دعوى مخالفة علم الأركيولوجيا للدين
للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة
مقدمة:
عِلم الأركيولوجيا أو علم الآثار هو: العلم الذي يبحث عن بقايا النشاط الإنساني القديم، ويُعنى بدراستها، أو هو: دراسة تاريخ البشرية من خلال دراسة البقايا المادية والثقافية والفنية للإنسان القديم، والتي تكوِّن بمجموعها صورةً كاملةً من الحياة اليومية التي عاشها ذلك الإنسان في زمانٍ ومكانٍ معيَّنين([1]).
ولقد أمرنا الله تبارك وتعالى بالمسير في الأرض والاعتبار بآثار السالفين من الأمم السابقة، وما خلَّفوه من أثر حضاريّ وعمرانيّ، قال تعالى: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [الروم: 9].
وأمر المؤمنين بالنظر في عواقب السابقين المكذِّبين، والسُّنن الإلهية في الأمم والحضارات كما في قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [يوسف: 109].
بل وأخبر سبحانه بواقع حسي مشهود كما في قوله تعالى: {وإنكم لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ * وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [الصافات: 137، 138]. والآيات القرآنية في ذلك كثيرة.
ولقد درج الملاحدة والعلمويّون منذ سنوات طويلة على اتخاذ العلم تكأَة لإنكار الوحي الإلهي، من خلال توظيف العلوم الحديثة لإثبات المُعارضة بين الدين والعلم؛ للوصول إلى أنّ الدين مجرّد أساطير من وحيِ خيال مَن كتبوها، وقد كان لعلم الأركيولوجيا أيضًا نصيبٌ من هذا التوظيف البراجماتي للعلوم.
ومن ذلك ما زعمه بعض الأساتذة والكُتَّاب بأن علم (الأركيولوجيا) قد أثبت خرافية كلّ الأنبياء الوارد ذكرهم في كتب الأنبياء، مستدلّين على ذلك بعدم ذكرهم فيما وصل إلينا من الدلائل المادية والنقوش الحجرية القديمة. وهذا الزعم العلمويّ يُمثّل خللًا كبيرًا في طريقة البحث ومناهج التفكير كما سيأتي بيانه إن شاء الله.
وسوف نجيب عن هذه الشبهة من خلال مطلبين:
المطلب الأول: هل الدين يعارض العلم المادي؟
المطلب الثاني: مناقشة الاستدلال بعلم الأركيولوجيا على نفي وجود الأنبياء.
وستكون المناقشة من خلال المحاور التالية:
1- مغالطة الاستقراء الناقص.
2- النقش عمل إنساني بشري.
3- انهيار الحضارات وتعاقب الأمم.
4- مغالطة دليل الأقدمية.
وهذا أوان الشروع في المقصود:
المطلب الأول: هل الدين يعارض العلم المادّيّ؟
العلم والدين ليسا بضِدَّين متنافرين، فحقائق العلم لا تتعارض مع ثوابت الدين؛ لأن كليهما من عند الله عز وجل، ولا يتصوَّر أن يخبر الله عز وجل بما ليس بحقيقة واقعة، وإلا كان من جنس الكذب، وهو ما لا يجوز اعتقاده في الوحي الإلهي الذي لا يكون خبرُه إلا حقًّا، خلافًا لما يزعمه الملاحدة وأصحاب النظرة العلمويّة ممن يزعمون المعارضةَ بين الدين والعلم.
وقد يُقابل هؤلاء طائفةٌ أخرى من عوامّ المتديِّنين يُشاركونهم نفسَ الرؤية، زاعمين أنه لا مدخلَ للعقل في الدين، ولذلك ينبغي أن يكون الدين بعيدًا عن العلم المادي؛ لأن الدين أرقى من إدخال العلم فيه.
وهذا القول -وإن حسُنت نيةُ أصحابه- فيه إساءةٌ إلى الإسلام من حيث لا يشعرون؛ لأنه يوهم بأن دين الإسلام من جملة الأديان الشعوبيّة الطقوسيّة التي لا مدخل للعقل فيها، وهذا القول خطأ قطعًا؛ فالإسلام ليس فيه ما يخالف صريح العقول. والقاعدة أن القطعيّ من العقليات لا يخالف القطعيّ من النقليات.
وقد ردَّ ابن القيم على عوامّ الشيوخ الذين ينفون القطعيات العلمية مثل كروية الأرض ونحوها، فيقول: “الطائفة الثانية رأت مقابلة هؤلاء -أي: مقابلة الملحِدين- بردّ كل ما قالوه من حقّ وباطل، وظنوا أن من ضرورة تصديق الرسل ردّ ما علمه هؤلاء بالعقل الضروريّ وعلموا مقدماته بالحسّ، فنازعوهم فيه وتعرضّوا لإبطاله بمقدمات جدلية لا تغني من الحقّ شيئا، وليتهم مع هذه الجناية العظيمة لم يضيفوا ذلك إلى الرسل، بل زعموا أن الرسل جاؤوا بما يقولونه، فساء ظن أولئك الملاحدة بالرسل، وظنوا أنهم هم أعلم وأعرف منهم… والذي سلّطهم على ذلك جحد هؤلاء لحقّهم ومكابرتهم إياهم على ما لا يمكن المكابرة عليه مما هو معلوم لهم بالضرورة، كمكابرتهم إياهم في كون الأفلاك كروية الشّكل والأرض كذلك”([2]).
والقصد مما سبق أن القطعيَّ من أدلة العقول -والذي يدخل فيه قطعيات العلوم الحديثة أيضًا- لا يمكن أن يخالف القطعيَّ من الدين المنزَّل من عند ربّ العالمين؛ لأن مصدرهما واحد، وهو الله عز وجل، فالذي خلق العقلَ هو الذي أرسل إليه الشرع، ومن المحال أن يرسلَ إليه ما يعارضه أو يُفسده. فذاك خلقُه، وهذا وحيُه، {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54].
ومما لا بدّ منه في هذه المسألة التنبيهُ إلى قيدين:
القيد الأول: أن الكلام على القطعيّات لا الظنيات؛ فإنه لا يجوز ربط الدين بالنظريات العلمية المتغيّرة أو بالتي لم يثبت صحتها.
القيد الثاني: أن العلم التجريبي مخصوص بعالم الشهادة الذي تحكمه قوانين الطبيعة، ولا يجوز قياسه على عالم الغيب الذي له أحكام أخرى.
أما القول بأن الدينَ بمعزل عن العلم -مطلقًا ودون تقييد- فليس قولًا سديدًا، بل هو قول باطل يخالف قول علماء الإسلام، فما زال علماء المسلمين قديمًا وحديثًا بشتى مذاهبهم يصنِّفون في أصول الفقه المبني على أدلة عقلية، ويلتمسون الحكمة والعلة من التشريع الإلهي، ويُبيِّنون المقاصد والمصالح المبنية على إعمال العقول([3]).
وما زال علماء المسلمين يوردون ما وصل إليه أهل الهيئة وعلماء الفلك في بيان كروية الأرض، ويجمعون بين ذلك وبين آيات القرآن التي ظاهرها أن الأرض مسطَّحة، كما فعل ابن حزم وابن تيمية([4]) وغيرهما.
وما زال المفسرون يذكرون وقائع تاريخية حسيَّة في كتب التفسير من باب الاستئناس، ويجتهدون في تعيين أسماء الملوك بأسمائهم، وتعيين بعض الأماكن التي أبهمها القرآن([5])، ويجتهدون في تفسير أخبار دلائل النبوة وعلامات الساعة ويسقطونها على بعض الوقائع الحسيَّة([6])، وحصر ذلك يطول جدًّا.
ولا شكّ أن بعض المفسرين قد يجانبه الصواب في بعض الاجتهادات، وإنما المقصود أن علماء الإسلام السابقين ما قالوا بأن الدين لا علاقةَ له بالقطعيات العلمية أو الوقائع الحسيَّة.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: “ما خالف العقلَ الصريح فهو باطل، وليس في الكتاب والسنة والإجماع باطلٌ، ولكن فيه ألفاظ قد لا يفهمها بعض الناس، أو يفهمون منها معنًى باطلًا، فالآفة منهم، لا من الكتاب والسنة”([7]).
ويقول ابن القيم: “الرسل -صلوات الله وسلامه عليهم- لم يخبروا بما تُحيله العقول وتقطع باستحالته، بل أخبارهم قسمان: أحدهما: ما تشهد به العقول والفطر، الثاني: ما لا تدركه العقول بمجردها، كالغيوب التي أخبروا بها عن تفاصيل البرزخ واليوم الآخر وتفاصيل الثواب والعقاب، ولا يكون خبرهم محالًا في العقول أصلًا، وكلّ خبر يُظنّ أن العقل يُحيله فلا يخلو من أحد أمرين: إما أن يكون الخبر كذبًا عليهم، أو يكون ذلك العقل فاسدًا، وهو شبهة خيالية يظن صاحبها أنها معقول صريح”([8]).
المطلب الثاني: مناقشة الاستدلال بعلم الأركيولوجيا على نفي وجود الأنبياء:
يعتمِد الملاحدة في التكذيب بالأنبياء على عدم وجود دليل مادي يدلّ عليهم؛ إذ الآثار القديمة -بحسب قولهم- لم يرد فيها ذكر نوح ولا إبراهيم ولا غيرهما من الأنبياء، ويجعلون هذا دليلًا كافيًا على عدم وجود أكثر الأنبياء([9]).
وهي نفس المغالطة التي وقع فيها الدكتور طه حسين في كتابه (الشعر الجاهلي) لَمَّا قال: “للتوراة أن تحدّثنا عن إبراهيم وإسماعيل، وللقرآن أن يحدثنا عنهما أيضًا، ولكن ورود هذين الاسمين في التوراة والقرآن لا يكفي لإثبات وجودهما التاريخي، فضلًا عن إثبات هذه القضية التي تحدثنا بهجرة إسماعيل بن إبراهيم إلى مكة ونشأة العرب المستعربة فيها، ونحن مضطرون إلى أن نرى في هذه القصة نوعًا من الحيلة في إثبات الصلة بين اليهود والعرب من جهة، وبين الإسلام واليهود والقرآن والتوراة من جهة أخرى”([10]).
وتلك مغالطة منطقيّة معروفة؛ وذلك لأن عدم العلم ليس علمًا بالعدم، فعدم علم الإنسان بوجود شيء معين لا يُمثل له دليلًا على عدم وجود هذا الشيء، فقد يوجد هذا الشيء لكن لم يصل إليه الإنسان بعد، أو لم يكتشفه بعد.
ولذلك هذه المغالطة يلزم منها أمور هم لا يلتزمون بها، منها مثلًا أنه لا يوجد عبر تاريخ البشري الطويل الذي يُقدَّر بآلاف السنين والحافل بأحداث تاريخية كثيرة ما يثبت أركيولوجيًّا إلا النادر، فبمقتضى كلامهم يلزم نفي أكثر أحداث التاريخ أو القول بخرافيتها، بدعوى أنه لم يكتشف لها أثر بعد، بل يلزم أيضًا أنه لا يوجد أسماء بشر عبر التاريخ إلا من عثروا على اسمه منقوشًا على حجر أو مكتوبًا في بردية أو وجدوا له تمثالًا، فهذا يستلزم أن عدد البشرية -عبر تاريخها الطويل- يُمكن عدّهم بالعشرات أو المئات فقط، وهو ما لا يقول به عاقل، ولا يلتزمه عقلاء الملاحدة؛ لأن فيه جحدًا بعلم التاريخ، وهو علمٌ إنساني مستقلٌّ بذاته.
لذلك نقول: إن علم الأركيولوجيا مع ما له من أهمية بحثية في التوثيق التاريخي، إلا أنه كمصدر معلوماتي محدود للغاية، وإن أساس المغالطات التي يقع فيها الملحِد هو عدم إدراكه لمحدودية هذا العلم، ثم توظيفه الخاطئ لمعلومات مجتزَأة من سياقها، وبالتالي سينتهي الملحد ولا بد إلى نتائج مضلّلة؛ لأن قصور المعطيات لا بد وأن يقابله قصور في النتائج كما سنعرف إن شاء الله.
وسوف نبيِّن المغالطات التي يقع فيها الملاحدة، وأوجه قصور استدلالهم بعلم الأركيولوجيا، مع ضرب أمثلة فيما يتعلَّق بوجود الأنبياء، وذلك من خلال الأوجه التالية:
1- مغالطة الاستقراء الناقص:
إن علم الأركيولوجيا مبنيٌّ أصالةً على اكتشاف الآثار، والاكتشاف مبنيٌّ غالبًا على الصدفة، وهو ما يخالف المنهج العلمي الاستقرائيّ المبنيّ على السبر والتتبع، والذي استقرت عليه العلوم الحديثة.
وكثيرًا ما يُغيِّر علماء الآثار آراءهم في أثرٍ ما بناءً على اكتشاف آخر يُفسّر الأثر السابق، فيعدلون عن رأيهم لقرائن أخرى جديدة. وما كان هكذا حاله لا يُمكن اعتباره قطعيًّا بحال؛ لأنه يلزم منه أن رأيهم الأول كان قطعيًّا ورأيهم الثاني المناقض للأوّل كان قطعيًّا أيضًا، وهذا مما يُعلم فساده بضرورة العقل، بل الصواب أن يُقال: هو متغير بحسب قرائن الأدلة وتوافرها.
والزعم بأن المناطق الأثرية قد تمّ التنقيب عنها بشكلٍ كامل مجرَّد دعوى يكذِّبها خبراء الآثار أنفسهم، ويُكذِّبها الواقع المحسوس.
ويُصرِّح الدكتور محمد عبد المقصود -عالم المصريات ومنسّق مشروع تطوير المواقع الأثرية بمحور قناة السويس- بأنَّ: “هناك 60% من آثار مصر لم يُعثر عليها، وإذا تم اكتشافها سيكون هناك العديد من المفاجآت الكثيرة”([11]).
فعلماء الآثار يكتشفون كلّ عامٍ ما هو جديد، حتى في المناطق المشهورة التي فيها عناية خاصّة، كمنطقة أهرامات الجيزة بمصر وغيرها، تظهر فيها اكتشافات جديدة، فضلًا عن غيرها من المناطق النائية.
ولنضرب أمثلة لبيان هذا القصور:
المثال الأول: أنه تمّ اكتشاف آثار الفرعون (شيشنق) التي ذكرته التوراة في سفر الملوك، والذي هاجم بني إسرائيل بعد موت سليمان وخرَّب بيت المقدس. وهذا الفرعون لم يكن له ذكر في التاريخ قبل اكتشاف مقبرته من قبل الفرنسيّ البروفيسور مونيته في سنة 1940م، والتي وُجدت بكامل كنوزها ولم تتعرّض للنهب. كما اكتشفوا نقشَ حملته إلى فلسطين.
وقد ورد ذكر شيشنق الفرعون المصريّ في عدد من الأسفار، وتذكر الأسفار أنه كان في عهد سليمان عليه السلام، ثم بعد موته انتهز الفرصة وشنّ غارة على بني إسرائيل في بيت المقدس([12]).
فهذا مثال على فرعون حكم مصر ليس له ذكر إلا في التوراة فقط، وظلّ مجهولًا في التاريخ التقليديّ، إلى أن تم اكتشاف مقبرته في القرن الماضي([13])، وهو ما يدلّ على أن الاعتماد على الأدلة الأركيولوجية وحدها ليس كافيًا؛ لأنها من قبيل المتغيّرات وليست من الثوابت.
المثال الثاني: ظلّ لفترة طويلة الزعم بأن العهد القديم -في سفر دانيال- أخطأ في ذكر أن الملك بلشاصَّر قد حكم بابل خلفًا لنبوخذنصر، وقد كان معروفًا في التاريخ والأركيولوجيا أن الذي خلفه هو (نبونيدس)، ولم يُعرف من هو بلشاصَّر هذا، وظلَّ هذا الزعم حتى نهاية الربع الأول من القرن العشرين باكتشاف سِجلات قديمة ترجع إلى مملكة بابل، عبارة عن أسطوانات مسمارية([14])، أفادت هذه السجلات أن نبونيدس حينما تولى الحكم استقرّ في تيماء بالجزيرة العربية، وترك الحكم في بابل إلى ابنه البكر، وجاء في ضمن السجلات أن اسم ابنه البكر (بلشاصَّر). فأجابت هذه السجلات عن علامات استفهام كثيرة عند علماء الأركيولوجيا([15]).
وجاء في هذه السجلات ما نصه: “أما أنا نبونيدوس، ملك بابل، فأنقذني من الخطيئة ضد ألوهتك العظيم، وأعطني هدية حياة طويلة الأيام، وأما بيلشاصر الابن الأكبر -نسلتي- فاغرس فيك احترام لاهوتك العظيم قلبه، ولا يرتكب خطأً عباديًّا، فليشبع حياةً رغيدة”([16]).
وبناءً عليه: فما في سفر دانيال من ذكر الملك بلشاصّر وأنه كان يحكم بابل لم يكن خرافة كما زعم الملاحدة، بل هذا دليل أن المعلومات الأركيولوجية -في فترة من الفترات- لم تكن كاملة، ولا يصح أن يُبنى عليها علم قطعيّ.
المثال الثالث: اكتشاف مدينتي رعمسيس وفيثوم، والتي بناهما رمسيس الثاني:
فقد ذُكرت مدينتا رعمسيس وفيثوم في الفقرة 11 من الإصحاح الأول من سفر الخروج، وفيه ما يلي: “فعهدوا بهم إلى مشرفين عتاةٍ ليسخروهم بالأعمال الشاقة. فبنوا مدينتي فيثوم ورعمسيس لتكونا مخازن لفرعون. ولكن كلما زادوا من إذلالهم ازداد تكاثرهم ونموهم، فتخوفوا من بني إسرائيل. فتفاقم عنف استعباد المصريين لبني إسرائيل. وأتعسوا حياتهم بالأعمال الشاقة في الطين واللَّبِن كادحين في الحقول. وسخرهم المصريون بعنفٍ في كل أعمالهم الشاقة”([17]).
وفي سنة 1885م اكتشف عالِم الآثار الفرنسي إدوار نافيل آثار مدينتي فيثوم ورمسيس الجديدة (أو رعمسيس) وصادف محمود حمزة مجمع قصور هائل من الأسرة التاسعة عشر والعشرين، والذي حدده باسم (بر – رمسيس)، على بعد حوالي كيلومترين شمال تل الضبعة([18]).
يقول أ. م. هود دجكن: “على حوائط أحد مدافن مدينة طيبة توجد صورة دقيقة للعبودية كالتي احتملها الإسرائيليون، وتدلّ ملامح أوجه العمال المُسخَّرين على أنهم من الجنس السامي. وقد مثلت في هذه الصورة جميع تفاصيل صناعة اللبن (الطوب) في كل أطوارها بما في ذلك وقوف الرئيس المصري والعصا في يدِه يحث الصنَّاع قائلًا (ها هي العصا في يدي فلا تتكاسلوا)، وقد ذُكرت في الآثار مدينتا المخازن اللتان أعدهما فرعون -فيثوم ورعمسيس- ولقد اكتُشِفَت أطلال هاتين المدينتين”([19]).
2- النقش عمل إنساني بشري:
لا بد من التسليم بأن الدليل الأركيولوجي -في النهاية- هو عمل إنساني بشري، قابل للنقد والفحص، فمنه ما هو قطعيّ، ومنه ما هو ظنيّ، فالقطعي منه هو نسبة الأثر إلى عصرٍ معين من خلال التحليل الكربوني، فهذا هو القدر الذي يُمكن أن يُعتمَد عليه من الأركيولوجيا، لكن هل يمكن الجزم بصحة المعلومات المنقوشة عليه؟
إنَّ مجرد النقش على حجر هو عمل بشريّ إنساني، فالكاتب قد يعتريه الخطأ والكذب والغفلة والأهواء والمطامع السياسية وغير ذلك مما يجُوز على البشر. والدليل على ذلك مثلًا أن بعض الملوك كانوا ينسبون لأنفسهم انتصاراتٍ كاذبة على أعدائهم؛ حتى لا يظهروا أمام شعوبهم بمظهر المنهزم.
فيبقى الأثر المُكتشَف صحيحَ النسبة إلى هذا العصر قطعيًّا في ذلك، لكنَّه لا يدل بالضرورة على صحة المعلومات المنقولة من خلاله إلا مع دراسة الظروف المحيطة السياسية والاجتماعية، وجمع القرائن قبل التعجُّل في إصدار نتائج. وتلك هي وجه المغالطة عند الملاحدة، حيث يجعلون علم الأركيولوجيا قطعيًّا كله بالإجمال ودون تفصيل.
ومن أمثلة ذلك: لوحة مرنبتاح -المُسماة بلوحة إسرائيل- التي ضمَّنها قصيدة شعرية ذكر فيها انتصاراته، منها أنه استأصل بذرة بني إسرائيل، وبسبب ذلك ذهب البعض إلى أنه فرعون الخروج، والملاحدة استدلّوا بتلك اللوحة على خرافيّة قصة خروج بني إسرائيل وغرق الفرعون؛ لأن مرنبتاح كتب أنه انتصر عليهم واستأصل بذرتهم.
بينما يؤكّد جمع من علماء المصريات أن ما كتبه مرنبتاح -في اللوحة المشار إليها- هو مجرد افتخار تخيُّلي وليس من الحقيقة في شيء؛ وذلك لأنه نسب إلى نفسه انتصاراتٍ في نفس اللوحة لم تثبت تاريخيًّا، مثل انتصاره على مملكة خاتي وليبيا، وانتصاره على سوريا وفلسطين وغير ذلك.
ولذلك يقول نافيل -عالم الآثار الشهير-: “إنه لا يوجد بين هذه التراجم ما يؤدِّي المعنى الحقيقي للجُمل الأخيرة من هذه القصيدة”([20]).
بل يرى چيمس بيكي -عالم الآثار الشهير- “أن مركز مرنبتاح كفرعون الخروج قد اهتز بسبب كشف لوحة النصر أي: لوح إسرائيل”([21]).
ويقول إدورد ميل: “وقد تناول ترجمتها -أي: اللوحة- الأستاذ برستد وغيره، وقالوا عنها: إنها تعني أن مرنبتاح كان مثل والده، قد قام بحملة مُظفرة في سوريا وفلسطين، وهذا الزعم لا تحقّقه صيغة المتن ومحتوياته”([22]).
ويقول الدكتور د. محمد بيومي مهران مؤكِّدًا أن مرنبتاح ينسب الانتصارات الوهمية إلى نفسه: “إن مرنبتاح لم يَقُد أو يرسل حملة إلى فلسطين إطلاقًا، وإنه كما نسب السلام مع خاتي لنفسه فقد أراد أن يؤكّد أنه لم يقلَّ عن سلفه في اهتمامه بأملاك مصر في آسيا، فكان أن ضمَّن نصره على الليبيين نصرًا في الشرق أيضًا، فأضاف خاتي وجازر وعسقلان، وبالمثل كانت إضافته لاسم إسرائيل، وكان ذلك أسهلَ إذ إنهم لم يكونوا دولة، بل قومًا بدون أرض كما هو واضح من طريقة ذكرهم في لوح إسرائيل”([23]).
فكما ترى في المثال السابق أهدر علماء الأركيولوجيا، أو على الأقل شكُّوا في الاعتماد على دليل أركيولوجي مخصوص في إثبات معلومات مخصوصة، بسبب قرائن أخرى استصحبوها. والملحد يضرب عن ذلك صفحًا، ولا يدرس المسألة بعمق، مُكتفيًا بقشور ومعلومات مجتزأة دون إدراكٍ واعٍ لحقيقة العلم، ثم يقول: أنا أصدِّق العلم!
ومما سبق تعلم جواب ما يدندن به الدكتور خزعل الماجدي وغيره دائمًا في عدد من اللقاءات([24]) من أنه لا وجود لذكر لموسى عليه السلام ولا حادثة شقّ البحر وغرق الفرعون في السجلات المصرية القديمة.
فالخطأ الذي وقع فيه الدكتور هو توظيفه لعلم الأركيولوجيا كعلمٍ مُصمت منزوعًا من دراسة الجانب الإنساني والظروف السياسية والاجتماعية، فمن المعلوم أن التاريخ المصري هو تاريخ رسمي مدوّن في القصور الفرعونية، والنقوش كانت تكتب من الكُتَّاب الذين يعملون بالسُخرة، وبأمر من الكهنة وذوي السلطة، فمن الطبيعي ألا يكتبوا إلا ما يُملى عليهم، وإلا فهل يريد الدكتور خزعل الماجدي أن يُسجّل المصريون القدماء انهزام الفرعون بهذه الطريقة المخزية وغرقه في البحر وانتصار بني إسرائيل الذين كانوا مجرد عبيد عنده؟! فلا شكّ أن الأهواء السياسية والأمزجة البشرية تتدخل في الدلائل الأركيولوجية، فهو علم بشري إنساني، وهو من أوجُه قصور هذا العلم.
3- انهيار الحضارات وتعاقب الأمم:
ومن جوانب قصور علم الأركيولوجيا أنه لا ينقل الصورة كاملة، بل ينقل صورة جزئية بسبب انهيار حضارات كاملة وعدم بقاء شيء منها؛ وذلك لأسباب عديدة، منها عوامل التعرية والزلازل والحروب التي تتسبب في إبادة الحضارة التي يهزمها المُنتصر.
ولنضرب على ذلك مثالًا بنبي الله يوسف عليه السلام الذي يكثر الاستدلال به من الملاحدة، من كون اسمه لم يَرد في الآثار المصرية القديمة، مع أنه تقلَّد منصبًا رفيعًا في الدولة المصرية آنذاك.
فيقول الملحد: إذا سلَّمنا لكم بنُدرة أدلة أركيولوجية على وجود الأنبياء لعدم شهرتهم والتنكيل بهم، فماذا عن يوسف عليه السلام وقد كان ذا شأن في الدولة المصرية؟! ومعلوم أن الملوك والوزراء وأصحاب الشأن في الدولة -لا سيما في مصر القديمة- كان لهم توثيق على النقوش الحجرية، وإذا كان المصري القديم قد وثَّق الفلّاح والموظَّف والعامل والكاتب البسيط فكيف بيوسف مع ما له من هذه المكانة في الدولة؟!
وهذا الاعتراض قد يبدو وجيهًا للوهلة الأولى، فصحيحٌ أن مصر القديمة اهتمَّت بالتوثيق، إلا أن هذا الاعتراض إذا وُضع تحت مجهَر البحث العلميّ فهو اعتراض شعبويّ بامتياز؛ وذلك لأن مما يرجّحه كثير من علماء المصريات أن يوسف عليه السلام كان في عصر الهكسوس الذين دمر المصريون جُل حضارتهم ومآثرهم، ولم يبق من آثارهم إلا النادر.
والقول بأن يوسف كان في زمن الهكسوس يرجِّحه عدد كبير من علماء التاريخ والمصريات، كالدكتور رشدي البدراوي([25]) والدكتور محمد بيومي مهران([26]) والدكتور أحمد شلبي([27]) وغيرهم، واستدلوا أن عزيز مصر المذكور في التوراة في زمن يوسف هو (فوطي فار)، وهو ما يطابق اسم (فوتي فارع) الذي وجدوا اسمه منقوشًا في مقبرة الملك أبابي الأول، وهو أحد ملوك الهكسوس.
نعم، إننا قد لا نجزم بهذا الاجتهاد أو غيره، ولكن يبقى احتمالًا مطروحًا من أهل الاختصاص؛ فإذا كانت هذه الفرضية صحيحة فإنه من الثابت تاريخيًّا أن ملوك الفراعنة دمروا جُلّ ما صنعه الهكسوس، فعلى هذا التقدير فمن الطبيعي ألا نجد ليوسفَ ذكرًا في النقوش الأثرية بسبب ندرة آثار الهكسوس.
ويصرح الدكتور محمد عبد المقصود -عالم المصريات ومنسق مشروع تطوير المواقع الأثرية بمحور قناة السويس- مُبينًا سبب ندرة آثار الهكسوس: “هناك الكثير من آثار الهكسوس دُمِّرت على يد المصريين عندما اشتعلَت الحرب بينهما، فالمصريون كرهوا الهكسوس وأخرجوهم بالمعارك الحربية، وتم تدمير آثار الهكسوس، لذلك نجدها نادرة جدًّا”([28]).
لذلك كان من العوامل المؤثرة في علم الأركيولوجي الحروب وتدمير آثار الأمم المنهزمة، بالإضافة إلى العوامل الطبيعية البيئية.
ويقرر هذا المعنى جيمس هوفماير -أستاذ الأركيولوجيا ورئيس البعثة الأمريكية للتنقيب في شمال سيناء- بقوله: “أنا أدرك تمامًا -بصفتي عالم أركيولوجيا ميداني- مبلغ قلة ما تبقى من الماضي القديم بسبب العوامل الطبيعية، مثل الرطوبة بأشكالها العديدة، والجفاف والزلازل، وكذلك التأثير البشري باحتلال المناطق (في العصور القديمة)، وإعادة استخدام وتدوير مواد البناء السابقة، والتدمير البشري (الحرب والحرق) والتنمية الحديثة (الحضرية والزراعية). إنه من الواجب دائمًا مراعاة التوقعات الواقعية حول ما يمكن لعلم الأركيولوجيا أن يقدمه للدراسات الكتابية وما يعجز عنه”([29]).
4- مغالطة دليل الأقدمية:
يسارع الملحد إلى حسم القول بأسطورية الأخبار السماوية إذا ما وجد لها مرجعًا قديمًا في أساطير الأمم السابقة، ومن ذلك مسارعة بعض علماء الأركيولوجيا ممن ينتهجون المنهج الإلحادي بفرضية أن الأديان السماوية قد اقتبست قصَّة طوفان نوح عليه السلام من أساطير بلاد الرافدين وسومر، معتمدين في ذلك على دليل الأسبقية؛ ويقولون: ما دامت رواية الطوفان موجودة في حضارات سابقة، إذن فالأديان السماوية قد اقتبست منها، كذا ضربة لازب!
وهذا خلل في منهج التفكير العلمي؛ وذلك لأنهم أهملوا فرضيّة أخرى، وهي أن هناك أصلًا تاريخيًّا قد اقتبس منه الجميع؛ لأن التشابه في روايات متعدّدة لشعوب متباينة يجعل هذه الفرضية أكثر رجحانًا، أي: خروجها من أصلٍ واحد، وبمرور الزمن تم تحريفها، وأسبغها كل شعبٍ بما يتوافق مع عقائده وثقافاته.
وعلماء الأنثروبولوجيا يؤكّدون أنه إذا ذاع الخبر وانتشر في أجناسٍ متعدّدة لا يربطهما رابط، فيغلب على الظن أن للخبر أصلًا، وكما يُقال في المثل السائر: (لا يوجد دخان بلا نار).
وهو أمرٌ منطقيّ لو تدبره الملاحدة، فلو أن جماعات متعدّدة في الصين والهند وأمريكا والسعودية مثلًا قد أخبروا أن حربًا قامت بين أوكرانيا وروسيا، وحكت هذه الشعوب الخبر بتفاصيل متقاربة -وهذه الجماعات لم يلتقوا ولا يجمعهما ثقافة واحدة- فيغلب على الظن صدق الخبر، بل قد يُجزم بأصله.
بل إننا نقول: إن العكس في الشبهة هو الصحيح، فعدم وجود خبر الطوفان عند الأمم القديمة هو الذي ينبغي أن يكون شبهة، لا العكس، فإنَّ حدثًا عظيمًا كهذا إذا انفرد بروايته جماعة واحدة، ولم يكن له حضور في أدبيات الأمم وثقافاتها، سيعتبره الملاحدة وكثير من الأركيولوجيين شبهة على الأديان.
لذلك كانت من تلك الدراسات المتحررة في جامعة أكسفورد -المعروفة بانتهاجها المنهج الدارويني العلموي- دراسة بعنوان: (دراسة مقارنة للشرق الأدنى القديم: قصة الطوفان في سفر التكوين فيما يتعلق بحسابات الفيضانات في الشرق الأدنى القديم)، تأليف: جون داي.
وهي دراسة مقارنة لقصة الطوفان في نسخها الأربع: الرواية السومرية، وملحمة أترحاسيس، وملحمة جلجاميش، وفيبيرسوس. وهي أساطير لشعوب متعدّدة تحكي قصة الطوفان، ثم مقارنتها بالنص التوراتي، وهي دراسة تتعامل مع النص التوراتي كنص إنسانيّ بشريّ.
وتنتهي تلك الدراسة بفرضيَّتين أساسيتين:
الفرضيّة الأولى: افتراض اقتباس التوراة من تلك الروايات لا سيما ملحمة أترحاسيس.
والفرضية الثانية -وهي التي رجحها المؤلف-: أن هناك فيضانًا محلّيًّا قديمًا جدًّا يسبق كل هذه الروايات، هذا الطوفان هو أساس تلك الأساطير جميعها. وأقام المؤلف حججًا علمية كثيرة على تلك الفرضية، كما ذكرت الجامعة في بطاقة التعريف بالكتاب([30]).
والدراسة السابقة هي دراسة علمانية صرفة غير مدفوعة بدوافع دينية، وأمثال هذه الدراسات المتحررة تعطي فرصة للباحث الجادّ للتروي قليلًا، وعدم التعجُّل برمي كل من يخالفه بأنه تدفعه دوافع أيدلوجية.
ولعل من الدلائل الأركيولوجية على قصة الطوفان وعدم خرافيتها ما ذكره الدكتور محمد بيومي مهران -أستاذ تاريخ مصر والشرق الأدنى- بقوله: “لقد عثر سير ليونارد وولي في حفائره في (أور) عام 1929م على طبقة من الغرين السميك الذي يُقدَّر بحوالي ثمانية أقدام، والذي اعتبره دليلًا مادّيًّا على الطوفان السومري؛ نظرًا لكثافة تلك الطبقة الغرينية وتوافقها الزمني إلى حدٍّ كبير مع النصوص السومرية”([31]).
خاتمة:
إن القطعيَّ من العلم الماديِّ لا يعارض القطعيَّ من الوحي الإلهيِّ، فإن الحقيقة واحدة لا يُمكن أن تتغير، بشرط توفر المعلومات المادية كاملة غير مجتزأة، فإن العقل الصريح لا يعارض النقل الصحيح، بل يشهد له ويؤيده. وما يحصل من تعارض ظاهري هو في حقيقته تعارض متوهَّم.
وقد بيَّنا في هذا البحث أهمَّ المغالطات المنهجية التي يقع فيها الملاحدة، وإهمال المنهج العلمي وقواعد التفكير المنطقي في تناول الموضوع الذي هو السبب الرئيس في توهم المعارضة، إما بسبب نقص المعلومات أو التقصير في البحث العلميّ، مع التعجُّل في إصدار نتائج.
وصلِّ اللهم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلِّم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)
([1]) موجز علم الآثار، عمر حسام العزاوي (ص: 12).
([2]) مفتاح دار السعادة (2/ 212).
([3]) مثل كتاب قواعد الأحكام في مصالح الأنام للعز بن عبد السلام، وأعلام الموقعين وشفاء العليل، كلاهما لابن القيم، والموافقات للشاطبي، ومقاصد الشريعة للطاهر بن عاشور، وغيرها.
([4]) ينظر: الفصل في الملل والأهواء والنحل (2/ 78)، مجموع الفتاوى (5/ 150).
([5]) من ذلك: اجتهادهم في تعيين كهف (أفسوس) أنه كهف أصحاب الكهف، وتعيين الفتية واسم ملكهم والزمان الذي كانوا فيه. ينظر: تفسير السمعاني (2/ 53)، وتفسير الخازن (3/ 158)، وحاشية تفسير الصاوي على الجلالين (2/ 362)، ومحاسن التأويل للقاسمي (7/ 27).
([6]) كاجتهادهم مثلًا في حديث الكذاب والمبير أنهما: المختار الثقفي والحجاج بن يوسف، وكاجتهادهم في حديث: (تخرج نار من الحجاز تضيء لها أعناق الإبل ببصرى)، وأسقطوه على حادثة تاريخية حدثت في الأزمنة المتأخرة، وغير ذلك.
([7]) مجموع الفتاوى (11/ 490).
([9]) أما إنكار وجود النبي محمد صلى الله عليه وسلم فإنما يصدر من جهلة الملاحدة، ولا يقع فيه علماؤهم؛ وذلك لأن خبره ثبت بالتواتر الجمعيّ منذ الصدر الأول جيلًا بعد جيل، وهي من الأدلة القطعية عند كافة العقلاء، كما ثبت خبره أيضًا عليه السلام بالدلائل الأركيولوجية، مثل: النسَخ الأولى من القرآن الكريم، وبعض رسائل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك، وبعض آثار الخلفاء الراشدين، ونحو ذلك؛ ولذلك رأينا عدم الإسهاب في الرد على هذه الشبهة؛ لأنها ليست من الشبهات التي أثارها المتخصّصون كالدكتور خزعل وغيره.
([10]) الشعر الجاهلي (ص: 26). وقد كتب الدكتور محمد عمارة بحثا بعنوان: (طه حسين من الانبهار بالغرب إلى الانتصار للإسلام)، وهو منشور في مجلة الأزهر شهر ذي القعدة 1435هـ، أشار فيه الدكتور عمارة إلى التطور الفكري في حياة طه حسين، ورجوعه عن مقالاته التي فيها مخالفة للإسلام، والله أعلم.
([11]) من لقاء صحفي مع الدكتور، صحيفة اليوم السابع المصرية، بتاريخ 21 فبراير 2017م، على الرابط:
([12]) طلب سليمان قتل يربعام، هرب إلى مصر حيث كان في حمى شيشنق فرعون مصر (1 مل 6: 38 و7: 1 و9: 10 و24 و11: 27). وفي السنة الخامسة لرحبعام، انتهز شيشق انقسام إسرائيل إلى دولتين بعد موت سليمان، وزحف إلى اليهودية، ونهب الهيكل (1 سفر الملوك 14: 25).
([13]) انظر: موسوعة مصر القديمة، د. سليم حسن (9/ 92).
([14]) ذكر الاكتشاف عدة مصادر: منها كتاب (الحفريات في بابل وآشور) لجورج استيفن:
George Stephen (1902). Chapter 2, The Excavations in Babylonia and Assyria. A History of the Babylonians and Assyrians. New York.
([15]) السجلات محفوظة في المتحف البريطاني تحت رقم (38299) تحت عنوان: verse account of Nabonidus
([16]) التفريغ النصي من الموقع الأركيولوجي Livius:
https://www.livius.org/sources/content/nabonidus-cylinder-from-ur/
([17]) سفر الخروج، الإصحاح الأول، فقرة 11-14.
([18]) نقلًا عن الموقع الفرنسي أورايس المتخصص في اكتشافات تل الضبعة:
https://www.auaris.at/html/history_en.html
([19]) شهادة علم الآثار، تعريب حافظ داود (ص: 25).
([20]) موسوعة مصر القديم، سليم حسن (7/ 29).
فائدة: أشار الدكتور سيلم حسن بأن الفرعون مرنبتاح أعلن قلع بذرة إسرائيل في الأيام الأولى من ولايته، وأشار إلى إظهار هذا الانتصار في أيامه الأولى، رغم أنهم ما كانوا يذكرون بني إسرائيل في أي نقوش لأنهم من العبيد ولا قيمة لهم، كل هذا دليل أن ثمة احتقانًا حصل بين الفريقين، وأن ثمة شيئًا غريبًا قد حدث، واحتماليةَ أن كبار الدولة أخفوا خبر غرق أبيه رمسيس الثاني عن عامة الشعب، ليعلن مرنبتاح انتصارًا وهميًّا من بعده.
([21]) الآثار المصرية في وادي النيل (3/ 171).
([22]) موسوعة مصر القديم، سليم حسن (7/ 29).
([23]) مصر والشرق الأدنى القديم (3/ 500).
([24]) انظر مثلًا لقاءه على قناته الرسمية: الفرعون لم يكن ظالمًا وليس هناك آثار لموسى:
https://www.youtube.com/watch?v=JCuwc7HiARI.
([25]) قصص الأنبياء والتاريخ (3/ 452).
([26]) دراسات تاريخية (2/ 52).
([28]) من لقاء صحفي مع الدكتور على صحيفة اليوم السابع المصرية، بتاريخ 21 فبراير 2017م، على الرابط:
([29]) انظر: الوجود التاريخي للأنبياء، د. سامي عامري (ص: 70)، نقلًا عن:
Do Historical matters Matter to Faith? (P: 101).
([30]) انظر الدراسة على موقع جامعة أكسفورد:
https://academic.oup.com/book/35373/chapter-abstract/301258660?redirectedFrom=fulltext