الأحد - 19 ذو الحجة 1446 هـ - 15 يونيو 2025 م

  تصدير سِجلّ مؤتمر جمعيّة العلماء المسلمين الجزائريِّين للشيخ محمد البشير الإبراهيمي رحمه الله (6)

A A

 للتحميل كملف pdf  اضغط هنا

أولّ صيحةٍ ارتفَعت بالإصلاح في العهد الأخير

لا نزاعَ في أنَّ أولَ صيحةٍ ارتفَعت في العالم الإسلاميّ بلزوم الإصلاح الدّيني والعلميّ في الجيل السابق لجيلنا هي صيحةُ إمام المصلحين الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده رضي الله عنه([1])، وأنه أندَى الأئمَّة المصلحين صوتًا وأبعدُهم صيتًا في عالم الإصلاح. فلقد جاهر بالحقيقة المرَّة، وجهَر بدعوة المسلمين في مشارق الأرضِ ومغاربها إلى الرجوع إلى الدّين الصحيح والتِماس هديِه من كتاب الله ومن سنَّة نبيِّه، وإلى تمزيق الحُجُب التي حجَبت عنَّا نورَهما وحالت بيننا وبين هديهما؛ مبيِّنًا بصوتٍ يُسمِع الصُّمَّ وبلاغةٍ تستنزل العُصم([2]) أنَّ علَّة العِلل في سقوط المسلمين وتأخُّرهم وراءَ الأمم وانحطاطِهم عن تلك المكانَة التي كانت لهم في سالف الزَّمن هي بُعدهم عن ذلك الهدي الروحاني الأعلى، وأنَّه لا يُرجى لهم فلاحٌ في الدنيا ولا في الآخرة، ولا صلاح حالٍ يستتبع صلاحَ المآل، ولا عزَّة جانبٍ تردُّ عنهم عادِية الغاصبين من الأجانب، إلّا إذا راجَعوا بصائرهم، واسترجعوا ذلك الهديَ الذي لم يغصبه منهم غاصِب، وإنما هَجروه عن طوعٍ أشبه بالكُره، واختيار أشبَه بالاضطرار، فباؤُوا بالمهانَة والصَّغار والضَّعَة والخسار.

كانت تلك الصيَّحة الداويةُ من فمِ ذلك المصلح العظيم صاخَّةً لآذان المتربِّصين بالإسلام، ولآذان المبطلين من تجّار الولاية والكرامات وعبَدَة الأجداث والأنصاب، ولآذان الجامِدين من العلماء، وَجموا لها([3])، وملَكتهم غَشية الذهول؛ عِلمًا منهم أنَّ أولَ آثارها إذا تغَلغَلت في النفوس هو قطعُ الطريق على المتربِّصين، وهدمُ سلطان المبطلين الزائف ومكانتهم الكاذبة وجاههم الخادع، وجفافُ المراعي الخصبة التي كانوا يُسيمون([4]) فيها شَهواتهم ولذّاتهم، ونُضوب المنابع الرويَّة من المال التي كانوا يُعلّون([5]) منها ويَنهَلون.

ولقَد وقفُوا بعدَ زوال تلكَ الغَشية صفًّا واحدًا في وجهِ ذلك المصلح، يجادِلونه بالبهت، ويكايدونه بالإفك، وألَّبوا عليه الألسنة والأقلام، ووقَفوا له بكلِّ مَرصد، ورموه بكل نقيصةٍ. فلم ينالوا منه نيلًا إلّا قولهم: إنه كافر، وهَنَةً وَهِنَةً، وهذه هي النّغمة المردَّدة التي كان فقهاء الجيل البائد في وطننا هذا وفي غيره يردِّدونها مقرونةً بالسّبّ واللّعن، وقد ورثها عنهم أهلُ هذا الجيل، واشتقُّوا منها اشتقاقات غريبة، وهي أسلحتهم التي يقذفون بها في وجوه المصلحين كلَّما أعيتهم الحجة وأعوزَهم الدليل.

وكان الأستاذُ الإمام أعجوبةَ الأعاجيب في الألمعيَّة وبُعد النظر وعُمق التفكير وحِدَّة الخاطر واستنارة البصيرة وسُرعة الاستنتاج واستشفاف المخبَّآت، حكيمٌ بكلِّ ما تؤدِّيه هذه الكلمةُ من معنى، منقطع النظير في صدقِ الإلهام وسَداد الفهم وصدق العزيمة وخصب القريحة واستقلال الفكر ونصاعة الاستدلال وتمكُّن الحجة، موفور الحظِّ من طَهارة الدّخلة والانطباع على الفضيلة، مُستكمل الأدوات من فصاحةِ المنطقِ وذَلاقة اللسان([6]) وقرطَسة الفراسة([7]) ودقَّة الملاحظة وسلاسة العبارة ومطاوعة البديهة ورباطة الجأش وكبر الهمَّة ووفرة الملكة الخطابية وقوة العارضة في البيان واتساع الصدر لمكاره الزمان وأهله، حجَّة من حجَج الله في فهم أسرار الشريعة ودقائقها وتطبيقها، وفي البصر بسنن الله في الأنفس والآفاق، وفي العلم بطبائع الاجتماع البشريّ وعوارضه ونقائصه.

وبالجملة، فالرجل فذٌّ من الأفذاذ الذين لا تكوِّنهم الدراسات وإن دقَّت، ولا تخرِّجهم المدارس وإن ترقَّت، وإنما تقذف بهم قدرة الله إلى هذا الوجود، وتبرزهم حكمته في فترات متطاوِلة من الزمن على حين انتكاس الفِطرة واندراس الفضيلة وانطماس الحقيقة، فيكون وجودُهم مظهرًا من مظاهر رحمة الله بعباده، وحجَّةً للكمال على النَّقص، وإصلاحًا شاملًا وخيرًا عميمًا.

ولو أنَّ قول الشاعر:

هَيْهَاتَ لَا يَأْتِي الزَّمَانُ بِمِثْلِهِ          إنَّ الزَّمَانَ بِمِثْلِهِ لَبَخِيلُ([8])

لم يبتذِله المترجمون للرّجال بوضعه في غير موضعِه حتى صاروا ينشدونه في حقِّ أشخاص يتكرَّم الزمان علينا بمآتٍ من مثلهم في كل جيل، لولا هذا الابتذالُ السّخيف لهذا البيت لقلنا: إن أحقَّ رجل بانطباقه وصحَّة إطلاقه عليه هو الأستاذ الإمام، فرضي الله عن الأستاذ الإمام.

* * *

حمَل لواءَ الإصلاح بعد موتِ الإمام تلميذُه الأكبر ووارث علومِه السيّد محمَّد رشيد رضا، وقد كان في حياة الإمام ترجمانَ أفكاره باعترافِ الإمام، والمنافحَ عنه والمدافعَ دونَه. واضطَلع بعد موته بحملِ أعباء الإصلاح حين نكَل عن حملها أقوامٌ، وضعف عن حملها أقوامٌ، واستقلَّ بتسيير سفينتِه فكان الرُّبّان الماهر، وأقام على مبادئ أستاذه وفيًّا لها وله، فتمادَى على إصدار التفسير على منهاج الإمام من حيث وقَف الإمام، وجمع تاريخَ حياة الإمام، فكان أضخمَ عمل استقلَّ به فردٌ، وليس تاريخ الأستاذ الإمام بالأمر الهيِّن الذي يقوم به فردٌ لو لم يكن ذلك الفرد (رشيدًا).

كان أكملُ آثارِ الشَّيخ رشيد في حياة الإمام إنشاءَ مجلة المنار، وأنفس ذخر علميٍّ اشتملت عليه هو دروس الإمام في التفسير التي هي النواة الأولى لتفسير المنار، وتلك الفتاوى الجليلة التي كان ينشرها في أمَّهات العقائد والأحكام على ذلك النحو العجيب من الاستقلال في الاستدلال.

ولعمري، لو أنَّ رشيدًا قصَّر كما قصَّر غيره ولم يجمع خلاصات دروس الإمام، لأضاع على العالم الإسلامي كنزًا علميًّا لا يُقوَّم بمال الدنيا.

باركَ الله في أوقاتِ الأستاذِ رشيد، فاستمرَّ بعد موتِ الإمام على إِصدار المنار، واتَّسق أفُق انتشاره في الأقطار الإسلاميَّة وكثُر قرَّاؤه أو تلامذته كما كان يقول رحمه الله، وأحدَث -حتى في أصلبها عودًا وأشدِّها جمودًا- انقلابًا فكريًّا في فهم الديّن وصلته بالدنيا، وألَّف المؤلفات الكثيرة، ونشَر من مؤلَّفاتِ المصلِحين من القدَماء ما زادَ به الإصلاح الحاضر تمكينًا ورسوخًا، فكانت تلك المؤلفاتُ غذاءً صالحًا للنهضة العلمية، وساهم في الإصلاح العلميِّ والإصلاح السياسيِّ لقومه وبني وطنه، وإن كانت بعضُ آرائه في هذا الأخير لا تخلو من الشذوذ.

وكان طول حياته بلاءً مسلَّطًا على طائفتين: دعاة التدجيل من المسلمين، ودعاة النصرانية من المسيحيِّين. فلم نعرف في التاريخ من فَضح الطائفتَين شرَّ فضيحةٍ غير الأستاذ السيِّد رشيد.

وإنَّ أزهر الصحائف في سِجِلِّ حياته هي تلك المواقف العاتية التي كان يقفها في الدفاع عن الإسلام ونَصره، وردّ عوادي الكفر والضلال عنه.

وعاش ما عاش مرهوب شباة([9]) اللسان مَرهوب شباة القَلم، إلى أن لحق بربِّه راضيًا مرضيًّا في هذا العام، فشعر العالم الإسلاميُّ بأنَّ خسارته فيه لا تعَوَّض.

وإنَّ مِن واجب الوفاء والاعتراف بالفضل لأهلهِ أن نُجريَ ذِكرَه بما يتَّسع له المقامُ في هذه النَّشرة الإصلاحيَّة التي تَمُتّ إلى أعماله ومبادئه بالنَّسَب العريق، وتتَّصِل إلى علومه ومعارفه الواسعَة بالسَّبب الوثيق. وقد فعلنا، ولكن أين تقَع هذه الجمَل مما يوجبه الوفاءُ لرجلٍ هو في بناء الإصلاح الركنُ والدّعامة، وفي هيكل الإصلاح الرأس والهامَة؟! وعسى أن تساعدَ الأقدار فنوفِّيه بعضَ حقِّه.

* * *

لقيته -رحمه الله- ببلدَة دمشق على إثر انتهاءِ الحربِ العظمى، وقد جاءَها ليتَّصل بالهيئات العامِلة لخير العرَب، وليزورَ أهلَه في القَلَمون من لبنان الشّماليّة.

ونزل ضيفًا على صديقِنا العالم السَّلفيِّ الشيخ بهجَت البيطار، وبيتُ آل البيطار في دِمشق هو مَبعَث الإصلاح ومَطلعُه، ولعميدهم الشيخ عبد الرزاق البَيطار ورفيقِه الشيخ جمال الدين القاسميّ صداقةٌ باذِخة الذُّرى([10])، وصلةٌ وثيقة العُرى بالأستاذ الإمام، تجمع الثلاثةَ وحدةُ الفكرة والرأي والسَّلفيَّة الحَقَّة والاستقلال في العلم. والبيطار والقاسمي عالمان جليلان لم أدركهما حين دخلتُ دمشق، ولكنّي قرأتُ من آثارهما في الكتُب التي كتباها، ورأيتُ من آثارهما في النفوس التي ربَّياها ما شهد لي أنهما ليسا من ذلك الطِّراز المتعمِّم الذي أدركناه بدِمشق، ولثانيهما آثارٌ مطبوعة هي دون قَدرِه، وفوقَ قدرِ علماء مِصرِه.

كنا نذهب ليلًا إلى دار صديقنا البيطار للسَّمَر مع الشيخ رشيد، ورفيقي إذ ذاك الأستاذ الشيخ الخضر بن الحسين المدرس الآن في الأزهر. وأشهد أنها كانت لياليَ ممتِعةً، يغمرنا فيها الأستاذ رشيد بفَيضٍ من كلامِه العذب في شؤونٍ مختلِفة، وإن أَنسَ فلا أَنسَ إحسانَه في التنقُّل ولُطف تحيُّله في الخروج بنا من مَعنى آيةٍ إلى شأن من شؤون المسلِمين العامَّة.

وكان في اللَّيالي التي اجتَمعنا به فيها يستولي على المجلِس ويملكُ عنان القَول، فلا يدَع لِغيره فُرصةً للكَلام، إلّا أن يكونَ سُؤال سائلٍ، مع اشتمال المجلس على طائفةٍ عظيمةٍ من أهل الأفكار المستقلَّة والألسنة المستدلَّة. وأخبرني عارفوه أنَّ تلك عادَتُه، فإن كان ما قالوه حقًّا فهي غَميزَة في فضله وأدَبِه.

وبمناسبة لقائِي للشيخ رشيد فأنا ذاكرٌ قصَّة لها تعلُّق به، وهي تنطوي على ضروبٍ منَ العبر، وتكشف عمَّا يضمره العلماءُ الجامدون للعلماء المصلحين من كيدٍ وسوءِ نيَّة، وما يصِمونهم به من عظائم، مما لا يصدُر من مسلم عامِّيٍّ فضلًا عن العالم. وإنني أذكر القصةَ بدون تعليق:

صادَف قدومَ الشيخ رشيد إلى الشام عزمِي على الرجوع إلى الجزائر، وخرج الشّيخ رشيد إلى القلَمون فخرجت بعدَه إلى بيروت في وجهتي إلى المغرب، وكان من رفاقي في هذه الوِجهة الأستاذُ محمد المكي بن الحسين شقيق الشيخ الخضر المتقدم، فاجتمعنا ذاتَ صباح بالشيخ يوسف النبهاني -الخرافي المشهور- في دكَّان أحد التّجّار، وكان النبهانيُّ سمع بي فجاء مسلِّمًا قاضيًا لحقِّ الجوار بالمدينة المنوَّرة، إذ كنَّا قد تعارفنا فيها، فإنّا لَكذَلك إذ مر بنا الشيخ رشيد ولم يرَنا ولم نره، وما راعني إلّا النبهانيّ يلفت رفيقي ويسأله: أتعرِف هذا؟ فأجابه: وكيف لا؟! هذا الشيخ رضا، فما كان من النبهاني إلّا أن قال: هذا أضرُّ على الإسلام من ألفِ كافر، فكان امتعاضٌ قطَعَت نتائجه سرعَة الانفضاض.

* * *

ــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) أثنى الشيخ البشيرُ الإبراهيمي على الشيخ محمد عبده -رحمهما الله- فيما يلي ثناءً عظيمًا، ولعلّه قصَد الثناءَ عليه فيما دعا إليه من نبذ التعصّب والتقليد والجمود والخرافة، وإصلاح التعليم، وإحياء العناية بالقرآن الكريم، وردِّ الأمّة إلى منبعها الصافي، وإلّا فإن للشيخ محمد عبده آراءً اعتزاليّة وتوجّهاتٍ عقلانيةً مشهورة عنه، رحمه الله وغفر له.

([2]) العُصم: جمع أعصم، وهو الوَعل الذي في ذِراعيه بياضٌ، والمعنى: بلاغة تذلِّل الصّعاب.

([3]) أي: سَكتوا وعجزوا عن الكلام.

([4]) أي: يرعَون.

([5]) أي: يشربون.

([6]) ذلاقة اللسان: طلاقته وحدَّته.

([7]) قرطسة الفراسة: إصابتها.

([8]) هذا البيت لأبي تمام من قصيدة يمدح بها محمد بن حميد، ينظر: ديوانه (ص: 226).

([9]) شباة الشيء: حدُّ طرفِه.

([10]) الذُّرى: جمع ذروة، وهي القمّة، والمقصود أنّ الصداقة بينهم كانت عظيمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جديد سلف

السَّلَف والحجاج العَقلِيّ .. الإمام الدارمي أنموذجًا

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقدمة: من الحقائق العلمية التي تجلَّت مع قيام النهضة العلمية لأئمة السلف في القرنين الثاني والثالث وما بعدها تكامل المنهج العلمي والمعرفي في الدين الإسلامي؛ فالإسلام دينٌ متكاملٌ في مبانيه ومعانيه ومعارفه ومصادره؛ وهو قائم على التكامل بين المصادر المعرفية وما تنتجه من علوم، سواء الغيبيات والماورائيات أو الحسيات […]

ذلك ومن يعظم شعائر الله .. إطلالة على تعظيم السلف لشعائر الحج

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقدمة: لا جرم أن الحج مدرسة من أعظم المدارس أثرا على المرء المسلم وعلى حياته كلها، سواء في الفكر أو السلوك أو العبادات، وسواء في أعمال القلوب أو أعمال الجوارح؛ فإن الحاج في هذه الأيام المعدودات لو حجَّ كما أراد الله وعرف مقاصد الحج من تعظيم الله وتعظيم شعائره […]

‏‏ترجمة الشيخ الداعية سعد بن عبد الله بن ناصر البريك رحمه الله

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة اسمه ونسبه: هو الشيخ سعد بن عبد الله بن ناصر البريك. مولده: ولد الشيخ رحمه الله في مدينة الرياض يوم الاثنين الرابع عشر من شهر رمضان عام واحد وثمانين وثلاثمائة وألف للهجرة النبوية 14/ 9/ 1381هـ الموافق 19 فبراير 1962م. نشأته العلمية: نشأ رحمه الله نشأته الأولى في مدينة […]

تسييس الحج

  منذ أن رفعَ إبراهيمُ عليه السلام القواعدَ من البيت وإسماعيلُ وأفئدة الناس تهوي إليه، وقد جعله الله مثابةً للناس وأمنا، أي: مصيرًا يرجعون إليه، ويأمنون فيه، فعظَّمه الناسُ، وعظَّموا من عظَّمه وأقام بجواره، وظل المشركون يعتبرون القائمين على الحرم من خيارهم، فيضعون عندهم سيوفهم، ولا يطلب أحد منهم ثأره فيهم ولا عندهم ولو كان […]

البدع العقدية والعملية حول الكعبة المشرفة ..تحليل عقائدي وتاريخي

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة تُعدُّ الكعبةُ المشرّفة أقدسَ بقاع الأرض، ومهوى أفئدة المسلمين، حيث ارتبطت ارتباطًا وثيقًا بعقيدة التوحيد منذ أن رفع قواعدها نبي الله إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام، تحقيقًا لأمر الله، وإقامةً للعبادة الخالصة. وقد حظيت بمكانةٍ عظيمة في الإسلام، حيث جعلها الله قبلةً للمسلمين، فتتوجه إليها وجوههم في الصلاة، […]

الصد عن أبواب الرؤوف الرحيم

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: من أهمّ خصائص الدين الإسلامي أنه يؤسّس أقوم علاقة بين الإنسان وبين إلهه وخالقه سبحانه وتعالى، وإبعاد كلّ ما يشوب هذه العلاقة من المنغّصات والمكدرات والخوادش؛ حيث تقوم هذه العلاقة على التوحيد والإيمان والتكامل بين المحبة والخوف والرجاء؛ ولا علاقة أرقى ولا أشرف ولا أسعد للإنسان منها ولا […]

إطلاقات أئمة الدعوة.. قراءة تأصيلية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   مقدمة: يقتضي البحث العلمي الرصين -لا سيما في مسائل الدين والعقيدة- إعمالَ أدوات منهجية دقيقة، تمنع التسرع في إطلاق الأحكام، وتُجنّب الباحثَ الوقوعَ في الخلط بين المواقف والعبارات، خاصة حين تكون صادرة عن أئمة مجدِّدين لهم أثر في الواقع العلمي والدعوي. ومن أبرز تلك الأدوات المنهجية: فهم الإطلاق […]

التوحيد في موطأ الإمام مالك

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: يختزن موطأ الإمام مالك رضي الله عنه كنوزًا من المعارف والحكمة في العلم والعمل، ففيه تفسيرٌ لآيات من كتاب الله تعالى، وسرد للحديث وتأويله، وجمع بين مختلفه وظاهر متعارضه، وعرض لأسباب وروده، ورواية للآثار، وتحقيق للمفاهيم، وشرح للغريب، وتنبيه على الإجماع، واستعمال للقياس، وفنون من الجدل وآدابه، وتنبيهات […]

مناقشة دعوى مخالفة حديث: «لن يُفلِح قومٌ ولَّوا أمرهم امرأة» للواقع

مقدمة: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وآله وصحبه أجمعين، أمّا بعد: تُثار بين حين وآخر بعض الإشكالات على بعض الأحاديث النبوية، وقد كتبنا في مركز سلف ضمن سلسلة –دفع الشبهة الغويّة عن أحاديث خير البريّة– جملةً من البحوث والمقالات متعلقة بدفع الشبهات، ونبحث اليوم بعض الإشكالات المتعلقة بحديث: «لن يُفلِحَ قومٌ وَلَّوْا […]

ترجمة الشيخ أ. د. أحمد بن علي سير مباركي (1368-1446هـ/ 1949-2025م)(1)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة اسمه ونسبه: هو الشَّيخ الأستاذ الدكتور أحمد بن علي بن أحمد سير مباركي. مولده: كان مسقط رأسه في جنوب المملكة العربية السعودية، وتحديدًا بقرية المنصورة التابعة لمحافظة صامطة، وهي إحدى محافظات منطقة جازان، وذلك عام 1365هـ([2]). نشأته العلمية: نشأ الشيخ نشأتَه الأولى في مدينة جيزان في مسقط رأسه قرية […]

(الاستواء معلوم والكيف مجهول) نصٌ في المسألة، وعبث العابثين لا يلغي النصوص

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. فقد طُبِع مؤخرًا كتاب كُتِبَ على غلافه: (الاستواء معلوم والكيف مجهول: تقرير لتفويض المعنى لا لإثباته عند أكثر من تسعين إمامًا مخالفين لابن تيمية: فكيف تم تحريف دلالتها؟). وعند مطالعة هذا الكتاب تعجب من مؤلفه […]

التصوف بين منهجين الولاية نموذجًا

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: منذ أن نفخ الله في جسد آدم الروح، ومسح على ظهره، وأخذ العهد على ذريته أن يعبدوه، ظلّ حادي الروح يحدوها إلى ربها، وصوت العقل ينادي عليها بالانحياز للحق والتعرف على الباري، والضمير الإنساني يؤنّب الإنسان، ويوبّخه حين يشذّ عن الفطرة؛ فالخِلْقَة البشرية والهيئة الإنسانية قائلة بلسان الحال: […]

ابن تيميَّـة والأزهر.. بين التنافر و الوِفاق

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: يُعد شيخ الإسلام ابن تيمية أحد كبار علماء الإسلام الذين تركوا أثرًا عظيمًا في الفقه والعقيدة والتفسير، وكان لعلمه واجتهاده تأثير واسع امتدّ عبر الأجيال. وقد استفاد من تراثه كثير من العلماء في مختلف العصور، ومن بينهم علماء الأزهر الشريف الذين نقلوا عنه، واستشهدوا بأقواله، واعتمدوا على كتبه […]

القول بالصرفة في إعجاز القرآن بين المؤيدين والمعارضين

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: إنَّ الآياتِ الدالةَ على نبوّة محمدٍ صلى الله عليه وسلم كثيرة كثرةَ حاجة الناس لمعرفة ذلك المطلَب الجليل، ثم إن القرآن الكريم هو أجلّ تلك الآيات، فهو معجزة النبي صلى الله عليه وسلم المستمرّة على تعاقُب الأزمان، وقد تعدَّدت أوجه إعجازه في ألفاظه ومعانيه، ومع ما بذله المسلمون […]

الطاقة الكونية مفهومها – أصولها الفلسفية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة تمهيد: إن الله عز وجل خلق الإنسان، وفطره على التوحيد، وجعل في قلبه حبًّا وميلًا لعبادته سبحانه وتعالى، قال الله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [الروم: 30]، قال السعدي رحمه الله: […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017