عرض وتَعرِيف بكِتَاب: ضوابط استعمال المصطلحات العقدية والفكرية عند أهل السنة والجماعة
المعلومات الفنية للكتاب:
عنوان الكتاب: ضوابط استعمال المصطلحات العقدية والفكرية عند أهل السنة والجماعة.
اسم المؤلف: د. سعود بن سعد بن نمر العتيبي، أستاذ العقيدة بجامعة أم القرى.
دار الطباعة: مركز التأصيل للدراسات والبحوث، جدة، المملكة العربية السعودية.
رقم الطبعة وتاريخها: الطَّبعة الأولَى، عام 1430هـ-2009م.
حجم الكتاب: يبلغ عدد صفحاته (723) صفحة، وطبع في مجلد واحد.
أصل الكتاب: رسالة علمية نال بها الباحث درجة الدكتوراه في قسم العقيدة بجامعة أم القرى.
هدف البحث وأسباب الكتابة فيه:
لما كان من الواجب معرفة حقيقة الشرع، وذلك لا يتم إلا بمعرفة حدوده ومصطلحاته، واحتاج الناس إلى معرفة مصطلحات أهل العلم ومفرداتهم وضبط ذلك؛ جاء هذا البحث لإيجاد ضوابط التعامل مع المصطلحات العقدية والفكرية خاصة.
ومن أهم أسباب كتابة هذا البحث:
- شدّة اهتمام الوحيين بالمصطلحات.
- تأكيد علماء الإسلام على وجوب العناية بالمصطلحات العقدية والفكرية، ووضعهم الضوابط المنهجية للتعامل مع المصطلحات شرعية أو وافدة.
- خطورة الإعراض عن المصطلحات الشرعية، وضوابط المصطلحات المنهجية، فهو سبب في الانحراف والضلال.
- كثرة المصطلحات المخالفة للكتاب والسنة في القديم والحديث.
- وضع الغرب المناهج والطرق العلمية للتعامل مع المصطلحات، وأنشؤوا (علم المصطلح)، والمسلمون أولى بذلك.
- عدم وجود دراسة تناولت ضوابط المصطلحات.
موضوع البحث:
- التأكيد على أهمية الالتزام بمصطلحات الوحي وخاصة العقدية، وبيان كيفية فهمها واستعمالها، وصور الزيغ فيها.
- بيان معاني المصطلحات الوضعية التي قام الإنسان (المسلم أو الكافر) بوضعها؛ ببيان معناها وكيفية التعامل معها وضابط القبول والرد لها.
خطة البحث:
المقدمة: وفيها بيان أهمية الموضوع وأسباب اختياره.
الباب الأول: المصطلح (التعريفات، النشأة، الآثار)، وفيه ثلاثة فصول:
- الفصل الأول: التعريفات، وفيه ستة مباحث:
المبحث الأول: تعريف الضابط لغة واصطلاحًا.
المبحث الثاني: تعريف المصطلح لغة واصطلاحًا.
ولا شك أن موضوع المصطلح هو جوهر البحث؛ ولذا نجد الباحث قد أطال النفس في هذا المبحث، فاستطرد في إيراد الأقوال في معنى المصطلح، ثم بين أن تلك التعريفات على نوعين: نوع يركز على وجود اتفاق بين جماعة على وضع المصطلح، ونوع يركز على انتقال المصطلح من الحقل اللغوي إلى حقل خاص، ونقد كل قول من تلك الأقوال، ثم خلص إلى تعريف صاغه واختاره لنفسه لمعنى المصطلح وهو: “الكلمة التي خصصها الاستعمال في علم من العلوم، أو فن من الفنون، أو صناعة من الصناعات بمفهوم معين”، وعليه فليس كل كلمة يصح أن يطلق عليها أنها مصطلح، وإنما ما خصّص استعمالها فأخرجت من الاستعمال اللغوي إلى استعمال خاص.
المبحث الثالث: تعريف العقيدة لغة واصطلاحًا.
وقد سرد المصنف فيها جملة من التعريفات، ثم لخَّصها إلى أنواع تجمعها، وانتقد كل نوع من تلك الأنواع، وهو ما يميِّز الباحث عن غيره حيث يجعل التعريفات منحصرة في أنواع معينة، ثم يجمل نقدها كلها دون تعداد قائليها، فمن التعريفات ما أخرج الجانب العملي والسلوكي منه، ومنها ما هو عام يشمل كل عقيدة صائبة أم مناقضة للفطر والعقول، ومنها ما جعل كل تصور عقيدة، والعقيدة مبناها على اليقين لا مجرد التصور، ومنها ما هو موهم مجمل، ومنها ما هو خاص بالمسلمين لا عموم العقيدة.
واختار المؤلف تعريفًا للعقيدة يقول فيه: “الإيمان الجازم الذي لا يتطرق إليه شك لدى معتقده”، هذا في الاصطلاح العام، وأما في الاصطلاح الخاص فهي: “ما يجب على الإنسان أن يعتقد به من العقائد الإسلامية كالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره”.
المبحث الرابع: تعريف الفكر لغة واصطلاحًا.
ذكر فيه تعريفات علماء الإسلام وفلاسفة العصر الحديث، ثم نقد كل قول من تلك الأقوال، واختار أن معنى الفكر يطلق على أمرين:
- فعل العقل أو القلب الذي هو التأمل أو النظر.
- النتيجة المترتبة على التأمل والنظر.
ثم ناقش المؤلف العلاقة بين العقيدة والفكر.
المبحث الخامس: تعريف السنة لغة واصطلاحًا.
وفيه سرد اختلاف الناس في هذا المصطلح بحسب الفنون، فعرض معنى السنة عند المحدثين والأصوليين والمذاهب الفقهية، ثم بيَّن مقصوده بهذا المصطلح (أهل السنة) وأنهم: “من كانت عقيدته سليمة من شوائب جميع البدع والمحدثات، وهو ما كان عليه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم”.
المبحث السادس: تعريف الجماعة لغة واصطلاحًا.
بين فيه أن المقصود بالجماعة هو: الاجتماع على ما كان عليه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم من العقائد والأقوال والأعمال، وما اجتمع عليه الصحابة فهو الدين الحق، ومن وافق ذلك الحق ولو كان وحده فهو من الجماعة.
- الفصل الثاني: النشأة، وفيه تمهيد وثلاثة مباحث:
المبحث الأول: تاريخ نشأة المصطلح.
وفيه تساءل المؤلف عن أول وجود للمصطلحات ليبيِّن أن المصطلحات ولدت ولا شك مع ولادة الإنسان الأول، ووجودها قديم وإن لم تكن تسمَّى مصطلحات؛ ولأن هناك تلازمًا بين العلم والمصطلح وتاريخ المصطلحات هو تاريخ العلوم؛ فآدم كان على التوحيد وعبادة الله وحده، وهذان ولا شك مصطلحان لهما دلالاتهما، وكل ديانة من الديانات القديمة وحضارة الحضارات القديمة كانت لها مصطلحات تخصها؛ فالكونفوشيوسية والكارما والمثل الأفلاطونية كلها مصطلحات ذات دلالات في الحضارات القديمة.
المبحث الثاني: جهود علماء المسلمين في دراسة المصطلح.
وفيه أبرزَ تميُّزَ المسلمين بإبداع المصطلحات وغزارتها، واهتمامهم ببيان حدودها وكشف دلالاتها، ومن ثم التصنيف المستقل فيها، ودونك مصطلحات العلوم الإسلامية كالحديث والنحو والفقه والتفسير وغيرها منذ فجر الإسلام، ومصنفاتهم المخصصة في المصطلحات؛ ككتاب الحدود للكسائي، والحدود للفراء، ورسالة المصطلحات الفلسفية للكندي وغيرها.
المبحث الثالث: ظهور علم المصطلح.
وقد افتتحه المصنف بإيراد تعريفات علم المصطلح ونقدها، واختار أن يعرف تعريفًا يوضح جميع أهدافها، فعرفه بأنه: “علم يبحث في الأسس العلمية لوضع المصطلحات والعلاقة فيما بينها وتوحيدها وكيفية الاستفادة منها”.
ثم انتقل إلى بيان ما عرف بعلم المصطلح لاحقًا، وأنه بدأ على يد كل من السوفياتي (لوتا) والألماني (فوستر)، وأن علم المصطلح يدور بين قسمين اثنين: علم المصطلح العام والخاص، فالخاص يخص كل لغة، بينما العام يعالج القضايا العامة والمشتركة بين كل اللغات، لينتقل بعد ذلك إلى بيان العلاقة بين علم المصطلح وعلم اللغة التطبيقي، وبينه وبين العلوم الأخرى.
ثم انتقل إلى عرض شيء من الجهود الدولية الداعمة لعلم المصطلح، ثم أسباب نشأة المصطلحات.
وفيه بيَّن أن جميع مناشط الحياة البشرية كان لها دور في نشأة المصطلحات بشكل أو بآخر، وأما أبرز الأسباب الفاعلة التي أدت إلى نشوء المصطلحات فهي:
- تطور العلوم وتقدمها.
- دور الاقتصاد وتطور أعماله؛ فبدء توحيد المصطلحات كان من اللجنة الدولية للصناعات الكهربائية بتوحيد مصطلحاتها.
- دور السياسات سواء القديمة أو الحديثة للدول، ويشمل ذلك السياسة المعلنة أو غير المعلنة؛ كمصطلح الحرية والعالم الحر.
- الفصل الثالث: الآثار المترتبة على الاستعمال الباطل للمصطلحات، وحصره المصنف في أربعة آثار ناقش كلًّا منها في مبحث، وهي:
المبحث الأول: الفتنة في الدين، وذكر من أهم صورها:
- اتخاذ المصطلحات الباطلة أصولًا للدين؛ كمصطلحات الكلاميين من جوهر وعرض وجسم ونحوه.
- تكفير من خالف أصولهم المبتدعة تلك.
المبحث الثاني: فساد التصورات العقلية واللسانية، كمن تصور أن العلم والعالم شيء واحد.
المبحث الثالث: الإفساد في الأرض، كفتنة القول بخلق القرآن، وسجن العلماء كالإمام أحمد، وموت جملة منهم في السجن.
المبحث الرابع: اشتغال المسلم عما ينفعه إلى ما فيه نفع أعدائه، كانشغال بعض الفرق المنحرفة عن بعض الشعائر والثوابت الإسلامية وتركهم لها بسبب تغير مفاهيمها عندهم.
الباب الثاني: ضوابط استعمال المصطلحات العقدية والفكرية، وفيه تمهيد وثلاثة فصول:
وفي التمهيد بيَّن أهمية هذه الضوابط وأن الهدف منها ما يلي:
- إيجاد طريقة عملية يمكن الاحتكام إليها.
- التمييز بين المصطلحات التي يمكن استعمالها والتي لا تستعمل.
- إبراز الأسباب الشرعية التي تسوغ استعمال المصطلحات أو ترفض استعمالها.
- توفير الطاقات الفكرية الإسلامية من خلال عدم إهدارها في إنشاء مصطلحات، أو تبنٍّ لمصطلحات مخالفة للكتاب والسنة، أو محاولة التوأمة بينها وبين الكتاب والسنة.
- الفصل الأول: موافقة المصطلحات للكتاب والسنة، وفيه تمهيد وأربعة مباحث:
المبحث الأول: وجوب استعمال مصطلحات الكتاب والسنة، وفيه بدأ بتعريف معنى مصطلحات الكتاب والسنة وأنها: “المصطلحات الواردة فيهما مما استعمله الشارع وأمر باستعماله والتزامه، ومدح وأثنى على من يعمل ذلك”، بعكس ما ورد على وجه الذم.
لينتقل بعد ذلك إلى بيان أن مصطلحات الكتاب والسنة تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: مصطلحات جديدة لم تعرف إلا في الكتاب والسنة؛ كالنفاق والجاهلية والفسق.
القسم الثاني: مصطلحات قديمة العبارات لمعان معينة، ثم أضاف القرآن والسنة عليها معاني أخرى كالصلاة.
ثم انتقل المؤلف إلى بيان معنى وجوب استعمال مصطلحات الكتاب والسنة، وأنه: “يجب على المسلم إذا أراد الحديث في المعاني الشرعية التي جاء بها الكتاب والسنة أن يستعمل مصطلحات الكتاب والسنة ولا يحيد عنها… ولا يدخل في هذا الوجوب ما فضل الشارع أو استحب استعماله فقط”.
وبعد ذلك سرد المؤلف الأدلة على هذا الوجوب؛ ليعرض بعد ذلك موقف الصحابة رضي الله عنهم وعلماء أهل السنة من هذا الوجوب، وأبرز فيه شدة حرصهم على الالتزام بتلك المصطلحات والرد على من استبدل بها غيرها.
ثم بين مميزات مصطلحات الكتاب والسنة كالوضوح والسهولة، والدقة في التطابق بين المصطلح ومعناه، والدقة في اختيار الأنسب، والألطف والأحسن في التعبير، وخلوها من التناقض، وتضمنها ما يحتاجه البشر من المعاني، وكونها حية صالحة للدوام.
المبحث الثاني: تفسير مصطلحات الكتاب والسنة، وذلك يتمثل في قواعد منهجية منها:
القاعدة الأولى: تفسير مصطلحات الكتاب والسنة بالكتاب والسنة.
القاعدة الثانية: تفسير مصطلحات الكتاب والسنة بكلام الصحابة رضي الله عنهم، وفيها تكلم عن مسألة حجية أقوال الصحابة، وسرد جملة من أقوال علماء السلف في الاحتجاج بأقوال الصحابة رضي الله عنهم في الدين وفهمهم له، ثم استعرض أدلة علماء السلف على حجية أقوال الصحابة في الدين، وأسباب القول بحجية الصحابة، وانتقل إلى الحديث عن مسائل في الباب منها:
- حكم مخالفة أقوال الصحابة في الدين.
- هل يجوز للإنسان أن يستنبط معاني من نصوص القرآن والسنة لم يستنبطها الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين مما لم يختلفوا فيه؟
وإن لم يوجد معنى لفظ من الألفاظ في الكتاب والسنة احتجنا للقاعدة الثالثة وهي:
القاعدة الثالثة: تفسير مصطلحات الكتاب والسنة باللغة العربية.
المبحث الثالث: الإلحاد في مصطلحات الكتاب والسنة، وافتتحه ببيان أن التغيير في مصطلحات الكتاب والسنة يرجع إلى طريقتين:
- استبدالها بمصطلح وضعي آخر.
- استبدال معانيها التي وضعها لها الشارع.
وناقش فيه عدة مسائل:
المسألة الأولى: الإلحاد في مصطلحات الكتاب والسنة من خلال تبديلها، وبعد عرض النصوص الدالة على تحريم هذا التبديل ذكر خلاصة ما توصل إليه في نقاط:
- عظم تحذير الشارع من التحايل وتبديل المصطلحات الشرعية، وخاصة المتضمنة لما هو معلوم من الدين بالضرورة.
- سنة الله أن من استبدل المصطلح الشرعي بغيره فهو في طريق استحلال الحرام، كتسمية الخمر نبيذًا.
- سنة الله فيمن استبدل العقوبة الشديدة وظهور احتيالهم وبطلانه.
- استبدال مصطلحات الوحي منهج الكافرين المتلاعبين بالأسماء الشرعية.
ثم ذكر موقف العلماء من تبديل المصطلحات، وانتقل بعده إلى سرد جملة من المصطلحات المعاصرة المراد تبديلها ومنها: تبديل مصطلح الإسلام، بجعله شظايا وتجزيئه إلى إسلام تراث، وإسلام معاصر، وإسلام شريعة، وإسلام حضارة، وإسلام ثقافة، وإسلام بدائي… وتبديل مصطلح الخلافة، واستبداله بغيره من المصطلحات.
ثم ناقش قول من قال: إنها على قاعدة: لا مشاحة في الاصطلاح، والعبرة بالمعاني لا بالمباني، وملخص الرد عليها ما يلي:
- المصطلح الشرعي ليس داخلًا تحت هذه القاعدة؛ لأنه مقصود من الشارع لما يتعلق به من معان.
- لو كانت العبرة بالمعاني فلم الحرص على تغيير المصطلح الشرعي ما دام أنه يؤدي المعنى؟!
- الاعتبار بالمعاني دون المباني يسوغ في حالتين: عقود المعاملات الشرعية، وفي المعاني العقلية الصرفة. وأما المصطلحات العقدية فليست داخلة ضمن هذه القاعدة.
ثم انتقل إلى بيان ضوابط استبدال مصطلحات الوحي بالوضعية؛ حيث لا يجوز استبدال المصطلح الشرعي بالوضعي إلا في حالتين:
- كون المخالف لا يفهم الخطاب إلا باصطلاحه هو، بشرط أن تكون المعاني صحيحة.
- لكشف باطلهم.
المسألة الثانية: الإلحاد في مصطلحات الكتاب والسنة من خلال تحريفها، وافتتحه ببيان تحريم التحريف، وموقف علماء الإسلام من ذلك، ثم أمثلة معاصرة لذلك؛ كتحريف مصطلح الإسلام وأنه يختلف من وقت لآخر وليس له معنى محدد، وتحريف مصطلح الإيمان وأن معناه الحقيقي هو الإلحاد، وتحريف أركان الإسلام وشعائره.
المسألة الثالثة: أسباب الإلحاد في مصطلحات الكتاب والسنة، ومن أهمها:
- ضعف أو غياب الإيمان بالوحي.
- وجود تصورات وعقائد مسبقة لدى الملحدين والمحرفين.
- استعمالهم لأساليب خاطئة لفهم مصطلحات الكتاب والسنة.
المبحث الرابع: موافقة المصطلحات للفطرة والعقل السليم، واستفتحه بتعريف الفطرة والعقل، ثم ناقش العلاقة بينهما، والعلاقة بينهما وبين الوحي، ثم ناقش تحديد العقل الذي يحتكم إليه، ثم كيفية تعامل العقل التابع للشرع مع المصطلحات الوضعية، وذلك بالتالي:
- معرفة المصطلح وتصور مراده ومعرفة صلاحه من فساده.
- إن كان صالحًا موافقًا للوحي فلا إشكال.
- وإن كان فاسد المعنى فلا يخلو من حالين: ما ظهر فساده فلا يقبل بحال، وما كان فساده خفيًّا يشتمل حقا وباطلًا فهي الألفاظ المجملة، وللسلف فيها قاعدة معروفة.
- التعامل مع الألفاظ المجملة بمنع إطلاقها ابتداءً، ثم الاستفصال عن معناها لو وقعت، فيؤخذ الحق ويرد الباطل، ويطلق على المعنى الحق بمصطلحه الصحيح أو مصطلح ينفرد به.
ثم مثَّل المصنف على المصطلحات العقلية الوضعية بأنواعها وهي:
- الموافقة للوحي؛ كمصطلح أصول الحديث، وأصول الفقه.
- المخالفة للوحي كمصطلح علم الكلام؛ فالكلام كان سببًا في نشر كثير من الضلالات؛ ولذا حذر العلماء منه، ومصطلح التنوير فهو غربي في الأصل، عرفه أهله بأنه: “لا سلطان على العقل إلا العقل نفسه”، فأين هذا؟! وأين هو النور في الفكر الإسلامي؟!
- الفصل الثاني: موافقة المصطلحات اللغة العربية، وفيه تمهيد وثلاثة مباحث:
ففي التمهيد بيَّن أسباب اشتراط موافقة المصطلحات للغة العربية، وهي:
أولا: أن اللغة هي اللسان المعبر عن عقيدة الأمة وفكرها.
ثانيا: أن تحصيل الأمم للعلوم يكون عن طريق لغتها.
ثالثا: تميز اللغة العربية بخصائص دون سائر اللغات.
المبحث الأول: العلاقة بين الألفاظ والمعاني، وفيه بين وجود العلاقة بينهما في المنظور الإسلامي، واستعرض جملة من الدلائل على ذلك، كتعريفهم للغة، وتأكيد الباحثين المحدثين على ذلك.
لينتقل بعد ذلك إلى مناقشة الأساس الذي قامت عليه العلاقة بين الألفاظ والمعاني، وهو مبني على الخلاف المشهور في مسألة نشأة اللغات، وهل هي توقيفية أم اصطلاحية أم ابتدأت بالتوقيف ثم الاصطلاح أم التوقف في المسألة؟ وناقش كل قول من هذه الأقوال وأدلته والاعتراضات والرد عليها.
وأكد بعد ذلك على استمرارية العلاقة بين الألفاظ والمعاني، وعرض الخلاف الواقع في هذه المسألة، ثم استعرض بعض الصور الدالة على انفكاك تلك العلاقة عند قائليها، كالقول بجواز القلب، والقول بالمجاز، والقول بالعشوائية رابطًا بين الألفاظ والمعاني (الدال والمدلول)، وتناول بعد ذلك بعد المصطلحات الدينية التي تلاشت في ظل هذه العشوائية؛ كمصطلح الإله والخالق والمخلوق ومصطلح الأسرة وغيرها.
المبحث الثاني: دور اللغة في صياغة وفهم المصطلحات وكيفية ذلك، وافتتحه ببيان دور اللغة في صياغة وفهم المصطلح، وناقش من أنكر ذلك، ثم تحدث عن كيفية الوصول إلى معرفة دلالة اللفظ والمصطلحات في اللغة، وأن ذلك يتم من خلال السماع والقياس، وقد ناقش المؤلف كلا منهما وأدلة كل قول.
ثم ذكر أمثلة لمصطلحات خالفت معانيها اللغة العربية كقول الفلاسفة في العرش، وأن مصطلح التحرر هو المصطلح المناسب كبديل لمصطلح الإسلام؛ لأنهما يحملان نفس المعنى اللغوي في أصل كلمة (إسلام).
المبحث الثالث: استعمال المصطلحات التي ألفاظها من قبيل المشترك والمتواطئ، وبدأه بتعريف المشترك والمتواطئ، ولمح فيه إلى من جعل التواطؤ عامًّا وخاصًّا، ثم تكلم عن كيفية فهم الألفاظ المشتركة والمتواطئة، وأن ذلك في الأذهان والمعاجم، وأما في الخارج فليس ثمة إلا المختص بذلك اللفظ المتواطئ والمشترك، ثم تحدث عن القرينة الدالة على ذلك وأنواعها كقرينة الاستعمال وقرينة السياق.
- الفصل الثالث: موافقة المصطلحات للواقع ولما فيه نفع، وفيه تمهيد وثلاثة مباحث:
فأما التمهيد فتكلم فيه عن أهمية موافقة المصطلحات للواقع، لما فيه نفع في جانبين:
الأول: الدور الاجتماعي للأمم في نشأة مصطلحاتها، وأكد فيه على قوة العلاقة بين المصطلحات والواقع، وأن ذلك من المسلمات العلمية، فاللغة تؤثر في المجتمع فكره وعلمه، ورقي المجتمع يرقي اللغة ويحمل مصطلحاتها بحمولاته كذلك، وبيَّن المؤلف أن من أهمية هذه اللغة نشأ علم اللغة الاجتماعي.
الثاني: الاهتمام بما هو نافع من المصطلحات ونبذ ما سوى ذلك، وجبلت الأمم على البحث عما ينفعها، وهو أحد مقاصد الشريعة الإسلامية، ومنه البحث عن النافع من العلم ومن المصطلحات.
المبحث الأول: وجوب تحيز المصطلح للواقع الاجتماعي للأمة الإسلامية، فافتتحه بأن كل أمة تتميز عن الأمم بلغتها ومصطلحاتها النابعة من واقعها الاجتماعي، وسرد الأدلة على هذا الوجوب سواء الأدلة الشرعية أو دليل الواقع.
ثم تحدث البداية والسبب في إلغاء مبدأ الخصوصية الاجتماعية للأمم، وبيَّن أن مبدأ ذلك من الغرب المسيطر إنفاذًا لسيطرته، ومن وسائل ذلك بث المصطلحات الغربية كالعولمة والعالم القرية الواحدة، وفصَّل فيما في هذا المصطلح الأخير من آثار على الأمة الإسلامية وخصوصيتها.
وبعد ذلك انتقل إلى سرد أمثلة لتحيز المصطلح لمجتمعه، كمصطلح الشرق الأوسط ومصطلح العالم العربي والعالم الإسلامي.
المبحث الثاني: مراعاة تغير معنى المصطلح، وافتتحه بإبراز أهمية مراعاة تغير معنى المصطلح، وما يعتريه من عدم وضوح المقصود أو عدم فهمه؛ ولذا تنبَّه له علماء الإسلام سابقًا وفرَّقوا بين المعنى اللغوي والشرعي والاصطلاحي للمفردات، وبيَّن المؤلف أهمية مراعاة ما يحمله المصطلح من حمولات بسبب عصوره وقائليه، أو بسبب تغير بيئته سواء من إسلامية قديمة إلى حديثة أو من بيئة غربية إلى بيئة إسلامية.
ثم انتقل إلى الحديث عن أسباب تغير معنى المصطلح وذكر منها: العوامل الاجتماعية، والتخصص العلمي، والتأثر بلغات أخرى، والعوامل الأدبية، وانتقال اللغة من سلف إلى خلف، والعوامل الطبيعية كالظواهر الجغرافية، والعوامل اللغوية، وذكر أنه لخصها بعضهم في أمرين: الاستعمال، والحاجة التي تفرضها التغيرات.
وبعد ذلك تحدث عن مظاهر تغير معنى المصطلح؛ وفيه أبرز سبق ابن تيمية في ذكر هذه المظاهر وهي: تخصيص الدلالة اللغوية ككلمة (مأتم) ومصطلح (العلم)، وتوسيع الدلالة اللغوية ككلمة (البأس) ومصطلح (الإرجاء)، وتحويل الدلالة اللغوية إلى مجال آخر ككلمة (البيت) ومصطلح (التدين).
المبحث الثالث: وسائل الحصول على المصطلح النافع، وبيّن فيه أنها تكمن في وسيلتين:
الوسيلة الأولى: سك المسلمين لمصطلحاتهم ابتداء، وذلك يكون بأمرين:
الأول: الرجوع للمصطلحات التي سكها العرب والمسلمون قديمًا، وأما القول بأن ذلك لا يناسب عصرنا الذي تطورت فيه العلوم والمعارف فخاطئ، وذكر أمثلة لتلك المصطلحات كمصطلح (الإسلاميين).
الثاني: الرجوع إلى اللغة العربية، وذكر لذلك مثال (فن النفس).
وبيَّن أنه لا بد من التنبه لأمرين عند إعمال هذين الأمرين وهما:
الاكتفاء بنوع من التلازم بين المعنى اللغوي والاصطلاحي، دون التطابق التام في تأسيس المصطلح وفي الأخذ عن الغير أيضًا؛ لأن اللغات لا تتطابق في مفرداتها، وأيضا عقيدة المترجم وفكره ونظره العقلي له دور أساس في فهم المفاهيم.
الوسيلة الثانية: الأخذ عن الكفار: واستعرض فيها جملة من المسائل وهي:
المسألة الأولى: متى وماذا نأخذ عن المخالف لنا في الدين؟
وفيه أبرز مواقف الإسلاميين من الأخذ عن الثقافات الأخرى ما بين داع لذلك بدون نخل وفرز، وداع إلى أخذ ما يحتاج إليه بشروط ومعايير، ثم الشروط تختلف من طائفة لأخرى، فمن جاعل العقل هو الحكم، ومن جاعل الكتاب والسنة واللغة هي الحكم، وهو ما رجحه المؤلف ونصره.
ثم من جعل هذا المعيار اختلفوا فيما يؤخذ، أكل العلوم أم ما يختص بالعلوم الطبيعية التجريبية فحسب؟
ثم نبه إلى أمور وهي:
- أن الأخذ عن المخالف ليس هو الأصل.
- إذا صح لنا الأخذ عن المخالف فيجب أن نتمكن من فهم هذه العلوم وما تضمنته من مفاهيم.
- ما كان مخالفا للكتاب والسنة واللغة والأعراف الاجتماعية فلا حاجة لنا فيه سواء كان علما أو فكرًا أو سلوكًا.
- هذه القاعدة السابقة تنسحب على العلوم الإنسانية والعلوم الطبيعية.
- حكمنا على الشيء بكونه مخالفا للكتاب والسنة أو موافقًا لا يمكن دون أن نصيب كبد المخالفة أو الموافقة للكتاب والسنة ما لم يكن لنا تصور كامل عن النظام المعرفي في الإسلام.
- إمكانية تبيئة ودمج واستيعاب ما نريد أخذه.
وكما اختلف فيما يؤخذ من الكفار فقد اختلف في كيفية الأخذ، وقد ناقش المؤلف هذه المسألة أيضا، فمن قائل بأخذ المصطلحات من لغاتها دون ترجمة، وقائل بأهمية ترجمتها إلى العربية وجواز التعريب، وقائل باشتراط الترجمة، واستعرض المؤلف شروط التعريب وأنواع الترجمة.
ثم ذكر مسألة: الحكم الشرعي في إيجاب التزام ما صح من المصطلحات الحديثة.
الباب الثالث: التطبيقي، وطبَّق فيه المؤلف ما نظر له في الأبواب السابقة، وذلك على أربعة مصطلحات وهي:
أولا: المصطلح الفلسفي: (التركيب)، وشرح فيه مفهوم مصطلح التركيب، ثم الآثار المترتبة على مفهوم مصطلح التركيب، ثم انتقل إلى نقد المصطلح، وعلى هذا سار في كل مصطلح من المصطلحات الآتية.
ثانيا: المصطلح الكلامي: (العدل).
ثالثا: المصطلح الصوفي: (اليقين).
رابعا: المصطلح الفكري المعاصر: (المجتمع المدني).
ثم الخاتمة: وفيها استعرض الباحث أهم نتائج البحث والتي منها:
- المراد بضوابط استعمال المصطلحات العقدية والفكرية موافقة المصطلحات العقدية والفكرية للكتاب والسنة واللغة والواقع الاجتماعي للأمة الإسلامية مما فيه نفع لها.
- بدء نشأة المصطلحات منذ بدء تاريخ البشرية.
- المصطلح اليوم له صلة بجملة من العلوم كعلم الاجتماع والنفس والتشريح والفيزياء وغيرها، ولا يستغنى عن معرفة هذه العلاقة لإدراك معاني المصطلحات.
- من أسباب نشأة المصطلحات العلوم المختلفة بأنواعها ومجالاتها.
- الاستعمال الباطل للمصطلحات الشرعية والوضعية كان له آثار سلبية، من أهمها الفتنة في الدين وفساد التصورات.
- صور الإلحاد الواقعة على الكتاب والسنة ومصطلحاتها ترجع إلى أصلين: التغيير لمصطلحات الكتاب والسنة؛ بتبديلها، أو بتبديل معانيها.
- العقل المسلم يحق له أن يضع ما يشاء من المصطلحات في سائر مجالات الحياة مما يحتاج إليه ما دام ملتزمًا بتلك الضوابط.
- المصطلحات المجملة المشتملة على حق وباطل يستفصل عن معناها، فيقبل الحق ويرد الباطل، ويبحث للحق مصطلحات شرعيّة أو غيرها لا تشمل باطلًا.
- العلاقة بين الألفاظ والمعاني وثيقة لا انفصال بينهما.
- معرفة معاني الألفاظ في اللغة سماعية.
- للمسلمين أن يأخذوا عن المخالف لهم في الدين ما يحتاجونه من المصطلحات بضوابط منها: الأخذ عند الحاجة وهي تقدر بقدرها، وأن يخلو من مخالفة الكتاب والسنة واللغة والواقع الاجتماعي للأمة، وأن يكون نافعًا في وقتنا الراهن.
- لا يحق لأحد إبطال مصطلحات الآخرين مما وضع للمعاني والمفاهيم المحدثة.
والكتاب جميل في بابه، نوَّع فيه مؤلفه المصادر من كل ما احتاج إليه من أنواع العلوم من علم المصطلح ودراسات إسلامية تراثية أو حديثة.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه أجمعين.