الأربعاء - 13 ربيع الآخر 1446 هـ - 16 أكتوبر 2024 م

قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لو كان الإيمان منوطًا بالثريا، لتناوله رجال من فارس) شبهة وجواب

A A

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة

 يقول بعض المنتصرين لإيران: لا إشكالَ عند أحدٍ من أهل العلم أنّ العربَ وغيرَهم من المسلمين في عصرنا قد أعرَضوا وتولَّوا عن الإسلام، وبذلك يكون وقع فعلُ الشرط: {وَإِن تَتَوَلَّوْاْ}، ويبقى جوابه، وهو الوعد الإلهيُّ باستبدال الفرس بهم، كما لا إشكال عند المنصفين أن هذا الوعدَ الإلهيَّ بدأ يتحقَّق([1]).

ويستدلّون لذلك بالحديث الذي ورد في مصادر السنة والشيعة وفيه: «لو كان الإيمان منوطًا بالثريا لتناوله رجال من فارس»، وقد جاء ذكر هؤلاء الرجال في تفسير قوله تعالى: {وَإِن تَتَوَلَّوْاْ ‌يَسْتَبْدِلْ ‌قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُواْ أَمْثَٰلَكُم} [محمد: 38].

فرأينا في مركز سلف للبحوث والدراسات أن نذكر هذه الشبهةَ ونجيبَ عنها جوابًا شافيًا -إن شاء الله تعالى- في عدةِ مباحثَ:

أولًا: إجماع السلف على أفضلية العرب على سائر الأجناس:

إن أفضليَّة العرب ثابتةٌ بأحاديث كثيرة، قد أفردها العلماء بالتصنيف، حيث جمعها الحافظ العراقي في جزء سمّاه: (محجَّة القرَب إلى محبَّة العرَب)، واختصره ابن حجر الهيتمي الفقيه في (مبلغ الأرب في فخر العرب)، وصنّف في ذلك الشيخ مرعي الكرمي الحنبلي (مسبوك الذهب في فضل العرب وشرَف العلم على شرَف النسَب) استقَى أكثرَه من (اقتضاء الصراط المستقيم) لشيخ الإسلام ابن تيمية، وغير ذلك من المصنّفات([2]).

وقد أحسن بديعُ الزمان الهمذاني إذ قال: (لا أرى أحدًا يفضِّل العجمَ على العرب إلا وفيه ‌عِرق ‌من ‌المجوسيَّة ينزِع إليه)([3]).

وممَّن حكى الإجماع على أفضليَّة العرب الإمامُ حرب بن إسماعيل الكِرماني في اعتقادِه الذي حكى عليه إجماع أهل العِلم والسنة، حيث يقول: (ونعرِفُ للعرَب حقَّها وفضلَها وسابقَتَها ونُحبُّهم؛ لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حبُّ العربِ إيمانٌ، وبُغضُهم نفاق»([4]). ولا نقول بقول الشعوبيّة وأراذل الموالي الذين لا يحبّون العرب، ولا يقرّون بفضلهم، فإن قولَهم بدعةٌ وخلاف)([5]).

والشعوبية: هم -كما وصفهم الإمام حرب الكرماني- الذين لا يحبّون العرَب، ولا يقرّون بفضلهم. وقيل أيضًا في التعريف بهم: فرقة منَ الناس ذهبوا إلى تصغير شأن العرب، وأنهم لا يرونَ لهم فضلًا على غيرهم، سُمّوا بذلك لانتصارهم للشعوب التي هي مغايرةٌ للقبائل([6]).

والحبُّ والبغض يتبع الفضل، فمن كان بغضُه أعظمَ تحريمًا دلَّ على أنه أفضلُ، ودلَّ حينئذٍ على أن محبّته دينٌ لأجل ما فيه من زيادة الفضل([7]).

يقول الشيخ محمود شكري الآلوسي: (اعلم أنَّ جميع ما قالته الشعوبية في مقام الاستدلال في مُدَّعاهم واقعٌ في غير موقعه، وقائم في غير محلِّه، فإن المدَّعَى إنما هو فضيلة الجنس فيما هو مناط الفضيلة بين أنواع بني آدم، وهو أن سبب فضل جنس العرب ما اختصُّوا به في عقولهم وألسنتهم وأخلاقهم وأعمالهم وغير ذلك، وليس المدَّعى أن الفضيلة بنبوّة حتى يقال: إن أنبياء غير العرب أكثر من أنبيائهم، وليس المدّعَى أيضًا أن الفضيلة بملك وثروة وكثرة عَدد وعُدد، فإنها ليست أيضًا مما يستوجب الفضيلةَ، ويقتضي الصفاتِ الجميلةَ. مع أنه قد بلغت مدنية العرب في الأيام الخالية إلى ما لم يبلغها أحدٌ إذ ذاك، وإن انقطع عنا أخبارهم، وهذه آثار مبانيهم العظيمة، وبقايا مُدُنهم الجسيمة تشهد لنا بذلك)([8]).

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية في تقرير اعتقاد أفضليَّة العرب ونسبته إلى أهل السنة: (فإنَّ الذي عليه أهل السنة والجماعة: اعتقادُ أنَّ جنس العرب أفضل من جنس العجم، عبرانيّهم وسريانيّهم روميّهم وفرسيّهم وغيرهم، وأن قريشًا أفضل العرب، وأن بني هاشم أفضلُ قريش، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضلُ بني هاشم. فهو أفضل الخلق نفسًا، وأفضلُهم نسبًا. وليس فضل العرب ثم قريش ثم بني هاشم لمجرد كون النبي صلى الله عليه وسلم منهم، وإن كان هذا من الفضل، بل هم في أنفسهم أفضل، وبذلك يثبت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أفضل نفسًا ونسبًا، وإلا لزم الدور)([9]).

وأفضليَّة العرب على سائر الأجناس تَشمَل أفضلِيَّتَهم على الفُرس، كما بيّنه شيخ الإسلام في كلامه المتقدّم.

يقول الإمام أبو محمد ابن قتيبة الدِّينَوَرِي رحمه الله في بيانِ أوجُه فضل العرب على الفُرس: (فالعرب وفارس يتساوَونَ في هذه الجملة -يعني في الانتساب إلى سام بن آدم- وتفضُلها العرب بعدَها بأنها من ولد إسماعيل بن إبراهيم، فهي أدنى من الخليل دناوة، وأمسُّ به رحمًا. ثم تتساوى العرب وفارس في أن الفريقين ملَكوا، وتفضُلها العرب بأنَّ قواعد ملكها نبوَّة، وقواعد ملك فارس استلابٌ وغَلَبَة، وتفضلها العرب بأنّ ملكها ناسخ، وملك فارس منسوخ، وتفضلها بأن ملكها متَّصل بالساعة، وملك فارس محدود، وتفضُلها العرب بأن مُلكها واغل في أقاصي البلاد، داخل في آفاق الأرض، وملك فارس شظيَّة منه، ليس فيه الشام، ولا الجزيرة، ولا خراسان في أكثر مُدَدِهم، ولا اليمن، إلا في أيام وَهْرِز وسيف بن ذي يزن)([10]).

ثانيًا: فضل الجنسِ لا يستلزمُ فضلَ الشَّخص:

إن اللَّام في قولنا: العرب أفضل من العجم هي لام الجنس، فهي كقولك: الرجل ‌أفضل من المرأة؛ إذ لم ترد به رجلًا بعينه ولا امرأةً بعينها، وإنما أردت أنّ هذا الجنس من حيث هو ‌أفضل من هذا الجنس من حيث هو، قال ابن هشام: (ولا يصحّ أن يرادَ بهذا أن كلَّ واحد من الرجال ‌أفضل من كلّ واحدة من النساء لأنَّ الواقع بخلافه)([11]).

يقول الشيخ محمود شكري الآلوسي: (إنَّ الشريعةَ حاكمة بأنّ فضل الجنس لا يستلزم فضلَ الشخص، فرُبَّ حبشيٍّ أفضل عند الله من ألف قرشيّ، فإنّ المرء كثير بفضله لا بأهلِه، ومنظور إليه بكرمِ أخلاقه لا بكرمِ أصله، فإذا اجتمعا له كان مقابلًا من طرفَيهِ، وكملت له أبّهة شرفَيهِ.

ولا يُنكَر أنَّ للأصول تأثيرًا عظيمًا في الفروع، فلا تكاد ترى ذا أصل زكيّ إلا وتتوهّم فيه خلقًا وسيمًا وشأنًا كريمًا، فإذا اجتمع الأصل وحُسن الفعال كان ذلك غايةَ الكمال، فلا ينبغي لعاقل أن يفخرَ بنسبه، ويتكبَّر على الناس بحسَبه، ففي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أوحى الله إليَّ أن تواضَعوا، حتى لا يفخرَ أحد على أحد، ولا يبغيَ أحد على أحدٍ»([12]).

فنهى سبحانه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم عن نوعي الاستطالة على الخلق، وهي الفخر والبغي؛ لأنَّ المستطيل إن استطال بحقٍّ فقد افتخر، وإن كان بغير حقٍّ فقد بغَى، فلا يحلّ هذا ولا هذا.

فإن [كان] الرجل من الطائفة الفاضلة… فلا يكون حظّه استشعار فضلِ نفسه، والنظر إلى ذلك، فإنه مخطئ في هذا كما لا يخفى. ثم هذا النظر يوجب نقصَه وخروجَه عن الفضل، فضلًا عن أن يستعليَ بهذا أو يستطيل.

وإن كان من الطائفة الأخرى فليعلم أن اتِّصافه بالصفات المحمودة يوجب له أن يكون أفضل من جمهور الطائفة المفضَّلة العارين عنها، فليفتخر المرء بجِدِّه واجتهاده، وبعدَّته وعتاده، وكسبه وإعدادِه، لا آبائه وأجداده)([13]).

وزُبدَةُ القول في هذا ما بيّنه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بقوله: (الفضل الحقيقيّ: هو اتِّبَاع ما بَعَث الله به محمدًا صلى الله عليه وسلم من الإيمان والعلم باطنًا وظاهرًا، فكلُّ من كان فيه أمكن كانَ أفضل. والفضل إنما هو ‌بالأسماء ‌المحمودة في الكتاب والسنة مثل: الإسلام، والإيمان، والبرّ، والتقوى، والعلم، والعمل الصالح، والإحسان، ونحو ذلك، لا بمجرد كون الإنسان عربيًّا، أو عجميًّا، أو أسود، أو أبيض، ولا بكونه قرويًّا، أو بدويًّا)([14]).

ثالثًا: ما ورد في فضل الفُرْس عن النبي صلى الله عليه وسلم وشرحُه:

الحديثُ عمّا ورَد عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل الفرس يقتضي التعريفَ أوّلًا بهذه الأُمَّة، فإنَّ علماءَ المسلمين وأدباءَهم اعتنَوا بذلك، حتى أفرد أبو منصور الثعالبي كتابًا في ذلك سماه: (غرر أخبار ملوك الفرس وسيرهم)؛ ولذلك اعتَنى شُرّاح الحديث بالتعريف بالفرس عند كلامهم في ما ورد عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في مَدحهم.

وقد ذكر صاعد الأندلسيّ في كتابه (طبقات الأمم) طَرَفًا من أخبارهم قبل الفتح الإسلاميّ لبلادهم، حيث ذكر ما كانوا عليه من العزّ والسؤدَد، وما اشتغَلوا به من العلوم، فقال: (وأمّا الفرسُ فأهلُ الشرَف الباذخ والعزّ الشامخ، وأوسط الأمم دارًا، وأشرفُها إقليمًا، وأسوسها ملوكًا، ولا نعلم أمّةً غيرها دام لها الملك، وكانت لهم ملوك تجمَعهم، ورؤوس تحامي عنهم من ناوأهم، وتغلِبُ بهم من غارهم، وتدفع ظالمهم عن مظلومِهم، وتحمِّلُهم من الأمور ما فيه حظُّهم على اتِّصالٍ ودوام، وأحسن التئام وانتظام، يأخذ ذلك آخرُهم عن أوَّلهم، وغابرهم عن سالفهم)([15]).

ثم ذكر صاعِد تحوّلهم من التوحيد إلى دين الصابئة ثم إلى المجوسية على يد زرادشت، إلى أن جاء الفتحُ الإسلاميّ، فأخرج الله تعالى من أراد به الخيرَ منهم من الظلمات إلى النور.

يقول: (وذكر بعضُ علماء الأخبار أنَّ الفرسَ في أوَّل أمرها كانت موحَّدةً على دين نوح عليه السلام، إلى أن أتى بوذاسف المشرقيّ إلى طمورث ثالث ملوك الفرس بمذهب الحنفاء، وهم الصابئون، فقَبِله منه، وقهر الفرسَ على التشرّع به، فاعتقدوه نحو ألف سنة وثمانمائة سنة، إلى أن تمجَّسوا جميعًا.

وكان سبب تمجُّسهم أن زرادشت الفارسيَّ ظهر في زمان يساتسب ملك الفرس، لثلاثين سنة خلت من ملكه، ودعا إلى دين المجوسيَّة من تعظيم النار وسائر الأنوار، والقول بتركيب العالم من النور والظلام، واعتقاد القدماء الخمسة التي هي عندهم: البارئ -تعالى عما يقولون-، وإبليس، والهيولى، والزمان، والمكان، وغير ذلك من شريعة المجوسيَّة. فقبل ذلك منهُ يستاسب، وقام بدينه، وقاتَل الفرسَ عليه حتى انقادوا جميعًا إليه، ورفضوا دين الصابئة، واعتقدوا زرادشت نبيًّا مرسلًا من عند الله عزَّ وجل إليه.

ولم يزالوا على دينه، ملتزمين لشريعته قريبًا من ألف سنة وثلاثمئة سنة، إلى أن ضعضع ملكَهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، واحتوى على المدائن قاعدةِ عزِّهم، وطرَدهم عن العراق وما يتصل بها إلى بلاد خراسان.

ثم استأصل عثمانُ بقيَّةَ مُلكهم بقتل يزدجرد بن شهريار آخر ملوكهم في خلافته، وذلك سنة اثنتين وثلاثين من الهجرة، وباد منهم خلق عظيم في الحروب الواقعة بينهم وبين المسلمين في يوم القادسية، ويوم جلولاء، ويوم نهاوند، وغيرها، وأسلم منهم جماعة، وبقيت بقيّتهم على دين المجوسية إلى الآن، أهل ذمّة كذمّة اليهود والنصارى بالعراق والأهواز وبلاد فارس وأصبهان وخراسان وغيرها من مملكة الفرس قبل الإسلام)([16]).

وهؤلاء الذين أسلَموا من الفرس جاءت فيهم أحاديث ثابتةٌ متَّفق عليها، وجاءت فيهم أيضًا آثار وأخبار، وأفرد الحافظ أبو الطاهر السِّلَفي كتابًا في (فضل الفرس)([17])، وذكر تلك الأخبار الحافظ أبو نعيم الأصبهاني في مقدمة (أخبار أصبهان).

وأصحّ ما جاء في ذلك ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في تفسير قوله تعالى: {‌وَءَاخَرِينَ ‌مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ} [الجمعة: 3]، حيث فسَّر النبي صلى الله عليه وسلم الآية بأنهم رجال من أبناء فارس، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بوجودهم وقيامهم بالعلم والدين وهم في أصلاب آبائهم، وهذا من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم.

ففي الصحيحين عَنْ ‌أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْجُمُعَةِ، فَلَمَّا قَرَأَ: {‌وَءَاخَرِينَ ‌مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ} قَالَ رَجُلٌ: مَنْ هَؤُلَاءِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَلَمْ يُرَاجِعْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى سَأَلَهُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، قَالَ: وَفِينَا سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ، قَالَ: فَوَضَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ عَلَى سَلْمَانَ ثُمَّ قَالَ: «لَوْ كَانَ الْإِيمَانُ عِنْدَ الثُّرَيَّا لَنَالَهُ رِجَالٌ مِنْ هَؤُلَاءِ»([18]).

وفي صحيح مسلم عَنْ ‌أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ كَانَ الدِّينُ عِنْدَ الثُّرَيَّا لَذَهَبَ بِهِ رَجُلٌ مِنْ فَارِسَ –أَوْ قَالَ: مِنْ أَبْنَاءِ فَارِسَ- حَتَّى يَتَنَاوَلَهُ»([19]).

ولذلك جاء عن سعيد بن المسيب رحمه الله أنه قال: (لولا أني ‌من ‌قريش لأحببتُ أن أكونَ من فارس، ثم أكون من أهل أصبهان)([20]).

قال أبو العباس القرطبي في تفسير الآية: (وأحسنُ ما قيل فيهم أنهم ‌أبناء ‌فارس؛ بدليل نص هذا الحديث، وقد كثُرت أقوال المفسرين في ذلك، وقد ظهر ذلك للعيان، فإنهم ظهر فيهم الدِّين، وكثر فيهم العلماء، فكان وجودُهم كذلك دليلًا من أدلّة صدق النبي صلى الله عليه وسلم)([21]).

وقال ابن تيمية في شرح الحديث: (‌ومصداق ‌ذلك ما وجد في التابعين ومن بعدهم من أبناء فارس الأحرار والموالي، مثل الحسن وابن سيرين وعكرمة مولى ابن عباس وغيرهم، إلى من وجد بعد ذلك فيهم من المبرِّزين في الإيمان والدين والعلم، حتى صار هؤلاء المبرِّزون أفضلَ من أكثر العرب)([22]).

وقال: (لما كان العلم والإيمان ‌في ‌أبناء ‌فارس أكثر منه في غيرهم من العجم كانوا هم أفضل الأعاجم، فغلب لفظ العجم في عرف العامة المتأخرين عليهم، فصار حقيقة عرفية عامية فيهم)([23]).

والحنفيّة كثيرًا ما يستدلّون بهذا الحديث على فضل الإمام أبي حنيفة النعمان رحمه الله، أحد الأئمة الأربعة، فإنه من أبناء فارس([24]).

وقدِ اختار ابنُ قتيبة أنَّ المراد بفارس في هذا الحديث خراسان، حيث يقول: (إن فارس وخراسان كانتا عند العرب شيئًا واحدًا؛ لأنهما يتحاذيان ويتَّصلان، ولأن لسان أهل فارس ولسان أهل خراسان الفارسية، فهم يسمُّون الفريقين الفرس)([25]).

ولا يُحصى عدد العلماء الذين كانوا في خراسان من أهل السنة من المحدِّثين والفقهاء عبر القرون، ولك أن تطالع في ذلك كتبَ الطبقات والتراجم، وتنظر في عدَد المنسوبين إلى شيراز والري وهمذان ونيسابور وأصبهان وإسفرايين: (الشيرازي، والرازي، والهمذاني، والنيسابوري، والأصبهاني والإسفراييني… إلخ) إلى أن تغيَّر الحال عند الغزو المغولي لديار الإسلام.

قال الحافظ الذهبيّ الذي عاصر تلك الحقبة بعد أن ذكر علماء الحديث في بلاد خراسان وما يحاذيها: (وأما اليوم فقد كاد يعدم علم الأثر من العراق وفارس وأذربيجان، بل لا يوجد بأرّان وجيلان وإرمينية والجبال وخراسان التي كانت دار الآثار وأصبهان التي كانت تضاهي بغداد في علو الإسناد وكثرة الحديث والأثر. والباقي من ذلك في مصر ودمشق -حرسها الله تعالى- وما تاخمها، وشيء يسير بمكة، وشيء بغرناطة ومالقة، وشيء بسبتة، وشيء بتونس، نسأل الله الخاتمة. لكن القرآن وفروع الفقه موجود كثير شرقًا وغربًا، ولكن ذلك مكدَّر في المشرق وغيره بعلوم الأوائل وآراء المتكلمين والمعتزلة، فالأمر لله تعالى)([26]).

ومن الأحاديث التي جاءت أيضًا في فضل فارس: حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال ناس من أصحاب رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم: يا رسول الله، من هؤلاء الذين ذكر الله: إن تولينا استُبدِلوا بنا ثم لا يكونوا أمثالنا؟ قال: وكان سلمان بجنب رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم، قال: فضرب رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم فخذَ سلمان، قال: «هذا وأصحابه. والذي نفسي بيده، لو كان الإيمان منوطا بالثريا لتناوله رجال من فارس»([27]).

والكلام في هذا الحديث كالكلام في ما تقدمه، وإنما خصصت ذكره لأنّ الروافض المعاصرين استدلّوا به على استبدال الله إيران الرافضية بالعرب، كما سيأتي جوابه.

رابعًا: بطلانُ دعوى دلالة أحاديث فضل فارس على فضل إيران:

بيان بطلان دلالة هذه الأحاديث على فضل إيران يتَّضح بعدة أوجه:

الوجه الأول: الفرق بين الفضل والأفضلية:

مع اشتهار فضل فارس في سنةِ النبي صلى الله عليه وسلم، فإنَّ ما صحَّ من تلك الأحاديث لا يدلّ على أفضلية الفرس على العرب، فضلًا عن أن يدلَّ على فضل الإيرانيين على العرب كما زعم بعض الرافضة المعاصرين([28])، فإنه لا يلزم من دلالتها على فضل الفرس دلالتُها على أفضليتهم على العرب، كما أن الأحاديث جاءت في فضل عليّ رضي الله عنه، ولا يلزم من ثبوتها ثبوتُ أفضليته على أبي بكر رضي الله عنه.

الوجه الثاني: الفرق بين فارس وإيران:

وأما دلالتها على فضل الإيرانيين فإن مصطلح “إيران” لم يكن معروفًا مشتهرًا إلى أن جاء الغزو المغولي لديار الإسلام.

تقول المستشرقة الألمانية دوروتيا كرافولسكي: (في عصور الخلافة الإسلامية فإنّ مصطلح إيران ما كان مستخدمًا حتى بالمعنى الجغرافي، لقد تجاهله الجغرافيّون كما تجاهله المؤرخون، فالذي يبدو أنه مع سقوط الإمبراطورية الساسانيّة على يد العرب في القرن السابع الميلادي سقط مصطلح إيران شهر، وتوارى في غياهب التاريخ، وحلّ محله تمامًا مصطلح دار الإسلام، وبقيت التسميات المختلفة لأقاليم إيران فقط متداولةً بين المؤلفين)([29]).

ومصطلح “إيران” لا يرادف مصطلح “الفرس”، فالإيرانيون من أعراق مختلفة، والإيلخانيون أنفسُهم الذين اشتهر هذا المصطلح على أيدي مؤرخيهم -مثل رشيد الدولة الهمذاني- لم يكونوا من الفرس.

وقد حكم إيران بعد المغول سلالاتٌ مختلفة، وتحدَّث الدارسون عن الانبعاث التركماني في حقبة ما بعد المغول، فالقاجريون مثلًا الذين حكموا إيران في السنوات (1193-1344هـ) كانوا من التركمان([30]).

والمقصود هنا البحث في العلاقة بين لفظي “إيران” و”فارس” وبيان عدم ترادفهما، فلا يصحّ القول في وصف سلمان رضي الله عنه: سلمان الإيراني، ولا أن يقال: إن أبناء فارس في الحديث هم الإيرانيون.

الوجه الثالث: الفرق بين إيران السنية وإيران الرافضية:

لا يخفى أنَّ إيران تحوّلت ابتداءً من العهد الصفوي (907-1135هـ) إلى مذهب الشيعة، فقد جرى فرض المذهب الشيعيّ على الناس بوصفه مذهبًا رسميًّا للدولة في بلدٍ كان المذهب السني فيه ما يزال المذهب السائد من الناحية الرسمية على الأقل، ولذلك يُعتبر العهد الصفوي ذا أهمية قصوى في التاريخ الفارسي، نظرًا إلى أنه العهد الذي ترسّخت في أثنائه أركان المذهب الشيعي في بلاد فارس([31]).

وقد عاصر هؤلاء الملا عليّ القاري، وصنف في الردّ عليهم (شمّ العوارض في ذم الروافض)، وقال تعليقًا على قول الإمام النووي: (المذهب الصحيح المُختار الذي قالَه الأكثرون: أن الخوارج كسائر أهل البدع لا تكفر)، قال: (وهذا في غير حقّ ‌الرافضة الخارجة في زماننا، فإنهم يعتقدون كفر أكثر الصحابة، فضلًا عن سائر أهل السنة والجماعة، فهم كفرة بالإجماع، بلا نزاع)([32]).

وقد حكم بلادَ فارس بعد الصفويين الأفشاريون (1148-1210ه)، ثم الزنديون (1164-1209هـ)، ثم القاجريون (1193-1344هـ)، ثم البهلويون (1344-1398هـ)، إلى أن وثب الخمينيّ على الحكم ومكّن مذهب الرافضة في إيران.

وقدِ استدلّ من ينتصر له ولدولته بهذا الحديث، مثل الكوراني العاملي اللبناني([33])، وغفل أنَّ المدحَ الحقيقي إنما يكون بمشابهة السلف الصالحين من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم، وهؤلاء يسلكون ضدَّ ذلك باعتقادهم الرفض، ونشره، والدعوة إليه، والقتال عليه.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (وكذلك كلُّ مكان أو شخص من أهل فارس ‌يمدح ‌المدح ‌الحقيقي؛ إنما يمدح لمشابهته السابقين، حتى قد يختلف في فضل شخص على شخص، أو قول على قول، أو فعل على فعل؛ لأجل اعتقاد كلّ من المختلفين أن هذا أقرب إلى طريق السابقين الأولين، فإن الأمة مجمِعة على هذه القاعدة وهي: فضل طريقة العرب السابقين، وأن الفاضل من تبعهم، وهو المطلوب هنا)([34]).

وأما استبدال إيران بالعرب الذي يدعيه العاملي فقد قال الله تعالى: {وَإِن تَتَوَلَّوْاْ ‌يَسْتَبْدِلْ ‌قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُواْ أَمْثَٰلَكُم} [محمد: 38]، وقال: {يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ‌مَن ‌يَرْتَدَّ ‌مِنكُمْ عَن دِينِهِۦ فَسَوْفَ يَأْتِي ٱللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُۥٓ أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلْكَٰفِرِينَ يُجَٰهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِم ذَٰلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٌ} [المائدة: 54].

فقد ذكر الله تعالى في وصفهم أنهم يجاهدون في سبيل الله تعالى، والجهاد في سبيل الله تعالى هو من الأمر بالمعروف والنهيِ عن المنكر الذي هو أهمّ مقاصد الإمامة، وقد ذكر الفقهاء أن التعرُّضَ لحسم البدع من أهم ما يجب على الإمام الاعتناء به([35])، فمن كان مقيمًا لبدعة الرفض داعية للإشراك بالله تعالى لا يكون مجاهدًا في سبيل الله تعالى، ولا آمرًا بالمعروف وناهيًا عن المنكر.

قال الله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَّسُولُ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى ٱلْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَىٰهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَٰنًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ ٱلسُّجُودِ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي ٱلتَّوْرَىٰةِ وَمَثَلُهُمْ فِي ٱلْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْـَٔهُ فَـَٔازَرَهُ فَٱسْتَغْلَظَ فَٱسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِۦ ‌يُعْجِبُ ‌ٱلزُّرَّاعَ ‌لِيَغِيظَ ‌بِهِمُ ‌ٱلْكُفَّارَ} [الفتح: 29].

قال الإمام مالك: (من ‌أصبح ‌في ‌قلبه ‌غيظٌ على أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أصابته الآية)([36]).

قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: (ومن هذه الآية انتزع الإمام مالك رحمه الله -في رواية عنه- بتكفير الروافض الذين يبغضون الصحابةَ، قال: لأنهم يغيظونهم، ومن غاظ الصحابةَ فهو كافر لهذه الآية. ووافقه طائفة من العلماء على ذلك، والأحاديث في فضائل الصحابة والنهي عن التعرُّض لهم بمساءة كثيرة، ويكفيهم ثناءُ الله عليهم ورِضاه عنهم)([37]).

وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) «عصر الظهور» للكوراني العاملي -الطبعة القديمة- (ص: 197).

([2]) انظر: «ابن قتيبة والشعوبية» (ص: 260-261).

([3]) «بدائع البدائه» (ص: 33).

([4]) أخرجه الحاكم (7174) وفي سنده الهيثم بن جماز، قال النسائي في «الضعفاء» (609): (متروك).

([5]) «إجماع السلف في الاعتقاد كما حكاه الإمام حرب بن إسماعيل الكرماني» (ص: 72)، ونقله شيخ الإسلام في «اقتضاء الصراط المستقيم» (1/ 420-421).

([6]) «بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب» للعلامة محمود شكري الآلوسي (1/ 159-160)، وانظر: «اقتضاء الصراط المستقيم» (1/ 421).

([7]) «اقتضاء الصراط المستقيم» (1/ 435).

([8]) «بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب» (1/ 175-177)، وانظر في سبب فضل العرب: «اقتضاء الصراط المستقيم» (1/ 446-448).

([9]) «اقتضاء الصراط المستقيم» (1/ 419-420).

([10]) «فضل العرب والتنبيه على علومها» (ص: 51).

([11]) «شرح قطر الندى وبل الصدى» (ص: 113).

([12]) أخرجه مسلم (2865).

([13]) «بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب» (1/ 183-184)، وكلامه مستفاد من «اقتضاء الصراط المستقيم» (1/ 452-453).

([14]) «اقتضاء الصراط المستقيم» (1/ 414-415).

([15]) «طبقات الأمم» (ص: 15).

([16]) «طبقات الأمم» (ص: 15).

([17]) ذكره ابن تيمية في «اقتضاء الصراط المستقيم» (1/ 450).

([18]) صحيح البخاري (2897، 2898)، وصحيح مسلم (2546).

([19]) صحيح مسلم (2546).

([20]) أخرجه أبو نعيم في «ذكر أخبار أصبهان» (1/ 63).

([21]) «المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم» (6/ 506).

([22]) «اقتضاء الصراط المستقيم» (2/ 414).

([23]) «اقتضاء الصراط المستقيم» (2/ 454).

([24]) قال الحافظ السيوطي: (هذا الحديث الذي رواه الشيخان أصل صحيح يعتمد عليه في الإشارة لأبي حنيفة، وهو متفق على صحته، وبه يستغنى عما ذكره أصحاب المناقب ممن ليس له دراية في علم الحديث، فإن في سنده كذابين ووضاعين). نقله ابن عابدين في «حاشيته» (1/ 53).

([25]) «فضل العرب والتنبيه على علومها» (ص: 105). ولابن قتيبة قصد في ذلك، وهو حمل الحديث على أصحاب الرايات وأهل الدعوة من أنصار بني العباس.

([26]) «الأمصار ذوات الآثار» (ص: 113-116).

([27]) أخرجه الترمذي (3260، 3261) وقال: (هذا حديثٌ غريبٌ، في إسناده مقال).

([28]) انظر: «عصر الظهور» للكوراني العاملي (ص: 158).

([29]) «العرب وإيران» (ص: 181-182).

([30]) «السلالات الإسلامية الحاكمة» (ص: 348).

([31]) «السلالات الإسلامية الحاكمة» (ص: 342).

([32]) «مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح» (7/ 3027).

([33]) انظر: «عصر الظهور» (ص: 158).

([34]) «اقتضاء الصراط المستقيم» (2/ 452).

([35]) «الغياثي» (ص: 363).

([36]) «حلية الأولياء» (6/ 327)، وانظر: «السُّنَّة» للخلال (760).

([37]) «تفسير ابن كثير» (7/ 362).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

جديد سلف

شُبهة في فهم حديث الثقلين.. وهل ترك أهل السنة العترة واتَّبعوا الأئمة الأربعة؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة حديث الثقلين يعتبر من أهمّ سرديات الخطاب الديني عند الشيعة بكافّة طوائفهم، وهو حديث معروف عند أهل العلم، تمسَّك بها طوائف الشيعة وفق عادة تلك الطوائف من الاجتزاء في فهم الإسلام، وعدم قراءة الإسلام قراءة صحيحة وفق منظورٍ شمولي. ولقد ورد الحديث بعدد من الألفاظ، أصحها ما رواه مسلم […]

المهدي بين الحقيقة والخرافة والرد على دعاوى المشككين

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   مقدمة: صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا، لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ»([1]). ومن رحمته صلى الله عليه وسلم بالأمه أنه أخبر بأمور كثيرة واقعة بعده، وهي من الغيب الذي أطلعه الله عليه، وهو صلى الله عليه وسلم لا […]

قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لو كان الإيمان منوطًا بالثريا، لتناوله رجال من فارس) شبهة وجواب

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  يقول بعض المنتصرين لإيران: لا إشكالَ عند أحدٍ من أهل العلم أنّ العربَ وغيرَهم من المسلمين في عصرنا قد أعرَضوا وتولَّوا عن الإسلام، وبذلك يكون وقع فعلُ الشرط: {وَإِن تَتَوَلَّوْاْ}، ويبقى جوابه، وهو الوعد الإلهيُّ باستبدال الفرس بهم، كما لا إشكال عند المنصفين أن هذا الوعدَ الإلهيَّ بدأ يتحقَّق([1]). […]

دعوى العلمانيين أن علماء الإسلام يكفرون العباقرة والمفكرين

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة عرفت الحضارة الإسلامية ازدهارًا كبيرًا في كافة الأصعدة العلمية والاجتماعية والثقافية والفكرية، ولقد كان للإسلام اللبنة الأولى لهذه الانطلاقة من خلال مبادئه التي تحثّ على العلم والمعرفة والتفكر في الكون، والعمل إلى آخر نفَسٍ للإنسان، حتى أوصى الإنسان أنَّه إذا قامت عليه الساعة وفي يده فسيلة فليغرسها. ولقد كان […]

حديث: «إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ» شبهة ونقاش

من أكثر الإشكالات التي يمكن أن تؤثِّرَ على الشباب وتفكيرهم: الشبهات المتعلِّقة بالغيب والقدر، فهما بابان مهمّان يحرص أعداء الدين على الدخول منهما إلى قلوب المسلمين وعقولهم لزرع الشبهات التي كثيرًا ما تصادف هوى في النفس، فيتبعها فئام من المسلمين. وفي هذا المقال عرضٌ ونقاشٌ لشبهة واردة على حديثٍ من أحاديث النبي صلى الله عليه […]

آثار الحداثة على العقيدة والأخلاق

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الفكر الحداثي مذهبٌ غربيّ معاصر دخيل على الإسلام، والحداثة تعني: (محاولة الإنسان المعاصر رفض النَّمطِ الحضاري القائم، والنظامِ المعرفي الموروث، واستبدال نمطٍ جديد مُعَلْمَن تصوغه حصيلةٌ من المذاهب والفلسفات الأوروبية المادية الحديثة به على كافة الأصعدة؛ الفنية والأدبية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والفكرية…)([1]). ومما جاء أيضا في تعريفه: (محاولة […]

الإيمان بالغيب عاصم من وحل المادية (أهمية الإيمان بالغيب في العصر المادي)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: يعيش إنسان اليوم بين أحد رجلين: رجل تغمره الطمأنينة واليقين، ورجل ترهقه الحيرة والقلق والشكّ؛ نعم هذا هو الحال، ولا يكاد يخرج عن هذا أحد؛ فالأول هو الذي آمن بالغيب وآمن بالله ربا؛ فعرف الحقائق الوجوديّة الكبرى، وأدرك من أين جاء؟ ومن أوجده؟ ولماذا؟ وإلى أين المنتهى؟ بينما […]

مناقشة دعوى الإجماع على منع الخروج عن المذاهب الأربعة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من بعث رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فإن طريقة التعامل مع اختلاف أهل العلم بَيَّنَها الله تعالى بقوله: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ ‌أَطِيعُواْ ‌ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ […]

بدعية المولد .. بين الصوفية والوهابية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدّمة: من الأمور المقرَّرة في دين الإسلام أن العبادات مبناها على الشرع والاتباع، لا على الهوى والابتداع، فإنَّ الإسلام مبني على أصلين: أحدهما: أن نعبد الله وحده لا شريك له، والثاني أن نعبده بما شرعه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، فالأصل في العبادات المنع والتوقيف. عَنْ عَلِيٍّ […]

الخرافات وأبواب الابتداع 

[ليس معقولاً، لا نقلاً، ولا عقلاً، إطلاق لفظ «السُّنَّة» على كل شيء لم يذكر فيه نص صريح من القرآن أو السنة، أو سار عليه إجماع الأمة كلها، في مشارق الأرض ومغاربها]. ومصيبة كبرى أن تستمر التهم المعلبة،كوهابي ، وأحد النابتة ، وضال، ومنحرف، ومبتدع وما هو أشنع من ذلك، على كل من ينادي بالتزام سنة […]

ترجمة الشَّيخ د. علي ناصر فقيهي

‏‏للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة ترجمة الشَّيخ د. علي ناصر فقيهي([1]) اسمه ونسبه: هو الشَّيخ الأستاذ الدكتور علي بن محمد بن ناصر آل حامض الفقيهي. مولده: كان مسقط رأسه في جنوب المملكة العربية السعودية، وتحديدا بقرية المنجارة التابعة لمحافظة أحد المسارحة، إحدى محافظات منطقة جيزان، عام 1354هـ. نشأته العلمية: نشأ الشيخ في مدينة جيزان […]

مناقشة دعوَى أنّ مشركِي العرب جحدوا الربوبية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: اعتَمَد بعضُ الأشاعرةِ في العصور الحديثةِ على مخالفة البدهيات الشرعية، وتوصَّلوا إلى نتائج لم يقل بها سلفُهم من علماء الأشعرية؛ وذلك لأنهم لما نظروا في أدلة ابن تيمية ومنطلقاته الفكرية وعرفوا قوتها وصلابتها، وأن طرد هذه الأصول والتزامَها تهدم ما لديهم من بدعٍ، لم يكن هناك بُدّ من […]

حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية في الإسلام

  إنَّ حريةَ الاعتقاد في الإسلام تميَّزت بتفاصيل كثيرة واضحة، وهي تعني أن كلَّ شخص حرّ في اختيار ما يؤمن به وما يدين به، ولا يجب على أحدٍ أن يُكرهَه على اعتقاده، كما تعني الاحترامَ لحرية الآخرين في اختياراتهم الدينية والمعتقدات الشخصية. موقفُ الإسلام من الحرية الدينية: الأصلُ عدمُ الإجبار على الإسلام، ولا يُكره أحد […]

دفع إشكال في مذهب الحنابلة في مسألة حَلِّ السِّحر بالسحر

  في هذا العصر -عصر التقدم المادي- تزداد ظاهرة السحر نفوذًا وانتشارًا، فأكثر شعوب العالم تقدّمًا مادّيًّا -كأمريكا وفرنسا وألمانيا- تجري فيها طقوس السحر على نطاق واسع وبطرق متنوعة، بل إن السحر قد واكب هذا التطور المادي، فأقيمت الجمعيات والمعاهد لتعليم السحر سواء عن طريق الانتظام أو الانتساب، كما نظمت المؤتمرات والندوات في هذا المجال. […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017