ترجمة الشيخ عبد الرحمن العجلان
للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة
نسبه ومولده:
هو فضيلة الشَّيخ عبد الرحمن بن عبد الله العجلان، المدرِّس بالمسجد الحرام، وصاحب إسهامات علميَّة ودعويَّة عديدة.
ولد في محافظة عيون الجواء التابعة لمنطقة القصيم في المملكة العربية السعودية عام 1357هـ الموافق 1938م، وطلب العلم بها ودرس فيها إلى أن التحق بالجامعة.
دراسته:
تلقَّى رحمه الله تعليمه في الكتاتيب ببلدته عيون الجواء، كما درس دراسته النظامية في منطقته، فقد التحق بالمدرسة الفيصلية في بريدة بمنطقة القصيم عام 1368هـ وتخرج فيها عام 1371هـ، ثم التحق بمعهد بريدة العلمي عام 1374هـ، وفي عام 1379 هـ التحق بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، ثم التحق بالمعهد العالي للقضاء في عام 1386هـ.
مشايخه:
أخذ العلم عن كثيرٍ من العلماء الفضلاء، ومنهم:
- عبد العزيز بن باز.
- عبد الله بن حميد.
- محمد الأمين الشنقيطي.
- عبد الرزاق عفيفي.
- صالح الخريص.
- صالح بن إبراهيم البليهي.
- محمد بن عبد الله السبيل.
- عبد الله بن عبد الرحمن الغديان.
- عبد الله السايح.
- صالح الناصر.
- علي الضالع.
- حمود بن عقلا.
- إبراهيم العبيد.
- إبراهيم العمار.
- علي البراهيم المشيقح.
- إبراهيم العبيد.
- صالح السكيتي.
- محمد المرشد.
- عبد الرحمن الدخيل.
- مناع بن خليل القطان.
- عبد القادر شيبة الحمد.
- عطية محمد سالم.
- عبد الحكيم سرور.
أعماله:
عُرف الشيخ بعلمه وفضله فما أن تخرَّج رحمه الله من المدرسة الفيصلية عام 1371هـ حتى عيِّن في السنة التي تليها في مدرسة ثرمداء الابتدائية وعمره لم يتجاوز الخمسة عشر عامًا.
ثم في عام 1381هـ عيِّن مدرسًا في معهد المدينة العلمي، كما كلِّف بالتدريس في المسجد النبوي الشريف في هذه الأثناء.
وفي عام 1386هـ كلِّف بالتدريس بكلية الشريعة بالرياض بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، وفي معهد الخدمة الاجتماعية فيها.
وفي عام 1387هـ عين مفتشًا في المعاهد العلمية.
ثم في عام 1393هـ كلف بأمر جلالة الملك فيصل رحمه الله بافتتاح محكمة عجمان وتعيينه قاضيًا فيها إلى عام 1405هـ حيث انتقل إلى مكة المكرمة برغبته في ذلك وعيِّن قاضيًا في المحكمة الكبرى بها، وقد كان محبوه من عجمان يزورونه في مكة المكرمة، كما بدأ التدريس في المسجد الحرام فظلَّ في القضاء والتدريس في المسجد الحرام.
وفي عام 1410هـ صدر أمر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز رحمه الله بتعيينه رئيسًا لمحاكم منطقة القصيم واستمر فيها إلى عام 1420هـ حيث طلب الإحالة إلى التقاعد المبكر لمواصلة التدريس في المسجد الحرام فتم له ذلك.
للشيخ مشاركات في الندوات العلمية والمحاضرات في المساجد والإعلام عبر الإذاعة وغيرها في عدد من المناطق داخل المملكة وخارجها، وقد شارك في الإجابة على أسئلة المستفتين في إذاعة القرآن الكريم من عام 1421هـ إلى عام 1428هـ.
دروسه وتعليمه:
درَّس الشيخ رحمه الله في عدد من المناطق، وقد بدأ التدريس في دار الحديث بمكة المكرمة بعد عامين أو ثلاثة من قدومه إلى مكة المكرمة، وكان رحمه الله يبسِّط المعلومات ويقرِّب المسائل ويشرح شرحًا يفهمه الجميع، كما كان يراعي حال المخاطب والطالب، فلغته العلميَّة في دروسه في الحرم ليست مثل دروسه في الدار؛ إذ إنَّ في الحرم طلبة العلم والعوام فكان يبسط لهم أكثر، أما في الدار فلأن المخاطَب طلاب علم كانت لغته وكان إلقاؤه يختلف قليلًا ومع ذلك فقد كان يشرح بأسلوبٍ سهل بسيط، كما أنَّه ظل سنوات طويلة يلقي دروسه في مسجد حيِّه والذي يصلي فيه، فقد كان يصلي صلاة العصر ثم يلقي درسًا، وغالبًا ما كان يقرأ من رياض الصالحين، ويعظ الناس ويذكرهم ويلقي الكلمات في الفقه والعقيدة وغير ذلك، ويذكر عنه بعض جيرانه أنَّ عددًا من الجيران ممَّن كان يرى العمل ببعض المسائل التي يراها الشيخ مخالفة للسنة الصحيحة كانوا قد تركوها أخذًا بقول الشيخ ورأيه، فكان رحمه الله له تأثيرٌ بالغ بدروسه وكلماته، أمَّا تدريسه في الحرم فقد درَّس فيه ما يزيد عن الثلاثين سنة، وكان مثالًا للعالم الزاهد المهتمِّ بالعلم وأهله، فكانت دروسه لا تنقطع إلا في أحلك الظروف، وكان يحضر لدروسه في الحرم حتى مع تعبه ومرضه، وكان رحمه الله يناقش طلابه ويقبل منهم، يقول الدكتور وديع غوجان: “كانت الأسئلة توجَّه إلى الشيخ كالعادة، وفي أحد الأسئلة سؤال مضمونه: السؤال عن حكم صلاة ركعتي الطواف بعد الصبح وبعد العصر، فأجاب الشيخ بتأخير الصلاة إلى أن تطلع الشمس أو تغرب، فلمَّا انتهى الشيخ ذهب فطاف ثم رجع تحت المئذنة فأردت الاستدراك والتبين منه في المسألة، فوجدت بجانبه أخاه وهو شبيهٌ بالشيخ حتى إنَّه قد يخيل إلي أنهما توأم، فقلت: أين الشيخ العجلان؟ فالتفت كل منهما إلى الآخر وقال هو ذا، وابتسما…فزادت حيرتي، فقلت: أسأل عن الشيخ الذي يلقي بالصحن، فقال لي إذًا تقصد هذا وأشار إلى الشيخ عبد الرحمن فطرحت عليه السؤال وما أجاب فضيلته به السائل ثم قلت: لكن شيخنا صحت زيادة “لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس الا بمكة إلا بمكة” وقلت: والحديث صححه الألباني رحمه الله، فقال الشيخ العجلان: إذا ثبت الحديث فيجوز الصلاة إذا بعد الصبح وبعد العصر”.
وقد شرح الشيخ رحمه الله كتبًا مهمة عديدة من أهمها:
1/ تفسير ابن كثير رحمه الله.
2/ كتاب التوحيد.
3/ العقيدة الواسطية.
4/ الروض المربع.
5/ الرحبية.
6/ دليل الطالب.
7/ أصول الأحكام.
8/ الرحيق المختوم.
9/ زاد المعاد.
10/ الكافي.
أخلاقه وعبادته:
من أكثر الصفات التي كان يتمتَّع بها رحمه الله أنَّه كان متواضعًا مع طلابه وزوَّاره وجلسائه ومع جميع من يلقاهم، وكان لا يرى نفسه أفضل من طلابه ويتواضع لهم كثيرًا، كما كان مبتسمًا بشوشًا في تعامله مع الناس، وكان يبدي بعض العتب حين يكثر الطلاب من تقبيل رأسه، ويأبى تقبيل يده تواضعًا، وكان لا يرد الناس أيًّا كان منصبه وجاهه وعرقه يقول الشيخ فهد العماري: “دخلت عليه إبان رئاسته لمحاكم القصيم وأنا طالبٌ في الكلية للسلام عليه، فقام من كرسيِّه ورحب وهلَل، ولم أجد بوَّابًا ينمع من الدخول أو يسأل ماذا تريد او انتظر”
أمَّا عن قضائه حوائج الناس واهتمامه بهم فكثير، وكان النَّاس يأتونه إلى المسجد لقضاء حوائجهم -خاصة بعد صلاة العصر- فيأتونه بالخطابات والأوراق والحاجات فيقضي حوائجهم إما بنفسه وبماله أو بجاهه وبتوجيهم إلى من يخدمهم وييسر حالهم، ولا يدخر في ذلك جهدًا، بل ويسأل عن جيرانه وأصحابه وطلابه ويقف معهم ويحضر الجنائز حتى مع تعبه ومرضه، يقول أحد جيرانه: “كنت أخرج بعد صلاة الفجر بوالدتي إلى مركز غسيل الكلى فكان لا يرانا إلا ويقف ويدعو للوالدة ويصبرها وكان هذا دأبه”، وكان هذا أيضًا تعامله مع بقية الجيران، كما كان يسأل عمَّن غاب عن المسجد من الجيران ويتفقدهم ويتفقد أحوالهم، ويسعى إلى قضاء حوائج أسر فقيرة كثيرة كان يسعى بنفسه في قضاء حوائجهم والنفقة عليهم أو يدل عليها أصحاب الخير، وربما كان من تلك الصدقات مالا يعلمها أبناؤه ولا يعرفها إلا بعض خواص طلابه نسأل الله القبول.
أمَّا عبادته رحمه الله فقد كان آية فيها، كان من أكثر ما يلتزم بها: صلاة الجماعة، فكان لا يتخلَّف عنها، بل كان رحمه الله لا يتخلف عن الصف الأول، يقول أحد جيرانه ممن جاوره أكثر من اثنتي عشرة سنة: “لم أدخل المسجد إلا وهو موجود في الصف الأول، وكان أهل المسجد يفتقدونه في المرات النادرة التي لا يكون فيها في المسجد -عدا أوقات ذهابه للحرم- وذلك حين يحضر جنازة فيبادر الجميع بالاتصال بأبنائه والاطمئنان عليه إذ إنه لا يعهد عليه أن يتخلف عن الصف الأول”.
وممَّا تميز به أنَّه كان لا يغادر المسجد بعد الفجر إلى شروق الشمس، كانت تلك عادته اليومية، وكذلك بين المغرب والعشاء حين لا يكون في الحرم فإنه يمكث في المسجد ولا يخرج منه، أمَّا إن كان في الحرم فإنه كثيرًا ما يستغل الأوقات بين الأذان والإقامة أو قبل الأذان بدقائق في الطَّواف، كما أنه لم يعرف عنه ترك قيام الليل منذ شبابه.
وكان رحمه الله كثير التعلق بالمسجد، وقد أنشأ مكتبة في المسجد الذي يصلِّي فيه وكثيرًا ما يجلس فيها، وكان نادر الخروج إلى المناسبات إلا الجنائز، بل كان قليل الخروج من مكة المكرمة حتى في الإجازات، كما كان رحمه الله كثير الصيام، ويعرف عنه أنه كان يصوم يومًا ويفطر يومًا وبقي على هذه الحال قرابة الخمسة عشر عامًا حت ى تعب ومرض فكان يصوم الاثنين والخميس وأيام البيض
كما كانت علاقته وطيدة بالقرآن الكريم، وكان وقت جلوسه في المسجد يستغله في قراءة القرآن، يقول أحد جيرانه: “ما دخلت المسجد والشيخ موجود إلا رأيت المصحف معه ونادرًا ما كان بدونه حين يجلس في المكتبة”، ويذكر الشيخ فهد العماري أنه كان يختم كل ثلاث.
وفاته:
مرض رحمه الله قبل أكثر من عام، وكان في آخر سنة من عمره مريضًا متعبًا، إلى أن دخل العناية المركزة في رمضان من عام 1442هـ ثم عافاه الله فخرج منها ثم اشتد عليه المرض إلى أن توفي رحمه الله فجر الجمعة الخامس والعشرين من شهر رمضان عام 1442هـ فرحمه الله وغفر له وأسكنه فسيح جناته.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
مراجع ترجمته:
1/ طلابه وجيرانه، منهم: الشيخ فهد العماري القاضي بمحكمة الاستئناف بمكة المكرمة، وعبدالله الشلبي المدرس بدار الحديث، والدكتور: وديع بن عمر غوجان، وعبدالله الهاشمي، وأحمد عبدالوهاب، وغيرهم.
2/ بوابة الحرمين الشريفين.