الاثنين - 06 ذو الحجة 1446 هـ - 02 يونيو 2025 م

سؤال اليقين .. إيمان الصحابة أكبر دليل

A A

المقدمة:

كلُّ العلوم تهدف إلى الاستقرارِ، ومحاولة تقديم الحقائقِ الثابتة المستقرَّة والتي يحصل بها للإنسان ركونٌ إلى المعتقداتِ واطمئنانٌ بها، وأيُّ علم ينبني على الشكِّ ويجعله مادةً وغرضًا فإن النفوسَ السويَّة تنفر منه، وتجعله في دائرة العبَث؛ لتطويله الطريقَ إلى الحقيقة، أو للتَّعميَة عليها، وكلَّما كثُر الشكُّ في اعتقادٍ ما عند أصحابِه كان ذلك دليلًا على فسادِه، وعلى أنه لا ينبني على علمٍ صحيح ولا عقلٍ سليم.

وقد تبارَى العقلاءُ في محاولةِ إثباتِ يقينيَّة الحقول المعرفيَّة التي ينشطون فيها، وتبنَّوا للاستدلال عليها كلَّ ما أمكنَهم من تجربةٍ وحِسّ وحَدسٍ وعَقل ونقلٍ، وغيرها مما يمكن استعماله في أيِّ مجال من المجالات، وبعض الناس حاول الاستغناءَ ببعضِ العلوم والاكتفاءَ بها عن البعض الآخر، فمنهم من اكتفى بالعلومِ العقليةِ، وجعلها سبيله إلى السعادةِ واليقين، ومنهم من وقف عند الحسِ والتجربةِ ونفى ما سواهما، وآخرون استخدَموا جميعَ الأدلة بالتساوي؛ لكن الراسخين في العلم من أهل الإيمان قرَّروا أن العلومَ التي توصل إلى اليقينِ كلّها قد جمعها الشرعُ، فالشرع اسمٌ جامع للأدلَّة، فهو يستخدم العقل والتجربة والحسَّ وسائر الأدلة لإقرار الحقائق وإثباتها.

تقسيم العلماء للأدلة:

بناءً على ما سبقَ قسَّم العلماء الأدلةَ الشرعية إلى قسمين: أدلة نقليَة، وأدلة عقليَّة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “ثم الشَّرعي قد يكون سمعيًّا وقد يكون عقليًّا، فإنَّ كون الدليلِ شرعيًّا يُراد به كونُ الشرع أثبتَه ودلَّ عليه، ويراد به كونُ الشرع أباحه وأذن فيه، فإذا أريد بالشرعيِّ ما أثبته الشرع، فإما أن يكون معلومًا بالعقل أيضًا، ولكن الشرع نبَّه عليه ودلَّ عليه، فيكون شرعيًّا عقليًّا، وهذا كالأدلة التي نبَّه الله تعالى عليها في كتابه العزيز، من الأمثال المضروبة وغيرها الدَّالة على توحيده وإثبات صفاته وصدقِ رسله، وعلى المعاد، فتلك كلُّها أدلةٌ عقليّةٌ يُعلم صحَّتُها بالعقل، وهي براهين ومقاييس عقليةٌ، وهي مع ذلك شرعية. وإما أن يكون الدليل الشرعي لا يعلم إلا بمجرَّد خبر الصادق، فإنه إذا أخبر بما لا يعلم إلا بخبره كان ذلك شرعيًّا سمعيًّا”([1]).

ومن ثمَّ قرروا أن اليقينَ المطلوبَ منَ الأدلة العقليةِ عند بعض التوجُهات هو موجود وبصورة أوضَح في القرآن، وأوصَل إلى المطلوب، وقد بيَّنَّا ذلك من ناحيةِ الدليل في مقال مستقل([2]).

واليوم نتحدَّثُ عنه من الناحيةِ العمليَّة والوجود الواقعيِّ في حياة الصحابة؛ لأن قضايا الإيمان في القرآن تعتمِد على الوجود الواقعيِّ، ولا تعتمد على مجرَّد الإمكان فقط.

اليقين في حياة الصحابة:

ويمكن تلمُّس حقائقِ اليقين في حياة الصحابةِ مِن خلال حديثِ القرآن عنهم، فهم حينَ يسمعون القرآن يتجاوزون مرحلةَ الإعجاب بالنَّظْم إلى مرحلة تذوُّقه والتفاعُل معه قلبًا وقالبًا؛ لأنَّ قضاياه بالنسبة لهم يقينية، قال سبحانه: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَاد} [الزمر: 23].

فاليقينُ الذي وصفَ به الصحابة هنا يفارِق يقينَ غيرهم؛ لأن علامتَه الطمأنينةُ، قال قتادة: “هذا نعتُ أولياء الله، نَعَتَهم الله أن تقشعرَّ جلودُهم، وتبكي أعينُهم، وتطمئنُّ قلوبهم إلى ذكر الله، ولم ينعتهم بذهاب عقولهم، والغشيانِ عليهم، وإنما هذا في أهل البدع، وهذا من الشيطان”([3]). فاليقين الصادِر عن القرآن يقينٌ حقيقيّ؛ ولذلك يصف القرآنُ المؤمنين باليقين بالقرآن وبقضاياه من بعثٍ ونشور وغير ذلك، قال سبحانه: {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُون} [النمل: 3].

فهذا عمير بن الحمام حين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر: «قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض»، قال عمير بن الحمام الأنصاريُّ: يا رسول الله، جنة عرضها السماوات والأرض؟! قال: «نعم»، قال: بخ بخ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما يحملك على قولك: بخ بخ»، قال: لا والله يا رسول الله، إلا رجاءَ أن أكونَ من أهلها، قال: «فإنَّك من أهلها»، فأخرج تمراتٍ من قرنِه، فجعل يأكل منهنَّ، ثم قال: لئن أنا حييتُ حتى آكلَ تمراتي هذه إنها لحياةٌ طويلة، قال: فرمى بما كان معه من التمر، ثم قاتلهم حتى قتِل([4]).

وعن إسحاق بن سعد بن أبي وقاص قال: حدثني أبي أنَّ عبد الله بن جحش قال يوم أحد: ألا نأتي ندعو الله؟! فخلَوا في ناحية، فدعا سعد قال: يا رب، إذا لقينا القوم غدًا فلَقِّني رجلًا شديدًا بأسُه، شديدًا حَردُه، فأقاتله فيكَ ويقاتلني، ثم ارزقني عليه الظفَر حتى أقتله وآخذ سَلَبه، فأمَّن عبدُ الله بن جحش، ثم قال: اللَّهمَّ ارزقني غدًا رجلًا شديدًا حردُه، شديدًا بأسه، أقاتِله فيك ويقاتلني، ثم يأخذني فيجْدع أنفي وأُذني، فإذا لقيتُك غدًا قلتَ: يا عبد الله، فيمَ جدعَ أنفك وأذنك؟! فأقول: فيك وفي رسولك صلى الله عليه وسلم، فتقول: صدقتَ. قال سعد بن أبي وقاص: يا بني، كانت دعوة عبد الله بن جحش خيرًا من دعوتي، لقد رأيته آخر النهار وإنَ أذنَه وأنفَه لمعلَّقان في خيط([5]).

وقال سبحانه عن القرآن وهدايته لهم: {هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمِ يُوقِنُون} [الجاثية: 20]. فقد اهتدى الصحابة بالقرآن هدايةً عجيبةً، أوصلتهم إلى اليقينِ، من هذا اليقين: تصديقُ الغيب كما لو رأَوه، فهذا أبو بكر رضي الله عنه في قصَّة الإسراء يصدِّق دون تردُّد فيقول: “إن كان قالها فقد صدَق”([6])، وهذا كعب بن مالك رضي الله عنه يتحدَّث عن إيمانِه ويقينِه في قصَّةِ تخلُّفه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقول: “يا رسولَ الله، لو جلستُ عند غيرِك من أهل الدنيا لرأيتُ أن سأخرج من سخطه بعذرٍ، ولقد أعطيتُ جدلًا، ولكنِّي والله لقد علمتُ لئن حدَّثتُك اليوم حديثَ كذبٍ تَرضَى به عني ليوشكَنَّ الله أن يُسخِطك عليَّ، ولئن حدَّثتك حديثَ صدقٍ تجد عليَّ فيه إني لأرجو فيه عفوَ الله، لا والله ما كان لي من عذر، والله ما كنتُ قطُّ أقوى ولا أيسَر مني حين تخلَّفتُ عنك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما هذا فقد صدق، فقم حتى يقضيَ الله فيك»([7]).

إنه اليقين الذي يثمر الصدقَ، ويوقف صاحبَه عند حدودِ الله عز وجل. إنَّ اليقينَ عند الصحابة لا يقِف عند هذا الحدِّ، بل يتجاوزُه إلى التأثُّر بمجرَّد ذكر المغيَّبات، وهذه حالة سجَّلها القرآن وأشاد بها، قال سبحانه: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُون} [الأنفال: 2]، وقال سبحانه: {الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلاَةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُون} [الحج: 35].

قال ابن عباس رضي الله عنهما: “المنافقون لا يدخُل قلوبَهم شيءٌ مِن ذكر الله عند أداء فرائضه، ولا يؤمنون بشيءٍ من آيات اللهِ، ولا يتوكَّلون على الله، ولا يصلّون إذا غابُوا، ولا يؤدُّون زكاة أموالهم، فأخبر الله سبحانه أنهم ليسوا بمؤمِنين، ثم وصف المؤمنين فقال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} فأدوا فرائضه، {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} يقول: تصديقًا، {وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُون} يقول: لا يرجون غيره”([8]).

وفي مشهد آخر يصف القرآن تصوُّرَ الصحابة الدينيِّ واستحضارَهم لليقين، فيقول الله سبحانه وتعالى حاكيًا عن حالهم الإيمانيّ وقت الحرب: {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب: 22].

قال العلماء: “كان الله قد أنزل في سورة البقرة: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214]، فبين الله سبحانه منكرًا على من حسب خلافَ ذلك أنهم لا يدخلون الجنَّةَ إلا بعد أن يُبتَلَوا مثلَ هذه الأمم قبلهم بالبأساء وهي الحاجة والفاقة، والضراء وهي الوجَع والمرض، والزّلزال وهي زلزلة العدوّ. فلما جاء الأحزابُ عامَ الخندق فرأوهم {قَالُوا هَٰذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} [الأحزاب: 22]، وعلِموا أنَّ الله قدِ ابتلاهم بالزلزال، وأتاهم مثل الذين خلَوا مِن قبلهم، وما زادهم إلا إيمانا وتسليمَا لحكم الله وأمره. وهذه حال أقوامٍ في هذه الغزوة: قالوا ذلك. وكذلك قوله: {مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ} [الأحزاب: 23] أي: عهدَه الذي عاهد الله عليه، فقاتل حتى قُتِل أو عاش. والنَّحب: النذر والعهد. ومن صدَق في اللقاء فقد يقتل صار يُفهم من قوله: {قَضَى نَحْبَهُ} أنه استشهد. وقضاء النحب هو الوفاء بالعهد”([9]).

الخلاصة:

بهذا يَعلم كلُّ دارس لحياة الصحابةِ الإيمانية أنَّ اليقين ليس بعيدًا كما تصوِّره بعضُ الفلسفاتِ، وليس ممكنَ الوجود فقط، بل هو موجودٌ وحاصل مِن بعض الناسِ، وحصولُه في أمورٍ ليست محسوسةً ولا هي من الضروريّ الذي لا يمكن دفعُه، بل في قضايا نظريةٍ غيبيَّة، لكن باتباع طريق الشرع وبالجمعِ بين العلم والعمَل يحصل اليقين التامُّ بقضايا الإيمان، والذي يكون كالمشاهدةِ، وله التأثير العميق في حياة الإنسان، وفي وجدانه وشعوره، فهؤلاء قومٌ يبكون مما عرفوا من الحقِّ، وآخرون يقاتلون في سبيل فيقتُلون ويُقتَلون رجاءَ الجنةِ وخوفًا من النار، وأناس تركوا ديارَهم وأموالهم وعشيرَتَهم ومساكنَهم التي يرضَونها من أجل إيمانهم ويقينهم بخبر الصادق، كلُّ هذا يدلُّك على أن سؤالَ اليقين سهلُ الإجابة عند أهل الإيمان والتقوى، والله الموفق.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) درء التعارض بين العقل والنقل (1/ 199).

([2]) بعنوان: “المعرفة اليقينية من منظور ديني”، وهذا رابطه: https://salafcenter.org/2588/

([3]) ينظر: تفسير عبد الرزاق (3/ 130).

([4]) أخرجه مسلم (1901).

([5]) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (12769).

([6]) رواه الحاكم (4458).

([7]) أخرجه البخاري (1456).

([8]) ينظر: تفسير الطبري (13/ 376).

([9]) ينظر: مجموع الفتاوى (28/ 461) بتصرف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جديد سلف

ذلك ومن يعظم شعائر الله .. إطلالة على تعظيم السلف لشعائر الحج

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقدمة: لا جرم أن الحج مدرسة من أعظم المدارس أثرا على المرء المسلم وعلى حياته كلها، سواء في الفكر أو السلوك أو العبادات، وسواء في أعمال القلوب أو أعمال الجوارح؛ فإن الحاج في هذه الأيام المعدودات لو حجَّ كما أراد الله وعرف مقاصد الحج من تعظيم الله وتعظيم شعائره […]

‏‏ترجمة الشيخ الداعية سعد بن عبد الله بن ناصر البريك رحمه الله

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة اسمه ونسبه: هو الشيخ سعد بن عبد الله بن ناصر البريك. مولده: ولد الشيخ رحمه الله في مدينة الرياض يوم الاثنين الرابع عشر من شهر رمضان عام واحد وثمانين وثلاثمائة وألف للهجرة النبوية 14/ 9/ 1381هـ الموافق 19 فبراير 1962م. نشأته العلمية: نشأ رحمه الله نشأته الأولى في مدينة […]

تسييس الحج

  منذ أن رفعَ إبراهيمُ عليه السلام القواعدَ من البيت وإسماعيلُ وأفئدة الناس تهوي إليه، وقد جعله الله مثابةً للناس وأمنا، أي: مصيرًا يرجعون إليه، ويأمنون فيه، فعظَّمه الناسُ، وعظَّموا من عظَّمه وأقام بجواره، وظل المشركون يعتبرون القائمين على الحرم من خيارهم، فيضعون عندهم سيوفهم، ولا يطلب أحد منهم ثأره فيهم ولا عندهم ولو كان […]

البدع العقدية والعملية حول الكعبة المشرفة ..تحليل عقائدي وتاريخي

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة تُعدُّ الكعبةُ المشرّفة أقدسَ بقاع الأرض، ومهوى أفئدة المسلمين، حيث ارتبطت ارتباطًا وثيقًا بعقيدة التوحيد منذ أن رفع قواعدها نبي الله إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام، تحقيقًا لأمر الله، وإقامةً للعبادة الخالصة. وقد حظيت بمكانةٍ عظيمة في الإسلام، حيث جعلها الله قبلةً للمسلمين، فتتوجه إليها وجوههم في الصلاة، […]

الصد عن أبواب الرؤوف الرحيم

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: من أهمّ خصائص الدين الإسلامي أنه يؤسّس أقوم علاقة بين الإنسان وبين إلهه وخالقه سبحانه وتعالى، وإبعاد كلّ ما يشوب هذه العلاقة من المنغّصات والمكدرات والخوادش؛ حيث تقوم هذه العلاقة على التوحيد والإيمان والتكامل بين المحبة والخوف والرجاء؛ ولا علاقة أرقى ولا أشرف ولا أسعد للإنسان منها ولا […]

إطلاقات أئمة الدعوة.. قراءة تأصيلية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   مقدمة: يقتضي البحث العلمي الرصين -لا سيما في مسائل الدين والعقيدة- إعمالَ أدوات منهجية دقيقة، تمنع التسرع في إطلاق الأحكام، وتُجنّب الباحثَ الوقوعَ في الخلط بين المواقف والعبارات، خاصة حين تكون صادرة عن أئمة مجدِّدين لهم أثر في الواقع العلمي والدعوي. ومن أبرز تلك الأدوات المنهجية: فهم الإطلاق […]

التوحيد في موطأ الإمام مالك

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: يختزن موطأ الإمام مالك رضي الله عنه كنوزًا من المعارف والحكمة في العلم والعمل، ففيه تفسيرٌ لآيات من كتاب الله تعالى، وسرد للحديث وتأويله، وجمع بين مختلفه وظاهر متعارضه، وعرض لأسباب وروده، ورواية للآثار، وتحقيق للمفاهيم، وشرح للغريب، وتنبيه على الإجماع، واستعمال للقياس، وفنون من الجدل وآدابه، وتنبيهات […]

مناقشة دعوى مخالفة حديث: «لن يُفلِح قومٌ ولَّوا أمرهم امرأة» للواقع

مقدمة: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وآله وصحبه أجمعين، أمّا بعد: تُثار بين حين وآخر بعض الإشكالات على بعض الأحاديث النبوية، وقد كتبنا في مركز سلف ضمن سلسلة –دفع الشبهة الغويّة عن أحاديث خير البريّة– جملةً من البحوث والمقالات متعلقة بدفع الشبهات، ونبحث اليوم بعض الإشكالات المتعلقة بحديث: «لن يُفلِحَ قومٌ وَلَّوْا […]

ترجمة الشيخ أ. د. أحمد بن علي سير مباركي (1368-1446هـ/ 1949-2025م)(1)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة اسمه ونسبه: هو الشَّيخ الأستاذ الدكتور أحمد بن علي بن أحمد سير مباركي. مولده: كان مسقط رأسه في جنوب المملكة العربية السعودية، وتحديدًا بقرية المنصورة التابعة لمحافظة صامطة، وهي إحدى محافظات منطقة جازان، وذلك عام 1365هـ([2]). نشأته العلمية: نشأ الشيخ نشأتَه الأولى في مدينة جيزان في مسقط رأسه قرية […]

(الاستواء معلوم والكيف مجهول) نصٌ في المسألة، وعبث العابثين لا يلغي النصوص

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. فقد طُبِع مؤخرًا كتاب كُتِبَ على غلافه: (الاستواء معلوم والكيف مجهول: تقرير لتفويض المعنى لا لإثباته عند أكثر من تسعين إمامًا مخالفين لابن تيمية: فكيف تم تحريف دلالتها؟). وعند مطالعة هذا الكتاب تعجب من مؤلفه […]

التصوف بين منهجين الولاية نموذجًا

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: منذ أن نفخ الله في جسد آدم الروح، ومسح على ظهره، وأخذ العهد على ذريته أن يعبدوه، ظلّ حادي الروح يحدوها إلى ربها، وصوت العقل ينادي عليها بالانحياز للحق والتعرف على الباري، والضمير الإنساني يؤنّب الإنسان، ويوبّخه حين يشذّ عن الفطرة؛ فالخِلْقَة البشرية والهيئة الإنسانية قائلة بلسان الحال: […]

ابن تيميَّـة والأزهر.. بين التنافر و الوِفاق

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: يُعد شيخ الإسلام ابن تيمية أحد كبار علماء الإسلام الذين تركوا أثرًا عظيمًا في الفقه والعقيدة والتفسير، وكان لعلمه واجتهاده تأثير واسع امتدّ عبر الأجيال. وقد استفاد من تراثه كثير من العلماء في مختلف العصور، ومن بينهم علماء الأزهر الشريف الذين نقلوا عنه، واستشهدوا بأقواله، واعتمدوا على كتبه […]

القول بالصرفة في إعجاز القرآن بين المؤيدين والمعارضين

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: إنَّ الآياتِ الدالةَ على نبوّة محمدٍ صلى الله عليه وسلم كثيرة كثرةَ حاجة الناس لمعرفة ذلك المطلَب الجليل، ثم إن القرآن الكريم هو أجلّ تلك الآيات، فهو معجزة النبي صلى الله عليه وسلم المستمرّة على تعاقُب الأزمان، وقد تعدَّدت أوجه إعجازه في ألفاظه ومعانيه، ومع ما بذله المسلمون […]

الطاقة الكونية مفهومها – أصولها الفلسفية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة تمهيد: إن الله عز وجل خلق الإنسان، وفطره على التوحيد، وجعل في قلبه حبًّا وميلًا لعبادته سبحانه وتعالى، قال الله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [الروم: 30]، قال السعدي رحمه الله: […]

موقف الليبرالية من أصول الأخلاق

مقدمة: تتميَّز الرؤية الإسلامية للأخلاق بارتكازها على قاعدة مهمة تتمثل في ثبات المبادئ الأخلاقية وتغير المظاهر السلوكية، فالأخلاق محكومة بمعيار رباني ثابت يحدد مسارها، ويمنع تغيرها وتبدلها تبعًا لتغير المزاج البشري، فحسنها ثابت الحسن أبدًا، وقبيحها ثابت القبح أبدًا، إذ هي تحمل صفات ثابتة في ذاتها تتميز من خلالها مدحًا أو ذمًّا خيرًا أو شرًّا([1]). […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017