الجمعة - 10 شوّال 1445 هـ - 19 ابريل 2024 م

تكامُلُ المنهجِ المعرفيّ السلَفيّ

A A

 

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة

 

المقدمة:

لا يمكن لأيِّ باحث جاد أن يتكلم عن المعرفة بعيدا عن فوضى المنازعات الفلسفية والكلامية وأزمة الحضارة المزدوجة في العالم الصناعي، وما أثارته من منازعات بين منهجية القرآن المعرفية وبين الإنجاز العلمي البشري، وإحالات الفلسفة الوضعية بأشكالها المختلفة، والتي تستبعد أي دور للوحي في تشكيل العقل المعرفي، وتحصر المعرفة في مجال التجربة والطبيعة والمادة والحس والعقل، وتعتبر الوحي ميدانا خرافيا.

وقد ساعد على ذلك ما صبغ الفكر الغربي الحديث من التخلي عن الدين وإبعاده عن الحياة الاجتماعية والسياسية والعلمية ومرتكزات الحضارة، وعدم السماح له بصناعة القيم، ومع الاحتلال الغربي للبلدان الإسلامية، وتأثُّرِ بعض المفكرين بثقافة المحتل، ظهرت نزعات فكرية متأثرة بالطرح الغربي من بعض المنتسبين للإسلام، وحاولوا تطبيقها في البيئة الإسلامية، والتي تختلف عن البيئة الغربية ثقافة وطبيعة، وكان من بين القضايا التي أثارها هؤلاء قضية المعرفة والتي أخذت حيزا كبيرا من الفكر الحديث حتى صارت مفهوما كونيا، يراد من خلاله تحديد موقف الإنسان من الحقيقة وإمكانية وجودها، ومنهجيته في الوصول إليها، والمصادر التي تمكنه منها.

ولا شك أن مصادر المعرفة تشكل أكبر منطقة احتكاك بين الدين والفلسفات الغربية، فمصدر المعرفة ومرتكزها هو الذي يحدد نتيجتها وطبيعة التعاطي معها.

ومن هنا كانت هذه الورقة لبيان المنهجية المعرفية السلفية، وإبراز تكاملها وخصائصها وميزاتها بين بحور المنهجيات والنظريات المعرفية، وليس دورنا القيام بعملية توفيقية بين المنظور الإسلامي للمعرفة والمنظور الغربي، كما أننا نحرص على أن نبين مصادر المعرفة التي تفاوت الناس في تحديدها، وتحديد قيمة كل منها بالنسبة للقائلين بأكثر من مصدر للمعرفة، بالإضافة للتأكيد على المفاصل المؤثرة في القضية، ونبدأ بتعريف النظرية أولا:

نظرية المعرفة: لا يخفى على القارئ لهذه النظريةِ مسيس الحاجة إلى معرفتها من حيث حدودها ورسمها وعلاقتها بالمصطلحات الأخرى ذات الصلة بها؛ كالعلم، لما بينهما من تشابه في المعنى وورود كل منهما في معرض التفسير للآخر؛ لذلك سوف نذكر تعريف المعرفة لغة واصطلاحا، ثم نبين معناها الذي استقته من التداول لها في ميادين شتى:

المعرفة لغة: قال ابن فارس: “العين والراء والفاء أصلان صحيحان، يدل أحدهما على تتابع الشيء متصلا بعضه ببعض، والآخر على السكون والطمأنينة.

فالأول: الْعُرْفُ: عرف الفرس. وسمي بذلك لتتابع الشعر عليه. ويقال: جاءت القطا عُرْفًا عُرْفًا، أي: بعضها خلف بعض.

والأصل الآخر المعرفة والْعِرْفَانُ تقول: عرف فلان فلانا عِرْفَانًا ومعرفة، وهذا أمر معروف. وهذا يدل على ما قلناه من سكونه إليه؛ لأن من أنكر شيئا توحش منه ونبا عنه”([1]).

ويأتي الفعل عَرَفَ لمعاني منها الإقرار والمجازاة وعرفه عِرِفَّانًا أي: علمه([2]).

ويظهر من كلام أهل اللغة أنهم يرون المعرفة إما مرادفة للعلم، أو مؤدية إلى مرتبة من مراتبه وهي السكون والطمأنينة كما قال ابن فارس.

وهذه عادة العرب في التعريف، فلم يكن من أساليبهم التعريف الجامع المانع، وإنما هو من إحداث الكلاميين المتأثرين بالمنطق اليوناني، بل يُعَرِّفُونَ الشيء بما يتعرف به إِمَّا بذكر ضده، أو مُقَارِنِهِ المعروف كما ذكر ذلك عنهم ابن تيمية في نقده للحد عند أرسطو([3])، وعليه فإن المعرفة في الاطلاق اللغوي لا تنفك عن العلم، إما باعتبار الترادف، أو أنها نوع منه.

والاستخدام القرآني لم يبتعد عن هذا المدلول اللغوي، بيد أنه زاد فيها معنى التفكر والتدبر كما في قوله تعالى: {تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ} [سورة المائدة:83]. وقوله تعالى: {يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُون} [سورة النحل:83]. قال الراغب إن معنى المعرفة في الآيتين: “إدراك الشي بتفكر وتدبر لأثره”([4]). كما جاءت صيغة عَرَّفَ بمعنى: بَيَّنَ وأعلم، كما في قوله تعالى: {عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ} [سورة التحريم:3].

واعترف بمعنى: أقرَّ، كما في قوله تعالى: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ} [سورة التوبة:102]. والمعروف ما عرف بالعقل والشرع([5])، {مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِين} [سورة البقرة:236].

وعليه فإن المعرفة إذا جاءت فعلا صادرا عن الإنسان فهي تعني الإدراك.

وقد نبَّه ابن القيم إلى فرق جوهري بين المعرفة والعلم في الاستعمال القرآني، وأن هذا الفرق يشمل اللفظ والمعنى، فقال: “الفرق بين العلم والمعرفة لفظا ومعنى.

أما اللفظ: ففعل المعرفة يقع على مفعول واحد، تقول: عرفت الدار، وعرفت زيدا، قال تعالى: {فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُون} [سورة يوسف:58]، وفعل العلم يقتضي مفعولين، كقوله تعالى: {إِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ} [سورة الممتحنة:10]، وإن وقع على مفعول واحد، كان بمعنى المعرفة، كقوله: {وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ} [سورة الأنفال:60].

 وأما الفرق المعنوي فمن وجوه:

أحدها: أن المعرفة تتعلق بذات الشيء، والعلم يتعلق بأحواله، فتقول: عرفت أباك، وعلمته صالحا عالما، ولذلك جاء الأمر في القرآن بالعلم دون المعرفة، كقوله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ} [سورة محمد:19]، وقوله: {اعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيم} [سورة المائدة:98].

فالمعرفة: حضور صورة الشيء ومثاله العلمي في النفس، والعلم: حضور أحواله وصفاته ونسبتها إليه، فالمعرفة: تشبه التصور، والعلم: يشبه التصديق.

الثاني: أن المعرفة في الغالب تكون لما غاب عن القلب بعد إدراكه، فإذا أدركه قيل: عرفه، أو تكون لما وصف له بصفات قامت في نفسه، فإذا رآه وعلم أنه الموصوف بها، قيل: عرفه، قال الله تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ} [سورة يونس:45].

فالمعرفة: تشبه الذكر للشيء، وهو حضور ما كان غائبا عن الذكر، ولهذا كان ضد المعرفة الإنكار، وضد العلم الجهل، قال تعالى: {يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُون} [سورة النحل:83]، ويقال: عرف الحق فأقر به، وعرفه فأنكره.

الثالث من الفرق: أن المعرفة تفيد تمييز المعروف عن غيره، والعلم يفيد تمييز ما يوصف به عن غيره، وهذا الفرق غير الأول، فإن ذاك يرجع إلى إدراك الذات وإدراك صفاتها، وهذا يرجع إلى تخليص الذات من غيرها، وتخليص صفاتها من صفات غيرها.

الرابع: أنك إذا قلت: علمت زيدا، لم يفد المخاطب شيئا؛ لأنه ينتظر بعد: أن تخبره على أي حال علمته؟

فإذا قلت: كريما أو شجاعا، حصلت له الفائدة، وإذا قلت: عرفت زيدا. استفاد المخاطب، أنك أثبته وميزته عن غيره، ولم يبق منتظرا لشيء آخر، وهذا الفرق في التحقيق إيضاح للفرق الذي قبله.

والفرق بين العلم والمعرفة عند أهل هذا الشأن: أن المعرفة عندهم هي العلم الذي يقوم العالم بموجبه ومقتضاه، فلا يطلقون المعرفة على مدلول العلم وحده”([6]).

وبهذا نكون قد انتهينا من الحد اللغوي للكلمة لنتجاوزه إلى الحد الاصطلاحي.

المعرفة في الاصطلاح:

فإن الفلاسفة حَدُّوهَا بِعِدَّةِ معان:

  • إدراك الشيء بإحدى الحواس.
  • العلم مطلقا كان تصورا أو تصديقا.
  • إدراك البسيط سواء كان تصورا للماهية أو تصديقا بأحوالها([7]).

وقد حاول الخائضون في علم الكلام إيجاد تفسير اصطلاحي لها، وكان حرصهم منصبا على التفريق بينها وبين العلم في الاستعمال، وذلك حرصا منهم على تحديد مجالها ومن يوصف بها، ومن لا يوصف، يقول الجرجاني: “المعرفة: إدراك الشيء على ما هو عليه، وهي مسبوقة بجهل بخلاف العلم، ولذلك يسمى الحق تعالى بالعالم دون العارف”([8]). وهي بهذا المعنى لا يمكن أن تتناول صفات الله عز وجل؛ لأن الصفات لا يمكن إدراكها على حقيقتها وحسبنا أن نفهم مراد الله منها، ولا يخلو التعريف من نظر كما لا يبعد أن يكون الجرجاني استقى المعنى من بعض المصطلحات العقدية؛ كالتفويض والتأويل وهي مصطلحات ينطلق أصحابها من استحالة المعنى الظاهر وأنه غير مراد لله عز وجل

وأما في الاصطلاح المعاصر: فإن المعرفة لها معنيان أساسيان، والباقي مضامين لهما:

المعنى الأول: الفعل العقلي الذي يتم به حصول صورة الشيء في الذهن.

المعنى الثاني: الفعل العقلي الذي يتم به النفوذ إلى جوهر الموضوع، لتفهم حقيقته بحيث تكون المعرفة بالشيء خالية من كل غموض، ومحيطةً موضوعيا بكل ما هو موجود للشيء في الواقع([9]).

وبالرغم من عدم وجود تعريف جامع مانع للمعرفة كنظرية لها قضاياها التي تهتم بها وتتناولها، لكن هذا لم يمنع من وجود نوع من الممارسة يمكن تفسيرها من خلاله، ومعرفة حدودها؛ وذلك أن الباحثين يؤكدون على وجود فرق بينها وبين علم المنطق الذي يبحث في القوانين الصورية للفكر، كما يميزونها عن علم النفس الذي هو علم تطبيقي يبحث في العمليات العقلية التي يقوم بها العقل في كسب معلوماته “فمباحث النظرية تتناول مجالا

أوسع من هذه العلوم الجزئية وأشمل، حيث تبحث في أصول المعرفة العامة التي تشترك أغلب العلوم الجزئية في الانتفاع بها”([10]).

لإبراز المنهج الصحيح في نظرية المعرفة، فإننا سوف نتناول مصادرها والتي تمثل مرتكزا أساسيا لها، مبينين خصوصية المنهج السلفي في التعامل مع مصادر المعرفة، إما بإثبات بعضها أو إلغائه أو تقديم بعضها على بعض.

 

مصادر المعرفة في المنهج السلفي:

يعد البحث في مصادر المعرفة من أهم قضايا المعرفة التي يعتني بها القائلون بإمكانية وجود المعرفة سواء كانت نسبية أو يقينية؛ ولأن المسلمين عموما وأهل المنهج السلفي خصوصا يؤكدون إمكان المعرفة، بل والوصول لمراحل اليقينية في بعض مجالاتها، فمن الطبيعي أن يتكلموا عن مصادرها.

وتعتبر ميزة المنهج السلفي عن المنهج الغربي الذي يعتمد العقل والتجربة مصدرين من مصادر المعرفة،([11]) هي زيادة مصدرية الوحي واعتباره مصدرا يقينيا للمعرفة، بالإضافة إلى تفصيله في بعض مصادر المعرفة الأخرى، كما أنه يتميز عن المناهج الأخرى ذات الطابع الإسلامي؛ مثل المناهج الكلامية والصوفية،([12]) بالتفصيل في مصدرية الوحي وتقديمه على غيره ورده للمصادر الثانوية للمعرفة إذا خالفت الوحي كالحدس والالهام وغيرهما، وسوف نتناول في هذا المبحث مصادر المعرفة في المنهج السلفي، ومجال كل واحد منها.

المصدر الأول: الوحي:

ليس المقصود بالوحي المعنى اللغوي الذي قد يُدخل مصادر أخرى كالإلهام والرؤيا([13]) والعلم الغريزي، وهي مصادر سوف نشير لها في البحث، وإنما المقصود به وحي الله إلى أنبيائه برسالاته، وقد سمى الله ما يعلمه لأنبيائه وحيا كما في قوله تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ} [سورة الأنعام:19]. وهو في الاصطلاح: “إعلام الله تعالى لنبيٍّ من أنبِيَائه بالشريعَة الْمنْزَلَةِ عليه، وما يتعلق بها من أخبار وأحكام”([14]) وقال الراغب: “أصلُ الوحي الإشارةُ السريعةُ؛ ولتضمُّنِ السرعة قيل: أمر وحي (أي سريع)، وذلك يكون بالكلامِ على سبيلِ الرمز والتعريض، وقد يكون بصوتٍ مجرد عن التركيب، وبإشارة ببعض الجوارح وبالكتابة، وقد حُمِل على ذلك قوله -تعالى-عن زكريا:﴿ فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا ﴾[مريم: 11] فقيل: رمز، وقيل: كتب.([15])

.

ولا شك أنه منذ نشأة البشرية تتابع عليها رسلٌ من الله، يبينون للناس ما أشكل عليهم في حياتهم، ويهدونهم في الأمور التي التبست عليهم بما في ذلك القضايا المعرفية؛ مثل: وجود الخالق، ووجود الإنسان، والبعث والمعاد، وتسيير حياة الناس، ومن هنا اعتبر المسلمون الوحي مصدرا أساسيا للمعرفة، وذلك لما يمتاز به من ميزات من أهمها:

اليقينية المطلقة: فالوحي لَمَّا كان من الله فإن علم الله يتخطى حدود الزمان والمكان ولا يعجزه ميدان من ميادين المعرفة خلافا للعلم البشري، وقد قدم الوحي معلومات جمة في المجالات التي أفلست المصادر الأخرى من تقديم شيء يقيني فيها تتفق كلمتها عليه([16])، وَالوحي فصَّلَ في الإنسان والحكمة من خلقه، وما وراء هذا الوجود من عالم غيبي خاضع لإله واحد عظيم موصوف بأكمل الصفات، والوحي بهذا يعتبر مصدرا يقينيا حاكما على جميع القضايا ومُقَدَّمًا على جميع المصادر بما في ذلك العقل لشموليته ويقينيته، وأي استبعاد للوحي كمصدر للمعرفة هو تضييق للنسق المعرفي وتوهين لبناء المعرفة؛ لأن القائلين بذلك ضيقوا المجال المعرفي وحصروا المعارف في المعارف الطبيعية، والمعارف الحسابية “ولذلك فقد امتن الله على عباده بالوحي؛ لأن الناس بأنفسهم لا يمكن أن يصلوا إلى تلك الحقائق التي يختص بها الوحي مع أنها أصول المهمات التي عليها مدار الهداية والسعادة”([17]).

ويحسن بنا بعد التأكيد على مصدرية الوحي أن نبين أهم المجالات التي تختص به، وهي في الأساس مجالان:

 

أولا: الغيب المحض.

فبعض الغيب يمكن أن يدرك بالعقل؛ مثل: حدوث السبب الظاهر عن مُسَبِّبِه الخفي، ويتم إدراك ذلك بناء على التلازم بين الحقيقة الغيبية وآثارها المحسوسة، أما اختصاص الوحي بالغيب المحض؛ فلأنه لا يمكن التَّيَقُّنُ منه إلا عن طريق الوحي.

ومن جملة الغيبيات التي تُمثل حاجة معرفية للإنسان، ولا يمكن أن يصل فيها إلى يقين إلا بالاستعانة بالوحي، صفات الله عز وجل وأسماؤه؛ “لأن العلم بحقيقة أي موجود إنما يكون بإدراكه أو بقياسه على ما يدرك بالحواس، فإذا لم نر الله في هذه الدنيا مع تنزيهه سبحانه أن يكون له مثيل يقاس عليه لم يمكن أن ندرك حقيقة ذاته وصفاته سبحانه، وإنما نعلم من ذلك ما علمنا الله”([18]).

ومن الغيب الذي يختص به الوحي: حقيقة الروح وعلم الساعة، وقد يخبر الوحي ببعض مسائل الغيب المحض فتكون معلومة من جهة دلالة الوحي عليها؛ مثل: صفات الله وتفاصيل البعث واليوم الآخر والملائكة والكتب ومبدأ الخلق.

ومن هنا تظهر أهمية الوحي وتوجيهه للعقل في القضايا الكبرى، والتي لا يمكن أن يصل العقل فيها إلى يقين، فدور العقل هو الاستدلال على صدق الرسول وقبول قوله؛ ولذلك قال شيخ الإسلام: “يكفيك من العقل أن يعلمك صدق الرسول ومعاني كلامه”([19])؛ ولذا فإن الاعتراف بمحدودية مصادر المعرفة من قبل الباحثين فيها([20]) إنما يحمل على المصادر البشرية، والتي تَكِلُّ عن الوصول إلى شيء يقيني في هذه الميادين التي تحدثنا عنها، ويبقى الوحي بمنأى عن هذه النسبية المطلقة في الوصول إلى الحقائق.

هذا فيما يتعلق بالغيب وملحقاته، أَمَّا المجال الثاني وهو التشريع فتفصيله في العنوان التالي.

 

 

ثانيا: التشريع.

وهذا ميدان معرفي هام يتعلق بإدارة المجتمعات، وتعيين مصالحها وتوجيهها وفقا لذلك، وعليه فإن المسلم الذي يدين الله بالإسلام، وكذلك كل عاقل، لا يمكن أن يتردد في التسليم للوحي وتفويضه على هذه السلطة، وجعلها خاصة به، ويقوم اختصاص الوحي بالتشريع على أساسين:

الأساس الأول: يتعلق بتوحيد الله وما يقتضيه من إفراده بالتشريع، وأنه حق خالص له ليس لأحد أن يشاركه فيه.

الأساس الثاني: يرتبط بطبيعة النفس البشرية، وتكوينها المعرفي المحدود وما يقتضي ذلك من عدم استقلال الإنسان بالتشريع([21]).

والتشريع الصادر عن الوحي المنظم لحياة الناس له مجالان: العبادات والمعاملات.

فالعبادات توقيفية لا يقبل فيها إلا الوحي ولا يشرع منها إلا ما شرعه الله.

والمعاملات عَفْوٌ وضعت الشريعة لها أصولا من أجل أن تنضبط؛ كعدم الغرر والضرر، وعدم وجود الربا، ثم تركت مساحتها واسعة للمكلفين، وصار الذم راجعا إلى أحد أمرين دخول المعاملة في إحدى الصور التي أشرنا إليها، أو تحريم مالم يدل دليل على تحريمه([22]).

ويجدر التنبيه إلى أن ميزة المنهج السلفي قد لا تكون في اعتبار الوحي مصدرا معرفيا فحسب، وإنما في تقديمه على غيره مطلقا مع التركيز على هيمنته على حياة الفرد والمجتمع، هذا مع استبعاد بعض أنواع الوحي كمصادر للمعرفة مثل: إلهام الأولياء ورؤيا المؤمن  والكشف، وهذا الاستبعاد ليس نفيا لهذه الأنواع كمصادر، وإنما دفعا لاستقلالها بالمصدرية دون قيد “وعليه فإن الوحي مبرأ من الانطواء في نظرية (اللاوعي) والتي خلاصتها: أن ما يظهر في رؤى الأفراد المنامية وأحلام اليقظة وكذلك الأساطير الدينية هو انبثاق عن اللاوعي إلى الوعي، وإنما يأتي فيها من آراء تكون معبرة بطريقة ما عن المجتمع ومتوافقة مع مشاعره ومصالحه ومصاغة بمقولاته ومبنية على مسلماته”([23]).

فالوحي بعيد كل البعد عن هذه النظرية ولم يكن للمناخ الثقافي ولا السياسي أي تأثير في تشريعه، ولم يستق معلوماته من أي مكون معرفي في بيئته، بل كله من الله عز وجل لذلك جاءت نصوصه مصححة للمعتقدات الباطلة، ولم يكن الوحي مع كل هذا خياليا بل كان واقعيا؛ لأنه أنزل ليعمل به الناس ويستوعب حياتهم؛ فبين الحق من الباطل، ووضع منهجا متكاملا يسير الناس وِفْقَهُ ولا يُقْبَلُ منهم غيره.

 

المصدر الثاني للمعرفة: العقل.

وهو قوة غريزية في النفس تتمكن به من إدراك الحقائق والتمييز بين الأمور([24]). وقدرة العقل على العلم تكون بالاستعانة بالحواس، وتتمثل هذه القوة بمبادئ فطر عليها الانسان([25])، وينتج عن هذه المبادئ علوم أخرى نتيجة لعمل العقل وربطه بين الأحداث وإعطائه النسبة بين التصورات.

والأفكار التي ينطلق منها الإنسان في تحصيل العلوم نوعان:

  • الأفكار الفطرية: وهي التي يطلق عليها الأولية أو الضرورية.
  • الأفكار التي حصلها الإنسان من خلال تفاعله مع ما يحيط به، وهي التي تسمى المكتسبة.

والأول هو الأصل؛ ولذلك فإن اختلاف الناس في القضايا يستدل على صحة قول القائل فيه بمدى اتفاقه مع الأفكار الأولية، كما يستدل على بطلان قول القائل بمناقضته للأفكار الأولية.

وعليه فإن أتباع المنهج السلفي لا ينازعون في أن العملية العقلية بهذه الطريقة مصدر للمعرفة، وهو ما يطلق عليه شيخ الإسلام ابن تيمية العقل الصريح وهو موافق للنقل بمعناه الشرعي، ولا يمكن أن يعارضه([26]).

ويُعْتَبَرُ من مسلمات النظر السلفي أن العقل حين بدأ رحلته إلى العلم لم يكن ثمت مصدر للمعرفة سواه؛ لكنه بعد نزول الوحي صار هناك مصدران للمعرفة هما الوحي والعقل، وهما وسيلتا الإنسان لنيل المعارف التي تمثل اهتماما له.

ولا يمكن للعقل بالمعنى الذي قررنا أن يعارض الوحي فيما توصل إليه من معارف، بل هو إما مؤكد أو شاهد ولم توجد صورة لتعارضهما مطلقا، فهو والوحي قرينان أنزلهما الله ليهتدي بهما الإنسان إلى القيم ويكتشف بهما الحقائق قال تعالى:{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيز} [سورة الحديد:25]. “فالقياس الصحيح هو من العدل الذي أنزله، ولا يجوز قط أن يختلف الكتاب والميزان، فلا يختلف نص ثابت عن الرسل وقياس صحيح، لا قياس شرعي ولا عقلي، ولا يجوز قط أن الأدلة الصحيحة النقلية تخالف الأدلة الصحيحة العقلية”([27]).

ولهذه المعرفة العقلية سمات([28]) أولها الفطرة وهي تعني قابلية الإنسان لاستيعاب الخير وفهمه والميل له، وهي تجمع معنيين عبادة الله وحل الطيبات([29]).

الفطرة ودورها في المعرفة: فالفطرة تمثل جزءًا كبيرا من المبادئ الأولية، بل هي أوضح أجزائها “فإنها من العلوم الضرورية اللازمة، التي لم يخل منها بشر قط، بخلاف كثير من العلوم التي قد تكون ضرورية، ولكن قد يغفل عنها كثير من بني آدم”([30]).

ومع ما يعتري الإنسان من لوثات وثنية، فإن الفطرة تبقى شعورا عاما في نفس الإنسان حتى يأذن الله بسبب يجلو اللوثات؛ كالاطلاع على الدين الصحيح والاقتداء به، فيقوم الشعور بتأكيد المعاني الشرعية وتقريرها واستحسانها.

والنزعة الفطرية ليست مرادفة للنزعة الدينية التي يتكلم عنها علماء الاجتماع، ويؤكدون اشتراك الأجناس البشرية فيها، فهذه الغريزة لا تتجاوز الاهتمام بالمعنى الإلهي وبما فوق الطبيعة وغايتها هو الاتجاه إلى الله، ولهذا كان سبيل إرواء هذه الغريزة هو اعتناق الديانات التي تربط بين الإنسان وبين الله، أما الفطرة التي فطر الله الناس عليها فإنه لا يمكن الوفاء بحقها إلا باعتناق الدين الصحيح([31]).

وللعقل طرق في الاستدلال، مثل؛ الاستقراء والقياس بأنواعه وغير ذلك مما ليس هذا محل تفصيل له.

وإلى هنا عرفنا أن العقل والوحي مصدران أساسيان للمعرفة، وبقية المصادر تبعٌ لهما، إِمَّا من قبيل أنها معتمدة عليهما معا، أو راجعة إليهما كما هو الحال في التجربة والإلهام والحدس والكشف والتحديث، فلا عبرة بشيء من هذه المصادر مالم يشهد الوحي أو العقل بصدقه، وتصور هذه المصادر منفردة عن الوحي والعقل عبث وتشغيب على العقل والوحي، وإفساد للمعرفة وتضييع للحقيقة.

خاتمة:

وخلاصة القول أن المعرفة في المنهج السلفي متمثلة في إثبات الوجود الخارجي للعالم الذي لا يرتبط بإدراك الإنسان، وهي ثمرة الالتقاء بين العقل والموجودات الخارجية، ولا يلزم من ذلك التلازم بينهما إذ ليس كل موجود معلوما للإنسان، والمعرفة تَنْتُجُ عن طريق تطبيق العقل مبادئه القبلية على الأشياء المعروضة عليه، والمعرفة هي التي يتميز بها الإنسان عمن لا يعقل، والقابلية لها وُجِدَت مع الإنسان الأول (آدم) على سبيل الطبع والغريزة ثم أبناؤه نالوها من بعده على مستويات، الأول: منها طبعي وهو الفطرة وملحقاتها من العلوم الضرورية.

ثم التفاصيل المكتسبة الناس متفاوتون فيها بحسب ما توفر لديهم من إمكانيات لنيل المعرفة، وهذه الإمكانيات متمثلة في الوحي والعقل والتَّجْرِبَةِ، وما ترشد إليه الحواس بالإضافة إلى تفاعل الإنسان مع هذه المصادر وتفعيلها في مجالاتها، ولا شك أن التناول المبسط لنظرية المعرفة في الفكر السلفي، والذي طغى عليه مبدأ الخصومة الثقافية عند المناوئين، والارتجال والخطابة عند المدافعين، أدى إلى تناول الفكر تناولا ساذجا يفتقد إلى المقومات الموضوعية، وتطبيق الأبجديات العقلية، فمثل هذا النوع من القضايا لا تكفي فيه العملية الاستقرائية ولا التتبع، أو ما يسمى بجمع المادة العلمية، بل الأمر يتجاوز ذلك إلى محاولة استنباط فكرة كلية جامعة تنتظم فيها الجزئيات وتتسق وتتكامل، فلا يوجد في المعرفة قديم وجديد، وإنما فيها حي ينير العقل وميت يغتاله، ولا يعصم من ضياعها إلا المنهج العلمي العلوي الذي لم يكن وليد صدفة، ولا نشأ من عدم، وإنما انبثق من معرفة كاملة لم تكن خاضعة لضغط حضاري مهيمن، ولا أسيرة لردة فعل منفعلة لا تتحاكم للشرع أو العقل.

 

 

 

           ([1]) معجم مقاييس اللغة لابن فارس (4/281).

([2]) القاموس المحيط (1/774).

([3])ينظر: الرد على المنطقيين (ص15 وما بعدها) وينظر الموافقات للشاطبي (1/69).

([4]) مفردات القرآن للراغب الأصفهاني (ص 33).

([5]) ينظر: المرجع السابق (ص 34 وما بعدها).

([6]) مدارج السالكين بتصرف (3/316 وما بعدها).

([7]) كشاف اصطلاحات الفنون (2/1039).

([8]) التعريفات للجرجاني (ص 231).

([9]) ينظر: المعجم الفلسفي جميل صليبا (2/392).

([10]) مصادر المعرفة في الفكر الديني والفلسفي الدكتور عبد الرحمن بن زيد الزنيدي (ص51) نقلا عن المدخل إلى الفلسفة (ص43) وأسس الفلسفة (ص 298).

([11]) ينظر: المدخل إلى الفلسفة (ص274)

([12]) ينظر: أساس التقديس للرازي ص (245) وينظر: الفتوحات المكية ص (120) ابن عربي الطائي

([13]) والمقصود بالإلهام والرؤيا ما يقع للأولياء وليس ما يقع للأنبياء فذلك داخل في الوحي وإلهام الأولياء هو الذي عرفه الدبوسي بقوله: “ما حرك القلب بعلم يدعوك إلى العمل به من غير استدلال بآية ولا نظر في حجة” تقويم الأدلة (ص392)

([14]) منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري (1/25).

([15]) المفردات (ص515)

([16]) ينظر: مصادر المعرفة في الفكر الديني والفلسفي (ص156).

([17]) منهج ابن تيمية المعرفي الدكتور عبد الله بن نافع الدعجاني (ص 83).

([18]) المعرفة في الإسلام ومصادرها ومجالاتها الدكتور عبد الله القرني (ص 144).

([19]) درء تعارض العقل والنقل (1/138).

([20]) ينظر: أسس الفلسفة (ص 311).

([21]) ينظر: المعرفة في الإسلام مصادرها ومجالاتها (ص 149).

([22]) يراجع: اقتضاء الصراط المستقيم (ص 269).

([23]) ينظر: مصادر المعرفة في الفكر الديني والفلسفي (ص 157) نقلا عن مناهج المستشرقين (1/234).

([24]) كشاف اصطلاحات الفنون (ص 1034).

([25]) ينظر: السلفية وقضايا العصر الدكتور عبد الرحمن بن زيد الزنيدي (ص195).

([26]) ينظر تفصيل المسألة في درء التعارض بين العقل والنقل (1/134وما بعدها).

([27]) الرد على المنطقيين بتصرف (1/262).

([28]) وللاستزادة ينظر: ورقة علمية صادرة عن مركز سلف للبحوث والدارسات بعنوان: سمات الأدلة الشرعية العقلية https://salafcenter.org/1582/.

([29]) ينظر: درء التعارض بين العقل والنقل(8/338) ومجموع الفتاوى (4/248).

([30]) درء تعارض العقل والنقل (8/488).

([31]) ينظر: مصادر المعرفة في الفكر الديني والفلسفي (ص353).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

جديد سلف

دعوى أن الخلاف بين الأشاعرة وأهل الحديث لفظي وقريب

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: يعتمِد بعض الأشاعرة المعاصرين بشكلٍ رئيس على التصريحات الدعائية التي يجذبون بها طلاب العلم إلى مذهبهم، كأن يقال: مذهب الأشاعرة هو مذهب جمهور العلماء من شراح كتب الحديث وأئمة المذاهب وعلماء اللغة والتفسير، ثم يبدؤون بعدِّ أسماء غير المتكلِّمين -كالنووي وابن حجر والقرطبي وابن دقيق العيد والسيوطي وغيرهم- […]

التداخل العقدي بين الفرق المنحرفة (الأثر النصراني على الصوفية)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: بدأ التصوُّف الإسلامي حركة زهدية، ولجأ إليه جماعة من المسلمين تاركين ملذات الدنيا؛ سعيًا للفوز بالجنة، واقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، ثم تطور وأصبح نظامًا له اتجاهاتٌ عقائدية وعقلية ونفسية وسلوكية. ومن مظاهر الزهد الإكثار من الصوم والتقشّف في المأكل والملبس، ونبذ ملذات الحياة، إلا أن الزهد […]

فقه النبوءات والتبشير عند الملِمّات

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: منَ الملاحَظ أنه عند نزول المصائب الكبرى بالمسلمين يفزع كثير من الناس للحديث عن أشراط الساعة، والتنبّؤ بأحداث المستقبَل، ومحاولة تنزيل ما جاء في النصوص عن أحداث نهاية العالم وملاحم آخر الزمان وظهور المسلمين على عدوّهم من اليهود والنصارى على وقائع بعينها معاصرة أو متوقَّعة في القريب، وربما […]

كيف أحبَّ المغاربةُ السلفيةَ؟ وشيء من أثرها في استقلال المغرب

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   مقدّمة المعلِّق في كتابِ (الحركات الاستقلاليَّة في المغرب) الذي ألَّفه الشيخ علَّال الفاسي رحمه الله كان هذا المقال الذي يُطلِعنا فيه علَّالٌ على شيءٍ من الصراع الذي جرى في العمل على استقلال بلاد المغرب عنِ الاسِتعمارَين الفرنسيِّ والإسبانيِّ، ولا شكَّ أن القصةَ في هذا المقال غيرُ كاملة، ولكنها […]

التوازن بين الأسباب والتوكّل “سرّ تحقيق النجاح وتعزيز الإيمان”

توطئة: إن الحياةَ مليئة بالتحدِّيات والصعوبات التي تتطلَّب منا اتخاذَ القرارات والعمل بجدّ لتحقيق النجاح في مختلِف مجالات الحياة. وفي هذا السياق يأتي دورُ التوازن بين الأخذ بالأسباب والتوكل على الله كمفتاح رئيس لتحقيق النجاح وتعزيز الإيمان. إن الأخذ بالأسباب يعني اتخاذ الخطوات اللازمة والعمل بجدية واجتهاد لتحقيق الأهداف والأمنيات. فالشخص الناجح هو من يعمل […]

الانتقادات الموجَّهة للخطاب السلفي المناهض للقبورية (مناقشة نقدية)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: ينعمُ كثير من المسلمين في زماننا بفكرٍ دينيٍّ متحرِّر من أغلال القبورية والخرافة، وما ذاك إلا من ثمار دعوة الإصلاح السلفيّ التي تهتمُّ بالدرجة الأولى بالتأكيد على أهمية التوحيد وخطورة الشرك وبيان مداخِله إلى عقائد المسلمين. وبدلًا من تأييد الدعوة الإصلاحية في نضالها ضدّ الشرك والخرافة سلك بعض […]

كما كتب على الذين من قبلكم (الصوم قبل الإسلام)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقدمة: مما هو متَّفق عليه بين المسلمين أن التشريع حقٌّ خالص محض لله سبحانه وتعالى، فهو سبحانه {لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54]، فالتشريع والتحليل والتحريم بيد الله سبحانه وتعالى الذي إليه الأمر كله؛ فهو الذي شرَّع الصيام في هذا الشهر خاصَّة وفضَّله على غيره من الشهور، وهو الذي حرَّم […]

مفهوم العبادة في النّصوص الشرعيّة.. والردّ على تشغيبات دعاة القبور

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة لا يَخفَى على مسلم أنَّ العبادة مقصَد عظيم من مقاصد الشريعة، ولأجلها أرسل الله الرسل وأنزل الكتب، وكانت فيصلًا بين الشّرك والتوحيد، وكل دلائل الدّين غايتها أن يَعبد الإنسان ربه طوعًا، وما عادت الرسل قومها على شيء مثل ما عادتهم على الإشراك بالله في عبادتِه، بل غالب كفر البشرية […]

تحديد ضابط العبادة والشرك والجواب عن بعض الإشكالات المعاصرة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة لقد أمر اللهُ تبارك وتعالى عبادَه أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]، ومدار العبادة في اللغة والشرع على التذلُّل والخضوع والانقياد. يقال: طريق معبَّد، وبعير معبَّد، أي: مذلَّل. يقول الراغب الأصفهاني مقررًا المعنى: “العبودية: إظهار التذلّل، والعبادة أبلغُ منها؛ […]

رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة.. بين أهل السنة والصوفية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الناظر المدقّق في الفكر الصوفي يجد أن من أخطر ما قامت عليه العقيدة الصوفية إهدار مصادر الاستدلال والتلقي، فقد أخذوا من كل ملة ونحلة، ولم يلتزموا الكتاب والسنة، حتى قال فيهم الشيخ عبد الرحمن الوكيل وهو الخبير بهم: “إن التصوف … قناع المجوسي يتراءى بأنه رباني، بل قناع […]

دعوى أن الحنابلة بعد القاضي أبي يعلى وقبل ابن تيمية كانوا مفوضة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة إن عهدَ القاضي أبي يعلى رحمه الله -ومن تبِع طريقته كابن الزاغوني وابن عقيل وغيرهما- كان بداية ولوج الحنابلة إلى الطريقة الكلامية، فقد تأثَّر القاضي أبو يعلى بأبي بكر الباقلاني الأشعريّ آخذًا آراءه من أبي محمد الأصبهاني المعروف بابن اللبان، وهو تلميذ الباقلاني، فحاول أبو يعلى التوفيق بين مذهب […]

درء الإشكال عن حديث «لولا حواء لم تخن أنثى»

  تمهيد: معارضة القرآن، معارضة العقل، التنقّص من النبي صلى الله عليه وسلم، التنقص من النساء، عبارات تجدها كثيرا في الكتب التي تهاجم السنة النبوية وتنكر على المسلمين تمسُّكَهم بأقوال نبيهم وأفعاله وتقريراته صلى الله عليه وسلم، فتجدهم عند ردِّ السنة وبيان عدم حجّيَّتها أو حتى إنكار صحّة المرويات التي دوَّنها الصحابة ومن بعدهم يتكئون […]

(وقالوا نحن ابناء الله ) الأصول والعوامل المكوّنة للأخلاق اليهودية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقدمة: لا يكاد يخفى أثر العقيدة على الأخلاق وأثر الفكر على السلوك إلا على من أغمض عينيه دون وهج الشمس منكرًا ضوءه، فهل ثمّة أصول انطلقت منها الأخلاق اليهودية التي يستشنعها البشر أجمع ويستغرب منها ذوو الفطر السليمة؟! كان هذا هو السؤال المتبادر إلى الذهن عند عرض الأخلاق اليهودية […]

مخالفات من واقع الرقى المعاصرة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الرقية مشروعة بالكتاب والسنة الصحيحة من فعل النبي صلى الله عليه وسلم وقوله وإقراره، وفعلها السلف من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان. وهي من الأمور المستحبّة التي شرعها الشارع الكريم؛ لدفع شرور جميع المخلوقات كالجن والإنس والسباع والهوام وغيرها. والرقية الشرعية تكون بالقرآن والأدعية والتعويذات الثابتة في السنة […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017