الاثنين - 17 جمادى الآخر 1447 هـ - 08 ديسمبر 2025 م

تغريدات لمقالة (أين العرب عن تدوين الحديث؟)

A A

1.لاتتوقف الشبهات المثارة ضد الإسلام، في أصله ومصدر تشريعه، وتشريعاته، وطريقة تنظيمه للحياة، وحدوده، وغير ذلك من مسائل الدين، وقد فشى في الأيام الأخير الطعن في السنة النبوية بطعون شتى، ومنها هذه الشبهة التي تناقلها بعض الكتاب

2. تقول الشبهة إن أصحاب الصحاح الستة ( وهم البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه) كلهم أعاجم، وقد عاشوا في فترة زمنية قريبة، فهل تأليفهم كتب الحديث كان صدفة؟! أم أنَّ وراء الأكمة ما وراءها؟

3. قبل أن نناقش الشبهة نود أن نبين أن طرح السؤال حقٌّ لكل أحد، وبالسؤال تُبنى المعارف، وتتحرك عجلة العلوم؛ لكن يستحسن بالإنسان قبل أن يورد سؤالا يمس ثوابت الدين أن يعرف ولو أدنى جواب عن سؤاله، فبعض الشبهات لا يحتاج إلى إفسادها أكثر مكن تصورها على حقيقتها.

4. قبل كل شيء ليست عندنا صحاحٌ ستة وإنما هي كتب ستة، وكتب تسعة، وصحيحان، وغيرها من المسميات، وكلمة الصحاح الستة لها دلالاتها التي لن نناقشها لعدم صحتها أصلًا.

5. الشك في الكتب الستة لأعجمية كتابها وكونهم من إيران وتركمانستان وأوزبكستان شكٌّ في غير محله، فإن هذه الدول لم تقم إلا في وقت قريب، وكانت الدولة الإسلامية دولة واحدة، ولم يعتبر العلماء لأن يكون الإنسان عالمًا أن يكون من منطقة محددة، فالجميع تحت دين واحد وسلطة واحدة ودولة واحدة.

6. وقوله إن الرسول عربي والرسالة عربية والكتاب عربي، هو مبني على أصل غير صحيح، فإن الرسالة عالمية ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه) والرسول عالمي (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) والكتاب عالمي (تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا).

7. لو اشترطنا في كل عالم أن يكون عربيا لضاعت العربية نفسها! فباسط علم النحو سيبويه وهو من أسرة فارسية، وابن جني كان عبدا روميا، وصاحب أشهر المعاجم “مقاييس اللغة” هو أحمد بن فارس من أصل فارسي، والفيروز آبادي من فيروز آباد، وأبو منصور الثعالبي الأديب الأشهر في القرن الخامس من نيسابور.

8. هناك كتب حديثية كثيرة غير هذه الكتب الستة، وكلها وجدت في عصر هؤلاء مثل سنن الدارمي، وصحيح ابن حبان، وصحيح ابن خزيمة، وصحيح ابن السَّكن، والمعجم الصغير والوسط والكبير للطبراني، والمستدرك للحاكم، ومسند أبي يعلى،وغيرها، فلم يصور الكاتب وكأن كتب الحديث لم تكت إلا من أعاجم؟

9. لو كانت هذه الكتب موضوعة أساسا من هؤلاء الستة لكان لهذا الكلام وجهة نزر معتبرة، ولكن هذا الكلام ناشئ عن عدم تصور صحيح لطبيعة كتب الأحاديث، فإنها ليست كتب مبتدعة، وليس لأصحابها فيها إلا الجمع والتدقيق والترتيب ليس إلا!

10. أصحاب هذه الكتب يحدثون فيها عمن سبقهم وهم عرب، فأتباع التابعين كثير منهم عرب، والتابعون جلهم عرب، والصحابة كلهم إلا نزر يسير، وهي أحاديث وصلت إليهم عن طريق هؤلاء العرب، فكيف ينتقد جمعهم للأحاديث بسبب أعجميتهم وليس لهم فيها إلا الجمع؟

11. هذه الكتب الستة سبقتها كتب حديثية عديدة، منها صحف الصحابة كسعد بن عبادة، وعبدالله بن أبي أوفى، وأبي هريرة، وجابر بن عبدالله، وعبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم، ومن كتب التابعين صحيفة أبي الزبير الأسدي، وأبي عدي الكوفي وأبي العشراء الدارمي

12. ومن أتباعهم ككتب مالك بن أنس، وسفيان الثوري، وعبدالملك ابن جريج، ومَعمر بن راشد الأزدي، وسعيد بن أبي عروبة، وشعبة بن الحجاج، وسفيان الثوري، وحمَّاد بن سلمة بن دينار، والليث بن سعد، ومسند الإمام أحمد بن حنبل رحمهم الله أجمعين

13. فانظر إلى هذِهِ الكُتُب والمُصنَّفات قبل الإمام البُخاري ومن جاءَ بعده وهي كثيرةٌ متعدِّدة، وكتَّابها ومؤلِّفوها جُلُّهم عرب، فأمرر بَصَرَك على هذه القائمة وانظر كم عدد غير العرب منهم؟ كم عدد الأعاجم الذين وضعوا كتبًا في الحديث؟ وما تركنا أكثر مما ذكرنا

14. أصحاب الكتب الستة لم تكن حياتهم كلها في بلاد أعجمية، بل كان جلُّ حياتهم في بلاد عربية، فطلبهم للعلم كان في ديارٍ عربية، ورحلاتهم كانت إلى بلادٍ عربية، وتحديثهم وبثهم للعلم كانت في بلادٍ عربية، فحياتهم جلُّها في بلادٍ عربية!

15. البخاري طلب العلم في بغداد والبصرة والكوفة ومكة ومصر والشام، ومسلم في مكة والكوفة والعراق ومصر، وأبو داود بمكة والبصرة والكوفة وحران وحمص ودمشق ومصر، والترمذي في العراق ومكة والمدينة ، أما النسائي ففي الحجاز ومصر والشام والعراق واستوطن مصر، وابن ماجه في العراق والشام ومكة ومصر.

16.أصول هؤلاء الستة ليست كلها أعجمية، وقد تتبع ناجي معروف في كتابه “عروبة العلماء المنسوبين إلى البلدان الأعجمية في المشرق الإسلامي” العلماء الذين ولدوا في بلاد أعجمية وهم عرب، وذكر منهم: الإمام مسلم، فهو عربي من قُشير، وأبو داود فهو عربي من الأزد، والترمذي فهو عربي من قبيلة سُليم.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جديد سلف

إعادة قراءة النص الشرعي عند النسوية الإسلامية.. الأدوات والقضايا

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: تشكّل النسوية الإسلامية اتجاهًا فكريًّا معاصرًا يسعى إلى إعادة قراءة النصوص الدينية المتعلّقة بقضايا المرأة بهدف تقديم فهمٍ جديد يعزّز حقوقها التي يريدونها لا التي شرعها الله، والفكر النسوي الغربي حين استورده بعض المسلمين إلى بلاد الإسلام رأوا أنه لا يمكن أن يتلاءم بشكل تام مع الفكر الإسلامي، […]

اختلاف أهل الحديث في إطلاق الحدوث والقدم على القرآن الكريم -قراءة تحليلية-

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: يُعَدّ مبحث الحدوث والقدم من القضايا المركزية في الخلاف العقدي، لما له من أثر مباشر في تقرير مسائل صفات الله تعالى، وبخاصة صفة الكلام. غير أنّ النظر في تراث الحنابلة يكشف عن تباينٍ ظاهر في عباراتهم ومواقفهم من هذه القضية، حيث منع جمهور السلف إطلاق لفظ المحدث على […]

وقفة تاريخية حول استدلال الأشاعرة بصلاح الدين ومحمد الفاتح وغيرهما

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: يتكرر في الخطاب العقدي المعاصر استدعاء الأعلام التاريخيين والحركات الجهادية لتثبيت الانتماءات المذهبية، فيُستدلّ بانتماء بعض القادة والعلماء إلى الأشعرية أو التصوف لإثبات صحة هذه الاتجاهات العقدية، أو لترسيخ التصور القائل بأن غالب أهل العلم والجهاد عبر التاريخ كانوا على هذا المذهب أو ذاك. غير أن هذا النمط […]

الاستدلال بتساهل الفقهاء المتأخرين في بعض بدع القبور (الجزء الثاني)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة خامسًا: الاستدلال بإباحة التوسل وشدّ الرحل لقبور الصالحين: استدلّ المخالفون بما أجازه جمهور المتأخرين من التوسّل بالصالحين، أو إباحة تحرّي دعاء الله عند قبور الصالحين، ونحو ذلك، وهاتان المسألتان لا يعتبرهما السلفيون من الشّرك، وإنما يختارون أنها من البدع؛ لأنّ الداعي إنما يدعو الله تعالى متوسلًا بالصالح، أو عند […]

الاستدلال بتساهل الفقهاء المتأخرين في بعض بدع القبور (الجزء الأول)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: من المعلوم أن مسائل التوحيد والشرك من أخطر القضايا التي يجب ضبطها وفقَ الأدلة الشرعية والفهم الصحيح للكتاب والسنة، إلا أنه قد درج بعض المنتسبين إلى العلم على الاستدلال بأقوال بعض الفقهاء المتأخرين لتبرير ممارساتهم، ظنًّا منهم أن تلك الأقوال تؤيد ما هم عليه تحت ستار “الخلاف الفقهي”، […]

ممن يقال: أساء المسلمون لهم في التاريخ

أحد عشر ممن يقال: أساء المسلمون لهم في التاريخ. مما يتكرر كثيراً ذكرُ المستشرقين والعلمانيين ومن شايعهم أساميَ عدد ممن عُذِّب أو اضطهد أو قتل في التاريخ الإسلامي بأسباب فكرية وينسبون هذا النكال أو القتل إلى الدين ،مشنعين على من اضطهدهم أو قتلهم ؛واصفين كل أهل التدين بالغلظة وعدم التسامح في أمورٍ يؤكد كما يزعمون […]

كيفَ نُثبِّتُ السُّنة النبويَّة ونحتَجُّ بها وَقَد تأخَّر تدوِينُها؟!

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: إنَّ إثارةَ الشكوك حول حجّيّة السنة النبوية المشرَّفة بسبب تأخُّر تدوينها من الشبهات الشهيرة المثارة ضدَّ السنة النبوية، وهي شبهة قديمة حديثة؛ فإننا نجدها في كلام الجهمي الذي ردّ عليه الإمامُ عثمانُ بن سعيد الدَّارِميُّ (ت 280هـ) رحمه الله -وهو من أئمَّة الحديث المتقدمين-، كما نجدها في كلام […]

نقد القراءة الدنيوية للبدع والانحرافات الفكرية

مقدمة: يناقش هذا المقال لونا جديدًا منَ الانحرافات المعاصرة في التعامل مع البدع بطريقةٍ مُحدثة يكون فيها تقييم البدعة على أساس دنيويّ سياسيّ، وليس على الأساس الدينيّ الفكري الذي عرفته الأمّة، وينتهي أصحاب هذا الرأي إلى التشويش على مبدأ محاربة البدع والتقليل من شأنه واتهام القائمين عليه، والأهم من ذلك إعادة ترتيب البدَع على أساسٍ […]

كشف الالتباس عما جاء في تفسير ابن عباس رضي الله عنهما لقوله تعالى في حق الرسل عليهم السلام: (وظنوا أنهم قد كُذبوا)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: إن ابن عباس رضي الله عنهما هو حبر الأمة وترجمان القرآن، ولا تخفى مكانة أقواله في التفسير عند جميع الأمة. وقد جاء عنه في قول الله تعالى: (وَظَنُّوٓاْ أَنَّهُمۡ قَدۡ كُذِبُواْ) (يوسف: 110) ما يوهم مخالفة العصمة، واستدركت عليه عائشة رضي الله عنها لما بلغها تفسيره. والمفسرون منهم […]

تعريف بكتاب “نقض دعوى انتساب الأشاعرة لأهل السنة والجماعة بدلالة الكِتابِ والسُّنَّةِ والإِجْمَاعِ”

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقَـدّمَـــة: في المشهد العقدي المعاصر ارتفع صوت الطائفة الأشعرية حتى غلب في بعض الميادين، وتوسعت دائرة دعواها الانتساب إلى أهل السنة والجماعة. وتواترُ هذه الدعوى وتكرارها أدّى إلى اضطراب في تحديد مدلول هذا اللقب لقب أهل السنة؛ حتى كاد يفقد حدَّه الفاصل بين منهج السلف ومنهج المتكلمين الذي ظلّ […]

علم الكلام السلفي الأصول والآليات

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: اختلف العلماء في الموقف من علم الكلام، فمنهم المادح الممارس، ومنهم الذامّ المحترس، ومنهم المتوسّط الذي يرى أن علم الكلام نوعان: نوع مذموم وآخر محمود، فما حقيقة علم الكلام؟ وما الذي يفصِل بين النوعين؟ وهل يمكن أن يكون هناك علم كلام سلفيّ؟ وللجواب عن هذه الأسئلة وغيرها رأى […]

بين المعجزة والتكامل المعرفي.. الإيمان بالمعجزة وأثره على تكامل المعرفة الإنسانية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: لقد جاء القرآن الكريم شاهدًا على صدق نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم، بل وعلى صدق الأنبياء كلهم من قبله؛ مصدقًا لما معهم من الكتب، وشاهدا لما جاؤوا به من الآيات البينات والمعجزات الباهرات. وهذا وجه من أوجه التكامل المعرفي الإسلامي؛ فالقرآن مادّة غزيرة للمصدر الخبري، وهو […]

قواعد علمية للتعامل مع قضية الإمام أبي حنيفة رحمه الله

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: من القضايا التي عملت على إثراء التراث الفقهي الإسلامي: قضية الخلاف بين مدرسة أهل الرأي وأهل الحديث، وهذا وإن كان يُرى من جانبه الإيجابي، إلا أنه تمخَّض عن جوانب سلبية أيضًا، فاحتدام الصراع بين الفريقين مع ما كان يرجّحه أبو حنيفة من مذهب الإرجاء نتج عنه روايات كثيرة […]

كيف نُؤمِن بعذاب القبر مع عدم إدراكنا له بحواسِّنا؟

مقدمة: إن الإيمان بعذاب القبر من أصول أهل السنة والجماعة، وقد خالفهم في ذلك من خالفهم من الخوارج والقدرية، ومن ينكر الشرائع والمعاد من الفلاسفة والملاحدة. وجاءت في الدلالة على ذلك آيات من كتاب الله، كقوله تعالى: {ٱلنَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ أَدْخِلُواْ ءَالَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ ٱلْعَذَابِ} [غافر: 46]. وقد تواترت الأحاديث […]

موقف الحنابلةِ من الفكر الأشعريِّ من خلال “طبقات الحنابلة” و”ذيله”

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: تحتوي كتبُ التراجم العامّة والخاصّة على مضمَرَاتٍ ودفائنَ من العلم، فهي مظنَّةٌ لمسائلَ من فنون من المعرفة مختلفة، تتجاوز ما يتعلَّق بالمترجم له، خاصَّة ما تعلَّق بطبقات فقهاء مذهب ما، والتي تعدُّ جزءًا من مصادر تاريخ المذهب، يُذكر فيها ظهوره وتطوُّره، وأعلامه ومؤلفاته، وأفكاره ومواقفه، ومن المواقف التي […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017