية- لا تُنال إلا بترتيب الأوراد على ساعات اليوم والمواظبة عليها زمنًا طويلًا([46]).

النقد العام للأوراد الصوفية:

حصل في الأوراد الصوفية انحراف من عدة جهات، منها:

1.الخلط بين المشروع والمبتدع: تشتمل الأوراد الصوفية على ألفاظ شرعية وأخرى مبتدعة تخالف الشرع في اللفظ والمعنى.

2.ادعاء الفيض الإلهي: يدّعون أن أورادهم من “إفاضة الرحمن” كما في قول بعضهم: “هذه الأوراد من إفاضة الرحمن الرحيم لأوليائه الصالحين”([47]).

3.ادعاء العصمة: ينسبون أورادهم للوحي أو للرؤى والمنامات؛ كالمسبعات المنسوبة للخضر، أو قول الميرغني في نظم الأسماء الحسنى الذي نظمه حين كان في زيارة لقبر النبي صلى الله عليه وسلم قال: “رأيت النبي واقفا، وسألته، وقال لي: قم بقضاء حوائج الناس، وأذن لي أن أنظم الأسماء الحسنى، وقال لي: كل شطر منها طريقة موصلة”([48]).

4.الاعتماد على الرؤى والمنامات: مثل قول الكتّاني: “رأيت المصطفى في المنام… فقلت: ادع الله ألا يميت قلبي، فقال: قل كل يوم أربعين مرة: يا حي يا قيوم لا إله إلا أنت”([49]).

5.إلزام المريد بأذكار معينة في أوقات محددة بلا دليل شرعي؛ كقراءة يس والصافات والواقعة، قال الإمام الشاطبي رحمه الله في أن من البدع التي لا أصل لها في الشَّرع وفيها مضاهاةٌ للشرعية: “التزام العبادات المُعينة في أوقاتٍ معينة لم يوجد لها ذلك التعيين في الشريعة… فإن صاحب البدعة إنما يخترعها ليُضاهي بها السنة حتى يكون مُلبِسًا بها على الغير”([50])، ثم إن هذا إحداث في الدين ما ليس منه قال النبي g: «مَن أَحْدَثَ في أَمْرِنا هذا ما ليسَ فِيهِ، فَهو رَدٌّ»([51]).

6.تحريم الجمع بين أوراد الطرائق المختلفة، مثل قول التيجاني: “واعلم أن هذا الورد -يعني “صلاة الفاتح”- لا يلقن لمن كان له ورد من أوراد المشايخ… إلا أنه تركه وانسلخ منه ولا يعود إليه أبدا، وعاهد الله على ذلك”([52]).

ويدل ذلك على أن كل طريقة تنكر ما عند الأخرى من الأوراد والأحزاب، وتنهى عن أخذ غير أحزابها.

7.تقييد الذكر بوقت محدد خلاف ما قاله أبو طالب المكي -من الصوفية الأوائل قبل ظهور بدع الطرقية-: “وأما العارفون فإنهم لم يوقتوا الأوراد، ولم يقسموا الأوقات، بل جعلوا الورد واحدا لمولاهم”([53]).

8.جعل الأشعار أورادًا لازمة، مثل البردة والقصائد في الطرق الشاذلية والنقشبندية، وفيها غلو ومخالفات عقدية.

9.استخدام الطلاسم والألفاظ الغريبة، كقولهم: “صعصع، سهسوب، طهطهوب لهوب”. وهذه الألفاظ تخرج عن الضوابط الشرعية للأوراد والأحزاب الشرعية التي مرت معنا آنفا([54]).

10.تحديد أعداد كبيرة من الأوراد تُلزم بها المريد، خلاف ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: «اكْلَفُوا مِنَ الأعْمالِ ما تُطِيقُونَ»([55]).

قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله: “فتوظيف الإنسان على نفسه ذكرا مقيدا بعدد لم يأمر الله به ولا رسوله هو زيادة على المشروع، ونفس المؤمن لا تشبع من الخير وكثرة الدعاء والذكر، وهذا الأمر المطلق من فضل الله على عباده في حدود ما شرعه الله من الأدعية والأذكار المطلقة بلا عدد معين، كل حسب طاقته ووسعه وفراغه، وهذا من تيسير الله على عباده ورحمته بهم”([56]).

11.الذكر الجماعي المنتظم المبتدع، كالهيللة كل جمعة، مخالفًا لما عرف من مجالس النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته؛ وهذا عين ما أنكر عبد الله بن مسعود رضي الله عنه بقوله: (ويحكم يا أمة محمد، ما أسرع هلكتكم! هؤلاء صحابة نبيكم متوافرون، وهذه ثيابه لم تبلَ وآنيته لم تكسر، والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد، أو مفتتحو باب ضلالة)، قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن، ما أردنا إلا الخير، قال: (وكم من مريد للخير لن يصيبه!)([57]).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “فأما اتخاذ اجتماع راتب يتكرر بتكرر الأسابيع أو الشهور أو الأعوام، غير الاجتماعات المشروعة، فإن ذلك يضاهي الاجتماع للصلوات الخمس وللجمعة وللعيدين وللحج، وذلك هو المبتدع المحدث”([58]).

وقال الإمام الشاطبي رحمه الله: “إن من البدع: التزام الكيفيات والهيئات المعينة كالذكر هيئة اجتماع على صوت واحد”([59]).

12.اشتراط الخلوة والانعزال والتصورات الذهنية للشيوخ، مما لا أصل له في الكتاب ولا السنة([60]).

13.تكرار الأسماء المفردة كـ(الله الله)، وهي بدعة؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “وأما اتخاذ ورد غير شرعي، واستنان ذكر غير شرعي، فهذا مما ينهى عنه، ومع هذا ففي الأدعية الشرعية والأذكار الشرعية غاية المطالب الصحيحة، ونهاية المقاصد العلية، ولا يعدل عنها إلى غيرها من الأذكار المحدثة المبتدعة إلا جاهل أو مفرط أو متعدٍ”([61]).

  1. ابتداع طرق للذكر مثل السماع والرقص والمعازف، كما نسب للجنيد قوله: “تتنزل الرحمة على الفقراء الصوفية في ثلاثة مواطن: عند السماع؛ فإنهم لا يسمعون إلا عن حق، ولا يقولون إلا عن وجد”([62])، وقد جاء النهي عن السماع والرقص واستخدام المعازف والآلات الموسيقية، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَيَكونَنَّ مِن أُمَّتي أقْوامٌ يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ والحَرِيرَ والخَمْرَ والمَعازِفَ»([63])، وجاء عن الإمام الشافعي رحمه الله أنه قال: “خلّفت بالعراق شيئًا أحدثه الزنادقة يسمونه التغبير([64])، يشغلون به الناس عن القرآن”([65]).

15.الانشغال بأوراد الطريقة البدعية دون الأوراد الشرعية، فلا يختمون القرآن ولا يُوصون بكتب الحديث، ولا بما جاء في السنة الصحيحة ولو قليلا؛ وقد قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (الاقتصاد في السنة خير من الاجتهاد في البدعة)([66]).

16.المبالغة في الأجور المزعومة، كقولهم: “من قرأ الحزب السيفي يُكتب له عبادة سنة… ومن حمله فقط يُعد من الذاكرين”([67]).

17.تفضيل بعض الأوراد على القرآن، كـ”صلاة الفاتح” التيجانية، حيث قال التجاني: “تعدل القرآن ست مرات… بل ستة آلاف مرة لأنه من الأذكار”([68]).

18.تقسيم الأوراد إلى عامة وخاصة، مع تعيين أعداد للترقي؛ كأوراد الواصلين والسائرين إلى الله([69])، وهذا مخالف لكون العبادة مطلوبة من الناس جميعا بل من الجن والإنس على حد سواء؛ قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقتُ الجِنَّ وَالإنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56].

19.تخويف المريد من ترك الأوراد، كقولهم: “من ترك هذا الورد حلت به عقوبة ويأتيه الهلاك”([70]).

20.ممارسات دخيلة من الديانات الشرقية؛ كما جاء في طرق التعبد عند النقشبندية([71])، مثل حبس النفس والجلوس في الظلام، والتي لا أصل لها في الكتاب والسنة([72]).

21.اختلاط النساء والرجال أثناء الذكر واستخدام المعازف، وهو من لهو الحديث الذي ذمه الله تعالى بقوله: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ﴾ الآية [لقمان: 6]([73]).

المآخذ اللفظية العقدية في الأحزاب والأوراد الصوفية:

أولًا: المآخذ العقدية في بعض الأحزاب والأوراد الصوفية في باب الربوبية:

تظهر الانحرافات العقدية في هذا الباب من خلال نسبة صفات الربوبية إلى غير الله تعالى، ومن ذلك:

– نسبة الملك الإلهي للنبي صلى الله عليه وسلم، كقول ابن عربي في صلاة فواتح الحقيقة: “اللهم صلِّ على سيدنا محمد وعلى آله… مالك أزمة الأمر الإلهي تحيًا واستعدادًا”([74]).

والرد عليه بقول الله تعالى: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ﴾ [آل عمران: 128]، وقوله: ﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ﴾ [الأعراف: 54]، وقوله صلى الله عليه وسلم: «ألا أيها الناس، فإنما أنا بشرٌ يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب»([75]).

– سؤال الله كشف تدبير الأفلاك لعباده، كما في قول عبد القادر الجيلاني في حزب الحفظ: “واكشف لي سر أسرار أفلاك التدوير في حواس التصوير لأدبر كل فلك بما أقمته من أسرار”([76])، وهذا من خصائص الله تعالى، كما قال: ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ… يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ [يونس: 3]، وقال: ﴿فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ﴾ [يونس: 31].

– القول بربوبية النبي صلى الله عليه وسلم والعياذ بالله، كما في أقوال ابن عربي: “اللهم أفض صلة صلواتك… على أول التعيّنات المفاضة من العماء الرباني… الجامع بين العبودية والربوبية…”([77])، “اللهم صلِّ وسلم على سيدنا محمد وآله… أقنوم المعاهد التي سجدت له جباه العقول، أقنوم الوحدة…”([78]).

وكذلك قولهم: “اللهم صل على كاشف الغمة… صلِّ على جلي الظلمة… صلِّ على مولي النعمة”([79]).

وكل هذه الألفاظ فيها غلو وشرك، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: 48]([80]).

ثانيًا: المآخذ العقدية في الأوراد الصوفية في باب الألوهية:

– ذكر الاسم المفرد والمضمر مثل: “الله، الله” أو “هو، هو”، كما قال ابن مشيش: “الله، الله، الله، إن الذي فرض عليك القرآن لرادُّك إلى معاد”([81]).

وقال ابن عربي: “يا الله يوه واه هو يا هو يا من هو أنت، أنت هو يوه هو يا يوه هو..”([82]).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “فأما الاسم المفرد فلا يكون كلامًا مفيدًا عند أحد من أهل الأرض، بل ولا أهل السماء، وإن كان وحده كان معه غيره مضمرًا أو كان المقصود به تنبيهًا أو إشارة… ولهذا عدّ الناس من البدع ما يفعله بعض النساك من ذكر اسم (الله) وحده، بدون تأليف كلام”([83]).

وقال أيضًا رحمه الله في حكمه: “فأما الاسم المفرد مظهرًا مثل: (الله، الله)، أو مضمرًا مثل: (هو، هو)، فهذا ليس بمشروع في كتاب ولا سنة، ولا هو بمأثور أيضًا عن أحد من سلف الأمة، ولا عن أعيان الأمة المقتدى بهم، وإنما لهج به قوم من ضلال المتأخرين”([84]).

– تقسيم كلمة التوحيد إلى مراتب:

  1. “لا إله إلا الله” للعامة.
  2. “الله، الله” للعارفين.
  3. “هو، هو” لخواص الخاصة([85]).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أيضًا: “ولو كرر الإنسان اسم الله ألف ألف مرة لم يصر بذلك مؤمنًا، ولم يستحق ثواب الله وجنته، فإن الكفار من جميع الأمم يذكرون الاسم المفرد، سواء أقروا به وبوحدانيته أم لا”([86]).

– الغلو في النبي صلى الله عليه وسلم، وإضفاء صفات الإلهية عليه، كقولهم: “يا سيد السادات، ويا نور الموجودات، يا من هو ملجأ لمن مسّه ضيم وغم”([87])، وقول ابن عربي: “اللهم صل وسلم على سيدنا محمد… النور الأعظم والكنز المظلم والجوهر الفرد…”([88]).

وهذه العبارات تحتوي على غلو مذموم يناقض توحيد الألوهية، ويدخل في المحظور الذي نهى عنه الشرع.

– التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته.

ومن ذلك قول عبد القادر الجيلاني في حزب الإشراق: “دخلت في كنف الله واستجرت برسول الله”([89]).

وكذلك ما جاء في أوراد النقشبندية: “يا أقرب الوسائل إلى الله تعالى ويا أقوى مستند، أتوسل إلى جنابك الأعظم، بهؤلاء السادات وأهل الله وأهل بيتك الكرام، لدفع ضر لا يُدفع إلا بواسطتك، ولرفع ضيم لا يُرفع إلا بدلالتك”([90]).

ومثل ما جاء في ما يُسمى بـصلاة قضاء الحوائج: “اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بحبيبك المصطفى، يا سيدي يا رسول الله، إني أتوسل إلى ربك، فاشفع لي عند المولى العظيم بقضاء حاجتي”([91]).

وهذه العبارات تشتمل على توسلات بدعية لم يثبت عن النبي ﷺ أنه شرعها، بل نهى عنها، فقد جاء في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حياته لأقرب الناس إليه: «يا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ -أَوْ كَلِمَةً نَحْوَها- اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ، لا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شيئًا، يا بَنِي عبدِ مَنافٍ لا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شيئًا، يا عَبّاسُ بنَ عبدِ المُطَّلِبِ لا أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شيئًا، ويا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسولِ اللَّهِ لا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شيئًا، ويا فاطِمَةُ بنْتَ مُحَمَّدٍ سَلِينِي ما شِئْتِ مِن مالِي لا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شيئًا»([92]).

فإذا كان هذا قوله صلى الله عليه وسلم في حياته لأقرب الناس إليه، فكيف يُطلب منه الشفاعة أو قضاء الحاجات بعد وفاته؟! إن هذا مما يناقض التوحيد، ويدخل في وسائل الشرك، الذي نهى عنه القرآن والسنة، وبيّن خطره علماء الإسلام([93]).

ثالثًا: المآخذ العقدية في أوراد الصوفية في باب الأسماء والصفات:

– الإلحاد في أسماء الله، وهو الميل بها عن معانيها الصحيحة، مثل تسميته بـ”الأزلي، الدائم، الأمان، السلطان”، وهي أسماء لم ترد في الكتاب ولا السنة([94]).

– تسمية الله بالحروف المقطعة مثل (كهيعص، حم، عسق)، مع أنها آيات قرآنية، إلا أن الله لم يثبتها كأسماء أو صفات له.

– وصف الله بما لم يصف به نفسه، أو استخدام ألفاظ لا تليق في الدعاء، كقولهم: “يا سريع اقض حاجتي”، و”يا حامل العرش عن حملة العرش”، وهذا سوء أدب وجهل، يخالف منهج أهل السنة.

– نفي صفة العلُوّ بقولهم: “إن الله عز وجل في كل مكان”، فمن المآخذ العقدية قول بعض الصوفية: “إن الله في كل مكان”، كما ورد في حزب النصر لعبد القادر الجيلاني: “يا من لا يخلو منه مكان”([95])، وهو قول باطل مخالف لصريح القرآن والسنة. فقد أثبت الله تعالى في كتابه علوه واستواءه على عرشه في مواضع كثيرة، منها: قوله تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ [يونس: ٣]، وقوله: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه: ٥]، وقوله: ﴿أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ﴾ [الملك: ١٦].

فالقول بأن الله في كل مكان ينفي علوه سبحانه، ويخالف ما أجمع عليه السلف من إثبات صفة العلو والفوقية لله عز وجل؛ فالعقيدة الصحيحة في أسماء الله وصفاته تقوم على التوقيف، فلا نُثبت إلا بما ورد، ولا نصف الله إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به نبيه صلى الله عليه وسلم، والإحداث في ذلك باب ضلال([96]).

خاتمة:

وبعد هذا العرض يتبيَّن لنا أنَّ كثيرًا من الأحزاب والأوراد الصوفية قد اشتملت على ألفاظ ومضامين لا تخلو من مخالفات عقدية، تتراوح بين الغلو في تعظيم الأشخاص، والتوسل الممنوع، والاستغاثة بغير الله، وادعاء التصرف في الكون، إلى جانب مخالفات في باب الأسماء والصفات، كتأويل الصفات الإلهية أو إثبات ما لم يرد به الشرع.

كما ظهر من خلال المباحث أن هذه الأوراد والأحزاب الصوفية اشتملت على مخالفات عقدية في أبواب التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات، وتبيّن لنا خطورة ما تضمنته تلك الأوراد من انحرافات عن عقيدة أهل السنة والجماعة، وما فيها من الغلو في الأنبياء والأولياء، والإحداث في الدين، والتجاوز لما ثبت في كتاب الله وسنّة نبيه صلى الله عليه وسلم.

وإذا كان الذكر عبادة جليلة، فإنها لا تُقبل إلا إذا وافقت الشرع في أصلها وكيفيتها، كما قرر أهل العلم. فكل ذكرٍ أو وردٍ لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن أصحابه وكان متضمنًا لمخالفة شرعية فهو مردود، وإن حسُنت فيه نية القائل.

ولهذا وجب التنبيه على هذه المخالفات، وبيان خطر التساهل في إطلاق العبارات دون ضوابط شرعية، لما لذلك من أثر على صفاء العقيدة وسلامة التوحيد، ولزم التحذير من البدع المحدثة التي لم تكن على عهد النبوة، كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (وكم من مريدٍ للخيرِ لن يصيبه).

إن الدعوة إلى الله والنصيحة للمسلمين تقتضي كشف ما في هذه الأوراد من مخالفات، وتنبيه الغافلين، وبيان الحق بالدليل، رحمة بالخلق، واتباعًا للرسل الذين قال الله تعالى عنهم: ﴿أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ﴾ [الأعراف: 62].

والواجب على كل مسلم أن يلتزم بما جاء في القرآن الكريم وصحيح السنة النبوية من الأذكار والأدعية، ففيها الكفاية والغُنية، وهي الطريق المستقيم الذي لا اعوجاج فيه، ولا يُنال رضا الله إلا باتباع هدي نبيه صلى الله عليه وسلم، والابتعاد عن كل محدثة في الدين.

كما أن على طالب العلم والداعي إلى الله أن يسلك سبيل الاعتدال، فيجمع بين البيان بالحكمة، والرحمة في الإنكار، والإخلاص في الدعوة، والحرص على إصلاح القلوب وتصحيح الألفاظ، فالهداية منحة من الله، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

نسأل الله أن يُبصرنا بالحق، ويرزقنا اتباعه، وأن يجنّبنا سُبُل الضلال والبدع، وأن يجعل هذا الجهد خالصًا لوجهه الكريم، نافعًا لمن قرأه وتأمّل فيه، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا وحبيبنا نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) أخرجه البخاري (7405)، ومسلم (17/ 17).

([2]) أخرجه البخاري (٦٤٠٧)، ومسلم (٧٧٩).

([3]) أخرجه مسلم (٢٦٧٦).

([4]) مدارج السالكين (1/ ٤٧٤).

([5]) أخرجه البخاري (2697)، ومسلم (4467).

([6]) انظر: الاعتصام للشاطبي (1/ 47).

([7]) تصحيح الدعاء لبكر أبو زيد (ص: ٤٢).

([8]) انظر: المآخذ العقدية فيما اشتهر من الأحزاب والأوراد الصوفية، أمل عبد العزيز حسن الظفيري (ص: 183-184). 

([9]) انظر: المآخذ العقدية فيما اشتهر من الأحزاب والأوراد الصوفية، أمل عبد العزيز حسن الظفيري (ص: 184).

([10]) مجموع الفتاوى (19/ ٥٢).

([11]) لسان العرب (3/ 458). وينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير (5/ 40).

([12]) حقائق عن التصوف، عبد القادر عيسى (ص: 153).

([13]) قوت القلوب (1/ ٢٤٠).

([14]) انظر: الطرق الصوفية نشأتها وعقائدها وآثارها، د. عبد الله بن دجين السهلي (ص: 10-12).

([15]) الاعتصام للشاطبي (1/ 120)، وانظر: الأصول المنهجية للطرق الصوفية، د. سليمان بن صفية (ص: 350-353).

([16]) انظر: المآخذ العقدية فيما اشتهر من الأحزاب والأوراد الصوفية، أمل عبد العزيز حسن الظفيري (ص: 188).

([17]) بصيرة القدسية بأوراد وأحزاب وأدعية السادة القادرية لمحمد أبي سفياني (ص: ٢٦).

([18]) الكنوز النورانية من أدعية وأوراد السادة القادرية، لمخلف القادري الحسيني (ص: ١٦١).

([19]) انظر: قلادة الجواهر (ص: ٢٦٠، ٢٦١)، والمجموع الجامع (ص: ٣ وما بعدها). 

([20]) انظر: الكنوز النورانية (ص: ١٩١)، والنفحات العلية في الأوراد الشاذلية، لعبد القادر زكي (ص: ٦٤و ما بعدها)، ومجموعة أوراد وأحزاب الطريقة النقشبندية، لبهاء الدين النقشبندي (ص: 118)، ومجموعة أوراد وأحزاب الطريقة النقشبندية (ص: ١٦٣). 

([21]) انظر: المآخذ العقدية فيما اشتهر من الأحزاب والأوراد الصوفية، أمل عبد العزيز حسن الظفيري (ص: 188).

([22]) مجموع الفتاوى (7/ ١٢١).

([23]) الفتاوى الكبرى (1/ ٥٤).

([24]) مدارج السالكين (1/ ٢٠٤).

([25]) مدارج السالكين (1/ ٢٠٥).

([26]) انظر: الطرق الصوفية نشأتها وعقائدها وآثارها، د. عبد الله بن دجين السهلي (ص: 81-97).

([27]) انظر: جامع البيان للطبري (21/ 125).

([28]) انظر: المآخذ العقدية فيما اشتهر من الأحزاب والأوراد الصوفية، أمل عبد العزيز حسن الظفيري (ص: 188). 

([29]) مدارج السالكين (1/ ٢٠١).

([30]) انظر: اللمع (ص: ٦٨، ٨٠).

([31]) المرجع السابق (ص: ٦٦). 

([32]) انظر: عوارف المعارف (ص: ٥٢٤).

([33]) اللمع (ص: ٦٦).

([34]) انظر: عوارف المعارف (ص: ٥٢٥).

([35]) مدارج السالكين (1/ ٢٠٢).

([36]) انظر: تلبيس إبليس (ص: ١٦١).

([37]) التعرف لمذهب أهل التصوف (ص: ٥٨).

([38]) التعرف لمذهب أهل التصوف (ص: ٥٩).

([39]) انظر: عوارف المعارف (ص: ٥٢٣).

([40]) مدارج السالكين (٢٠١/ ١).

([41]) عوارف المعارف (ص: ٥٢٦).

([42]) الرسالة القشيرية (ص: ٣٣٨).

([43]) الرسالة القشيرية (ص: ٥٧٨).

([44]) اللمع (ص: ٦٦).

([45]) مدارج السالكين (3/ ٣٣).

([46]) انظر: الإحياء (2/ ٥٢٣ وما بعدها).

([47]) الإفاضة الكبرى، لناصر الدين الخطيب (ص: ١٠).

([48]) فيوض البحور (ص: ١٣٧).

([49]) البشائر الحاتمة بأسباب حسن الخاتمة، لعبد الله الميرغني ضمن الرسائل الميرغنية (ص: ٥٥). 

([50]) الاعتصام (1/ ٥١).

([51]) أخرجه البخاري (2697)، ومسلم (4467).

([52]) جواهر المعاني (1/ ٩٢)، والدرة الخريدة (ص: ١٣٢).

([53]) الرسالة القشيرية (ص: ٣٤٠).

([54]) انظر: ضوابط الأوراد والأحزاب المستنبطة من النصوص الشرعية (ص: ١٨٥).

([55]) أخرجه البخاري (٦٤٦٥).

([56]) السبحة تاريخها وحكمها (ص: ١٠٢).

([57]) أخرجه الدارمي (٢٠٤)، وبحشل في تاريخ واسط (ص: ١٩٨) باختلاف يسير، وصححه الألباني في إصلاح المساجد (11)، والسلسلة الصحيحة (٥/ ١١).

([58]) اقتضاء الصراط المستقيم (2/ ١٤٠). 

([59]) الاعتصام (1/ ٥١).

([60]) انظر: المآخذ العقدية فيما اشتهر من الأحزاب والأوراد الصوفية، أمل عبد العزيز حسن الظفيري (ص: 203).

([61]) الفتاوى الكبرى (2/ ١٧٧).

([62]) الرسالة القشيرية (ص: ٤٩٧).

([63]) أخرجه البخاري (5590).

([64]) قيل في معنى التغبير: “هو ما يُقرأ بالتطريب من الشعر في ذكر الله تعالى، فإذا تناشدوها بالألحان طربوا، فرقصوا، وأحدثوا حركة وضجة، فسُموا مغبرة”. انظر: تهذيب اللغة، لأبي منصور الأزهري (8/ 123).

([65]) ينظر: تلبيس إبليس (ص: ٢٢٢). 

([66]) الزهد للإمام أحمد (ص: ١٣١).

([67]) انظر: جوهرة المعاني (1/ ٩٣)، والدرة الخريدة (ص: ١٥٠).

([68]) جواهر المعاني (1/ ١٠٠).

([69]) انظر: مجموعة أوراد وأحزاب الطريقة النقشبندية (ص: ٥).

([70]) الكنوز النورانية (ص: ١١٥).

([71]) طبقات الخواجكان النقشبندية (ص: ٧٣).

([72]) انظر: المآخذ العقدية فيما اشتهر من الأحزاب والأوراد الصوفية، أمل عبد العزيز حسن الظفيري (ص: 205). 

([73]) ينظر: الطرق الصوفية نشأتها وعقائدها وآثارها، د. عبد الله بن دجين السهلي (ص: 141). 

([74]) مجموعة أحزاب وأوراد الشيخ الأكبر (ص: ٣٠).

([75]) أخرجه مسلم (٦١٧٥). 

([76]) الأوراد القادرية (ص: ١٧).

([77]) مجموع أحزاب وأوراد الشيخ الأكبر (ص: 31)، وانظر: الرد على غلو الصوفية بالأولياء في الفصل الأول (ص: ٨١). 

([78]) المجموع الجامع (ص: ٤).

([79]) البدور النيرات في اختصار دلائل الخيرات، لمحمد الجزولي (ص: ٢٥).

([80]) انظر: المآخذ العقدية فيما اشتهر من الأحزاب والأوراد الصوفية، أمل عبد العزيز حسن الظفيري(ص: 214).

([81]) شوارق الأنوار (ص: ٢٣٥).

([82]) مجموع أحزاب وأوراد الشيخ الأكبر (ص: ٣٢).

([83]) الرد على المنطقيين لابن تيمية (ص: ٧٦-٧٧).

([84]) مجموع الفتاوى (10/ ٣١٥).

([85]) مجموع الفتاوى (10/ ٣١٥).

([86]) مجموع الفتاوى (10/ 317). 

([87]) دليل المريد للأوراد والوظائف في الطريقة النقشبندية العلية، لعدنان القباني (ص: ٦).

([88]) مجموع أحزاب وأورد الشيخ الأكبر (ص: ٢٦).

([89]) الأوراد القادرية (ص: ١٥).

([90]) دليل المريد (ص: ٦).

([91]) دليل المريد (ص: ٣٦).

([92]) أخرجه مسلم (503).

([93]) انظر: المآخذ العقدية فيما اشتهر من الأحزاب والأوراد الصوفية، أمل عبد العزيز حسن الظفيري (ص: 219). 

([94]) الجديد في شرح كتاب التوحيد لمحمد القرعاوي، المبحث الرابع: مآخذ عقدية متفرقة في الأحزاب والأوراد الصوفية.

([95]) الأوراد القادرية (ص: ١٩).

([96]) انظر: المآخذ العقدية فيما اشتهر من الأحزاب والأوراد الصوفية، أمل عبد العزيز حسن الظفيري (ص: 231). 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جديد سلف

الأوراد الصوفية المشتهرة في الميزان

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: إنَّ الذكرَ من أعظم العبادات القلبية واللفظية التي شرعها الله لعباده، ورتَّب عليها الأجور العظيمة، كما قال تعالى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ [البقرة: 152]، وقال سبحانه: ﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ [الرعد: 28]. وقد داوم النبي صلى الله عليه وسلم على الأذكار الشرعية، وعلَّمها أصحابَه، وكان يرشِدهم إلى أذكار الصباح […]

مناقشة دعوى الرازي: “عدم هداية القرآن إلى العلم بالله وأنبيائه”

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: لا جرم أن الله أنزل علينا قرآنا بدأه بوصفه: {لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} من إنس وجان، وتولَّى بنفسه حفظه لفظًا ومعنًى، وبَيَّنَه أتم بيان، وجعله هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، وحرَّر وفنَّد الشبهات التي ترِد على الفؤاد قبل أن ينطق بها لسان، فجلُّ ما استطاعه من […]

أصول الخطأ في الفتوى وأثره على حياة المسلمين المعاصرة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: عن معاوية رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَاللَّهُ يُعْطِي، وَلَنْ تَزَالَ هَذِهِ الأُمَّةُ قَائِمَةً عَلَى أَمْرِ اللَّهِ، لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ»([1]). العلم هو أفضل ما رغب فيه […]

أشهر من امتُحنوا في مسألة خلق القرآن

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة إن فتنة القول بخلق القرآن من أعظم الفتن التي مرت بالأمة الإسلامية، وأشد المحن التي امتحن الله بها كثيرًا من العلماء والصالحين، حيث تعرض لها أئمة أعلام وفقهاء كبار، فثبتوا على الحق، ورفضوا الخضوع للبدع وأصحابها، وأفنوا أعمارهم في الذب عن عقيدة أهل السنة والجماعة، مؤكدين أن القرآن […]

بيانُ مركزِ سلف في الردِّ على فتوى دار الإفتاء المصريَّة بجواز طَلَب المدَدِ من الأموات

الحمد لله ربِّ العالمين، وأشهد لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله وخليله ومصطفاه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومنِ اهتدَى بهداه. أما بعد: فقد أصدَرت دارُ الإفتاء المصريّة فتوى تجيزُ فيها طلَبَ المدَدِ منَ الأموات، وهو ما يُعدُّ من المسائل العظيمةِ التي تمُسُّ أصلَ الدين وتوحيدَ ربِّ […]

ردّ ما نُسِب إلى الإمام مالك رحمه الله من (جواز قتل ثُلُث الأُمَّة لاستصلاح الثلثين)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: إن حفظ النفس من المقاصد الضرورية الخمس التي اتفقت في شأنها الشرائع، وبمراعاتها يستقر صلاح الدنيا والآخرة، وجاءت الشريعة الإسلامية بمراعاتها من جهتي الوجود والعدم. وبذل فقهاء المسلمين جهودهم في بيان تلك التشريعات والأحكام المتعلقة بحفظ النفس، إذ بها تنتظم حياة الناس وشؤونهم. ومما نُسِب إلى الإمام مالك […]

مشاهد وقباب آل البيت في بلاد الشام .. بين الحقيقة والخرافة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الناظر في تاريخ بناء المشاهد والقباب في العالم الإسلامي يدرك منذ اللحظة الأولى أنّ الذي ساعد على نشر هذه البدعة السياسيون من أتباع المذاهب الباطنية التي تزعم الانتساب للتشيع لآل البيت، فالقرامطة والبويهيون والحمدانيون أول من بدأ ببناء الأضرحة كمزارات مقدّسة كالضريح المنسوب إلى علي بن أبي طالب؛ […]

المنهج العلموي في العلوم التجريبية… تقويم ونقاش

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: شهد التاريخ الإسلامي ازدهارًا غير مسبوق في مجال العلوم التجريبية خلال القرون الأولى من الحضارة الإسلامية، حيث لم يكن العلم مفصولًا عن الدين، بل كان الاستكشاف العقلي للظواهر الطبيعية يُعدّ جزءًا من عبادة الله والتأمل في خلقه. فقد أسّس الحسن بن الهيثم منهجًا تجريبيًّا في دراسة الضوء والرؤية، […]

صيانة الشريعة لحق الحياة وحقوق القتلى “ودفع إشكال حول حديث قاتل المئة”

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقدمة: إنّ أهلَ الأهواء حين لا يجدون إشكالًا حقيقيًّا أو تناقضًا -كما قد يُتوهَّم- أقاموا سوق الأَشْكَلة، وافترضوا هم إشكالا هشًّا أو مُتخيَّلًا، ونحن نهتبل فرصة ورود هذا الإشكال لنقرر فيه ولنثبت ونبرز تلك الصفحة البيضاء لصون الدماء ورعاية حقّ الحياة وحقوق القتلى، سدًّا لأبواب الغواية والإضلال المشرَعَة، وإن […]

ولاية الفقيه الشيعية.. أصولها العقدية، ومناقضتها للوحي والنبوة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: جريا على نهج مركز سلف للبحوث والدراسات في تعميق البحث في أصول المعتقدات وفروعها حررنا هذه الورقة العلمية في موضوع “ولاية الفقيه الشيعية.. أصولها العقدية، ومناقضتها للوحي والنبوة“، قصدنا فيها إلى الكشف عن أصولها العقدية داخل المذهب، وحقيقة شكلها السياسي من خلال القراءة الخمينية، معتمدين على تراث الخميني […]

مصطلح أهل السنة والجماعة.. دلالته وتاريخه

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: مصطلح “أهل السنة والجماعة” من المصطلحات الكبرى التي حظِيت بعنايةِ العلماء عبر العصور؛ نظرًا لأهميته في تحديد منهج أهل الحق الذين ساروا على طريق النبي ﷺ وأصحابه، وابتعدوا عن الأهواء والبدع، ويُعدّ هذا المصطلح من أوسع المصطلحات التي استُخدمت في التاريخ الإسلامي، حيث لم يكن مجردَ توصيف عام، […]

نزعة الشّكّ في العقيدة .. بين النّقد والهدم

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقدمة: إنَّ العقيدة هي الركيزة الأساسية التي يقوم عليها الإيمان، وهي أصل العلوم وأشرفها، إذ تتعلق بالله سبحانه وتعالى وأسمائه وصفاته، وبالإيمان برسله وكتبه، وباليوم الآخر وما أعدَّ الله فيه من ثواب وعقاب. فهي من الثوابت الراسخة التي لا تقبل الجدل ولا المساومة، إذ بها تتحقق الغاية العظمى من […]

السلفية في المغرب.. أصول ومعالم (من خلال مجلة “دعوة الحق” المغربية)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مدخل: مجلة “دعوة الحق” مجلة شهرية مغربية، تعنى بالدراسات الإسلامية وبشؤون الثقافة والفكر، أسست سنة 1957م، من إصدار وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وهي مجلة رافقت بناء الدولة المغربية بعد الاستقلال، واجتمعت فيها أقلام مختلفة التخصصات، من المشرق والمغرب، وكانت “الحركة السلفية” و”العقيدة السلفية” و”المنهج السلفي” جزءا مهمًّا من مضامين […]

قطعية تحريم الخمر في الإسلام

شبهة حول تحريم الخمر: لم يزل سُكْرُ الفكرة بأحدهم حتى ادَّعى عدمَ وجود دليل قاطع على حرمة الخمر، وتلمَّس لقوله مستساغًا في ظلمة من الباطل بعد أن عميت عليه الأنباء، فقال: إن الخمر غير محرم بنص القرآن؛ لأن القرآن لم يذكره في المحرمات في قوله تعلاى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ […]

السَّلَف والحجاج العَقلِيّ .. الإمام الدارمي أنموذجًا

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقدمة: من الحقائق العلمية التي تجلَّت مع قيام النهضة العلمية لأئمة السلف في القرنين الثاني والثالث وما بعدها تكامل المنهج العلمي والمعرفي في الدين الإسلامي؛ فالإسلام دينٌ متكاملٌ في مبانيه ومعانيه ومعارفه ومصادره؛ وهو قائم على التكامل بين المصادر المعرفية وما تنتجه من علوم، سواء الغيبيات والماورائيات أو الحسيات […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017