الثلاثاء - 29 ربيع الآخر 1447 هـ - 21 أكتوبر 2025 م

تغريدات مقالة “منهجيَّة النَّقل ووحدةُ النَّاقل حجَّةٌ أخرى على مُنكري السُّنَّة”

A A
  • نظر الصحابة إلى السنة النبوية كمصدر تشريعي، فهي التي تفصل ما أجمل في القرآن، وتبين غامضه ، وتقيِّد مطلقه، وتخصِّص عموماته، وتشرح أحكامه، فالعلاقة بين القرآن والسُّنة علاقةٌ وطيدةٌ متكاملة.
  • وحجيَّة السنة أمرٌ مقرَّر عند عامَّة المسلمين وعليها دلائل كثيرة، وفي هذا المقال عرَّجنا على طريقةٍ من طرق تثبيت حجية السنة، وهي: اتحاد المنهجية في نقل القرآن والسنة.
  • لا شك أن القرآن والسُّنة يختلفان في أمورٍ ويتفقان في أمور، فيختلفان في الفضل، والتعبد، والإعجاز، ويتَّفقان في كونهما وحيًا، ويجب الأخذ بهما واتباعهما، وممَّا يتفقان فيه: أنَّ المنهجية التي اتبعت في نقل القرآن والسُّنة واحدة.
  • ومعنى هذا أنَّ السنة قد نقلت إلينا بنفس المنهجية التي نقل بها القرآن فمن يفرق بينهما يقع في حزمة من الأخطاء المنهجية، ويمارس مغالطة الانتقاء بجدارة إذ أنه يفرق بين متماثلين.
  • هذه الطريقة في إثبات السُّنة تقول: من أخذ بالقرآن يجب عليه ضرورة أن يأخذ بالسنة، والأخذ بالقرآن دون الأخذ بالسنة هو طعن في القرآن! وبيان هذا الاتفاق في المنهجية يكون بالآتي:
  • أولا: وحدة منهجية التلقي. ويعني أن القرآن كان ينقله النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصحابة فيحفظونه ويكتبونه، وكذلك الأحاديث كان يقولها النبي صلى الله عليه وسلم فيحفظها الصحابة ويكتبونها، مع تفاوت في الدرجة لكن المنهجية واحدة.
  • ومن مظاهر حفظ الصحابة للسنة أنهم كانوا يتناوبون في الجلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم كما فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه وجار له فالمنهجية التي بها تلقى الصحابة القرآن، هي المنهجية التي تلقى الصحابة بها السنة، فكلاهما عن طريق جلوسهم عند النبي صلى الله عليه وسلم وسماعهم منه.
  • ثانيا: منهجية التدوين. ويعني أن القرآن الكريم يكتبه كتَّاب الوحي بأمر النَّبي صلى الله عليه وسلم، أمَّا السنة فقد حظيت أيضًا بالكتابة منذ عهد النبوة، كما في حديث عبدالله بن عمرو أنه قال: “كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم”.
  • فالصحابة رضي الله عنهم كما أنَّهم كتبوا القرآن فقد كتبوا السنة، والاتفاق في المنهجية لا في التفاصيل كما سيأتي، فالمنهجية واحدة، وهي أن يسمعوا شيئا من النبي صلى الله عليه وسلم فيكتبوه.
  • ثالثا: وحدة الناقل. ويعني أن من نقل القرآن من الصحابة هو من نقل السنة، ومن غير المعقول أن يأتي إنسانٌ عدل صادق ضابط فيحدِّث الناس بحديث كثير، فيأتي أحدهم ويصدقه في جزء ولا يصدقه في جزء آخر، وليس له في هذا التفريق إلا مجرد التشهي في القبول! وهذا هو الحاصل من منكري السنة مع السنة!
  • من سمع القرآن الكريم من النبي صلى الله عليه وسلم هم من سمعوا السُّنة أيضا فنقلوها إلى الجيل الذي بعدهم كما نقلوا القرآن إليهم، وقد عدَّ الصحابة الذين نقلوا القرآن فذكر منهم عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وأبي بن كعب، وعبدالله بن مسعود.
  • فهل رأيت هؤلاء الصحابة قد أحجموا عن رواية السنة؟

أم أنهم كما نقلوا القرآن نقلوا السنة كذلك، وكتب السنة مليئة بالأسانيد الموصلة إلى هؤلاء الصحابة الكرام، فلم يكن من الصحابة من كان يختص بالقرآن ولا ينقل السنة حتى نقبل كلام فئة دون فئة، وإنما كان ناقل القرآن والسنة واحدًا.

  • فوحدة الناقل يوقع منكري السنة في مأزق لا يستطيعون التخلص منه إلا بقولهم إن نقل القرآن متواتر ونقل السنة ليس كذلك، وسياتي الجواب عنه، ولكن الذي يهمنا هنا هو أن نبين أن الصحابة الذين نقلوا القرآن هم أنفسهم الذين نقلوا السنة، ولا يصح التفريق بينهم من هذه الجهة.
  • رابعا: طريقة النقل بالأسانيد. ونعني به: أن طريقة نقل القرآن إلى الأمة تمَّت عن طريق السند، وطريقة نقل السُّنة إلى الأمَّة تمت عن طريق السند، فالاثنان متَّفقان في منهجيَّة النقل من هذه الجهة ولا سبيل إلى التفريق بينهما.
  • رواية حفص مثلا يرجع سندها إلى علي بن أبي طالب، ورواية ورش يرجع سندها إلى أبي بن كعب، وكذلك السنة فالبخاري يروي بسنده إلى علي بن أبي طالب، ومسلم يروي بسنده إلى ابن عباس، وهكذا، فمالفرق في منهجية النقل بين الطريقين؟
  • لا يوجد أي فرق منهجي بين أن ينقل الصحابي القرآن بإسناده ونأخذه وبين أن ينقل السنة بإسناده ونأخذها، ومن طعن في السُّنة وجب عليه أن يطعن في القرآن لأنه أيضًا منقول إلينا بهذه الأسانيد.
  • خامسا: وحدة الشرط، ويعني ذلك أن الشروط المعتبرة في تلقي القرآن وتحمله من النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن وصل إلينا هي نفسها الشروط في السنة النبوية، كاتصال السند.
  • فإن قيل: إن السُّنة لا تساوي القرآن في النقل، فالقرآن نقل إلينا نقلًا متواترًا والسنة ليست كذلك.

نقول: لم نزعم أنَّ السنة من جهة النقل مثل القرآن تمامًا، ولا يخفى على أحد أن القرآن أعلى منزلة وأكثر دقة وحفظًا وصونًا وهو ثابتٌ كله ثبوتًا قطعيًّا بخلاف كثير من السنة =

  • فطريقتنا في إثبات السنة ليست هي الدعوى بأن السنة مثل القرآن تمامًا في طرق النقل، ولكن طريقتنا هي بيان أنَّ المنهجية واحدة، فمنهجية النقل في القرآن هي نفسها منهجية النقل في السنة من حيث الاعتماد على الحفظ =
  • والاعتماد على نفس الأصحاب الذين نقلوا القرآن ونقلوا السنة، ومن حيث الوصول بالطريقة نفسها بالأسانيد، والاتفاق في المنهجية كافٍ في الأخذ بهما جميعًا، مع وجود الفارق في التفاصيل.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جديد سلف

بين المعجزة والتكامل المعرفي.. الإيمان بالمعجزة وأثره على تكامل المعرفة الإنسانية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: لقد جاء القرآن الكريم شاهدًا على صدق نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم، بل وعلى صدق الأنبياء كلهم من قبله؛ مصدقًا لما معهم من الكتب، وشاهدا لما جاؤوا به من الآيات البينات والمعجزات الباهرات. وهذا وجه من أوجه التكامل المعرفي الإسلامي؛ فالقرآن مادّة غزيرة للمصدر الخبري، وهو […]

قواعد علمية للتعامل مع قضية الإمام أبي حنيفة رحمه الله

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: من القضايا التي عملت على إثراء التراث الفقهي الإسلامي: قضية الخلاف بين مدرسة أهل الرأي وأهل الحديث، وهذا وإن كان يُرى من جانبه الإيجابي، إلا أنه تمخَّض عن جوانب سلبية أيضًا، فاحتدام الصراع بين الفريقين مع ما كان يرجّحه أبو حنيفة من مذهب الإرجاء نتج عنه روايات كثيرة […]

كيف نُؤمِن بعذاب القبر مع عدم إدراكنا له بحواسِّنا؟

مقدمة: إن الإيمان بعذاب القبر من أصول أهل السنة والجماعة، وقد خالفهم في ذلك من خالفهم من الخوارج والقدرية، ومن ينكر الشرائع والمعاد من الفلاسفة والملاحدة. وجاءت في الدلالة على ذلك آيات من كتاب الله، كقوله تعالى: {ٱلنَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ أَدْخِلُواْ ءَالَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ ٱلْعَذَابِ} [غافر: 46]. وقد تواترت الأحاديث […]

موقف الحنابلةِ من الفكر الأشعريِّ من خلال “طبقات الحنابلة” و”ذيله”

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: تحتوي كتبُ التراجم العامّة والخاصّة على مضمَرَاتٍ ودفائنَ من العلم، فهي مظنَّةٌ لمسائلَ من فنون من المعرفة مختلفة، تتجاوز ما يتعلَّق بالمترجم له، خاصَّة ما تعلَّق بطبقات فقهاء مذهب ما، والتي تعدُّ جزءًا من مصادر تاريخ المذهب، يُذكر فيها ظهوره وتطوُّره، وأعلامه ومؤلفاته، وأفكاره ومواقفه، ومن المواقف التي […]

مسألة التحسين والتقبيح العقليين بين أهل السنة والمتكلمين -الجزء الثالث- (أخطاء المخالفين في محل الإجماع)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة الفصل الثالث: أخطاء المخالفين في محل الإجماع: ذكر الرازي ومن تبعه أن إطلاق الحسن والقبح بمعنى الملاءمة والمنافرة وبمعنى الكمال والنقصان محلّ إجماع بينهم وبين المعتزلة، كما تقدّم كلامه. فأما الإطلاق الأول وهو كون الشيء ملائمًا للطبع أو منافرًا: فقد مثَّلُوا لذلك بإنقاذِ الغَرقى واتهامِ الأبرياء، وبحسن الشيء الحلو […]

مسألة التحسين والتقبيح العقليين بين أهل السنة والمتكلمين -الجزء الثاني- (أخطاء المخالفين في محل النزاع)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة الفصل الثاني: أخطاء المخالفين في محل النزاع: ابتكر الفخر الرازيُّ تحريرًا لمحل الخلاف بين الأشاعرة والمعتزلة في المسألة فقال في (المحصل): “مسألة: الحُسنُ والقبح‌ قد يُراد بهما ملاءمةُ الطبع ومنافرَتُه، وكون‌ُ الشي‌ء صفةَ كمال أو نقصان، وهما بهذين المعنيين عقليان. وقد يُراد بهما كونُ الفعل موجبًا للثوابِ والعقابِ والمدحِ […]

ترجمة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ (1362  – 1447هـ)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة اسمه ونسبه([1]): هو سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب. مولده ونشأته: وُلِد سماحة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ رحمه الله بمدينة مكة المكرمة في الثالث من شهر ذي الحجة عام 1362هـ. وقد […]

مسألة التحسين والتقبيح العقليين بين أهل السنة والمتكلمين -الجزء الأول- (تحرير القول في مسألة)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: إنَّ مسألةَ التحسين والتقبيح العقليين من المسائل الجليلة التي اختلفت فيها الأنظار، وتنازعت فيها الفرق على ممرّ الأعصار، وكان لكل طائفةٍ من الصواب والزلل بقدر ما كُتب لها. ولهذه المسألة تعلّق كبير بمسائلَ وأصولٍ عقدية، فهي فرع عن مسألة التعليل والحكمة، ومسألة التعليل والحكمة فرع عن إثبات الصفات […]

جُهود الشيخ صالح بن أحمد الْمُصَوَّعي في نشر الدعوة السلفية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الشيخ صالح بن أحمد الْمُصَوَّعي من العلماء البارزين في القرن الرابع عشر الهجري، وقد برزت جهوده في خدمة الإسلام والمسلمين. وقد تأثر رحمه الله بالمنهج السلفي، وبذل جهودًا كبيرة في نشر هذا المنهج وتوعية الناس بأهميته، كما عمل على نبذ البدع وتصحيح المفاهيم الخاطئة التي قد تنشأ في […]

وصفُ القرآنِ بالقدم عند الحنابلة.. قراءة تحليلية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: يُعدّ مصطلح (القِدَم) من أكثر الألفاظ التي أثارت جدلًا بين المتكلمين والفلاسفة من جهة، وبين طوائف من أهل الحديث والحنابلة من جهة أخرى، لا سيما عند الحديث عن كلام الله تعالى، وكون القرآن غير مخلوق. وقد أطلق بعض متأخري الحنابلة -في سياق الرد على المعتزلة والجهمية- وصف (القديم) […]

التطبيقات الخاطئة لنصوص الشريعة وأثرها على قضايا الاعتقاد

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: من الأمور المقرَّرة عند أهل العلم أنه ليس كل ما يُعلم يقال، والعامة إنما يُدعون للأمور الواضحة من الكتاب والسنة، بخلاف دقائق المسائل، سواء أكانت من المسائل الخبرية، أم من المسائل العملية، وما يسع الناس جهله ولا يكلفون بعلمه أمر نسبيٌّ يختلف باختلاف الناس، وهو في دائرة العامة […]

الصحابة في كتاب (الروض الأنف) لأبي القاسم السهيلي الأندلسي (581هـ) -وصف وتحليل-

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: يحرص مركز سلف للبحوث والدراسات على توفية “السلف” من الصحابة ومنِ اتبعهم بإحسان في القرون الأولى حقَّهم من الدراسات والأبحاث الجادة والعميقة الهادفة، وينال الصحابةَ من ذلك حظٌّ يناسب مقامهم وقدرهم، ومن ذلك هذه الورقة العلمية المتعلقة بالصحابة في (الروض الأنف) لأبي القاسم السهيلي الأندلسي رحمه الله، ولهذه […]

معنى الكرسي ورد الشبهات حوله

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: يُعَدُّ كرسيُّ الله تعالى من القضايا العقدية العظيمة التي ورد ذكرُها في القرآن الكريم وفي سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد نال اهتمام العلماء والمفسرين نظرًا لما يترتب عليه من دلالات تتعلّق بجلال الله سبحانه وكمال صفاته. فقد جاء ذكره في قوله تعالى: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} […]

لماذا لا يُبيح الإسلامُ تعدُّد الأزواج كما يُبيح تعدُّد الزوجات؟

فعن عائشة رضي الله عنها قالت: (إنَّ النِّكَاحَ فِي الجاهلية كان على أربع أَنْحَاءٍ: فَنِكَاحٌ مِنْهَا نِكَاحُ النَّاسِ الْيَوْمَ: يَخْطُبُ الرجل إلى الرجل وليته أوابنته، فَيُصْدِقُهَا ثُمَّ يَنْكِحُهَا. وَنِكَاحٌ آخَرُ: كَانَ الرَّجُلُ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ إِذَا طَهُرَتْ مِنْ طَمْثِهَا أَرْسِلِي إِلَى فُلَانٍ ‌فَاسْتَبْضِعِي ‌مِنْهُ، وَيَعْتَزِلُهَا زَوْجُهَا وَلَا يَمَسُّهَا أَبَدًا، حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَمْلُهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي […]

مركزية السنة النبوية في دعوة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: إنَّ الدعوةَ الإصلاحية السلفيَّة الحديثة ترتكِز على عدّة أسُس بُنيت عليها، ومن أبرز هذه الأسُس السنةُ النبوية التي كانت هدفًا ووسيلة في آنٍ واحد، حيث إن دعوةَ الإصلاح تهدف إلى الرجوع إلى ما كان عليه السلف من التزام الهدي النبوي من جهة، وإلى تقرير أن السنة النبوية الصحيحة […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017