أولياء الصوفية بين الحقيقة والخرافة السيد البدوي أنموذجًا (596هــ-675هــ)
للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة
الولاية ضد العداوة، وأصلها المحبة والقرب، وأصل العداوة البغض والبعد. ولكي يفوز العبد بولاية الله لا بد أن يتحقق بالصفات التي وصف الله بها أولياءه، قال تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس: 62]، فآخر الآية يبين الصفتين في الولي اللتين هما ركيزتان فيه، قال ابن جرير: “والصواب من القول في ذلك أن يقال: “الولي -أعني ولي الله- هو: من كان بالصفة التي وصفه الله بها، وهو الذي آمن واتقى، كما قال الله: {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}[يونس: 63]”([1]).
فأولياء الله في القرآن هم {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} سواء سمي أحدهم صوفيًّا، أو فقيرًا، أو فقيهًا، أو عالمًا، أو تاجرًا، أو جنديًّا، أو صانعًا، أو أميرًا، أو حاكمًا، أو غير ذلك([2]).
وأشهر حديث ورد في صفة الأولياء ما رواه البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ المُؤْمِنِ؛ يَكْرَهُ المَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ»([3]).
منزلة الولاية في الفكر الصوفي:
قام التصوف على أساس الولاية والولي حتى قال الهويجري -وهو أحد أئمة المتصوفة-: «فاعلم أن أساس التصوف والمعرفة قائم على الولاية»([4]).
وأول من طبق اصطلاح الولاية على أصول التصوف هو الحكيم الترمذي، إذ إن مذهبه كله قائم على الولاية، وآثاره التي خلفها تشهد بذلك، منها: «ختم الأولياء»، و«سيرة الأولياء»، و«عمل الأولياء».
وقد جعل الحكيم الولاية حظًّا يختص الله به من يصطفيه لولايته كما اصطفى من شاء لنبوته، قال: “الولي من كتب الله له الولاية وجعل له حظًّا، فبحظه من الله تعالى يقدر أن يتولاه، كما أن النبوة لمن كتب له النبوة وجعل له حظًّا”([5]).
فالولاية عند الصوفية لها معنى آخر تمامًا في الشكل المضمون والموضوع، فولي الله عند الصوفية مَن اختاره الله وجذبه إليه، وليس من شرط ذلك أن يكون في هذا المختار والمجذوب أية مواصفات للصلاح والتقوى؛ إذ الولاية عندهم نوع من الوهب الإلهي دون سبب، وبغير حكمة، ويجعلون الولاية الكسبية هي ولاية العوام والمتنسكين، والولاية الحقيقية عندهم هي الولاية الوهبية، ويستدلون لذلك بمثل قوله تعالى: {يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ} [آل عمران: 74]([6]).
مراتب الولاية عند الصوفية:
جعل الغزالي للأولياء مرتبة مستقلة أعلى من مرتبة العلماء والصالحين، فقال: “بل الرتبة العليا للأنبياء، ثم الأولياء، ثم العلماء الراسخين في العلم، ثم للصالحين»([7]).
وكذلك جعل القشيري طائفة المتصوفة صفوة أولياء الله، وفضلهم على كافة عباده بعد رسله وأنبيائه([8]).
وفرق السهروردي بين طينة الأولياء والأنبياء من جهة، وبين الطينة التي خلق الله منها سائر الخلق من جهة أخرى، فقال: “لما بعث الله جبريل وميكائيل ليقبضا قبضة من الأرض فأبت، حتى بعث الله عزرائيل فقبض قبضته من الأرض، وكان إبليس قد وطئ الأرض بقدميه، فصار بعض الأرض بين قدميه وبعض الأرض بين موضع أقدامه، فخلقت النفس مما مس قدم إبليس فصارت مأوى الشر، وبعضها الآخر لم يصل إليه قدم إبليس، فمن تلك التربة أصل الأنبياء والأولياء”([9]).
ثم وصف السهروردي الأولياء بأنهم: “أجساد أرضية بقلوب سماوية، وأشباح فرشية بأرواح عرشية، لأرواحهم حول العرش تطوف”([10]).
وهناك سهروردي آخر -غير عمر بن محمد صاحب عوارف المعارف- جعل أحباب الله أقل رتبة من أوليائه إذ قال: “إن الله تعالى ادخر البلاء لأوليائه كما ادخر الشهادة لأحبابه”([11]).
كما أن ابن عجيبة جعل الصالحين في مرتبة أدنى من الأولياء، فالصالحون هم الذين: “صلحت أعمالهم الظاهرة واستقامت أحوالهم الباطنة، أما الأولياء فهم أهل العلم بالله”([12]).
وابن عربي يقسم الولاية إلى ثلاث مراتب: الأولى: مرتبة الأنبياء، والثانية: مرتبة الأولياء الخاصة، والثالثة: مرتبة الأولياء العامة([13]).
تفضيل الصوفية الولي على النبي:
ابتدأ الأمر بمساواة الأولياء بالأنبياء، فالسهروردي مثلًا يجعل طينة الأنبياء والأولياء واحدة تختلف عن الطينة التي جبل منها باقي البشر([14]). ثم أخذ الأمر يتطور حتى بلغ بغلاة الصوفية إلى تقديس الولي، ثم أعطوه من الصفات ما يشبه النبوة كقول بعضهم: “الشيخ في قومه كالنبي في أمته”([15])، وحتى زعم بعضهم -كالترمذي الحكيم- أن للأولياء منازل: فمنهم من أعطي ثلث النبوة، ومنهم من أعطي نصفها، ومنهم من له الزيادة([16])، وصرّح بأن من الأولياء من هو أرفع درجة من الأنبياء([17]).
وقد بين الشهرستاني مذهب هذه الطائفة فقال: “ادعت طائفة من الصوفية أن في أولياء الله تعالى من هو أفضل من جميع الأنبياء والرسل، وقالوا: من بلغ الغاية القصوى من الولاية سقطت عنه الشرائع كلها من الصلاة والصيام والزكاة وغير ذلك، وحلت له المحرمات كلها من الزنا والخمر وغير ذلك، واستباحوا بذلك نساء غيرهم»([18]).
وما يرويه بعض الصوفية عن أئمتهم يصدِّق ما قاله الشهرستاني، كقول أبي يزيد البسطامي: “خضنا بحرا وقف الأنبياء بساحله”([19])، وقول إبراهيم الدسوقي: “أنا موسى عليه السلام في مناجاته، أنا علي رضي الله عنه في حملاته، أنا كل ولي في الأرض خلعته بيدي ألبس منهم من شئت، أنا في السماء شاهدت ربي، وعلى الكرسي خاطبته، أنا بيدي أبواب النار غلقتها، وبيدي جنة الفردوس فتحتها، من زارني أسكنته جنة الفردوس”([20]).
وهذا الغلو في أوليائهم سيظهر جليًّا واضحًا من خلال هذا النموذج الذي نسوقه في هذه الورقة العلمية، وسيظهر من خلاله ما ينسبه هؤلاء له من كرامات وأحوال تفوق أحوال الأنبياء والرسل.
السيد البدوي -صاحب القبر المشهور بـطنطا- (596هــ-675هــ):
هو أحمد بن علي بن إبراهيم بن محمد البدوي، شيعي باطنيّ، ولد بمدينة فاس بالمغرب عام (596هـ/ 1200م) وتوفي عام (675هـ/ 1276م)، يطلق عليه: أبو العباس، وأبو الفتيان، وأبو اللثامين، المغربي المصري الطنطاوي السطوحي([21]).
أولًا: حقيقة وجود البدوي:
يقول الشيخ مصطفى عبد الرازق شيخ الأزهر: أنه “رجع إلى مخطوطة مغربية يذكر صاحبها أن أحمد البدوي كان صوفيًّا، ويثبت أنه كان علويًّا شيعيًّا يهدف إلى إرجاع الملك العبيدي الفاطمي الشيعي المغالي، وأن عليًّا البدوي والد أحمد البدوي كان أحد العلويين الشيعة الإسماعيلية، وأنه نزح من المغرب إلى مكة، وكان أحمد البدوي وقتها لم يتجاوز السبع سنوات وكان ذلك عام (603هـ) حيــــــــث عقد الشيعة مؤتمرًا في مكة بحثوا فيه كيف يعملون على إعادة الدولة الإسلامية علوية -أي: شيعية باطنية- وكانت بلاد المغرب وقتها مسرحًا للنشاط الشيعي الباطني المتستر بالتصوف، والذى يحاول إعادة الدولة العبيدية الفاطمية التي كانت تقوم على أساس المذهب الإسماعيلي الباطني المغالي”([22]).
ويقول الدكتور شمس الدين السلفي الأفغاني مؤسس الجامعة الأثرية ببشاور: “ولقد تحيرت في أمر هذا البدوي؛ حيث لم يترجم له أحد فيما أعلم قبل ابن تغري بردي (874هـ)، ولم يذكره أحد قبله في حوادث سنة (675هـ)، حتى لم يذكره البدر العيني الحنفي في عقد جمانه، وقد ذكر كثيرًا من الأعيان، بل لم يذكره الذهبي، ولا الصفدي وأمثالهم. وهذا يورث شبهة في حقيقة هذا البدوي ووجوده؛ فأخاف أن يكون البدوي شخصًا وهميًّا خرافيًّا، كالغول لا حقيقة له، وإنما هو من خرافات الصوفية الوثنية المخرفة القبورية”([23]).
ويقول الشيخ المحقق العلامة أحمد شاكر: “وبهذه المناسبة نريد أن نسأل المؤرخين العارفين عن تاريخ “لسيد أحمد البدوي الذي يقول بعضهم بوجوده وينكره بعضهم، وأعني بهذا أنه: هل وجد شخص حقيقي بهذا الاسم هو المدفون في طنطا والذي نسب إليه المسجد؟ لأن الذين كتبوا في ترجمة حياته إنما هم المتأخرون، ويزعمون أنه توفي في منتصف القرن السابع الهجري -أي: بين سنتي ٦٠٠ و٧٥٠هـ- لأني لم أجد من ذكره من المؤرخين السابقين الذين يوثق بنقلهم إلا جلال الدين السيوطي الحافظ رحمه الله، وهو من رجال أواخر القرن الثامن لأنه مات سنة ٩١١هـ، وبين التاريخين بون شاسع، ولم يذكر السيوطي عمن تلقى خبر تاريخه. والقاعدة الصحيحة عند علماء النقل وزعمائه -وهم حفاظ الحديث- أن المرسل لا تقوم به الحجة، وهو ما يرويه شخص عمن لم يدركه ولم يتلقّ عنه مباشرة؛ لما فيه من جهالة الواسطة، فلعله غير ثقة، وهذا أمر معروف، ولعل من يجيبنا عن هذا السؤال يذكر من أين نقل، والكتاب الذي نقل منه، على أنا لا نريد إلا التحقق من هذا الأمر. ونسأل الله العون والتوفيق”([24]).
وجاء في دائرة المعارف الإسلامية: “وصنف رجل من خُدّام مقام هذا الولي -يُدعى عبد الصمد زين الدين كتاب- الجواهر السنية في الكرامات والنسبة الأحمدية… أخذ عن مصادر مجهولة، علاوة على ما أخذه من أمثال أبي السعود الواسطي وسراج الدين الحنبلي ومحمد الحنفي، كما أخذ نسبه عن أزبك الصوفي، وربما كان أزبك هذا هو صاحب مخطوطة (نسبة البدوي) الذي لا يعلم مؤلّفها، وهناك كتاب آخر أقلّ أهمية من كتاب عبد الصمد، هو: النصيحة العلوية في بيان حسن طريقة السادة الأحمدية لعلي الحلبي”([25]).
ثانيًا: ثقافة البدوي وتراثه العلمي:
ذكِر عن أحمد البدوي أنه حفظ في صغره شيئًا من القرآن الكريم، وقرأ شيئًا من الفقه على المذهب الشافعي، واشتهر بالعقاب لكثرة ما كان يقع لمن يؤذيهم من الناس، وقد افتخر به شقيقه الأكبر الحسن فقال: إنه لم يكن في فرسان مكة أشجع منه وسمى العقاب والغضبان([26]).
وقد زعم البعض أن للبدوي مؤلفات علمية، وبالغوا في ذلك وقالوا: “إنها تشكل تراثًا فكريًّا ضخمًا، ولما لم يجدوا أثرًا لهذا التراث قالوا: إنه فقد، وأن ما بقي نقل إلى مكتبات أوربا وغيرها”([27]).
وهذا جميعه غير صحيح، فالبدوي رغم شهرته إلا أن ثقافته كانت ضحلة بين دعاة الشيعة الباطنية من رفاقه ومعاصريه كابن عربي صاحب كتاب “الفتوحات المكية”.
قال محمد فهمي عبد الطيف: “أما شخصية البدوي من الناحية العلمية والثقافية، فيظهر أنها كانت شخصية ضئيلة القدر كما تقول دائرة المعارف الإسلامية([28])، وليس بصحيح ما هو شائع بين أتباع السيد وكثير من شيوخ الأزهر من أن السيد قد ألف كتبًا في الفقه على مذهب الشافعي، فقد بحثت هذه المسألة فلم أقف فيها على شيء، ولم يخلف السيد على العموم ثروة علمية تدل على أنه كان صاحب شخصية علمية، ولو أنه ترك شيئًا لحمله إلينا أتباعه، بل لزادوا فيه أشياء وهم الذين كانوا يتلمسون مظاهر التمجيد ليحملوها عليه وينسبوها إليه”([29]).
وفي دائرة المعارف الإسلامية أيضًا: “ويؤخذ من سلوك أحمد البدوي أنه كان من طبقة الدراويش الدنيا الذين هم أشبه شيء بطائفة اليوجا في الهند، كما كانت شخصيته ضئيلة القدر من الوجهتين العقلية والأدبية”([30]).
ثالثًا: رحيله إلى طنطا:
أرسل العلويون الشيعة البدوي لنشر دعوتهم بمصر؛ لإرجاع الملك الفاطمي الشيعي، وبخاصة بعد إعدام الشاعر الفقيه عمارة اليمني([31]) وأتباعه سنة (569هـ=1172م) بعد اكتشاف مؤامرتهم ضد صلاح الدين الأيوبي لإعادة حكم الفاطميين، وبعد موت داعيتهم أبي الفتح الواسطي بالإسكندرية سنة (635هـ=1237م)([32]).
رابعًا: ادعاؤه الجذب والجنون:
وفي طنطا سكن البدوي سطح دار ركن الدين، وكانت قريبة من مسجد البوصة الذي يعرف الآن بالبهي، وحرص على الصراخ من فوق السطح ليعلم الجميع بجدبته.
يقول عبد الصمد زين الدين الأحمدي في الجواهر السنية: “وأقام على سطح الدار لا يفارقه ليلًا ولا نهارًا، وإذا عرض له الحال يصيح صياحًا متصلًا، وتزيَّى أحمد البدوي بزي المجاذيب، وظل ضاربًا اللثامين على وجهه، وكان إذا لبس ثوبًا أو عمامة لا يخلعها لغسل حتى تذوب، فيبدلونها بغيرها”([33]).
وجاء في دائرة المعرف الإسلامية: “وكان يمكث طوال نهاره وليله قائمًا شاخصًا ببصره إلى السماء، وقد انقلب سواد عينيه بحمرة تتوقد كالجمر، وكان يمكث الأربعين يومًا وأكثر لا يأكل ولا يشرب ولا ينام، ومن الواضح أن أحوالًا كهذه وغيرها مستعارة من حياة نساك الهند اليوجا“([34]).
وكان من مظاهر هذا الجذب والجنون:
1- تبوّله على حصر المسجد وكشف عورته أمام المصلين:
يقول الحافظ السخاوي: “وَحدّث المقريزي فِي عقوده عَن شَيْخه أبي حَيَّان قَالَ: ألزمني الأمير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن جنكلي بن الْبَاب الْمسير مَعَه لزيارة أَحْمد البدوي بِنَاحِيَة طنتدا، فوافيناه يَوْم الْجُمُعَة وَإِذا هُوَ رجل طوال عَلَيْهِ ثوب جوخ عَال وعمامة صوف رفيع، وَالنَّاس يأتونه أَفْوَاجًا، فَمنهمْ من يَقُول: يَا سَيِّدي، خاطرك مَعَ غنمي، وَآخر يَقُول: مَعَ بقري، وَآخر: مَعَ زرعي، إِلَى أَن حَان وَقت الصَّلَاة، فنزلنا مَعَه إِلَى الْجَامِع، وَجَلَسْنَا لانتظار إِقَامَة الْجُمُعَة، فَلَمَّا فرغ الْخَطِيب وأقيمت الصَّلَاة وضع الشَّيْخ رَأسه فِي طوقه بعدمَا قَامَ قَائِما، وكشف عَن عَوْرَته بِحَضْرَة النَّاس، وبال على ثِيَابه وَحصر الْمَسْجِد، وَاسْتمرّ وَرَأسه فِي طوق ثَوْبه وَهُوَ جَالس إِلَى أَن انْقَضتْ الصَّلَاة وَلم يصلّ، نفعنا الله بالصالحين”([35]).
ولا أدري أي صلاح يمكن أن ننتفع به من رجل لا يصلّي، ويبول في المسجد، فضلًا عن التوسل والاستغاثة به ودعائه من دون الله عز وجل؟!
وهكذا جاء البدوي إلى طنطا وهو محاط بالسرية، ويرتدى اللثامين، ولا يتحدث إلا بالإشارة، ولا يُظهِر إلا الولـه والانجذاب، غير مفصح عن شيء من دعوته، وقد ادَّعوا أنه كان يضع اللثامين على وجهه ليستر بهما الأنوار الربانية والتجليات الإلهية التي كانت تنطبع على محياه بسبب كثرة تطلعه إلى السماء، وبسبب وصله صيام النهار بقيام الليل([36]).
2- عدم الاغتسال والتطهر:
كان من مظاهر الجذب والجنون عند البدوي ترك التطهر والاغتسال، وهذا نقله عنه الشعراني في طبقاته؛ مستدلًا به على كرامات البدوي فقال: “وكان إذا لبس ثوبًا أو عمامة لا يخلعها لغسل ولا لغيره حتى تذوب، فيبدلونها له بغيرها”([37]).
ولا أدري أين كان البدوي من قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ»، قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً! قَالَ: «إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ، وَغَمْطُ النَّاسِ»([38]).
وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن لباس الشهرة، ففي الحديث عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ أَلْبَسَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ»([39]).
3- تركه للصلاة:
كان من مظاهر الجذب عند البدوي تركه للصلاة، وله قصة مشهورة مع ابن دقيق العيد رحمه الله ذكرها الشعراني([40])، وذكرها عبد الصمد الأحمدي منتصرًا للبدوي، ومظهرًا ابن دقيق العيد -وهو قاضي القضاة- كالطفل لا يفقه شيئًا أمام هذا البدوي.
قال عبد الصمد مصورًا ذلك اللقاء: “ومما وقع لسيدي أحمد البدوي من الكرامات: أن الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد -وكان قاضي القضاة بالديار المصرية- سمع بالشيخ وأحواله، فنـزل إليه واجتمع به بناحية طندتا -طنطا-، وقال له: يا أحمد، هذا الحال الذي أنت فيه ما هو مشكور، فإنه مخالف للشرع الشريف؛ فإنك لا تصلي ولا تحضر الجماعة، وما هذه طريقة الصالحين. وتزعم الرواية أن البدوي حين سمع كلام ابن دقيق العيد صاح فيه: اسكت وإلا أطير دقيقك، ثم دفعه البدوي دفعة لطيفة، فلم يشعر ابن دقيق العيد بنفسه إلا وهو في جزيرة واسعة، ولم يعلم لها طولًا ولا عرضًا، وعندئذٍ أخذ ابن دقيق العيد يلوم نفسه ويعاتبها، وهو ذاهل العقل، شارد الفكر، ويقول: ما لي ومعارضة أولياء الله تعالى؟!”([41]).
فانظر إلى هؤلاء المجاذيب، كيف يصورون علماء الأمة كالصبيان والأطفال بين يدي هؤلاء، وكيف يستحلون الكذب عليهم.
وكيف يمكن أن يصدق عاقل أن البدوي دفع ابن دقيق، فلم يشعر بنفسه إلا وهو في جزيرة واسعة؟! أليس هذا من الهذيان؟! هل يمكن أن يصدق هذا أحد من العقلاء؟! أليس هذا استخفافًا بعقول المسلمين؟!
خامسًا: دعوة البدوي وأبعادها السياسية:
بدأ البدوي دعوته سنة (637هـ) وكانت مصر وقتها تحت حكم الأيوبيين، وقد ظل البدوي مقيمًا على سطح منزل الشيخ ركن الدين لمدة اثنتي عشرة سنة، كان يقوم خلالها بعملين متناقضين:
الأول: يوجّه إذاعة من الصياح والصراخ، ليقنع الناس بجذبته وجنونه، فلا يلتفت إليه أحد، ولا يشك فيه أحد.
والثاني: يسيّر البعوث والدعاة، ويُحكم الخطَط؛ لنشر دعوته الباطنية في أرجاء مصر وما جاورها من بلدان، يعاونه في ذلك تلميذه ومريده عبد العال.
يقول الشعراني: “فصعد إلى سطح غرفته، وكان طول نهاره وليله قائمًا شاخصًا ببصره إلى السماء، وقد انقلب سواد عينيه حمرة، تتوقد كالجمر، وكان يمكث الأربعين يومًا وأكثر لا يأكل ولا يشرب ولا ينام”([42]).
ويقول: “فلم يزل سيدي أحمد على السطح مدة اثنتي عشرة سنة، وكان سيدي عبد العال يأتي إليه بالرجل أو الطفل فيطأطئ رأسه من السطوح، فينظر إليه نظرة واحدة فيملأ مددًا، ويقول لعبد العال: اذهب به إلى بلد كذا أو موضع كذا؛ لتكون داعيته فيه، وقد اكتمل عدد تلاميذه أربعين وهم يُسمَّون السطوحية”([43])، نسبة إلى السطح الذي كان البدوي يسكن فيه.
وقد تلقوا العهد على يده، وانتشروا في أنحاء الديار المصرية يبشّرون بتعاليمه ويعدّدون كراماته، حتى صار ملء الأفواه والأسماع، وهذا يدل على أن البدوي لم يكن ملازمًا الخلوة على السطح للاستغراق في الوحدة والغيبوبة، بل كان متفرغًا لوضع نظام دقيق محكَم لنشر دعوته التي يقول عنها الشيخ مصطفى عبد الرازق: إنه لم تكن ثمة دعاية لغير السياسة تحت ستار الدين، ولم يكن أصحاب البدوي من الغفلة بحيث لا يعلمون حقيقة نياته، ومن الدعاة السطوحيين الذين أرسلهم البدوي: الشيخ قمر الدولة إلى نفيا بمحافظة الغربية بمصر، والشيخ يوسف الإنبابي إلى إنبابة -حاليًّا إمبابة- بمحافظة الجيزة بمصر، والشيخ سعدونإلى بلبيس بمحافظة الشرقية بمصر، والشيخ خلف إلى عموم القاهرة ومصر، وخليل الشامي إلى الشام، وعلي الكيرواني إلى اليمن، وعز الدين الموصلي إلى الموصل وغيرهم([44]).
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا لم يَظهر أثر لدعوة البدوي السياسية؟
والجواب: “أن السيد البدوي لم يكن يطلب ملكًا لنفسه، أو يهدف إلى غاية تتّصل بشخصه، وإنما كانت غايته أن يجمع عصبية في الديار المصرية للعلويين، حتى تكون عونًا لهم إذا ما تهيأت الفرصة ونهضوا لطلب الملك، ولكن أحداث الزمان جاءت قاسية عنيفة، فسحقت كل غرض، ومحقت كل مقصد، إذ تتابعت الحملات الصليبية على مصر والشام، ووقعت الواقعة بين الشرق والغرب إلى حدٍّ طار بالنفوس شعاعًا، وملأ القلوب الفزع والجزع، فلم تعد هناك عصبيات للجماعات، ولم تعد الأحوال ملائمة للقيام بثورات داخلية في طلب الملك والسيادة”([45]).
وبفشل البدوي في الدعوة السياسية السرية تحولت دعوته بعد موته إلى تصوفٍ بحت، رفعَ البدوي إلى مصافّ التأليه، وتحول الطموح السياسيّ إلى مولد وضريح ودعاية وخرافة!
سادسًا: عقيدة البدوي:
كان البدوي يدين بعقيدة الشيعة الباطنية، ويقسم الدين إلى شريعة وحقيقة، وهو تقسيم لا دليل عليه من الكتاب والسنة، وقد أدى هذا إلى القول بأن الشريعة للمحجوبين من العوام، أما الحقيقة فهي لأهل المعرفة الصوفية، فجمع بين التشيع الباطني والتصوف المغالي، مع الدجل والكهانة.
وهذا ما قرره الشيخ مصطفى عبد الرزاق شيخ الأزهر كما نقلنا سابقًا من أنه كان علويًّا شيعيًّا يهدف إلى إرجاع الملك العبيدي الفاطمي الشيعي المغالي([46]).
ويقول الدكتور سعيد عبد الفتاح عاشور: “ثمة حقيقة واضحة تبدو في الكتابات التي عالجت سيرة السيد البدوي، وهي أنه تعرض لنقدٍ شديدٍ من فقهاء عصره، وأن بعضهم رموه بالدجل والبعد عن الدين، وقد ذكرت لنا هذه الكتابات الانتقادات التي وجهها العلماء والفقهاء إلى السيد أحمد البدوي ومريديه، ولكنها لم تذكر للأسف الدفاع والردود التي حاول السيد البدوي وأتباعه الدفاع بها عن أنفسهم، وكل ما هنالك هو أن الرواة اختلقوا بعض القصص التي لا يقبلها العقل؛ لمحاولة إظهار مدى بطش السيد البدوي بالمعترضين عليه والسخرية منه”([47]).
وفوق ذلك نُقل عنه الكثير من الأشعار التي تُظهر هذه العقيدة الباطنية، وهي مليئة بالحلول والاتحاد، بل ووحدة الوجود.
مثل ما نقله عنه عبد الصمد بن عبد الله الأحمدي المصري، كقوله:
وباسطني عمدًا فطاب خطابه *** فيا طيبها من حضر صمدية
وغيبني عنى فصرت بلا أنا *** دهشت بمرآة ووحدت وحدتي
أنا قطب أقطاب الوجود بأثره *** وكل ملوك العالمين رعيتي
أنا أحمد البدوي قطب بلا خفاء *** على الأقطاب صحت ولايتي
وقوله أيضًا:
سائر الأرض كلها تحت حكمي *** وهي عندي كخردل في فلاء
أنا سلطان على قطب كبير *** وطبولي تدق فوق السماء([48])
ومن أشعاره أيضًا التي تفيض بوحدة الوجود وادعاء الألوهية والغوث ما يُعرف باسم تائية أحمد البدوي، التي يقول فيها:
دعني لقد ملك الغرام أعنتي *** لكنني خضت البحار بهمتي
أصبحت في جنباتها متجردًا *** بين الصفا أسعى وبين المروة
قرأت في توراة موسى تسعة *** تليت على موسى لها لم يثبت
وقرأت من إنجيل عيسى عشرة *** تليت على عيسى فزادت رفعتي
وقرأت من نهج الغرام مسائلًا *** وأتيت فيها من شواهد فطنتي
أنا صاحب الناقوس سلطان الهوى *** أنا فارس الأمجاد حامى مكة
أنا أحمد البدوي غوث لا خفا *** أنا كل شبان البلاد رعيتي([49])
سابعًا: كرامات البدوي:
ولقد أحاط الصوفية البدويَّ بكثير من مظاهر التقديس والإجلال، حتى قال الدكتور شمس الدين السلفي متعجبًا من هذا الأمر: “لقد قرأت كثيرًا من خرافات القبورية الوثنية، واطلعت على عجائب وغرائب من كفرياتهم في كتبهم الصوفية، فلم أجد أحدًا غالت القبورية فيه كما غالت في هذا البدوي، ولو اطّلعت على كفرياتهم ووثنياتهم وغلوهم وزندقتهم وإلحادهم حول هذا البدوي، وجعلهم إياه إلهًا معبودًا مطلقًا، بل ربًّا لهذا الكون كله، علوه وسفله، بره وبحره، شرقه وغربه، جنوبه وشماله، سهله وحزنه، ظاهره وباطنه، ومتصرفًا فيه بما يشاء، نسيت غلوهم وكفرهم حول الجيلاني والرفاعي وغيرهما ممن جعلوهم آلهة، وجعلوا قبورهم أوثانًا يعبدونها من دون الله”([50]).
ومن هذه الكرامات المزعومة للبدوي:
1- تفضيل البدوي على الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم:
فقد جعلوا الله تعالى واسطةً عند البدوي، وصاغوا لذلك أساطير، منها أسطورة تقول: إن امرأة مات لها ولد صغير، فجاءت إلى سيدي أحمد البدوي وهي باكية، وقالت: يا سيدي، ما أعرف ولدي إلا منك، وقام الفقراء إليها لمنعها، فلم يقدروا وهي تقول: توسّلت إليك بالله ورسوله([51]).
وفي رواية الحلبي: قالت المرأة: “سقت عليك الله ورسوله”، أي: أن الله تعالى يتوسّط لدى البدوي ليُحيِي البدوي ابنَ المرأة، فمدّ سيدي أحمد البدوي يده اليه ودعا له فأحياه الله تعالى.
وقال بعضهم مادحًا البدوي:
أنت أحييت ميتًا بعد أن قد *** فتك الدود لحمه والبلاء([52])
كما ادَّعى الشعراني أن الشيخ السروري تخلف عن المولد مرة، فعاتبه سيدي أحمد وقال: موضع يحضر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم والأنبياء والأولياء، فخرج الشيخ محمد السروري إلى المولد فوجد الناس راجعين، وفاته الاجتماع، فكان يلمس ثيابهم ويمر بها على وجهه([53]).
أي: أن الشعراني جعل الأنبياء -وفي مقدمتهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم- يحجون للبدوي في مولده، ويسعون لزيارته والتبرك به مع سائر الناس، وفي هذا تفضيل واضح للبدوي على أنبياء الله ورسله!([54]).
بل من أكذب الأكاذيب التي لا يقبلها عاقل -فضلًا عن أن يكون مؤمنًا- كذبهم على الله عز وجل؛ فقط لتعظيم البدوي وتفضيله على سائر الأنبياء، تقول الأسطورة: “قال الله تعالى -زعموا-: أنا اخترت من الأنبياء أحمد، ومن الأولياء أحمد، فأما أحمد الذي اخترته من الأنبياء فهو محمد نبيي ورسولي، وأما أحمد الذي اخترته من الأولياء فهو أحمد البدوي، سألني ثلاث مسائل فأعطيته اثنتين، ولم أعطه الثالثة: سألني أن يكون التصريف في ملكي على يديه فأعطيته، وسألني فيمن زار قبره أن أغفر له في اليوم الموعود فأعطيته، وسألني أن يدخل النار فلم أعطه؛ لأنه لو دخلها لتمرغ فيها فتصير حشيشا أخضر، وحق علي أن أعذب بها الكفار”([55]).
كل نظرة برجل:
زعمت الصوفية أنه لا يستطيع أحد النظر إلى وجه البدوي، بل من تجرأ ونظر فإنه يصعق، بل إن نظرة واحدة إلى وجه البدوي كفيلة بأن تصرع صاحبها وترديه قتيلًا؛ لأن سبحات وجه البدوي والنور الذي يخرج منه لا يتحمله أحد، كما قال تعالى عن موسى: {قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} [الأعراف: 143].
ومن هذه الخرافات والأساطير الادعاء بأن عبد المجيد -أحد تلامذة البدوي- مات لما أصر على رؤية البدوي بدون لثام، حيث ادعت الروايات أن عبد المجيد صاحب البدوي مات لما أصر على رؤية وجه البدوي بدون لثام، وأنه لما رآه بعد خلع اللثام مات في الحال. فعبد المجيد هذا كان من أوائل السطوحيين، وكان شقيقًا لعبد العال زعيم السطوحين، وفي هذه الواقعة يقول عبد الصمد: “وأما الشيخ عبد المجيد فكان يتردد على سيدي أحمد البدوي مدة طويلة، وتأدب بآدابه، وعرف إشاراته، وكان لا ينام الليل تبعًا لسيدي أحمد البدوي، فاشتاق يومًا إلى رؤية وجه سيدي أحمد البدوي الذي كان دائما متلثّمًا بلثامين، لا يرى الناس منه سوى عينيه، فقال له عبد المجيد: يا سيدي، أرني وجهك أنظر إليه، فقال له: يا عبد المجيد كل نظرة برجل. فقال: رضيت، فكشف له سيدي أحمد اللثام الفوقاني فصعق عبد المجيد ومات في الحال”([56]).
والعجب أن الإشعاع الذي قيل: إنه قتل عبد المجيد لم يكن ليصيب أهل السيد البدوي؛ بدليل أن الشريف حسن شقيق البدوي عندما أتى من مكة وذهب إلى زيارة أخيه بطنطا قال: “فلما رآني أخي أشار إليّ فطلعت عنده، فشال اللثامين، فسلم عليَّ، فتعانقنا وتباكينا. ولم يشر الرواة إلى أي ضرر للشريف حسن حينما رأى وجه أخيه”([57]).
وليس في ذلك مفخرة ولا منقبة، وليس أحد أكرم على الله ولا أحبّ إليه من نبيه محمد صلى الله عليه وسلم خليله وصفيه وخيرته من خلقه، وكان وجهه صلى الله عليه وسلم صبيحًا جميلًا، لا تمل عين النظر إليه منه، يملأ القلوب بهجة وسرورًا، والنفس رضًا وحبورًا. كما في صحيح البخاري وغيره أن ابن عمر كان ربما تمثل بشعر أبي طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم إذا نظر إليه:
وَأَبْيَضَ يُسْتَسْقَى الغَمَامُ بِوَجْهِهِ *** ثِمَالُ اليَتَامَى عِصْمَةٌ لِلْأَرَامِلِ([58])
2- جعلوا البدوي قرينًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وغيره من الأنبياء:
فجعلوا سيرة البدوي كأنها سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، فكما أن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم دأب على التعبد في غار حراء، فكذلك دأب البدوي على التعبد بغار جبل أبي قبيس بمكة، وكما أن جبريل عليه السلام نزل على محمد صلى الله عليه وسلم وهو يتعبد بغار حراء، فكذلك حدث للبدوي، فبينما هو يتعبد في غار أبي قبيس إذ نزل عليه ملك من ملائكة الله تعالى، قال له: أنا ملك من ملائكة الله عز وجل، وهو يقرئك السلام ويقول لك: يا أحمد، توجه إلى مصر وأقم بالغربية ببلدة يقال لها: طندتا، لينتفع بك المسلمون في البر والبحر. وكما تعثر سراقة بن جعثم وكبا به فرسه عند مطاردته للرسول أثناء هجرته من مكة إلى المدينة، فكذلك حدث عندما خرج البدوي قاصدًا قبر الرفاعي في أم عبيدة، عارضه بعض الرجال وأحدقوا ابه، فأومأ بيده إليهم البدوي فوقعوا أجمعين. وإذا كان الله قد أسرى بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، فكذلك نسب الرواة إلى البدوي أنه حكى حدثًا جرى له وهو في طنطا، فيقول: فأتاني ملائكة من عند ربي، فحملوني وعرجوا بي إلى السماء الرابعة، وإذا أنا بشخصين مهابين جالسين على كرسيين، فنظرت فإذا هما النبي صلى الله عليه وسلم وموسى بن عمران عليهما الصلاة والسلام. وهكذا تزعم القصة أن الإسراء والمعراج حصل للسيّد أحمد البدوي([59]).
3- مدح البدوي بألفاظ التقديس:
من ذلك قول عبد الصمد في مقدمة كتابه عن البدوي: “أحببت أن أتوسل لبلوغ مقصدي من جانب الشريف الأحمدي سيد طائفة الأولياء، صاحب الفضل على المشارق والمغارب، وسيد السالكين، الفرد الجامع، والأستاذ الأعظم، والغوث الفخم، والملاذ… والقطب النبوي، والبحر الذي منه الأنام ترتوي، سيدي أحمد البدوي”([60]).
4- الزعم بأن شفاعة البدوي لا يصل إلى مثلها الأنبياء:
فمن ذلك ما أدعاه الصوفية أن البدوي استطاع تأجيل موعد يوم القيامة، فقد روى الجبرتي أنه في عام (1147هـ) حدث أن أشاع الناس في مصر أن القيامة سنكون يوم الجمعة 26 من ذي الحجة، وأخذ الناس يودِّع بعضهم بعضًا، وأكثر غالبيتُهم من الاستغفار والصلاة وعمل الخيرات، وكان أن جاء يوم الجمعة ولم تقم القيامة، وفي يوم السبت علّل الناس تأخّر قيام القيامة بأن البدوي والدسوقي تشفّعوا عند الله عز وجل لتأجيل قيام الساعة حتى يشبع الناس من الدنيا!
ويعقب الجبرتي على هذه القصة بقوله:
وكم ذا بمصر من المضحكات *** ولكنه ضحك كالبكا([61])
5- قولهم بقدرته على الرؤية من وراء الحجب ومعرفة الغيب:
ادعى الصوفية أن من كرامات البدوي معرفته للغيب، ومن أدلتهم على ذلك:
أ- ادعائهم بأن رجلًا مر بالبدوي وهو يحمل قربة لبن، فأومأ إليها البدوي بأصبعه، فتحطمت وانسكب اللبن وخرجت منه حية كبيرة([62]).
ب- الادعاء بأن البدوي خرج إلى ناحية فيشا سليم، وهي قرية قرب طنطا، فرأى أطفالًا يلعبون بينهم عبد العال الذي طلب من البدوي الجريدة الخضراء التي كان يتوكأ عليها، فطالبه البدوي ببيضة يستشفي بها من رمد أصاب عينه. فذهب عبد العال إلى أمه فقال لها: هنا بدوي عينه وجعة، وطلب مني بيضة، وأعطاني هذه الجريدة، فقالت: ما عندنا بيض. فرجع وأخبر البدوي بذلك، فقال: ارجع وهات بيضة من الصومعة، فرجع عبد العال فوجدت أمه الصومعة التي كانت خالية قد ملئت بيضًا، ومنذ ذلك الوقت لازم عبد العال السيد البدوي، وترك أهله وبيته، ولم يقدر أحد على تخليصه منه، فكانت أمه تقول: يا بدوي الشؤم علينا. فأرسل إليها يقول لها: هو ولدي من يوم قرن الثور، ما خلصه ووضعه على بالمصطبة إلا أنا. فتذكرت الأم أنها كانت وضعت ابنها عبد العال وهو طفل صغير في معلف الثور، فدخل قرن الثور في قماطه، وحمله الثور على قرنيه، وتهيّج به، فلم يقدر أحد على تخليصه إلا السيد البدوي الذي مد يده وهو بالعراق، فخلصه من القرن، وعبد العال في قريته فيشا.
في حين يروي الشعراني في نفس الصفحة ما يناقض ذلك حيث يقول: إن البدوي كان في العراق عام (634هـ)، ثم أمره الهاتف بدخول طنطا عام (637هـ)، وأن عبد العال كان من أبرز أصحابه منذ أن دخل طنطا. فكيف يحكي عن عبد العال في صفحة واحدة أنه كان رضيعا، ثم يعود فيحكي أنه كان يافعًا ومن أبرز أصحابه؟!([63]).
6-القول بطي الأرض وطي الزمان وانزوائهما له:
فقد ادعوا أن البدوي كان ممن يسمون: أهل الخطوة، فقد أورد صاحب الجواهر أنه لما اشتكىابن الحسن شقيق البدوي وقال: إنه مشتاق لرؤية عمه البدوي في المنام، قال البدوي: يا ابن أخي، إذا اشتقت إلي فاطلع فوق جبل قبيس وقل: اللهم يا من ساق عمي أحمد إلى طندتا سقه لي هنا، وذكر أنه عندما فعل ابن الحسن ذلك إذا بكف خطفته في الهواء ولم يدر إلا وهو في دار عمه البدوي في طندتا على السطح؛ فعانقه ثم قال: يا ابن أخي، اغمض عينيك، قال: فغمضت عيني فإذا أنا على جبل أبي قبيس كأني لا رحت ولا جيت([64]).
هذا طي المكان، وأما طي الزمان فقد قال أحمد عز الدين خلف الله: “وتواترت الروايات أن الغوث أحمد البدوي كان يمكث أربعين يومًا لا يأكل ولا يشرب ولا ينام… وإن مكث هذه المدة الطويلة متعذّر بالنسبة للفرد والإنسان العادي، وهذا من قبيل طيّ الزمان”([65]).
7- الادعاء بأن البدوي يخلص الأسرى ويحضرهم طائرين في الهواء:
ذكر الصوفية أن البدوي كان يحضر الأسرى من بلاد الفرنج أيام الحروب الصليبية، وأنه كان يكفي إشارة من البدوي وهو فوق السطح حتى يطير الأسير من عكا ويكون بعد لحظات عند البدوي في طنطا.
كما يشيع البعض أن البدوي شارك بنفسه في الحروب الصليبية، وأنه أحضر أسرى من الفرنج. وهذا كذب وافتراء، ويبدو أن الذي ساعد على انتشار هذه الفرية أن وزارة الأوقاف أرسلت السيوف والدروع التي غنمها الجيش المصري من جيش لويس التاسع لتخزن في مخزن المسجد الأحمدي بطنطا، فكان أتباع البدوي يتقلدونها في موالدهم وهم ينشدون الأناشيد التي تنسب الفضل إلى البدوي في إحضار الأسرى، ومنها نشيد: الله الله يا بدوي جاب اليسرى، أي: الأسرى في زعمهم.
وربما أن أنصار البدوي قد أحسوا بالخجل وهم يرون شيخهم البدوي مشغولًا بالصياح على السطح، في حين كانت الحروب الصليبية على أشدها بين المسلمين والصليبيين، فاخترعوا أكذوبة إحضاره الأسرى المسلمين مشاركة منه في الجهاد([66]).
ثم زعم الصوفية أن الصليبيين أدركوا مع الوقت أثر السيد أحمد البدوي في إفلات الأسرى المسلمين من أيديهم، فأخذوا يحتاطون على أسراهم من نفوذ السيد البدوي.
تقول الأسطورة: إن شخصًا كان اسمه الشيخ سالم، كان أسيرًا في بلاد الصليبيين، فكان حارسه يخاف أن يقوم السيد البدوي بخطف الأسير، فصار يبيته في صندوق ويقفله بقفل، وينام الصليبي فوق الصندوق، وفي ليلة قال الشيخ سالم هامسًا وهو داخل الصندوق: يا سيدي أحمد، يا بدوي، أنجدني. وما كاد ينتهى من عبارته إلا وطار الصندوق في الهواء وبداخله الشيخ سالم وفوقه الصليبي، فكان هذا الحدث سببًا في اعتناق الصليبي الإسلام وحضوره إلى مقام السيد البدوي في طنطا اعتقادًا فيه وطلبًا لرضائه([67]).
8- الادعاء أن من كرامات البدوي الكلام من قبره والسلام بيده على من يحدثه:
وهذه أيضًا من الكرامات المزعومة للبدوي؛ أنه يتكلم بعد موته، ويصرف شئون دولته، ويسلم على مريديه، وهذا من المضحكات المبكيات.
ذكر الشعراني في كتابه: أن محمد الشناوي أخذ العهد على الشعراني تجاه وجه البدوي، وأن اليد الشريفة -أي: يد البدوي- خرجت من الضريح وقبضت على يد الشعراني، وقال الشناوي مخاطبًا البدوي: يا سيدي، يكون خطرك عليه واجعله تحت نظرك. قال الشعراني: فسمعت سيدي أحمد من القبر نعم.
ويقول الشعراني أيضًا بنفس الصفحة: ثم إني رأيته -أي: البدوي- بمصر مرة أخرى وهو يقول: زرنا بطندتا ونحن نطبخ لك الملوخية. فسافرت فأضافني غالب أهلها وجماعة المقام ذلك اليوم كلهم ملوخية([68]).
ثامنًا: الحج بين الكعبة وقبر البدوي:
للصوفية حج إلى قبر البدوي، وذلك كل عام، وهذه الشعائر تشبه تماما الحج إلى بيت الله الحرام، نجد فيها قدومًا وسعيًا وطوافًا وتهليلًا وتكبيرًا وذبحًا.
حتى إنهم قد وضعوا في الضريح مثل الحجر الأسود، وفي نهاية الشعائر يضع الزوار النذور لصاحب الضريح مثلما يقدم الحاج الهدي لله تعالى في مكة المكرمة.
وعجل السيد معروف ومشهور، حيث يجهَّز ويطاف به في موكب وتهليل وتكبير إلى ضريح البدوي.
قال عبد الصمد: لما مات سيدي أحمد تخلف بعده سيدي عبد العال فشيّد أركان البيت، وأقام الأشاير، أي: نظم الأتباع ووزع المهام لرعاية الحجاج، وقصده الناس للزيارة من سائر الأقطار([69]).
أي: أن عبد العال أقام ضريحًا للبدوي، وقال عنه عبد الصمد الأحمدي: إنه شيد أركان البيت كما قال الله تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 127]، كما أقام الأحمدية الحجر الأسود في مقام البدوي، ودعوا الناس إلى تقديسه بدعوى أنه أثر لقدم النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد نسب إلى البدوي قوله:
ألا أيها الزوار حجوا لبيتنا *** وطوفوا بأستار له تبلغوا المنا
فهيَّا بني الحاجات سعيا لمنهل *** ورثناه في الدارين من فيض جدنا
ففي الأبيات حث لزيارة البدوي؛ ليشهدوا منافع لهم، ويَفوا نذورهم، ويطوفوا بالبيت قبر البدوي، مع وعد صريح لأصحاب الحاجات بقضاء حاجاتهم([70]).
وفي هذا يقول السخاوى بالحرف الواحد: “جاء الحجاج هذه السنة لسيدي أحمد البدوي من الشام وحلب ومكة أكثر من حجاج الحرمين”([71]).
قال ابن القيم رحمه الله منكرًا على هؤلاء: “فقد آل الأمر بهؤلاء الضُّلّال والمشركين إلى أن شرعوا للقبور حجًّا، ووضعوا له مناسك، حتى صنف بعض غلاتهم في ذلك كتابًا سماه: “مناسك حج المشاهد”؛ مضاهاة منه بالقبور للبيت الحرام، ولا يخفى أن هذا مفارقة لدين الإسلام، ودخول في دين عباد الأصنام”([72]).
حتى قيل لأحد العلماء بأن يفتي بإبطال مولد البدوي لما يحدث فيه من زنا وفسوق ولواط وتجارة مخدرات، وما يشيعه الصوفية من أن البدوي سيشفع لزوار مولده، فأبى هذا العالم أن يفتي قائلًا ما معناه: إن البدوي ذو بطش شديد.
وحتى وصل الأمر بخليفة السيد البدوي في مولده عام 1991م أن زعم أن السيد البدوي موجود معك أينما كنت، ولو استعنت به في شدتك وقلت: يا بدوي مدَد، لأعانك وأغاثك!([73]).
عقوبة من تخلَّف عن مولد البدوي:
ومن باب التخويف والإرهاب ابتدع الصوفية أحكامًا وعقوبات لمن يتخلف عن الحضور لمولد البدوي منها:
1- أنه يسلب منه الإيمان إلا إن تاب وندم واستغاث بالبدوي:
قال الشعراني في طبقاته: “وأخبرني شيخنا محمد الشناوي رضي الله عنه أن شخصًا أنكر حضور مولد سيدي أحمد، فسُلب الإيمان، فلم تكن فيه شعرة تحن إلى دين الإسلام! فاستغاث بسيدي أحمد رضي الله عنه، فقال: بشرط ألا تعود، فقال: نعم، فرد عليه ثوب إيمانه. ثم قال له: وماذا تنكر علينا؟ قال: اختلاط الرجال بالنساء، فقال سيدي أحمد رضي الله عنه: ذلك يقع في الطواف ولم يمنع منه أحدٌ! ثم قال: وعزة ربي، ما عصى أحد في مولدي إلا وتاب وحسنت توبته، وإذا كنت أرعى الوحوش في القفار والسمك في البحار وأحميهم من بعضهم بعضًا، أفيعجزني الله عن حماية مَن يحضر مولدي؟!”([74]).
2- التهديد والوعيد لكل من يتخلف عن مولد البدوي أو ينكر ما يحدث فيه من منكرات:
ويقول الشعراني أيضًا: “إن أبا الغيث بن كتيلة أحد العلماء بالمحلة الكبرى وأحد الصالحين بها أنكر زيارة مولد البدوي، وقال: هيهات أن يكون اهتمام هؤلاء -يعنى زوار المولد- بزيارة نبيهم مثل اهتمامهم بأحمد البدوي، ثم عزم عليه شخص فأطعمه سمكة، فدخلت شوكة في حلقه وتصلّبت، فلم يقدر على نزولها، وورمت رقبته تسعة أشهر.. وأنساه الله السبب، ثم ذكره به فقال: احملوني إلى قبة سيدي أحمد. وهناك عطس عطسة شديدة، فخرجت الشوكة من فيه مغمسة دمًا. فقال: تبت إلى الله تعالى يا سيدي، وذهب الوجع والورم من ساعته”([75]).
3- أما من ينكر على البدوي فالويل له، ينطفئ نوره، ويخمل ذكره، ولا يسلم أبدًا:
قال الشعراني: “وأنكر عليه بعضهم، فسلب وانطفى اسمه وذكره، ومنهم صاحب الإيوان العظيم بطندتا المسمى بوجه القمر، كان واليًا عظيمًا، فثار عنده الحسد ولم يسلّم الأمر بقدرة الله تعالى، فسلب. وموضعه الآن بطندتا مأوى الكلاب، ليس فيه رائحة صلاح ولا مدد، وكان الخطباء بطندتا انتصروا له وعملوا له وقتًا وأنفقوا عليه أموالًا وبنوا لزاويته مئذنة عظيمة، فرفسها سيدي عبد العال رضي الله عنه برجله، فغارت إلى وقتنا هذا”([76]).
ومن هذا أيضًا قول الشعراني: “وأنكر ابن الشيخ خليفة، بناحية أبيار -قرية بجوار طنطا- حضور أهل بلده إلى المولد، فوعظه شيخنا الشيخ محمد الشناوي، فلم يرجع، فاشتكاه لسيدي أحمد البدوي، فقال: ستطلع له حبة ترعى فمه ولسانه، فطلعت من يومه ذلك، وأتلفت وجهه ومات بها”([77]).
وهذا غيض من فيض مما يعتقده الصوفية في البدوي، ويدَّعونه له من كرامات ومعجزات فاقت معجزات الأنبياء.
أما مولده وما يحدث فيه من منكرات فحدِّث ولا حرج، حيث يختلط في هذه الموالد الرجال بالنساء بلا تحرز من ذلك؛ لأن البساط أحمدي! وشفاعة البدوي جاهزة لخدمة الزوار!
***
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)
([1]) جامع البيان عن تأويل آي القرآن -ط: مؤسسة الرسالة- (15/ 123).
([2]) ينظر: رسالة الصوفية والفقراء، لابن تيمية -ط: المدني، جدة- (ص: 28).
([3]) رواه البخاري: كتاب الرقاق، بَابُ التَّوَاضُعِ (6502).
([4]) ينظر: الحكيم الترمذي ونظريته في الولاية (ص: 72).
([5]) نوادر الأصول -ط: دار صاد، بيروت- (ص: 157-158).
([6]) ينظر: الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة، عبد الرحمن عبد الخالق -ط: دار الحرمين- (ص: 74).
([7]) إحياء علوم الدين -ط: دار المعرفة، بيروت- (1/ 53، 39). وانظر: الأربعين في أصول الدين (ص: 195).
([8]) الرسالة القشيرية (ص: 2).
([9]) عوارف المعارف (ص: 47) -ملحق بالجزء الخامس من كتاب الإحياء، ط: المعرفة بيروت-.
([11]) آداب المريدين، لعبد القاهر السهروردي -ط: الوطن العربي، القاهرة- (ص: 125).
([12]) معراج التشوف إلى حقيقة التصوف (ص: 65).
([13]) فصوص الحكم -ط: دار الكتب العلمية- (ص: 136).
([14]) عوارف المعارف (ص: 57) -ملحق بالإحياء-.
([15]) الفتوحات الإلهية (ص: 173).
([17]) نوادر الأصول -ط: دار صادر، بيروت- (ص: 157).
([18]) الملل والنحل -ط: دار الفكر بيروت- (ص: 226).
([19]) ينظر: الطبقات الكبرى للشعراني -ط: دار الحلبي- (2/ 16).
([20]) ينظر: الطبقات الكبرى، للشعراني (1/ 181).
([21]) ينظر: النجوم الزاهرة، لابن تغري بردي الحنفي (7/ 252)، وبدائع الزهور، لابن إياس الحنفي (1/ 335)، وطبقات الشعراني (1/ 183)، وشذرات الذهب (5/ 345).
([22]) انظر: السيد البدوي دراسة نقدية، د. عبد الله صابر (ص: 6)، ونشرته مجلة السياسة الأسبوعية في الأعداد (89، 90، 92) لسنة 1927م، تحت عنوان: (المولدان الأحمدي والدسوقي).
([23]) جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية -ط: دار الصميعي- (2/ 741).
([25]) دائرة المعارف الإسلامية -تحقيق: إبراهيم خورشيد، أحمد الشناوي، عبد الحميد يونس، حسن حبشي، عبد الرحمن الشيخ، محمد عناني، ط: مركز الشارقة للإبداع الفكري- (2/ 483).
([26]) ينظر: الطبقات الكبرى، للشعراني -ط: الحلبي- (1/ 183).
([27]) انظر: دائرة المعارف الإسلامية (2/ 469).
([28]) دائرة المعارف الإسلامية (2/ 477).
([29]) السيد البدوي ودولة الدراويش في مصر -ط: المركز العربي للصحافة- (ص: 80).
([30]) دائرة المعارف الإسلامية (2/ 477).
([31]) عمارة اليمني (ت٥٦٩هـ)، هو: عمارة بن علي أبي الحسن بن زيدان الحكمي المذحجي اليمني، أبو محمد، نجم الدين: مؤرخ ثقة، وشاعر فقيه أديب، من أهل اليمن. الأعلام لخير الدين الزركلي -ط: دار العلم للملايين- (5/ 37).
([32]) السيد البدوي دراسة نقدية، د: عبد الله صابر -ط: دار الطباعة والنشر الإسلامية- (ص: 14).
([33]) ينظر: السيد البدوي دراسة نقدية (ص: 15).
([34]) دائرة المعارف الإسلامية (2/ 476).
([35]) الضوء اللامع لأهل القرن التاسع -ط: دار مكتبة الحياة، بيروت- (9/ 150).
([36]) انظر: السيد البدوي دراسة نقدية (ص: 16)، وقرة عيون الموحدين (ص: 120).
([37]) الطبقات الكبرى -ط: التوفيقية- (1/ 312).
([39]) رواه أبو داود (4029)، وابن ماجه (3606)، وحسنه الألباني في السنن.
([40]) الطبقات الكبرى -ط: التوفيقية- (1/ 316).
([41]) الجواهر السنية (ص: 39).
([42]) الطبقات الكبرى -ط: التوفيقية- (1/ 310).
([43]) الطبقات الكبرى -ط: التوفيقية- (1/ 311).
([44]) انظر: السيد البدوي دراسة نقدية (ص: 17).
([45]) السيد البدوي ودولة الدراويش في مصر (ص: 75).
([46]) انظر: السيد البدوي دراسة نقدية، د: عبد الله صابر (ص: 6)، ونشرته مجلة السياسة الأسبوعية في الأعداد (89، 90، 92) لسنة 1927 تحت عنوان: (المولدان الأحمدي والدسوقي).
([47]) السيد البدوي شيخ وطريقة (ص: 128).
([48]) ينظر: الجواهر السنية في النسبة والكرامات الأحمدية، لعبد الصمد بن عبد الله الأحمدي المصري (ص: 90-95).
([49]) ينظر: الجواهر السنية (ص: 98)، وعقائد الصوفية في ضوء الكتاب والسنة، محمود المراكبي (ص: 140).
([50]) جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية (2/ 741).
([51]) ينظر: عجائب الآثار، للجبرتي (3/ 141).
([52]) ينظر: الجواهر السنية (ص: 93).
([53]) الطبقات الكبرى (1/ 315).
([54]) ينظر: الطبقات الكبرى (1/ 316).
([55]) ينظر: الجواهر السنية (ص: 88).
([56]) الجواهر السنية (ص: 26). وينظر: الطبقات الكبرى -ط: التوفيقية- (1/ 311).
([57]) السيد البدوي شيخ وطريقة، د. سعيد عاشور (ص: 159).
([58]) رواه البخاري (1008). وانظر: مجانبة أهل الثبور (ص: 313).
([59]) ينظر: السيد البدوي دراسة نقدية (ص: 40).
([60]) انظر: مقدمة كتاب الجواهر السنية (ص: 5-7).
([61]) عجائب الآثار في التراجم والأخبار -ط: دار الجيل- (1/ 220).
([62]) ينظر: السيد البدوي شيخ وطريقة (ص: 185).
([63]) انظر القصة كاملة في: الطبقات الكبرى -ط: التوفيقية- (1/ 310-311).
([64]) انظر: الجواهر السنية (ص: 65).
([65]) كرامات السيد البدوي وأوراده (ص: 14).
([66]) ينظر: السيد البدوي دراسة نقدية (ص: 83).
([67]) ينظر: السيد البدوي شيخًا وطريقة (ص: 171).
([68]) الطبقات الكبرى (1/ 314).
([69]) الجواهر السنة (ص: 24). وانظر: السيد البدوي بين الحقيقة والخرافة، أحمد صبحي منصور (ص: 233).
([70]) ينظر: السيد البدوي شيخًا وطريقة (ص: 262).
([71]) التبر المسبوك في ذيل السلوك (ص: 176).
([72]) إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان -ط: مكتبة المعارف، الرياض- (1/ 197).
([73]) ينظر: مجلة التوحيد، عدد ربيع الأول سنة 1428هـ (ص: 39-40).
([74]) الطبقات الكبرى (1/ 316).
([75]) الطبقات الكبرى (1/ 316).