تغريدات مقالة “منهجيَّة النَّقل ووحدةُ النَّاقل حجَّةٌ أخرى على مُنكري السُّنَّة”
- نظر الصحابة إلى السنة النبوية كمصدر تشريعي، فهي التي تفصل ما أجمل في القرآن، وتبين غامضه ، وتقيِّد مطلقه، وتخصِّص عموماته، وتشرح أحكامه، فالعلاقة بين القرآن والسُّنة علاقةٌ وطيدةٌ متكاملة.
- وحجيَّة السنة أمرٌ مقرَّر عند عامَّة المسلمين وعليها دلائل كثيرة، وفي هذا المقال عرَّجنا على طريقةٍ من طرق تثبيت حجية السنة، وهي: اتحاد المنهجية في نقل القرآن والسنة.
- لا شك أن القرآن والسُّنة يختلفان في أمورٍ ويتفقان في أمور، فيختلفان في الفضل، والتعبد، والإعجاز، ويتَّفقان في كونهما وحيًا، ويجب الأخذ بهما واتباعهما، وممَّا يتفقان فيه: أنَّ المنهجية التي اتبعت في نقل القرآن والسُّنة واحدة.
- ومعنى هذا أنَّ السنة قد نقلت إلينا بنفس المنهجية التي نقل بها القرآن فمن يفرق بينهما يقع في حزمة من الأخطاء المنهجية، ويمارس مغالطة الانتقاء بجدارة إذ أنه يفرق بين متماثلين.
- هذه الطريقة في إثبات السُّنة تقول: من أخذ بالقرآن يجب عليه ضرورة أن يأخذ بالسنة، والأخذ بالقرآن دون الأخذ بالسنة هو طعن في القرآن! وبيان هذا الاتفاق في المنهجية يكون بالآتي:
- أولا: وحدة منهجية التلقي. ويعني أن القرآن كان ينقله النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصحابة فيحفظونه ويكتبونه، وكذلك الأحاديث كان يقولها النبي صلى الله عليه وسلم فيحفظها الصحابة ويكتبونها، مع تفاوت في الدرجة لكن المنهجية واحدة.
- ومن مظاهر حفظ الصحابة للسنة أنهم كانوا يتناوبون في الجلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم كما فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه وجار له فالمنهجية التي بها تلقى الصحابة القرآن، هي المنهجية التي تلقى الصحابة بها السنة، فكلاهما عن طريق جلوسهم عند النبي صلى الله عليه وسلم وسماعهم منه.
- ثانيا: منهجية التدوين. ويعني أن القرآن الكريم يكتبه كتَّاب الوحي بأمر النَّبي صلى الله عليه وسلم، أمَّا السنة فقد حظيت أيضًا بالكتابة منذ عهد النبوة، كما في حديث عبدالله بن عمرو أنه قال: “كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم”.
- فالصحابة رضي الله عنهم كما أنَّهم كتبوا القرآن فقد كتبوا السنة، والاتفاق في المنهجية لا في التفاصيل كما سيأتي، فالمنهجية واحدة، وهي أن يسمعوا شيئا من النبي صلى الله عليه وسلم فيكتبوه.
- ثالثا: وحدة الناقل. ويعني أن من نقل القرآن من الصحابة هو من نقل السنة، ومن غير المعقول أن يأتي إنسانٌ عدل صادق ضابط فيحدِّث الناس بحديث كثير، فيأتي أحدهم ويصدقه في جزء ولا يصدقه في جزء آخر، وليس له في هذا التفريق إلا مجرد التشهي في القبول! وهذا هو الحاصل من منكري السنة مع السنة!
- من سمع القرآن الكريم من النبي صلى الله عليه وسلم هم من سمعوا السُّنة أيضا فنقلوها إلى الجيل الذي بعدهم كما نقلوا القرآن إليهم، وقد عدَّ الصحابة الذين نقلوا القرآن فذكر منهم عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وأبي بن كعب، وعبدالله بن مسعود.
- فهل رأيت هؤلاء الصحابة قد أحجموا عن رواية السنة؟
أم أنهم كما نقلوا القرآن نقلوا السنة كذلك، وكتب السنة مليئة بالأسانيد الموصلة إلى هؤلاء الصحابة الكرام، فلم يكن من الصحابة من كان يختص بالقرآن ولا ينقل السنة حتى نقبل كلام فئة دون فئة، وإنما كان ناقل القرآن والسنة واحدًا.
- فوحدة الناقل يوقع منكري السنة في مأزق لا يستطيعون التخلص منه إلا بقولهم إن نقل القرآن متواتر ونقل السنة ليس كذلك، وسياتي الجواب عنه، ولكن الذي يهمنا هنا هو أن نبين أن الصحابة الذين نقلوا القرآن هم أنفسهم الذين نقلوا السنة، ولا يصح التفريق بينهم من هذه الجهة.
- رابعا: طريقة النقل بالأسانيد. ونعني به: أن طريقة نقل القرآن إلى الأمة تمَّت عن طريق السند، وطريقة نقل السُّنة إلى الأمَّة تمت عن طريق السند، فالاثنان متَّفقان في منهجيَّة النقل من هذه الجهة ولا سبيل إلى التفريق بينهما.
- رواية حفص مثلا يرجع سندها إلى علي بن أبي طالب، ورواية ورش يرجع سندها إلى أبي بن كعب، وكذلك السنة فالبخاري يروي بسنده إلى علي بن أبي طالب، ومسلم يروي بسنده إلى ابن عباس، وهكذا، فمالفرق في منهجية النقل بين الطريقين؟
- لا يوجد أي فرق منهجي بين أن ينقل الصحابي القرآن بإسناده ونأخذه وبين أن ينقل السنة بإسناده ونأخذها، ومن طعن في السُّنة وجب عليه أن يطعن في القرآن لأنه أيضًا منقول إلينا بهذه الأسانيد.
- خامسا: وحدة الشرط، ويعني ذلك أن الشروط المعتبرة في تلقي القرآن وتحمله من النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن وصل إلينا هي نفسها الشروط في السنة النبوية، كاتصال السند.
- فإن قيل: إن السُّنة لا تساوي القرآن في النقل، فالقرآن نقل إلينا نقلًا متواترًا والسنة ليست كذلك.
نقول: لم نزعم أنَّ السنة من جهة النقل مثل القرآن تمامًا، ولا يخفى على أحد أن القرآن أعلى منزلة وأكثر دقة وحفظًا وصونًا وهو ثابتٌ كله ثبوتًا قطعيًّا بخلاف كثير من السنة =
- فطريقتنا في إثبات السنة ليست هي الدعوى بأن السنة مثل القرآن تمامًا في طرق النقل، ولكن طريقتنا هي بيان أنَّ المنهجية واحدة، فمنهجية النقل في القرآن هي نفسها منهجية النقل في السنة من حيث الاعتماد على الحفظ =
- والاعتماد على نفس الأصحاب الذين نقلوا القرآن ونقلوا السنة، ومن حيث الوصول بالطريقة نفسها بالأسانيد، والاتفاق في المنهجية كافٍ في الأخذ بهما جميعًا، مع وجود الفارق في التفاصيل.