الحشوية والوهابية
للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وحده لا شريك له، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه، ومن نهج نهجه إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن المقال الذي نحن بصدد إعادة نشره، والتعليق عليه، هو أحد ثلاث مقالات وجدتُّها في مجلة المقتطف المصرية، لكاتب يرمز لنفسه بـ[باحث دمشقي]، أول هذه المقالات بعنوان: «لوثيروس وابن تيمية»، نشرته المجلة في شهر رمضان عام 1321هـ. والثاني بعنوان: «الحشوية والوهابية»، وهو مقالنا هذا، ونشرته المجلة في شهر شعبان عام 1327هـ، أو: مارس سنة 1909م. والثالث يختلف عنهما من حيث الموضوع، بل هو بعيد عنهما، لكنه يشترك معهما في حاجة كاتبه إلى إخفاء اسمه، فعنوان المقال: «الرتب والأوسمة»، وهو ينتقد ظاهرة كثرة الرتب والأوسمة التي كانت سِمَة للعهد العثماني آنذاك، وقد نشرته المجلة في ذي الحجة 1320هـ.
وقد اجتهدنا قليلاً للكشف عن حقيقة الكاتب واسمه الصريح من خلال السمات التي يُظهرها المقال؛ فهو مثقف كبير، وكاتب أريب، وربما كان أحد العلماء، حر التفكير، نافذ البصيرة، معارض للواقع العثماني في عصره، لم تستطع الدعاية ضد السلفية – والتي كانت تملأ أسماع المسلمين – أن تشغله عن البحث عن الحقيقة، وتلمس طرق البر بها، ولو في غير بلده؛ حيث لم يكن الثناء على دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب ممكنا في الشام كلها لمانِعَين: أحدهما: سياسي، والآخر: ديني.
أما السياسي؛ فقد كانت الشام أهم قُطر عربي، لم تزل حتى ذلك الحين سُلْطَةُ الدولة العثمانية قوية فيه، وكانت العلاقات بين العثمانيين والسلطان عبدالعزيز آل سعود قد بلغت من السوء حدَّ المواجهة العسكرية، حيث حدث في تلك الفترة عدة معارك شارك فيها العثمانيون مباشرة ضد الملك عبدالعزيز؛ ففي عام 1904م الموافق لعام 1322هـ حدثت معركتا الشنانة والبكيرية، وفي عام 1906م الموافق 1324هـ وقعت معركة روضة مهنا؛ ومع أن هذه المعارك كان الأصل فيها أنها بين السلطان عبدالعزيز آل سعود والأمير عبدالعزيز المتعب الرشيد، إلا أن القوات العثمانية وعتادها كانا حاضرين هنالك، وانتصر عبدالعزيز في اثنتين منها؛ وكانت حركة تركيا الفتاة العلمانية ذات ثقل في اتخاذ القرار العثماني، الأمر الذي زاد من العداء العثماني للدعوة السلفية ودولة السلطان عبدالعزيز؛ القائمة على دعوة دينية تراها الحركة السياسية العلمانية عودة للرجعية، وفي عام 1908م جاء انقلاب حزب الاتحاد والترقي العلماني أيضا، والذي أجبر السلطان عبدالحميد على إعادة الدستور العثماني القديم، والذي عطله السلطان سعيًا منه إلى العودة بالدولة إلى إسلاميتها، ثم جاء عام 1909م حيث تم انقلاب الاتحاديين على السلطان العثماني نفسه وعزلوه ونفوه، وأصبح خلفاؤه مجرد واجهات، والأمر والنهي كله بيد الاتحاديين، الذين لم يكونوا بالطبع على وفاق مع ابن سعود ودولته السلفية، كل ذلك مضاف إلى العداء القديم الذي تُكنه الدولة العثمانية للدولة السعودية ودعوتها الإصلاحية انطلاقًا من تصوفها.
كما كانت الدولة العثمانية في عصر الدستور وما قبل الدستور، داعمة للشريف الحسين بن علي الذي كان معادياً لابن سعود وللدعوة السلفية معاً.
هذه الظروف كلها هي في تقديرنا حالت بين كاتب المقال وبين الظهور باسمه الصريح.
لكن.. ألم تكن مصر أيضاً عثمانية؟ فكيف نشر الكاتبُ مقاله في مصر؟
كانت مصر تخضع في تلك الفترة لما يُسمَّى: “الحكم الثلاثي”، فكانت من حيث الاسم تابعة للدولة العثمانية، أما واقعاً فكانت تخضع للحكم الخديوي، وهم حكام مصر من نسل محمد علي باشا، وكان الحاكم في الفترة ما بين 1892م وحتى 1914م هو الخديوي عباس حلمي، كما كانت تخضع لسلطة المندوب السامي البريطاني، وكان هناك صراع قوي بين الخديوي عباس وبين المندوب السامي اللورد كرومر، ينتهي غالباً بانتصار اللورد، وانتهى الصراع بقيام الحكومة البريطانية بإصدار قرار بعزل الخديوي عباس دون الرجوع إلى الدولة العثمانية([1]).
وانقطاع النفوذ العثماني، والصراع على النفوذ بين الخديوي واللورد كرومر، كان أحد الأسباب التي أدت إلى كثير من حرية التعبير فيما لا يمس الاحتلال البريطاني؛ ولهذا كانت مصر مكاناً أكثر ملاءمةً لنشر مقالٍ يمتدح الدعوة السلفية ويُدافع عنها.
وكان الاتجاه العِلمي والثقافي في مصر، قد وُجد فيه شيء من الانفتاح تجاه الدعوة السلفية، وَوُجد من العلماء والمثقفين من يثني عليها؛ مع أن ذلك لم يكن يُشكل اتجاهاً عاماً في الثقافة المصرية، بل الغالب على المؤسسات العلمية أنها تحت سيطرة الصوفيين، والصحافة والمؤسسات الثقافية تغلب عليها التوجهات اللبرالية، لذلك لم تكن المقالات التي تدافع عن السلفية مرحباً بها في غالب المجلات المصرية.
حتى مجلة المنار لم تكن في ذلك الوقت قد أخذت بُعْدَها السلفي، لذلك كان نشر مقال مدافع عن السلفية في الشام أو مصر أمرًا في غاية الصعوبة؛ أما مجلة المقتطف التي اختارها الكاتب لينشر فيها مقالتيه عن السلفية في عامين متباعدين، فقد كان صاحباها نصرانيان، وهما: يعقوب صروف وفارس نمر، وكانت مجلة علمية صناعية زراعية؛ لذلك لم تكن الخلافات بين الفرق الإسلامية تعنيهما، وكان صاحباها معارضين للدولة العثمانية؛ التي أدت معارضتهما لها إلى انتقالهما بالمجلة من بيروت إلى القاهرة سنة 1885م، ولهذا كان نشر المقالات المؤيدة للسلفية مناسباً فيها لهذين السببين.
هذه المقدمة تُظهر صورة من صور التضييق الذي كانت تعاني منه الدعوة السلفية التي أظهرها الله تعالى بعد ذلك بانتصار الملك عبدالعزيز رحمه الله وانتشار هذه الدعوة في ظل رعايتها ولله الحمد والمنة.
أما الكاتب، فكُنتُ اجتهد في محاولة التعرف عليه من خلال عدد من القرائن، وأثناء ذلك وجدتُ أن الشيخ عبدالسلام بن برجس البرجس تغمده الله بواسع رحمته، قد نشر المقال في موقعه، وذكر أنه موجود في مجموع مقالات الطبيب السوري صلاح الدين يوسف القاسمي، شقيق العلامة جمال الدين القاسمي، وقد نَشَر هذا المجموع الأستاذ القدير محب الدين الخطيب في المطبعة السلفية بمصر عام ١٣٧٩هـ، فأغناني الشيخ عبدالسلام رحمه الله عن البحث؛ ولم أستطع في هذه المدة الحصول على المجموع المذكور لأُقابل بينه وبين الموجود في المقتطف.
وسوف أنقل هنا ترجمة الكاتب من الأعلام للزركلي رحمه الله.
المجلد الثالث، ص 208 – 209
قال الزركلي:
” (الدكتور القاسِمي
(1305 – 1334 هـ = 1887 – 1916 م)
صلاح الدين بن محمد سعيد القاسمي: طبيب أديب، من طلائع الوعي القومي العربيّ في سورية. ولد وتعلم بدمشق. وتخرج (عام 1332هـ 1914م) بمدرستها الطبية. وأحسن التركية والفارسية والفرنسية. وتأدب بالعربية على يد أخيه علامة الشام الشيخ جَمَال الدين القاسمِي. وشارك في تأليف جمعية النهضة العربية (1324هـ 1906م) بدمشق. وهي أقدم ما عرفناه من نوعها في بدء اليقظة أيام الترك. واختير كاتما لسرها ولم يجاوز التاسعة عشرة من عمره. وكتب وخطب وحاضر، ونظم شعرا لا بأس به، فكان من الدعاة الأوائل لإثارة (المسألة العربية) كما سماها، و (مبدأ القوميات)، وزار الأستانة مع وفد من أعيان دمشق (سنة 1909م) للتهنئة بالحكم الدستوري، فنشر 12 مقالا عن رحلته، وست مقالات عن (المنفلوطي وكتابه النظرات)، وحذّر (سنة 1911م) من الخطر الصهيوني، وكتب أربع مقالات في رحلته (1913م) من دمشق إلى المدينة المنورة. وعمل طبيبا في بعض مدن الحجاز إلى أن توفي.
ودفن بالطائف. وجمع ما بقي من منشآته في كتاب “الدكتور صلاح الدين القاسمي، آثاره، صفحات من تاريخ النهضة العربية في أوائل القرن العشرين – ط”.
رحم الله الدكتور صلاح الدين القاسمي، وأسكنه فسيح جناته، وذب عن وجهه النار كما ذب عن الدعوة السلفية في وقت قل فيه الناصر لها، والحمد لله رب العالمين.
الحشوية والوهابية
قَلمَّا قام بين المصلحين أحدٌ بفكرة إصلاحيةٍ، أو مشروع جديد، ولم يَقُمْ في وجهه من أبناء جلدتهِ مناهضٌ ينوص([2]) للفتنة كل مناص، فيتخذه سُبَّة يتقول عليه مُخْتَلَقَ الأقاويل، وينقل عنه مُخْتَلِف الأحاديث، مما هو ليس من الحقيقة في شيء، فإن كان من أهل الحكمة والسداد؛ وُصِم بخَرَقٍ في الرأي، أو من أولي الخير والصلاح؛ رُمِيَ بشُبْهَةٍ في الدين، أو كان من حَمَلَةِ العلم الصحيح؛ غمطوا من قدره، ولم ينصفوه، وربما ألَّبُوا عليه طُغْمَة الجهلِ، وزعانف القومِ، فيذهبون بآرائه مذاهب شتى، وقد يوقعونه في الرِّدَى؛ فيجنون على العلم والدين جناية تدور مع الأحقب([3])، كما وقع ذلك لكثير من مشاهير المشارقة والمغاربة.
على حين أن ذلك المُصْلِحَ، لم يأت أمرًا يأباه العقل والدين، وما ذنبه سوى أنه أتى بما لا عهد لأبناء الوسط به، أو لم يجدوا عليه آباءهم، وقد سمَّى حجة الإسلام الغزالي([4]) أمثال هؤلاء المناهضين حشويَّة([5]). وهم اليوم ضروب: فمنهم حشويَّة الدين، وحشويَّة العلم، وحشويَّة سياسية.
وأشدُّ ما لقي المصلحون من شيوخ السوء، حَشَويَّةَ الدين الجامدين في سبيل الدعوة إلى الحق، وما نالهم من النكبات مادياً وأدبياً، ومهما يحاول هؤلاء عرقلة مساعي أولئك، أو اضطهادهم وظفرهم بأمنيتهم في بعض الأحايين؛ فإنهم ليحاولون المستحيل في الضغط على تلك الموهبة الفكرية، التي امتاز بها أولئك المصلحون عن غيرهم من البشر، الميزة التي وَلَّدَتْ لهم أعداء ألِدَّاء، يحسدونهم في السراء والضراء، ويرمونهم بما هم منه براء، كما هو الحال الآن في حشويَّة الدماشقة، ورميهم علماءهم الأطهار، وأحرارهَم الأخيار؛ بالوهبنة تارةً، والزندقة تارةً أخرى.
ألا وإن التاريخ يُعِيد نفسه؛ فقد مثَّل لنا رميُ هؤلاء الحشويَّةِ للمصلحين بالوهابية، رميَ الروافضِ لأهل السنة بالنواصبِ، وتلقيب القدريةِ لهم بالمجبرةِ، وتسميةَ الجهميةِ لهم بالمجسمة المشبهة.
على أن هذه الأقاويل لا تَغْمِطُ من قدرهم، ولا تَحُطُّ من علمهم شيئاً؛ بل على العكس من ذلك، فإنها قد تكون واسطة لرفعة شأنهم، وتأفُّقِ([6]) شهرتهم، كما قال الغزالي: “واستحقِر من لا يَحْسُدُ ولا يَقْذِف، واستُصْغِرَ من بالكفر والضلال لا يَعْرِف، فأي داع أكملُ واعقلُ من سيد المرسلين ﷺ، وقد قالوا: إنه مجنون المجانين، وأيُّ كلام أجمل وأصدق من كلامِ رب العالمين، وقد قالوا: إنه أساطير الأولين…”([7]). ومن ذلك قول ابن حزم: “ومن حقَّقَ النظر وراضَ نفسه على السكونِ إلى الحقائقِ، وإن آلمتها في أول صدمة؛ كان اغتباطه بذم الناس إياهُ، أشَدَّ وأكثر من اغتباطه بمدحهم إياه…”([8]).
بيد أني مع كل هذا وذاك، أراني في حاجة شديدة تدفعني إلى أن ألفت أنظار الجمهور، إلى أنه لا يَسُوغُ الاعتماد في مثل هذه الحال على تقول الخَرَّاصين من أولئك الطغام الحشويَّة([9])، أنصار الحزب القديم، أو الإخلاد إلى الجمود على ما نقل عنهم هؤلاء، ومن لف لفهم من الغاغة.
إذ لو أخذنا القول على عواهنهِ؛ كما يُلْقَى على مسامعنا جُزَافاً، دون بحث ولا نظر؛ لاختلاط الحابل بالنابل، والعالِم بالجاهل، ولم نَعُد نُمَيِّز بين من كان في قومه مثال الكمال؛ فأتى بأعمال عظيمة، وأحسن صنعاً، وبين من كان شرًّا مُجَسَّماً؛ فعاث في الأرض فسادًا، وساءَ عملاً.
وللوقوف على جليَّة هذا الأمر، يجب أن نقلب صفحات التاريخ، وننظر ما أُثر عنهم من نثي([10]) وقول، وما أبقوا من عمل. ولا يكفي ذلك لمعرفة حقيقتهم تمام المعرفة؛ بل يجب أن نستقرئ حركاتهم أيام حياتهم استقراءً علمياً دقيقاً، ثم بعد ذلك يخول لنا أن نحكم عليهم بعد أن كنا تصوَّرناهم حق التصور، فإن وجدناهم طبق ما يقال عنهم قبلناه، وحولنا مجرى أفكارنا، وإلا رفتناه([11]) بأخمص أقدامنا، وضربنا بهِ عرض الحائط.
ومما يجري هذا المجرى وتجدر العناية به؛ واعطاؤه([12]) جانباً من التمحيص، والتدقيق؛ مسألة (الوهابية) التي طار في عامة الأقطار نبؤها([13])، واستلمت زمامها (الحشوية)؛ فأصبحت تديرها ما شاءت وشاء لها الهوى، حتى غمض الحق على طالبيه، فذهب بين جهل شيوخ السوء، وإغراض أعداء التجديد.
وما كان أحرى بهؤلاء أن لا يخوضوا في هذه المسألة؛ فقد آل نبؤ([14]) الوهابية إلى أن صار سمرًا وفكاهات، ومن ذلك أن كل من رَوَى من المدرسين والخطباء أحاديث في الشرك جلياً أو خفياً يتناجون بأنه يرمز للوهبنة، ويسمونه (وهابياً). وهكذا إشاعتهم عن غرف القراءة العامة التي أسست في حاضرتنا حديثاً، ونوهت بها جرائدُ سُوْرِيةَ وبيروت بأنها منتدى الوهابية. ومن النكت الغريبة أن أحد الشيوخ، عنده لوح مكتوبٌ عليه كلمة (ياوهاب) وعليه إطار([15]) نفيس، فقيل عنه إنه لم يؤثر هذه القطعة، إلا لأنه مُغْرى بالوهابية ومغرم.
وكذلك من كان اسمه (عبدالوهاب) صار يقال له: إن أباه كان وهابياً حتى آثر تسميةَ ابنه باسم زعيم تلك الفئة، مع أن زعيمهم يدعى (محمد بن عبدالوهاب) فكان الأجدر تسميتهم (محمدية). وهكذا قُلْ عن تلقيبهم الأهرام والمقطم واشباههما بأنها جرائد وهابية([16]).
ومثله: تشهيرهم بأن كل من هاجر من وجه الاستبداد نازحاً عن بلاده، هو من الوهابية، وكذلك أبطال الحرية، وخطباء الدستور؛ مما يضحك الثكلى ويبكي العاقل([17]).
وهكذا الحال الآن فلا تسمع في المنتديات، عامة كانت أو خاصة، إلا الوهابية والوهبنة؛ لكل من أنكر منكرًا، أو ناقش في أمرٍ، أو بحث في مسألة. وقد عرف الجميع سر المسألة([18])، بل انقلب على القائمين على الوهابية([19]) الأمر، وانعكست القضية؛ إذ زرعوا في أذهان العامة من الرجال حتى النساء مُتَفَرَّدَاتِهم وما يؤثر عنهم، وأصبح كثير يدقق في تلك المسائل، ويلهج بها، ويسائل عنها النبهاء المُنَوَّرِين؛ ليصل إلى أصلها. وكثيرٌ من أولي السذاجة والفطرة توهبن([20]) بفضل تلك الثورة التي هاج ثائرها منذ عهد غير بعيد.
ولقد كان بعض الفلاسفة يُسَرُّ جدًا بإشهار بعض المسائل ولغط العامة بها، أو اضطهاد الحكومة لأجلها؛ فيقول: “لا أنجعَ مِن ذلك؛ لإشهار أمرها، وإدخالها إلى كل أذنٍ ودار”، وكان يقول: “لو شعر الثائرون في وجه أمرٍ والقائمون عليهِ ماذا يُنْتِجُ تثويرهُم وهياجهُم من رد الفعل وانعكاس الأمر عليهم، لقبعوا رؤوسهم، ولم ينبسوا ببنت شفة”.
قالوا “الحقيقة بنت البحث” نعم. وهذا ما حدا بي إلى أن آتي في هذه العجالة على نتفٍ من حقيقة أمر هؤلاء الوهابية؛ ليتبين الرشد من الغي، ويعلم أولئك المموهون أن للحق أنصارًا، وأن التاريخ لا يترك كبيرة ولا صغيرةً إلا أحصاها([21]).
وبعدُ: فمن هم أولئك الذين يُفترى عليهم ما يُفترى؟
هم أولئك الطائفة من الحنابلة التي تتمذهب بمذهب الإمام أحمد وعقيدته، لم يخرجوا عنها قيد شبر، وهم يتبرأون من الشرك الجلي والخفي؛ الذي حذر منه النبي ﷺ، وهم يعتقدون أن الله سبحانه أقرب إلى الإنسان من حبل الوريد، وأنه على كل شيء شهيد، وأنه أَمَرَ أن يُدْعى وحدَه، كما جاء في الآية: {قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَٰنَ ۖ } [سورة الإسراء:110]، وفي أخرى: {ادعوني استجب لكم} [سورة غافر:60]، وأنه يتوسل إليه بأسمائه وصفاته العليا.
هم أولئك الذين يقدمون أحاديث النبي ﷺ، وآثار أصحابه على غيرها، ومذهبهُم في صفاته تعالى مذهبُ السلف: لا تشبيه ولا تعطيل {ليس كَمِثْلِهِ شيء وهو السَّمِيعُ البصير} [سورة الشورى:11]، هم أولئك الذين على مذهب أهل السنة والجماعة (السلف)، يمقُتُون المعتزلةَ والخوارجَ وكلَّ فرقةٍ ليست على مشرب السلف الصالح، ولا هَمَّ لعلمائهم إلا البحث في الأصول والفروع، ولا لعامتهم إلا السعي وراء الاكتساب والاتجار، وهم لا يأكلون لحم أخ بغيبة، ولا يمشون بنميمة، ولا تبدر على أسلات ألسنتهم([22]) بوادرُ القذف، ولا يسلمون لأنفسهم العنان فينهمكون في الفحش والموبقات، وهم ليسوا بثعالب رواغة يمكرون أو يخدعون، وهم أحرارٌ جادون في طلب العلم أينما حلوا، وحيثما وجدوا.
وإنك لا تراهم مرة لاعبين أو عابثين، وهم يفرون من البدع فرارهم من المجذوم، وبالجملة فماذا يقال عن إخلاص قوم عُرِفوا بالتمسك في الإسلام وهم في مقدمة كل طوائفه إيماناً وإيقاناً. ويرحم الله أحد الأفاضل حيث قال: “لو تجسم الإسلام بإنسان لكان أهل نجد رأسه”([23]).
هذا ما نعرف عنهم كما دلتنا عليهم مصنفاتهم التي ألفها أهل الرأي الراجح، والعلم الصحيح منهم، كما رأينا ذلك في غير واحد من التواريخ التي تبين سيرتهم أحسن تبيان، كتاريخ (الجبرتي) وغيره؛ وإذا لم تكن هذه الطائفة كما ذكرنا، فليأتنا المعاندون ببرهان من كتبهم يناقض ما نُسَطِّرُه هنا، أو فليدلوا بحجة ما، تخالف ما نقوله إن كانوا صادقين.
ليت شعري بما يجيب ذلك المعاند الذي يرميهم بأنواع الكفر والضلال، إذا قلتُ: بأنهم يقيمون الصلوات الخمس بأوقاتها، ويؤدون زكاة أموالهم بأنصبائها، وأنهم يصومون شهر رمضان، ويزورون البيت الحرام على الطريقة المأثورة ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً؟
ماذا يكون جوابي إذا رفعت عقيرتي قائلاً: إنهم فئة يكدون ويكدحون في جهاد هذه الحياة، ويفارقون الأهل والأوطان ابتغاء النفع والانتفاع، والكسب من الحلال، فيتجردون بالعقود المشروعة، ولا يتحيلون لشبهاتها، بل ولا يرضون أن يعيشوا عيشة الأذلاء الأنذال كلًّا على غيرهم([24]).
نحن نسأل ذلك الرجل الذي يرميهم بشبهة في دينهم: هل رأى واحدًا منهم في حانات الخمور ثملًا معربدًا، أو بين أذرع المومسات ضاحكاً مستبشرًا؟ أو هل يقدر أن يثبت أنهم أكلوا أموال الناس بالباطل، واختلسوا المدارس بأموالها وأوقافها.
ولقد عُلم قيامهم بشعائر الدين في حلهم وترحالهم، وتصلُبُهم في ذلك، والتورُع في معاملاتهم؛ كل من خبرهم، كما عرف ذلك منهم مُعَامِلُوهم من التجار في كل قطر ومصر.
بيد أنهُ انتُقِدَ عليهم مسائل اشتهرت، ويرى الجمهور فيها نظرًا، وقد كثرت عليهم الردود لأجلها، وربما كان في تلك الردود شِيَةٌ من الحق؛ ولكن على الباحث أن ينصف. والحق يقال: إن زعيمهم الشيخ محمد بن عبدالوهاب لم يأت بشيء من عنده، وإنما دعا إلى نصوصٍ ظفرَ بها وعثرَ عليها، وهي لمن تقدمهُ من الأئمة المشاهير ممن سبقوا على عصره بنحو ستمائة سنة([25]).
ولا ريب أن من تقدمه كانوا أئمة مجتهدين، عرفهم التاريخ، والمجتهدُ مأجور باتفاق علماء المذاهب على الاطلاق، ولا ينكر على إمام مجتهد على كل حال([26]).
وإنها لكلمة ذهبية فاه بها الإمام مالك قائلاً: ما منا إلا من ردَّ أو رُدَّ عليه، إلا صاحب هذا القبر([27]) (يعني النبي ﷺ)، والحق ضالة كل أحدٍ المنشودة تؤخذ من أي وعاء خرجت، وعن أي صدرٍ صدرت.
وما على الراد إلا أن ينبذ الهوى والعصبية، وأن يقف عند حدود آداب الجدل والمناظرة، وينظر في أقوال محاوره نظر المنصف الحكيم، وكما يجب أن يراجع الردود يجب عليه أن ينظر في ردود الردود، ليزداد بصيرة وعلماً وينجلي له الحق تمام الانجلاء.
ولئن كان يُؤْثَرُ عنهم تنطعٌ وغلوٌ في بعض المسائل([28]) فما من أحد إلا وعُدَّت عليه هفوات، ما خلا المعصومين.
والأصل الأصيل هو الاعتصام بأصول الإيمان، وقواعد الإيقان؛ وعلى فرض تنطعهم وغلوهم، فهم لم ينفردوا بذلك؛ إذ لم يخل مذهبٌ من متنطعين غالين، يرون ما هم عليه صواباً، وما لغيرهم خطأ، إلا أن كل متنطع في أي مذهب كان أول من يبرؤ منه المنصفون المعتدلون من أهل مذهبه، فاحرٍ بغيرهم.
ويكفي مريدَ الحقِ وطالبَ الإنصافِ في شأن الوهابية ما كتبه شيخ الفقهاء الحنفية بمصر المؤرخ الشهير الإمام الجبرتي([29]) ، فليتتبعه المنصف بدقة، وليتأمل ما يقضيه العقلاء، وما يحكم به المنصفون. وحرامٌ على من لم يراجع تاريخ الجبرتي في شأنهم أن يبهتهم رجمًا بالغيب؛ وهو مطبوع ومتداول، يمكن أن يستقرئ هذا البحث منه في نحو يوم، فليعمل الطالب همته، ولينزع عنه عصبيته؛ ليرى صدق ذلك الفاضل بقوله: “لو تجسم الإسلام بإنسان الخ…” ، ويعلم أن بعض الظن إثم.
ما كان الجبرتي وهابيًا ولا نجديًا ولا حنبليًا؛ وإنما كان حنفيًا، بل مفتي الحنفية في مصر في عهد المرحوم محمد علي باشا الذي حاربهم. ما منع الجبرتي وهو مفتي عاصمة مصر تدر عليه مرتبات محمد علي([30]) أن يتكلم بالحق في الوهابية، ومحمد علي يحاربهم، ما احتفظ عليه بذلك، ولا كاده، ولا أضمر له السوء، ولا رمته علماء الأزهر بالوهبنة، مع انتشار كتابه في أيديهم، والشغف بنسخه، وعدّ الظفر به من أعظم الكنوز العلمية التي تتزين بها المكاتب؛ لم ذلك يا ترى؟
لأن محمد علي عاقل حكيم منصف، محب للعلم والحقائق؛ لا يرى أن حربهم إلا لأمر سياسي، وهو الإستعمار([31]) ، وأن لا حرب في المسائل الدينية؛ ولأن العلماء في الأزهر؛ أئمة فضلاء، يذعنون للحق، وينقادون له، وهم يرون أمثال ما ينشره الجبرتي عنهم حقائق لا تشوبها شائبة، وهم ولا إيهام([32]) . وبعد.. فلسنا نقول ذلك تشيعًا لهم أو تحزباً؛ فإن ذلك من شأن المتعصبين الجامدين، بل دلالة على مكان المدح، وحذرًا من بخس الناس أشيائهم، واستبراء للدين من قذف البريء، وبهت المؤمن، وفي ذلك عبرة لقوم يذكرون.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)
([1]) راجع في ذلك كتاب «عهدي» تأليف الخديوي عباس حلمي، دار الشروق، ط: الأول، 1413هـ.
([2]) ناص، يَنُوص، أي: لجأ يلجأ، وترك ونهض، القاموس المحيط، ن و ص؛ 633.
([3]) جمع حِقبة، أي: زمن من الدهر؛ والأفصح: حُقُب، كما في القرآن {أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا} [سورة الكهف:60] وأحقاب، كما قال تعالى: {لَّابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا } [سورة النبأ:23].
([5]) الحشوية: هو من جنس السِّباب التي كان أصحاب المذاهب الكلامية يُطلقونها على مخالفيهم، متهمين إياهم بالتجسيم وتنحية العقل في قراءة النصوص، وليس الغزالي أول من أطلقه؛ بل أطلقه قبله عمرو بن عبيد [ت 144هـ]، كما ذكر ذلك شيخ الإسلام بن تيمية في منهاج السنة 2/520، وأطلقه بعده كثير من علماء الكلام على مخالفيهم. وربما أطلقه مخالفوهم عليهم؛ لكن الأول أغلب.
([6]) تأفق شهرتهم: أي: بلوغها الآفاق.
([7]) فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة، تأليف: أبي حامد الغزالي ص14 تحقيق: محمود بيجو، دار البيروتي، ط: الأولى 1413هـ.
([8]) الأخلاق والسِّيَر في مداواة النفوس، تأليف: أبي محمد بن حزم، تحقيق: طارق عبدالواحد علي، ص22، دار ابن الجوزي، ط: الثانية، 1438هـ
([9]) الكاتب لا يعني بالحشوية من كان يعنيهم عمرو بن عبيد والمعتزلة والجويني وغيرهم، بل يعني بهم من يَظلمون المصلحين بدعاوى كاذبة.
([10]) نثي: أي: خبر مذاع، من نثيت الخبر، إذا أذعته، القاموس المحيط: ن ث ي، ص1337.
([11]) رفتناه: أي: دققناه وكسرناه، القاموس المحيط ر ف ت، 125.
([12]) في المجلة: وإعطائه، وما أثبتناه هو الصواب؛ لأنه مرفوع معطوف على فاعل: تجدر.
([13]) في المجلة: ]نبأها]، والرسم الصحيح: ]نبؤها]؛ لأن الهمزة مضمومة مفتوح ما قبلها.
([14]) في المجلة: نبأ، وما أثبتناه هو الصواب؛ لأنه مرفوع، لكونه فاعل آل.
([15]) في الجريدة بضم الهمزة، والصحيح بكسرها، كما في القاموس المحيط، ككتاب، كل ما أحاط بالشيء، القاموس أ ط ر ص344، مؤسسة الرسالة، ط: الثامنة 1426هـ.
([16]) الأهرام والمقطم صحيفتان مصريتان تأسست الأولى سنة 1875م، وتأسست الأخرى سنة 1888م؛ ومن عجائب المكر الكبار تلقيب هاتين الصحيفتين بكونهما وهابيتين، مع أن كلتيهما أسسها بعض المثقفين العروبيين من نصارى لبنان، فالأولى أسسها الأخوان: بشارة وسليم تقلا، والأخرى أسسها: يعقوب صروف وفارس نمر وشاهين مكاريوس؛ ولا أعرف أين وجه الشبه بين هاتين الصحيفتين وبين دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب سوى رغبة المناوئ للدعوة القول بأن دعوة الشيخ قريبة من النصارى، والحق أن الصحيفتين في ذلك الحين كانتا تنشران مقالات مضادة للاستعمار الإنجليزي وللدولة العثمانية، فإن كان هذا هو الشبه، فتوصيفهما بالوهابية من الثناء عليهما وإن أراد المناوؤون ذم الدعوة السلفية وذمهما، وفي المجمل فتوصيف الدعوة الإسلامية السلفية بصحف أسسها نصارى قوميون هو من صنوف البغي الذي ووجهت بها الدعوة، والحمدلله.
([17]) حقاً إن الدعوة في ذلك الوقت كانت ذات أثر في كل من ناهض الاستعمار الإنجليزي أو الفرنسي أو الاستبداد الاتحادي وإن لم يكن سلفياً، فمنهم من تأثر بالحرية العقلية للسلفيين، ومنهم من تأثر بالسلفية في توحيد العبادة، ومنهم من تأثر بالسلفية في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومنهم من تأثر بها في نبذ التعلية؛ ومنهم من صار سلفياً في كل ذلك، والحمدلله.
([18]) في المجلة: [مسئلة[ والصواب ما أثبتناه.
([19]) القائمون على الوهابية، مرادُ الكاتب: الحاملين عليها، الساعين إلى تشويهها.
([20]) لعل الصواب: توهبوا وتوهبن؛ لأن أول الكلام يتحدث عن الرجال والنساء.
([21]) هذه مبالغة في غير محلها وهي مقتبسةٌ من قوله تعالى حاكياً عن المجرمين يوم القيامة قولهم: {وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا} [سورة الكهف:49]، أما التاريخ فكم ترك من أحوال الدنيا مالم يحصه، ولم يحط به علماً، وكم من مُصْلِحٍ ظلمه التاريخ، ومنْ مُفْسِد مجده التاريخ؛ ولهذا عظم الله تعالى أجر من ذب عن أخيه المسلم، كما قال ﷺ: «مَن ردَّ عَن عِرضِ أخيهِ ردَّ اللَّهُ عن وجهِهِ النَّارَ يومَ القيامةِ» سنن الترمذي، رقم: 1931.
ولعل هذا المقال مما ينفع الكاتب عند الله تعالى، ويكون من رده عن عرض إخوانه رحمه الله.
([22]) أسلات: جمع أسلة، وهي طرف اللسان، القاموس المحيط ص961، أ س ل.
([23]) هذا من الثناء البالغ، ولا شك أن أهل نجد في عصر الكاتب كانوا ألزم الناس للإسلام أصولًا وفروعًا، وأبعدهم عن البدع وسخافات المبتدعة، وأقرب إلى الإسلام العتيق الذي ترك رسول الله ﷺ الناس عليه، أما اليوم فقد انتشر فهم السلف في كل مكان، ولزمه خلائق من الناس في سائر البلاد، والحمدلله رب العالمين.
([24]) لعل الكاتب وهو دمشقي كان يرى كثيرًا التجار النجديين الذين يرتادون الشام، وكانوا يسمون «العقيلات»، وكانوا معروفين بالتقوى والجد والأمانة، ومنهم من نزل الشام، ولا زالت بعض ذريتهم هناك.
([25]) يعني ابن تيمية وابن القيم، ولا شك أن الشيخ محمد بن عبدالوهاب استفاد كثيرًا من الشيخين؛ لكن ما جاء به من نصوص التوحيد هي من الكتاب والسنة، ومن أقوال سلف الأمة من الصحابة والتابعين، كما يعي ذلك من قرأ كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد.
([26]) نعم، المجتهد مأجور باتفاق علماء المذاهب الأربعة والمحدثين؛ فيما يسوغ فيه الاجتهاد، وهو ما كان دليله ظنياً في دلالته، أي يحتمل معنيين فأكثر، كبعض آيات الكتاب، والسنة، والقياس، وغيره من الأدلة المأخوذة منهما؛ وليس في توحيد العبادة، وتوحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات، وأركان الإيمان والإسلام شيء من ذلك، ولهذا فإن الاجتهاد لا يسوغ فيها، وهذا ما نادى به شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله.
([27]) جامع بيان العلم وفضله (٢ / ٧٠)، طبعة مؤسسة الريان؛ ط: الأولى ١٤٢٤هـ؛ والكلمة مشهورة عن الإمام مالك، وقد قالها غيره، قبل مالك وبعده كابن عباس وعطاء وأحمد وغيرهم رضي الله عنهم ورحمهم.
([28]) لم يذكر الكاتب أمثلة لهذا التنطع والغلو، لا سيما وقد كتب مقالته سنة 1909م، والذي يظهر لي أنه أراد بذلك استقطاب المخالف؛ أو الاعتذار من بعض تصرفات جهال أتباع المذهب السلفي ممن لا يمثلون أهل العلم ولا عقلاء الناس ولا أوساطهم.
([29]) عبدالرحمن بن حسن الجبرتي، المؤرخ المصري الذي أنصف الدعوة السلفية في كتابه عجائب الآثار في التراجم والأخبار، والمعروف بتاريخ الجبرتي؛ وقد فقد بسبب موقفه حياة ابنه، ثم حياته عام 1240هـ رحمه الله رحمة واسعة.
([30]) كان الجبرتي حنفيًا؛ لكنه لم يكن مفتيًا للحنفية، ولم تدر عليه مرتبات محمد علي، بل كان من أهل اليسار رحمه الله، ولم يرضخ لبعض الإغراءات، ويُقال: إنه قتل؛ لأنه رفض تأليف كتاب في تمجيد محمد علي باشا.
([31]) كانت هذه الحرب لإرضاء الدولة العثمانية واستنزاف المال منها، وقد أرضت الدولة العثمانية بها المستعمر، وأرسل لهم المستعمر البريطاني تهنئة بهذا النصر على يد مبعوث شركة الهند بعد إسقاطه الدرعية في مذكراته، فلتراجع رحلة: عبر الجزيرة العربية، للكابتن فورستر سادلير، منشورات الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2013م.
([32]) للأسف أفتى بعض علماء الأزهر بأن أهل نجد خوارج، وأجاز قتالهم، ومنهم الصاوي صاحب الحاشية على تفسير الجلالين، حيث فسر قوله تعالى {أولئك حزب الشيطان} [سورة المجادلة:19] بأنهم الوهابية الخارجون في الحجاز، والله المستعان، ص78، دار إحياء التراث العربي.