
مؤلفات مطبوعة في معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما (عرض ووصف)
للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة
مقدمة:
“السيد الحليم“، هكذا وُصف الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، وقد كان سيِّدًا في المسلمين، حليمًا ذكيًّا ثقِفًا، يحسن إيراد الأمور وتصديرها، جعله النبي صلى الله عليه وسلم كاتبًا من كتاب الوحي القرآني؛ لأمانته وفقهه، وقد صح في فضله أحاديث، ومهما وقع منه ومن معه من اجتهاد في قتال علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومن معه فقد اجتمع عليه المسلمون بعد تنازل الحسن بن علي رضي الله عنهما له عن الحكم، فكان أولَ ملِك عادلٍ في الإسلام، ومحلَّ إجلال من كبار الصحابة على رأسهم الخليفتان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، وشهد له الصحابة بالفقه في دين الله تعالى، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين»، وقد رواه معاوية نفسه، وكان معاوية بن أبي سفيان ولا يزال هدفًا للطعن والتكفير من أهل البدع، من الشيعة والخوارج ومتشيِّعي الصوفية وغيرهم، ولم يجد بعض أعداء الصحابة من الباطنية ومن يليهم منفذًا إلى الطعن في الصحابة إلا من جهة الطعن فيه، فكان البابَ الذي إذا طُرق، ولج الطارقُ منه إليهم، ولذلك قام في وجه هؤلاء أئمةُ الحديث والسنة والفقه، فألفوا مؤلفات قديمًا وحديثًا، يكشفون بها عن تاريخه وسيرته، ويدفعون بها عنه سهام مبغضيه وحرابهم، فتنوعت مناهجهم في التصنيف في ذلك، وألف كلٌّ وفق ما يحسنه، فكتب المحدث والفقيه، والأديب والمؤرخ، ودارت مدارساتهم حول الأسس الأصولية والفقهية، وعلى حرمة الأعراض، ووجوب التثبت، وعدم العصمة، وحقيقة الصحبة، ومقامات التوبة والمغفرة، وأحكام الاقتتال بين المسلمين، وتصويب المجتهدين، والسياسة الشرعية، والحقوق الشرعية، ومقاصد الشريعة، والجماعة والوحدة وغيرها، وهي مؤلفات كثيرة من أغلب الأحجام المعروفة، حققت أغلب مقاصد التأليف السبعة: جمع المتفرق، وتلخيص المطول، وشرح المبهم… فيها الرسالة الصغيرة، والجواب لسؤال، ومنها الكتب ذوات المَلازم، ومنها الجوامع، كل هذا سوى ما كتب عنه في كتب التراجم والتاريخ العام والخاص، أو ذكر في كتب المعتقد([1]) وشروح الحديث وكتب الأدب، وقد اطلعنا على كل ما نشر من المؤلفات الخاصة في ذلك، لكننا لم نستطع، بله ما يذكره العلماء المتقدمون والمتأخرون مما لم يطبع أو لم توجد له مخطوطة، كقول ابن حجر: «صنف ابن أبي عاصم جزءًا في مناقبه، وكذلك أبو عمر غلام ثعلب وأبو بكر النقاش»([2]).
وقد وقف مركز سلف على ستة وعشرين مؤلفًا نظنها تغني عن غيرها، وتكفي الراغب عن نظائرها، بل بعض ما وقفنا عليه يغني عن الكل، فليست العبرة بالاستكثار من المؤلفات، بل المقصود الاستقراء والتوثيق والتحقيق، وحل المشكلات بالإجابة عن الأسئلة ورفع التعارض وتصحيح الأخطاء.
وهذا حين الشروع في عرضها:
- اسم الكتاب: “أسماء الوافدين من أهل البصرة والكوفة على معاوية بن أبي سفيان”:
للعباس بن بكار الضبي (ت: 222هـ)، تحقيق سكينة الشهابي، من نشر “مؤسسة الرسالة“. والمقصود بالوافدين من كان من أصحاب علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وعددهم عشرة، وقد أردفت المحققة رواية الضبي رواية ابن عساكر لقصة هؤلاء من تاريخ دمشق، لكن بإسقاط وافدين هما: عمرو بن الحمق، وهانئ بن عروة.
- اسم الكتاب: “ثلاث رسائل في معاوية بن أبي سفيان”:
وهي رسالة “حلم معاوية” لابن أبي الدنيا (ت: 281هـ)، و”جزء فيه فضائل أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه” لأبي القاسم عبيد الله بن محمد السقطي، و”الجزء السابع عشر من كتاب شرح عقد أهل الإيمان في معاوية بن أبي سفيان، وذِكر ما ورد في الأخبار من فضائله ومناقبه رضي الله عنه” لأبي علي الحسين بن علي الأهوازي، والكتاب بتحقيق مشترك، ونشر “مؤسسة حمادة للدراسات الجامعية والنشر والتوزيع“، ومجموع الروايات في الرسائل الثلاثة مائة وأربع وستون رواية، وقد طبعت رسالة “حِلم معاوية” لابن أبي الدنيا مفردة ضمن سلسلة “نوادر الرسائل“، بعناية إبراهيم صالح، وهو جزء في أخبار حلم معاوية بن أبي سفيان الذي اشتهر به، وعددها 39.
- اسم الكتاب: “تنزيه خال المؤمنين معاوية بن أبي سفيان من الظلم والفسق في مطالبته بدم أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه”:
لمحمد بن الحسين الفراء (ت: 458هـ)، من نشر “دار النبلاء“، وقد قدم له المحقق أبو عبد الله الأثري بمقدمة فيها اثنتان وعشرون مسألة، أولها نبذة عن عثمان رضي الله عنه، ومن تلك المباحث مبحث فيه نقل كلام تسعة عشر عالما في القتال الذي جرى بين علي ومعاوية رضي الله عنهما، أولهم عمر بن عبد العزيز، وآخرهم إحسان إلهي ظهير، وآخر المباحث في الرد على الطاعنين في معاوية رضي الله عنه، وأردف المحقق ذلك بترجمة للمؤلف، ثم نص الكتاب.
وأصل الكتاب جواب لسؤال ورد على المؤلف في ما جرى بين علي ومعاوية رضي الله عنهما، وهل يجوز أن يوصف معاوية بالفسق والظلم لأجل ذلك؟ وكان بدء جوابه: «لا يجوز أن يضاف إليه شيء من ذلك، بل يقال: إنه اجتهد، وله أجر على اجتهاده»([3])، ثم بين وجه اجتهادهما، ثم عرض بعض فضائل معاوية رضي الله عنه المانعة من وصفه بالفسق والظلم. وميزة الكتاب أن المؤلف اعتمد فيه على الروايات مستدلا بها على ما يختاره ويعلل به، وهو الذي جعل المحقق يوسع الهامش بتخريجها.
- اسم الكتاب: “سؤال في معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه”:
لشيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية (ت: 728هـ)، بتحقيق صلاح الدين المنجد، ونشر “دار الكتاب الجديد“، والرسالة كما هو عنوانها جواب لسؤال مركب ورد على شيخ الإسلام ابن تيمية، والرسالة مضمنة في مجموع الفتاوى التي جمعها الشيخ ابن قاسم([4])، مع اختلافات في النص، والمفردة أجود وأتم([5]).
وكان الجواب تبعا لأجزاء السؤال متضمنا لـ: “حكم لعن الصحابة خاصة معاوية“، و”فضل معاوية“، و”معركة صفين“، و”مقتل عثمان“، وتخلل الجواب استطرادات نافعة في التفسير والحديث، والمعتقد والتاريخ والسيرة، وأصول الفقه واللغة على عادة شيخ الإسلام، ومن لطيف كلامه في شرحه حديث قتل الفئة الباغية عمار بن ياسر رضي الله عنه قوله: «أما إذا كان الباغي مجتهدا ومتأولا، ولم يتبين له أنه باغ، بل اعتقد أنه على الحق، وإن كان مخطئا، لم تكن تسميته باغيا موجبة لإثمه، فضلا عن أن توجب فسقَه»([6]).
- اسم الكتاب: “تطهير الجنان واللسان عن ثلب معاوية بن أبي سفيان مع المدح الجلي وإثبات الحق لعلي”:
لابن حجر الهيتمي (ت: 973هـ)، بتحقيق أبي عبد الرحمن الأثري، ونشر “دار الصحابة للتراث“، ألفه ابن حجر لبيان فضل معاوية رضي الله عنه، والجواب عن بعض الشبه المثارة فيه، وكان ذلك بطلب من السلطان “همايون” أكبر سلاطين الهند، وألحق بالكتاب بيان أحقية علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ردا على طائفة اليزيدية الغلاة في يزيد بن معاوية، وقد جعل الكتاب في مقدمة في فضل الصحابة وثلاثة فصول وخاتمة، فكان الفصل الأول في إسلامه، والثاني في فضائله ومناقبه، والثالث في الجواب عن جملة أمور، وفيه بيان حقيقة الدعاء النبوي عليه، والتنبيه على أحاديث موضوعة في سبه، ووجوب الإمساك عما شجر بين الصحابة، والتنبيه على تحقق نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم في مقتل عمار بن ياسر رضي الله عنه، ووصيته لعبد الله بن عمرو بن العاص، وبيان حال حديث: «أنا مدينة العلم» وغيرها.
وقد استشهد المؤلف واحتج بعشرات الأحاديث والآثار، يحتج بالمقبول، وينبه على المردود، مع مواضع نقد وتحليل، ومن لطيف كلامه في معاوية رضي الله عنه قوله: «فتأمل ما خُصَّ به معاوية المناسب لكونه كاتبه وأمينه على الأسرار الإلهية، والتنزلات الرحمانية، تعلم أن معاوية كان عنده صلى الله عليه وسلم بمكانة علية جدا»([7])، كما نبه على «عظيم فقهه، وقوة اجتهاده، بل وبلوغه فيه مرتبة علية جدًّا»([8]). ومن جميل توظيف المؤلف لفقهه أنه ذكر أن معاوية شرب مرة من ماء زمزم وقال: «ماء زمزم لما شرب له»، فاستشهد به على صحة حديث: «ماء زمزم لما شرب له» مرفوعا، فقال: «لأن كلام معاوية جاء بسند حسن، وهو مصرح بهذا الحديث، فيكون حجة على صحته، إذ الصحابي إذا قال شيئا لا مجال للاجتهاد فيه يكون في حكم المرفوع»([9]). ويستعمل المؤلف أسلوب الخطاب والوعظ، مثل: «فتفطن لذلك إن أردت السلامة في دينك»، و«فاحذر -أيها الموفَّق- أن تسترسل مع مبتدع في جدل أو خصام»، وله عناوين فرعية يقول فيها: «تنبيه»، أو «فائدة»، والكتاب في الجملة متين ومحكم، وقد قام المحقق بتحقيق مراتب الأحاديث الواردة في الكتاب مع كثرتها.
وقد اختصر الكتاب سليمان الخراشي رحمه الله، من نشر “دار علوم السنة“، فقال: «قمت باختصار رسالة الهيتمي (تطهير الجنان واللسان)، وذلك بإفراد ما يتعلق بفضائل معاوية رضي الله عنه وإجابات الهيتمي عن ما وجه له من مطاعن؛ لأنها ثمرة الرسالة، وحذف الاستطرادات التاريخية التي تعرض لها المؤلف فيما يخص وقعة الجمل وصِفِّين، مع توثيقي لما ورد فيها من أحاديث وآثار»([10]).
- اسم الكتاب: “الرقية الشافية من نفثات سموم النصائح الكافية لمن يتولى معاوية”:
لحسن بن علوي بن شهاب (ت: 1322هـ)، اعتنى به سليمان بن صالح الخراشي، من نشر “روافد“، وقدم له علوي بن عبد القادر السقاف المشرف على موقع (الدرر السنية)، وجعله في سبعة فصول وخاتمة، وتخلل ذلك تنبيهان، وكان التأليف بطلب ممن وصفهم بـ”إخواني“، والمثير منذ أول الكتاب أن المؤلف يتهم صاحب (النصائح) بالدعوة إلى مذهب الرافضة صراحة، وإن كان الموضوع متعلقًا بمعاوية رضي الله عنه.
سلك المؤلف في رده طريقة إيراد جزء من كلام ابن عقيل ثم نقده، وقد اختار أهم المواضع التي اعتبرها مظنة الشبهة، وكان نقده شاملا لجل وجوه النقد المناسبة نقلا وعقلا، وختم المؤلف بذكر زمان الفراغ من تأليفه وهو يوم الثلاثاء عشية يوم خمس وعشرين من شهر جمادى الثانية عام ثمان وعشرين وثلاثمائة وألف، ومكانه وهو بندر سنغافورة.
- اسم الكتاب: “نقد النصائح الكافية”:
لجمال الدين القاسمي (ت: 1332هـ)، قدّم له أميمة الصواف، من نشر “مكتبة الثقافة الدينية“، وقد أشار سليمان الخراشي في هامش تحقيقه “لـلرقية الشافية” إلى أنه يحققه([11])، وهي رسالة في نقد كتاب “النصائح الكافية لمن يتولى معاوية” لمحمد بن يحيى بن عقيل، أثنى فيها المؤلف على كتاب ابن عقيل من جهة سعة الاطلاع وقوة الاستحضار وإتقان التأليف، ثم كرّ عليه بالنقد العلمي الهادم لأساسات “النصائح“، ولم يتـأخر المؤلف عن التصريح بأن ما ذهب إليه ابن عقيل هو نفسه مذهب الإمامية الروافض ومن وافقهم من المعتزلة والزيدية، واستشهد لذلك بنقل نصوص من كتبهم.
ومما نبه عليه المؤلف أن المتقدمين كانوا أهل عقل ونظر وتحرر، خلاف عامة المتأخرين، مع استنكاره توسيد الأمر إلى غير أهله، ومن لطيف عباراته: «الحقيقة بنت البحث»([12])، وأفرد لمبحث اللعن المباحث الثلاثة الأولى، وجعل الرابع في التحذير من اعتماد الأحاديث الضعيفة في هذا الباب، والخامس لبيان استلزام لعن معاوية رضي الله عنه رفض مروياته، ورد اللازم بواقع حال كتب السنة، وإلا فإن ذلك يزري بكل من أخذ منه ووثقه في حديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا يعني سلامة معاوية من اللعن، ثم جعل المبحث السادس في التفسيق والتضليل، والسابع في أن المعصية لا تقطع رابطة الأخوة الإيمانية، والثامن في أن الفلاسفة مجمعون على وجوب التحقيق في البحث وإقامته على الاستقراء والتدقيق، وزاد فيه بيان موقف المحققين من أحداث الفتنة، بالنقل عن العلماء، وتحليل كلامهم، ونقد الشبه، وإيراد الآيات المناسبة والأحاديث، ثم جعل المبحث التاسع في رد دعوى أن معاوية لم يبلغ درجة الاجتهاد في الدين، والعاشر في نقد شبهة إسلام أبي سفيان وولده معاوية رضي الله عنهما طلبا للرياسة، ونبه في المبحث الحادي عشر على وجوب الإنصاف بذكر ما على الشخص وما له، وجعل الثاني عشر في الموالاة والمعاداة في الله، وخص المبحث الثالث عشر لأمر عجيب وخطير، وهو استلزام الطعن في معاوية الطعن في الحسن بن علي رضي الله عنهما لتنازله له عن الحكم، وكان المبحث الرابع عشر في مناقشة ابن عقيل في تهجمه على البخاري بدعوى عدم روايته عن جعفر الصادق، وجعل الخاتمة خلاصة لموقفه تبعا للسلف الصالح في قبول رواية معاوية رضي الله عنه، ونبه على أن كل هذا لا يعني موالاة من خالف الشرع من الولاة والحكام ممن عضّ على الحكم.
- اسم الكتاب: “الأحاديث النبوية في فضائل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه”:
لمحمد الأمين الشنقيطي (ت: 1393هـ)، ومعه “منحة ذي الجلال في التعليق على فضائل معاوية بن أبي سفيان وإبطال حجج الرافضة وأهل الضلال” لعمرو عبد المنعم سليم، من نشر “دار الضياء للنشر والتوزيع“.
أما الكتاب الأصل فهو رسالة صغيرة الحجم، جعلها المؤلف لعرض الأحاديث الواردة في فضل معاوية مع تخريجها تخريجًا علميًّا، وكشف الشبهات حولها، خاصة نفي بعض العلماء وجود حديث ثابت في فضل معاوية رضي الله عنه، والأحاديث هي: «اللهم اجعله هاديًا مهديًّا»، و«اللهم علم معاوية الحساب، وقِهِ العذاب»، و«لا أشبع الله بطنه»، و«أول جيش من أمتي يغزون البحر»، و«إن وُلِّيتَ أمرًا فاتق الله واعدل». ومن التنبيه المهم في رسالته أنه اقتصر فقط على المرفوع، وإلا فإن في هذا موقوفًا كثيرًا في فضائله من أقوال الصحابة والتابعين وأئمة الإسلام([13])، وقد عقد المؤلف مبحثا للموقف الشرعي في أمر معاوية رضي الله عنه، وأنه مدخل للكلام في الصحابة رضي الله عنهم، وسر الباب عنده: «نقول كما قال السلف رحمهم الله: إنه لا يجوز في معاوية إلا ذكر محاسنه وفضائله، والكفُّ عن مساويه»([14]).
وأما المعلق فقد انتقد ما نسب إلى معاوية بن أبي سفيان من تُهَم الزُّور والبهتان التي صدرت من حَسَن السقاف، وهي “تهمة شرب الخمر“، و”تهمة قتل حجر بن عدي“، و”التهمة بقتل عبد الرحمن بن خالد بن الوليد“. وختم ذلك بذكر عقيدة المسلمين في الصحابة بإيجاز، واعتمد في ذلك على آيات قرآنية وأحاديث نبوية، وعلى أقوال السلف الصالح رضي الله عنهم، فالكتاب بمجموع الرسالتين نافع جدًّا، مع صغر حجمه.
- اسم الكتاب: “العقاد في الميزان لمناسبة كتابه عن معاوية بن أبي سفيان”:
لمحمود بن الأمين النواوي (ت: 1399هـ)، بتحقيق سليمان بن صالح الخراشي، ونشر “دار اللؤلؤة“، وكان العقاد قد ألف رسالة بعنوان: «معاوية بن أبي سفيان في الميزان»، نشرت ضمن سلسلة لدار الهلال كما يقول المؤلف، ولم أجد على غلاف نسخة الكتاب التي بين يدي من ذلك إلا «معاوية بن أبي سفيان»! وللكتاب طبعات، منها طبعة «نهضة مصر»، والطبعة التي بين يديّ هي السادسة، وقد كان أول جملة أبدى فيها المؤلف اعتراضه على ما كتبه العقاد قوله: «والأستاذ العقاد لم يكتف بتضليلات الناس، وصرفه إياهم عن الحق في كثير من رواياته عمدًا أو خطأً، ولكن الأستاذ تحامل وتحامل، وخيّم على القارئ بسفسطات يخرج منها وهو سيئ الظن بصحبة هذا النبي، ضعيف الحماسة نحو دينه السماوي، فاتر العقيدة في تخريجه، كما تسيء الظن برجل عظيم، تعبث الفوضى بأصدقائه والحافين حوله، وهو أحرص ما يكون عليهم، وهم أحرص ما يكونون على الأخذ بمزاياه، والانتفاع بما آتاه الله»([15])، وهذه بداية جامعة ملخصة لمقاصد الكتاب وأهدافه.
سلك المؤلف مسلك الأدب مع العقاد، فقد كان يستعمل عبارات لطيفة مهذبة، مثل قوله: «أصلح الله شأننا وشأنه، وهدانا الله وإياه إلى مسالك الحق»([16])، وبنى الكتاب على اقتباس عبارات للعقاد، يعرضها عرض استشهاد على ما يدعيه فيه، وجعل من أصول كتابه الإجابة لأسئلة ثلاثة، وهي:
«هل كان هذا معاوية بن أبي سفيان؟
وهل ذلك مقتضى البحث في الرجال؟
وهل تلك المصادر التي كان يستقي منها مما ينبغي أن يطمئن إليه رجل يواجه الناس بمشكلات مسائل التاريخ في نواحيها الحساسة التي تلامس العقائد، وتتصل بالديانات؟»([17]).
جعل المؤلف أصولَه في الإجابة الأحاديثَ وأقوالَ السلف والأئمة في معاوية رضي الله عنه، ومن لطيف ذلك نقله عن ابن تيمية نصًّا طويلًا من (منهاج السنة النبوية) في ما يجب على المسلم للصحابة رضي الله عنه، ثم وصفه بقوله: «ذلك كلام نفيس قيم إلى الغاية، لا يترك لقائل مجالا في نقد، ولا جرأة على حماة الإسلام»([18])، ولم يكن هذا النص الوحيد، فقد أكثر من النقل عنه في مواضع من الكتاب، ثم عرض فضائل معاوية المستنبطة من أخبار الصدق عنه في التاريخ، وعارض بها ما ادعاه العقاد فيه ظلما وعدوانا، والعجيب في هذا أن العقاد اطلع على رد النواوي، وعارضه بمقالات في صحيفة «أخبار اليوم»، وأعاد المؤلف طبع هذا الكتاب مع حاشية ملحقة به ردا على معارضات العقاد.
قدم المحقق خدمة جيدة للكتاب، فبدأ بمقدمة، ثم ترجمة للعقاد، وترجمة للنواوي، وألحق بالكتاب مقالة لمحمود الملاح العراقي بعنوان: “قاص الجيوب” في الرد على رسالة العقاد، مأخوذة من “مجموع السنة“، وهو في جزأين، فيه مقالات للملاح وغيره، وللملاح أسلوب أدبي لطيف، وقد عرف عنه التصدي للفكر الشيعي ومحاولات التقريب بينه وبين الإسلام، كما زين المحقق الكتاب بحواش مفيدة ونافعة.
- اسم الكتاب: “القول الرضي بتصحيح حديث الترمذي في فضل معاوية الصحابي”:
لمخدوم السندي، تحقيق أحمد فريد المزيدي، من نشر “دار الحقيقة للبحث العلمي“، والحديثُ موضوعُ الرسالةِ هو قول النبي صلى الله عليه وسلم في معاوية رضي الله عنه من حديث عبد الرحمن بن أبي عميرة: «اللهم اجعله هاديًا مهديًّا، واهدِ به»، وكان سبب تأليفه كما قال: «اقترح عليَّ أخ في الله -ساقه الله تعالى إلى رضاه- أن أكتب شيئا على حديث أخرجه الإمام الحافظ أبو عيسى الترمذي في معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما مرفوعا..»([19])، وذكر الحديث، وقد حقق المؤلف في النظر فيه بمباحث حديثية في غاية الدقة والمتانة، فترجم للرواة وانتقد وناقض، وحقق ودقق، فهي رسالة للمتخصصين، ومن دقيق تحقيقاته في مبحث “التغير والاختلاط” قوله: «وقد حررنا وفيات الآخذ والمأخوذ عنه ومواليدهما، فولد أبو مسهر سنة أربعين ومائة، ومات سنة ثماني عشرة ومائتين وعمره ثمان وسبعون، وولد سعيد بن عبد العزيز سنة تسعين، ومات سنة سبع وستين ومائة، وعمره سبع وسبعون سنة، فبين وفاتيهما إحدى وخمسون سنة، فلمَ لا يجوز حط أيام الصغر وعدم التحمل لأبي مسهر، ووضع يسير من آخر عمر سعيد لأجل التغير والاختلاط كما لا يخفى على من له معرفة في علوم الحديث»([20]). وقد ألحق المحقق بالرسالة مبحثًا موازيًا، كأنه أعاد ترتيب الرسالة الأصل بطريقة عصرية مختلفة، والعمل كله مما يفرح به، ويحسن نظر الطالب فيه.
- اسم الكتاب: “درء الغاوية عن الوقيعة في خال المؤمنين معاوية رضي الله عنه”:
لزكريا بن علي القحطاني، من نشر “دار المغني“، و”مكتبة العلوم والحكم“، جعله صاحبه في مقدمة وأبواب ثلاثة وخاتمة، تحت كل باب ثلاثة فصول، فأما الباب الأول فـفي “فضل الصحابة رضي الله عنهم، ووجوب محبتهم، ومذهب أهل السنة فيهم، وحكم الخوض فيما شجر بينهم، وحكم سبهم، أو تنقص حالهم رضي الله عنهم أجمعين“، وأما الثاني ففي “ذكر معاوية رضي الله عنه وفضائله وجهاده وشيء من خصاله“، وأما الثالث ففي “ما طعن به معاوية رضي الله عنه ودرء ذلك“.
ومن قوي كلامه في أول الكتاب قوله: «فوالله، ثم والله، ما طعن أحد على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء إلا وفي نفسه داخلة سوء على الإسلام وأهله، وهذا ما دعاني إلى التأليف، وجر مداد قلمي على هذه الصفحات، لأنصر بها من نصر الدين، ومن نصر شريعة رب العالمين، من المهاجرين والأنصار، وأخص بها خال المؤمنين، وكاتب وحي رب العالمين: أبا عبد الرحمن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه»([21]).
ومن جميل ما قاله: «فهم بحق ديباجة الدنيا، ومكرمة الدهر، فلو قيل لليل والنهار: تكلما، لقالا: ما اشتملنا على مثلهم بعد الرسل قط، فهم شامة في جبين هذا الزمان، فرضي الله عنهم أجمعين، وألحقنا بهم غير خزايا ولا ندامى»([22]).
ومن أحسن ما نبه عليه قوله: «وأهل السنة والجماعة يعتبرون معاوية رضي الله عنه الميزان في حب الصحابة رضي الله عنهم، قال الربيع بن نافع رحمه الله: معاوية بن أبي سفيان ستر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا كشف الستر اجترأ على ما وراءه»([23]). وأعجب منه تنبيهه على أنه يحسن إدراج النص على وجوب حب معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه في كتب المعتقد المختصرة، كما هو حال المسح على الخفين؛ لمباينة أهل السنة والجماعة غيرهم فيه، ونقل في هذا قول ابن المبارك رحمه الله: «معاوية عندنا محنة، فمن رأيناه ينظر إليه شزرا اتهمناه على القول» يعني في الصحابة([24]).
وجعل المؤلف خاتمته لسرد خلاصة لنتائج بحثه في أربع عشرة فقرة، وهو تلخيص جيد لكل الكتاب، والكتاب نافع جيد، فيه قوة إقناع وحجاج كافية والحمد لله.
وقد كان بناء الكتاب على القرآن والأحاديث، وجله نقل واقتباس عن السلف وأهل العلم، مع حرص على الإحالة بالتوثيق، وهو قريب من رسالة “من سب الصحابة ومعاوية فأمه هاوية” من هذا الوجه، وإن اختلفا في المباحث والمسائل وترتيبها.
- اسم الكتاب: “من أقوال المنصفين في الصحابي الخليفة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه”:
لعبد المحسن العباد، والكتاب رسالة صغيرة في اثنتين وعشرين صفحة، من نشر “مركز شؤون الدعوة” التابع للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وأصلها محاضرة ألقاها المؤلف بالجامعة، وقد نبه على أنه سيبدأ بكلام عام في الصحابة ثم يخص معاوية رضي الله عنهم بالحديث، وكان سبب هذا التخصيص كلمة أبي توبة: «إن معاوية بن أبي سفيان سِتْر لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن كشف الستر اجترأ على ما وراءه»([25])، وقد وفى، وقد نقل عن كثير من العلماء أقوالهم المنصفة في معاوية رضي الله عنه، وكان لا يوثق ذلك إلا قليلا جدا، وختم كل ذلك بالنقل عن شارح الطحاوية ابن أبي العز الحنفي قوله في وجوب الإمساك عما وقع بين الصحابة رضي الله عنه.
- اسم الكتاب: “من سب الصحابة ومعاوية فأُمُّه هاوية”:
لمحمد بن عبد الرحمن المغراوي، وهو العدد رقم (3) من “سلسلة العقائد السلفية“، من نشر “مكتبة التراث الإسلامي“.
جعل المؤلف الرسالة في مقدمة وأربعة عشر مبحثا، وهو كتاب مقسم إلى قسمين، قسم عام في محاكمة ساب الصحابة رضي الله عنهم، وقسم خاص متفرع في معاوية رضي الله عنه، وقد بين المؤلف أن سبب تأليفه تطاير شرر الرفض إلى المغرب، وقال: «فخفت على الشباب في بلاد المغرب الذي عافاه الله من هذه الكوارث التي حلت بغيره من بلاد المشرق… جمعتُ هذا الجزء المبارك لعله يكون وقاية وحماية لشباب المغرب خاصة وباقي الشباب في بقية البلاد»([26]).
ومن المباحث الجيدة في الكتاب: “بيان الحق فيما وقع بين الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين“، و”حكم من سب الصحابة وما يترتب على ذلك من العقوبات“، و”أحاديث باطلة لا تصح في شأن معاوية رضي الله عنه“، وقد حشر المؤلف لذلك وغيره من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية شيئًا كثيرًا، وزانه بجيش عرمرم من أقوال السلف والأئمة والعلماء في ذم الروافض وبيان فضل الصحابة وفيهم معاوية، والنهي عن سبهم، من مختلف مذاهب أهل السنة والجماعة، ووثق ذلك توثيقًا حسنًا، ووقف عند طعن بعض المتقدمين والمتأخرين في معاوية رضي الله عنهم، ومن كلامه: «واعلم -أخي القارئ- أنه ما استحق واستوجب سابُّ الصحابة والطاعن فيهم هذه العقوبات الرادعة إلا لأنه بطعنه هذا يطعن في الشريعة الغراء؛ لأن الصحابة هم ناقلوها، والذابون عن حياضها، والطعن في الناقل طعن في منقوله»([27])، وقوله: «ورحم الله أهل السنة السلفيين الذين عرفوا للصحابة قدرهم، وأنزلوا كل واحد منزلته، فتكلموا بعدل وإنصاف، فكانوا حقًّا أعلم الناس بالحق، وأرحمهم بالخلق»([28]).
- اسم الكتاب: “معاوية بن أبي سفيان، صحابي كبير، وملك مجاهد”:
لمنير محمد الغضبان، من سلسلة أعلام المسلمين رقم (21)، ونشر “دار القلم“، أقام المؤلف بناء كتابه على الاستقراء وتحقيق الروايات ما أمكنه مما وقع بين يديه من المصادر الأمهات، ومما قاله في المقدمة: «ولقد أقدمتُ على هذا الأمر وأنا أعلم وُعُورة الطريق وأشواكه، وأعلم أني سأخوض في بحر من الروايات، هيهات أن يبتغي الدر من أحشائها إلا من أمدَّه الله بعونه وعنايته… ولعل باحثا يأتي من بعدي يرسم الصورة كاملة صحيحة»([29]).
كانت هناك ملاحظات على الكتاب، منها ما أثبته المؤلف نفسه، صادرة عمن تكلف مراجعة كتابه وإبداء ملاحظاته عليه، وسماه محمد حسن بريغش، بل كان الناشر مشاركا في عملية النقد، وأثبتها في هامش الكتاب، فإنك تجد مثلا تعليقا على قوله: «مما جعل الأمر يقبل لدى معاوية اتهام علي رضوان الله عليه بدم عثمان»، ففي الهامش: «هذا استنتاج لا نوافق المؤلف عليه، ولم يقل به أحد من علماء الأمة، فمعاوية لم يتهم عليا بدم عثمان…»([30])، ومما يعاب على الكتاب أنه لم يحسن التخلص في آخر الكتاب، فإنك تجده يختم بقوله: «ثم كأنه ندم فقال: والله إنه لملك آتانا الله إياه»([31])، وكان القصد الأكبر للمؤلف الدفاع عن معاوية، ورفع ما وقع في حقه من ظلم لأسباب راجعة إلى عدم التحقيق التاريخي، أو الحقد الفكري والعقدي على الصحابة عامة وعليه خاصة، ولذلك قال: «إني أرفع الحيف والظلم الذي وقع في تاريخ معاوية، دون أي مساس ولو مرة واحدة بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه»([32]).
وجعل المؤلف معاقد الكتاب تحت ثمانية وثلاثين عنوانا، منها “الإسلام يدخل قلب معاوية“، و”قصة التحكيم“، و”الملك المجاه إلى جوار ربه“. وطريقة المؤلف طريقة العرض التاريخي بأسلوب أدبي ملخص للأخبار، وبلغة عصرية سهلة، قريبة من نمط “الرواية“، التزم في ذلك التوثيق والإحالة إلى مصادره، وقد ينتقِد بعض ما يقف عليه من الروايات انتقادا تاريخيا للمتن، مثل قوله في بعضها: «غير أن فيها إشكالا، هو أنها ذكرت في عام الجماعة، علما بأن معاوية رضي الله عنه لم يحج إلا عام أربعة وأربعين وعام خمسين أو واحد وخمسين، وأرجح أنها تمت في أحد هذه العامين…»([33]). فالكتاب عموما جيد، ويصلح لفئة واسعة من القراء، وله قدرة معتبرة على تصحيح التصورات والمواقف.
- اسم الكتاب: “معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما وأسرته”:
لمحمود شاكر الحرستاني، من نشر “المكتب الإسلامي“، وهو في ثلاثة أبواب: الأول هو “معاوية بن أبي سفيان”، تحته خمسة فصول: “قبل الإسلام”، و”معاوية في الإسلام”، و”خلافة معاوية”، و”صفات معاوية”، و”مكانة معاوية”، والباب الثاني “أسرة معاوية”، وتحته فصول، وهي: “والدا معاوية”، و”إخوة معاوية”، و”نساء معاوية وأبناؤه”، والباب الثالث في “يزيد بن معاوية”، وأول فصوله: “نشأة يزيد”، والثاني “خلافة يزيد”، والثالث “صفات يزيد”، والرابع “أسرة يزيد”، وكان المؤلف يضع مع ذلك أثناء كل فصل عناوين فرعية مبينة لمضمون الفقرات تحته، بأسلوب أدبي يعرض فيه الأخبار مؤلفة بإتقان الخبير المؤرخ. ومما يؤخذ على المؤلف أنه مع إحالته إلى مصادره في الهامش فإنه لم يكن يوثق بالجزء والصفحة، ولم يحسن التخلص في آخر الكتاب.
من أفضل ما يقف عليه القارئ للكتاب قول المؤلف: «دوّن أهل الأهواء التاريخ حسب هواهم، ودسوا فيه ما شاؤوا من أكاذيب، وما وضعوا من افتراءات، وما اخترعوا من قصص يأباها الدين، ولا يقبلها عقل… ونظمت قصائد، وحشيت ضمن كتب وضعت للشعر… وكتبت قصص نسجت بأسلوب أدبي، وصيغت بشكل مرغّب، وحشيت في كتب الأدب، وقدمت للناس، فحفظت، وغدا العامة يرددونها حتى أصبحت عندهم كالحقائق، وما هي إلا افتراءات وأكاذيب، وروجت الشائعات عن بني أمية من غير دراسة أو تحقيق أو تحليل، أو غير نظرة فاحصة عامة، ثم غدت هذه الشائعات روايات حيكت بشكل مقبول، ونسجت بخيوط الأخبار بصورة تدين بني أمية، وتصورهم على حالة كبيرة من السوء، وكلما كان الرجل من بني أمية أكثر مكانة كان الاتهام إليه أكبر»([34])، وهذا كلام في غاية القوة، يكاد يلخص أصول الشبه التي روّجت في حق معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، وكذلك قوله: «كلما كان حاكم الدولة الإسلامية قويا كانت السهام الموجهة إليه أكثر سمًّا، والتسديد عليه أكثر دقة، والتخطيط ضده أكثر خبثًا، والافتراءات عليه أكثر إشاعة، والقصص الموضوعة عليه أكثر فنا… وإذا كان هذا الحاكم القوي فالضعيف أقلّ»([35])، وهذا موافق لطريقة أعداء الإسلام في محاولة إسقاط الأعلى شأنا، ليسهل إسقاط من كان أدنى، ولذلك حاولوا النيل من صحيح البخاري لأنه الأصح، ومن أبي هريرة لأنه الأحفظ، وهكذا.
- اسم الكتاب: “معاوية بن أبي سفيان، شخصيته وعصره”:
للدكتور علي الصلابي، من نشر “دار الأندلس الجديدة“، وهو أوسع كتاب -فيما أعلم- كتب في سيدنا معاوية رضي الله عنه، وهو محاولة استقراء موفَّقة لكل التفاصيل المتعلقة به، وقد جعله في مقدمة وأربعة فصول، والكتاب في أكثر من خمسمائة صفحة، وعلى عادة الدكتور الصلابي فقد حشد فيه اقتباسات من مؤلفات من التاريخ العام والخاص، ومن مصنفات في معاوية بن أبي سفيان على جهة الأخصية، فجعل الفصل الأول في سرد سيرته التاريخية من مولده إلى نهاية الخلافة الراشدة، وخص الفصل الثاني ببيان بيعته وأهم صفاته ونظام حكمه، وجعل الفصل الثالث في سياسته الداخلية، والرابع في الفتوحات الإسلامية في عهده. والكتاب امتداد لسلسلته في تاريخ الإسلام، بدءًا بالسيرة النبوية ثم الخلفاء، وقد كان من مميزات الكتاب -سوى الاستقراء والتحقيق- أنه تعرض لمناقشة الشبهات الموضوعة على سيرة معاوية بن أبي سفيان وأخبار الفتوحات في عهده.
وكان المؤلف حريصا أحيانا على نقل نصوص طويلة من مصادرها، ولذلك تضخم الكتاب، ومع ذلك فقد يصعب تلخيص الكتاب للإحكام الذي يوجد بين الفقرات والمباحث، ولم يخل الكتاب من حديث عن شخصيات أخرى، على رأسها عثمان بن عفان رضي الله عنه، وللمؤلف فيه تصنيف مفرد، وقد عقد للحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه مبحثًا خاصًّا، ومن لطائف ما أورده المؤلف ما يمكن تسميته: “فقه سيرة الصحابة” في مقابل “فقه السيرة النبوية“، فقد عقد مبحثا في “هل يمكن الاستفادة من حادثة التحكيم في فض النزاعات بين الدول الإسلامية؟”([36])، ومن المباحث الجيدة في الكتاب “ثناء العلماء على معاوية، ودخول دولة بين أمية في خير القرون“([37])، ومبحث خاص بالسنن الكونية التي أقامها معاوية في فتوحاته، وهي عشرة.
ومن نماذج ما حقَّقه المؤلف: قوله في سبب عدم مبايعة معاوية لعلي أنه قال: «ولقد كان الحرص الشديد في تنفيذ حكم الله في القتلة السبب الرئيسي في رفض أهل الشام -بزعامة معاوية بن أبي سفيان- بيعةَ علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، ورأوا أن تقديم حكم القصاص مقدم على البيعة…»([38])، ومنها اعتراضه على القول بجواز التبرك بآثار الصالحين دون النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «إلا أنه عارضنا في ذلك أصل مقطوع به في متنه، مشكل في تنزيله، وهو أن الصحابة رضي الله عنهم بعد موته عليه السلام لم يقع أحد منهم في شيء من ذلك بالنسبة إلى من خلفه، ولم يفعل به شيء من ذلك…»([39])، وهو الختم على الكتاب كله، والحمد لله رب العالمين.
- اسم الكتاب: “إسكات الكلاب العاوية بفضائل خال المؤمنين معاوية”:
لمحمود بن إمام آل موافي، والكتاب بحث استقصائي استقرائي، من نشر “العلوم والحكم“، جعله المؤلف في مقدمة وثمانية فصول، جعل الفصل الثالث في عرض الأحاديث في فضل معاوية رضي الله عنه، أوصلها إلى تسع عشرة فضيلة، ومن فصوله المميزة السابع، وهو فصل متعلق بالرد على طعون المتقدمين والمعاصرين، أما المتقدمون ففيهم المسعودي صاحب (مروج الذهب)، والأصفهاني صاحب (الأغاني) والحاكم والنسائي والقرطبي، وأما المعاصرون فـعلي عاشور الجنوبي محقق تاريخ دمشق، وسيد قطب، وخالد محمد خالد، والغماريون الدرقاويون، على رأسهم أحمد، وعبد الوهاب النجار في كتابه “الخلفاء الراشدون“، وحسن السقاف الأردني، وطارق السويدان، وعباس محمود العقاد، وعبد الله بن يوسف الجديع في كتابه “أضواء على حديث افتراق الأمة“، ومثله في التميز الفصلُ الثامن الأخير في ذكر أسماء رواة شيعة انبنى على رواياتهم طعن في معاوية رضي الله عنه، وقريب منه في التميز الفصل السادس، ذكر فيه بعض الأحاديث من مسند معاوية وروايته، وأما باقي الفصول الأول والثاني والرابع والخامس ففي أحاديث في فضل الصحابة، وأقوال السلف في حكم من طعن في واحد منهم، وأقوال التابعين في فضله، وبيان مكارم أخلاقه.
من منهج المؤلف اعتماده في فصول الكتاب على صحيح الأحاديث والآثار، فإنه يورد الأحاديث سردا، وقد يعلق على بعضها، ومن منهجه الاستشهاد بما خف ضعفه منها، فإنه قال: «وقد التزمت قدر الإمكان أن تكون الحجة قائمة في كل فصل من فصول هذا الكتاب بالأحاديث والآثار الصحيحة السنة، ثم عقب»([40]).
ومن عجيب الروايات التي أوردها ما رواه أبو داود عن عمرو بن أبى قرة قال: كان حذيفة بالمدائن، فكان يذكر أشياء قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأناس من أصحابه في الغضب، فينطلق ناس ممن سمع ذلك من حذيفة فيأتون سلمان فيذكرون له قول حذيفة، فيقول سلمان: حذيفة أعلم بما يقول، فيرجعون إلى حذيفة فيقولون له: قد ذكرنا قولك لسلمان فما صدقك ولا كذبك. فأتى حذيفة سلمان وهو في مبقلة فقال: يا سلمان، ما يمنعك أن تصدِّقني بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال سلمان: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغضب فيقول في الغضب لناس من أصحابه، ويرضى فيقول في الرضا لناس من أصحابه، أما تنتهى حتى تورث رجالا حب رجال ورجالا بغض رجال، وحتى توقع اختلافا وفرقة؟! ولقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب فقال: «أيما رجل من أمتى سببتُه سبّةً أو لعنتُه لعنةً في غضبى -فإنما أنا من ولد آدم أغضب كما يغضبون، وإنما بعثني رحمة للعالمين- فاجعلها عليهم صلاة يوم القيامة»، والله لتنتهين أو لأكتبن إلى عمر. وعلق عليه المؤلف محتجا به على من يجوزن الخوض فيما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم.
ومن جيد ما قاله المؤلف: «لذا وجبت محبة من التزم منهج أهل السنة والجماعة للصحابي معاوية رضي الله عنه، فإنه قد نال شرف الإسلام، وشرف الصحبة، وشرف النسب، وشرف مصاهرته صلى الله عليه وسلم، وشرف كتابة الوحي، وشرف العلم والحلم والإمارة في زمن الخليفتين الراشدين عمر وعثمان رضي الله عنهما، ثم الخلافة»([41]).
- اسم الكتاب: “الناهية عن طعن أمير المؤمنين معاوية”:
لعبد العزيز بن أحمد بن حامد، من نشر “غراس“، وكان من دوافع إخراج المحقق لهذه الرسالة الصغيرة ما ذكره في قوله: «لا سيما وأنه في هذا الوقت قد كثر في هذا الموضوع القيل والقال، وصدرت الكتب في ذلك والأشرطة، والتي هي بعيدة كل البعد عن منهج أهل السنة، فأحببت أن أشارك في هذا الموضوع المهم»([42]). وقد جعله في تسعة عشر فصلا في فضائل الصحابة، والنهي عن مطاعنهم، والنهي عن ذكر المسلم إلا بخير، والنهي عن سب الأموات، والنهي عن ذكر التشاجر وقصة التشاجر مختصرة، والمجتهد لا يؤخذ بالخطأ، والتحكيم، والجواب عن مطاعن معاوية رضي الله عنه، ونُبَذ من فضائل عائشة رضي الله عنه، وذكر أبي سفيان رضي الله عنه ومروان بن الحكم، ومناقب طلحة ومحمد بن طلحة والزبير، وأحاديث في فضائل معاوية رضي الله عنهم جميعا، وإنما ذكر هؤلاء الصحابة لأنهم جزء من “قصة التشاجر” بين علي ومعاوية رضي الله عنهما، أي: “معركة الجمل” و”التحكيم“. والرسالة عبارة عن سرد للأحاديث والآثار، ونقل عن شراح الحديث، وقد ختمها المؤلف بالتنبيه على وقت الفراغ من صناعتها، وكان ذلك عند وقت صلاة الجمعة، وقال: «ما قد ذكرنا فيه كفاية لأهل الإنصاف، وإلى الله المشتكى أن يتمرد المبتدع من الاعتساف»([43]).
- اسم الكتاب: “أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان مناقبه وسيرته”:
لسعد العنزي، من نشر “دار الوطن“، قصد فيه المؤلف إلى وضع مختصر في سيرة معاوية بن أبي سفيان، وجعله في ستة عشر فصلا، أولها في اسمه ونسبه، وآخرها في موته، وفيها ما يتعلق بمولده وإسلامه وصفاته ومناقبه وجهاده، وما يتعلق بأحداث الفتنة وعقيدة أهل السنة والجماعة فيه وحكم من لعنه، اعتمد في كل ذلك على الأحاديث والآثار وأقوال للعماء، مع توثيق وحس نقدي واختيارات وترجيحات، ومن ذلك قوله: «لا شك أن معاوية رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرابته -كما تقدم-، ويكفيه هذا شرفا وفضلا، مع الصحبة، وهو خال المؤمنين، وصهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ أخته أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنه زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وهو كاتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ونال شرف خدمته في مواقف كثيرة»([44])، وتجده أحيانا يعقد لبعض اللطائف مسائل، مثل مسألة: «قال أبو بكر بن العربي: فإن قيل: ألم يكن في الصحابة أقعد بالأمر من معاوية؟!»([45])، وقد يستطرد، فقد عرض حكم اقتناء كتب أهل الضلال والزندقة، ونقل بعص النصوص الفقهية في ذلك وأحال على مصادر معتبرة، ومن ذلك قوله -تعليقا على تحريق بعض المحدثين كتبا فيها أحاديث رديئة-: «هذا والله الفقه؛ لأن هذه الكتب كتب بدعة محرمة، والمحرم لا يعد مالًا محترمًا، ولا يحل بيعه، كما قال الفقهاء في كتب المجون والبدع…»([46])، وأيضا استطرد ببيان الموقف ممن يحكم على معيَّن بالجنة أو النار، فقال: «ولهذا لا يشهد لمعين بالجنة إلا بدليل خاص، ولا يشهد على معين بالنار إلا بدليل خاص…»([47]). وختم الرسالة بقوله: «رضي الله عن أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان وأرضاه، ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم».
- اسم الكتاب: “خال المؤمنين معاوية بن أبي سفيان”:
لأبي عبد الله النايلي، من نشر “دار الإمام البخاري“، والكتاب رسالة صغيرة، وأساسها مجتمع في قوله: «وإن مما ابتلينا به في هذا الزمان تحالفَ المبتدعة وبعض أشباه المثقفين على الطعن في الصحابة والتطاول على مقامهم الرفيع، فبعضهم لحقد دفين في أنفسهم، والبعض الآخر تحت شعار النقد التاريخي لما جرى بينهم رضوان الله عليهم، وما نرى ونسمع اليوم من الطعن في الصحابي الجليل خال المؤمنين معاوية رضي الله عنه -تارة بلعنه، وتارة بزعم أنه سبب انقسام الأمة وافتراقها- لشاهد على هذا التحالف البغيض، ولا حول ولا قوة إلا بالله»([48]). ولأجل ذلك عقد مقدمة ألف فيها بين الأحاديث والآثار وأقوال للعلماء في الصحابة وحكم سبهم وفي معاوية وما جرى من الخلاف بينهم، وفي الرسالة نفَس وعظي، يخاطب به المؤلف القارئ، لكن المقصد من الرسالة ترجمة مختصرة لمعاوية رضي الله عنه، فيها ذكر اسمه ونسبه، ومولده وأبيه وأمه، وإسلامه وزهده، وحلمه وخلافته، وكونه خال المؤمنين وأحد كتاب الوحي، وغير ذلك.
- اسم الكتاب “ديوان معاوية بن أبي سفيان”:
جمعه فاروق اسليم، من نشر “دار صادر“، ورتبه كما العادة تبعا لقافيته بترتيب حروف المعجم، وقد بين الجامع دافعه لهذا العمل فقال: «وأما الدارسون فلم يحفلوا بشعر معاوية، ولا بشعر أمثاله من القادة السياسيين، عدا شعر الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، ولذلك عقدت العزم على جمع شعر معاوية وشرحه، وتقديمه ميسَّرا إلى المهتمين بالتاريخ وبالشعر في الحقبة التي عاش فيها معاوية»([49]).
وأول بيت فيه من الوافر:
ألا يا سعد قد أظهرت شكا *** وشك المرء في الأحداث داء
وآخر بيت من الطويل:
شجاع إذا ما أمكنتني فرصة *** وإن لم تكن لي فرصة فجبان
وكانت طريقة الجامع مع الترتيب أن يشرح في الهامش الغريب، ويذكر مناسبات الأبيات مع تخريجها والإحالة إلى مصدرها، وكان عددها أربعة وستين مقطعا، وأقلها بيت، وكثير منها قصائد، والملاحظة على هذا العمل أنه لم يوف حق التثبُّت من صحة نسبة كل ذلك إلى معاوية، فلا بد أن فيه من المنتحل المكذوب، ولذلك ينبغي الاحتياط في اعتباره مرجعا.
- اسم الكتاب: “صفحات من سيرة أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان”:
لمازن البيروتي، وهي رسالة صغيرة الحجم، وُزعت مجانا، جعلها المؤلف في أربعة فصول: حكم سب الصحابة، ترجمة موجزة لمعاوية رضي الله عنه، فضائل معاوية رضي الله عنه وبعض خصاله الحميدة، معلم الناس الخير، وقد اعتمد فيها على أحاديثَ وأقوال للعلماء المتقدمين والمتأخرين، مع حرص على التوثيق، وقد بدأ الرسالة بقوله: «كثر الطعن على هذا الصحابي الجليل من قبل أناس نسبوا أنفسهم إلى أهل السنة والجماعة، وهم منها براء، فكالوا التهم والافتراءات إليه مستندين في ذلك إلى كتب التاريخ والأدب التي حوت كل غث وسمين من غير يميزوا صحيح الروايات من سقيمها»([50]).
- اسم الكتاب: “مرويات خلافة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه في تاريخ الطبري، دراسة نقدية مقارنة”:
لخالد بن محمد الغيث، من نشر “دار الأندلس الخضراء“، وأصل الكتاب رسالة علمية تقدم بها المؤلف لنيل درجة الدكتوراه من قسم الدراسات العليا التاريخية والحضارية، فرع التاريخ الإسلامي بجامعة أم القرى بمكة المكرمة، من نشر دار الأندلس للنشر والتوزيع بجُدة، والطبعة المعتمدة هي الأولى الصادرة سنة 1420 هـ، 2000م.
ونص عبارة المؤلف في الدافع إلى اختيار هذا الموضوع في أطروحته هو: «الوقوف على حقيقة سيرة هذا الصحابي الكريم التي نالها من التشويه ما نالها، حيث امتلأت معظم المصادر التاريخية بعشرات الروايات الضعيفة أو المكذوبة على هذا الصحابي الكريم، وعلة هذا الأمر أن المصادر التاريخية تكتفي غالبا بسرد الأخبار دون التعليق عليها أو نقدها»([51]).
جعل المؤلف الكتاب في مقدمة وتمهيد تضمن جوانب من ترجمة معاوية رضي الله عنه، وستة فصول وخاتمة، أما الفصل الأول ففي ترجمة معاوية رضي الله عنه في تاريخ الطبري، وأما الثاني ففي انعقاد البيعة له، وجعل الثالث لبيان موقف الخوارج من خلافته، والرابع عن ولاة الأمصار وأمراء الحج فيها، والخامس عن أخبار الجهاد فيها، وكان الفصل السادس عن حقيقة التُّهَم الموجَّهة إلى معاوية رضي الله عنه في أثناء خلافته، وتحت كل فصل مباحثُ، وبلغ عدد المواضع التي عرض رواياتها (229) موضعا.
ومن أهم المباحث في الكتاب مبحثٌ متعلق بتراجم رجال أسانيد الطبري، وهذا أس الكتاب وروحه، وهم مائة وثمانية وثلاثون راويا، عرضهم مع حكمهم جرحا وتعديلا بطريقة مختصرة على طريقة ابن حجر في (تقريب التهذيب)، محيلا إلى أمهات كتب الجرح والتعديل المطولة والمختصرة، وهو عمل جليل ونافع جدًّا لقارئ تاريخ الطبري، خاصة فيما تعلق بتاريخ معاوية رضي الله عنه.
يورد المؤلف نصًّا من تاريخ الطبري، ثم يخرجه بذكر من أخرجه بإسناده من المؤرخين مثل خليفة بن خياط في (تاريخه) والبلاذري في (أنساب الأشراف)، كما يحيل إلى كتب أخرى مسندة في المحاضرات مثل (عيون الأخبار) لابن قتيبة، أو في اللغة والأدب مثل (الأمالي) للقالي، وإلى كتب تاريخ غير مسندة مثل (الكامل في التاريخ) لابن الأثير، فيستقرئ الروايات ويعارض بينها وينتقدها([52])، ويحكم عليها بما تستحقه قبولًا وردًّا بالألقاب المناسبة كالصحة والحسن والضعف والنكارة وغيرها، ثم قد يلخِّص ما ورد في النص.
من أمثلة ذلك قوله: «هذه الرواية أوردها الطبري بإسناد حسن، أوردها ابن سعد إلى قوله: (واسحقوها، وذروها في هيني، وفي فيَّ فعسى)، وأوردها البلاذري بنحوها»([53])، وقوله: «قال الطبري: (ففيها غزا المسلون اللَّان، وغزوا أيضا الروم، فهزموهم هزيمة منكرة فيما ذكروا، وقتلوا جماعة من بطارقتهم)، هذه الرواية ذكرها ابن الجوزي دون الإشارة إلى غزو اللّان، وذكرها ابن الأثير وابن كثير بمثلها»([54])، وقد يناقش آراء بعض المؤرخين كما فعل مع ابن كثير وابن خلدون([55]).
ومن الفقرات اللطيفة في الكتاب قول المؤلف: «هذا، وقد أورد ابن الأثير رواية الطبري بنحوها، وهذه الرواية التي ذكرها الطبري تعد مثالا واضحا على شراسة الهجمة التي يتعرض لها التاريخ الإسلامي، من قبل الحاقدين والمرجفين، وخاصة تاريخ الصحابة رضوان الله عليهم، لأنهم نقلة هذا الدين وبناة دولة الإسلام؛ لذا فقد حرص أعداء هذه الأمة على اختلاق الأكاذيب على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تنفر الأنفس منهم، وتأنف من الاقتداء بهم، وهذا كله مردود بما ثبت من عدالة الصحابة رضوان الله عليهم»([56])، وجعل الخاتمة لعرض نتائج بحثه، وكانت تسعة عشر نتيجة.
- اسم الكتاب: “معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه”:
لحمد العثمان، من نشر “مشروع طباعة الكتب السلفية“، و”دار الاستقامة“، حاول فيه المؤلف تتبع كل المسائل التاريخية والشرعية المتعلقة بمعاوية رضي الله عنه، ورتب ذلك بترتيب مختلف عن المعهود، فجعل الكتاب مباحث بعناوين مثيرة، ثم جعل تحت كل عنوان مسائل قد تكثر وقد تقل، جمع فيه ما تفرق في كثير من الرسائل والمؤلفات في شأن معاوية رضي الله عنه، وقد أكثر من النقل، لكنه لم يكن حريصًا على توثيق كل المرويات التي يعتمدها. ومن المواضع المثيرة في الكتاب نقله عن صالح آل الشيخ من شرحه للطحاوية أنه لو كان خليفة راشد خامس لكان معاوية بن أبي سفيان([57])، وفي هذا نظر، فلو قال: “سادس” لكان الصواب؛ إذ قد حاز الخلافة الخامسة الحسن بن علي رضي الله عنه، وكذلك سمى علي الصلابي كتابه فيه، ومن لطائف مباحث الكتاب “توقير معاوية رضي الله عنه لآل البيت وإكرامهم“([58])، والكتاب في عمومه جيد.
- اسم الكتاب: “منزلة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه عند أهل السنة والجماعة والرد على شبهات الطاعنين فيه”:
لأمير بن أحمد قروي، وأصل الكتاب أطروحة ماجيستير، وهو في مجلدين، من نشر “دار منار التوحيد“، جعله المؤلف في تمهيد تحته مبحثان ومطالب، وبابين وخاتمة، أما الباب الأول ففي الكشف عن منزلة معاوية رضي الله عنه عند أهل السنة والجماعة، وتحته مبحثان، الأول في منزلته في الكتاب والسنة وآثار الصحابة والتابعين وأقوال أهل العلم، والفصل الثاني في منزلته واجتهاداته، وأما الباب الثاني ففي الرد على شبهات الطاعنين فيه، وتحته فصلان، الأول في شبهات الطاعنين فيه بما يدعى من الأدلة، والثاني في شبهات الطاعنين في شخصه ودينه، وتحت كل فصل في البابين مباحث، وجعل الخاتمة لعرض نتائج البحث.
بين المؤلف أسباب اختيار الموضوع في تسعة أسباب وفيها أسباب شخصية وأخرى موضوعية، وقد استل منه جزءا نشره بعنوان: “فضائل خال المؤمنين معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما“، من نشر “دار منار التوحيد“.
- اسم الكتاب: “تحقيق البيان في رد شبهاتٍ عن الصحابي معاوية بن أبي سفيان”:
لقسام بن نعيم الحنفي، إمام مسجد السليمانية ببغداد، وهي الإصدار السادس من إصدارات “رابطة الإفتاء والتصوف في العراق“، وهي رسالة من اثني عشر موقفا، في قاعدة تأريخية مهمة، وبيان الصحبة وعدالة الصحابة وحكم سبهم، وإسلام معاوية بن أبي سفيان وكتابته للوحي وفضائله، وحرب صفين، وتبرئته من سب علي بن أبي طالب وآل البيت، وتوليته لابنه يزيد ووفاته، وتحقيق معنى “البغاة“، وتنازل الحسن بن علي عن الحكم، وردود على شبهات.
بين المؤلف سبب هذه الرسالة فقال: «وقع بين يدي قبل الطبعة الأولى كتاب يطعن فيه بالصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما بأخبار موضوعة، وحكايات مصنوعة، ثم قرع سمعي قبل فترة قريبة كلام بذيء صادر من ذي هوى وعصبية، وقد تطاول فيه على هذا الصحابي الجليل من دليل سليم وحجة ظاهرة، رأيت أن أقوم بتحرير رسالتي المختصرة المسماة بـ(تحقيق البيان في رد شبهات عن معاوية بن أبي سفيان) لرد كل مستأجر متطاول على مقام الصحبة وعدالتهم، ورد شبهات طالت خال المؤمنين الصحابي معاوية رضي الله عنه الذي هو الأصل الأصيل في كتابة هذه الرسالة»([59]).
ولعل من المباحث المميزة في الرسالة الموقف الأول المتعلق بقاعدة في نقد الأخبار التأريخية، نقل نص تفصيلها عن السبكي في “الطبقات الكبرى” بواسطة “نظم العقيان في أعيان الأعيان” للسيوطي، وهي قاعدة متعلقة بمنهج كتابة تراجم الأعلام وقراءتها، كما تميز بالنقل عن العلماء الكبار قدمائهم ومتأخريهم ومعاصريهم، مثل النووي وابن حزم، وابن الذهبي وابن حجر العسقلاني والقرطبي وابن حجر الهيتمي في تطهير الجنان، وابن العربي في (عارضة الأحوذي)، وأبي العباس القرطبي في (المفهم)، والآلوسي من (أجوبته العراقية)، وابن عابدين من (تنبيه الولاة والحكام)، مع حرص على التوثيق في الهامش. ومن عباراته اللطيفة قوله تعليقا على شهادة عبد الله بن عباس في معاوية رضي الله عنهم بأنه فقيه: «وهذه الشهادة من أمثال ابن عباس رضي الله عنهما للصحابي معاوية رضي الله عنه كافية في التعديل والتجريح بأنه مجتهد مطلق، كما سبق نقله عن الأصوليين والمحدثين والفقهاء من أهل السنة، وقاطعة لسان كلّ صاحب هوى وبدع»([60]). ومما يثير الانتباه تصريحه بأن الذي أخذه معاوية من الحسن رضي الله عنهما كان “الخلافة“. ومن المواضع المهمة أيضا في الرسالة تبرئة معاوية رضي الله عنه من سب آل البيت، وفيها رد الشبه التي توهم خلاف ذلك، ومن ذلك مبحث تحقيق معنى “البغاة“، ومن جليل الكلام في هذا المبحث قوله: «فالواجب على المسلم أن لا يخوض في عرض صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهم أعلم بما صنعوا، وما صنعوه كان اجتهادا منهم في طلب الحق، فالمجتهد المخطئ منهم له أجر واحد، والمصيب منهم له أجران كما صح في الأثر، ولله در شيخ فقهاء النفوس من السادة الصوفية الإمام المحاسبي حيث قال عما وقع بينهم: تعلم أن القوم كانوا أعلم بما دخلوا فيه منا»([61])، ومن ذلك أنه جعل مبحثا للرد على خمس شبه أوردها حسن السقاف محقق كتاب (دفع شبه التشبيه) لابن الجوزي([62])، وختم المؤلف رسالته على طريقة بعض المتقدمين بذكر تاريخ انتهائه من التأليف وهو عام (1419هـ).
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)
([3]) تنزيه خال المؤمنين (ص: 93).
([4]) في المجلد الخامس والثلاثين (ص: 38-49).
([5]) وينظر أيضا: صيانة مجموع الفتاوى (ص: 245).
([10]) مختصر تطهير الجنان واللسان (ص: 23).
([11]) الرقية الشافية (ص: 8، الهامش).
([13]) الأحاديث النبوية في فضائل معاوية (ص: 57).
([15]) العقاد في الميزان (ص: 45).
([18]) العقاد في الميزان (ص: 58).
([25]) من أقوال المنصفين (ص: 4).
([26]) من سب الصحابة ومعاوية فأمه هاوية (ص: 4).
([29]) معاوية بن أبي سفيان (ص: 6).
([30]) نفسه (ص: 178)، ويراجع هامش (ص: 190).
([34]) معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه وأسرته (ص: 28).
([36]) معاوية بن أبي سفيان (ص: 149).
([40]) إسكات الكلاب العاوية (ص: 13).
([42]) الناهية عن الطعن في أمير المؤمنين معاوية (ص: 6).
([49]) ديوان معاوية بن أبي سفيان، مقدمة الجامع (ص: 5).
([50]) صفحات صفحات من سيرة أمير المؤمنين معاوية (ص: 6-7).
([51]) مرويات خلافة معاوية (ص: 6).