الاثنين - 11 شعبان 1446 هـ - 10 فبراير 2025 م

حديث كذبات إبراهيم عليه السلام | تحليلٌ ومناقشة

A A

 

 يحلو لكثير ممن خالف المنهج الإسلامي أو جهله أن يتصيد الغرائب التي قد يظن أنها تؤيد فكرته؛ لتكون شهرة له أو تشهيرًا لمنهجه، والمؤمن يعلم أن هذا من قبيل الغثاء الذي يزول ولا يبقى؛ يقول تعالى: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ} [الرعد: 17].

وفي هذا المقال عرضٌ لواحدة من تلك الغرائب التي اتخذها بعضهم ذريعة لتضعيف الأحاديث الصحيحة؛ بدعوى مخالفتها للقرآن الكريم، وتفصيل الرد عليها.

محصل الشبهة:

اشتبه على بعضهم ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لم يكذب إبراهيم عليه السلام إلا ثلاث كذبات… » مع قوله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا} [مريم: 41]، فقالوا: قد سمى الله تعالى إبراهيم عليه السلام في القرآن الكريم صديقًا، فكيف يصح إطلاق الكذب عليه؟! هذا محصل شبهتهم في تضعيف الحديث، وإليك بيان الرد عليها.

نص الحديث:

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لم يكذب إبراهيم النبي عليه السلام، قط إلا ثلاث كذَبات، ثنتين في ذات الله: قوله: {إِنِّي سَقِيمٌ} [الصافات: 89]، وقوله: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} [الأنبياء: 63]، وواحدة في شأن سارة، فإنه قدم أرض جبار ومعه سارة، وكانت أحسن الناس، فقال لها: إن هذا الجبار، إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك، فإن سألك فأخبريه أنك أختي، فإنك أختي في الإسلام؛ فإني لا أعلم في الأرض مسلمًا غيري وغيرك…» الحديث([1]) .

الجواب عن شبهتهم:

يجاب عن شبهتهم حول تضعيف هذا الحديث من وجهين؛ إجمالي وتفصيلي:

أولًا: الرد الإجمالي على الشبهة:

  • هذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ فقد رواه إماما الحديث – البخاري ومسلم – رحمهما الله في صحيحيهما، اللذين هما أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى، وقد أجمعت الأمة على صحة أحاديثهما، وعلى القطع بذلك؛ لتلقي الأمة لهما بالقبول، وهذا التلقي وحده أقوى في إفادة العلم من مجرد كثرة الطرق القاصرة عن حد التواتر، قاله الحافظ ابن حجر([2])، ولم يطعن أحد من أئمة الحديث المتقدمين في هذا الحديث، وعليه فإنه يمكن القطع بأن النبي صلى الله عليه وسلم قاله، وليس في هذا نسبة الكذب لنبي الله إبراهيم عليه السلام، وهذا يقودنا إلى النقطة الآتية.
  • أن صاحبي الصحيحين – البخاري ومسلم – يروون الأحاديث الثابتة عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فهما يبحثان عن صحة السند، واستيفاء شروط الصحة، أمَّا ما يتعلق بالدلالة ووجوهها واشتباه التعارض – أعني: في الظاهر وليس على الحقيقة – بين الحديث والآية فله مجال آخر، ويبحث فيه في علم أصول الفقه، في أبواب التعارض والترجيح؛ إذ هو من مباحث الدَّلالة وليس من مباحث الرواية.
  • من المعلوم سلفًا: أنه لا وجودَ للتعارض البتة بين القرآن والسنة؛ فإن السنة شارحة للقرآن ومبينة ومفصلة لأحكامه، وكيف يأتي التعارض بينهما وكلاهما وحي من الله تعالى؟! يقول تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3، 4]، أي: ما يقول النبي صلى الله عليه وسلم قولًا عن هوًى وغرض، وإنما يقول ما أُمر به، يبلغه إلى الناس كاملًا موفرًا من غير زيادة ولا نقصان([3]).

وعليه فلا مخالفة بين قوله تعالى:  {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا} [مريم: 41]، وبين قوله صلى الله عليه وسلم: «لم يكذب إبراهيم النبي عليه السلام، قط إلا ثلاث كذبات…»، وإنما هو من قبيل التعارض الظاهري الذي سرعان ما يزول بالعلم الذي يرفع الجهالة، عن طريق بيان الأمر على حقيقته والجمع بين النصوص على وجهها الصحيح.

  • قوله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا} [مريم: 41]، والصِّديق: صيغة مبالغة في كون إبراهيم عليه السلام صادقًا، أي: من عادته الصدق، كثرةً وقيامًا عليه([4])، ولا شك في أن هذا الوصف كان ملازمًا لإبراهيم عليه السلام، لا ينفك عنه أبدًا، وما جاء في الحديث فمعناه: أن إبراهيم عليه السلام لم يتكلم بكلام صورته صورة الكذب – وإن كان حقًّا في الباطن – إلا هذه الكلمات، ولما كان مفهوم ظاهرها خلاف باطنها أشفق إبراهيم عليه السلام بمؤاخذته بها([5]). وتفصيل ذلك فيما تراه في السطور الآتية.

ثانيًا: الرد التفصيلي على الشبهة:

  • إن إطلاق النبي صلى الله عليه وسلم الكذب على الأمور الثلاثة ليس على حقيقته، وإنما هو من باب أن يقول القائل قولًا يعتقده السامع كذبًا، لكنه عند التحقيق وواقع الأمر ليس كذبًا، وهذه الثلاثة كلها خارجة عن الكذب لا في القصد ولا في غيره؛ وإنما هي من باب المعاريض التي فيها مندوحة عن الكذب([6])، وتفصيل ذلك:
  • قوله: {إِنِّي سَقِيمٌ}، أي: عليل ومريض. وهذا يحتمل أن يكون إبراهيم عليه السلام أراد بذلك: إني سأسقم – قاله الحسن البصري والضحاك([7]) – أي: أن كل مخلوق معرَّض لذلك، فاعتذر لقومه من الخروج معهم إلى عيدهم بهذا. ولا يبعد هذا من جهة اللغة؛ فإن اسم الفاعل يستعمل بمعنى المستقبل كثيرًا.

وقيل: إني سقيم بما قُدِّر عليَّ من الموت.

وقيل: بل سقيم القلب بما أشاهده من كفركم وعنادكم. وكل هذا ليس فيه كذب، بل هو خبر صحيح صدق([8]).

  • قوله {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا}، وفيه: أن إبراهيم عليه السلام علَّق خبره بشرط نطق كبيرهم، كأنه عليه السلام قال: إن كان ينطق فهو فعله، على طريق التبكيت لقومه، وهذا صدق أيضًا ولا خلف فيه.

وقيل: إن إبراهيم قال لهم هذا على جهة الاحتجاج عليهم، أي: إنه غار وغضب من أن يُعبد هو [يعني: كبيرهم] ويُعبد الصغار معه، ففعل هذا بها لذلك، إن كانوا ينطقون فاسألوهم، فعلَّق فعل الكبير بنطق الآخرين؛ تنبيهًا لهم على فساد اعتقادهم، كأنه قال: بل هو الفاعل إن نطق هؤلاء.

أو يقال: قال لهم إبراهيم عليه السلام هذا الكلام ليقولوا: إنهم لا ينطقون ولا ينفعون ولا يضرون، فيقول لهم إبراهيم عليه السلام: فلم تعبدونهم؟ فتقوم عليهم الحجة منهم، ولهذا يجوز عند الأمة فرض الباطل مع الخصم؛ حتى يرجع إلى الحق من ذات نفسه، فإنه أقرب في الحجة وأقطع للشبهة، قاله القرطبي([9]).

  • قوله: “هذه أختي”، يعتذر عنه بأن مراده أنها أخته في الإسلام – وقد جاء ذلك مصرحًا به في الحديث – وهو صدق، والله تعالى يقول: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10].
  • مدافعة إبراهيم الكفار بقولٍ عَرَّض به، هو فيه من وجهٍ صادقٌ، وهذه الثلاث كلها في حق غيره ليست بذنوب، لكن إبراهيم عليه السلام أشفق منها؛ إذ لم يكن عن أمر الله([10]).
  • أن المعاريض تباح عند الحاجة الشرعية، وقد تُسمَّى كذبًا باعتبار؛ لأن الكلام يعني به المتكلم معنًى، وذلك المعنى يريد أن يُفهمه المخاطَب، فإذا لم يكن على ما يعنيه فهو الكذب المحض، وإن كان على ما يعنيه ولكن ليس على ما يفهمه المخاطب فهذه المعاريض، وهي كذب باعتبار الأفهام، وإن لم تكن كذبًا باعتبار الغاية السائغة([11]) .
  • ويقال لأصحاب هذه الشبهة: على فرض التسليم بأن هذه الثلاثة من قبيل الكذب، لا من المعاريض والتورية، فإنه كذب غير مذموم، بل هو جائز بل واجب؛ لكونه في نصرة الحق ومحاجة أهل الباطل ودفع الظالم؛ لذا نبَّه النبي صلى الله عليه وسلم بذلك على أن هذه الكذبات ليست داخلة في مطلق الكذب المذموم، وقد اتفق الفقهاء على جواز الكذب فيما هو أقل من هذا: فإنه لو جاء ظالم يطلب إنسانًا مختفيًا ليقتله، أو يطلب وديعة لإنسان ليأخذها غصبًا، وسُئل عن ذلك، فإنه يجب على من علم ذلك إخفاؤه، وإنكار العلم به([12]).

خلاصة القول:

إن الآية الكريمة محكمة في اتصاف إبراهيم عليه السلام بالصدق، والحديث صحيح لا مرية في ذلك، ومعناه: أن الكذبات المذكورة إنما هي بالنسبة إلى فهم المخاطب والسامع وأمَّا في نفس الأمر فليست كذبًا مذمومًا؛ يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: “والثلاث معاريض وملاحة؛ فإنه قصد باللفظ ما يطابقه في عنايته، لكن لما أفهم المخاطب ما لا يطابقه سُمِّي كذبًا”([13]).

وعلى المؤمن أن يوقن بصدق الرسل جميعًا؛ فإن دلالة العقل تصرف ظاهر إطلاق الكذب على إبراهيم عليه السلام؛ وذلك أن العقل قطع بأن الرسول ينبغي أن يكون موثوقًا به؛ ليُعلم صدق ما جاء به عن الله، ولا ثقة مع تجويز الكذب عليه، فكيف مع وجود الكذب منه؟! وإنما أُطلق عليه ذلك؛ لكونه بصورة الكذب عند السامع، وعلى تقدير وقوعه فلم يصدر ذلك من إبراهيم عليه السلام – يعني: إطلاق الكذب على ذلك – إلا في حال شدة الخوف لعلو مقامه، وإلا فالكذب المحض في مثل تلك المقامات يجوز، وقد يجب؛ لتحمل أخف الضررين دفعًا لأعظمهما، وأما تسميته إياها كذبات فلا يريد أنها تذم؛ فإن الكذب وإن كان قبيحًا مخلًّا، لكنه قد يحسن في مواضع، وهذا منها، قاله ابن عقيل([14]).

والله تعالى نسأل أن يمنَّ علينا بفهمٍ ينير بصائرنا، ويزيدنا هدًى، ويعصمنا من الزلل.


([1]) رواه البخاري (3358)، مسلم (2371)، واللفظ لمسلم.

([2]) ينظر: نزهة النظر (ص: 60).

([3]) تفسير ابن كثير (7/ 443).

([4]) ينظر: تفسير البغوي (5/ 233)، ومفاتيح الغيب (21/ 542).

([5]) ينظر: الشفا (2/ 141).

([6]) ينظر: الشفا بتعريف حقوق المصطفى (2/ 140).

([7]) ينظر: تفسير البغوي (7/ 45)، والشفا (2/ 140).

([8]) ينظر: الشفا (2/ 140)، ومفتاح دار السعادة (2/ 36)، وفتح الباري (6/ 391).

([9]) تفسير القرطبي (11/ 299- 300)، وينظر: الشفا (2/ 141)، ومفتاح دار السعادة (2/ 36)،.

([10]) ينظر: إكمال المعلم بفوائد مسلم (1/ 575).

([11]) ينظر: مجموع الفتاوى (28/ 223).

([12]) ينظر: شرح النووي على مسلم (15/ 124).

([13]) الفتاوى الكبرى (6/ 107).

([14]) ينظر: فتح الباري (6/ 392).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جديد سلف

شبهات العقلانيين حول حديث “الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم” ومناقشتها

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة    مقدمة: لا يزال العقلانيون يحكِّمون كلامَ الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم إلى عقولهم القاصرة، فينكِرون بذلك السنةَ النبوية ويردُّونها، ومن جملة تشغيباتهم في ذلك شبهاتُهم المثارَة حول حديث: «الشيطان يجري في ابن آدم مجرى الدم» الذي يعتبرونه مجردَ مجاز أو رمزية للإشارة إلى سُرعة وقوع الإنسان في […]

البهائية.. عرض ونقد

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد مات بعد أن أتم الله تعالى عليه النعمة وأكمل له الملة، وأنزل عليه وهو قائم بعرفة يوم عرفة: {اليومَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وأَتْمَمْتُ علَيْكُم نِعْمَتي ورَضِيتُ لَكُمُ الإسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3]، وهي الآية التي حسدتنا عليها اليهود كما في الصحيحين أنَّ […]

الصمت في التصوف: عبادة مبتدعة أم سلوك مشروع؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: الصوفية: جماعةٌ دينية لهم طريقةٌ مُعيَّنة تُعرف بالتصوّف، وقد مَرَّ التصوّف بمراحل، فأوَّل ما نشأ كان زُهدًا في الدنيا وانقطاعًا للعبادة، ثم تطوَّر شيئًا فشيئًا حتى صار إلحادًا وضلالًا، وقال أصحابه بالحلول ووحدة الوجود وإباحة المحرمات([1])، وبين هذا وذاك بدعٌ كثيرة في الاعتقاد والعمل والسلوك. وفي إطار تصدِّي […]

دفع مزاعم القبورية حول حديث: «اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»

مقدمة: من الفِرى ردُّ الأحاديث الصحيحة المتلقّاة بالقبول انتصارًا للأهواء والضلالات البدعية، وما من نصّ صحيح يسُدُّ ضلالًا إلا رُمِي بسهام النكارة أو الشذوذ ودعوى البطلان والوضع، فإن سلم منها سلّطت عليه سهام التأويل أو التحريف، لتسلم المزاعم وتنتفي معارضة الآراء المزعومة والمعتقدات. وليس هذا ببعيد عن حديث «‌اتخذوا ‌قبور ‌أنبيائهم»، فقد أثار أحدهم إشكالًا […]

استباحة المحرَّمات.. معناها وروافدها

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: من أعظم البدع التي تهدم الإسلام بدعة استباحةُ الشريعة، واعتقاد جواز الخروج عنها، وقد ظهرت هذه البدعة قديمًا وحديثًا في أثواب شتى وعبر روافد ومصادر متعدِّدة، وكلها تؤدّي في نهايتها للتحلّل من الشريعة وعدم الخضوع لها. وانطلاقًا من واجب الدفاع عن أصول الإسلام وتقرير قواعده العظام الذي أخذه […]

الحالة السلفية في فكر الإمام أبي المعالي الجويني إمام الحرمين -أصول ومعالم-

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: من الأمور المحقَّقة عند الباحثين صحةُ حصول مراجعات فكرية حقيقية عند كبار المتكلمين المنسوبين إلى الأشعرية وغيرها، وقد وثِّقت تلك المراجعات في كتب التراجم والتاريخ، ونُقِلت عنهم في ذلك عبارات صريحة، بل قامت شواهد الواقع على ذلك عند ملاحظة ما ألَّفوه من مصنفات ومقارنتها، وتحقيق المتأخر منها والمتقدم، […]

أحوال السلف في شهر رجب

 مقدمة: إن الله تعالى خَلَقَ الخلق، واصطفى من خلقه ما يشاء، ففضّله على غيره، قال تعالى: ﴿وَرَبُّكَ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُ ‌وَيَخۡتَارُ﴾ [القصص: 68]. والمقصود بالاختيار: الاصطفاء بعد الخلق، فالخلق عامّ، والاصطفاء خاصّ[1]. ومن هذا تفضيله تعالى بعض الأزمان على بعض، كالأشهر الحرم، ورمضان، ويوم الجمعة، والعشر الأواخر من رمضان، وعشر ذي الحجة، وغير ذلك مما […]

هل يُمكِن الاستغناءُ عن النُّبوات ببدائلَ أُخرى كالعقل والضمير؟

مقدمة: هذه شبهة من الشبهات المثارة على النبوّات، وهي مَبنيَّة على سوء فَهمٍ لطبيعة النُّبوة، ولوظيفتها الأساسية، وكشف هذه الشُّبهة يحتاج إلى تَجْلية أوجه الاحتياج إلى النُّبوة والوحي. وحاصل هذه الشبهة: أنَّ البَشَر ليسوا في حاجة إلى النُّبوة في إصلاح حالهم وعَلاقتهم مع الله، ويُمكِن تحقيقُ أعلى مراتب الصلاح والاستقامة من غير أنْ يَنزِل إليهم […]

الصوفية وعجز الإفصاح ..الغموض والكتمان نموذجا

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  توطئة: تتجلى ظاهرة الغموض والكتمان في الفكر الصوفي من خلال مفهوم الظاهر والباطن، ويرى الصوفية أن علم الباطن هو أرقى مراتب المعرفة، إذ يستند إلى تأويلات عميقة -فيما يزعمون- للنصوص الدينية، مما يتيح لهم تفسير القرآن والحديث بطرق تتناغم مع معتقداتهم الفاسدة، حيث يدّعون أن الأئمة والأولياء هم الوحيدون […]

القيادة والتنمية عند أتباع السلف الصالح الأمير عبد الله بن طاهر أمير خراسان وما وراء النهر أنموذجا (182-230ه/ 798-845م)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  المقدمة: كنتُ أقرأ قصةَ الإمام إسحاق بن راهويه -رحمه الله- عندما عرض كتاب (التاريخ الكبير) للإمام البخاري -رحمه الله- على الأمير عبد الله بن طاهر، وقال له: (ألا أريك سحرًا؟!)، وكنت أتساءل: لماذا يعرض كتابًا متخصِّصًا في علم الرجال على الأمير؟ وهل عند الأمير من الوقت للاطّلاع على الكتب، […]

دعوى غلو النجديين وخروجهم عن سنن العلماء

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: تكثر الدعاوى حول الدعوة النجدية، وتكثر الأوهام حول طريقتهم سواء من المخالفين أو حتى من بعض الموافقين الذين دخلت عليهم بعض شُبه الخصوم، وزاد الطين بلة انتسابُ كثير من الجهال والغلاة إلى طريقة الدعوة النجدية، ووظفوا بعض عباراتهم -والتي لا يحفظون غيرها- فشطوا في التكفير بغير حق، وأساؤوا […]

التحقيق في موقف ابن الزَّمْلَكَاني من ابن تيّمِيَّة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: يُعتَبَر ابن الزَّمْلَكَاني الذي ولد سنة 667هـ مُتقاربًا في السنِّ مع شيخ الإسلام الذي ولد سنة 661هـ، ويكبره شيخ الإسلام بنحو ست سنوات فقط، وكلاهما نشأ في مدينة دمشق في العصر المملوكي، فمعرفة كلٍّ منهما بالآخر قديمة جِدًّا من فترة شبابهما، وكلاهما من كبار علماء مذهبِه وعلماء المسلمين. […]

الشَّبَهُ بين شرك أهل الأوثان وشرك أهل القبور

مقدمة: نزل القرآنُ بلسان عربيٍّ مبين، وكان لبيان الشرك من هذا البيان حظٌّ عظيم، فقد بيَّن القرآن الشرك، وقطع حجّةَ أهله، وأنذر فاعلَه، وبين عقوبته وخطرَه عليه. وقد جرت سنة العلماء على اعتبار عموم الألفاظ، واتباع الاشتقاق للأوصاف في الأفعال، فمن فعل الشرك فقد استوجب هذا الاسمَ، لا يرفعه عنه شرعًا إلا فقدانُ شرط أو […]

هل مُجرد الإقرار بالربوبية يُنجِي صاحبه من النار؟

مقدمة: كثيرٌ ممن يحبّون العاجلة ويذرون الآخرة يكتفون بالإقرار بالربوبية إقرارًا نظريًّا؛ تفاديًا منهم لسؤال البدهيات العقلية، وتجنُّبا للصّدام مع الضروريات الفطرية، لكنهم لا يستنتجون من ذلك استحقاق الخالق للعبودية، وإذا رجعوا إلى الشرع لم يقبَلوا منه التفصيلَ؛ حتى لا ينتقض غزلهم مِن بعدِ قوة، وقد كان هذا حالَ كثير من الأمم قبل الإسلام، وحين […]

هل كان شيخ الإسلام أبو عثمان الصابوني أشعريًّا؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: مِن مسالك أهل الباطل في الترويج لباطلهم نِسبةُ أهل الفضل والعلم ومن لهم لسان صدق في الآخرين إلى مذاهبهم وطرقهم. وقديمًا ادَّعى اليهود والنصارى والمشركون انتساب خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام إلى دينهم وملَّتهم، فقال تعالى ردًّا عليهم في ذلك: ﴿‌مَا ‌كَانَ ‌إِبۡرَٰهِيمُ يَهُودِيّا وَلَا نَصۡرَانِيّا وَلَٰكِن كَانَ […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017