السبت - 19 جمادى الآخر 1446 هـ - 21 ديسمبر 2024 م

 حِفْظُ حُقوقِ المرأةِ في القرآن: سورة النساء نموذجًا

A A

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.

لقد جاء القرآن ليؤسِّس مجتمعًا متكاملًا منسجمًا، يسوده التديّن الصحيح المنضبط، ويسوسه الشرع الحكيم، ومن أجل تكريس مفهوم المجتمع الديني المتكامل بيَّن الشارع الحكيم الحقوق والواجبات التي يلتزم بها كلُّ فرد تجاه صاحبه، وببيان هذه الحقوق والواجبات يتمكن النظام من الهيمنة على حياة الأفراد لتوجيههم إلى الطريق السليم في نيل الحقوق ومنحها، وذلك وفق الضوابط التي تخدم مقصد الشرع المنزّل من تشريع الأحكام ووضع الحدود.

ومن بين الحقوق التي تنازعت فيها جميع الفلسفات والأديان قديمًا وحديثًا حقوق المرأة، وانقسم الناس فيها طرائق قددًا؛ بين من يؤسِّس لمجتمع ذكوري يستبعد أيّ حق للمرأة، وآخر أنثوي يرى الكون من خلال المرأة، ويؤكّد على حقوقها وفق نظرة مادية بحتة تستبعد أي بعد ديني في تعيين الحقوق.

وقد تناول القرآن قضيّة حقوق المرأة من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والدينية، وفصَّل حقوقها أيما تفصيل، وأعطاها من الامتيازات والاستحقاقات القدر الذي ينسجم مع طبيعتها ووظيفتها الحياتية وفطرتها الدينية، وأكّد على حقوقها في المواضع التي يُظَنُّ أن تضيع فيها؛ وذلك لأن الذي يمنح الحق نفسه قد يكون خصمًا كالولي والزوج وغيرهما، وأكد على حقوقها المالية سواء في باب الميراث أو الزوجية.

وقد كانت سورة النساء نموذجا للعدالة الاجتماعية التي يدعو إليها القرآن في حق المرأة، وسوف نتناول الحقوق المتعلقة بالمرأة والتي أكد عليها القرآن من خلال هذه السورة الكريمة.

الحقوق المالية:

لا شك أن المال يمثل ضرورة بالنسبة لكل إنسان؛ ولذا فإنه إذا استحقه يكون من كمال العدل صرفه له كاملًا غير منقوص، ونظرًا لإمكانية التحايل على المرأة في حق المال المستحق لها -إما بسبب عقد الزواج أو بسبب الورثة أو بأي سبب آخر- فإن القرآن أكد على صرف هذه الحقوق لها، وتنوّع هذا التأكيد بحسب المجالات، فأكد عليه في الحالة الاعتيادية، وطلب أن يصرف لها حقها بمجرد استحقاقه، كما أكد عليه عند الاختلاف، وهو مظنة ضياع الحق، وانتصار الطرف الأقوى لنفسه في مقابل ظلم غيره، كما أكد عليه وجعله فتوى موقعة من الله في حالة ضعف المرأة واتصافها باليتم، ودونك تفصيل ذلك كما ورد في السورة:

الحالة الأولى: الحالة الاعتيادية وهي الزواج:

فقد طلب في أوائل السورة إعطاء المرأة حقها وهو المهر كاملا، وألا يؤخذ منه شيء إلا بطيب نفس منها، فقال سبحانه: {وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا} [النساء: 4]. قال أبو جعفر: “يعني بذلك تعالى ذكره: وأعطوا النساء مهورهن عطيّة واجبة، وفريضة لازمة”([1]).

والخطاب هنا متّجه للأولياء والأزواج معًا؛ لأنهم لم يكونوا يعطون النساء من مهورهن شيئًا في الجاهلية([2])، ويكون في الآية نهي عن الشغار، وهو: أن يزوِّج الرجل الرجلَ أختَه على أن يزوجه أخته، ليس بينهما مهر([3]).

 وحاصل الأمر أن المهر حق مالي للمرأة، قليلا كان أو كثيرا، وليس لأحد من الطرفين -سواء كان وليا أو زوجا- إسقاطه، ولا أخذ شيء منه بدون رضاها، وهذا هو منطوق الآية، وقد جعل الله هذا الحق ديانة وفريضة كما هو مفهوم قوله تعالى: {نِحْلَةً}([4]).

الحالة الثانية حالة الخلاف:

وهنا يجعل القرآن العلاقة بالمرأة علاقة مقدسة لا يمكن أن تخضع لهوى الزوج، فإذا أراد أن ينهي الحياة الزوجية احتال على الحقوق المالية لزوجته، وأخذ ما أعطاها أو بعضه ليتزوج أخرى ويترك الزوجة الأخرى للمصير المجهول، فيأتي القرآن ليعالج هذا العرض الجانبي والسلوك الطارئ على الحياة الزوجية بالتأكيد على المعاشرة بالمعروف، وأنه إذا لم يمكن ذلك فإن الحق يبقى محفوظًا لصاحبه فقال سبحانه: {وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينا وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا} [النساء: 20، 21].

فحين تكلم سبحانه في سورة البقرة عن الفراق الذي سببه الزوجة وأن للزوج أخذ المال منها -وهو المذكور في قوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُون} [البقرة: 229]- بيَّن في هذه الآية أن الطلاق الذي لم ينتج عن سوء عشرة ولا عن مشاكل زوجية لا يمكن للزوج أن يأخذ فيه شيئا من المرأة([5]).

 وقوله سبحانه: {وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا} هو تنبيه على أن هذه الحياة والعلاقة علاقة مقدسة، لا يمكن التصرف فيها بمقتضى الهوى وما تمليه العواطف، وقد أكد هذا المعنى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((فاتقوا الله في النساء؛ فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه))([6]).

الحالة الثالثة: حالة الضعف:

هذه الحالات التي تقدمت ليس بالضرورة أن تكون المرأة فيها ضعيفة، بل قد تكون لها خيارات أخرى لاسترجاع حقها وبلوغ مُنيتها، وإن كان الشرع قد اختصر عليها الطريق وحفظ لها هذا الحق وأكده؛ لكن تبقى الحالة الثالثة وهي الحالة التي تكون فيها المرأة متنازعة مع طرف يمتلك من الصلاحيات ما لا تستطيع المرأة له دفعًا ولا لظلمه رفعًا، فهنا تولَّى الله هذا الأمر وجعل الحكم فيه فتيا منه سبحانه، فقال: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاء اللَّاتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا} [النساء: 127].

قال أبو جعفر: “يعني جل ثناؤه بقوله: “{وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ}: ويسألك -يا محمد- أصحابك أن تفتيهم في أمر النساء، والواجب لهن وعليهن، فاكتفى بذكر النساء من ذكر شأنهن؛ لدلالة ما ظهر من الكلام على المراد منه. {قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ}: قل لهم يا محمد: {اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ}، يعني: في النساء، {وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاء اللَّاتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ}”([7]).

روى البخاري عن عُرْوة بن الزُّبَيْرِ أنَّهُ سألَ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا {وإنْ خِفْتُمْ أنْ لَا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فانْكِحُوا مَا طابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النِّسَاء: 3]، قالت: هي لليتيمة في حجر وليّها، فيرغب في جمالها ومالها، ويريد أن يتزوجها بأدنى من سُنّة نسائها، فنهوا عن نكاحهن إلا أن يقسطوا لهن في إكمال الصداق، وأمروا بنكاح من سواهن من النساء. قالت عائشة: ثم استفتى الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد فأنزل الله عز وجل: {ويَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ الله يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ} [النِّسَاء: 127]، قالت: فبين الله في هذه الآية أن اليتيمة إذا كانت ذات جمال ومال رغبوا في نكاحها، ولم يلحقوها بسنتها بإكمال الصداق، فإذا كانت مرغوبة عنها في قلّة المال والجمال تركوها، والتمسوا غيرها من النساء. قال: فكما يتركونها حين يرغبون عنها، فليس لهم أن ينكحوها إذا رغبوا فيها إلا أن يقسطوا لها الأوفى من الصداق ويعطوها حقها([8]).

ففي هذه الآية حفظ لحق اليتيمة في ألا تنكح بغير صداق أو بصداق أقل من صداق مثيلاتها من بني عمومتها أو من هم في هيئتها في الجمال، ويكفي تقريرا للحق أن يكون فتوى من رب العالمين، لم يكِل أمرها إلى أحد سواه سبحانه وتعالى، وأكَّد على هذا الحق المالي والذي به حفظ كرامتها، وصانها من الضياع وجعلِها متعة في أيدي الوكلاء والأولياء ممن رقَّ دينهم؛ ولذلك شدَّد الفقهاء في نكاح اليتيمة، واشترطوا فيه شروطًا ليست في غيرها، فاشترطوا في تزويجها بلوغ عشر سنين وميلها للرجال وإذنها بالقول ومشاورتها ومشاورة القاضي([9]).

وفائدة التسمية مراعاة حقها، والشفقة عليها في تحري الكفاية والصلاح، فإن اليتيم مظنة الرأفة والرحمة([10]).

هذا فيما يتعلق بالحقوق المالية في حالة الحياة، أما ما يتعلق بالحقوق المالية في حالة الموت فإن وصية الله عز وجل المذكورة في السورة لم تهمل المرأة، بل فرضت لها حقها كزوجة وكأم وكأخت، قال تعالى: {لِلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا} [النساء: 7].

وهذه الآية نزلت في أوس بن ثابت الأنصاري، توفي وترك امرأة يقال لها: أم كجة وثلاث بنات له منها، فقام رجلان هما ابنا عم الميت ووصياه: سويد وعرفجة، فأخذا ماله ولم يعطيا امرأته ولا بناته شيئا، وكانوا في الجاهلية لا يورثون النساء ولا الصغير، وإن كان الصغير ذكرا، وإنما كانوا يورثون الرجال، ويقولون: لا نعطي إلا من قاتل وحاز الغنيمة، فجاءت أم كجة فقالت: يا رسول الله، إن أوس بن ثابت مات وترك علي ثلاث بنات وأنا امرأته، وليس عندي ما أنفق عليهن، وقد ترك أبوهن مالا حسنا، وهو عند سويد وعرفجة، ولم يعطياني ولا بناته شيئا، وهن في حجري، لا يطعمن ولا يسقين، فدعاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالا: يا رسول الله، ولدها لا يركب فرسا ولا يحمل كلًّا ولا ينكي عدوّا، فأنزل الله عز وجل: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ} إلخ، يعني: للذكور من أولاد الميت وأقربائه {نَصِيبٌ} حظ {مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ} من الميراث، {وَلِلنِّسَاءِ} وللإناث منهم {نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ}، أي: من المال، {أَوْ كَثُرَ} منه {نَصِيبًا مَّفْرُوضًا}، نصب على القطع، وقيل: جعل ذلك نصيبا فأثبت لهن الميراث، ولم يبين كم هو، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سويد وعرفجة: ((لا تفرقا من مال أوس بن ثابت شيئا؛ فإن الله تعالى جعل لبناته نصيبا مما ترك، ولم يبين كم هو حتى أنظر ما ينزل فيهن))، فأنزل الله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} [النساء: 11]. فلما نزلت أرسل رسول الله إلى سويد وعرفجة: أن ادفعا إلى أم كجة الثمن مما ترك وإلى بناته الثلثين، ولكما باقي المال([11]).

فعندما مُنع هؤلاء النسوة تدخَّل القرآن في تقرير حقهن، وأمر بصرفه، وسوَّى بينهن وبين الرجال في أصل الميراث للميت الذي اشتركوا في القرابة بدرجة واحدة، ثم عقب القرآن على ذلك بجعل الميراث وصية مفروضة وحقًّا معلومًا لا ينسخ ولا يبدّل فقال: {يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيمًا} [النساء: 11].

فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان الميراث للولد، والوصية للوالدين والأقربين، فنسخ الله عز وجل من ذلك ما أحب، فجعل للولد الذكر مثل حظ الأنثيين، وجعل للوالدين السدسين، وجعل للزوج النصف أو الربع، وجعل للمرأة الربع أو الثمن)([12]).

ولا يخفى على القارئ الكريم ما وصفت به هذه القسمة من الفرض وإرجاعها إلى حكمة الله عز وجل وكمال علمه وسعته، فهو الذي يعطي الحقوق بحسب الاستحقاق، وههنا مسألة مهمة، وهي أن الحق في الزكاة وفي غيرها يمنحه الشارع بمقتضى العدل والحكمة، ليس رديفا للمساواة؛ لأن المساواة لا تكون عدلا إلا إذا كانت بين متماثلين، لكنها تكون ظلما حين تكون بين متغايرين، والتغاير بين الذكر والأنثى في التركة راجع إلى طبيعة الالتزامات المنوطة بكل من الفريقين شرعا، فالرجل تجب عليه نفقة ابنته وزوجته وأخته، فمن المعقول إذا ورث أن يعطى له من المال بالقدر الذي يمكنه من أداء هذا الالتزام الشرعي، وقد فرض الله للمرأة حقًّا معلوما في التركة، إما على سبيل الوصية كما هو الواقع في هذه الآيات، فقوله تعالى: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} يعني: للابن من الميراث مثل حظ الأنثيين. ثم ذكر نصيب الإِناث من الأول فقال: {فَإِنْ كُنَّ} يعني: البنات {نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ}، وفي قوله تعالى: {فَوْقَ} قولان: أحدهما: أنها زائدة، كقوله تعالى: {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ}، والثاني: أنها بمعنى الزيادة. قال القاضي أبو يعلى: إنما نص على ما فوق الاثنتين والواحدة، ولم ينص على الاثنتين؛ لأنه لما جعل لكل واحدة مع الذكر الثلث، كان لها مع الأنثى الثلث أولى.

وقوله تعالى: {وَلِأَبَوَيْهِ} قال الزجاج: أبواه تثنية أَبٍ وأبة، والأصل في الأم أن يقال لها: أبة، ولكن استغنى عنها بأم، والكناية في قوله: {لِأَبَوَيْهِ} عن الميت وإن لم يجرِ له ذكر.

وقوله تعالى: {فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} أي: إِذا لم يخلف غير أبوين، فثلث ماله لأمه، والباقي للأب، وإِنما خصّ الأم بالذّكر لأنه لو اقتصر على قوله تعالى: {وَوَرِثَهُ أَبَواهُ} ظنّ الظان أن المال يكون بينهما نصفين، فلما خصّها بالثلث دل على التفضيل([13]).

وهكذا إلى آخر ما ذكر مما لو تتبعناه لخرج بنا عن موضوع الورقة، فمن الملاحظ أن تقرير حق المرأة والتأكيد عليه في هذا الباب لم يخل منه جزء من هذه الآيات؛ وذلك لما تضمنته الآيات من قسمة وافية كافية مستوعبة لحق المرأة المالي في الميت الذي يموت من أقاربها أو ممن له علاقة حياتية بها كالزوج، فلا يمكن منعها حقها أو التحايل عليه؛ لأن القسمة جاءت من عند الله سبحانه وتعالى، ويتولى تنفيذها في الأغلب الأعمّ قضاة المسلمين أو المحكمون من عدولهم؛ مما يجعل الحق خارجا عن محل النزاع.

 وبعد أن انتهينا من تبيين الحقوق المالية، نعرج على مسألة في غاية الأهمية، وقد تكررت في السورة، وهي تقرير الحق أثناء الخلاف في الحياة الزوجية وكيفية إدارة هذا الخلاف شرعا؛ فحين سمت الشريعة الحياة الزوجية ميثاقا غليظا؛ فإنها لم تترك كل خلاف يقع بين الزوجين عفوا دون تدخل شرعي إما بإعطاء حكم أو تشريع قضائي؛ وذلك ما سوف نفصله في الموضوع الموالي:

إدارة الخلافات في الحياة الزوجية:

لا شك أن الخلافات مظنة ضياع الحقوق والفجور في الخصومة والظلم، ويظهر ذلك حين تكون هذه الخلافات ناتجة عن معاشرة طويلة قد تؤدي إلى الْقِلَى بسبب ما يتكرر فيها من أحداث قد تكون مقلقة لكل من الطرفين، ولأن الشريعة جعلت على المرأة حقوقا، منها وجوب الطاعة لزوجها وحسن عشرته؛ فإن ذلك لم يمنع من وجود حلول للمشاكل الزوجية في حالة تضييع أحد من الطرفين لحق الآخر، أو أن الحياة بينهما لم تعد ممكنة، وعند النظر في الإجراءات المتبعة لنزع فتيل الخلاف بين الأسرة نجد الاهتمام الشديد بقضية الحقوق، والتأكيد على المحافظة عليها، وقد تناولت السورة هذه القضية في مقطعين منها:

فالأول منهما أكدت فيه على الحقوق، ثم ذكرت بعد ذلك الإجراء اللازم بعد معرفة الحقوق، فقال سبحانه مؤكدا لحقوق كل من الفريقين: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا} [النساء: 35]، “وهذا حكم أحوال أخرى تعرض بين الزوجين، وهي أحوال الشقاق من مخاصمة ومغاضبة وعصيان، ونحو ذلك من أسباب الشقاق، أي: دون نشوز من المرأة”([14]). وقد أجمع العلماء أن المخاطب بهذه الآية الحكام والأمراء([15]).

وحسبك بهذا اهتماما؛ وقوله: {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ} رجلا يصلح للحكومة والإصلاح بينهما، {وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا}، لأن الأقارب أعرف ببواطن الأحوال وأطلب للصلاح، ونفوس الزوجين أسكن إليهما، فيبرزان ما في ضمائرهما من الحب والبغض وإرادة الصحبة والفرقة، ويخلو كل حكم منهما بصاحبه ويفهم مراده، ولا يخفي حكَم عن حكَم شيئا إذا اجتمعا {إِن يُرِيدَا} أي: الحكمان {إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا} أي: الزوجين، أي: يقدرهما على ما هو الطاعة من إصلاح أو فراق، {إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا} بكل شيء، {خَبِيرًا} بالبواطن كالظواهر، فيمضى على الزوجين ما اتفق الحكمان عليه([16]).

فاختيار الشريعة للحكمين من أهل الأزواج في غاية العدل، وذلك أن كلا من الزوجين يركن إلى قريبه ويعتقد حرصه على توفيته حقه، وهذا الحكم خاص بهذه القضية، وإلا فالقرابة في الحكم في غير هذه الخصومة تعتبر تهمة تسقط الحكم وتردّ شهادة الشاهد، ولا شك أنه مع هذا الإجراء لا يمكن لأحد من الفريقين أن يدعي ضياع حقه؛ لأن الذي حكم به هو الحكم الذي ارتضاه من أهله ويعلم حرصه على حقه ومعرفته بمراده، أما الآية الأخرى فقد حددت سبب الفرقة بين الزوجين ومبرره من طرف المرأة، وهو مجرد الخوف وغلبة الظن على ضياع الحق، فجعلت لها الحق في الخروج من ربقة الزوجية إذا لم تتمكن من الصلح، فقال سبحانه: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [النساء: 128]. فعن خالد بن عرعرة قال: سمعت علي بن أبي طالب عليه السلام يقول في قوله عز وجل: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا}، قال: (هو الرجل يكون عنده امرأتان، فتكون إحداهما قد عجزت، أو تكون دميمة، فيريد فراقها، فتصالحه على أن يكون عندها ليلة وعند الأخرى ليالي ولا يفارقها، فما طابت به نفسها فلا بأس به، فإن رجعت سوى بينهما)([17]).

وقوله: {خافَتْ} بِمَعْنَى: تَوَقَّعَت([18])، وقوله: {نُشُوزًا} دوام النشوز، وقد جعلت الشريعة في هذه المسألة أحكاما، منها جواز المصالحة على مال في مقابل التنازل عن حقها في المبيت أو التنازل عنه تلقائيًّا أو الإيثار([19]).

 ثم مع هذا أكد على حقّها، وأنها مع مشقة العدل فيما يتعلق بين الأزواج في الأمور القلبية فإن ذلك لا يجيز تضيع الحق: {وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا} [النساء: 129]. ثم ذكر أن الفراق أحد الحلول التي لا تغلق على أحد من الزوجين باب الخير، بل قد يكون فيها خير كثير: {وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللّهُ كُلًا مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ اللّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا} [النساء: 130].

فيعلم مما سبق أن الحقوق الشرعية للمرأة غير مهملة، بل هي مقررة في كتاب محفوظ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد؛ ولذا فقد قررت في هذه السورة أصولها وكثير من فروعها، مما لو تتبع لخرجت منه مجلدات لا يفي القلم بعدها، ولا العقل بحصرها، والمراد من هذه الوقفات السريعة إرشاد القارئ إلى المعاني القريبة المقصودة للشارع، ومن أراد التوسع فعليه بكتب التفسير والأحكام، ففيها البغية، وإليها المنتهى في الاستيعاب، وقد تميزت أحكام القرآن في حفظ الحقوق عمومًا وحقوق المرأة خصوصًا بما تتميز به الأحكام المنزلة من رب العالمين، وهو الإتقان والحسن، فهي ليست ناتجة عن ردة فعل ذات طابع فكري أو مادي، ولا تستحضر المعاني استحضارا عاطفيًّا يخرج عن طور الحق، ويورد المهالك، بل هي من الحكيم الخبير الذي يشرع لعباده، وهو عالم بحالهم وما يطيقون، ويحكم بالأصلح الذي يجمع بين العدل والإحسان ويزيل الخلاف.
ــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) تفسير الطبري (7/ 552).

([2]) ينظر: غرائب التفسير وعجائب التأويل (1/ 273).

([3]) ينظر: تفسير البغوي (1/ 556).

([4]) ينظر: زاد المسير (1/ 178).

([5]) ينظر: تفسير القرطبي (5/ 100).

([6]) صحيح مسلم (1218).

([7]) تفسير الطبري (9/ 253).

([8]) صحيح البخاري (3672).

([9]) ينظر: منح الجليل شرح مختصر خليل (3277).

([10]) ينظر: عون المعبود (6/ 72).

([11]) ينظر: تفسير البغوي (1/ 572).

([12]) ينظر: تفسير مجاهد (ص: 268).

([13]) زاد المسير (1/ 379).

([14]) التحرير والتنوير (5/ 45).

([15]) ينظر: شرح صحيح البخاري لابن بطال (7/ 425)، الاستذكار لابن عبد البر (6/ 173).

([16]) ينظر: شرح الزرقاني على الموطأ (3/ 324).

([17]) ينظر: تفسير مجاهد (ص: 294)، تفسير الطبري (9/ 260).

([18]) ينظر: تفسير القرطبي (5/ 304).

([19]) ينظر: المرجع السابق (5/ 305).

التعليقات مغلقة.

جديد سلف

هل مُجرد الإقرار بالربوبية يُنجِي صاحبه من النار؟

مقدمة: كثيرٌ ممن يحبّون العاجلة ويذرون الآخرة يكتفون بالإقرار بالربوبية إقرارًا نظريًّا؛ تفاديًا منهم لسؤال البدهيات العقلية، وتجنُّبا للصّدام مع الضروريات الفطرية، لكنهم لا يستنتجون من ذلك استحقاق الخالق للعبودية، وإذا رجعوا إلى الشرع لم يقبَلوا منه التفصيلَ؛ حتى لا ينتقض غزلهم مِن بعدِ قوة، وقد كان هذا حالَ كثير من الأمم قبل الإسلام، وحين […]

هل كان شيخ الإسلام أبو عثمان الصابوني أشعريًّا؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: مِن مسالك أهل الباطل في الترويج لباطلهم نِسبةُ أهل الفضل والعلم ومن لهم لسان صدق في الآخرين إلى مذاهبهم وطرقهم. وقديمًا ادَّعى اليهود والنصارى والمشركون انتساب خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام إلى دينهم وملَّتهم، فقال تعالى ردًّا عليهم في ذلك: ﴿‌مَا ‌كَانَ ‌إِبۡرَٰهِيمُ يَهُودِيّا وَلَا نَصۡرَانِيّا وَلَٰكِن كَانَ […]

هل علاقة الوهابية بالصوفية المُتسنِّنة علاقة تصادم؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: تعتبر الصوفيةُ أحدَ المظاهر الفكرية في تاريخ التراث والفكر الإسلامي، وقد بدأت بالزهد والعبادة وغير ذلك من المعاني الطيِّبة التي يشتمل عليها الإسلام، ثم أصبحت فيما بعد عِلمًا مُستقلًّا يصنّف فيه المصنفات وتكتب فيه الكتب، وارتبطت بجهود عدد من العلماء الذين أسهموا في نشر مبادئها السلوكية وتعدَّدت مذاهبهم […]

مناقشة دعوى بِدعية تقسيم التوحيد

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة    مقدّمة: إن معرفة التوحيد الذي جاء به الأنبياء من أهم المهمّات التي يجب على المسلم معرفتها، ولقد جاءت آيات الكتاب العزيز بتوحيد الله سبحانه في ربوبيته وأنه الخالق الرازق المدبر، قال تعالى: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 54]، كما أمر الله تبارك وتعالى عباده […]

اتفاق علماء المسلمين على عدم شرط الربوبية في مفهوم العبادة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدّمة: كنّا قد ردَدنا في (مركز سلف) على أطروحة أحد المخالفين الذي راح يتحدّى فيها السلفيين في تحديد ضابط مستقيم للعبادة، وقد رد ردًّا مختصرًا وزعم أنا نوافقه على رأيه في اشتراط اعتقاد الربوبية؛ لما ذكرناه من تلازم الظاهر والباطن، وتلازم الألوهية والربوبية، وقد زعم أيضًا أن بعض العلماء […]

هل اختار السلفيون آراءً تخالف الإجماع؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: كثير من المزاعم المعاصرة حول السلفية لا تنبني على علمٍ منهجيٍّ صحيح، وإنما تُبنى على اجتزاءٍ للحقيقة دونما عرضٍ للحقيقة بصورة كاملة، ومن تلك المزاعم: الزعمُ بأنَّ السلفية المعاصرة لهم اختيارات فقهية تخالف الإجماع وتوافق الظاهرية أو آراء ابن تيمية، ثم افترض المخالف أنهم خالفوا الإجماع لأجل ذلك. […]

الألوهية والمقاصد ..إفراد العبادة لله مقصد مقاصد العقيدة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: مما يكاد يغيب عن أذهان بعض المسلمين اليوم أن العبودية التي هي أهمّ مقاصد الدين ليست مجرد شعائر وقتيّة يؤدّيها الإنسان؛ فكثير من المسلمين لسان حالهم يقول: أنا أعبدُ الله سبحانه وتعالى وقتَ العبادة ووقتَ الشعائر التعبُّدية كالصلاة والصيام وغيرها، أعبد الله بها في حينها كما أمر الله […]

تحقيق القول في زواج النبي ﷺ بأُمِّ المؤمنين زينب ومعنى (وتخفي في نفسك ما الله مبديه)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة لهج المستشرقون والمنصّرون بالطعن في مقام النبي صلى الله عليه وسلم بسبب قصة زواج النبي صلى الله عليه وسلم بأم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها، حتى قال الشيخ رشيد رضا رحمه الله: (دُعاة النصرانية يذكرون هذه الفرية في كل كتابٍ يلفِّقونه في الطعن على الإسلام، والنيل من […]

جُهود الشيخ صالح بن أحمد الْمُصَوَّعي في نشر الدعوة السلفية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الشيخ صالح بن أحمد الْمُصَوَّعي من العلماء البارزين في القرن الرابع عشر الهجري، وقد برزت جهوده في خدمة الإسلام والمسلمين. وقد تأثر رحمه الله بالمنهج السلفي، وبذل جهودًا كبيرة في نشر هذا المنهج وتوعية الناس بأهميته، كما عمل على نبذ البدع وتصحيح المفاهيم الخاطئة التي قد تنشأ في […]

صيانة الشريعة لحق الحياة وحقوق القتلى، ودفع إشكال حول حديث قاتل المئة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقدمة: إنّ أهلَ الأهواء حين لا يجدون إشكالًا حقيقيًّا أو تناقضًا -كما قد يُتوهَّم- أقاموا سوق الأَشْكَلة، وافترضوا هم إشكالا هشًّا أو مُتخيَّلًا، ونحن نهتبل فرصة ورود هذا الإشكال لنقرر فيه ولنثبت ونبرز تلك الصفحة البيضاء لصون الدماء ورعاية حقّ الحياة وحقوق القتلى، سدًّا لأبواب الغواية والإضلال المشرَعَة، وإن […]

برهان الأخلاق ودلالته على وجود الله

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: إنَّ قضيةَ الاستدلال على وجود الله تعالى، وأنه الربّ الذي لا ربّ سواه، وأنه المعبود الذي استحقَّ جميع أنواع العبادة قضية ضرورية في حياة البشر؛ ولذا فطر الله سبحانه وتعالى الخلق كلَّهم على معرفتها، وجعل معرفته سبحانه وتعالى أمرًا ضروريًّا فطريًّا شديدَ العمق في وجدان الإنسان وفي عقله. […]

التوظيف العلماني للقرائن.. المنهجية العلمية في مواجهة العبث الفكري الهدّام

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة     مقدمة: حاول أصحاب الفكر الحداثي ومراكزُهم توظيفَ بعض القضايا الأصولية في الترويج لقضاياهم العلمانية الهادفة لتقويض الشريعة، وترويج الفكر التاريخي في تفسير النصّ، ونسبية الحقيقة، وفتح النص على كلّ المعاني، وتحميل النص الشرعي شططَهم الفكري وزيفَهم المروَّج له، ومن ذلك محاولتُهم اجترار القواعد الأصولية التي يظنون فيها […]

بين عُذوبة الأعمال القلبية وعَذاب القسوة والمادية.. إطلالة على أهمية أعمال القلوب

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   مقدمة: تعاظمت وطغت المادية اليوم على حياة المسلمين حتى إن قلب الإنسان لا يكاد يحس بطعم الحياة وطعم العبادة إلا وتأتيه القسوة من كل مكان، فكثيرا ما تصطفُّ الجوارح بين يدي الله للصلاة ولا يحضر القلب في ذلك الصف إلا قليلا. والقلب وإن كان بحاجة ماسة إلى تعاهُدٍ […]

الإسهامات العلمية لعلماء نجد في علم الحديث.. واقع يتجاوز الشائعات

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: لا يخلو زمن من الأزمان من الاهتمام بالعلوم وطلبها وتعليمها، فتنشط الحركة التعليمية وتزدهر، وربما نشط علم معين على بقية العلوم نتيجة لاحتياج الناس إليه، أو خوفًا من اندثاره. وقد اهتم علماء منطقة نجد في حقبهم التاريخية المختلفة بعلوم الشريعة، يتعلمونها ويعلِّمونها ويرحلون لطلبها وينسخون كتبها، فكان أول […]

عرض وتعريف بكتاب: المسائل العقدية التي خالف فيها بعضُ الحنابلة اعتقاد السّلف.. أسبابُها، ومظاهرُها، والموقف منها

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة تمهيد: من رحمة الله عز وجل بهذه الأمة أن جعلها أمةً معصومة؛ لا تجتمع على ضلالة، فهي معصومة بكلِّيّتها من الانحراف والوقوع في الزّلل والخطأ، أمّا أفراد العلماء فلم يضمن لهم العِصمة، وهذا من حكمته سبحانه ومن رحمته بالأُمّة وبالعالـِم كذلك، وزلّة العالـِم لا تنقص من قدره، فإنه ما […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017