الجمعة - 19 رمضان 1445 هـ - 29 مارس 2024 م

حديث الأوعال رواية ودراية

A A

دأب كثير من أهل الأهواء على إنكار عقيدة أهل السنة والجماعة، واتهامهم بالمنكر من القول والزور، وطرقُهم وحيلُهم في سبيل تحقيق ذلك لا تنتهي، ومن أشهرها: أنهم يعمدون إلى حديث من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم -بغضِّ النظر عن صحة نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو ضعفها- ثم يلصقون العقائد المخالفة والأقوال المنكرة إلى أهل السنة والجماعة بناء على يفهمونه منه.

وفي هذه المقالة نتناول الكلام على الحديث المشهور بحديث الأوعال، من جهتي السند والمتن، ودلالته عند بعض أهل السنة والجماعة.

نص الحديث:

عن العباس بن عبد المطلب -رضي الله عنه- قال: كُنَّا جُلُوسًا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْبَطْحَاءِ، فَمَرَّتْ سَحَابَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَتَدْرُونَ مَا هَذَا؟»، قَالَ: قُلْنَا: السَّحَابُ، قَالَ: «وَالْمُزْنُ؟»، قُلْنَا: وَالْمُزْنُ، قَالَ: «وَالْعَنَانُ؟»، قَالَ: فَسَكَتْنَا، فَقَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ كَمْ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ؟»، قَالَ: قُلْنَا اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «بَيْنَهُمَا مَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ سَنَةٍ، وَمِنْ كُلِّ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ مَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ سَنَةٍ، وَكِثَفُ كُلِّ سَمَاءٍ مَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ سَنَةٍ، وَفَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ بَحْرٌ بَيْنَ أَسْفَلِهِ وَأَعْلاهُ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، ثُمَّ فَوْقَ ذَلِكَ ثَمَانِيَةُ أَوْعَالٍ بَيْنَ رُكَبِهِنَّ وَأَظْلافِهِنَّ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، ثُمَّ فَوْقَ ذَلِكَ الْعَرْشُ بَيْنَ أَسْفَلِهِ وَأَعْلاهُ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَاللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَوْقَ ذَلِكَ، وَلَيْسَ يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ أَعْمَالِ بَنِي آدَمَ شَيْءٌ»([1]).

شرح غريب الحديث:

«ثمانية أوعال»: أي: ثمانية ملائكة على صورة أوعال([2])، والوعل في لغة العرب: هو تَيْس الجبل -أي: ذكر الأروى-، وهو جنس من المعز الجبلية، له قرنان قويان منحنيان كسيفين أحدبين([3]).

«أظلافهنَّ»: جمع ظِلف، والظِّلْف في أيدي البقر والغنم كالظُّفْر للإنسان، والحافر للدواب والحمير، والخف للبعير، والمِخْلب للطير([4]).

درجة الحديث:

لم يتَّفق أهل السنة والجماعة على قول واحد في الحكم على هذا الحديث، فإن بعضهم ضعفه، وبعضهم صحَّحه، وللوصول إلى معرفة الراجح من هذا لا بد من جمع طرق الحديث، وعرضها على ميزان أهل الشأن وجهابذة العلل؛ كما قال إمام أهل العلل في زمانه علي بن المديني (ت 234هـ): “الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه”([5]).

وهذا ما سنعرض له فيما يلي بشيء من التفصيل يناسب المقام:

أولًا: من قال بتضعيف الحديث:

ذهب جماعة من أهل العلم إلى تضعيف حديث الأوعال، ومنهم:

  • ابن الجوزي (ت 597هـ) حيث يقول: “هذا حديث لا يصح”([6]).
  • وضعفه الشيخ الألباني (ت 1420هـ)، فقال: “إن الحديث ضعيف الإسناد، لا تقوم به حجة”([7]).

ومدار طرق هذا الحديث على رواية سِمَاك بن حرب، عن عبد الله بن عَمِيرة، عن الأحنف بن قيس، عن العباس بن عبد المطلب -رضي الله عنه-، ثم رواه عن سماك بن حرب جمع من الرواة متفاوتون في التوثيق، بل منهم من هو شديد الضعف متروك؛ مثل يحيى بن العلاء، فقد رواه عن عمه شعيب بن خالد، عن سماك به، ومعلوم أن يحيى بن العلاء متروك لا تقبل روايته؛ لكن رواية غيره من الثقات كإبراهيم بن طَهْمَان عن سماك تغني عنه؛ قال الحافظ الذهبي (ت 748هـ): “ويحيى بن العلاء متروك الحديث، وقد رواه إبراهيم بن طَهْمَان عن سماك، وإبراهيم ثقة”([8]).

لذا لا يعنينا الكلام عمن رواه عن سماك بن حرب، وسيكون التركيز على هذه الطريق الغريبة -أعني: سماك بن حرب، عن عبد الله بن عَميرة، عن الأحنف بن قيس- والتي حوت جملة من العلل القادحة، وبيانها فيما يأتي:

العلة الأولى: تفرد سماك بن حرب به عن عبد الله بن عميرة:

تفرد سماك بن حرب برواية هذا الحديث عن عبد الله بن عَمِيرة، وقد صرح بتفرده بعض الحفاظ:

يقول الحافظ أبو بكر البزار (ت 292هـ): “وهذا الحديث لا نعلمه يروى بهذا الكلام وهذا اللفظ إلا من هذا الوجه عن العباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعبد الله بن عَميرة لا نعلم روى عنه إلا سماك بن حرب([9]).

ويقول الحافظ الذهبي: “تفرد به سماك عن عبد الله، وعبد الله فيه جهالة”([10]).

وسماك بن حرب ممن لا يحتمل تفرده؛ لذا يقول النسائي: “كان ربما لقن، فإذا انفرد بأصل لم يكن حجة؛ لأنه كان يلقن فيتلقن”([11]).

العلة الثانية: جهالة عبد الله بن عَميرة:

عبد الله بن عميرة مجهول، لم يرو عنه إلا سماك بن حرب؛ فقد قال الإمام مسلم (ت 261هـ) عنه: “وممن تفرد عنه سماك بن حرب بالرواية… وعبد الله بن عميرة”([12])، وقال إبراهيم الحربي (ت 285هـ): “لا أعرفه”([13])، كما صرح الذهبي بجهالته([14]).

وقد ضعفه بعض المحدثين: كالعقيلي، وابن عدي([15]).

الرد على توثيق ابن حبان لعبد الله بن عميرة:

أما توثيق ابن حبان لعبد الله بن عميرة([16]) فمما لا يؤبه به، ولا يعتمد عليه؛ لأن في قبول توثيق ابن حبان تفصيلًا عند أهل العلم، وقد أبدع الشيخ المعلمي (ت 1386هـ) في بيانه، فقال: “والتحقيق أن توثيقه على درجات:

الأولى: أن يصرح به، كأن يقول «كان متقنًا»، أو: «مستقيم الحديث»، أو نحو ذلك.

الثانية: أن يكون الرجل من شيوخه الذين جالسهم وخبرهم.

الثالثة: أن يكون من المعروفين بكثرة الحديث، بحيث يعلم أن ابن حبان وقف له على أحاديث كثيرة.

الرابعة: أن يظهر من سياق كلامه أنه قد عرف ذاك الرجل معرفة جيدة.

الخامسة: ما دون ذلك.

فالأولى لا تقل عن توثيق غيره من الأئمة، بل لعلها أثبت من توثيق كثير منهم، والثانية قريب منها، والثالثة مقبولة، والرابعة صالحة، والخامسة لا يؤمن فيها الخلل”([17]).

وعبد الله بن عميرة ممن يندرج تحت الدرجة الخامسة، ففيه خلل أوضحه كلام الأئمة في عبد الله بن عميرة، ووصفهم لهم بالجهالة.

العلة الثالثة: لا يعلم لعبد الله بن عميرة سماع من الأحنف:

ومع كون عبد الله بن عميرة مجهولًا -وهذا وحده كاف في رد روايته- فهو لا يثبت له سماع من الأحنف بن قيس؛ ولهذا يقول الإمام البخاري (ت 256هـ): “ولا نعلم له سماعًا من الأَحنَف”([18]).

محاولة دفع هذه العلة:

حاول شيخ الإسلام ابن تيمية (ت 728هـ) دفع هذه العلة -في جوابه على قول من اعترض عليه: أليس مداره على ابن عميرة، وقد قال البخاري: لا يعرف له سماع من الأحنف؟!- فقال شيخ الإسلام: “قد رواه إمام الأئمة ابن خزيمة في كتاب التوحيد الذي اشترط فيه أنه لا يحتج فيه إلا بما نقله العدل عن العدل موصولًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم([19]). قلت -أي: شيخ الإسلام-: والإثبات مقدَّم على النفي، والبخاري إنما نفى معرفة سماعه من الأحنف، لم ينف معرفة الناس بهذا، فإذا عرف غيره -كإمام الأئمة ابن خزيمة- ما ثبت به الإسناد كانت معرفته وإثباته مقدمًا على نفي غيره وعدم معرفته”([20]).

الجواب عن ذلك:

قد أجاب الشيخ الألباني على كلام شيخ الإسلام بقوله: “وفي هذا الجواب ما لا يخفى، ومثله إنما يفيد مع المقلّد الذي لا علم عنده بطرق إعلال الحديث والجرح والتعديل، أو من لم يقف على إسناده الذي به يتمكن من نقده إن كان من أهله، أو من لم يطلع على كلام أهل النقد في بعض رجاله.

أما بعد أن عرف إسناد الحديث، وأنه تفرد به عبد الله بن عميرة، وتفرد سماك بالرواية عنه، وقول الحربي فيه: لا أعرفه، وإشارة مسلم إلى جهالته، وتصريح الذهبي بذلك كما سبق، فلا يفيد بعد الاطلاع على هذا أن ابن خزيمة أخرجه، لا سيما وهو معروف عند أهل المعرفة بهذا الفن أنه متساهل في التصحيح على نحو تساهل تلميذه ابن حبان”([21]).

ثانيًا: من قال بتصحيح الحديث:

ذهب جماعة من أهل العلم إلى تصحيح حديث الأوعال أو تحسينه، وفيما يلي أشهر من نقل عنهم ذلك:

  • فصححه ابن خزيمة والحاكم([22]).
  • وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: “حديث حسن”([23]).
  • وقال الحافظ ابن القيم (ت 751هـ): “رواه أبو داود بإسناد جيد”([24]).
  • وقال الحافظ الذهبي: “رواه أبو داود بإسناد حسن وفوق الحسن”([25]).

دفع علة الاضطراب في متنه:

قد أشكل على بعض الناس اختلاف مقدار المسافة بين السماء والأرض، وبين كل سماء والتي تليها، في روايات هذا الحديث:

ففي بعض الروايات: تقديرها بخمس مائة سنة؛ كما في رواية الإمام أحمد وأبي داود: قال صلى الله عليه وسلم: «هل تدرون كم بين السماء والأرض؟»، قال: قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: «بينهما مسيرة خمس مائة سنة، ومن كل سماء إلى سماء مسيرة خمس مائة سنة».

وفي بعضها: تقديرها بواحد أو اثنين أو ثلاث وسبعين؛ كما في رواية الترمذي وابن ماجه: قال صلى الله عليه وسلم: «كم ترون بينكم وبين السماء؟»، قالوا: لا ندري، قال: «فإن بينكم وبينها إما واحدا، أو اثنين، أو ثلاثا وسبعين سنة، والسماء فوقها كذلك».

وقد أجاب الحافظ ابن حجر (ت 852هـ) عن هذا الاختلاف بقوله: “والجمع بين اختلاف هذا العدد في هاتين الروايتين: أن تحمل الخمس مائة على السير البطيء: كسير الماشي على هينته، وتحمل السبعين على السير السريع كسير السعاة”([26]).

دلالة الحديث عند من صحَّحه:

قد أورد علماء أهل السنة والجماعة هذا الحديث في كتبهم في معرض الاستدلال على أن الله تعالى مستوٍ على العرش، والرد على شبهة الأشاعرة وغيرهم بأن الله سبحانه لا يجوز أن يوصف بأنه في سماء ولا في أرض، ولا على عرش ولا فوق([27]).

يقول الحافظ ابن خزيمة (ت 311هـ): “يدلُّ هذا الخبر على أن الماء الذي ذكره الله في كتابه أن عرشه كان عليه هو البحر الذي وصفه النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الخبر، وذكر بُعد ما بين أسفله وأعلاه، ومعنى قوله: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} [هود: 7] كقوله: {وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء: 17]، {وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء: 158]”([28]).

ويقول الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب (ت 1233هـ): “فيه التصريح بأن الله فوق عرشه -كما تقدم في الآيات المحكمات، والأحاديث الصحيحة وفي كلام السلف من الصحابة والتابعين وتابعيهم-، وهذا الحديث له شواهد في الصحيحين وغيرهما، ولا عبرة بقول من ضعفه؛ لكثرة شواهده التي يستحيل دفعها، وصرفها عن ظواهرها.

وهذا الحديث كأمثاله يدل على عظمة الله وكماله، وعظم مخلوقاته، وأنه المتصف بصفات الكمال التي وصف بها نفسه في كتابه، ووصفه بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى كمال قدرته، وأنه هو المعبود وحده لا شريك له، دون كل ما سواه”([29]).

وبهذا يعلم أن علماء أهل السنة والجماعة -الذين صححوا حديث الأوعال- لم يوردوه في كتبهم ليأخذوا منه معنى زائدًا على ما هو ثابت مقرر عندهم بالأدلة الأخرى من الكتاب والسنة، وإن كان قد يستفاد منه الجمع بين صفات الكمال لله تعالى؛ ولهذا يقول ابن تيمية: “وهنا أخبر أنه مع علوه على عرشه يعلم ما يلج ما في الأرض وما يخرج منها، وهو مع العباد أينما كانوا: يعلم أحوالهم والله بما يعملون بصير”([30])، وهذه المعاني ثابتة بالأدلة المستفيضة من الكتاب والسنة:

فمن أدلة الكتاب:

قول الله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5]، وقال ربنا عز وجل: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: 54]، وقال سبحانه: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [السجدة: 4]، وقال الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} [هود: 7].

ومن أدلة السنة:

قوله صلى الله عليه وسلم: «أَلاَ تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ؟! يَأْتِينِي خَبَرُ السَّمَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً»([31])، وقوله صلى الله عليه وسلم: «لَمَّا قَضَى اللَّهُ الخَلْقَ كَتَبَ فِي كِتَابِهِ فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ العَرْشِ: إِنَّ رَحْمَتِي غَلَبَتْ غَضَبِي»([32]).

ولو ذهبنا نستقصي أدلة الكتاب والسنة على هذا المعنى لطال بنا المقام؛ لذا يقول الإمام ابن خزيمة: “فنحن نؤمن بخبر الله جل وعلا أن خالقنا مستو على عرشه، لا نبدل كلام الله، ولا نقول قولًا غير الذي قيل لنا، كما قالت المعطلة الجهمية: إنه استولى على عرشه لا استوى، فبدلوا قولًا غير الذي قيل لهم، كفعل اليهود لما أمروا أن يقولوا: حطة، فقالوا: حنطة؛ مخالفين لأمر الله جل وعلا، كذلك الجهمية”([33]).

وقد جاء في الحديث وصف حملة العرش بأنهم ثمانية أوعال، والصواب أنهم من الملائكة على صورة الأوعال؛ فقد أخرج ابن خزيمة من طريق سماك، عن عبد الله بن عميرة، عن الأحنف عن العباس موقوفًا عليه في قوله تعالى: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} [الحاقة: 17]: “أملاك في صورة الأوعال”([34]).

ونحن لا ندري صفة تلك الأوعال كاملًا، ولا ندرك كيفيتها، وبهذا لا يتعارض الحديث -عند من قال بتصحيحه- مع قوله تعالى: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ}، ومع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أُذِنَ لِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ مَلَكٍ مِنْ مَلَائِكَةِ اللَّهِ مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ، إِنَّ مَا بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ إِلَى عَاتِقِهِ مَسِيرَةُ سَبْعِ مِائَةِ عَامٍ»([35]).

والحمد لله أولًا وآخرًا، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

ـــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) أخرجه الإمام أحمد (3/ 292-292)، وأبو داود (4723)، والترمذي (3320)، وابن ماجه (193)، وقد توسع بعضهم في تخريجه، ولينظر على سبيل المثال: نفح العبير للعتيبي (1/ 66 وما بعدها)، أنيس الساري -تخريج أحاديث فتح الباري- (4/ 2601 وما بعدها).

([2]) ينظر: المجموع المغيث لأبي موسى المديني (3/ 435)، النهاية في غريب الحديث لابن الأثير (5/ 207)، لسان العرب (11/ 731).

([3]) ينظر: لسان العرب (11/ 731)، المعجم الوسيط (2/ 1044).

([4]) ينظر: الجراثيم لابن قتيبة (2/ 255)، الفصيح لثعلب (ص: 322)، تفسير غريب ما في الصحيحين البخاري ومسلم لأبي عبد الله الحميدي (ص: 332).

([5]) ينظر: معرفة علوم الحديث (ص: 82)، تدريب الراوي (1/ 253)، توضيح الأفكار (2/ 29).

([6]) العلل المتناهية في الأحاديث الواهية (1/ 9).

([7]) في مقال له نشره في مجلة المسلمون (6/ 688- 693). وينظر: سلسلة الأحاديث الضعيفة (3/ 398).

([8]) العلو للعلي الغفار (ص: 60)، وقد ذكرنا قول الذهبي كاملا لأننا سنحتاجه فيما بعد.

([9]) مسند البزار (4/ 137).

([10]) العلو للعلي الغفار (ص: 60).

([11]) ينظر: تهذيب التهذيب لابن حجر (4/ 234).

([12]) المنفردات والوحدان (ص: 141، 144).

([13]) ينظر: المرجع نفسه (5/ 344).

([14]) تقدم كلامه في الفقرة السابقة.

([15]) ينظر: الضعفاء للعقيلي (2/ 284)، والكامل لابن عدي (5/ 385).

([16]) الثقات (5/ 42).

([17]) التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل (2/ 669).

([18]) التاريخ الكبير (5/ 159).

([19]) ينظر: التوحيد لابن خزيمة (1/ 11).

([20]) قاله في أثناء المجلس الذي عقد لمناقشة ما أورده في الواسطية، ينظر: مجموع الفتاوى (3/ 192).

([21]) سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة (3/ 402).

([22]) ينظر: التوحيد لابن خزيمة (1/ 238)، والمستدرك للحاكم (2/ 316، 410، 543).

([23]) العقيدة الواسطية (ص: 12 -بتعليق ابن مانع-).

([24]) ينظر: مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة للبعلي (ص: 433)، وهذا الكلام لا يوجد في المطبوع من أصل الكتاب -الصواعق المرسلة- لابن القيم، وقد طبع منه نحو ثلُثه فقط.

([25]) العرش (2/ 41). ويشكل عليه ما تقدم من قوله في كتابه العلو: “تفرد به سماك عن عبد الله، وعبد الله فيه جهالة”.

([26]) فتح الباري (13/ 413-414).

([27]) ينظر: رسالة في إثبات الاستواء والفوقية للجويني (ص: 46)، ورسالة السجزي إلى أهل زبيد (ص: 180)، والانتصار في الرد على المعتزلة لأبي الحسين العمراني (2/ 624- 625). وإتمامًا للفائدة ففي مركز سلف ورقة علمية بعنوان: “إثبات صفة العلو والجواب عن الشبه الواردة عليها”، ودونك رابطها: https://salafcenter.org/3070/.

([28]) التوحيد (1/ 238).

([29]) تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد (ص: 646).

([30]) ينظر: منهاج السنة النبوية (8/ 379-380).

([31]) أخرجه البخاري (4351)، ومسلم (1064)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

([32]) أخرجه البخاري (3194)، ومسلم (2751)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

([33]) التوحيد (1/ 233).

([34]) أخرجه ابن خزيمة في التوحيد (1/ 251).

([35]) أخرجه أبو داود (4727) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1/ 282).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

جديد سلف

التوازن بين الأسباب والتوكّل “سرّ تحقيق النجاح وتعزيز الإيمان”

توطئة: إن الحياةَ مليئة بالتحدِّيات والصعوبات التي تتطلَّب منا اتخاذَ القرارات والعمل بجدّ لتحقيق النجاح في مختلِف مجالات الحياة. وفي هذا السياق يأتي دورُ التوازن بين الأخذ بالأسباب والتوكل على الله كمفتاح رئيس لتحقيق النجاح وتعزيز الإيمان. إن الأخذ بالأسباب يعني اتخاذ الخطوات اللازمة والعمل بجدية واجتهاد لتحقيق الأهداف والأمنيات. فالشخص الناجح هو من يعمل […]

الانتقادات الموجَّهة للخطاب السلفي المناهض للقبورية (مناقشة نقدية)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: ينعمُ كثير من المسلمين في زماننا بفكرٍ دينيٍّ متحرِّر من أغلال القبورية والخرافة، وما ذاك إلا من ثمار دعوة الإصلاح السلفيّ التي تهتمُّ بالدرجة الأولى بالتأكيد على أهمية التوحيد وخطورة الشرك وبيان مداخِله إلى عقائد المسلمين. وبدلًا من تأييد الدعوة الإصلاحية في نضالها ضدّ الشرك والخرافة سلك بعض […]

كما كتب على الذين من قبلكم (الصوم قبل الإسلام)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقدمة: مما هو متَّفق عليه بين المسلمين أن التشريع حقٌّ خالص محض لله سبحانه وتعالى، فهو سبحانه {لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54]، فالتشريع والتحليل والتحريم بيد الله سبحانه وتعالى الذي إليه الأمر كله؛ فهو الذي شرَّع الصيام في هذا الشهر خاصَّة وفضَّله على غيره من الشهور، وهو الذي حرَّم […]

مفهوم العبادة في النّصوص الشرعيّة.. والردّ على تشغيبات دعاة القبور

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة لا يَخفَى على مسلم أنَّ العبادة مقصَد عظيم من مقاصد الشريعة، ولأجلها أرسل الله الرسل وأنزل الكتب، وكانت فيصلًا بين الشّرك والتوحيد، وكل دلائل الدّين غايتها أن يَعبد الإنسان ربه طوعًا، وما عادت الرسل قومها على شيء مثل ما عادتهم على الإشراك بالله في عبادتِه، بل غالب كفر البشرية […]

تحديد ضابط العبادة والشرك والجواب عن بعض الإشكالات المعاصرة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة لقد أمر اللهُ تبارك وتعالى عبادَه أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]، ومدار العبادة في اللغة والشرع على التذلُّل والخضوع والانقياد. يقال: طريق معبَّد، وبعير معبَّد، أي: مذلَّل. يقول الراغب الأصفهاني مقررًا المعنى: “العبودية: إظهار التذلّل، والعبادة أبلغُ منها؛ […]

رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة.. بين أهل السنة والصوفية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الناظر المدقّق في الفكر الصوفي يجد أن من أخطر ما قامت عليه العقيدة الصوفية إهدار مصادر الاستدلال والتلقي، فقد أخذوا من كل ملة ونحلة، ولم يلتزموا الكتاب والسنة، حتى قال فيهم الشيخ عبد الرحمن الوكيل وهو الخبير بهم: “إن التصوف … قناع المجوسي يتراءى بأنه رباني، بل قناع […]

دعوى أن الحنابلة بعد القاضي أبي يعلى وقبل ابن تيمية كانوا مفوضة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة إن عهدَ القاضي أبي يعلى رحمه الله -ومن تبِع طريقته كابن الزاغوني وابن عقيل وغيرهما- كان بداية ولوج الحنابلة إلى الطريقة الكلامية، فقد تأثَّر القاضي أبو يعلى بأبي بكر الباقلاني الأشعريّ آخذًا آراءه من أبي محمد الأصبهاني المعروف بابن اللبان، وهو تلميذ الباقلاني، فحاول أبو يعلى التوفيق بين مذهب […]

درء الإشكال عن حديث «لولا حواء لم تخن أنثى»

  تمهيد: معارضة القرآن، معارضة العقل، التنقّص من النبي صلى الله عليه وسلم، التنقص من النساء، عبارات تجدها كثيرا في الكتب التي تهاجم السنة النبوية وتنكر على المسلمين تمسُّكَهم بأقوال نبيهم وأفعاله وتقريراته صلى الله عليه وسلم، فتجدهم عند ردِّ السنة وبيان عدم حجّيَّتها أو حتى إنكار صحّة المرويات التي دوَّنها الصحابة ومن بعدهم يتكئون […]

(وقالوا نحن ابناء الله ) الأصول والعوامل المكوّنة للأخلاق اليهودية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقدمة: لا يكاد يخفى أثر العقيدة على الأخلاق وأثر الفكر على السلوك إلا على من أغمض عينيه دون وهج الشمس منكرًا ضوءه، فهل ثمّة أصول انطلقت منها الأخلاق اليهودية التي يستشنعها البشر أجمع ويستغرب منها ذوو الفطر السليمة؟! كان هذا هو السؤال المتبادر إلى الذهن عند عرض الأخلاق اليهودية […]

مخالفات من واقع الرقى المعاصرة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الرقية مشروعة بالكتاب والسنة الصحيحة من فعل النبي صلى الله عليه وسلم وقوله وإقراره، وفعلها السلف من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان. وهي من الأمور المستحبّة التي شرعها الشارع الكريم؛ لدفع شرور جميع المخلوقات كالجن والإنس والسباع والهوام وغيرها. والرقية الشرعية تكون بالقرآن والأدعية والتعويذات الثابتة في السنة […]

هل الإيمان بالمُعجِزات يُؤَدي إلى تحطيم العَقْل والمنطق؟

  هذه الشُّبْهةُ مما استنَد إليه مُنكِرو المُعجِزات منذ القديم، وقد أَرَّخ مَقالَتهم تلك ابنُ خطيب الريّ في كتابه (المطالب العالية من العلم الإلهي)، فعقد فصلًا في (حكاية شبهات من يقول: القول بخرق العادات محال)، وذكر أن الفلاسفة أطبقوا على إنكار خوارق العادات، وأما المعتزلة فكلامهم في هذا الباب مضطرب، فتارة يجوّزون خوارق العادات، وأخرى […]

دعاوى المابعدية ومُتكلِّمة التيميَّة ..حول التراث التيمي وشروح المعاصرين

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: في السنوات الأخيرة الماضية وإزاء الانفتاح الحاصل على منصات التواصل الاجتماعي والتلاقح الفكري بين المدارس أُفرِز ما يُمكن أن نسمِّيه حراكًا معرفيًّا يقوم على التنقيح وعدم الجمود والتقليد، أبان هذا الحراك عن جانبه الإيجابي من نهضة علمية ونموّ معرفي أدى إلى انشغال الشباب بالعلوم الشرعية والتأصيل المدرسي وعلوم […]

وثيقة تراثية في خبر محنة ابن تيمية (تتضمَّن إبطالَ ابنِ تيمية لحكمِ ابن مخلوف بحبسه)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة الحمد لله ربِّ العالمين، وأصلي وأسلم على من بُعث رحمةً للعالمين، وبعد: هذا تحقيقٌ لنصٍّ وردت فيه الأجوبة التي أجاب بها شيخ الإسلام ابن تيمية على الحكم القضائيّ بالحبس الذي أصدره قاضي القضاة بالديار المصرية في العهد المملوكي زين الدين ابن مخلوف المالكي. والشيخ كان قد أشار إلى هذه […]

ترجمة الشيخ المسند إعزاز الحق ابن الشيخ مظهر الحق(1)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة اسمه ونسبه: هو الشيخ إعزاز الحق ابن الشيخ مظهر الحق بن سفر علي بن أكبر علي المكي. ويعُرف بمولوي إعزاز الحق. مولده ونشأته: ولد رحمه الله في عام 1365هـ في قرية (ميرانغلوا)، من إقليم أراكان غرب بورما. وقد نشأ يتيمًا، فقد توفي والده وهو في الخامسة من عمره، فنشأ […]

عرض وتعريف بكتاب: “قاعدة إلزام المخالف بنظير ما فرّ منه أو أشد.. دراسة عقدية”

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المعلومات الفنية للكتاب: عنوان الكتاب: (قاعدة إلزام المخالف بنظير ما فرّ منه أو أشد.. دراسة عقدية). اسـم المؤلف: الدكتور سلطان بن علي الفيفي. الطبعة: الأولى. سنة الطبع: 1445هـ- 2024م. عدد الصفحات: (503) صفحة، في مجلد واحد. الناشر: مسك للنشر والتوزيع – الأردن. أصل الكتاب: رسالة علمية تقدَّم بها المؤلف […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017