عرض وتعريف بكتاب: صيانة الجناب النبوي الشريف
بيانات الكتاب:
عنوان الكتاب: صيانَة الجَناب النَّبوي الشَّريف (ردُّ الإشكالات الواردة على سبعة أحاديث في صحيحي البخاري ومسلم).
المؤلف: د. أسامة محمد زهير الشنطي (الباحث في مركز البحوث والدراسات بالمبرة).
الناشر: مبرة الآل والأصحاب.
تاريخ الطبعة: الطبعة الأولى، سنة 1441هـ.
حجم الكتب: 535 صفحة.
التعريف العام بموضوع الكتاب:
يهدف هذا الكتاب إلى تحليل ومناقشة سبعة أحاديث ممَّا أثير حولها الشكوك، وطعن من خلالِها البعض في منهج المحدثين عمومًا بكونهم يروون في السنة ما يقدح في النبي صلى الله عليه وسلم. وهذه الأحاديث يجمعها أنَّها كلها تتعلق بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم عمومًا وبعصمته خصوصًا، كما نصَّ على ذلك المؤلف([1])، فأراد المؤلف أن يدرس هذه الأحاديث أسانيدَها ومتونها، ويناقش الشبهات الواردة عليها؛ مستندًا على الكتاب والسنة الصحيحة، وهذه الأحاديث السبعة منها ستة أحاديث متفق عليها بين البخاري ومسلم، وحديث واحد مما تفرد به مسلم.
أبرز مميزات الكتاب:
تميز الكتاب بعددٍ من المميزات، من أهمها:
1- أنَّه رتَّب الإشكالات الواردة على هذه الأحاديث حسب تاريخ ظهورها، بحيث يأتي إلى أقدم من تكلم على الحديث فيورد إشكالاته، ثم يأتي إلى من بعده؛ فإن كان في كلامه زيادة على الأول أتى به، وإلا تركه، وفائدة هذه الطريقة أنها توقف القارئ على مراحل تغير الشبهات المثارة، وتفرع كثير من الشبهات المعاصرة عن شبهات قديمة، فيمكن إرجاعها إلى أصولها.
2- نقلُ كلام المعترضين من كتبهم، فلم يكتف المؤلف بحكاية معنى الإشكال وصياغته، وإنما عرض الفكرة كاملةً بنص قائلها، وفائدة ذلك أن يقف القارئ على فهم المؤلف للاعتراض، ويتأكد إن كان فهمه الذي فهمه ثم بنى عليه الرد صحيحًا أو خاطئًا.
3- تخريج الحديث من طرقٍ شتى، وقد بيَّنَّا أن هذه الأحاديث كلها في البخاري ومسلم، إلا أن المؤلف يخرج الحديث من طرق كثيرة أخرى، ويذكر الروايات المختلفة للحديث، وليس المراد من هذا العمل التوثيق فحسب، وإنَّما ذكر الزيادات التي تأتي في الروايات الأخرى، والتي قد تكون فائدتها في أنها تكون شارحة للرواية التي رواها البخاري ومسلم، أو فيها زيادة بيان وإيضاح بما يزيل الإشكال المطروح.
4- تحليل الروايات المتعدِّدة، فلا يكتفي المؤلف بذكر الروايات، وإنَّما يحلل تلك الروايات ويبين ما فيها من اتفاقات أو اختلافات، بل ويذكر سبب اختيار البخاري ومسلم لتلك الرواية دون غيرها من الروايات، وهذا كله مما يثري الكتاب؛ إذ بالجمع بين الروايات يظهر إن كان هناك شذوذ أو تفرد غير مقبول.
5- أنَّ المؤلف يناقش الاعتراضات الواردة على الحديث بكل رواياته، فقد تكون الرِّواية التي في البخاري ومسلم عليها اعتراضٌ أو اعتراضان مثلا، بينما هناك اعتراضات أخرى على الروايات الأخرى للحديث، فيأتي بها المؤلف ويناقشها كلها.
التعريف التفصيلي بالكتاب:
جعل المؤلف الكتاب في مقدمة، وسبعة فصول، عنون لكل فصل بعنوان الحديث الذي سيناقشه، ثم ختم الكتاب بالفهارس.
المقدمة:
بيَّن فيها المؤلف مقدار التَّشويه الذي مارسه بعض النَّاس تجاه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وكون ذلك ممَّا يثار كل لحظة وحين بطرقٍ مختلفة وأساليب شتى، كما ذكر أنَّ هناك من وجَّه سهامه نحو السُّنة النَّبوية عمومًا وعلى الصحيحين خصوصًا، مدعين أنَّها تحمل بين طياتها انتقاصًا من النَّبي صلى الله عليه وسلم، ونسبة ما لا يليق به إليه، محاولين بذلك التشكيكَ في هذه الأحاديث التي أوردوها، وهدفهم التشكيك في السنة ككل؛ إذ إن المعيار الذي وضعوه لرد هذه الأحاديث -وهو التنقص من النبي عليه السلام- يردون به غيرها، وهو معيار غير صحيح، بل مُتَوَهَّم كما بيَّنه المؤلف.
كما أشار المؤلِّف إلى قضيَّة منهجية مهمَّة، وهي: عدم انتظام المعترضين في مناهج واضحة يصدرون من خلالها لنقد ما أشكل عليهم من أحاديث السنة، مما يوقعهم في تناقضات، منها على سبيل المثال:
- احتجاج البعض بحديثٍ في الصَّحيح لإبطال حديثٍ آخر في الصحيح، ودون بيان أوجه الترجيح.
- احتجاج بعضهم بجزء حديثٍ لإبطال جزءٍ آخر، وكلاهما حديث واحد في موطن واحد!
وبيَّن المؤلف في المقدمة أيضًا منهجه في الكتاب، ويحسن معرفته مجملا: فقد ذكر بأنَّه يسلك طريقة متوسطة في تخريج الحديث، ويشرح غريبَها إن وجد، ثم يُتبعها بالإشكالات الواردة على الحديث ويناقشها، ويرتب الإشكالات حسب تاريخ ظهورها، ويختم كلَّ حديث بذكر تراجم المخرجين له، واستنباطِ بعض الفوائد منه.
الحديث الأول: ما نسب إلى النبي من أكله ما ذبح على النصب.
نصُّ الحديث: عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لقي زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل بلدح قبل أن ينزل على النبي صلى الله عليه وسلَّم الوحي، فقُدِّمت إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم سفرة، فأبى أن يأكل منها، ثم قال زيد: إنِّي لست آكل مما تذبحون على أنصابكم، ولا آكل إلا ما ذكر اسم الله عليه([2]).
الحديث الثاني: حديث بدء الوحي.
نصُّ الحديث: عن عائشة رضي الله عنها أنَّها قالت: أوَّل ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرُّؤيا الصَّادقة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، فكان يأتي حراء، فيتحنَّث فيه -وهو التعبُّد- الليالي ذوات العدد، ويتزوَّد لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فتزوَّده لمثلها، حتى فجئه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك فيه، فقال: اقرأ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: فقلت: «ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطَّني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1] حتى بلغ: {عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: 5]»، فرجع بها ترجف بوادره، حتى دخل على خديجة، فقال: «زمِّلوني زمِّلوني»، فزمَّلوه حتى ذهب عنه الروع، فقال: «يا خديجة، ما لي؟» وأخبرها الخبر، وقال: «قد خشيت على نفسي»، فقالت له: كلا، أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدًا، إنك لتصِل الرحم، وتصدُق الحديث، وتحمل الكلَّ، وتَقري الضَّيف، وتعين على نوائب الحقّ. ثم انطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي وهو ابن عم خديجة أخو أبيها، وكان امرأ تنصَّر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العربي، فيكتب بالعربيَّة من الإنجيل ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخًا كبيرًا قد عمي، فقالت له خديجة: أي ابن عم، اسمع من ابن أخيك، فقال ورقة: ابن أخي، ماذا ترى؟ فأخبره النَّبي صلى الله عليه وسلم ما رأى، فقال ورقة: هذا النَّاموس الذي أنزل على موسى، يا ليتني فيها جذعًا، أكون حيًّا حين يخرجك قومك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أوَمخرجيَّ هم؟!»، فقال ورقة: نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرًا مؤزَّرًا، ثم لم ينشب ورقة أن توفي، وفتر الوحي فترة حتى حزن النبي صلى الله عليه وسلم -فيما بلغنا- حزنًا غدا منه مرارًا كي يتردَّى من رءوس شواهق الجبال، فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقي منه نفسه تبدَّى له جبريل، فقال: يا محمد، إنك رسول الله حقًّا، فيسكن لذلك جأشه، وتقرّ نفسه، فيرجع، فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك، فإذا أوفى بذروة جبل تبدَّى له جبريل فقال له مثل ذلك([3]).
الحديث الثالث: إصابة النبي صلى الله عليه وسلم بالجنابة.
نصُّ الحديث: عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج وقد أقيمت الصلاة، وعُدّلت الصفوف، حتى إذا قام في مصلَّاه انتظرنا أن يكبر انصرف، قال: «على مكانكم»، فمكثنا على هيئتنا، حتى خرج إلينا ينطف رأسه ماء وقد اغتسل([4]).
الحديث الرابع: بول النبي صلى الله عليه وسلم قائما.
نصُّ الحديث: عن حذيفة رضي الله عنه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم سُباطة قوم فبال قائمًا، ثم دعا بماء، فجئته بماءٍ فتوضَّأ([5]).
الحديث الخامس: قوله صلى الله عليه وسلم: «أيما رجل من المسلمين آذيته، جَلَدُّه أو لعنته، فاجعلها له صلاة وزكاة».
نصُّ الحديث: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم إنِّي متخذ عندك عهدًا لن تخفره: أيما رجل من المسلمين آذيته، جَلَدُّه أو لعنته، فاجعلها له صلاة وزكاة»، دعاء له. قال أبو الزناد: فهي لغة أبي هريرة، وإنَّما هي: «جَلَدتُه لعنتُه»([6]).
الحديث السادس: عروض الشيطان لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
نصُّ الحديث: عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ عفريتًا من الجن تفلت علي البارحة -أو كلمة نحوها- ليقطع عليَّ الصلاة، فأمكنني الله منه، فأردت أن أربطه إلى ساريةٍ من سواري المسجد حتى تصبحوا وتنظروا إليه كلكم، فذكرت قول أخي سليمان: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} [ص: 35]»، قال روح: فرده خاسئا([7]).
الحديث السابع: مصير أبوي النبي صلى الله عليه وسلم.
نصُّ الحديث: عن أنس رضي الله عنه أنَّ رجلًا قال: يا رسول الله، أين أبي؟ قال: «في النَّار»، فلما قفى دعاه، فقال: «إنَّ أبي وأباك في النار»([8]).
وأخيرا: هذه هي الأحاديث التي ذكرها المؤلف، وأورد ما ذُكر فيها من إشكالات وأجاب عنها، وهو كتاب نافع جيد، وهناك عدد من الأمور التي قد تفيد المؤلف في الطبعات القادمة، من أهمها:
1- أنَّ الرابط بين هذه الأحاديث السبعة هو أنَّها كلها تتعلق بعصمة النبي صلى الله عليه وسلم كما نصَّ على ذلك المؤلف إذ قال: “وهي أحاديث انتقيتها من مجموعة أحاديث أخر، صوب المعترضون سهام انتقادهم إليها لما وجدت في هذه الأحاديث المختارة من عوامل مشتركة متعلقة بإثبات العصمة في حق نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم“([9])، وهذه المناسبة لا تظهر في آخر حديث، وهو المتعلق بمصير أبوي النبي صلى الله عليه وسلم.
2- بما أنَّ المؤلف اعتمد على الأحاديث المتفق عليها إلا الحديث الأخير فقد أخرجه مسلم، فمن الأولى حين يعرض نص الحديث في أول الباب أن يورد نص رواية البخاري ومسلم، ثم يخرجه من الكتب الأخرى، ويذكر الروايات المختلفة، وهذا ما لم يسر عليه المؤلف، بل قد يكون النص المختار ليكون فاتحة الباب من غير البخاري ومسلم.
3- من المستحسن جدًّا أن يذكر في الفهارس التفصيلية: الإشكالات التي أوردها، فيرقِّم إشكالات كل حديث، ويضعها في الفهرس، حتى يستطيع القارئ الرجوع إلى أي إشكال في أي حديث من الأحاديث السبعة، إذ إن هذا هو غرض الكتاب، ولم نر في الفهارس إشارة لذلك.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)
([1]) انظر: صيانة الجناب النبوي الشريف (ص: 20).
([3]) أخرجه البخاري (6892)، ومسلم (160).
([4]) أخرجه البخاري (639)، ومسلم (605).
([5]) أخرجه البخاري (224) واللفظ له، ومسلم (273).