عرض وتعريف بكتاب (من السني؟ أهل السنة والجماعة، شرط الانتماء)
للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة
المعلومات الفنية للكتاب:
عنوان الكتاب: من السني؟ أهل السنة والجماعة، شرط الانتماء.
اسم المؤلف: أ. د. لطف الله بن عبد العظيم خوجه، أستاذ العقيدة بجامعة أم القرى.
دار الطباعة: مركز سلف للبحوث والدراسات، مكة المكرمة، المملكة العربية السعودية.
رقم الطبعة وتاريخها: الطَّبعة الأولَى، عام 1438هـ – 2017م.
حجم الكتاب: يبلغ عدد صفحاته (176) صفحة، وطبع في غلاف عادي.
قيمة الكتاب وغايتُه:
تَبرُز أهمية هذا الكتاب في كونه تناول بالدراسة والبحث قضية كبرى من قضايا زمننا هذا الذي يتنازع فيه بعض الطوائف لقبَ أهل السنة بين فينة وأخرى، ويدعي كل أنهم هم أهل السنة وأنهم هم أتباع السلف، وهو الموضوع الذي تناوله الكتاب بالمناقشة والتحرير بإيجاز وبلغة سهلة سلسة عصرية.
فالكتاب يحاول الإجابة عن السؤال التالي:
من أهل السنة والجماعة؟
ما الفرقة الناجية التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عنها؟
ما الصفات المميزة لهم؟ وهل وردت في النصوص الشرعية؟
وللوصول إلى جوابات هذه القضايا البحثية رسم المؤلف خطة بحثه على مقدمة وأربعة مباحث:
فأما المقدمة فافتتحها بتحرير مصطلح الإسلام وعلى من يطلق، ثم تناول المصطلح المميز للفرقة الناجية، ولأهميته سكَّه السلف رضوان الله عليهم واستنبطوه من النصوص، وهو مصطلح (أهل السنة والجماعة)، ثم انتقل إلى الجواب المجمل عن سؤال الكتاب (من السني؟) فقال: السنة هي الإسلام، وللسنة مقامان:
مقام العامة: وهم سواد المسلمين وجمهورهم، فهؤلاء سنة من حيث الأصل؛ فكل من شهد الشهادتين وأتى بما كلف به من أركان الإسلام وآمن بأركان الإيمان واتبع الصحابة الكرام وفضلهم فقد صار مسلمًا ثم سنيًّا؛ لأن السنة هي الإسلام كما نزل، ولا يطالب العامي بأكثر من هذا، ولا يؤمر بمعرفة تفاصيل العقيدة فلم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، ويستثنى من ذلك ما يلي:
- من انتسب إلى فرقة باطنية.
- من انتسب إلى فرقة تتبرأ من السنة.
- من تبنى منهجًا بدعيًّا كمن قدم العقل على النقل أو الكشف على الشرع.
فإذا سلم من هذه الثلاثة فهو من السنة ولو انتسب للتصوف أو الأشعرية أو الماتريدية، فليس كل من انتسب لهذه الفرق هو على نهجهم وقواعدهم، ولا يعرف حقيقة مذهبهم فيعامل بأصل حاله؛ فسواد المسلمين من أهل السنة، ولا صحة لما يدعيه بعضهم أن إخراج الأشعرية والصوفية من السنة حكم على سواد المسلمين بالخروج من السنة واحتكار له؛ كلا، بل عموم المسلمين وجمهورهم وسوادهم سنة ولو انتسبوا إلى التصوف والأشعرية؛ لأنهم لا يدركون حقيقتهما.
وأما مقام الخاصة: فلا يخرج أحد من أهل العلم من السنة إلا من عُرف بالخروج عنها بيقين؛ إما برضاهم أو بارتكاب ناقض للسنة عن علم، وهم قليلون، فالمنتسبون للفرق الثنتين والسبعين الهالكة بنص الحديث النبويّ هم قليلون ولو كثرت فرقهم وتعدَّدت، فتجدهم في كل فرقة أشتاتًا نزاعًا متنافرين متنازعين، فأما الفرقة الناجية فإنهم جمهور المسلمين.
فالتعريف لن يخرج أحدًا من السنة إلا أن يشاء هو ذلك، ولن يصنع رقيبًا يحدِّد ويعيِّن من يكون سنيَّا أو بدعيًّا، إنما هو الميزان يقيس الإنسان نفسه به حتى يعلم أين هو من الإسلام.
المبحث الأول: المفهوم:
وقرر فيه أن مفهوم أهل السنة والجماعة يدور حول معنيين:
أحدهما: أن الحق واحد لا يتعدد.
والثاني: أن هذا الحق حصر في أهل السنة والجماعة.
المبحث الثاني: حل النزاع في الاستئثار بـ(السنة):
وبدأه بالكلام على أهمية الميزان الكاشف للفرقة السنية، وهو الرجوع لفهم الصحابة والسلف، ثم بدأ بمناقشة الفِرَق فرقة فرقة، فتناول أولًا خروج الفرق المنتسبة من الإسلام أصلًا، وأما الفرق الإسلامية الباقية فالشيعة يبرؤون من السنة علنًا فلا حاجة لبحث حالهم، وأما الخوارج فمجمعٌ على ضلالهم وخروجهم من أهل السنة.
ثم أهل الكلام أصناف، أوائلهم المعتزلة الذين اتخذوا العقل فيصلًا يحاكم إليه النقل، ولا خلاف في مناقضتهم للسنة، بل كان في مقابلتهم ومنافحتهم (أهل الحديث) المتبعون لآثار السلف، وسُمّوا عبر التاريخ بالسلفية حينًا والحنابلة حينًا.
والصنف الثاني: الماتريدية ربيبة الأشاعرة ولا تنازعها الراية؛ ولذا فإن النقاش الحقيقي هو نقاش كون الأشعرية من أهل السنة ومنازعتهم هذا اللقب مع السلفية والحنابلة هي قضية الكتاب.
وأما التصوف فهي ليست منهجًا وإنما مآله الدوران حول فكرة الفناء، فهي أشبه بمادة هلامية رخوة دخل في عباءتها السلفي والأشعري والفيلسوف والعامي، وعامتهم من السنة على الأصل السابق.
ثم عاد المؤلف إلى لب الكتاب فأورد سؤالا: هل الأشعرية هم أهل السنة؟
وأجاب بالنقاط التالية:
1- هم ينتسبون للأشعري:
– وقد كان معتزليًّا أربعين سنة، ولم يبق إلا بضع عشرة سنة كان طرفًا منها كلابيًّا، ثم انتقل إلى مذهب الإمام أحمد. فكيف صار إمام أهل السنة وهو كلاميٌّ غالبَ حياته ولم يعرف بحديث ولا سنة ولا صون عقيدة السلف؟!
– وكونه ناقش المعتزلة -مع أهميته- لا يشفع لجعله إماما لأهل السنة.
– والأشاعرة ينكرون اتباعه مذهب الإمام أحمد، وإنما يتبعونه في كلابيته، وابن كلاب بدَّعه السلف كالإمام أحمد، فكيف صار إمام أهل السنة؟!
– والأشعري خالف أئمة الحديث ممن سلفه في جملة من العقائد؛ كجعله الإيمان هو التصديق، والقدر هو الكسب، وتأويل بعض الصفات، ولا يمكن أن يكونوا على السنة مع اختلاف عقائدهم، فمن على السنة أئمة الحديث أم الأشعري؟!
2- ثم الأشاعرة المتأخرون مخالفون لإمامهم في جملة من العقائد؛ كبعض الصفات الذاتية والفعلية، وذلك كالاستواء والوجه واليد، فكيف ينتسبون إليه؟! ومن الذي على السنة آلمتأخرون أم إمامهم ومتقدموهم؟!
ثم تعرض لشبهة تروج بين حين وآخر وهي: دعوى أن الأشاعرة سواد أهل السنة.
وأجاب عن هذه الشبهة بما يلي:
١- لا منازعة في تكاثرهم في القرن السادس الهجري وما بعده؛ وذلك بسبب تبني بعض السلاطين لها.
٢- أن هذا الانتشار كان بالقهر والسيف كما يؤكد المقريزي.
٣- ما تتبناه الدول لا يعبر بالضرورة عن اعتقاد العامة، فلا تلازم.
٤- الانتشار لا يعني صحة المعتقد وصدقه، فلا تلازم أيضًا كما أكد ابن عساكر الأشعري حين قيل: إن أكثر العامة لا يعتقدون بالأشعرية.
٥- ابن عساكر يؤكد أن الأشعرية لم يكن لهم ظهور ولا كثرة حتى القرن السادس! وبطبيعة الحال لم يكن لهم وجود قبل إمامهم قبل القرن الثالث، فأين هم والصدر الأول أهل الحق المطلق؟!
٦- الحق يدور مع الدليل والحجة (الكتاب والسنة) لا مع الشهرة أو السلطة.
٧- ابن عساكر جمع علماء الأشاعرة ليتكثَّر بهم ولم يتجاوز التسعين.
وفي المقابل جمع ابن عبد الهادي الحنابلة للرد عليه قريبًا من أربعة آلاف عالم مجانبين للأشعرية، وعقَّب بأن استقصاءهم يبلغهم عشرة آلاف.
وجمع الذهبي المئات من مثبتة العلو ممن خالف الأشاعرة.
وجمع ابن القيم أكثر من مائة وستين في كتابه (الجيوش الإسلامية).
وأخذ البخاري عن ألف نفر يقولون: الإيمان قول وعمل؛ خلاف قول الأشعري، فأين الأكثرية؟!
المبحث الثالث: أهل الحديث وتمثيل (السنة):
وكان الحديث فيه حول محورين:
المحور الأول: الاتصال بالقرون المفضلة، فبعد تقرير كون الحق المطلق مع القرون المفضلة عرَّج على البحث عمَّن اتصل بتلك القرون وقام بذلك الحق المطلق في الحياة الدنيا كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فقد قام به أهل الحديث -حين قامت قائمة المعتزلة- يمثلهم الإمام أحمد، وقام به الحنابلة بعدُ حين قامت قائمة الأشاعرة وقالوا بالكلاميات كوجوب النظر والشك وتقديم العقل على النقل وغيرها، فأهل الحديث هم خلف السلف الصدر الأول، والحنابلة امتداد لهم.
ودعوى أن الأشعرية امتداد لأهل الحديث فرض باطل؛ لما بينهم من تناقض في الأصول، وانتساب بعض المشتغلين بالحديث لها زمن السلاطين الأشاعرة كان رغبة ورهبة منهم، ومجرد اشتغالهم بالحديث مع مناقضتهم لهم في الأصول كالإيمان والقدر والصفات الفعلية وخبر الواحد وغيرها لا يولد اتصالًا بأهل الحديث، وكيف يقال بأنهم من أهل الحديث وهم يتسمون بـ (علماء الكلام)؟!
المحور الثاني: أن الحق لأهل الحديث، وأورد على ذلك جملة من الأدلة العقلية ونصوص السلف الشاهدة لأهل الحديث، كقول الإمام أحمد عن الفرقة الناجية “إن لم يكونوا أصحاب الحديث فلا أدري من هم”.
المبحث الرابع: شرط الانتماء:
وبدأه بالإفصاح عن المقصود بمصطلحَي السنة والجماعة، وكونهما مصطلحين شرعيَّين أصيلين لا عرفيَّين، وأورد قول أبي بكر بن عياش حين سئل: من السني؟ فقال: “الذي إذا ذُكرت الأهواء لم يتعصَّب لشيء منها”، ثم بيَّن أن لقب (أهل السنة والجماعة) ليس حصرًا على طائفة معينة محدَّدة بجنس أو لون أو مذهب أو ناحية أو حزب، وليس حكرًا على تكتّل ذي هيكلة تنظيمية، بل هو منهج ومذهب من تمثَّل به فهو من أهله فردًا أو جماعة؛ ولذا تجد أهله نُزّاعًا أشتاتًا من كل مكان وزمان، لا علاقة لازمة بينهم سوى المنهج والمذهب.
ثم بيَّن أن استحقاق هذا اللقب له مقامان:
مقام العامة: فكل من أسلم فهو سني ضمنًا؛ لأنه قابل للخضوع متهيئ للطاعة والامتثال بما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وعليه إقامة أركان الإسلام والإيمان إجمالًا، فإن جاء بها فهو سني، ولا يسأل بعد عن تفاصيل العقيدة ودقيق المسائل فيها ما دام لم يتطرق سمعه شبهة حول أصل من أصول الإيمان، وإن طرق سمعَه شيءٌ من ذلك فعليه البحث عن السنة فيها من أهلها ونبذ قول المبتدعة.
مقام الخاصة: وهم أهل العلم وطلبته؛ وعليهم معرفة تفاصيل العقيدة التي فيها نقض للأقوال الباطلة؛ كما في عامة مختصرات العقيدة عن السلف كشرح السنة للمزني الذي ألحقه المؤلف بكتابه.
ثم أورد طائفة من أقوال السلف في شرط الحظوة بلقب السنة على ما قرر، ثم رجَّح أن من جاء بأصول السنة فقد كمل له الاتباع، وقد يخالف أحدهم متأولًا أو جاهلًا فتنقص سنيته بحسب ما ابتدع إلا أن يكون معاندًا؛ ولذا أطلق السلف مثل هذا على بعض المتقدمين دون أن يخرجوه من أهل السنة كقولهم: “فيه تشيع”.
ثم بيَّن أن نزع لقب السنة يكون بأحد أمور:
- التحول إلى إحدى الفرق البدعية المنابذة للسنة كالشيعة والخوارج والمعتزلة.
- الانتساب إلى الفرق المنتسبة إلى الإسلام من الباطنية كالإسماعيلية والدرزية والنصيرية والقرامطة والفلاسفة.
- اطراح عقائد السنة بالكلية واعتناق منهج بدعي يعارض ويناقض المنهج السني كليًّا؛ كالأشعرية والماتريدية والصوفية؛ فالأشاعرة والماتريدية مرجعهم العقل وهو عندهم مقدم على النقل، والصوفية مرجعهم الكشف وأما أهل السنة فمرجعهم التسليم للنقل: الكتاب والسنة، على فهم سلف الأمة.
والفاعل للبدعة لا يكون بمجرده مبتدعًا خارجًا عن السنة كليًّا إلا في إحدى حالتين:
- نبذ السنة بإرادته، فلا ينتسب إليها أصلًا.
- أن يخالف في أصل كلي يتبنى به منهجًا بدعيًّا.
ومن كان دون ذلك فعلى وجهين:
- من ترك أصلا من السنة لكن لا يعود على بقية الأصول بالإبطال، فهو مبتدع في جزء وبدعته نسبية.
- من خالف ببدعة في فرع جزئي فهو من السنة، إلا أن يكثر من الجزئيات البدعية ليكشف به عن تشرب بدعة كلية.
ثم ختم الكتاب بملخص لما فيه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.