الجمعة - 08 ربيع الآخر 1446 هـ - 11 أكتوبر 2024 م

(السنة النبوية في كتابات أعداء الإسلام.. مناقشتها والرد عليها)

A A

المعلومات الفنية للكتاب:

عنوان الكتاب: السنة النبوية في كتابات أعداء الإسلام.. مناقشتها والرد عليها.

اسم المؤلف: د. عماد السيد محمد إسماعيل الشربيني، أستاذ الحديث بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر الشريف.

دار الطباعة: دار اليقين، مصر.

رقم الطبعة وتاريخها: الطَّبعة الأولَى، عام 1422هـ-2002م.

حجم الكتاب: يقع الكتاب في جزأين، ويبلغ عدد صفحاته (506) صفحة.

أصل الكتاب: رسالة علمية قدَّمها الباحث لنيل درجة الماجستير من قسم الحديث بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر.

قيمة الكتاب وغايتُه:

تَبرُز أهمية هذا الكتاب في زمننا الذي هبَّت فيه أعاصير أعداء السنة كما يذكر المؤلف، وهو ما حدا به إلى التنقيب عن هذه الأعاصير والسهام الموجهة إلى السنة في قديم العصور وحديثه، والكشف عن أساليب أعداء السنة في كل زمن.

فقد استعرض شبهاتِ أعداء السنة النبوية، وعزا كلَّ قول لقائله، ورد عليها بما يناسب حالها وقائلها. ومن أهم العوامل التي مكَّنته في ذلك مُكنته من علم الحديث وقوة لغته في آن، فيعتني بتخريج الحديث، وبيان درجتِه، ويذكر أحكامَ أئمة الحديث، ويغوص في بيان معناه، ويستعرض ذلك بلغة رفيعة وسلاسة أنيقة.

وقد استفتح المؤلِّف ببيان أهمية القرآن والسنة؛ إذ بهما قيام دين الإسلام، ثم عرَّج على حال السنة مع أعدائها في القرن الثاني، وعلى رأسهم المعتزلة الذين كانوا معبر أعداء الإسلام للطعن في السنة، وهو ما كان في ذات القرن من أهم البواعث لوقوف علماء الحديث ذابِّين عن سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، يقول المؤلف: “وما أشبه الليلة بالبارحة! كما يقولون؛ فقد نبتت نابتة في عصرنا الحديث تشكِّك في السنة في هجمة شرسة غاشمة، لم نسمع بمثلها من قبل، هجمة تكاتفَت لها كلُّ قوى الشر والبغي؛ من الشيوعيين الملاحدة، والصليبيين، والصهاينة، ودعاة اللادينية من العلمانيين، والبهائيين، والقاديانيين”.

والخطر الأكبر من بين هؤلاء يأتي ممن ينتسبون إلى الإسلام، ممن هم من جلدتنا، ويتقلَّدون مناصبَ علمائنا ومفكِّرينا ودكاترتنا.

ومن هنا يتَّضح لنا غرض المؤلفِ من هذا الكتاب، وهو صدُّ أعاصير الشبهات التي تهب في وجه السنة، وتقرير حجّيتها، وتنوير السبيل لمن تأثَّر بشبهات الأعداء، والكشف عن أساليبهم قديمًا وحديثًا.

منهج المؤلِّف في الكتاب:

أصرح من يفيدنا في منهجِ الكتاب مؤلِّفُه حيث يقول: “ولم أكتب شيئًا إلا بعد أن أعتقد صحتَه، وأطمئنَّ إليه، غيرَ متأثرٍ برأي أحدٍ، وقد يؤخَذ عليَّ أني قد أطلتُ في بعض المباحث، ولكنى قصدتُ توفيَة البحثِ حقَّه، وإتمامَ الفائدة، وزيادة الإيضاح. وكل ما عرضته في الكتاب من شبهٍ قرنته بالردِّ الحاسم الذي يبيِّن بطلانها؛ معتمدًا على نقول من كتب أهل السنة والجماعة، فهذا الكتاب ثمرة الوقوف على أكتاف العلماء، ونتاج المربين الذين ربَّونا”([1]).

خطة البحث:

رتّب المؤلّف أجزاءَ بحثه، فظهرت متناسقةً في: مقدمة، وتمهيد، وثلاثة أبواب، وخاتمة.

فأما المقدمة فاستفتحها بالحديث عن أهمية السنة النبوية، ثم ذكر سبب اختيار الموضوع، وخطة البحث، ومنهجه فيه.

وفي التمهيد كان الحديث على خمسة مباحثَ وهي: التعريف بالسنة، وأهميتها، وميزتها، وضرورة دراستها لطالب العلم خاصة، وناقش فيها من زعم أن مصطلحَي (السنة والحديث) دخيلان على العرب والإسلام من الثقافات الأخرى، ولعل من المناسب استعراض أسماء المباحث على ما عرضه المؤلف:

المبحث الأول: كلمة في الاصطلاح. معرفة الفوارق بين المعاني اللغوية والمعاني الاصطلاحية.

المبحث الثاني: التعريف بالسنة في مصطلح علمائها. وتحته ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: التعريف بالسنة والحديث في اللغة.

المطلب الثاني: التعريف بالسنة والحديث في الاصطلاح.

المطلب الثالث: شبهة حول التسمية والرد عليها.

المبحث الثالث: الحديث النبوي بالسند المتصل من خصائص الأمة الإسلامية.

المبحث الرابع: الحديث النبوي تاريخ الإسلام.

المبحث الخامس: دراسة الحديث ضرورة لازمة لطالب العلم.

ثم شرع المؤلف في أبواب البحث وهي:

الباب الأول: التعريف بأعداء السنة النبوية، وجعله بعد تمهيدٍ في أربعة فصول:

الفصل الأول: في أعداء السنة قديمًا (الخوارج، والشيعة، والمعتزلة):

وأبدع في استهلاله حيث استعرض جملة من أخبار النبي صلى الله عليه وسلم وتنبؤاته عن هؤلاء القوم الذين نراهم اليوم رأيَ العين بعد وفاته بأربعة عشر قرنًا، وبعد دراسة هذه الأحاديث أماط المؤلِّف اللثام عن مراده بأعداء السنة فقال: “ومرادي هنا بأعداء السنة من أهل الأهواء والبدع تلك الفرق التي أخبر عنها المعصوم صلى الله عليه وسلم، وتغالت في بدعتها؛ من الخوارج والشيعة والمعتزلة، الذين لقيت السنة المطهرة من أهوائهم وعنتهم عناءً كبيرًا، وكان لآرائهم أثر كبير فيما أثير حول السنة من شبه”([2]).

وجعل هذا الفصل في خمسة مباحث:

فلمح في المبحث الأول منه إلى أهمية دراسة الفرق في التأريخ للسنة المطهرة، خاصة لمن يتعرَّض للشبهات المثارة حول أصول الدين وثوابته؛ إذ الأفكار والأساليب هي الأفكار والأساليب وإن تغيرت الشخصيات والأوقات.

وبدأ في المبحث الثاني بفرقة الخوارج، فعرف بهم، وبيَّن مصادرهم في الاعتقاد، وأنهم ينكرون الإجماع والسنة، وأطلق أتباعهم اليوم على أنفسهم: القرآنيون.

ثم ذكر أن من أثر عقيدة الخوارج على السنة تجريحهم لجمهور الصحابة ممن كان في الفتنة أو شارك فيها، وبذلك ردّوا جملةً من أحاديثهم، وأنصفهم المؤلف ونفى عنهم الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذ هو عندهم من الكبائر وهي مخرجة من الدين عندهم.

ثم انتقل المؤلف إلى الحديث عن الشيعة في المبحث الثالث، فعرف بهم، ثم أبان عن تكفير الشيعة لغالب الصحابة إلا عددًا يسيرًا منهم، وذكر أن هذا رأي الاثني عشرية.

ولعل هنا مأخذًا على المؤلف حيث لم يفصِّل القول في الشيعة مع تنوُّع فرقهم واختلاف مذاهبهم ما بين مفْرِطٍ ومفَرِّط، فليس كل الشيعة يقول بكفر الصحابة وإن كان يلزم كثيرًا منهم، ومنهم من يكتفي بمجرد التفسيق، ومنهم من يكتفي بمجرد السّبّ أو الشّتم، ومنهم من يكتفي بما هو أقلّ من ذلك، فالانتقاد هنا على عنوان المبحث وتوسّع حدوده مع عدم استيفاء المضمون للعنوان، ولعل توسُّع الاثني عشرية في واقع الناس اليوم يبرِّر للمؤلف الاقتصار عليهم.

ثم عنوَن لمطلبٍ بـ: موقف الشيعة من الأمة الإسلامية، وذكر فيه أن الشيعة الاثني عشرية يرون أن أمة محمد هي الأمة الملعونة ولو كانت من سائر فرق الشيعة سواهم، فكل من لم يوال أئمتهم ويتبرأ من الصحابة فهو ملعون هالك، أما من يعتقد إيمان الصحابة ويصحّح خلافة أبي بكر وعمر وعثمان فهو ناصبيّ عندهم، والناصبيّ شرّ من اليهود والنصارى.

ولعل هذا أيضا مما يؤاخذ على المؤلّف؛ حيث عمَّم قول الشيعة الاثني عشرية على جميع الشيعة، مع أن في الشيعة من هو أشد غلوًّا من هؤلاء، وفيهم من هو أخفُّ قولًا في الأمة عامة من هؤلاء، ومحل الانتقاد هنا على العنوان وتوسيع حدوده مع عدم استيفاء المضمون للعنوان، والله أعلم.

وكان من أثر ذلك نفي عصمة القرآن وحفظ آياته ودعوى تحريفه، ورد كثير من السنة حيث جعل معيار قبول الأحاديث هو التشيع، فمن اعتقد اعتقادهم قبل حديثه، ومن خالفهم ردّ حديثه.

وعلى عكس الخوارج الذين تنزهوا عن الكذب كان الشيعة أكثر الفرق كذبًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل وعلى آل البيت، حيث وضعوا الأحاديث في كل غرض من أغراضهم، كما وضعوا في فضائل علي رضي الله عنه وذم الشيخين والصحابة ومعاوية في ذات الوقت، ومن المؤسف أن من السنة من قابل الكذب بكذب مثله سواء في الشيخين أو في معاوية أو العباسيين؛ وهنا قامت قائمة أئمّة الحديث الذين نخلوا الروايات نخلًا، وميزوا الصحيح من الضعيف من الموضوع من تلك الأحاديث.

وأما المبحث الرابع فكان الحديث فيه عن المعتزلة، فعرف بهم، وبين أن افتتانهم وتأثرهم بالفلسفة اليونانية وإحلالهم العقل محل الوحي جعلهم يردون كثيرًا من السنة، وأثرت في كثير من أعداء السنة في القديم والحديث، ثم تطرَّق لأصولهم الخمسة وما أنكروه من النصوص تبعًا لها، ثم بيَّن خطورة موقفهم من السنة فقال: “كان موقفهم من السنة غاية في الخطورة، ولا نكاد نكون مبالغين إذا قلنا بأنهم كادوا يهدمون المصدر الثاني للتشريع الإسلامي، فهم تناقضوا في موقفهم من السنة، ونشأ التناقض بتشبثهم بالعقل إلى ما يشبه تقديسه وتأليهه، ورفض ما يتعارض معه أو تأويله بما لا يخالف رأيهم”([3]).

فأما السنة المتواترة فمنهم من أنكر حجيتها وإفادتها العلم، وهم أول من اشترط في قبول الأخبار العدَد. وأما الآحاد فما بين مجيز العمل به ومانع، ومنهم من فرق بين أبواب الاعتقاد وأبواب الفقه، ومن أجاز تعسَّف وتناقَض في العدَد المطلوب لقبوله.

ثم أبرَز موقفَهم من الصحابة، وأنهم ما بين شاكّ في عدالة الصحابة منذ عهد فتنة سيدنا عثمان رضي الله عنه، وما بين موقِن بفسق إحدى الطائفتين لا بعينها، وما بين موقن بفسقهما معًا، وما بين طاعن في أعلامهم، متَّهم لهم بالكذب والجهل والكفر والنفاق.

وختم ببيان خطورةِ أصولهم حيث وقفوا من الوحي موقفَ التَّحدِّي، كلَّما بدا لهم خلاف بين ظاهر النصوص وبين أصولهم أوَّلوا النصَّ بما يخرجه عن معناه الحقيقي المراد للشارع الحكيم إلى ما يوافق رأيهم وقواعدهم الباطلة. وهذه هي الثغرة التي استغلَّها كثير من أعداء السنَّة حديثًا، فراحوا يفرِّخُون فيه شبهاتهم.

وفي المبحث الخامس لخص المؤلّف موقف أهل الحديث من هؤلاء الأعداء، وأنهم بدؤوا المواجهة منذ اللحظة الأولى بأن طلبوا الأسانيد، ونبذوا أحاديث المبتدعة، وعارضوا من أخضع الأحاديث للجدل العقلي وردَّها، وأبرزوا فساد إلهيات أرسطو، وذموا الكلام وأهله، وفي ذات الوقت أخذوا بالحق الموجود لدى الفرق الأخرى كمحبَّة آل البيت، وأحلُّوا العقل منزلته التي تليق به.

الفصل الثاني: في أعداء السنة النبوية من المستشرقين: وتحته أربعة مباحث:

فعرَّف بهم في المبحث الأول.

وبيَّن في المبحث الثاني منهجهم، فرغم ادعائهم الموضوعية والتحرر من المسبقات في دراسة الإسلام، إلا أنهم أبعدُ ما يكونون عن ذلك؛ إذ هم وليد النصرانية الحاقدة على الإسلام، والحال أشدّ مع العلماني المستعمر. وأهم المحاور التي يدور عليها منهجهم:

  1. تحليل الإسلام ودراسته بعقلية أوروبية.
  2. بتر النصوص وليّ أعناقها لتوافق تلك التحليلات، وقبول ما وافقه وإن ضعيفًا أو شاذًّا.
  3. عدم الدقة والتصور الموضوعي المستوعب للقضايا الإسلامية؛ لغربتهم عن اللغة العربية وعن الإسلام.
  4. التحكم في المصادر، فهم ينقلون مثلًا من كتب الأدب ما يحكمون به في تاريخ الحديث، ومن كتب التاريخ ما يحكمون به في تاريخ الفقه، ويصححون ما ينقله الدميري في كتاب “الحيوان”، ويكذبون ما يرويه الإمام مالك في “الموطأ”، كل ذلك انسياقًا مع الهوى، وانحرافًا عن الحق.
  5. إبراز الجوانب الضعيفة والمتضاربة في الدين -بزعمهم- وتضخيمها، كالخلاف بين الفرق، والشبهات، وإخفاء الجوانب الإيجابية والصحيحة وتجاهلها.
  6. النظرة العقلية المادية البحتة التي تعجز عن التعامل مع الحقائق الروحية.
  7. تفسير سلوك المسلمين أفرادًا وجماعات بأنه مدفوع بأغراض شخصية، ونوازع نفسية دنيوية، وليس أثرًا لدافع ابتغاء مرضاة الله والدار الآخرة.

ثم انتقل المؤلف بقلمه في المبحث الثالث إلى الحديث عن موقف المستشرقين من السنة، وجعلهم له هدفًا تجتمع عليه سهامهم وأطروحاتهم من كل حدب وصوب، وكان المستشرق جولد تسيهر على رأسهم، ومن أوائل من حاول التشكيك في السنة والأحاديث، ووجد من بين الفرق الإسلامية فرقة المعتزلة التي كان لها دورها في رد السنة بالعقل كما أشرنا آنفًا، فباركه وعظَّم من شأنه وشرذم الجامدين الحرفيين!

وقد اتخذه مَن بعدَه مِن المستشرقين مرجعًا لهم في هذا الأمر، بل وكثير من التيارات المعادية للسنة من داخل البيت الإسلامي.

وفي المبحث الرابع تحدث عن الموقف من الاستشراق، وذكر أنه لا بد من الوقوف بحزم أمام هذه الطائفة، وتحصين الإسلام وأهله من رجسهم، وأنه لا يجوز لأهل الإسلام الاعتماد على فهمهم للإسلام بحال؛ لما ظهر من إضمارهم الحقد الدفين على الإسلام وأهله.

وذكر أن جهودهم العلمية تنقسم إلى أقسام:

فأما المصنفات المستقلة -كالدراسات المتعلقة بالأدب والفقه والسنة- فهي طافحة بالتشويه ومنحرفة كلِّيا.

وأما المصنفات الخادمة للكتب الإسلامية -كالفهارس ونحوها- فهي محمودة، ولكنهم مسبوقون بجهود علماء الإسلام، فينبغي إنزالهم منزلتهم، والثناء بما يستحقون دون غلو.

وأما تحقيقهم لكتب التراث فقد حبسوا كثيرًا من مخطوطات المسلمين في خزائنهم، وباتوا يتّخذونها سلاحًا ضد المسلمين، فهم يبرزون منها الكتب التي تثير الفتن والنزاع بكل صوره؛ ككتب الفرق، والخلاعة، والمجون.

وليس معنى هذا تسفيه كل جهودهم في تحقيق كتب التراث، فالإنصاف يقتضي أن لا نغمط الناس حقَّهم، على أن لا نقوم بتمجيدهم صباح مساء.

ويذكر المؤلف أن ما يبرزه المستشرقون من فضائل للدين الإسلامي وشرائعه إنما يتخذونه جسرًا لبث الشبهات ودسّ السموم بين المسلمين.

ومثَّل المؤلف لذلك بحال المستشرق كارل بروكلمان الذي يصنَّف في المعتدلين، ولكنه يردِّد أكاذيب سلفه من اليهود والنصارى وأباطيلهم فيقول: “وتذهب الروايات إلى أنه [يعني النبي محمدًا صلى الله عليه وسلم] اتصل في رحلاته ببعض اليهود والنصارى، أما في مكة نفسها فلعله اتصل بجماعات من النصارى كانت معرفتهم بالتوراة والإنجيل هزيلة إلى حد بعيد”([4]).

وثنَّى بالمستشرق موريس بوكاي صاحب المقولة الشهيرة: “إن القرآن لا يحتوي على أية مقولة قابلة للنقد من وجهة نظر العلم في العصر الحديث”([5])، إلا أنه في باب السنة لم يختلف حاله عن حال إخوته حيث قال: “كتبت أولى الأحاديث بعد عشرات من السنوات من موت محمد صلى الله عليه وسلم، مثلما كتبت الأناجيل بعد عشرات السنوات من انصراف المسيح، إذن فالأحاديث والأناجيل شهادات بأفعال مضت”([6]).

ولا يمكننا الاعتماد على جهود المستشرقين ولو كانوا مسلمين؛ لأن منهم من أظهر الإسلام تحايلًا، ومنهم من اعتنق أفكار غلاة الصوفية والمتكلمين وأبرَزَها على أنها هي الإسلام الحق، هذا بالإضافة إلى جهل عامَّتهم باللغة وأبعادها.

ولا يفهم من هذا الدعوة إلى إتلاف كتب المستشرقين، وإنما هو دعوة إلى معرفتها وكشف عوارها واستخدامها في مواجهة أتباعهم من المسلمين؛ ممن نصَّب نفسه لتكرير كلامهم وتدوير شبهاتهم.

الفصل الثالث: أعداء السنة النبوية من أهل الأهواء والبدع حديثًا (العلمانية، والبهائية، والقاديانية)، وفيه مبحثان:

عرف في مبحثه الأول بهذه المذاهب، ولعل مما يؤاخذ عليه أنه خصَّص مبحثًا للتعريف بهم ولكن جعل التعريف في الحاشية، وبيَّن أن سبب اعتناق هؤلاء لما اعتنقوه هو الافتتان بالمستشرقين وغيرهم، وسبب ذلك غالبًا الجهل بحقائق التراث، أو الانخداع بأسلوبهم العلمي المزعوم، أو الرغبة في الشهرة، أو التستر بهذه الأغطية لنشر أهواء وانحرافات فكرية تبنوها من قبل.

وقد عمل المستشرقون على زرع مثل هذه الطوائف والأفكار بين المسلمين، وتعاهدوا بالسقي والمتابعة بين الفينة والأخرى، وقد وجدوا في أبناء الإسلام من ينصاع لهم، والله المستعان.

وأما المبحث الثاني فهو: موقف أهل الأهواء والبدع حديثًا من السنة النبوية، وتحته ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: العلمانيون وموقفهم من السنة النبوية.

المطلب الثاني: البهائيون وموقفهم من السنة النبوية.

المطلب الثالث: القاديانيون وموقفهم من السنة النبوية.

فأما موقف العلمانية فلم يختلف عن موقف المستشرقين من إحياء شبهات المبتدعة السابقين، والانطلاق من مناهجهم للتشكيك في السنة وغيرها.

ويتلخص موقف البهائية في دعوى أن القيامة انتهاء الدور المحمّدي وابتداء الدور البهائي، واتهام رواية الحديث ورواته، فليس صحيحًا منه إلا ما وافق الظهور الجديد للبهاء.

فأوَّلوا النصوص سواء كانت من القرآن أو السنة، وزعموا أن الأحاديث كلها -شأن القرآن- تدل على نهاية الشريعة المحمدية وظهور القيامة بمجيء البهاء، والوقوف على ظاهر الأحاديث دون تأويلها بظهور البهاء يعتبر كفرًا بالرسول محمَّد صلى الله عليه وسلم.

يقول رشاد خليفة أحد رموزهم: “والسنة أمر مهمل، والتمسُّك بها خطأ، يجب على الأمة أن تقيل نفسها منه، وأن تصحِّح مسارها بإلقاء السنة عن كواهلها”([7]).

ويتلخص موقف القاديانية فيما ذكره سيدهم أحمد خان من أن السنة كتبت بعد النبوة بعهد طويل، ولا ضمانة لحفظها، ولا ضمانة لكونها هي ألفاظ النبي صلى الله عليه وسلم، ووضع ضابطًا تعجيزيًّا للتأكد من حفظ السنة، فقال: “والمعيار السليم لقبولها هو أن ينظر إلى أن المروي بمنظار القرآن فما وافقه أخذناه، وما لم يوافقه نبذناه… وإِنْ نسب شيء من ذلك إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فيجب فيه توفر شروط ثلاثة:

1- أن يكون الحديث المروي قول الرسول بالجزم واليقين.

2- أن توجد شهادة تثبت أن الكلمات التي أتى بها الراوي هي الكلمات النبوية بعينها.

3- ألا يكون للكلمات التي أتى بها الرواة معانٍ سوى ما ذكره الشراح.

فإن تخلف أحد هذه الشروط الثلاثة لم يصح نسبة القول إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، أو أنه حديث من أحاديثه”([8]).

وقد نالت هذه الحركة جملة من المباركات والثناءات من المستشرقين وأذنابهم؛ لما لهم من موقف من السنة النبوية، حيث يجعلونها محلَّ شكّ، حالها حال أخبار ألف ليلة وليلة، فهم منكرون لحجية السنة، وزاد إعجابهم من إنكارهم حجية الإجماع أيضًا، وهو من أهم مصادر التلقي لدى أهل الإسلام. ثم بعد ذلك:

الفصل الرابع: أهم أهداف أعداء الإسلام قديمًا وحديثًا، والذين يكادون يجمعون على ضرورة التشكيك في السنة وفي حجيتها وفي ثبوتها وسلامة وصولها إلينا، وضرورة الاستغناء بالقرآن المعصوم عنها.

وبهذا ينتهي الباب الأول.

الباب الثاني: وسائل أعداء السنة قديمًا وحديثًا في الكيد للسنة النبوية المطهرة، ويشتمل على تمهيد وستة فصول:

الفصل الأول: شبهات حول حجية السنة النبوية:

وفي هذا الفصل كان الحديث عن أهم أسلوب يطعنون به في السنة، وهي حجيتها ووجوب اتباعها من المسلمين، وقد أثاروا حولها عدة شبهات تناولها الباحث ردًّا وتفنيدًا، وقسمها إلى المباحث التالية:

المبحث الأول: شبهات بُنِيت على آيات من القرآن الكريم، وفنَّد فيها شبهتين جعلهما في مطلبين:

المطلب الأول: شبهة الاكتفاء بالقرآن الكريم وعدم الحاجة إلى السنة النبوية والرد عليها.

المطلب الثاني: شبهة أن السنة لو كانت حجة لتكفل الله عز وجل بحفظها والرد عليها.

المبحث الثاني: شبهات بُنِيت على أحاديث من السنة النبوية، وجعلها في تمهيد وثلاثة مطالب:

المطلب الأول: شبهة عرض السنة على القرآن الكريم والرد عليها.

المطلب الثاني: شبهة عرض السنة على العقل والرد عليها.

المطلب الثالث: وفيه الشبه الآتية:

  • شبهة النهي عن كتابة السنة النبوية والرد عليها، وفيها تناول النصوص الواردة في ذلك، سواء النصوص النبوية أو الآثار عن الصحابة ومن بعدهم من الأئمة، وبين درجة ثبوتها، ووجه النهي عند من ثبت لديه النهي عنها.
  • شبهة التأخر في تدوين السنة المطهرة والرد عليها.
  • شبهة رواية الحديث بالمعنى والرد عليها.
  • شبهة كثرة الوضاعين للحديث والرد عليها، وفيها استعرض جهود الصحابة ومن بعدهم من الأئمة في سبيل حفظ السنة، وأهم الدوافع التي تدفعهم لذلك؛ من حب النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمه، ثم الجواب على من زعم أن الصحابة كانوا علماء سلاطين يضعون الأحاديث من أجلهم، وصحة إسلام معاوية، وبعض الشبهات المثارة حول علماء الدولة الأموية وأمرائها، والكلام على صحة أحاديث طاعة ولاة الأمر.

وبعد أن استعرض جملة الشبهات المثارة حول حجية السنة وفندها ردًّا ونقضًا، بدأ بالتأسيس والتأصيل لحجية السنة، وسرد جملة من الأدلة على ذلك تفصيلًا في:

المبحث الثالث: أدلة حجية السنة النبوية، وتحته خمسة مطالب:

  • المطلب الأول: العصمة، وفيه أثبت كون السنة وحيًا كالقرآن، ونقض تقسيم السنة إلى تشريعية وغير تشريعية.
  • المطلب الثاني: القرآن الكريم.
  • المطلب الثالث: السنة النبوية.
  • المطلب الرابع: إجماع الأمة.
  • المطلب الخامس: العقل والنظر.

وبعدها طرح بعض الأسئلة كسؤال: ماذا لو اكتفينا بالقرآن ولم نعبأ بالسنة؟ والبدائل التي طرحها أعداء السنة، ثم وجه كلمته قائلًا: يا أهل الكتاب، ويا أهل الهوى، تعالوا لننظر ماذا يوجد في الحديث؟

وبعد ذلك جعل الحديث في علاقة القرآن بالسنة، وفصَّل القول فيها، وفيها تكلم على النسخ، ورد على المشككين فيه، وأخيرًا بيَّن مضار إنكار السنة وحُكم منكِرها.

الفصل الثاني: وسيلتهم في التشكيك في حجية خبر الآحاد، وفيه تمهيد وأربعة مباحث:

المبحث الأول: في التعريف بالمتواتر، وبيان كثرة وجوده، ودرجة ما يفيده من العلم، وحكم العمل به، وحكم جاحده.

المبحث الثاني: في التعريف بالآحاد، وبيان درجة ما يفيده من العلم، وحجيته، ووجوب العمل به.

المبحث الثالث: في منكري حجية خبر الواحد قديمًا وحديثًا، واستعراض شبههم والرد عليها.

المبحث الرابع: في شروط حجية خبر الواحد، ووجوب العمل به عند المحدثين، والرد على شروط المعتزلة ومن قال بقولهم قديمًا وحديثًا.

الفصل الثالث: وسيلتهم في الطعن في رواة السنة المطهرة، وفيه مبحثان:

المبحث الأول: تحدث فيه عن طعنهم في عدالة الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، وفيه تمهيد وستة مطالب:

تصمَّن التمهيد:

  • هدف أعداء الإسلام من طعنهم في الصحابة رضي الله عنهم.
  • حكم أئمة المسلمين فيمن ينتقص صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثم المطلب الأول جعله في: التعريف بالصحابة لغة واصطلاحًا.

والمطلب الثاني: التعريف بالعدالة لغة واصطلاحًا.

والمطلب الثالث: أدلة عدالة الصحابة.

والمطلب الرابع: شبهات حول عدالة الصحابة والرد عليها.

والمطلب الخامس: سنة الصحابة رضي الله عنهم حجة شرعية.

والمطلب السادس: أبو هريرة رضي الله عنه راوية الإسلام رغم أنف الحاقدين.

فهو قد عني في تلك المباحث بتعريفهم، وبيان موقف العلماء ممن طعن فيهم، وبيان هدف أعداء الإسلام من الطعن في عدالتهم وضبطهم، وأفاض في الحديث عن عدالتهم وسرد الأدلة على ذلك، وردَّ على الشبهات المثارة حول ذلك، وأفرد المطلب الأخير كما ذكرنا للحديث عن الصحابي المكثر من الرواية أبي هريرة رضي الله عنه، ورد الشبهات المثارة حوله.

هذا عن الصحابة وأما من بعدهم فناقشهم في:

المبحث الثاني: طعنهم في عدالة أهل السنة من المحدثين والفقهاء والأصوليين وسائر أئمة المسلمين -رضوان الله عليهم أجمعين-، وفيه تمهيد وأربعة مطالب:

تضمَّن التمهيد: موقف أهل الزيغ والهوى قديمًا وحديثًا من أهل السنة وأئمة المسلمين، وأساليبهم في الطعن في أهل السنة.

ثم المطلب الأول: بيان المراد بأهل السنة.

والمطلب الثاني: سلامة طريقة أهل السنة في فهم الشريعة الإسلامية وبيان تحقيق النجاة لهم.

والمطلب الثالث: شرف أصحاب الحديث.

والمطلب الرابع: الجواب عن دعوى تقصير المحدثين في نقدهم للمتن.

وفي هذا المبحث أبرَز نصاعة سبيل أهل السنة في فهم الشريعة، والتعامل مع النصوص الحديثية، ورصانة جهودهم تجاهها، ورد على من ينسبهم إلى التقصير وينتقصهم، وأول من نسب ذلك إليهم هم المستشرقون؛ ذلك أن المنهج النقدي للأخبار عند الغربيين منصب على المتن وحده، ولم ينل السند عندهم كبير نصيب؛ لأنهم لا يعولون عليه، وأن استيعاب الشروط الخمسة التي وضعوها لصحة الحديث كافية لإدراك قوة منهجهم ومتانة جهودهم في سبيل كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الفصل الرابع: وسيلتهم في الطعن في الإسناد وعلوم الحديث، وتحته تمهيد ومبحثان:

تضمن التمهيد:

  • بيان أن الإسناد دليلنا على صحة الكتاب والسنة.
  • وهدف أعداء الإسلام من الطعن في الإسناد.

ثم استعرض شبهةَ مَن زعم أن أسانيد المسلمين مخترعة مصنوعة من جملة من علماء الحديث في القرون الأولى، ودحضها ردًّا وتفنيدًا، ثم أبرز خصيصة الإسلام، وذلك في مبحثين:

المبحث الأول: شبه الطاعنين في الإسناد والرد عليها.

المبحث الثاني: أهمية الإسناد في الدين، واختصاص الأمة الإسلامية به عن سائر الأمم.

الفصل الخامس: وسيلتهم في الطعن والتشكيك في كتب السنة المطهرة، وتحته مبحثان:

المبحث الأول: أساليب أعداء السنة في الطعن في المصادر الحديثية.

المبحث الثاني: الجواب عن زعم أعداء السنة أن استدراكات الأئمة على الصحيحين دليل على عدم صحتهما.

وفي هذا الفصل بين المؤلف أن الطعن في المصادر هو من جملة وسائلهم للتشكيك في السنة المطهرة، وسرد جملة من غثاء أعداء السنة في التشكيك فيها، ثم قال: “ويهمنا هنا من الوسائل السابقة في طعنهم في كتب الحديث ما يحرصون عليه دائمًا وأبدًا من التشكيك والطعن في أصح الكتب بعد كتاب الله عز وجل صحيحي البخاري ومسلم، ولا يخرج طعنهم فيهما عن مسلكين:

أولهما: استدلالهم على عدم صحتهما بأحاديث تخالف في فكرهم المريض ظاهر القرآن، أو العقل، أو العلم، أو كما يزعمون تطعن في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، أو توافق ما في التوراة والإنجيل؛ مما يدل في نظرهم أنها إسرائيليات

ثانيهما: استدلالهم باستدراكات الأئمة على الصحيحين بأنها دليل على عدم صحتهما([9]).

ثم نقل قول المستشرق جولد تسيهر حيث يقول: “إنه من الخطأ اعتقاد أن مكانة هذين الكتابين مردُّها لعدم التشكيك في أحاديثهما أو نتيجة لتحقيق علمي، وسلطان هذين الكتابين يرجع لأساس شعبي لا صلة له بالتدقيق الحر للنصوص، وهذا الأساس هو إجماع الأمة، وتلقي الأمة لهما بالقبول يرفعهما إلى أعلى المراتب، وبالرغم من أن نقد هذين الكتابين غير لائق وغير مسموح به، وبرغم التقدير العام للصحيحين في الإسلام صنَّف الدارقطني كتابه (الاستدراكات والتتبع) في تصنيف مائتي حديث مشتركة بينهما”([10]).

فهل خرجت دعاوى المشككين اليوم عما يقوله هذا المستشرق؟!

وقد علق المؤلف على قول جولد تسيهر هذا قائلًا: “فهذا الكلام فاسد من أساسه، بما سبق بيانه من دراسة الأئمة لكل من الكتابين سندًا ومتنًا، وعرضهما على أدق المقاييس النقدية الصحيحة التي اشترطها كل من البخاري ومسلم في صحيحهما، وظهر من سبر الأئمة وفاء البخاري ومسلم بشرطهما، سوى أحاديث قليلة، والقول فيها قول البخاري ومسلم، وهي صحيحة.

فظهر من ذلك أن الصحيحين ليسا جهد أفراد، وإنما جهد أمة، وهم طائفة المحدثين، وهم المشتغلون بهذا الشأن وأعرف الناس به، وهم نقاد الأخبار الذين يتوقف على قولهم قبول الآثار النبوية أو ردها، وهم المعنيون بإجماع الأمة على صحة الكتابين، وتلقيهما بالقبول -وهو إجماع معصوم- لا يقدح فيه إلا جاحد مغرور. أما قول جولد تسيهر: (بالرغم من أن نقد هذين الكتابين غير لائق، وغير مسموح به…) إلخ يتناقض مع آخر كلامه من أن الدارقطني قد صنف في نقدهما كتابه: (الاستدراكات والتتبع)، ودعواه أن نقد هذين الكتابين لا يجوز أو غير لائق أو غير مسموح به يكذبه الواقع، بما سبق من استدراك الأئمة: الدارقطني، والدمشقي، والغساني، وفات هذا المستشرق وغيره من الطاعنين في مكانة الصحيحين أن الخطورة لا تكمن في تعرض الكتابين للنقد، ولكنها تكمن في سلامتهما من الانتقادات أو الطعون التي وجهت إلى بعض أحاديثهما، فليس كل انتقاد يعوَّل عليه، كما أن النقد أو الاستدراك قد يوجه لحالة معينة، فيحسب من لا دراية له بهذا الموضوع أن النقدَ قد شمل كل أحوال الكتاب، كما هو الحال مع استدراكات الأئمة.

وقد بين نقاد الحديث أن هذه الاستدراكات غير قادحة في صحة الصحيحين ومكانتهما، خلافًا لأعداء السنة الذين يوهمون القارئ بخلاف ذلك”([11]).

ثم نقل عن الشيخ أحمد شاكر قوله: “الحق الذى لا مرية فيه عند أهل العلم بالحديث من المحققين، وممن اهتدى بهديهم وتبعهم على بصيرة من الأمر أن أحاديث الصحيحين صحيحة كلها، ليس في واحد منها مطعن أو ضعف، وإنما انتقد الدارقطني وغيره من الحفاظ بعض الأحاديث، على معنى أن ما انتقدوه لم يبلغ في الصحة الدرجة العليا التي التزمها كل واحد منهما في كتابه، وأما صحة الحديث في نفسه فلم يخالف أحد فيها، فلا يهولنك إرجاف المرجفين وزعم الزاعمين أن في الصحيحين أحاديث غير صحيحة، وتتبع الأحاديث التي تكلموا فيها، وانقدها على القواعد الدقيقة التي سار عليها أئمة أهل العلم، واحكم على بينة، والله الهادي إلى سواء السبيل”([12]).

وكما أجاب عن هذه القضية، فكذلك أجاب عن شبهة من تُكُلِّم فيه من رجال الصحيحين في هذا المبحث.

الفصل السادس: وسيلتهم في الاعتماد على مصادر غير معتبرة في التأريخ للسنة ورواتها:

وبين في هذا الفصل أن المصادر التي يرجعون إليها لا تخرج عن ثلاثة أنواع:

النوع الأول: مصادر غير معتبرة، وعليها جل اعتمادهم في الحكم على السنة النبوية، ومن ذلك كتب خصوم السنة وأهلها كالخوارج والرافضة، وكذلك كتب لا صلة بينها وبين علوم السنة ككتب الأدب واللغة والنحو والشعر والتاريخ لغير المحدثين، وكتب من وضع الزنادقة، ولا يعرف لها مؤلف كألف ليلة وليلة.

ولمزيد من التأكيد والمصداقية استعرض الشيخ مصادِر كبيرِ المشككين في السنة من المستشرقين (جولد تسيهر)، والتي يعتمد غالبًا عليها وهي:

  • حياة الحيوان الكبرى للدميري.
  • أدب القاضي للخصافي.
  • الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني.
  • معجم الأدباء لياقوت الحموي.
  • سيرة سيف بن ذي يزن.
  • سيرة عنترة بن شداد.
  • كتاب الخراج لأبي يوسف.
  • فهرس ابن النديم.
  • كشف الظنون لحاجي خليفة.

وبعد ذلك ألقى بظلال قلمه على مصادر أحد المشككين في السنة في العصر الحديث وهو محمود أبو رية في كتابه “أضواء على السنة”، فإن المصادر التي اعتمد عليها في إصدار أحكامه على السنة هي:

  • تاريخ التمدّن الإسلامي لجرجي زيدان.
  • العرب قبل الإسلام لجرجي زيدان.
  • دائرة المعارف الإسلامية لمجموعة من المستشرقين.
  • تاريخ الشعوب الإسلامية لكارل بروكلمان.
  • المسيحية في الإسلام للقس إبراهيم لوقا.
  • العقيدة والشريعة في الإسلام لجولد تسيهر.
  • أحاديث عائشة للسيد مرتضى العسكري.
  • ابن سبأ للسيد مرتضى العسكري.
  • أبو هريرة لعبد الحسين شرف الدين.
  • أصل الشيعة وأصولها محمد الحسين آل كاشف.
  • البيان والتبين للجاحظ.
  • الحيوان للجاحظ.

النوع الثاني: مصادر معتبرة حديثية، وهدفهم من ذلك تضليل القارئ برجوعهم إليها، وبيَّن المؤلف أن الحقائق التي ينقلونها منها هي من المسلمات، فلا يخرج حالها عن ثلاثة:

  1. الاستشهاد بتلك الحقائق المسلَّم بها في غير موضعها؛ إيهامًا للقارئ بأنهم يلتقون معهم في رأيهم؛ كنقل أسباب الوضع عنهم على أنه مما أضعف السنة دون التعرض لجهود العلماء تجاهها.
  2. بتر النصوص بأخذ ما يشهد لهم وحذف ما ينقض قولهم.
  3. تحريف نصوص ووضعها في غير مواضعها؛ كالاستدلال على الاستغناء عن السنة بنصوص العلماء في أهمية القرآن.

النوع الثالث: مصادر معتبرة غير حديثية، واعتمادهم ما ورد فيها من أحاديث مكذوبة، كاعتمادهم عرض السنة على القرآن، ونسبته إلى الرازي للاحتجاج به، مع أن الرازي أورده استنكارًا لمخالفة عيسى بن أبان لجمهور علماء المسلمين في ذلك الحديث.

وبهذا ينتهي الباب الثاني.

ثم الباب الثالث: نماذج من الأحاديث الصحيحة المطعون فيها والجواب عنها، ويشتمل على تمهيد وعشرة فصول:

ومما جاء في مبتدأ التمهيد: “يحرص أعداء السنة -أعداء الإسلام- في عصرنا على تناول الأحاديث الصحيحة -وخاصة صحيحي البخاري ومسلم- بالنقد والتجريح، المزور الباطل؛ وذلك كي يصلوا في النهاية إلى التشكيك في السنة جميعها وصرف المسلمين عنها، ويركزون على الصحيحين؛ لأنه بسقوط الرأس يسقط الجسد كله”([13])، ثم بيَّن أن مستنَدَهم في الطعن في الحديث غالبًا هو التحاكم إلى عقولهم القاصرة.

ومن ثم شرع في الفصول العشرة لهذا الباب، وفي كلِّ فصل من فصوله الثمانية الأولى تناول حديثًا من الأحاديث التي طعنوا فيها بالدراسة والتحقيق، مراعيًا في ذلك الدراسة الموضوعية لمسائل الحديث، جامعًا الشبه المثارة حولها، إلى جانب الدراسة الحديثية، وهي:

الفصل الأول: حديث إنما الأعمال بالنيات.

الفصل الثاني: حديث أنزل القرآن على سبعة أحرف.

الفصل الثالث: أحاديث رؤية الله سبحانه ومحاجة آدم موسى -عليهما السلام- والشفاعة.

الفصل الرابع: أحاديث ظهور المهدي وخروج الدجال ونزول المسيح عليه السلام.

الفصل الخامس: حديث عذاب القبر ونعيمه.

الفصل السادس: أحاديث خلوة النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة من الأنصار، ونوم النبي صلى الله عليه وسلم عند أم سليم وأم حَرَام، وحديث سحر النبي صلى الله عليه وسلم.

الفصل السابع: حديث رضاعة الكبير، شبهات الطاعنين فيه والرد عليها.

الفصل الثامن: حديث وقوع الذباب في الإناء.

ثم الفصل التاسع: ثمرات ونتائج الحديث الصحيح.

والفصل العاشر: مضارّ ردّ الأحاديث النبوية الصحيحة، ومما ذكر فيها:

  • إخراج ما هو من الدين.
  • إشاعة البلبلة الفكرية.

وبهذا ينتهي الباب الثالث.

الخاتمة: وفيها استعرض أهم نتائج البحث والتي منها:

  1. مؤامرة التشكيك في حجية السنة بدأت في الماضي، ونمت في الحاضر مع المستشرقين، ومن استمالوهم من أبناء المسلمين.
  2. معركة السنة تتَّسم من جهة أعدائها بالدقة والتنظيم والكيد المحكم، كما تتَّسم من جهة المسلمين بالبراءة والغفلة.
  3. القواعد التي ينطلق منها أعداء السنة قديمًا وحديثًا في الكيد لها واحدة، فشبهات القدماء هي نفسها شبهات المعاصرين.
  4. نجاح الاستشراق في استقطاب كثير من أبناء الإسلام الذين انخدعوا بأفكاره وآرائه، وتأثروا بثقافاته ومناهجه، وكثير منهم يمثلون رموزًا بارزة في بلدانهم، فكان لذلك أثر بالغ في نشر تلك الأفكار بين المسلمين، وانخداع السذج منهم بها، وتفلَّت كثير منهم بسببها من التمسّك بالشرع، فكان خطرهم أعظم وفسادهم أكبر؛ لأنهم يهدمون السنة من داخلها.
  5. أنه لو سلمنا جدلًا أنه يكفي الاستناد على القرآن ولم نعبأ بالسنة، فإن الخلاف بين الناس لا يزول كما هو معلوم بالضرورة، وإنما سيزيد ويستفحِل.
  6. عدم الأخذ بالسنة دعوة إلحادية، يريد أصحابها لنا الإعراض عن هدى النبوة، وينسون أنهم يتمسَّكون بتشريعات واهية، لا أساس لها تقوم عليه، ولو سلمنا لهم جدلًا أنه يجب إبطال السنة، مع صحة نقلها بالإسناد المتصل الذي هو منَّة عظيمة خص الله بها الأمة الإسلامية دون سائر الأمم؛ لكان لزامًا علينا من باب أولى أن نبطل جميع التشريعات المتداولة في الدنيا مهما كان مصدرها سماويًّا أو وضعيًّا؛ لأن من المسَلَّم أن البقاء للأصحِّ سندًا والأوثَقِ رواية.
  7. منكِرو السنة بجملتها تسوِّل لهم نفوسُهم المريضة وتصوِّر لهم عقولهم المتحجِّرة ادعاءَ العلم بدين الله وأسرار شريعته أكثر من رسوله صلى الله عليه وسلم -والعياذ بالله-، وإلا فكيف يتجرَّؤون أن ينكروا سنَّته؟! وإذا كان ذلك كذلك فمن الذي يطاع: رسول الله صلى الله عليه وسلم أم الخارجون عن دين الله؟!
  8. السنة ضرورة دينية، وكثير من المسائل المعلومة من الدين بالضرورة -والتي أجمع عليها الفقهاء- متوقِّفة على حجِّيَّتها، فلو لم تكن حجة كيف يتوقف الضروري -وهو الإجماع- على ما ليس بضروري وهي السنة؟!
  9. الأدلة الشرعية جميعها متوافقة متآلفة متلائمة، لا اختلاف ولا تنافر ولا تضارب بينها، وأي تعارض يراه الباحث إنما يكون بحسب الظاهر فقط بالنسبة إليه، أو لكونه يتوهَّم ما ليس بدليل دليلًا، أو لتصوُّره أن نصَّين مِن النصوص يدلَّان على حكمين متعارضين مختلفين، بينما النصَّان في واقع الأمر لا تعارض، ولا اختلاف في حكمهما، بل لكلِّ واحد منهما جهة غير جهة الآخر، فالتعارض حينئذ يكون سببه عجز الباحث وعدم درايته، لكونه غير معصومٍ منَ الخطأ، لا في النص ولا في دلالته على الحكم.
  10. دعوى وجود عقليات مخالفة للشرع لا حقيقةَ لها عند الاعتبار الصحيح، إضافة إلى أنه لا ضابط عند من يردّ النصوص بالقرآن والعقل يفرق به بين ما يرد وما لا يرد.
  11. رد النصوص عقلًا أوجد أثرًا بالغًا في زعزعة كثير من العقائد، وعدم احترام نصوص الوحي الاحترام اللائق، والتهوين من شأنها.
  12. أن جميع ما يتناقله الشيعة الرافضة وأهل البدع في كتبهم من المطاعن العامة والخاصة في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعرج عليها ولا كرامة، فهي أباطيل وأكاذيب مفتراه؛ إذ دأب الرافضة وأهل البدعة رواية الأباطيل، ورد ما صح من السنة المطهرة والتاريخ.
  13. وجدت من خلال صحبتي لبعض خصوم السنة أنهم جميعًا من أصحاب الترف والكبر الذين لزموا البيوت، ولم يطلبوا العلم من مظانه ومن أهله.

وكان من أهم توصيات الباحث ما يلي:

  1. دراسة شبهات أعداء السنة قديمًا وحديثًا، وبيان بطلانها من خلال تدريس تاريخ السنة وعلومها.
  2. إخضاع الكتابات المتعلِّقة بما يمسّ السنة النبوية للتدقيق والتمحيص، وسدّ منافذ الاجتراء على السنة النبوية بديار المسلمين، وتجريم ذلك في جميع الوسائل.
  3. الحكم بالارتداد على منكري السنة النبوية، وتنفيذ أحكام الله فيهم بمعرفة القضاء؛ لأن منكر السنة منكر للقرآن.
  4. الحكم بالابتداع على رادِّي الأحاديث النبوية الصحيحة، وإقامة عقوبة التعزير عليهم، وإرشادهم إلى الحق.
  5. العمل على أن يكون للمحدِّثين رابطة على مستوى العالم الإسلامي؛ تجمع شملهم، وتقنِّن أعمالهم، وتلمّ شعث جهودهم.
  6. مواصلة العمل الجادّ وتضافر الجهود؛ كي نبيِّن ما ينطوي عليه الغرض الخبيث الذي يلتقي عليه أعداء الله للنيل من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن رواتها الثقات الأعلام، ومن ثم وقف هذه الحملة الشرسة المسعورة التي تستهدف هدم القرآن وكل ما يتَّصل به من سنة وتاريخ.

والكتاب ماتعٌ مفيد، ألَّفه باحث ذو نفَس عميق وأسلوب متين في الكتابة، يبرز لقارئه تاريخ المشكِّكين في السنة النبوية، سواء في قديم الزمان أو في عصرنا الحاضر، ويلقي الضوء على أصول التشكيك التي مارسوها على مر التاريخ، بدءًا بأساتذة السنة من الصحابة الكرام وأئمة الإسلام الأعلام، إلى رواتها وأسانيدها ومتونها، إلى مصادرها وكتبها، وأورد جملة كبيرة من الشبهات التي أثيرت ويعاد إثارتها بين الفينة والأخرى، وتناولها بالدراسة والنقد والتفنيد، وهو ما يجعل قراءته من الأولويات في زماننا، خاصَّة وأن القواعد -كما قرره المؤلف- التي ينطلق منها أعداء السنة قديمًا وحديثًا في الكيد لها واحدة، فشبهات القدماء هي نفسها شبهات المعاصرين.

وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) السنة في كتابات أعداء الإسلام ومناقشتها (ص: 13، بترقيم الشاملة آليا) بتصرف يسير.

([2]) كتابات أعداء الإسلام ومناقشتها (ص: 60، بترقيم الشاملة آليا).

([3]) كتابات أعداء الإسلام ومناقشتها (ص: 99، بترقيم الشاملة آليا).

([4]) كتابات أعداء الإسلام ومناقشتها (ص: 136، بترقيم الشاملة آليا).

([5]) كتابات أعداء الإسلام ومناقشتها (ص: 137، بترقيم الشاملة آليا).

([6]) كتابات أعداء الإسلام ومناقشتها (ص: 137، بترقيم الشاملة آليا).

([7]) كتابات أعداء الإسلام ومناقشتها (ص: 152، بترقيم الشاملة آليا).

([8]) كتابات أعداء الإسلام ومناقشتها (ص: 160، بترقيم الشاملة آليا).

([9]) كتابات أعداء الإسلام ومناقشتها (ص: 861، بترقيم الشاملة آليا).

([10]) كتابات أعداء الإسلام ومناقشتها (ص: 862، بترقيم الشاملة آليا).

([11]) كتابات أعداء الإسلام ومناقشتها (ص: 870، بترقيم الشاملة آليا).

([12]) كتابات أعداء الإسلام ومناقشتها (ص: 871، بترقيم الشاملة آليا).

([13]) كتابات أعداء الإسلام ومناقشتها (ص: 882، بترقيم الشاملة آليا).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

جديد سلف

المهدي بين الحقيقة والخرافة والرد على دعاوى المشككين

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   مقدمة: صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا، لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ»([1]). ومن رحمته صلى الله عليه وسلم بالأمه أنه أخبر بأمور كثيرة واقعة بعده، وهي من الغيب الذي أطلعه الله عليه، وهو صلى الله عليه وسلم لا […]

قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لو كان الإيمان منوطًا بالثريا، لتناوله رجال من فارس) شبهة وجواب

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  يقول بعض المنتصرين لإيران: لا إشكالَ عند أحدٍ من أهل العلم أنّ العربَ وغيرَهم من المسلمين في عصرنا قد أعرَضوا وتولَّوا عن الإسلام، وبذلك يكون وقع فعلُ الشرط: {وَإِن تَتَوَلَّوْاْ}، ويبقى جوابه، وهو الوعد الإلهيُّ باستبدال الفرس بهم، كما لا إشكال عند المنصفين أن هذا الوعدَ الإلهيَّ بدأ يتحقَّق([1]). […]

دعوى العلمانيين أن علماء الإسلام يكفرون العباقرة والمفكرين

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة عرفت الحضارة الإسلامية ازدهارًا كبيرًا في كافة الأصعدة العلمية والاجتماعية والثقافية والفكرية، ولقد كان للإسلام اللبنة الأولى لهذه الانطلاقة من خلال مبادئه التي تحثّ على العلم والمعرفة والتفكر في الكون، والعمل إلى آخر نفَسٍ للإنسان، حتى أوصى الإنسان أنَّه إذا قامت عليه الساعة وفي يده فسيلة فليغرسها. ولقد كان […]

حديث: «إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ» شبهة ونقاش

من أكثر الإشكالات التي يمكن أن تؤثِّرَ على الشباب وتفكيرهم: الشبهات المتعلِّقة بالغيب والقدر، فهما بابان مهمّان يحرص أعداء الدين على الدخول منهما إلى قلوب المسلمين وعقولهم لزرع الشبهات التي كثيرًا ما تصادف هوى في النفس، فيتبعها فئام من المسلمين. وفي هذا المقال عرضٌ ونقاشٌ لشبهة واردة على حديثٍ من أحاديث النبي صلى الله عليه […]

آثار الحداثة على العقيدة والأخلاق

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الفكر الحداثي مذهبٌ غربيّ معاصر دخيل على الإسلام، والحداثة تعني: (محاولة الإنسان المعاصر رفض النَّمطِ الحضاري القائم، والنظامِ المعرفي الموروث، واستبدال نمطٍ جديد مُعَلْمَن تصوغه حصيلةٌ من المذاهب والفلسفات الأوروبية المادية الحديثة به على كافة الأصعدة؛ الفنية والأدبية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والفكرية…)([1]). ومما جاء أيضا في تعريفه: (محاولة […]

الإيمان بالغيب عاصم من وحل المادية (أهمية الإيمان بالغيب في العصر المادي)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: يعيش إنسان اليوم بين أحد رجلين: رجل تغمره الطمأنينة واليقين، ورجل ترهقه الحيرة والقلق والشكّ؛ نعم هذا هو الحال، ولا يكاد يخرج عن هذا أحد؛ فالأول هو الذي آمن بالغيب وآمن بالله ربا؛ فعرف الحقائق الوجوديّة الكبرى، وأدرك من أين جاء؟ ومن أوجده؟ ولماذا؟ وإلى أين المنتهى؟ بينما […]

مناقشة دعوى الإجماع على منع الخروج عن المذاهب الأربعة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من بعث رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فإن طريقة التعامل مع اختلاف أهل العلم بَيَّنَها الله تعالى بقوله: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ ‌أَطِيعُواْ ‌ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ […]

بدعية المولد .. بين الصوفية والوهابية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدّمة: من الأمور المقرَّرة في دين الإسلام أن العبادات مبناها على الشرع والاتباع، لا على الهوى والابتداع، فإنَّ الإسلام مبني على أصلين: أحدهما: أن نعبد الله وحده لا شريك له، والثاني أن نعبده بما شرعه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، فالأصل في العبادات المنع والتوقيف. عَنْ عَلِيٍّ […]

الخرافات وأبواب الابتداع 

[ليس معقولاً، لا نقلاً، ولا عقلاً، إطلاق لفظ «السُّنَّة» على كل شيء لم يذكر فيه نص صريح من القرآن أو السنة، أو سار عليه إجماع الأمة كلها، في مشارق الأرض ومغاربها]. ومصيبة كبرى أن تستمر التهم المعلبة،كوهابي ، وأحد النابتة ، وضال، ومنحرف، ومبتدع وما هو أشنع من ذلك، على كل من ينادي بالتزام سنة […]

ترجمة الشَّيخ د. علي ناصر فقيهي

‏‏للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة ترجمة الشَّيخ د. علي ناصر فقيهي([1]) اسمه ونسبه: هو الشَّيخ الأستاذ الدكتور علي بن محمد بن ناصر آل حامض الفقيهي. مولده: كان مسقط رأسه في جنوب المملكة العربية السعودية، وتحديدا بقرية المنجارة التابعة لمحافظة أحد المسارحة، إحدى محافظات منطقة جيزان، عام 1354هـ. نشأته العلمية: نشأ الشيخ في مدينة جيزان […]

مناقشة دعوَى أنّ مشركِي العرب جحدوا الربوبية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: اعتَمَد بعضُ الأشاعرةِ في العصور الحديثةِ على مخالفة البدهيات الشرعية، وتوصَّلوا إلى نتائج لم يقل بها سلفُهم من علماء الأشعرية؛ وذلك لأنهم لما نظروا في أدلة ابن تيمية ومنطلقاته الفكرية وعرفوا قوتها وصلابتها، وأن طرد هذه الأصول والتزامَها تهدم ما لديهم من بدعٍ، لم يكن هناك بُدّ من […]

حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية في الإسلام

  إنَّ حريةَ الاعتقاد في الإسلام تميَّزت بتفاصيل كثيرة واضحة، وهي تعني أن كلَّ شخص حرّ في اختيار ما يؤمن به وما يدين به، ولا يجب على أحدٍ أن يُكرهَه على اعتقاده، كما تعني الاحترامَ لحرية الآخرين في اختياراتهم الدينية والمعتقدات الشخصية. موقفُ الإسلام من الحرية الدينية: الأصلُ عدمُ الإجبار على الإسلام، ولا يُكره أحد […]

دفع إشكال في مذهب الحنابلة في مسألة حَلِّ السِّحر بالسحر

  في هذا العصر -عصر التقدم المادي- تزداد ظاهرة السحر نفوذًا وانتشارًا، فأكثر شعوب العالم تقدّمًا مادّيًّا -كأمريكا وفرنسا وألمانيا- تجري فيها طقوس السحر على نطاق واسع وبطرق متنوعة، بل إن السحر قد واكب هذا التطور المادي، فأقيمت الجمعيات والمعاهد لتعليم السحر سواء عن طريق الانتظام أو الانتساب، كما نظمت المؤتمرات والندوات في هذا المجال. […]

الفكر الغنوصي في “إحياء علوم الدين” لأبي حامد الغزالي وموقف فقهاء ومتصوفة الغرب الإسلامي منه

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة بسم الله الرحمن الرحيم لا تخفى المكانة التي حظي بها كتاب إحياء علوم الدين عند المتصوفة في المغرب والأندلس، فكتب التراجم والمناقب المتصوفة المغربية المشهورة، شاهدة على حضور معرفي مؤثر ظاهر لهذا الكتاب في تشكيل العقل المتصوف وتوجيه ممارسته، وأول ما يثير الانتباه فيه، هو التأكيد على الأثر المشرقي […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017