مَنَاهِجُ التَّفكِيرِ المُوصِلَةُ للحقَائِقِ الشَّرعِيَّةِ والكَونِيَّة (14)
المعلومات الفنية للكتاب
عنوان الكتاب: مناهج التفكير الموصلة للحقائق الشرعية والكونية
اسم المؤلف: د. جعفر شيخ إدريس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود سابقًا ومؤسس الجامعة الأمريكية المفتوحة.
دار الطباعة: مركز البيان للبحوث والدراسات.
رقم الطبعة: الطبعة الأولى عام 1437ه – 2016م.
حجم الكتاب: غلاف في (267 ص).
· التعريف بالمؤلف
هو الشيخ الدكتور جعفر شيخ إدريس محمد صالح ، وُلد عام 1350 هـ بالسودان.
ومن منن الله عليه كما يرى أنه أصيب بحادث في مقتبل عمره أعاقه عن المشي أخَّر التحاقه بالدراسة، ولكنَّه من جانب آخر كان محفِّزًا ودافعًا للمنافسة والمثابرة، والتحق بأنصار السنة وهو في الحادية عشر من عمره، ومعهم عرف شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وصاحبهما منذ ذلك الحين وحتى الآن.
واهتمَّ بدروس العلم الشرعي حيث درس اللغة وبعض كتب المالكية، والأربعين النووية وبعض الصحاح ولا سيما صحيح البخاري.
ولما صعد نجم الفكر الشيوعي انضم إلى حركة التحرير الإسلامي المقاومة لذلك الفكر في ذلك الحين، وكان نشطاً في الحركة يقيم المحاضرات ويُلقي الدروس.
ثم درس فلسفة العلوم والاقتصاد في جامعة الخرطوم، وكان أحد أبرز القيادات الطلابية حتى إنه عين رئيساً لاتحاد طلاب الجامعة، وقد واصل دراساته العليا حتى مرحلة الدكتوراه حيث حازها عام 1970م من جامعة الخرطوم في فلسفة العلوم، ثم صار مدرِّسا فيها.
وغادر الشيخ بلاده بعد فترة لظروف سياسية، حيث هاجر إلى ليبيا ثم إلى لندن ثم السعودية، وفيها عين مدرِّسًا في جامعة الملك سعود وأشرف على كثير من رسائل الماجستير والدكتوراه فيها، ثم عُيَّن مديرًا لقسم البحث بمعهد العلوم الإسلامية والعربية في أمريكا التابع لجامعة الإمام ثم عمل مستشاراً للمعهد، وأسس الجامعة الأمريكية المفتوحة وأصبح مديراً للهيئة التأسيسية للجامعة.
وبجانب عمله كان مهتمًّا بإلقاء الدروس والمحاضرات، وحضور المؤتمرات والندوات في كثير من الجامعات والمراكز الإسلامية في أنحاء العالم، كما أن له مشاركة في الجوانب الإعلامية ككتابة المقالات باللغتين العربية والإنجليزية وبرامج الإذاعة والتلفزيون.
صدرت له كتب طارت بها الرُّكبان؛ كالسلسلة التي صدرت عن مركز البيان والتي بدأت بكتاب (الفيزياء ووجود الخالق)، ثم تلاه كتاب (صراع الحضارات)، وبالأمس صَدر كتاب (الإسلام لعصرنا)، واليوم بين أيدينا هذا الكتاب (مناهج التفكير الموصلة للحقائق الشرعية والكونية)([1]).
وجميع هذه السلسلة هي في الأصل مقالات متفرِّقة للشيخ جُمعت في مركز البيان ونُشرت في كتاب واحد. معتنى بها بوضع عناوين جانبية ورسوم توضيحية تسهِّل القراءة وتربط الأفكار.
· التعريف بالكتاب وهدفه
انشغل الدارسون في الآونة الأخيرة غربًا وشرقًا بنظرية المعرفة، خاصة مع صعود نجم المنهج التجريبي الذي استأثر بلقب (المنهج العلمي)، وأوهم العالم أنه المنهج الحق الذي لا سبيل إلى إدراك الحقائق والعلوم إلا به، وهذا ما دفع المسلمين إلى إبراز التصور الإسلامي المتكامل في تلك القضية، والكتاب الذي بين أيدينا من أميز الكتب التي وُفِّقت في ذلك، حيث تطرَّق لبيان التصور الإسلامي للعلم ماهيته ومصادره ووسائله ومناهجه وتكامل منهجه، مرفِقًا ذلك بمقارنته بغيره من المناهج والتصورات.
· خطة البحث
تكاملت أجزاء هذا الكتاب وتعاضدت بعد أن كانت متفرقة في مقالات، فظهرت متناسقةً في أربعة أقسام.
القسم الأول عن: المنهج العلمي الموصل إلى حقائق الدين الإسلامي، وتفرَّع الحديث فيه إلى أربعة مواضيع:
- أولها: الأجوبة الإسلامية عن الأسئلة الفلسفية، وفيه بيَّن أن الفلسفة الإسلامية الحقة ليست فلسفة الفارابي ولا ابن سينا وأمثالهما، وإنما هي الأجوبة المبثوثة في مصادر الإسلام الأساسية (القرآن والسنة) عن أسئلة الفلسفة المشهورة، وأكَّد أن استخراج الأجوبة الحقة بالغوص في أعماق تلك المصادر هي مهمَّة الفيلسوف المسلم، فالعلماء الفقهاء المتبحِّرون هم ممثِّلو الفكر الإسلامي دون غيرهم، ثم أجاب عن بعض تلك الأسئلة خاصة أسئلة المعرفة مثل؛ ما العلم؟ كيف نعلم؟ هل هناك علم مغروس فينا أم نولد صفحة بيضاء؟ وبعد تحريرها فصَّل الحديث عن وسائل المعرفة ومصادرها ومناهجها، وجلَّى تفرُّد التصوُّر الإسلامي بين الملحدين بمصدرية الوحي، وبين المتدينين الميتافيزيقيين باستدلاله بشواهد الكون على مصدرية الوحي.
- ثانيها: مقدمة عن المنهج العلمي والمناهج المخالفة، ويقصد بالمنهج العلمي كل طريقة في البحث توصل صاحبها إلى الحقيقة في المجال الذي يبحث فيه، ولا يقصد ما ذاع بين الناس بأنه المنهج التجريبي، ثم عرَّج على تفنيد شبهات تثار حول مصادر التصوُّر الإسلامي للمنهج العلمي؛ كالتاريخية وحرية فهم النص.
- ثالثها: النسبية، وفيه نقض شبهة النسبيَّة، وفرَّق بين المصطلح الفيزيائي والفلسفي، وبيَّن أن مقصوده هنا المصطلح الفلسفي التي ترى عدم وجود معيار ثابت للتفريق بين الصواب والخطأ.
- رابعها: المنهج العلمي الموصل إلى حقائق الدين الإسلامي، وافتتحه ببيان ركنيه وهما: التماس الحقائق في مصدرها الصحيح وسلوك السبل المناسبة للبحث عن الحقائق التي يتضمنها ذلك المصدر، ثم تطرَّق لمصدري حقائق الدين الإسلامي وهما: الكتاب والسنة، وعقَّبه بالرد على بعض شبه المقلِّدة، وبعد ذلك شرع في بيان منهج اكتشاف حقائق الدين الإسلامي حيث يجعل من اللغة والعقل شرطين لمعرفة معاني النصوص، ويدعو إلى فهم القرآن بالقرآن وبالسنة وأقوال الصحابة، واعتبار الإجماع دليلًا على وجود الحقيقة المجمع عليها في الكتاب والسنة، واعتبار القياس طريقًا إلى استنباط الحقائق من النصوص، ثم طفق يتحدَّث عن كل مسألة من هذه المسائل بدءًا باللغة والعقل مرورًا بالوحي (القرآن والسنة) وما معهما من الإجماع والقياس معقِّبًا الوحي بالكون حيث يُعتبر مصدرًا من مصادر الحقائق الشرعية أيضًا.
وأما القسم الثاني فكان عن: الفطرة السليمة ومعايير العقلاء، وتفرَّع الحديث فيه إلى ثلاثة مواضيع:
- أولها: التصور الإسلامي للإنسان أساسٌ لفلسفة الإسلام التربوية، وافتتحه ببيان أهميته ثم ذكر مذاهب الناس الثلاثة في حقيقة الإنسان، وبيَّن المذهب الإسلامي في ذلك وهو أن الإنسان خيِّرٌ بطبيعته، ودلَّل على كونه المذهب الحق، وأنه الأفضل فكرًا وسلوكًا، وأن منهج التربية الإسلامية يجب أن تنطلق من هذا التصور.
- ثانيها: مفهوم العقل، وفيه تطرَّق للتكامل بين الشرع والعقل وعدم التعارض، ووضَّح أن العقل ينقسم إلى غريزي ومكتسب، ثم سردَ معاني العقل في القرآن.
- ثالثها: معايير العقلاء، وفيه بيَّن أن هناك معايير مشتركة بين كل البشر بها يتواصل البشر، وقد أوردها القرآن وافترض أن كل البشر يدرِكها كما عبَّر المؤلف، ثم طفق يسرد تلك المعايير واحدة تلو الأخرى مرفقة بأدلتها؛ كالقوانين المنطقية (المبادئ الفطرية) والإيمان بشهادة الحس والسنن الكونية واستجلاب النافع واجتناب عكسه وحب الجمال والقيم الخلُقية.
وأما القسم الثالث فكان عن: نظرية المعرفة والتأصيل الإسلامي للعلوم، وتفرَّع الحديث فيه إلى ثلاثة مواضيع:
- أولها: مشكلة الموضوعية في العلوم، وابتدأه بذكر أسباب طرحه، ثم وضَّح المقصود بالموضوعية، واهتمام الغرب بتأريخ العلوم، ثم ابتدأ الحديث عن أطر المعرفة والأمر المثير في طرحه أنه لخَّص بيراعته كثيرًا من نظريات وآراء فلاسفة الغرب في حينه، والأكثر إثارة من ذلك أنه يرى أننا في وقتنا الحالي نعيش في علومنا الإطار الإلحادي للمعرفة من ناحية إجمالية، وعضَّد رؤيته تلك بشواهد من نصوص أرباب علماء الغرب وفلاسفتهم، ثم تكلَّم عن الأطر الخاصة داخل الإطار العام، ثم أفصح عن الموقف الحقّ من كلِّ تلك الأطر المعرفية.
- ثانيها: إسلامية العلوم وموضوعيتها، وفيه فصَّل القول في مسألة الموضوعية وأسلمة العلوم ومواقف الناس تجاهها وطرح رؤيته وبسط الأدلة، ثم شرع في بيان الإطار المعرفي الشائع في عصرنا، وهنا أعاد الحديث مرة أخرى عن نشأة الفلسفة الحديثة، وأكد أنها نشأت مناهضة للدين، ووضح تكامل الإطار الإسلامي، وأهمية إبرازه على أنه الإطار الأكمل والأصلح للبشر كلهم بالقياس العقلي.
- ثالثها: قضايا في فلسفة العلوم بين الفكر الإسلامي والغربي، وقد افتتحه بذكر مجالي الفلسفة العلمية والعلاقة بينهما، وبيَّن أن كثيرًا من الأسئلة التي يثيرها فلاسفة العلوم اليوم قد أثارها علماء الإسلام منذ قرون؛ مما يؤكد وحدة العقول البشرية، وردَّ على وهْم التفريق بين المنطق الغربي والشرقي، ثم وضَّح المقصود بفلسفة العلوم وذكر مجالاتها، ثم قارَن بين فلسفة العلوم وبين ما عند المسلمين، وعقَّبه ببيان مزايا الإطار الإسلامي للعلوم، وعضَّده بذكر أمثلة؛ كقضية فاعلية الأسباب، وقضية تعدد الأسباب، وانتقاد الحد الأرسطي، وعدم استلزام تعدد الصفات لتعدد الذوات.
وفي آخر هذا القسم أسئلة ومداخلات والرد عليها؛ إذ أصل المادة محاضرة مفرغة.
وأما القسم الرابع فعنوانه: علوم الدين والعلوم التجريبية، وتفرَّع الحديث فيه إلى ثلاثة موضوعات:
- أولها: علاقة العلم بالدين: العبث بالألفاظ والخلط في التصورات، وابتدأه بذكر أهمية تحرير المصطلحات ودلالاتها ومثَّل للخلط في ذلك بمصطلح (العلم) الذي يُقصد به العلم التجريبي الغربي، ثمَّ حرر الشبهة التي تقول بأن العلم التجريبي يوضِّح لنا معان في القرآن لم تتضح للسلف وذلك بالتفريق بين فهم الآية وتأويلها (معاينة حقيقتها).
- ثانيها: حقائق العلوم التجريبية حقائق شرعية، وفي مبتدأه حرَّر دعوى من يقول بأن حقائق العلوم الطبيعية متغيرة، وأثبت أن الحقائق التي تُثبتها العلوم الطبيعية والمستندة إلى الأدلة الصحيحة أمرَ الشرع بالأخذ بها، ودَرَأَ تعارض الشرع والعلم التجريبي القائم على الأدلة الحقَّة.
- ثالثها: علوم الدين والعلوم التجريبية، واستهلَّه بالحديث عن أهمية درء تعارض الدين الإسلامي والعلم التجريبي الصحيح، وثنَّى بذكر قاعدةٍ في جدال أهل الباطل، ونبَّه على بعض أخطاء المجادلين المسلمين، ثم عقَّب بذكر الطريقة المناسبة لمناقشة النزعة العلموية حيث إن الفكر الإسلامي هو الوحيد القادر على الصمود أمام الموجة العلموية لكونها تعتمد على العقل والحس في إثبات صحَّتها لا على مجرَّد التسليم، ثم أورَد قانون ابن تيمية رحمه الله في التعارض بين الشرع وبين العقل، وذكر أنه يمكن الاستفادة منه في دعوى التعارض بين العلم التجريبي والشرع، وختم بالحث على مكافحة شبهات العصر والردَّ عليها إلى جانب الاهتمام بتأصيل علم الشرع وقراءة كتب السَّلف.
والكتاب يمتاز بسهولة لغته إلى جانب قوة تحريراته، كما يمتاز أيضًا بسوقه الأدلة مع الأفكار التي يطرحها.
وإذا كان من ملاحظة يمكن أن نسجلها على الكتاب، فهي تكرار بعض المعلومات والأفكار بعبارات متقاربة، ويرجع سبب ذلك إلى كون أصل الكتابات مقالات ومحاضرات متفرقة، جُمعت من قِبل مركز البيان لا من الكاتب نفسه، ومن ذلك حديثه عن نشأة الفلسفة الحديثة بخلفية معارضة للدين فقد تكررت الفقرات نفسها في ص164 وما بعدها بما في ص146 وما بعدها، وكذلك تكرر إيراد قصة الجهم مع السمنية مرتين للاستشهاد بها على التأثُّر بالمبتدعة بنصوص متقاربة ص 239.
([1]) وللاستزادة ينظر: http://www.jaafaridris.com/%D8%AA%D8%B9%D8%B1%D9%8A%D9%81-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%AE-%D8%AF-%D8%AC%D8%B9%D9%81%D8%B1-%D8%B4%D9%8A%D8%AE-%D8%A5%D8%AF%D8%B1%D9%8A%D8%B3/.