عُيُونُ الرَّسَائِلِ وَالأَجْوِبَةُ عَلَى المَسَائِل
المعلومات الفنية للكتاب
عنوان الكتاب: عُيُونُ الرَّسَائِلِ وَالأَجْوِبَةُ عَلَى المَسَائِل.
اسم المؤلف: الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب (المتوفى: 1293هـ).
المحقق: حسين محمد بَوا أبو عبد الرحيم.
دار الطباعة: مكتبة الرشد – الرياض.
رقم الطبعة: الطبعة الأولى عام 1420ه – 2000م.
حجم الكتاب: مجلدان في (1088 ص)
· التعريف بالمؤلف
هو الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب، أبو عبد الله، ولد -رحمه الله- في بلدة الدرعية، سنة 1225هـ، وبها نشأ، وكانت تعج بالعلماء آنذاك، بل إن بيته من كبار بيوت العلم في ذلك الوقت، فقرأ القرآن وحفظه، وتعلم دروسه الأولى، وترعرع على طلب العلم منذ نعومة أظفاره، وعرف بحدة الذكاء والفطنة وسرعة الحفظ.
وقد كانت للرحلة العلمية والدعوية من حياته نصيب، وهي وإن كانت تحصل أحيانًا اضطرارًا كرحلته الأولى إلى مصر سنة (1233هـ)، فإنه كان لا ينفك يبحث عن سبيل العلم، حيث صار يتردد في مصر بين بيته والأزهر الشريف، وارتحل مرَّة إلى الأحساء للدَّعوة بإيعازٍ من الإمام فيصل بن تركي عام 1264هـ.
وهذه الرِّحلات أثرت بطبيعة الحال على مصادره العلمية حيث تلقَّى عن شيوخ مصر كما أخذ عن شيوخ نجد، ومن شيوخه:
والده، الشيخ عبد الرحمن، وأعمامه؛ كالشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، والشيخ إبراهيم بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، والشيخ علي بن محمد بن عبد الوهاب، وخاله الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، والشيخ أحمد بن حسن بن رشيد الحنبلي، وغيرهم من علماء نجد.
وأما عن شيوخه المصريين فمنهم: الشيخ محمد بن محمود بن محمد الجزائري، والشيخ إبراهيم الباجوري والشيخ مصطفى الأزهري والشيخ أحمد الصعيدي، وغيرهم.
وكان ذو همةٍ في نشر العلم والدَّعوة إلى عقيدة السلف، ومن مناصريها ودعاتها.
وهو ما جعل نتاجه العلمي يبرز في السَّاحة ما بين تلاميذ وكتب ورسائل تركها بعد حياته، فأما التلاميذ فمنهم:
أبناؤه عبد الله وإبراهيم ومحمد وعبد العزيز وأخوه إسحاق، فقد رُزق رحمه الله ذريَّة طيبةً صالحة، عاشوا من بعده علماءَ أعلام، ونفعوا الأمة بعلومهم، وكانوا مصابيح للخير في نجد في زمنهم.
وأما من غير أهله كحسن بن حسين وسليمان بن سحمان -وهو جامع رسائل هذا الكتاب الذي نحن بصدد تعريفه- وصعب بن عبد الله التويجري وعبد الرحمن بن محمد المانع ومحمد بن عبد الله بن حمد ومحمد بن عمر بن سليم وحمد بن علي بن عتيق، وغيرهم كثير.
وأما المصنفات التي خلَّفها فغالبها في الرد على المبطلين، ومن ذلك المخطوط مثل:
1- البراهين الإسلامية في الرد على الشبهات الفارسية، وهو مخطوط يوجد في المكتبة السعودية بالرياض.
2- الإتحاف في الرد على الصحاف، وهو مخطوط أيضًا في المكتبة السعودية بالرياض.
وأما الكتب المطبوعة فمنها:
1- مصباح الظلام في الرد على منتقص شيخ الإسلام (ويقصد به الذب عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب).
2- منهاج التأسيس والتقديس في كشف شبهات داود بن جرجيس.
3- تحفة الطالب والجليس في الرد على داود بن جرجيس وهو كتاب مطبوع باسم “تحفة الطالب والجليس في كشف شبه داود بن جرجيس”.
4- دلائل الرسوخ في الرد على المنفوخ.
وبالإضافة إلى النثر فقد كان له في الشعر باع، وجعله أيضًا في الذب عن السنة والمنهج السلفي.
وإلى جانب همَّته في العلم والدعوة فقد كان مهيبًا قويًّا، جسوراً في قول الحق، مخلصاً لدينه، غيوراً على حرمات الإسلام، ناصحاً متقبلاً للنصائح، ولم تقتصر غيرته وهيبته في أوساط العامة، بل كان ولاة الأمور والخاصة أيضًا يحترمونه ويكرمونه ويقدرونه.
حيث كان الشيخ رفيق الإمام فيصل بن تركي في أسفاره وغزواته، وكان ينتهز الفرصة في تلك الرحلات، فيعظ ويذكر، وله المواقف المشهودة في إخماد الفتن بين الأمراء والأبناء المتنازعين على الحكم.
وقد لعبت رسائله دوراً هاماً في تثبيت دعائم الحكم لآل سعود وتوطيدها، إذ كان يعمل من خلالها على استمالة الرعية إليهم.
ومما قاله العلماء عنه:
قال عنه الشيخ إبراهيم بن صالح في عقد الدرر: “وكان -رحمه الله- في الحفظ آية باهرة، متوقد الذكاء كأن العلوم نصب عينيه، وكان كثير المطالعة، ملازماً للتدريس، مرغباً في العلم، معيناً عليه … “[1].
وقال عبد الرحمن بن القاسم في الدرر السنية: “لم يُر شخص له من الكمال في العلوم والصفات الحميدة، التي يحصل بها الكمال لسواه؛ فإنه -رحمه الله-كان كاملاً في صورته ومعناه، من الحسن والإحسان، والحكم والسؤدد، والعلوم المتنوعة، والأخلاق الجميلة، والأمور المستحسنة التي لم تكمل من غيره. وقد عُلم من كرم أخلاقه وحسن عشرته، وهيبته وجلالته، وفور حلمه، وكثرة علمه، وغزارة فطنته، وكمال مروءته، ودوام بشره، وعزوف نفسه عن الدنيا وأهلها، والمناصب لأربابها، ما قد عجز عنه كبار الأكياس … “[2].
توفي -رحمه الله- في 14 من ذي القعدة عام 1293هـ في مدينة الرياض.
· التعريف بالكتاب وموضوعه:
كما يظهر من عنوان الكتاب فهذا المؤلَّف ليس في أصله كتابًا مجموعا ومؤَلّفًا من قِبَلِ كاتبه، بل أَصلُه مراسلات ومكاتبات دعوية وردود من المؤلف، ثمَّ تولى أحد تلاميذه جمعها في كتاب واحد، وهو الشيخ سليمان بن سحمان كما ذكرنا عند سرد التلاميذ، توفي سنة 1349هـ، رحمه الله[3].
فالشيخ سليمان رحمه الله له الفضل في إيصال هذا الكتاب الجليل إلينا، حيث جمعه في مكان واحد، ولكنه لم يُعن بترتيب هذه الرسائل داخل الكتاب، فانبرى لذلك محقق الكتاب، الأخ حسين محمد بَوا، فجعلها على ثلاث موضوعات رئيسية؛ وهي:
أولاً: الرسائل الخاصة بعقيدة التوحيد والاتباع، وما ينافيها من الشرك والابتداع.
ولم تكن هذه الرسائل مختصرةً بحيث يورد القول وينقده وينهي الأمر، بل غالبًا ما يكون للتحليل والتفصيل والاستطراد، ولسرد النظائر والأمثلة أوفر الحظ والنصيب، فتجده يتحدَّث عن التوحيد وأنواعه والمخالفين فيه، ويشرح مسألة الإيمان مفهومها وحدودها وأدلتها وأقوال العلماء والمخالفين والرد عليها، والتكفير والقبورية وغيرها من الموضوعات العلمية، وهذا ما زاد من رونق الكتاب ومتانته.
ثانياً: الرسائل الخاصة بالفتاوى في الفروع.
ثالثاً: الرسائل المتعلقة بالفتن.
كما اجتهد المحقق أيضًا في ترقيم هذه الرسائل حسب تسلسلها في النسخة الأصلية التي اعتمدها، فكان مجموع الرسائل (97) رسالة.
· طريقة صياغة الرسالة في الكتاب:
غالبًا ما يبدأ الشيخ عبد اللطيف رسائله بالبسملة، ثم ذكر المرسِل والمرسَل إليه، ثم السلام عليه والترحم عليه والدعاء له ووالديه وموضوع الرسالة إن كان تقريرًا أو ردًّا، وإن كان ردًّا فغالبًا ما يعقِّب بالإقرار بالحق الموجود في الرِّسالة، ثم يذكر النقاط التي يريد انتقادها ويحلِّلُها ويناقشها مناقشةً هادئة، ويذكر نظائرها وبواعث المسألة ومآلاتها، ويفصِّل في المسائل العلمية التي ترِد، خاصَّة المسائل المشكلة والعويصة، فيقرِّر الحق فيها ويرد الباطل، ويستند في تقريراته وردوده على نصوص الكتاب والسنة، ويستشهد بأقوال السلف والأئمة لقوله، وغالبًا ما يختم رسالته بالدُّعاء والسلام على المرسَل إليه وطلب السَّلام على من حوله والصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
ومنهج الكتابة في الكتاب وإن كان يعسر تحديده؛ لأن الرسائل ليست من جمع المؤلف نفسه في كتاب، بل من أحد تلاميذه؛ لأن الكتاب لا يوجد فيه ما يصرِّح بمنهجه الذي سار عليه، ولتفاوت تلك الرسائل نفسها سواء في أوقات كتابتها أو في المستهدفين من الرسائل وغيرها.
إلا أننا في العموم نستطيع القول بأن كثيرًا من تلك الرسائل مزجت بين المنهج الاستنباطي والتحليلي النقدي في أغلب الأحيان، وذلك حسب حال كل رسالة؛ إذ إنه يحتاج إلى الاستنباط حين يستدل بشيء من النصوص وكثيرًا ما يفعل ذلك، والتحليل والنقد لأقوال المخالف هو أحد أعمدة كتابات الردود، وكان للشيخ منها وافر الحظ والنصيب.
وتظهر في هذه الرسائل عناية الشيخ رحمه الله بنشر عقيدة السلف الصالح، فقد أخذت حيِّزًا كبيرًا منها، وغالبًا ما يفرد للمسائل المتنازع فيها رسائل خاصَّة كمواضيع الأسماء والصِّفات والقبور وغيرها من البدعيات المنتشرة.
· الموارد العلمية للشيخ في رسائله:
يعتمد الشيخ في كتاباته على مصادر متعدِّدة؛ بدءًا بالآيات القرآنية، ومرورًا بالأحاديث النبوية، وانتهاء بأقوال السلف، فتلك هي مصادره ومستنداته في الاستدلال والاستئناس والرد، ومن الكتب التي كان يعتمد عليها:
1- جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري.
2- تفسير أبي السعود.
3- تفسير القرآن العظيم، لابن كثير.
4- كتب شيخ الإسلام ابن تيمية؛ كمجموع الفتاوى، والفتاوى المصرية ومنهاج السنة، والإيمان، والسبعينية، والرسالة السنية، والاستغاثة أو الرد على البكري.
5- الحوادث والبدع للطرطوشي.
6- كتب ابن قيم الجوزية؛ كالنونية، ومدارج السالكين، زاد المعاد وبدائع الفوائد.
7- كتب ابن حجر الهيتمي؛ كالزواجر عن اقتراف الكبائر، والإعلام بقواطع الإسلام.
8- سير أعلام النبلاء للذهبي.
9- تبيين المحارم المذكورة في القرآن، للشيخ سنان الدين يوسف الأماسي الحنفي.
10- كشف الكربة في فضل الغربة.
11- نيل الأوطار منتقى الأخبار، للشوكاني.
12- الإقناع.
وغير ذلك من الكتب التي كانت معتمدة في رسائله.
· ميزات الكتاب وأهميته:
تمتاز رسائل الكتاب بالإضافة إلى قوة اللغة والأسلوب البياني بالحوار الراقي مع المرسَل إليه، واهتمامها بالذوق الأخلاقي في الكلام مع المخالف والموافق، والتأدب الملحوظ في الألفاظ، ومراعاة أقدار الناس ومنازلهم.
والكتاب كما سلَفَ حافلٌ بدرر المسائل وغرر الفوائد؛ فرسائله محتوية على مسائل عقدية، وتعالج قضاياها، بأحسن أسلوب، وأدق استدلال، فما تحتويه من مواضيع العقيدة قلّما تجده على هذا النسق في غيره من الكتب المصنفة في هذا الباب.
وتبلغ الأهمية أوجُها في هذه الفترة العصيبة التي نعيشها، حيث يحاول أعداء الدعوة السلفية إثارة الشبهات وإلزاق الاتهامات وإحياء ما اندرس من الإشكالات المناطة برجالات الدعوة، فهذه الرسائل تزيل كثيراً من تلك الشبهات.
ذلك أن هذه الرسائل كانت في الأغلب ردودا من يثير الشبه على أتباع السلف في زمنه، وبذل فيها المؤلف وسعه باعتباره أسلوبًا من أساليب الدعوة إلى الله، والرَّد على أهل الشبه.
هذا كله إضافةً إلى كون مؤلفه -رحمه الله- من قلائل علماء أهل السنة والجماعة، أئمة الدعوة النجدية، الذين حازوا ثقة العلماء قبل التلاميذ، وشهد لهم التاريخ بالجهد والجهاد، من أجل إعادة الدعوة السلفية الصحيحة إلى مجراها الطبيعي، وإقامتها في هذا البلد العزيز.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم
[1] عقد الدرر (ص78).
[2] الدرر السنية (12/66-67).
[3] ينظر: الدرر السنية (12/87-93)، علماء نجد خلال ستة قرون (1/279 -281).