قواعد في فهم ما ورد عن الإمام أحمد وغيره: من نفي الكيف والمعنى
للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة
إنَّ البناءَ العقديَّ والمعرفيَّ وتحديدَ الموارد والأصول العامَّة من أهم المعايير التي يُعرف من خلالها مذاهب العلماء، وإن ترتيب المذاهب كألفاظ مُرتبة بجوار بعضها بعضًا ما هو إلا ثمرة هذا البناء والمورد، وأما اختلافُ الألفاظ والعبارات فليس هو المعتبر، وإنما المعتبر مقاصدُ العلماء وماذا أرادوا، وكيف بنوا، وكيف أسَّسوا، وكيف ناظروا. فقد يستعمل عالمٌ من العلماء مصطلحًا له تخريج لغويّ لديه، ولا يريد منه المصطلح الكلاميَّ الذي عند المتأخرين.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: “يكون النزاع في معنيين متنوِّعين نزاعًا لفظيًّا اعتباريًّا، وقد قال بعض الفضلاء: أكثر اختلاف العقلاء من جهة اشتراك الأسماء”([1]).
ويقول ابن القيم: “الكلمة الواحدة يقولها اثنان، يريد بها أحدهما أعظمَ الباطل، ويريد بها الآخر محضَ الحقّ، والعبرة بطريقة القائل وسيرته ومذهبه، وما يدعو إليه، وما يناظر عليه”([2]).
لذلك فإن الترتيبَ الشكليَّ في الألفاظ لم يكن يعتمِد عليه ابن تيمية، وإنما كان فهم موارد المذهب وكيف تم البناء هو قطب الرحى وأساسُه في معرفة صحَّة المذهب من عدمه، عن طريق تفكيك الألفاظ والمصطلحات وتحليلها.
وما يقع من كلام العلماء مما ظاهرُه خطأٌ لا يخرج عن ثلاثة مقامات:
المقام الأول: أن يخطئ العالم خطأً جليًّا، موافقًا بذلك أصلًا كاملًا من أصول المبتدعة، إلا أنه يغلب عليه منهج أهل السنة والجماعة وتعظيم السُّنة والحديث، ومثال ذلك: ما وقع من مدرسة القاضي أبي يعلى الحنبليِّ من نفي الأفعال الاختياريّة، وما وقع من أبي نعيم الأصبهاني في نفي الصوت والحرف، وما وقع ممن تأثروا بالأشعرية كالنوويّ وابن حجر ونحوهم.
وكل هؤلاء وافقوا أصلًا من أصول الجهمية وظنوها قواطعَ عقلية، وإن غلب عليهم السُّنة في بقية الأبواب.
المقام الثاني: أن يخطئَ العالم في نتيجة المسألة لا في الأصل الذي بنى عليه تلك المسألة، ومثال ذلك: ما وقع من شريح القاضي في صفة العجب، وابن قتيبة من تأويل صفة النزول، والسِّجزي في نفي تعاقب الحروف في معرض ردِّه على الأشعرية، ونحو هؤلاء.
وكل هؤلاء لم يتأوَّلوا هذه الصفات من منطلقات كلاميّة، وإنما خرَّجوا آراءهم تخريجًا لغويًّا أو شرعيًّا، فوافقوا قول المبتدعة من حيث النتيجة، لكن وصلوا إليه بطريقٍ شرعيّ وإن كان خطأ.
المقام الثالث -وهو المقصود لدينا من هذا البحث-: ألا يخطئ العالم لا في الأصل ولا في النتيجة، وإنما قوله هو ذاته قول أهل السنة والجماعة، ولكن اشتبهت بعضُ عباراته على بعض الناس، وظنوا أنه يقصد كلام المتكلّمين. ومثاله: ما ورد عن بعض السلف وأهل الحديث من عبارات ظاهرها تفويض معاني الصفات.
والواجب هنا: مُحاكمة كلّ عالمٍ إلى عُرفه واصطلاحِه، لا بما اشتهر عند المتأخرين، فإنه لو قال عالم من السلف عن حديثٍ ما: (هذا حديثٌ حَسَن)، لم يجُز حمل قوله على مصطلح الحديث الحسن عند المتأخرين بعد زمن التقعيد العلميّ للعلوم.
وفي معنى ذلك يقول الإمام القرافي في كلامٍ بديع: “إذا صدر اللفظ ممن خالف أو وافق أو مقرٍّ فإنما يحمل على عرفه الذي عادتُه يتكلم به هو خاصّة، أو أهل بلدِه عامّة، بناء على القاعدة: أن من له عرف فإنه يتبع في حقّه، وكذلك إذا اختلفت العوائد الناقلة للّغة حمل أهل كلّ عادة على عادتهم”([3]).
ولكي نحدِّد المُراد بمصطلح (المعنى) أو (الحقيقة) أو (التفسير) أو (الظواهر) وما جاء عن السلف من نفيه -موضوع هذه الورقة العلمية- لا بدَّ وأن نعرفَ مبانيَ الألفاظِ ودلالاتها بين السلف والخلف، وأنّ اللفظة الواحدة تتعدّد مراداتها بحسب اعتقاد القائل، وذلك فيما يلي:
أولًا: الحقيقة حقيقتان:
النوع الأول: الحقيقة المطلقة: وهي حقيقة الكلمة ذاتها دون إضافة لشيء محدَّد (المعنى المشترك)، وهو قدر ذهنيّ يختلف أفراده باختلاف المنسوب إليه، وهو ما يقصده أئمة أهل الحديث من إثبات الحقيقة في الصفات.
النوع الثاني: الحقيقة المُقيَّدة: وهي حقيقة الكلمة بعد إضافتها لشيءٍ مخصوص، كإضافة السمع والبصر للإنسان، وإضافة السمع والبصر لله عز وجل.
وفي ذلك يقول ابن تيمية: “وأما المخلوق فقد يماثله غيره في صفاته، لكن لا يشركه في غير ما يستحقّه منها، والأسماء المتواطئة المقولة على هذا وهذا حقيقةٌ في هذا وهذا؛ فإذا كانت عامة لهما تناولتهما، وإن كانت مُطلقة لم يُمنع تصورهما من اشتراكهما فيها، وإن كانت مقيدة اختصَّت بمحلها”([4]).
نموذج من إثبات الحقيقة:
جاء في «العقيدة القادرية» التي ارتضى بها الحنابلة وأرسل بها أمير المؤمنين القادر بالله إلى البلدان ما نصه: «وكلّ صفة وصف بها نفسه أو وصفه بها نبيه فهي صفة حقيقية»([5]).
وقال الحافظ ابن عبد البر: «أهل السنة مجمعون على الإقرار بصفات الله الواردة في الكتاب والسنة، وحملها على الحقيقة لا على المجاز، إلا أنهم لا يكيّفون شيئًا من ذلك، ولا يحدون فيه صفة محصورة»([6]).
نموذج من نفي الحقيقة:
يقول ابن القيم: “العقل قد يئس من تعرّف كنه الصفة وكيفيّتها، فإنه لا يعلم كيف الله إلا الله، وهذا معنى قول السلف: (بلا كيف)، أي: بلا كيف يعقِله البشر، فإن من لا تعلم حقيقة ذاته وماهيته، كيف تعرف كيفية نعوته وصفاته؟!”([7]).
وواضح من كلام ابن القيم أنه يقصد كيفية ذاته.
ثانيًا: الظاهر ظاهران:
النوع الأول: ظاهر يليق بالله عز وجل: وهو أصل المعنى من غير إضافةٍ أو تخصيص، وهو ما يقصده أئمة السُّنة من إثبات ظواهر النصوص.
النوع الثاني: ظاهر يليق بالمخلوقين: وهو ظاهر المعنى بعد تخصيصه للمخلوقين، وهذا لا يثبته أحد من أهل السنة.
يقول ابن تيمية: “إذا قال القائل: ظاهر المنصوص مراد أو ظاهرها ليس بمراد؟ فإنه يُقال: لفظ الظاهر فيه إجمال واشتراك، فإن كان القائل يعتقد أن ظاهرها التمثيل بصفات المخلوقين أو ما هو من خصائصهم فلا ريب أن هذا غير مراد، ولكن السلف والأئمة لم يكونوا يسمُّون هذا ظاهرها، ولا يرتضون أن يكون ظاهر القرآن والحديث كفرًا وباطلًا”([8]).
ويقول الحافظ ابن رجب: “ومن قال: الظاهر منها غير مراد، قيل له: الظاهر ظاهران: ظاهر يليق بالمخلوقين ويختصّ بهم، فهو غير مراد، وظاهر يليق بذي الجلال والإكرام، فهو مراد، ونفيه تعطيل”([9]).
مع التنبيه: أنه لم يرد عن السلف وأهل الحديث نفي الظاهر؛ لأن ظواهر الشريعة عندهم حقّ، وإنما ورد عن بعضهم نفي المعنى، ونفي التفسير، ونحو ذلك كما سيأتي.
ثالثًا: المعنى معنيان:
النوع الأول: أصل المعنى: وهو المعنى الذهني المطلق قبل التخصيص والإضافة.
وهو القدر المشترك الذي إذا أُطلق فُهِم منه معنًى عامٌّ كُلي، به تتميّز كل صفة عن نظيرتها، فإذا كلَّم اللهُ موسى سبق إلى ذهنك معنًى مغاير عمَّا إذا قلت: «ينزل» أو «يخلق» أو «يأتي».
النوع الثاني: حقيقة المعنى: وهو المعنى بعد الإضافة، أي: ما يؤول إليه المعنى في الخارج.
وهذا كقول القائل: هذا الرجل لم أرَ في معناه مثله، أي: في كنهه وكيفيته، لذلك نجد أن معنى «اليد» في المعاجم: “العضو من أَطْراف الأَصابع إِلى الكف”([10]) ؛ وذلك لأن هذه المعاني التي بالمعاجم إنما وُضعت على حقيقة المعنى لا مطلق المعنى.
والشيخ محمد خليل هراس يجعل (حقيقة المعنى) من معاني (الكيفية)، فيقول: «المراد بالتأويل المنفي حقيقة المعنى وكنهه وكيفيته»([11]).
فما ورد عن أهل الحديث من عدم العلم بالمعنى، فإنما قصدوا به حقيقته وما يؤول إليه.
نماذج من إثبات المعنى (أصل المعنى):
1- قال بنان بن أحمد: كنا عند القعنبي رحمه الله، فسمع رجلا من الجهمية يقول: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}. فقال القعنبي: من لا يوقن أن الرحمن على العرش استوى كما يقِرّ في قلوب العامة فهو جهمي([12]).
وفي الأثر السابق أثبت الجهميّ الاستواء كما هو، فأضاف القعنبي له قيدًا إضافيًّا وهو الإيمان بما وقع في القلب من معنى اللفظة؛ وذلك لأن القعنبي يعلم أن الرجل لا يثبت حقيقة الاستواء.
2- قال ابن جرير الطبري: «وأَوْلى المعاني بقول الله جل ثناؤه: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} [فُصِّلَت: 11]: علا عليهن وارتفع، فدبّرهن بقدرته، وخلقهن سبع سماوات. والعجبُ ممن أنكر المعنى المفهوم من كلام العرب.. الذي هو بمعنى العلوّ والارتفاع؛ هربًا عند نفسه من أن يلزمه بزعمه -إذا تأوله بمعناه المفهوم كذلك- أن يكون إنما علا وارتفع بعد أن كان تحتها، إلى أن تأولها بالمجهول مِن تأويله المستنكر، ثم لم يَنْجُ مما هرَب منه»([13]).
3- أخرج اللالكائي عن داود بن علي قال: كنا عند ابن الأعرابي، فأتاه رجل فقال له: ما معنى قول الله عز وجل: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}؟ فقال: هو على عرشه كما أخبر عز وجل, فقال: يا أبا عبد الله، ليس هذا معناه، إنما معناه: استولى, قال: اسكت، ما أنت وهذا؟! لا يقال: استولى على الشيء إلا أن يكون له مضادّ، فإذا غلب أحدهما قيل: استولى([14]).
فقوله: (يا أبا عبد الله، ليس هذا معناه)، فيه دليل أن الرجل فَهم أن الإمام ابن الأعرابي فهم المعنى.
4- قال أبو النصر السِّجْزي: «الواجب أن يُعْلَمَ أنَّ الله تعالى إذا وصف نفسه بصفةٍ، هي معقولةٌ عند العرب، والخطاب ورد بها عليهم بما يتعارفونه بينهم، ولم يبيِّن سبحانه أنها بخلاف ما يعقلونه، ولا فسَّرَها النَّبيُّ لمَّا أدَّاها بتفسيرٍ يخالفُ الظَّاهر، فهي على ما يعقلونه ويتعارفونه»([15]).
فأنت ترى أنّ الحافظ السجزيَّ أثبت المعنى اللغويَّ، ونفى التفسير الذي يخالف الظاهر (وقصد به التأويل)، وهذا النصّ من النصوص النفيسة التي تجمع بين شتات هذه المصطلحات في نظامٍ واحد.
نموذج من نفي المعنى:
قال ابن قدامة: “فَإِنَّهُ لَا حَاجَة لنا إِلَى علم معنى مَا أَرَادَ الله تَعَالَى من صِفَاته جلّ وَعز، فَإِنَّهُ لَا يُرَاد مِنْهَا عمل، وَلَا يتَعَلَّق بهَا تَكْلِيف سوى الْإِيمَان بهَا، وَيُمكن الْإِيمَان بهَا من غير علم مَعْنَاهَا، فَإِن الْإِيمَان بِالْجَهْلِ صَحِيح، فَإِن الله تَعَالَى أَمر بِالْإِيمَان بملائكته وَكتبه وَرُسُله وَمَا أنزل إِلَيْهِم وَإِن كُنَّا لَا نَعْرِف من ذَلِك إِلَّا التَّسْمِيَة”([16]).
فانظر إلى جعله تفويض معنى الصفات من جنس تفويض معنى الإيمان بالملائكة والرسل والكتب، فإن هذه الأمثلة التي ذكرها لا تفوَّض باتفاق المسلمين؛ تعلم من ذلك ماذا يقصد بمصطلح “المعنى” وأنه في اصطلاحه: الماهية.
الأدلة أن مصطلح (المعنى) يأتي بمعنى الكيفية:
يقول ابن خزيمة: “نقول له -أي للجهمي-: يدك شبيهة بيد قرد أو خنزير أو دُبّ أو كلب أو غيرها من السباع، أما ما يقوله سامع هذه المقالة -إن كان من ذوي الحِجا والنُهى-: أخطأت يا جاهل التمثيلَ، ونكست التشبيه، ونطقت بالمحال من المقال، ليس كل ما وقع عليه اسم اليد جاز أن يشبه ويمثَّل إحدى اليدين بالأخرى، وكل عالم بلغة العرب فالعلم عنده محيط أن الاسم الواحد قد يقع على الشيئين مختلفَي الصفة متبايِنَي المعاني“([17]).
فقول ابن خزيمة السابق: «متبايني المعاني» مع أن سياق كلامه عن المخلوقات فيه دليل أن (المعنى) قد يُستخدم للكيفية أو ما يؤول إليه المعنى في الخارج، فتأمل.
وبشكلٍ صريح يقول ابن خزيمة أيضًا: «وكلّ مَن فَهم عن الله خطابه يعلم أن هذه الأسامي التي هي لله تعالى أسامي بيَّن الله ذلك في كتابه وعلى لسان نبيه مما قد أوقع تلك الأسامي على بعض المخلوقين، ليس على معنى تشبيه المخلوق بالخالق؛ لأنَّ الأسامي قد تتفق وتختلف المعاني، فالنور وإن كان اسمًا لله فقد يقع اسم النور على بعض المخلوقين، فليس معنى النور الذي هو اسم لله في المعنى مثل النور الذي هو خلق الله»([18]).
وفي النقل السابق نفى ابن خزيمة أن تكون معاني صفات الله هي معاني صفات المخلوقين، مع أن الجميع يتّفق على أن ابن خزيمة ليس مفوِّضًا.
ومثله ما قاله الحافظ ابن منده: «فتسمَّى -أي: الله عز وجل- بالسميع البصير، وسمى عبده سميعًا بصيرًا. فاتفقت الأسماء واختلفت المعاني؛ إذ لم يشبه من جميع الجهات»([19]).
والنص السابق هو لابن منده -وهو من المعروفين بالإثبات- ومع ذلك يقول: إن المعاني مُفترقة في السمع والبصر، مع أن هاتين الصفتين لا تفوَّضان باتفاق.
ويزيد الأمر وضوحًا قول ابن قدامة: «وإنما يحصل التشبيه والتجسيم ممن حمل صفات الله تعالى على صفات المخلوقين في المعنى، ونحن لا نعتقد ذلك ولا ندين به، بل نعلم أن الله عز وجل ليس كمثله شيء وهو السميع البصير»([20]).
وهو واضح جدًّا أنه يريد حقيقة المعنى وما تؤول إليه في الخارج، بل قد يزيد عَجَبك إذا علمت بأن شيخ الإسلام ابن تَيميَّة نفسه قد صرح بتفويض المعنى في مواضع، فقال: «بل أمَرُّوها كما جاءت، وردّوا علمها إلى قائلها ومعناها إلى المتكلِّم بها، وقال بعضهم -ويروى عن الشافعي-: (آمنت بما جاء عن الله، وبما جاء عن رسول الله ﷺ، على مراد رسول الله). وعلموا أن المتكلم بها صادق، لا شكّ في صدقه، فصدّقوه، ولم يعلموا حقيقة معناها، فسكتوا عما لم يعلموه»([21]).
إسحاق بن راهويه يستخدم مصطلح (المعنى) بكلتا دلالتيه:
استخدم لفظ المعنى بدلالتيه معًا (حقيقة المعنى، وأصل المعنى) إسحاق بن إبراهيم الحنظلي المعروف بابن راهويه.
يقول الإمام إسحاق بن راهوية رحمه الله في ما رواه عنه أبو الشيخ الأصبهاني في كتابه (السنة): “ولا يعقل نبي مرسل ولا ملك مقرب تلك الصفات إلا بالأسماء التي عرفهم الرب تبارك وتعالى، فأما أن يدرك أحد من بني آدم معنى تلك الصفات فلا يدركه أحد؛ وذلك أن الله تعالى وصف من صفاته قدر ما تحتمله عقول ذوي الألباب، ليكونَ إيمانهم بذلك، ومعرفتهم بأنه الموصوف بما وصف به نفسه، ولا يعقل أحد منتهاه ولا منتهى صفاته، وإنما يلزم المسلمَ أن يثبت معرفة صفات الله بالاتباع والاستسلام كما جاء، فمن جهل معرفة ذلك حتى يقول: إنما أصف ما قال الله ولا أدري ما معاني ذلك، حتى يُفضي إلى أن يقول بمعنى قول الجهمية: يده نعمة، ويحتج بقوله: أيدينا أنعاما ونحو ذلك فقد ضلّ سواء السبيل”([22]).
ففي النص السابق استخدم إسحاق مصطلح (المعنى) في سياقين مختلفين نفيًا وإثباتًا، ففي السياق الأول نفى المعنى، وفي السياق الثاني أثبت المعنى.
أما السياق الأول فهو قوله: (فأما أن يُدرك أحد من بني آدم معنى تلك الصفات فلا يدركه أحد)، وهنا استخدم إسحاق لفظة الإدراك، والإدراك لا يحصل إلا بتمام الشيء في الخارج، ووصول العلم إلى منتهاه. وعليه فمراد نفي المعنى هنا هو تمام المعنى، أو ما يؤول إليه في الخارج، أو المعنى التفصيلي الذي يؤدي إلى الكيفية.
السياق الثاني هو قوله: (فمن جهل معرفة ذلك حتى يقول: إنما أصف ما قال الله ولا أدري ما معاني ذلك..)، وهنا استنكر إسحاق الجهل بمعرفة المعنى حتى يؤول إلى قول الجهمية في صرف الصفات عن ظواهرها.
وعن محمد بن الحسن الشيباني قال: قال حماد بن أبي حنيفة: قلنا لهؤلاء: أرأيتم قول الله عز وجل: {وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا}؟ قالوا: أما الملائكة فيجيئون صفا صفا، وأما الرب تعالى فإنا لا ندري ما عنى بذلك، ولا ندري كيفية مجيئه. فقلت لهم: إنا لم نكلّفكم أن تعلموا كيف جيئته، ولكنا نكلّفكم أن تؤمنوا بمجيئه([23]).
فقول الجهمي: (إنا لا ندري ما عنى بذلك، ولا ندري كيف مجيئه) فأثبت المجيء، ولكن لا يدري معناه، ومقصوده أصل معناه، ولذلك لم يقبل منه حماد بن أبي حنيفة.
ويُشير أيضًا إلى حقيقة المعنى وأصله أبو المواهب ابن عبد الباقي بقوله: “وأما قوله: والكيف مجهول، فالجهل بالكيف لا ينفي علم ما قد عُلم أصله، كما نقرّ بالله ونؤمن به، ولا نعلم كيف هو، أشار إلى ذلك الشيخ ابن تيمية رحمه الله تعالى في بعض رسائله”([24]).
رابعًا: التفسير تفسيران:
النوع الأول: تفسير أصل اللفظة بما يليق بالله: وهذا النوع من التفسير لا يمنع منه السلف، بشرط ألا يُضيف معنًى إضافيًّا ليس في النصوص.
ومثال التفسير: ما تواتر عن السلف من تفسير الاستواء بالعلو على العرش، قال البخاري: «قال أبو العالية: {اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءٍ}: ارتفَع، وقال مجاهد: {اسْتَوَى}: علا {عَلَى الْعَرْشِ}»([25]). وحكاه ابن القيم عن إجماع السلف([26]).
النوع الثاني: هو تفسير مخالف لظاهر الآية بحيث يضيف معنًى إضافيًّا لم يرد به النصوص، سواء أعطى تفسير الكيفية أو تفسيرات الجهمية.
مثال على أن التأويل يُسمَّى تفسيرًا: قول الترمذي: «فتأولت الجهمية هذه الآيات، ففسّروها على غير ما فسّر أهل العلم، وقالوا: إن الله لم يخلق آدم بيده، وقالوا: إن معنى اليد هاهنا القوة»([27]).
فأنكر الإمام الترمذي تأويلات الجهمية، وسماها تفسيرًا بقوله: «ففسّروها»، كما أثبت لأهل العلم تفسيرًا يُخالفهم بقوله: «على غير ما فسّر أهل العلم».
مثال على أن بيان الكيفية تُسمّى تفسيرًا: قول أبي عبيد القاسم بن سلام: “هذه الأحاديث صِحاح حملها أصحاب الحديث والفقهاء بعضهم على بعض، وهي عندنا حق لا نشك فيها، ولكن إذا قيل: كيف وضع قدمه؟ وكيف ضحك؟ قلنا: لا يُفَسَّر هذا ولا سمعنا أحدًا يفسِّره”([28]).
ففي النص السابق منع من وصف الكيفية، وسماه تفسيرًا.
قال أبو عبيد أيضًا: “في حديث النبي عليه السلام حين سأله أبو رزين العقيلي: أين كان ربنا قبل أن يخلق السماوات والأرض، فقال: «كان في عماء، تحته هواء، وفوقه هواء». قوله: «في عماء» في كلام العرب السحاب الأبيض… وإنما تأولنا هذا الحديث على كلام العرب المعقول عنهم، ولا ندري كيف كان ذلك العماء وما مبلغه. والله أعلم”([29]).
ففسَّر أبو عبيد الحديث على لغة العرب، ثم منع من تفسير الكيف.
ومن النصوص النفيسة جدًّا التي جمعت بين شتات هذه المصطلحات: نصٌّ لأبي إسماعيل الهروي، يقول الهروي: «ولم يثبتوا شيئًا ولم ينفوا موجودًا -أي: الأشاعرة- ولم يفرّقوا بين التفسير والعبارة بالألسنة فقالوا: لا نُفسّرها، نجريها عربية كما وردت»([30]).
فجعل الهروي الأشاعرة لا يُفرقون بين التفسير (أي: بيان الكيفية)، والعبارة (أي: المعنى)؛ مما يدل أن نفي التفسير لا يعني بالضرورة نفي مطلق المعنى -كما فَهم بعض المعاصرين-، بل هو التفسير بما يؤدّي إلى الكيفية.
وخلاصة ما سبق:
أنَّ أهل السنة إذا أثبتوا (المعنى) أو (الظاهر) أو (الحقيقة) أو (التفسير) فإنما قصدوا أصل الصفة الذهنيّ، وأرادوا نفي المجاز عنها، وإذا نفى أحدٌ من أهل السنة (المعنى) أو (الحقيقة) أو (التفسير) فإنما يريد ما وراء أصل الصفة من معاني المخلوقين، أو ظواهر المخلوقين، أو حقائق المخلوقين.
وقضية التفويض لم تكن مطروحةً بشكلها المتأخّر عند السلف وأهل الحديث، ولكن بسبب تطوّر المساق الكلاميّ عند المتأخرين وتسميتهم التأويل الإجمالي: تفويضًا -وقصدوا به أن للصفات معانيَ مجازية لا نعلمها- فبيَّن شيخ الإسلام ابن تيمية فساد ذلك، وبيَّن أن نسبة ذلك إلى السلف من الكذب، بل السلف أرادوا إثبات أصل الصفة لا مجازاتها.
فإذا فَهم طالب العلم السبب السابق، وأحكم القواعد السابقة؛ عرف تخريج كثير من الشبهات في هذه الأبواب، وأنزل كلام أهل العلم منزلتَه بحسب السياق وبحسب قائله.
الفرق بين تفويض المعنى عند المتكلمين والسلف:
قال اللقاني: “وإنما اختلفوا: هل يُأوَّل ذلك الظاهر تأويلًا تفصيليًّا، أو يأوَّل تأويلًا إجماليًّا؟ وذهب إلى الثاني السلف، ويعبر عنهم بالمفوضة”([31]).
وقال الباجوري: “والمراد من التفويض: صرف اللفظ عن ظاهره، مع عدم التعرض لبيان المعنى المراد… قال الإمام السبكي: أجمع السلف والخلف على تأويـل الآيات المتشابهة تأويلا إجماليًّا، بصرف اللفظ عن ظاهره المحال على الله تعالى؛ لقيام الأدلة القاطعة على أنه تعالى مخالف للحوادث”([32]).
وقال النفراوي المالكي: “فعُلم بما ذكرنا أن كلًّا من أهل الطريقتين تُؤوّل المُتشابه بصرفه عن ظاهره لاستحالته، وافترقا بعد صرفه عن ظاهره المستحيل في بيان معناه على التعيين والتفصيل، فالسلف يفوّضون علم ذلك إلى الله تعالى، والخلف تؤوله تأويلًا تفصيليا”([33]).
وبعض المتكلمين يجعلها من باب المشترك اللفظي (وهو مصطلح أخذوه من علم المنطق لا من اللغة كما يظنّ مقلدوهم)، ومعنى ذلك أن اللفظ واحد، ولكنَّ المعاني والمدلولات التي يصدق عليها هذا اللفظ متباينة، لا يَجمع بينهما معنًى مشترك.
مثال ذلك: لفظة (الجارية) والتي تعني الفتاة، وتعني السفينة. فإذا قمت بترجمة اللفظتين إلى لغةٍ أخرى كالإنجليزية مثلا فلن يبقى ترابط بينهما لا لفظًا ولا معنى، فالجارية بالمعنى الأول: (Girl)، والجارية بالمعنى الثاني: (Ship).
ومثل أن تقول لفظة «المشتري» فتريد بها: «كوكب المشتري»، أو «المبتاع» الذي يشتري السلعة. ولا يوجد أيّ علاقة بين اللفظتين، بل إذا تُرجم كوكب «المشتري» إلى لغةٍ أخرى سيُصبح مختلفًا عن لفظة مشتري السلعة.
فأصبح ليس ثمة رابط بينهما لا لفظًا ولا معنى، فهذه جارية وتلك سفينة.. وهذا شخص وذاك كوكب، وتطبيقه في صفات الله: أن يكون الاستواء مشتركًا لفظيًّا مع الاستيلاء أو القهر والغلبة، وصفة اليد مشتركة لفظيًّا مع القدرة أو النعمة أو القوة.
وهذا مؤداه نفي ظواهر النصوص بنفي أصل الصفة ذاتها، وأن الله كلّمنا بكلامٍ ثم أراد شيئًا مغايرًا تمامًا، لا علاقة له بالخطاب من قريب أو بعيد. وهو نفس ما يقوله القرامطة في نصوص المعاد والجنة والنار.
فإذا علمتَ ما سبق سهل عليك معرفة الفرق بين التفويضَين، ولماذا قال أهل السنة: المعنى معلوم، أو الصفات على الحقيقة، أو على ظواهرها.
وعليه، إذا ورد نفي المعنى من أهل الحديث، فلا بدّ من حمل كلامهم على حقيقة المعنى لا أصله، وإلا لو قال السلف بالتأويل الإجمالي، لكان نزاع السلف مع الجهمية ضربًا من العبث.
الجواب عن قول الإمام أحمد وغيره عن أحاديث الصفات: (لا كيف، ولا معنى):
تنتشر في الأروقة العلمية المعاصرة عبارة الإمام أحمد: (لا كيف، ولا معنى)، وتردّدها ألسنة المعاصرين في كلّ محفل دون أن يحفظوا غيرها، وإذا سألتَ أحدهم: ماذا قرأت من تراث الإمام أحمد؟ وما كُتُب أصحابه؟ لم يحر جوابًا.
وهذا في رأي الباحث الجادّ هو رؤية اختزالية بعيدة عن الموضوعية، فالباحث عن الحقيقة يستقرئ جميع ما روي عن الإمام أحمد، ويجمع تصرّفاته في الباب الواحد، وكتُب أصحابه مبثوثة ومعلومة، لكن نرجع ونقول: إن هذه الرؤية الاختزالية لها أبعاد نفسيّة أيضًا، فالمخالف يريد أن يُطمئن نفسَه أنه على اعتقادٍ سليم، بعدما مرَّ بعملية «الاعتقاد ثم الاستدلال»، وقد قيل: استدل ثم اعتقد، ولا تعتقد ثم تستدل فتضلّ!
وكان من الممكن تخريج كلام الإمام أحمد في نفي المعنى على ما ذكرناه من قواعد في هذه الورقة، من أنه يريد حقيقة المعنى، لا أصل المعنى، ولكن الراجح -والله أعلم- أنه لم يُرد ذلك، بل أراد أمرًا آخر -كما سيأتي-.
والجواب سينتظم في ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: راوي هذا الأثر هو حنبل بن إسحاق، وهو ممن يتفرد ويُغرب في النقل عن أحمد، قال الحافظ الذهبي في ترجمته: “له مسائل كثيرة عن أحمد، ويتفرد ويغرب”([34])، وقال الحافظ ابن رجب: “وهو ثقة إلا أنه يهم أحيانًا، وقد اختلف متقدِّمو الأصحاب فيما تفرَّد به حنبل عن أحمد: هل تثبت به رواية عنه أم لا؟”([35])، وقال أيضًا: “كان أبو بكر الخلال وصاحبه لا يُثبتان بما تفرَّد به حنبل عن أحمد رواية”([36]).
ولكن سنتفترض صحة الرواية في الوجهين التاليين:
الوجه الثاني: أن هذه العبارة وردت بروايتين، تارةً مجملة، وتارة مفُصلة وشارحة للرواية الأولى.
أما الرواية المجملة:
فما أورده القاضي أبو يعلى: قال أبو بكر الخلال: وأخبرني علي بن عيسى أن حنبلًا حدثهم قال: سألت أبا عبد الله عن الأحاديث التي تروى أن الله عز وجل ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا، وأن الله يُرى، وأن الله يضع قدمه، وما أشبهه. فقال أبو عبد الله: نؤمن بها ونصدّق بها، ولا كيف ولا معنى، ولا نردّ منها شيئًا، ونعلم أن ما جاء به الرسول حقٌّ إذا كانت بأسانيد صحاح([37]).
الرواية المفسرة والشارحة:
أوردها ابن بطة وابن قدامة بزيادة: (ولا معنى إلا على ما وصف به نفسه تعالى).
ونصها كما يلي: «قال أبو عبد الله: ونحن نؤمن بالأحاديث في هذا ونقرها، ونمرها كما جاءت بلا كيف ولا معنى، إلا على ما وصف به نفسه تعالى، نسأل الله السلامة في الدنيا والآخرة، ونعوذ بالله من الزلل والارتياب والشك، إنه على كل شيء قدير»([38]).
ففي هذه الرواية نفى الإمام أحمد المعنى واستثنى منه: «ما وصف الله به نفسه»، أي: نفى أي معنى بخلاف ما وصف الله به نفسه، وواضح أنه يقصد تأويلات الجهمية.
وقوله: «ولا معنى إلا على ما وصف الله..» دليل أن ما وصف الله له معنى؛ لأنه استثناه من جملة المعاني المنفية، فدلَّ على أن له معنًى مفهومًا.
فاتضح من ذلك أن هذا الأثر الذي يستدلّون به هو حجة عليهم لا لهم.
ويشهد لتلك الرواية أيضًا رواية الخلال: «قال أحمد: نعبدُ الله بصفاته غير محدودة، ولا معلومة إلا بما وصف به نفسه، سميع عليم غفور رحيم، عالم الغيب والشهادة، علام الغيوب، فهذه صفات الله تبارك وصف بها نفسه»([39]).
فتأمل قوله: «ولا معلومة إلا بما وصف به نفسه»؛ فحصل بذلك أن المعنى المنفيّ هو المعنى الذي يُخالف النصّ، أي: تأويلات الجهمية التي يفسّرون بها الصفات، واستثنى منه المعنى الذي جاء به النص.
إذن، يتبيَّن أن مراد الإمام أحمد بقوله: «لا كيف»: الرد على المشبهة، و«لا معنى»: الرد على المعطلة، وهو ترتيب منطقيّ لو تدبّرت.
الوجه الثالث: أن رواية حنبل بن إسحاق التي يستدلّون بها وردت فيها (الرؤية) بقوله: «عن الأحاديث التي تروى» إلى قوله: «وأن الله يُرى»: ومعلوم أن الرؤية لا تفوَّض باتفاق المنتسبين إلى أهل السنة، ومتكلّمة الحنابلة متّفقون على إثبات معناها، حتى الأشاعرة يثبتون معنى الرؤية لا في جهة.
وهذا الوجه الأخير كفيلٌ بأن يهدِم الشبهة رأسًا، ومن الأساس.
وبهذه الأوجه السابقة بطل ما استدلّوا به.
والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)
([2]) مدارج السالكين (3/ 409).
([3]) نفائس الأصول شرح المحصول (2/ 55).
([5]) سير أعلام النبلاء (16/ 213). وانظر أيضًا: المنتظم لابن الجوزي في حوادث سنة (433هـ).
([7]) مدارج السالكين (٣/ ٣٣٥).
([10]) لسان العرب، ابن منظور (15/ 489).
([12]) ينظر: العلو للعلي الغفار (ص: ١٦٦). وروي أيضًا عن يزيد بن هارون، انظر: خلق أفعال العباد (ص: 36).
([13]) جامع البيان في تأويل آي القرآن (1/ 228).
([14]) أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (٣/ ٤٤٢).
([15]) رسالة السجزي إلى أهل زبيد (96). وانظر: الاختلاف في اللَّفظ لابن قتيبة (ص: 44)، عقيدة السَّلف وأصحاب الحديث للصَّابوني (ص: 165)، التَّمهيد لابن عبد البَرِّ (6/ 125)، الحُجَّة في بيان المحَجَّة لقوام السنة الأصبهاني (2/ 277)، العُلُوُّ للذَّهبي (ص: 173).
([16]) تحريم النظر في كتب الكلام (ص: 52).
([17]) كتاب التوحيد وإثبات صفات الرب (ص: 196).
([18]) المصدر السابق (ص: 79-80).
([19]) كتابه التوحيد (1/ 256).
([20]) تحريم النظر في كتب الكلام (ص: 57).
([22]) انظر: التسعينية (2/ 423).
([23]) ينظر: عقيدة السلف أصحاب الحديث، الصابوني (ص: ٢٣٤-٢٣٥).
([24]) العين والأثر (ص: 122-123). وعلق محققه الدكتور عصام قلعجي في الهامش: هذا ليس نقلًا عن كتب ابن تَيميَّة، بل أخذٌ منه على المعنى والكيف.
([25]) صحيح البخاري -فتح الباري- (15/ 289).
([26]) مختصر الصواعق المرسلة (ص: 380).
([28]) الصفات للدارقطني (ص: ٦٨-٦٩).
([30]) ذم الكلام (5/ 137-138)، العبارة: هي المعنى، ومنه التعبير، أي: بيان المعنى.
([31]) هداية المريد شرح جوهرة التوحيد (ص: 139).
([32]) شرح جوهرة التوحيد (ص: 153).
([33]) الفواكه الدواني (1/ 51).
([34]) سير أعلام النبلاء (13/ 52).
([37]) طبقات الحنابلة (1/ 144).
([38]) الإبانة الكبرى (7/ 58)، تحريم النظر في كتب الكلام (ص: 39).