التعرِيف بكِتَاب: (التفسير المادي للتاريخ في أحداث القرن الأول الهجري -دراسة نقدية-)
للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة
المعلومات الفنية للكتاب:
عنوان الكتاب: التفسير المادي للتاريخ في أحداث القرن الأول الهجري.. دراسة نقدية.
اسم المؤلف: د. خالد بن محمد الغيث، أستاذ التاريخ بكلية الشريعة بجامعة أم القرى.
دار الطباعة: مركز طروس للنشر والتوزيع، الكويت.
رقم الطبعة وتاريخها: الطَّبعة الأولَى، عام 1442هـ-2021م.
حجم الكتاب: يقع في غلاف وسط، وعدد صفحاته (95) صفحة.
مشكلة البحث وهدفه:
يعالج هذا البحث إشكالية حسن ظنِّ بعض الباحثين بنظرية التفسير المادي للتاريخ، واعتبارها نظرية علمية بحتة، ثم تنزيلها على السلف الصالح والرعيل الأول منهم خاصة وهم الصحابة ومن بعدهم ممن عاش في القرن الأول؛ فيولّد لنا تاريخًا معلولًا مليئًا بالأمراض والعقد المعنوية، وتاريخًا مشوّهًا في جوانبه الحسية.
ومن هنا يظهر أن هدف البحث هو: النقد والتقويم لمن أقحم التفسير المادي في دراسته لتاريخ القرن الأول والصحابة رضوان الله عليهم بحسن نية منه، وهو ما يبين لنا حدود البحث أيضًا ومنهجه حيث يتناول المنهج النقدي.
مميزات الكتاب:
يمتاز الكتاب بعدة أمور:
1- المناقشة الموضوعية للقضية التاريخية دون ميل أو جنوح ذات اليمين أو ذات الشمال.
2- النفَس الهادئ للمؤلف في كتابه، فلا يجرح ولا يعتدي، وإنما يعرض قول المخالف دون المساس به.
3- العناية بإيراد شبهة المناوئ بالنص وتوثيقه.
4- العناية بمناقشة الدعوى دون الولوغ في شخصية المدّعي أو حاله.
5- العناية ببيان الحق في كلّ قضية منتقَدَة، وتأصيل مذهب أهل السنة فيها، وإيراد النصوص التي اعتمدوا عليها.
6- الإيجاز في العرض مع قوة الطرح واستيفاء النقد حقّه وإنِ احتمل تأصيل الأصول والجذور الفلسفية للموضوع إشباعًا أكثر.
7- التحذير والنقد لقضية تشربت وتسربت إلى الكتابات التاريخية دون أن يحسّ بها أصحابها، خاصّة مع هيمنة الفكر الغربي وفلسفاته ومذاهبه.
خطة البحث:
أفصح الباحث في مقدمة كتابه عن تقسيمات بحثه، وأنها تنتظم في مقدمة وثلاثة مباحث وخاتمة:
المقدمة وفيها: إشكالية البحث، وهدفه، وحدوده، ومنهجه، وخطته.
المبحث الأول: وفيه إلماحة عن: ثمرات دراسة التاريخ، وذكر ثلاث عشرة ثمرة من ثمراته.
المبحث الثاني: وخصصه للحديث عن: مدرسة التفسير المادي للتاريخ، وقد جاء في شقين:
الشق الأول: جلّى فيه ظروف نشأة المدرسة المادية التاريخية الحديثة.
الشق الثاني: تأسيس المدرسة المادية التاريخية وأبرز أفكارها، وقد لخصها في نقاط نستعرض نحن عشرة منها:
- عدم إيمان المدرسة المادية بالقرآن والسنة ودور المشيئة الإلهية في حركة التاريخ.
- يزعمون أن الأخلاق مجرد حيل لتحقيق المآرب والمصالح المادية الاقتصادية.
- المؤمن بالمادية التاريخية أحد ثلاثة: جاهل بالمادية التاريخية، أو جاهل بالإسلام، أو جاهل بهما معا.
- يصمُون كل من يستدلون بالنصوص الشرعية في أعماله بأنه رجعي تقليديّ دوغمائي مؤدلَج؛ ترهيبًا لهم من حرمانهم من صكوك العقلانية والتقدمية!
- يتّهمون خصومهم بأنهم انتقائيون وهم في الحقيقة أول من يمارسه، حيث يتصيدون ما يناسب نظرتهم المادية الحادة في المصادر والمراجع، ويغفلون كلّ ما يمت للغيب بصلة.
- تزعم المدرسة المادية أن التاريخ يمرّ ولا بد بخمس حقب: الشيوعية الأولى، الرق، الإقطاع، الرأسمالية، ثم الشيوعية الثانية. وهذه الأخيرة هي الفردوس الأرضي! ولما يصلوا إليها!
- انتقاد المدرسة المادية ليس فقط من خصوم المدرسة، بل من رجال المدرسة نفسها، فقد بدت سوأتها للجميع.
- يحاولون إلغاء دور الفرد في قيادة المجتمعات ليزعموا أن الدهماء هم من يفعل ذلك؛ محاولة لتنحية الأنبياء وورثتهم عن المشهد المؤثر في التاريخ.
- يدندنون حول فكرة الحتميّة التاريخيّة ميلًا إلى تنحية القدرة والتدبير الإلهي.
- الفتوحات الإسلامية في القرن الأول كانت رحمةً بأهل البلاد المفتوحة بشهادة المستشرقين الذين سبروا طبيعة الحروب في التاريخ ودرسوا طبيعتها في فجر الإسلام.
المبحث الثالث: وأبرز فيه: نماذج من كتابات المدرسة المادية عن عصر الصحابة.
ومن أهم النقاط التي سبرها ونقدها خلال عرضه لهذه النماذج:
- تنحية الوحي (العقلية الغيبية كما يسمّيه الماديون) عن المشهد التاريخي الإسلامي ليحل محله النص السياسيّ!
- الحط من شأن المدونات التاريخية الإسلامية التراثية، وإعلاء شأن الكتابات المعاصرة وأن مثلها مثل الطب الشعبي والطب الحديث!
- ترسيخ منهج الشكّ في كل شيء وفي كل مصدر معرفي (تاريخي) وفي كل أستاذ يحدّثك عن التاريخ! يقول المؤلف: “أصحابه يدعون الناس للشك في أقوالهم ومناقشاتهم في كل صغيرة وكبيرة، لكن إذا حصلت المناقشة تلبَّدت الأجواء، ودخل سهيل في الجوزاء، ونعتوك بالرجعية العرجاء التي لا زالت تعيش على السرج والدلاء!”([1]). وهذا المنهج نجده يتسلط على نصوص الوحي ولم يسلم منه صحاح الأحاديث النبوية!
- ترك الترضّي عن الصحابة -رضوان الله عليهم- والتشجيع على التطاول عليهم والتترس أمام ذلك بالبحث العلمي المتجرد، وتشويه صورة بعضهم كابن الزبير رضي الله عنه.
- التحامل على الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك رحمه الله.
- الإعلاء من شأن شبكة المصالح الاقتصادية، وعزو جميع الأحداث التاريخية إليها.
- إنكار التآمر على قتل عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما، ودعوى أنها حادثة فردية!
- التباكي على الخوارج وإنكار الأحاديث الصحيحة الواردة في ذمهم!
- التشكيك في غاية الفتوحات الإسلامية ودعوى ماديتها!
- اتهام المسلمين بأنهم كانوا يستمرون في أخذ الجزية حتى ممن أسلم!
وفي نهاية هذا العرض نذكر أهم نتائج البحث، فمنها:
- أن الكنيسـة كانت في أوروبـا زمـن العصور الوسطى تحتكـر كل أنـواع المعرفـة، ومـن يتجـرأ ويفكـر خـارج إطـار الكنيسـة فـإنـه يعرّض نفسـه للتحقيق والمحاكـمـة التـي تـصـل إلى حـد الإعـدام أحيانـا.
- مع بدايـات عـصر النهضة في أوروبا وتمـرّد الـنـاس عـلى تـسـلـط الكنيسـة ظـهـر الإلحـاد كـردة فعـل نفسـية عـلى طـغـيـان الكنيسة، وكل مـا بيّنت لهـا مـن ديـن أو حديـث عـن الـغيـب.
- وسـط الظـروف السـابقة ولـدت المدرسـة المادية التاريخيـة الإلحادية كظاهـرة نفسية، وأصبـح موقفهـا مـن شـتـى أنـواع المعرفة موقفًا صارمًا.
- الوحـي هـو المنهـج التأصيلي والمصدر الأول للمعرفة، والذي مـن خـلالـه يـتـم الحـكـم عـلى شتـى أنـواع المعرفة، لكن إذا نحِّـي الوحي ونحِّي الغيـب بـاسـم التنوير والعالميـة فـإن الماديـة تصبح عنـد ذلـك صـنمًـا يـعبـد مـن دون الله.
- تعامُلُ المؤرخين الماديين مـع المصادر التاريخية مخالفٌ لقـاعـدة: (ثبت العـرش ثـم انـقـش) حيث إنه يبحث في المصـادر عمـا يـؤيـد الفـكـرة التي تبناهـا مسبقا، وهـي الدوافع الاقتصادية وشبكات المصالح، ثـم يصطادهــا ويقيّدهـا، ويبنـي عليهـا تحليلــه دون تثبـتٍ مـن صحتهـا، وهـذا هـو التفسير الرغبـوي بعينـه.
- الغـزو الفكـري عـلى الأمـة أشـد خطورة مـن الغـزو المـادي العسكري؛ لأنـه يتسلل إلى الأمـة بـدون صـخـب أو ضجيج، وهو مـا يعـرف بالقـوة الناعمة العابرة للحـدود، وهـذا مـا يستدعي التعامل مع مخرجات الثقافة الغربيـة بعقليـة نقـديـة نابعـة مـن كـونه هـو المصـدر الأول للمعرفة.
- دعـوة التعامـل مـع المعرفـة عـلى أنهـا مـنـتـج إنسـاني مشـترك ومحايـد دعـوة مضللـة تختفي خلفهـا العـديـد مـن الفلسـفات المادية الإلحاديـة القادمـة مـن الـغـرب والشرق.
- النظريات المادية الغربية تنطلـق مـن كـون الـغـرب هـو مصدر المعرفة ومركزهـا، وأن ثقافتـه هـي المنهـج التأصيـلـي الـذي ينبغـي الاحتكام والرجـوع إليهـا في تقييـم شـتـى أنـواع المعرفة؛ وهـذه نظـرة مترعة بالغطرسة والنظـر بدونيـة للآخريـن.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)