شبهات العقلانيين حول حديث: (إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم)
للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة
لا يزال العقلانيون يحكِّمون كلامَ الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم إلى عقولهم القاصرة، فينكِرون بذلك السنةَ النبوية ويردُّونها، ومن جملة تشغيباتهم في ذلك شبهاتُهم المثارَة حول حديث: «الشيطان يجري في ابن آدم مجرى الدم» الذي يعتبرونه مجردَ مجاز أو رمزية للإشارة إلى سُرعة وقوع الإنسان في الهوى والشهوات.
ومن الملاحظ أن هذه الشبهاتِ تستندُ إلى تفسير عقليٍّ، ولكن يجب أن نأخذَ في الاعتبار أن تفسير الأحاديث النبوية يتطلَّب دراسة دقيقة للسياق الشرعي واللغوي لهذه الأحاديث، والتحقق من مصادرها ورواتها، والرجوع إلى أقوال العلماء المعتبرين في هذا الشأن.
ومن الواضح أن الإشارة إلى جَرَيَان الشيطان في الإنسان مجرى الدم لا تقتصر على كونها كناية على سرعة وقوع الإنسان في الهوى والشهوات، بل قد تكون لها دلالات أخرى لها علاقة بالطبيعة البشرية وتأثيرات الشيطان عليها.
ولبيان كلِّ ذلك أعدّ مركز سلف للبحوث والدراسات هذه الورقة العلمية؛ في إطار الدفاع عن سنّة النبي صلى الله عليه وسلم، وصدِّ هجمات القرآنيين والعقلانيين والحداثيين وغيرهم ممن أزعجتهم أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم، ووقفت سدًّا منيعًا دون تحقيق مقاصدهم ومآربهم.
مركز سلف للبحوث والدراسات
نص الحديث:
عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ مُعْتَكِفًا، فَأَتَيْتُهُ أَزُورُهُ لَيْلًا، فَحَدَّثْتُهُ، ثُمَّ قُمْتُ لأَنْقَلِبَ، فَقَامَ مَعِيَ لِيَقْلِبَنِي -وَكَانَ مَسْكَنُهَا فِي دَارِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ- فَمَرَّ رَجُلَانِ مِنَ الأَنْصَارِ، فَلَمَّا رَأَيَا النَّبِيَّ ﷺ أَسْرَعَا، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «عَلَى رِسْلِكُمَا؛ إِنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ»، فَقَالَا: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللهِ! قَالَ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ الإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّم، وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَرًّا» أَوْ قَالَ: «شَيْئًا»([1]).
وفي لفظ للبخاري: «إنَّ الشيطان يجري من ابنِ آدم مبْلغ الدَّم، وإنِّي خَشيتُ أن يقذفَ في قلوبكما»([2]).
وقد أورد العقلانيون لإبطال دلالة هذا الحديث عددًا من الشُّبَه نوردها فيما يلي.
شبهات العقلانيين حول الحديث:
الشبهة الأولى: أن جَرَيان الشيطان في الإنسان مجرى الدم ليس على ظاهره، وإنما هو كناية عن سرعة وقوع الإنسان في الهوى والشهوات، يقول أحد العقلانيين المعاصرين: (وهو ما نستبعده؛ لأن اللغة عرفت المجاز، وهو كناية على سرعة وقوع الإنسان في الهوى والشهوات، ومنها إساءة الظن، وكل ذلك من أفعال إبليس)([3]).
الجواب عن الشبهة:
ذكر العلماء في معنى الحديث عدة أقوال:
القول الأول: هو على ظاهره وأن الله تعالى جعل له قوة وقدرة على الجري في باطن الإنسان مجاريَ دمه.
القول الثاني: هو على الاستعارة لكثرة إغوائه ووسوسته، فكأنه لا يفارق الإنسان كما لا يفارقه دمه.
القول الثالث: يلقي وسوسته في مسامّ لطيفة من البدن، فتصل الوسوسة إلى القلب([4]).
يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله: (وقوله: «يبلغ» أو «يجري» قيل: هو على ظاهره وأن الله تعالى أقدره على ذلك. وقيل: هو على سبيل الاستعارة من كثرة إغوائه وكأنه لا يفارق كالدم فاشتركا في شدة الاتصال وعدم المفارقة)([5]).
وقال المناوي: («إِنَّ الشَّيْطَانَ» أي: كيده «يجري من ابن آدم» أي: فيه «مجرى الدم» في العروق المشتملة على جميع البدن)([6]).
قال القاضي: (وهذا إما مصدر، أي: يجري مثل جريان الدم في أنه لا يحسّ بجريه كالدم في الأعضاء. ووجه الشبه: شدة الاتصال، فهو كناية عن تمكُّنه من الوسوسة، أو ظرف لـ«يجري»، و«من الإنسان» حال منه أي: يجري مجرى الدم كائنا من الإنسان، أو بدل بعض من الإنسان أي: يجري في الإنسان حيث يجري فيه الدم)([7]).
وقال الطيبي: (عدّى يجري بـ«مِن» على تضمُّنه معنى التمكُّن، أي: يتمكّن من الإنسان في جرَيانه في عروقه مجرى الدم. وقوله: «مجرى الدم» يجوز كونه: مصدرا ميميًّا، وكونه اسم مكان.
وعلى الأول -كونه: مصدرا ميميًّا-: فهو تشبيه، شبّه كيد الشيطان وجريان وسوسته في الإنسان بجريان دمه وعروقه وجميع أعضائه، والمعنى: أنه يتمكّن من إغوائه وإضلاله تمكّنا تامّا، ويتصرف فيه تصرفًا لا مزيد عليه.
وعلى الثاني -أي: كونه اسم مكان-: يجوز كونه حقيقة فإنه تعالى قادر على أن يخلق أجساما لطيفة تسري في بدن الإنسان به سريان الدم فيه؛ فإن الشياطين مخلوقة من نار السموم، والإنسان من صلصال وحمأ مسنون، والصلصال فيه نارية، وبه يتمكّن من الجري في أعضائه، بدليل خبر البخاري معلقا: «الشَّيطانُ جاثمٌ على قلبِ ابنِ آدمَ؛ فإذا ذَكَرَ اللَّهَ خنسَ، وإذا غفلَ وَسوَسَ»([8]).
ويجوز كونه مجازا، يعني: أن كيد الشيطان ووسوسته تجري في الإنسان حيث يجري منه الدم من عروقه، والشيطان إنما يستحوذ على النفوس وينفث وساوسه في قلوب الأخيار بواسطة النفس الأمارة بالسوء، ومركبها الدم ومنشأ قواها منه، فعلاجه سدّ المجاري بالجوع والصوم؛ لأنه يقمع الهوى والشهوات التي هي أسلحة الشيطان)([9]).
وقال ابن الكمال: (هذا تمثيل وتصوير أراد تقرير أن للشيطان قوةً التأثير في السرائر، فإن كان متفردًا منكرًا في الظاهر فإليه رغبة روحانية في الباطن بتحريكه تنبعث القوى الشهوانية في المواطن)([10]).
وقال ابن تيمية: (وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ذكر صفية رضي الله عنها: «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِن الْإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ»، وقرب الملائكة والشيطان من قلب ابن آدم مما تواترت به الآثار، سواء كان العبد مؤمنا أو كافرا)([11]).
ويقول: (فالشيطان يطلع على وسوسة الإنسان لنفسه، ويعلم ما يميل إليه ويهواه من الخير والشر، فيوسوس له بحسب ذلك)([12]).
الشبهة الثانية: أن جريان الشيطان في الإنسان مجرى الدم خَبَرٌ لم يأت في كتابٍ ولا سُنَّة، ولا أجمعت عليه الأمة. وما ليس في الكتاب ولا في السُّنة ولا في الإجماع فهو باطل.
يقول أحمد بن يحيى العلوي منكرًا أن يكون في السنة ما يدلّ على جريان الشيطان في الإنسان: (ومما احتجوا به: «أن إبليس يجري من الإنسان مجرى الدم»، وهذا خَبَرٌ لم يأت في كتابٍ ولا سُنَّة، ولا أجمعت عليه الأمة. وما ليس في الكتاب ولا في السُّنة ولا في الإجماع فهو باطل؛ لأن الله يقول: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 38])([13]).
الجواب عن الشبهة:
قد ثبت بالبرهان اليقينيّ صدقُ رسالة الرسول ﷺ فيما أخبر به عن ربِّه، وأنه لا ينطق عن الهوى. وقد أجمع أهل العلم -وفيهم أئمة الزيدية- على تلقِّي ما رواه البخاري ومسلم بالقبول، سوى بعض الموارد التي كانت محلَّ تردُّد بين الأئمة المهرة في هذا الفن؛ فيُستدلُّ بالمتفق عليه من هذه المقدمات على المختلف فيه وهو: سلامة الحديث من الطعن، وصدق دلالته، وبطلان ما عارضه([14]).
والذي يتبدَّى من خلال رَقْمِهِ: أَنه ينفي في الأصل قيام دليل التصحيح من الكتاب أو من السُّنَّة. فأما نفيه لوجود ذلك في الكتاب فَقد يسلَّم، وأما نفي ورود الخبر بذلك في دواوين السنة فهو خَبَرٌ عن جَهْلِهِ بالوجود، لا عن انتفاء الوجود في نفس الأمر.
ومعلوم أن الحديث ثابت في أصح كتابين بعد كتاب الله باتفاق أهل العلم([15]).
الشبهة الثالثة: أن الشيطان ذليل حقير ضعيف منذ أخرجه الله من الجنة، ومن أذلَّه الله كيف يجعله قادرًا على التأثير في عباده، فيؤثر في قدراتهم وإرادتهم في الطاعة؟! يقول أحدهم: (الشيطان منذ خرج من الجنة فهو ذليل حقير ضعيف… ومن أذله الله كيف يُقْدِرُه على عباده، فيؤثر في قدراتهم وإرادتهم الطاعة؟! وهو ظن سيئ في الله أن يُحبَّ عباده الإيمان به، فيسلِّطَ عليهم من يضلِّهم عنه! وقال تعالى في حقه: {قَالَ ٱخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُوما مَّدْحُورا} [الأعراف: 18]، ولا يعقل لمن هذا شأنه أن يقدر على ما قدر عليه ربه من الوصول إلى أسرار القلوب، فيتلاعب بها ويوسوس فيها!)([16]).
الجواب عن الشبهة:
ضعف الشيطان الذي أضافه الله إليه في قوله: {إنَّ كَيْدَ ٱلشَّيْطَٰنِ كَانَ ضَعِيفًا} [النساء: 76] إنما هو في مقابل قدرة الله تعالى وحسن تدبيره؛ لا مطلقا([17]). يقول الألوسي: ({إنَّ كَيْدَ ٱلشَّيْطَٰنِ كَانَ ضَعِيفًا}: في حد ذاته، فكيف بالقياس إلى قدرة الله تعالى؟!)([18]).
فهذا الضعف المذكور لا ينفي ما أقدره الله عليه من الوسوسة، والإجلاب على العباد بخيله ورَجِلِه، والإيعاد بالشر؛ ليحملهم على غير الجادة التي فطرهم الله عليها. فهذا القَدْرُ معلومٌ بدلائل الكتاب والسنة، قال تعالى: {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَٰنُ أَعْمَٰلَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ ٱلْيَوْمَ مِنَ ٱلنَّاسِ} [الأنفال: 48]، وقال الله تعالى في الحديث القدسي: «إنِّي خلَقْتُ عبادي حُنَفاءَ، فاجْتالَتْهمُ الشَّياطينُ، وأمَرَتْهم أن يُشرِكوا بي ما لم أُنزِّلْ به سُلْطانًا»([19])([20]).
وقد دلت الأدلة أن الجن والشياطين كالإنس، فيهم جوانب قوة، وجوانب ضعف، قال تعالى: {إنَّ كَيدَ الشَّيطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} [النساء: 76]، وسنعرض لبعض هذه الجوانب التي عرفنا الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم بها.
أولًا: لا سلطان لهم على عباد الله الصالحين: فلم يعط الرَّب سبحانه الشيطان القدرة على إجبار الناس وإكراههم على الضلال والكفر: {إِنَّ عِبَادِي لَيسَ لَكَ عَلَيهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا} [الإسراء: 65]، {وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِالآخِرَةِ ممَّن هُوَ مِنهَا فِي شَكٍّ} [سبأ: 21].
ومعنى ذلك أن الشيطان ليس له طريق يتسلَّط بها عليهم، لا من جهة الحجة، ولا من جهة القدرة، والشيطان يدرك هذه الحقيقة: {قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [الحجر: 39، 40].
وإنما يتسلّط على العباد الذين يرضون بفكره، ويتابعونه عن رضا وطواعية: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ } [الحجر: 42]. وفي يوم القيامة يقول الشيطان لأتباعه الذين أضلّهم وأهلكهم: {وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي} [إبراهيم: 22]، وفي آية أخرى: {إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ} [النحل: 100]، والسلطان الذي أعطيه الشيطان هو تسلطه عليهم بالإغواء والإضلال، وتمكنه منهم، بحيث يؤزهم على الكفر والشرك ويزعجهم إليه، ولا يدعهم يتركونه، كما قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} [مريم: 83]، ومعنى تؤزهم: تحركهم وتهيّجهم.
وسلطان الشيطان على أوليائه ليس لهم فيه حجّة وبرهان، وإنما استجابوا له بمجرد دعوته إيَّاهم، لمّا وافقت أهواءَهم وأغراضهم، فهم الذين أعانوا على أنفسهم، ومكَّنوا عدوهم من سلطانه عليهم بموافقته ومتابعته، فلما أعطوا بأيديهم واستأسروا له سُلّط عليهم عقوبةً لهم. فالله لا يجعل للشيطان على العبد سلطانًا حتى يجعل له العبد سبيلًا بطاعته والشرك به، فجعل الله حينئذٍ له عليه تسلطًا وقهرًا([21]).
ثانيًا: خوف الشيطان من بعض عباد الله وهربه منهم: إذا تمكن العبد في الإسلام، ورسخ الإيمان في قلبه، وكان وقّافًا عند حدود الله، فإنّ الشيطان يفرق منه، ويفرّ منه، كما في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمر بن الخطاب: «والذي نفسي بيده، ما لَقِيك الشَّيْطان سَالكًا فجًّا إلى سَلَك فجًّا غير فجِّك»([22])([23]).
ثالثا: عجزهم عن الإتيان بالمعجزات: فلا تستطيع الجن الإتيان بمثل المعجزات التي جاءت بها الرسل تدليلًا على صدق ما جاءت به، فعندما زعم بعض الكفرة أن القرآن من صنع الشياطين قال تعالى: {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ * وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ * إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ} [الشعراء: 210-212]([24]).
رابعًا: لا يستطيع الجن أن يتجاوزوا حدودهم في أجواز الفضاء، قال تعالى: {يَٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ وَٱلْإِنسِ إِنِ ٱسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُواْ مِنْ أَقْطَارِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ فَٱنفُذُواْ لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَٰن * فَبِأَيِّ ءَالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظ مِّن نَّار وَنُحَاس فَلَا تَنتَصِرَان} [الرحمن: 33-35]. فمع قدراتهم وسرعة حركتهم لهم حدود لا يستطيعون أن يتعدَّوها، وإلا فإنهم هالكون([25]).
خامسًا: لا يستطيعون فتح باب أغلق وذكر اسم الله عليه كما ثبت في الصحيح: «إذا كانَ جُنْحُ اللَّيْلِ –أوْ: أمْسَيْتُمْ- فَكُفُّوا صِبْيانَكُمْ؛ فإنَّ الشَّياطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ، فإذا ذَهَبَ ساعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ فَخلُّوهُمْ، فأغْلِقُوا الأبْوابَ، واذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ؛ فإنَّ الشَّيْطانَ لا يَفْتَحُ بابًا مُغْلَقًا»([26])([27]).
الشبهة الرابعة: أن الحديث يستلزم الجبر؛ لأنه مَنْ كان يجري منا مجرى الدم فكيف نحذرُه ونتقيه؟!([28]).
الجواب عن الشبهة:
أن إخبار النبي ﷺ عن جريان الشيطان لا يلزم منه نقلًا ولا عقلًا سَلْبُ اختيار المُكلَّف. وهذا معلوم ببداهة النَّظر؛ فمع جَرَيان الشيطان في العبد، إلا أنه يُدرك ضرورة الفرق بين حركته الصادرة عن إرادته، وبين حركته الاضطرارية التي تصدر منه بلا إرادة وقصد، فإذا ثبت ذلك فغاية ما يسلَّط به الشيطان على العبد: الوسوسة، والتزيين، والإغواء.
وقد أبان الوحي غاية البيان عن العِصَمِ التي تعصم العبد من غوائله، والتي من أعظمها: الاستعاذة بالله تعالى، والالتجاء إليه في إبطال كيدِهِ ودفع ضرره، كما قال تعالى: {وَإِمَّا يَتَزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْعُ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [فصلت: ٣٦]([29]).
وقد ذكر ابن القيم رحمه الله عشرة أسباب تحرز العبد من الشيطان([30]):
أحدها: الاستعاذة بالله من الشيطان، قال تعالى: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [فصلت: 36].
الثاني: قراءةُ المعوذتين، فإن لهما تأثيرًا عجيبًا في الاستعاذة بالله تعالى من شره ودفعه والتحصن منه، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما تَعَوَّذَ المُتَعَوَّذُونَ بمِثْلِهِمَا»([31]).
الثالث: قراءةُ آية الكرسي، ففي الصحيح: إذا أويتَ إلى فراشِكَ فاقرأْ آيةَ الكرسي، فإنه لن يزالَ عليكَ مِنَ اللهِ حافظٌ، ولا يَقْرَبُكَ شيطانٌ حتى تُصْبِحَ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «صَدَقَكَ وَهو كَذُوبٌ، ذَاكَ الشَّيْطَانُ»([32]).
الرابع: قراءةُ سورة البقرة، ففي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُم قُبُورًا، وإنَّ البَيْتَ الذي تُقْرَأُ فيه البَقَرَةُ لا يَدْخلُهُ الشّيْطَانُ»([33]).
الخامس: خاتمة سورة البقرة، فقد ثبت في الصحيح: «مَنْ قرَأ الآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ في لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ»([34]).
السابع: قول: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير) مائةَ مرَّة، ففي الصحيحين: «مَنْ قَالَ: لا إلهَ إلّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ فِي يَوْمٍ مائةَ مَرَّةٍ كانَتْ لَهُ عِدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وكُتِبَتْ لَهُ مِئة حَسَنةٍ، وَمحِيَتْ عَنْهُ مِئَةُ سَيِّئَةٍ، وكانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيطانِ يَوْمَهُ ذلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ، وَلَمْ يَأْتِ أحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إلا رَجُلٌ عَمِلَ أكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ»([35]).
فإذا تبين ذلك علمنا أن استفهامه بقوله: فكيف نحذره ونتقيه؟! مغالطة لا تستقيم مع وجود هذه الأحاديث الصحيحة الصريحة التي أرشد فيها النبي صلى الله عليه وسلم العبد كيف يعتصم من الشيطان ويستدفعُ به شره ويحترز به منه.
الشبهة الخامسة: قال تعالى في حق إبليس: {قَالَ ٱخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُوما مَّدْحُورا} [الأعراف: 18]، {ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا} [الإسراء: 18]، ولا يعقل لمن هذا شأنه أن يقدر على ما قدر عليه ربه من الوصول إلى أسرار القلوب، فيتلاعب بها، ويوسوس فيها([36]).
الجواب عن الشبهة:
أما الاستدلال بقوله تعالى: {قَالَ ٱخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُوما مَّدْحُورا} [الأعراف: 18] فهو استدلال منقوص؛ لأنَّه بَتَرَ الدليل، واستدل بجُزئِه، وهذا غاية التلبيس، وإنما فعل ذلك لأن جزء الآية المتمِّم لها حجةٌ عليه، والآية بتمامها: {قَالَ ٱخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُوما مَّدْحُورا لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ}، فلما كان الجزء الذي أهمل ذِكْرَه يدل على نقيض مقصوده أغفله ولم يذكره. فتمامها يدل دلالة صريحةً أنَّ الشيطانَ متبوع، وأنَّ له أتباعًا، وهذه التبعية لا تتأتَّى إلا بدعوته وتزيينه ووسوسته لهم، وطاعتهم له فيما دعاهم إليه؛ وإلا لما كان تابع ولا متبوع. وكلُّ ذلك مما يَنقُض ما أصَّله قبل([37]).
قال ابن جرير رحمه الله: (وهذا قَسَم من الله -جل ثناؤه-، أقسم أنَّ مَن اتبع من بني آدم عدوَّ الله إبليس وأطاعه وصَدَّق ظنَّه عليه أن يملأ من جميعهم، يعني: من كَفَرة بني آدم تُبَّاع إبليس ومن إبليسٍ وذرِّيته جهنم. فرحم الله امرءًا كذَّب ظنَّ عدوِّ الله في نفسه، وخيَّب فيها أملَه وأمنيته)([38]).
وأما قوله: (ولا يعقل لمن هذا شأنه أن يقدر على ما قدر عليه ربه من الوصول إلى أسرار القلوب، فيتلاعب بها، ويوسوس فيها) فالرد عليه من ثلاثة أوجه:
الأول: عَدُّه إثبات ما ثبت في النصوص الشرعية من قدرة للشيطان على التزيين والوسوسة مساواةً لقدرة الرب تبارك وتعالى باطل، فهذه التسوية ممتنعةٌ؛ للفرق بين الحقيقتين. فالله خالقٌ، والشيطان مخلوق؛ وبحسب هذا الفرق ينشأ الفرق بينهما ذاتًا وصفاتٍ.
فكما أَنَّ ذاتَ اللهِ لا يماثلها شيء من الذوات فكذلك صفاته لا يماثلها شيء من الصفات. ومن تلك الصفات التي تتبع حقيقتُها حقيقةَ الذات صفة القُدرة، فقُدرة الرب تبارك وتعالى لا حدَّ ولا منتهى لها، ولا عائق يحول دونها، يحقق ذلك قوله :﴿إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [البقرة: 20]. وأما قدرة الشيطان فمخلوقة محدودة، لا تنفُذُ قدرته إلا بمشيئة الله، وهو الذي أقدره على الوسوسة، لا يستقل بقدرته عن الله تعالى([39]).
الثاني: دعواه أن الذي دلَّ عليه الخبر هو إسناد قدرةٍ للشيطان يرقى بها إلى معرفة أسرار القلوب. وهذه دعوى؛ إذْ لم ينطق النص السابق بنفي أو إثبات.
وما دام الأمر كذلك فلا يلزم من جريانه في الإنسان اطلاعه على ما في قلبه، وإن كان علم ما في القلب قد يقال: إنَّه ليس من الغيب الذي اختصّ به الرب تبارك وتعالى؛ بل قد يُطلع الله سبحانه الملائكةَ على بعض ما في قلب العبد، كما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا همَّ العبدُ بحسنةٍ كُتِبت له حسنةً، فإن عَمِلَها كُتِبت له عشرَ حسنات، وإذا همَّ بسيئةٍ لم تكتب عليه، فإن عمِلها كُتِبت سيئةً واحدة، وإن تَرَكها كُتِبت له حسنةً»([40])، وفي رواية لمسلم: «قالتِ الملائكةُ: ربِّ ذاك عَبْدٌ يُريدُ أن يعمل سيئةً -وهو أَبْصَرُ به- قال: ارقبوه، فإن عَملها، فاكتبوها بمثلها، وإن تركها فاكتُبوها حسَنَةً، إِنَّما تَركها مِن جَرَّايَ»([41]) .
فإذا كان الله قد يُطلِعُ بعض ملائكته على بعض ما يهمُّ به العبد من حسنة أو سيئة؛ دلَّ ذلك أنَّ وقوع العلم ببعض ما في القلب ليس من الغيب الذي يختص به الله عز وجل.
فأمْر إطْلاعِ الله الشيطان على بعض ما انطوت عليه القلوب جائز عقلًا، ويبقى وقوعه مرتهنًا بتصحيح الشرع له، وبذا ينْخرم أصل المنع المطلق الذي ادَّعاه وهوَّل به.
الثالث: نَفْيُه قدرة الشيطان على الوسوسة، وهذا منتهى المراغمة لما صدع به القرآن، قال تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} [سورة الناس].
ومن المعلوم أنَّ الوسواس الخَنَّاسَ الذي يوسوس في صدور الناس -كما في الآية- هما شيطان الإنس وشيطان الجن.
وإثبات الوسوسة -كما ثبت في النص- لا يلزم منه إثبات اطِّلاع الشيطان على أسرار القلوب، ولا إثبات قدرته على جبر العبد وسلب اختياره.
وأمَّا حَمْلُه لِما ثَبَت في الحديث من جريان الشيطان في الإنسان على المجاز فقولٌ مرجوحٌ، والحامل له على ذلك ما توهمه من كون إثبات الحقيقة يستلزم الجبر، وليس الأمر كما توهم كما سبق.
ثم إن دعوى المجاز لا يُصار إليها إلا بقرينة؛ إذ الأصل في الكلام الحقيقة، ولا قرينة هنا إلا ما توهم، وليس كل قرينة مُتَوَهَّمة تصلح لصرف الخبر عن ظاهره إلى المجاز. وإبقاء الحديث على ظاهره هو قول المحققين من أهل العلم؛ كالإمام ابن حزم الظاهري، وابن تيمية، وتلميذه ابن القيم([42]).
قال أبو محمد ابن حزم رحمه الله: (صح النصُّ بأنهم يوسوسون في صدور الناس، وأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فوجب التصديق بذلك حقيقةً)([43]).
وقال ابن تيمية رحمه الله: (…كما حَرَّم الدم المسفوح؛ لأنه مَجْمَعُ قوى النَّفس الشَّهَوِيَّة الغَضَبِيَّة، وزيادته توجب طغيان هذه القوى؛ وهو مجرى الشيطان من البدن، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الشَّيْطانَ يَجْرِي مِنَ ابْنِ آدَمَ مَجْرى الدَّمِ»)([44]).
وقال ابن قيم رحمه الله: (ولا ريب أنَّ ذِكْر اسم الله على الذبيحة يُطيِّبها، ويطرد الشيطان عن الذابح والمذبوح. فإذا أخل بذكر اسمه لابَسَ الشيطان الذابح والمذبوح، فأثَّر ذلك خُبثًا في الحيوان. والشيطان يجري في مجاري الدم من الحيوان، والدَّمُ مَرْكبُه وحامِلُه، وهو أخبث الخبائث… وهذه أمور إنما يصدِّق بها من أشرق فيه نور الشريعة وضياؤها، وباشر قلبَه بشاشةُ حكمها، وما اشتملت عليه من المصالح في القلوب والأبدان، وتلقَّاها صافيةً من مشكاة النبوة، وأحْكَمَ العقد بينها وبين الأسماء والصفات التي لم يطمس نورَ حقائقها ظُلمةُ التأويل والتحريف)([45]).
والخلاصة: أن العلماء ذكروا عدة أقوال في معنى الحديث، والقول الأظهر: أن دلالة الحديث على ظاهره وهي أن الشيطان قريب من الإنسان، بل يجري منه مجرى الدم، فيوسوس له في حال غفلته، ويخنس في حال ذكره، ومن خلال هذه الملازمة فإنه يعلم ما يهواه الإنسان من الشهوات فيزينها له، ويوسوس له بخصوصها.
وبهذا يتبين أنه ليس هناك ما يحيل إجراء الحديث على ظاهره، وكل ما اعترض به على الحديث لا ينهض لإبطال دلالته. والله أعلم([46]).
ختامًا: تناولت هذه الورقة الشبهات المثارة حول حديث الشيطان وجريانه في مجرى الدم لدى الإنسان، وتحليلها ومناقشتها بشكل موضوعي وعلمي، حيث تم استعراض الحديث بشكل دقيق ومن ثم تقديم الردود المناسبة والمقنعة لهذه الشبهات.
واستنتجنا أن الحديث يظلّ صحيحًا على ظاهره، وأن ما اعتُرِض به على الحديث لا ينهض لإبطال دلالته.
بهذا نكون قد قدَّمنا تحليلًا شاملًا لشبهات حديث الشيطان وجريانه في مجرى الدم، وقدَّم ردًّا مقنعًا يُظهر صحة الحديث وأنه على ظاهره، والحمد لله رب العالمين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)
([1]) أخرجه البخاري (3281)، ومسلم (2175).
([3]) إبليس في التصور الإسلامي (ص: 154).
([4]) ينظر: شرح النووي على صحيح مسلم (14/ 157).
([7]) انظر: فيض القدير (2/ 358).
([8]) أخرجه البخاري معلقًا بصيغة التمريض قبل حديث (٤٩٧٧).
([9]) انظر: فيض القدير (2/ 358).
([10]) انظر: فيض القدير (2/ 358).
([11]) مجموع الفتاوى (5/ 508).
([12]) مجموع الفتاوى (5/ 508).
([13]) الرد على مسائل المجبرة (ص: 329).
([14]) انظر: العواصم والقواصم (3/ 117).
([15]) انظر: دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث المتعلقة بمسائل الاعتقاد دراسة لما في الصحيح (ص: 642).
([16]) انظر: إبليس في التصور الإسلامي (ص: 154-155).
([17]) انظر: رموز الكنوز، للرسعني (1/ 561).
([20]) انظر: دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث المتعلقة بمسائل الاعتقاد دراسة لما في الصحيح (ص: 643).
([21]) انظر: عالم الجن والشياطين (ص: 31-32).
([22]) أخرجه البخاري (3294)، ومسلم (2396).
([23]) انظر: عالم الجن والشياطين (ص: 34).
([24]) انظر: عالم الجن والشياطين (ص: 37).
([25]) انظر: عالم الجن والشياطين (ص: 38).
([26]) أخرجه البخاري (٥٦٢٣)، ومسلم (٢٠١٢).
([27]) ينظر في هذا: عالم الجن والشياطين (ص: 31) وما بعدها.
([28]) انظر: الرد على مسائل المجبرة (ص: 329).
([29]) دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث المتعلقة بمسائل الاعتقاد دراسة لما في الصحيح (ص: 643).
([30]) انظر: بدائع الفوائد (2/ 809-816).
([31]) أخرجه أبو داود (١٤٦٣) وصححه الألباني في صفة الصلاة (١١٠).
([34]) أخرجه البخاري (4008)، ومسلم (807).
([35]) أخرجه البخاري (3293)، ومسلم (2691).
([36]) انظر: إبليس في التصور الإسلامي (ص: 155).
([37]) انظر: دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث المتعلقة بمسائل الاعتقاد دراسة لما في الصحيح (ص: 644).
([38]) تفسير الطبري (12/ 345).
([39]) انظر: دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث المتعلقة بمسائل الاعتقاد دراسة لما في الصحيح (ص: 644).
([40]) أخرجه البخاري (٧٥٠١)، ومسلم (١٢٨).
([42]) انظر: دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث المتعلقة بمسائل الاعتقاد دراسة لما في الصحيح (ص: 646).
([44]) مجموع الفتاوى (5/ 508).
([45]) إعلام الموقعين (3/ 424-425).
([46]) انظر: دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث المتعلقة بمسائل الاعتقاد دراسة لما في الصحيح (ص: 647).