السبت - 28 شوّال 1446 هـ - 26 ابريل 2025 م

حديث كذبات إبراهيم عليه السلام | تحليلٌ ومناقشة

A A

 

 يحلو لكثير ممن خالف المنهج الإسلامي أو جهله أن يتصيد الغرائب التي قد يظن أنها تؤيد فكرته؛ لتكون شهرة له أو تشهيرًا لمنهجه، والمؤمن يعلم أن هذا من قبيل الغثاء الذي يزول ولا يبقى؛ يقول تعالى: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ} [الرعد: 17].

وفي هذا المقال عرضٌ لواحدة من تلك الغرائب التي اتخذها بعضهم ذريعة لتضعيف الأحاديث الصحيحة؛ بدعوى مخالفتها للقرآن الكريم، وتفصيل الرد عليها.

محصل الشبهة:

اشتبه على بعضهم ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لم يكذب إبراهيم عليه السلام إلا ثلاث كذبات… » مع قوله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا} [مريم: 41]، فقالوا: قد سمى الله تعالى إبراهيم عليه السلام في القرآن الكريم صديقًا، فكيف يصح إطلاق الكذب عليه؟! هذا محصل شبهتهم في تضعيف الحديث، وإليك بيان الرد عليها.

نص الحديث:

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لم يكذب إبراهيم النبي عليه السلام، قط إلا ثلاث كذَبات، ثنتين في ذات الله: قوله: {إِنِّي سَقِيمٌ} [الصافات: 89]، وقوله: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} [الأنبياء: 63]، وواحدة في شأن سارة، فإنه قدم أرض جبار ومعه سارة، وكانت أحسن الناس، فقال لها: إن هذا الجبار، إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك، فإن سألك فأخبريه أنك أختي، فإنك أختي في الإسلام؛ فإني لا أعلم في الأرض مسلمًا غيري وغيرك…» الحديث([1]) .

الجواب عن شبهتهم:

يجاب عن شبهتهم حول تضعيف هذا الحديث من وجهين؛ إجمالي وتفصيلي:

أولًا: الرد الإجمالي على الشبهة:

  • هذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ فقد رواه إماما الحديث – البخاري ومسلم – رحمهما الله في صحيحيهما، اللذين هما أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى، وقد أجمعت الأمة على صحة أحاديثهما، وعلى القطع بذلك؛ لتلقي الأمة لهما بالقبول، وهذا التلقي وحده أقوى في إفادة العلم من مجرد كثرة الطرق القاصرة عن حد التواتر، قاله الحافظ ابن حجر([2])، ولم يطعن أحد من أئمة الحديث المتقدمين في هذا الحديث، وعليه فإنه يمكن القطع بأن النبي صلى الله عليه وسلم قاله، وليس في هذا نسبة الكذب لنبي الله إبراهيم عليه السلام، وهذا يقودنا إلى النقطة الآتية.
  • أن صاحبي الصحيحين – البخاري ومسلم – يروون الأحاديث الثابتة عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فهما يبحثان عن صحة السند، واستيفاء شروط الصحة، أمَّا ما يتعلق بالدلالة ووجوهها واشتباه التعارض – أعني: في الظاهر وليس على الحقيقة – بين الحديث والآية فله مجال آخر، ويبحث فيه في علم أصول الفقه، في أبواب التعارض والترجيح؛ إذ هو من مباحث الدَّلالة وليس من مباحث الرواية.
  • من المعلوم سلفًا: أنه لا وجودَ للتعارض البتة بين القرآن والسنة؛ فإن السنة شارحة للقرآن ومبينة ومفصلة لأحكامه، وكيف يأتي التعارض بينهما وكلاهما وحي من الله تعالى؟! يقول تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3، 4]، أي: ما يقول النبي صلى الله عليه وسلم قولًا عن هوًى وغرض، وإنما يقول ما أُمر به، يبلغه إلى الناس كاملًا موفرًا من غير زيادة ولا نقصان([3]).

وعليه فلا مخالفة بين قوله تعالى:  {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا} [مريم: 41]، وبين قوله صلى الله عليه وسلم: «لم يكذب إبراهيم النبي عليه السلام، قط إلا ثلاث كذبات…»، وإنما هو من قبيل التعارض الظاهري الذي سرعان ما يزول بالعلم الذي يرفع الجهالة، عن طريق بيان الأمر على حقيقته والجمع بين النصوص على وجهها الصحيح.

  • قوله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا} [مريم: 41]، والصِّديق: صيغة مبالغة في كون إبراهيم عليه السلام صادقًا، أي: من عادته الصدق، كثرةً وقيامًا عليه([4])، ولا شك في أن هذا الوصف كان ملازمًا لإبراهيم عليه السلام، لا ينفك عنه أبدًا، وما جاء في الحديث فمعناه: أن إبراهيم عليه السلام لم يتكلم بكلام صورته صورة الكذب – وإن كان حقًّا في الباطن – إلا هذه الكلمات، ولما كان مفهوم ظاهرها خلاف باطنها أشفق إبراهيم عليه السلام بمؤاخذته بها([5]). وتفصيل ذلك فيما تراه في السطور الآتية.

ثانيًا: الرد التفصيلي على الشبهة:

  • إن إطلاق النبي صلى الله عليه وسلم الكذب على الأمور الثلاثة ليس على حقيقته، وإنما هو من باب أن يقول القائل قولًا يعتقده السامع كذبًا، لكنه عند التحقيق وواقع الأمر ليس كذبًا، وهذه الثلاثة كلها خارجة عن الكذب لا في القصد ولا في غيره؛ وإنما هي من باب المعاريض التي فيها مندوحة عن الكذب([6])، وتفصيل ذلك:
  • قوله: {إِنِّي سَقِيمٌ}، أي: عليل ومريض. وهذا يحتمل أن يكون إبراهيم عليه السلام أراد بذلك: إني سأسقم – قاله الحسن البصري والضحاك([7]) – أي: أن كل مخلوق معرَّض لذلك، فاعتذر لقومه من الخروج معهم إلى عيدهم بهذا. ولا يبعد هذا من جهة اللغة؛ فإن اسم الفاعل يستعمل بمعنى المستقبل كثيرًا.

وقيل: إني سقيم بما قُدِّر عليَّ من الموت.

وقيل: بل سقيم القلب بما أشاهده من كفركم وعنادكم. وكل هذا ليس فيه كذب، بل هو خبر صحيح صدق([8]).

  • قوله {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا}، وفيه: أن إبراهيم عليه السلام علَّق خبره بشرط نطق كبيرهم، كأنه عليه السلام قال: إن كان ينطق فهو فعله، على طريق التبكيت لقومه، وهذا صدق أيضًا ولا خلف فيه.

وقيل: إن إبراهيم قال لهم هذا على جهة الاحتجاج عليهم، أي: إنه غار وغضب من أن يُعبد هو [يعني: كبيرهم] ويُعبد الصغار معه، ففعل هذا بها لذلك، إن كانوا ينطقون فاسألوهم، فعلَّق فعل الكبير بنطق الآخرين؛ تنبيهًا لهم على فساد اعتقادهم، كأنه قال: بل هو الفاعل إن نطق هؤلاء.

أو يقال: قال لهم إبراهيم عليه السلام هذا الكلام ليقولوا: إنهم لا ينطقون ولا ينفعون ولا يضرون، فيقول لهم إبراهيم عليه السلام: فلم تعبدونهم؟ فتقوم عليهم الحجة منهم، ولهذا يجوز عند الأمة فرض الباطل مع الخصم؛ حتى يرجع إلى الحق من ذات نفسه، فإنه أقرب في الحجة وأقطع للشبهة، قاله القرطبي([9]).

  • قوله: “هذه أختي”، يعتذر عنه بأن مراده أنها أخته في الإسلام – وقد جاء ذلك مصرحًا به في الحديث – وهو صدق، والله تعالى يقول: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10].
  • مدافعة إبراهيم الكفار بقولٍ عَرَّض به، هو فيه من وجهٍ صادقٌ، وهذه الثلاث كلها في حق غيره ليست بذنوب، لكن إبراهيم عليه السلام أشفق منها؛ إذ لم يكن عن أمر الله([10]).
  • أن المعاريض تباح عند الحاجة الشرعية، وقد تُسمَّى كذبًا باعتبار؛ لأن الكلام يعني به المتكلم معنًى، وذلك المعنى يريد أن يُفهمه المخاطَب، فإذا لم يكن على ما يعنيه فهو الكذب المحض، وإن كان على ما يعنيه ولكن ليس على ما يفهمه المخاطب فهذه المعاريض، وهي كذب باعتبار الأفهام، وإن لم تكن كذبًا باعتبار الغاية السائغة([11]) .
  • ويقال لأصحاب هذه الشبهة: على فرض التسليم بأن هذه الثلاثة من قبيل الكذب، لا من المعاريض والتورية، فإنه كذب غير مذموم، بل هو جائز بل واجب؛ لكونه في نصرة الحق ومحاجة أهل الباطل ودفع الظالم؛ لذا نبَّه النبي صلى الله عليه وسلم بذلك على أن هذه الكذبات ليست داخلة في مطلق الكذب المذموم، وقد اتفق الفقهاء على جواز الكذب فيما هو أقل من هذا: فإنه لو جاء ظالم يطلب إنسانًا مختفيًا ليقتله، أو يطلب وديعة لإنسان ليأخذها غصبًا، وسُئل عن ذلك، فإنه يجب على من علم ذلك إخفاؤه، وإنكار العلم به([12]).

خلاصة القول:

إن الآية الكريمة محكمة في اتصاف إبراهيم عليه السلام بالصدق، والحديث صحيح لا مرية في ذلك، ومعناه: أن الكذبات المذكورة إنما هي بالنسبة إلى فهم المخاطب والسامع وأمَّا في نفس الأمر فليست كذبًا مذمومًا؛ يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: “والثلاث معاريض وملاحة؛ فإنه قصد باللفظ ما يطابقه في عنايته، لكن لما أفهم المخاطب ما لا يطابقه سُمِّي كذبًا”([13]).

وعلى المؤمن أن يوقن بصدق الرسل جميعًا؛ فإن دلالة العقل تصرف ظاهر إطلاق الكذب على إبراهيم عليه السلام؛ وذلك أن العقل قطع بأن الرسول ينبغي أن يكون موثوقًا به؛ ليُعلم صدق ما جاء به عن الله، ولا ثقة مع تجويز الكذب عليه، فكيف مع وجود الكذب منه؟! وإنما أُطلق عليه ذلك؛ لكونه بصورة الكذب عند السامع، وعلى تقدير وقوعه فلم يصدر ذلك من إبراهيم عليه السلام – يعني: إطلاق الكذب على ذلك – إلا في حال شدة الخوف لعلو مقامه، وإلا فالكذب المحض في مثل تلك المقامات يجوز، وقد يجب؛ لتحمل أخف الضررين دفعًا لأعظمهما، وأما تسميته إياها كذبات فلا يريد أنها تذم؛ فإن الكذب وإن كان قبيحًا مخلًّا، لكنه قد يحسن في مواضع، وهذا منها، قاله ابن عقيل([14]).

والله تعالى نسأل أن يمنَّ علينا بفهمٍ ينير بصائرنا، ويزيدنا هدًى، ويعصمنا من الزلل.


([1]) رواه البخاري (3358)، مسلم (2371)، واللفظ لمسلم.

([2]) ينظر: نزهة النظر (ص: 60).

([3]) تفسير ابن كثير (7/ 443).

([4]) ينظر: تفسير البغوي (5/ 233)، ومفاتيح الغيب (21/ 542).

([5]) ينظر: الشفا (2/ 141).

([6]) ينظر: الشفا بتعريف حقوق المصطفى (2/ 140).

([7]) ينظر: تفسير البغوي (7/ 45)، والشفا (2/ 140).

([8]) ينظر: الشفا (2/ 140)، ومفتاح دار السعادة (2/ 36)، وفتح الباري (6/ 391).

([9]) تفسير القرطبي (11/ 299- 300)، وينظر: الشفا (2/ 141)، ومفتاح دار السعادة (2/ 36)،.

([10]) ينظر: إكمال المعلم بفوائد مسلم (1/ 575).

([11]) ينظر: مجموع الفتاوى (28/ 223).

([12]) ينظر: شرح النووي على مسلم (15/ 124).

([13]) الفتاوى الكبرى (6/ 107).

([14]) ينظر: فتح الباري (6/ 392).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جديد سلف

القول بالصرفة في إعجاز القرآن بين المؤيدين والمعارضين

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: إنَّ الآياتِ الدالةَ على نبوّة محمدٍ صلى الله عليه وسلم كثيرة كثرةَ حاجة الناس لمعرفة ذلك المطلَب الجليل، ثم إن القرآن الكريم هو أجلّ تلك الآيات، فهو معجزة النبي صلى الله عليه وسلم المستمرّة على تعاقُب الأزمان، وقد تعدَّدت أوجه إعجازه في ألفاظه ومعانيه، ومع ما بذله المسلمون […]

الطاقة الكونية مفهومها – أصولها الفلسفية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة تمهيد: إن الله عز وجل خلق الإنسان، وفطره على التوحيد، وجعل في قلبه حبًّا وميلًا لعبادته سبحانه وتعالى، قال الله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [الروم: 30]، قال السعدي رحمه الله: […]

موقف الليبرالية من أصول الأخلاق

مقدمة: تتميَّز الرؤية الإسلامية للأخلاق بارتكازها على قاعدة مهمة تتمثل في ثبات المبادئ الأخلاقية وتغير المظاهر السلوكية، فالأخلاق محكومة بمعيار رباني ثابت يحدد مسارها، ويمنع تغيرها وتبدلها تبعًا لتغير المزاج البشري، فحسنها ثابت الحسن أبدًا، وقبيحها ثابت القبح أبدًا، إذ هي تحمل صفات ثابتة في ذاتها تتميز من خلالها مدحًا أو ذمًّا خيرًا أو شرًّا([1]). […]

حجاب الله تعالى -دراسة عقدية-

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   مقدمة: معرفة الله سبحانه وتعالى هي قوت القلوب، ومحفِّزها نحو الترقِّي في مقامات العبودية، وكلما عرف الإنسان ربَّه اقترب إليه وأحبَّه، والقلبُ إذا لم تحرِّكه معرفةُ الله حقَّ المعرفة فإنه يعطب في الطريق، ويستحوذ عليه الكسل والانحراف ولو بعد حين، وكلما كان الإنسان بربه أعرف كان له أخشى […]

ترجمة الشَّيخ د. عبد الله بن محمد الطريقي “‏‏أستاذ الفقه الطبي والتاريخ الحنبلي” (1366-1446هـ/ 1947-2024م)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   اسمه ونسبه([1]): هو الشيخ الأستاذ الدكتور عبد الله بن محمد بن أحمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمود بن محمد الطريقي، الودعاني الدوسري نسبًا. مولده: كان مسقط رأسه في الديار النجدية بالمملكة العربية السعودية، وتحديدا في ناحية الروضة الواقعة جنوبي البلدة (العَقْدَة) -ويمكن القول بأنه حي من […]

ضبط السنة التشريعية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: السنة النبوية لها مكانة رفيعة في التشريع الإسلامي، فهي المصدر الثاني بعد القرآن الكريم، وهي التطبيق العملي لما جاء فيه، كما أنها تبيّن معانيه وتوضّح مقاصده. وقد وردت آيات وأحاديث كثيرة تأمر بطاعة النبي صلى الله عليه وسلم والعمل بسنته، وتحذّر من مخالفته أو تغيير سنته، وتؤكد أن […]

القواعد الأصولية لفهم إطلاقات السلف والتوفيق بينها وبين تطبيقاتهم العملية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: تُعدّ مسألة التعامل مع أقوال السلَف الصالح من أهمّ القضايا التي أُثيرت في سياق دراسة الفكر الإسلامي، خاصةً في موضوع التكفير والتبديع والأحكام الشرعية المتعلقة بهما؛ وذلك لارتباطها الوثيق بالحكم على الأفراد والمجتمعات بالانحراف عن الدين، مما يترتب عليه آثار جسيمة على المستوى الفردي والجماعي. وقد تعامل العلماء […]

التدرج في تطبيق الشريعة.. ضوابط وتطبيقات

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: إن الله تعالى أرسل الرسل وأنزل الكتب ليقوم الناس الناس بالقسط، قال تعالى: ﴿‌لَقَدۡ ‌أَرۡسَلۡنَا ‌رُسُلَنَا بِٱلۡبَيِّنَٰتِ وَأَنزَلۡنَا مَعَهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡمِيزَانَ لِيَقُومَ ٱلنَّاسُ بِٱلۡقِسۡطِ﴾ [الحديد: 25] أي: “ليعمل الناس بينهم بالعدل”[1]. والكتاب هو النقل المُصَدَّق، والميزان هو: “العدل. قاله مجاهد وقتادة وغيرهما”[2]، أو “ما يعرف به العدل”[3]. وهذا […]

تأطير المسائل العقدية وبيان مراتبها وتعدّد أحكامها

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: إنَّ علمَ العقيدة يُعدُّ من أهم العلوم الإسلامية التي ينبغي أن تُعنى بالبحث والتحرير، وقد شهدت الساحة العلمية في العقود الأخيرة تزايدًا في الاهتمام بمسائل العقيدة، إلا أن هذا الاهتمام لم يكن دائمًا مصحوبًا بالتحقيق العلمي المنهجي، مما أدى إلى تداخل المفاهيم وغموض الأحكام؛ فاختلطت القضايا الجوهرية مع […]

توظيف التاريخ في تعزيز مسائل العقيدة والحاضر العقدي

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: إنَّ دراسةَ التاريخ الإسلاميِّ ليست مجرَّدَ استعراضٍ للأحداث ومراحل التطور؛ بل هي رحلة فكرية وروحية تستكشف أعماقَ العقيدة وتجلّياتها في حياة الأمة، فإنَّ التاريخ الإسلاميَّ يحمل بين طياته دروسًا وعبرًا نادرة، تمثل نورًا يُضيء الدروب ويعزز الإيمان في قلوب المؤمنين. وقد اهتم القرآن الكريم بمسألة التاريخ اهتمامًا بالغًا […]

تصفيد الشياطين في رمضان (كشف المعنى، وبحثٌ في المعارضات)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  تمهيد يشكِّل النصُّ الشرعي في المنظومة الفكرية الإسلامية مرتكزًا أساسيًّا للتشريع وبناء التصورات العقدية، إلا أن بعض الاتجاهات الفكرية الحديثة -ولا سيما تلك المتبنِّية للنزعة العقلانية- سعت إلى إخضاع النصوص الشرعية لمنطق النقد العقلي المجرد، محاولةً بذلك التوفيق بين النصوص الدينية وما تصفه بالواقع المادي أو مقتضيات المنطق الحديث، […]

رمضان مدرسة الأخلاق والسلوك

المقدمة: من أهم ما يختصّ به الدين الإسلامي عن غيره من الأديان والملل والنحل أنه دين كامل بعقيدته وشريعته وما فرضه من أخلاق وأحكام، وإلى جانب هذا الكمال نجد أنه يمتاز أيضا بالشمول والتكامل والتضافر بين كلياته وجزئياته؛ فهو يشمل العقائد والشرائع والأخلاق؛ ويشمل حاجات الروح والنفس وحاجات الجسد والجوارح، وينظم علاقات الإنسان كلها، وهو […]

مَن هُم أهلُ السُّنَّةِ والجَماعَة؟

الحمدُ للهِ وكفَى، والصَّلاةُ والسَّلامُ على النبيِّ المصطفَى، وعلى آلِه وأصحابِه ومَن لهَدْيِهم اقْتفَى. أمَّا بَعدُ، فإنَّ مِن المعلومِ أنَّ النَّجاةَ والسَّعادةَ في الدُّنيا والآخِرَةِ مَنوطةٌ باتِّباعِ الحَقِّ وسُلوكِ طَريقةِ أهلِ السُّنَّةِ والجَماعَة؛ ولَمَّا أصْبحَ كلٌّ يَدَّعي أنَّه مِن أهلِ السُّنَّةِ والجَماعَة، وقام أناسٌ يُطالِبون باستِردادِ هذا اللَّقبِ الشَّريفِ، زاعِمين أنَّه اختُطِفَ منهم منذُ قرون؛ […]

أثر ابن تيمية في مخالفيه

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: شيخ الإسلام ابن تيمية هو البحرُ من أيِّ النواحِي جِئتَه والبدرُ من أيّ الضَّواحِي أتيتَه جَرَتْ آباؤُه لشأْو ما قَنِعَ به، ولا وقفَ عنده طليحًا مريحًا من تَعَبِه، طلبًا لا يَرضَى بِغاية، ولا يُقضَى له بِنهايَة. رَضَعَ ثَدْيَ العلمِ مُنذُ فُطِم، وطَلعَ وجهُ الصباحِ ليُحاكِيَهُ فَلُطِم، وقَطَعَ الليلَ […]

عرض وتعريف بكتاب (نقض كتاب: مفهوم شرك العبادة لحاتم بن عارف العوني)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدّمة: إنَّ أعظمَ قضية جاءت بها الرسل جميعًا هي توحيد الله سبحانه وتعالى في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، حيث أُرسلت الرسل برسالة الإخلاص والتوحيد، وقد أكَّد الله عز وجل ذلك في قوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 25]. […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017