خلاصات وتحقيقات (33)
وضوح أدلة القرآن في تقرير التوحيد:
(والله سبحانَه حاجَّ عبادَه على ألسن رسلِه وأنبيائِه فيمَا أراد تقريرهم به وإلزامهم إيَّاه بأقرب الطُّرق إلى العقل، وأسهلِها تناولًا، وأقلِّها تكلفًا، وأعظمها غناءً ونفعًا، وأجلِّها ثمرةً وفائدةً، فحُجَجُه سبحانه العقلية التي بينها في كتابِهِ جمعت بينَ كونِها عقلية سمعية، ظاهرة واضحة، قليلَة المقدمات، سهلة الفَهم، قريبَة التَّناول، قاطعة للشُّكوك والشُّبه، ملزمة للمعانِد والجاحِد، ولهذا كانت المعارف التي استنبطت منها في القلوب أرسخ، ولعمُوم الخلق أنفَع.
وإذا تتبَّع المتتبِّع ما في كتاب الله ممَّا حاجَّ به عبادَه في إقامةِ التَّوحيد، وإثبات الصِّفات، وإثباتِ الرِّسالة والنُّبوة، وإثبات المعاد وحشر الأجساد، وطرُق إثبات علمِه بكلِّ خفيٍّ وظاهر، وعموم قُدرتِه ومشيئَتِه، وتفرُّده بالملك والتَّدبير، وأنَّه لا يستحق العبادة سواه، وجد الأمر في ذلك على ما ذكرنَاهُ من تصرف المخاطبة منه سبحانه في ذلكَ على أجلِّ وجوه الحجاج وأسبقها إلى القلوب، وأعظمها ملاءَمَة للعقول، وأبعدها من الشُّكوك والشُّبه في أوجز لفظٍ وأبينه، وأعذبه وأحسنه، وأرشقه وأدله على المراد)