ترجمة الشيخ يحيى ابن الشيخ عثمان بن الحسين عظيم آبادي المكي المدرس
للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة
اسمه ونسبه ونِسبته وكنيته ولقبه:
هو يحيى ابن الشيخ عثمان بن الحسين عظيم آبَادِي المكي أبو زكريا المُدَرِّس.
والآبادي: نسبة إلى مدينة عظيم آباد، وهي مدينة هندية كبيرة، وتعرف الآن باسم (بتنا) أو (بتنه – Patna)([2]).
والمُدَرِّس: لقبٌ للشيخ؛ لكثرة تدريسه، فقد درّس بجوار بيت الله الحرام أكثر من ستة عقود، وكان والده أيضا مدرّسًا في المسجد الحرام ويُلقَّب بالمُدَرِّس كذلك.
مولده:
ولد الشيخ رحمه الله في مكة المكرمة وتحديدًا في حي أجياد الذي كان يسمى (محلة أجياد) حيث كان بيتهم، وذلك في اليوم الخامس -وقيل: الخامس والعشرين- من شهر شعبان عام أربع وخمسين وثلاثمائة وألف للهجرة.
نشأته العلمية:
امتن الله عليه بأن نشأ في بيت علم وفضل وتقى؛ فقد كان والده من أهل العلم والفضل، ومن شدة اشتهاره بالتدريس لقِّب بالمُدَرِّس، وقد تعيَّن مدرسا بالمسجد الحرام منذ عام 1349هـ، وهو من تلاميذ العلامة السيد نذير حسين الحسيني الدهلوي، يقول الشيخ يحيى عن والده رحمهما الله: “كان والدي يدرس باللغة العربية، وهو سلفي العقيدة على مذهب أهل الحديث”([3]).
ومن هنا شقَّ طريقه للعلم، حيث بدأت نشأته العلمية على يد والده، فعليه تأدَّب ومن منهله نهل وعلى يديه حفظ القرآن الكريم، يقول الشيخ: “حفّظني الوالد رحمه الله القرآن العظيم جزاه الله خيرًا، ثم أدخلني الوالد رحمه الله مدرسة دار الحديث الخيرية بمكة المكرمة”([4]).
لقد ظفر الشيخ رحمه الله بأمر قلَّ أن يحصل في زماننا هذا وهو ملازمة العلماء؛ حيث لازم والدَه وتفقّه عليه، وكان أكثر تأثره واستفادته منه، وفي ذلك يقول رحمه الله: “أدّبني ورباني تربية صالحة انتفعت بها -جزاه الله خيرًا-، ولما بلغت سبعة عشر عامًا أخذني وأدخلني دار الحديث”([5]).
والسر فيما ختم به الشيخ ثناءه على والده وأكّد عليه أنه هو محلّ نبوغه وأساس نشأته العلمية؛ حيث كان تأسيسه العلمي في دار الحديث الخيرية بعد والده رحمه الله، فبدأ يسير في طريق طلب العلم ومعه محابره وقماطره يَثني الركب عند مشايخ الدار، فهناك تعلم العلوم ودرس أغلب الكتب والمراجع التأصيلية من تفسير للقرآن وعناية بالأحاديث ومصطلحها وشروحها ودراسة لفقهها، إلى جانب المراجع التأصيلية في العقيدة، حتى تخرج بها عام 1375هـ([6]).
ومن لطيف ما يذكر أن الشيخ يحيى رحمه الله بدأ التدريس ولما ينتهي من الدراسة، فقد كان يدرّس أقرانه وزملاءَه بعد أن ينتهي من دراسته على المشايخ في الدار، وذلك عام 1371هـ، ولما سئل عن ذلك تواضع وقال رحمه الله: “ما ندرسه في الدار كنت أدرّسه لزملائي مدارَسةً، لم يكن تدريسًا بل كان مدارسةً”([7]).
وقد قرأ القرآن مجوّدًا على الشيخ أبو السمح عبد المهيمن محمد نور في حلقته في المسجد الحرام، ودرس عليه التجويد أيضًا([8])، يقول الشيخ يحيى: “ودرست على الشيخ عبد المهيمن أبو السمح -إمام المسجد الحرام- القرآن العظيم غيبًا”([9]).
ويقول تلميذه الشيخ عبد الرب فيض المدرس بدار الحديث الخيرية: “كان الشيخ حافظًا للقرآن، وقد سبقني في حلقة الشيخ عبد المهيمن بلا شكّ، وهو قد قرأ على الشيخ حفظًا بإتقان وتجويد للأداء، وكنت أقرأ عليه ويستمع إلي ويردني في أخطائي”([10]).
أبرز شيوخه:
من أبرز العلماء الذين قرأ عليهم:
١- والده الشيخ العلامة أبو عبد الله عثمان بن الحسين عظيم آبادي المدرس (1294هـ-1375هـ).
٢- الشيخ العلامة سليمان بن عبد الرحمن الحمدان (1322هـ-1397هـ).
٣- الشيخ العلامة أبو محمد عبد الحق بن عبد الواحد بن محمد الهاشمي (1302هـ-1392هـ)، وقرأ عليه شيئًا من صحيح البخاري وسنن أبي داود([11])، وعنه يقول الشيخ يحيى رحمهما الله: “درست عليه في دار الحديث، وتأثرت بطريقته في الحديث، وأجازني بالرواية”([12])، وكان شيخه عبد الحق يثني عليه كثيرًا ويلقبه بـ: “الطالب المجتهد الصالح”([13]).
٤- العلامة أبو السمح عبد المهيمن محمد نور الفقيه المصري إمام وخطيب المسجد الحرام (1307هـ-1399هـ).
٥- الشيخ العلامة أبو الحسن عبيد الله بن عبد السلام الرحماني المباركفوري (1327هـ-1414ه)، وهو من علماء الهند وصاحب كتاب (مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح)، وقد التقى به الشيخ يحيى في زيارته للحج عام 1383هـ واستجازه فأجازه رحمهما الله.
٦- الشيخ العلامة محمد بن عبد الرزاق بن حمزة بن تقي الدين المصري إمام الحرمين (1308هـ-1392هـ)، وقرأ عليه الشيخ شيئًا من صحيح البخاري وسنن أبي داود([14]).
٧- الشيخ العلامة محمد عبد الله نور إلهي الهندي المدرس بدار الحديث والمسجد الحرام (1310هـ تقريبًا-1400هـ)، وقد درس عليه الشيخ يحيى في دار الحديث الخيرية وفي المسجد الحرام، وتأثر به كثيرًا، خاصة فيما يتعلق بالعقيدة والتوحيد والدعوة إلى لزوم منهج السلف، ويقول عنه: “كان قويًّا في التوحيد”([15]).
٨- الشيخ العلامة محمد بن عبد الله بن أحمد الأغاديني الصومالي (1335هـ تقريبًا-1420هـ)، وقد درس عليه الشيخ يحيى في المسجد الحرام وفي دار الحديث الخيرية أيضا، وقد درس عليه صحيح مسلم والآجرومية والبيقونية([16]).
٩ – الشيخ محمد بن عمر بن عبد الهادي الشايقي السوداني (1321هـ-1416هـ)، وقد قرأ عليه الشيخ يحيى شيئًا من صحيح البخاري وتفسير الجلالين، وعن تتلمذه عليه يقول: “كان رجلًا زاهدًا فاضلًا محسنًا إلى طلبة العلم ومربّيًا حليمًا… ودرست عليه تفسير الجلالين وغيره”([17]).
10- الشيخ ناجي بن محمد بن سيف المخلافي (1343هـ-1415هـ)، وقد درس عليه الشيخ صحيح مسلم كما درس عليه التحفة السنية شرح الآجرومية، ويقول عنه الشيخ يحيى: “وكان رجلًا سلفيًّا، عقيدته حسنة، ذا أخلاق عالية متواضعًا”([18]).
11، 12- الشيخان إبراهيم الخلوصي، وعارف خوجه، وقد درس عليهما الشيخ في كتَّاب الحرم وتعلم منهما الخط العربي والإملاء والحساب.
جهوده:
سيرة الشيخ يحيى سيرة مباركة حافلة بالإنجازات العظيمة والجهود الجليلة التي سطّرها في حياته، وإن تعجب فعجبٌ ما كان من أمر الشيخ من تدريسه لطلبة العلم من أقرانه في فترة دراسته في دار الحديث كما ذكرنا سابقًا، وتلك كانت باكورة جهوده العلمية التي لا تكاد تعرف اليوم لما رزقه الله من ثمار وجهود تلته، ومن أهمها:
1.تدريسه بالمسجد الحرام:
الشيخ يحيى رحمه الله كان شامة في جبين الحرم المكي، ودرة من درر أهل العلم فيه، وركنًا من أركانه، فقد عرفت جدران المسجد الحرام وأعمدته وأروقته جَلَده وصبره على التدريس فيه، ولا يكاد يدخل الداخل بين العشاءين للرواق العثماني من المسجد الحرام من جهة باب العمرة وباب المدينة إلا ويسمع صوته وهو يفسر آية أو يشرح حديثًا أو يدعو إلى فضيلة وينهى عن رذيلة، مكث على ذلك قريبًا من (68) سنة؛ حيث تصدر للتدريس فيه منذ عام 1372هـ حتى عام 1440هـ تقريبًا([19]).
وكان أول موضع درس فيه هو حصوة باب الصفا، ثم انتقل إلى حصوة باب علي، ثم انتقل إلى حصوة باب الزيادة، حتى كان آخر موضع له في الرواق العثماني بين باب المدينة وباب العمرة.
يقول عنه الشيخ صالح بن عبد الله بن حميد: “وللشيخ نشاط عجيب وجهد طيب مبارك من حيث الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وحلقاته في المسجد الحرام معروفة مستمرة منذ عرفت نفسي طالبًا وحلقته قائمة لا تنقطع صيفًا ولا شتاءً، في المواسم وفي غيرها… وله صوت نديّ شجيّ مبارك، كانت حلقته مما يلي باب السلام، يسمع درسه الطائفون من غير مكبّر الصوت، ثم انتقلت حلقته إلى ما يلي باب العمرة، ولما كثر طلابه جدًّا جاؤوا بمكبر الصوت”([20]).
ويصف تلميذه الشيخ محمد عمر بازمول درسه فيقول: “يلقي الدرس بتؤدة دون توسّع في القول أو تشقيق للكلام، يهتمّ بتقرير ما بين يديـه فيقرأ بنفسه، ثم يقرر معانيه بكلام مختصر، ويفسر أحيانا أثناء القراءة الألفاظ الغريبة”([21]).
ويقول عنه الشيخ منصور النقيب: “والشيخ جهوري الصوت، واضح العبارة، مواظب على التدريس بين العشاءين، وله نشاط عجيب في التدريس، تخرّج على يديه كثير من طلاب العلم والوافدين على المسجد الحرام”([22]).
والشيخ يعتبر ركنًا من أركان الحرم المكي لا يفارقه؛ فلا يكاد الشيخ يفارق كرسيه إلا لأداء مناسك الحج أو لراحته الأسبوعية يوم الخميس أو إجازته السنوية المعتادة، وذات مرة قطعه عن الدرس إصابته بجلطة أقعدته في المستشفى، وحاول مع الأطباء للسماح له بالذهاب للدرس ولكن منعوه من ذلك؛ ولم يكد الشيخ يخرج من المستشفى حتى عاد إلى الدرس في بضع أيام، وكان يقرأ بنفسه في درسه ويشرح ويرجّح، يقول تلميذه الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الحاج التمبكتي: “فقدنا بفقده قدوة قلَّ نظيرها، وإمامًا في أبواب لم نر مثله فيها، وباختصار فقد كان بقية السلف بحق”([23]).
وقد درس كتبًا عديدة، منها: فتح المجيد في شرح كتاب التوحيد، والتدمرية، والحموية، والواسطية، هذا في العقيدة، وأما الحديث: فقد درس الصحيحين، وسنن أبي داود، وسنن الترمذي، ونزهة النظر، والبيقونية، وفي التفسير: تفسير ابن كثير، وفي الفقه: السلسبيل.
2. تدريسه بدار الحديث الخيرية:
يكاد يكون الدرس العلميّ تاجًا مرصَّعًا بالجواهر في حياته، فكما أن الله أكرمه بطول الزمان الذي درس فيه أكرمه بكثرة الأماكن التي درس فيها، فبالإضافة إلى تدريسه في المسجد الحرام درَّس الشيخ في دار الحديث الخيرية قريبًا من (14) عامًا؛ حيث بدأ التدريس فيه منذ عام 1376هـ حتى عام 1390هـ.
وعن تدريسه في الدار يقول تلميذه الشيخ عبد الله الحاج التمبكتي: “الشيخ يحيى منذ عرفناه رجل خير، تعلمنـا عليـه، وقد درسنا عليه التوحيد والتفسير من عام ١٣٧٩هـ ١٣٨٢هـ في دار الحديث، وكنت أحضـر دروسه في الحرم، وهو معروف بالتقوى والصلاح وحب الخير للناس، متواضع، وكل ما يقـال فـيـه من مدح وثناء فهو في بابه”([24]).
وعن تدريسه في الدار يقول تلميذه الشيخ عبد الرب فيض المدرس بدار الحديث الخيرية: “شيخنا الشيخ يحيى بن عثمان المدرس كان مثالًا في التعامل مع التلاميذ، حتى إن تلاميذه يشعرون وكأنه والدهم من شدة عطفه وتلطفه في الكلام وتسهيله ما لم يفهموه وشرحه وإجابته عن كل ما يُسأل عنه، ومعاونته لهم، وتذليله الصعاب، وحسن تعامله معهم، وهذا ما وجدناه منه حين كنا ندرس عليه في دار الحديث الخيرية في القسم المتوسط”([25])
3.تدريسه بمعهد الحرم المكي الشريف:
في عام 1390هـ استدعاه الشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله للتدريس في معهد الحرم المكي الشريف، فانتقل إليه تتميمًا لحاجة المعهد ورغبة الشيخ، وقد درّس رحمه الله في معهد الحرم المكي (37) سنة؛ حيث بدأ التدريس فيه منذ عام 1391هـ حتى عام 1428هـ([26]).
وعن جهوده في معهد الحرم المكي يقول الشيخ صالح بن محمد المقوشي مدير المعهد آنذاك رحمه الله: “فضيلة الشيخ يحيى بن عثمان شيخ المشايخ في معهد الحرم المكي، ومدرس الحديث والمصطلح والتوحيد في معهد الحرم المكي منذ سنين، وهو الآن يدرس العقيدة التدمرية والحموية في المعهد، ومرجع المدرسين في المعهـد، وشيخ المقابلات الشخصية عند طلب تعيين أي مـدرس في المعهـد، فـهـو أهـل لذلك وفوق ذلك”([27]).
ويقول تلميذه الشيخ عبد الرحمن شميلة الأهدل: “فكانت مسيرته الدعوية في جوف الحرم المكي روضة غناء من رياض العلـم، تتضاحك أزاهير المعارف بين جنباتها، وتتناغم مطوقات الفوائد على أغصانها؛ ألم ينفق أنفس أوقاته وغض شبابه وجل عمره في التعليـم والوعظ والإرشاد والإفتاء؟! فكم حائر اختلط عليه الأمر فهداه بأنوار التنزيل إلى المحجة البيضاء! وكـم جـاهل أعمى بصَّـره بالسنة وأرشده لنهج خير الأمة صلى الله عليه وسلم!… إن مجالسه المكية حافلة بالعطاء محشوة بالفضائل، ودروسه الليلية والنهارية معطرة بأريج الإيمان مصطبغة بصبغة الإحسان، كيف لا والشيخ تجري نصوص الصدرين النيرين على لسانه، ويتحدد الحق في شرحه وتبيانه، وينهل الطلبة من منهله الروي؟! وقد استفاد من دروسـه القـاصي والداني”([28]).
4.إمامته بالمسجد الحرام:
تولى الشيخ رحمه الله إمامة المصلين بالمسجد الحرام قريبًا من شهرين بالنيابة عن شيخه الشيخ أبو السمح عبد المهيمن الذي تعلم عليه القرآن، ففي عام 1381هـ أو 1382هـ مرض الشيخ أبو السمح، فطلب منه إمامة المصلين في المسجد الحرام في صلاتي الفجر والعشاء، وقد استمر ذلك قرابة شهرين.
5.الإفتاء والتوجيه والإرشاد بالمسجد الحرام:
كان الشيخ رحمه الله إلى جانب تدريسه في المسجد الحرام يبذل وقته ويجيب السائلين ويفتي المستفتين من رواد المسجد الحرام؛ فبعد أن تقاعد وترك التدريس في المعهد صباحًا عام 1428هـ كان يستغلّ وقته في فترة الصباح في إفادة السائلين وإجابة المستفتين من رواد الحرم المكي، وقد استمر في التوجيه والإرشاد قريبًا من عشرين سنة، وفي ذلك يقول الشيخ الدكتور يوسف الوابل: “الشيخ يحيى المدرّس هو أحد العلماء الراسخين، وقد بذل نفسه للتعليم صباحا ومساء، وشارك في الإرشاد والإفتاء في المسجد الحرام، مع زهـد وورع وتواضع وحسن سمت، وهو يدرس العقيدة الصافيـة عقيـدة أهـل السنة والجماعـة مـن كـتـب السلف الصالح، وله معرفة بعلم الحديث والمصطلح، وغيره من العلوم كالتفسير، وقد استفاد مـن دروسه كثير من طلبة العلم، وتخرج على يديه جملة منهم، وهو حريص على نشر العلـم وبذل النصيحة”([29]).
6.وعظه ونصحه للناس في مسجد الخيف بمنى ومسجد المشعر الحرام بمزدلفة:
ومن جهوده التي تذكر رحمه الله أنه كان يعظ الحجاج وينصحهم ويوجّههم إلى السُّنة في مسجد الخيف بمشعر منى، وفي مسجد المشعر الحرام بمزدلفة عام 1380هـ وما بعده.
7.زيارته الدعوية لأهل جازان:
كلفه رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ عبد الملك بن إبراهيم آل الشيخ بزيارة جيزان للدعوة والإرشاد، فسافر الشيخ إلى جازان للدعوة، وكان معه في سفره الشيخ حمود بن إبراهيم الشويعر، ويذكر أنهم التقوا هناك بالشيخ عبد الله القرعاوي، وكان الشيخ يحيى يثني عليه وعلى جهوده وافتتاحه لحلق العلم ومدارس التحفيظ هناك([30]).
وبالإضافة إلى كل ذلك كان الشيخ يعقد الأنكحة، وعرف بتتبعه السنة في ذلك، وقراءته خطبة الحاجة في فاتحته.
8.تعيينه واعظًا بسجن مكة المكرمة:
عين الشيخ رحمه الله واعظًا بسجن مكة المكرمة من قبل سماحة رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ عبد الملك بن إبراهيم آل الشيخ آنذاك، ولم يستمرّ الشيخ في ذلك، واعتذر عام 1377هـ بسبب انشغاله بالتدريس([31]).
9.إمامته لأحد مساجد مكة:
عيّن الشيخ رحمه الله إمامًا بأحد مساجد مكة من قِبَل سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن حسن آل الشيخ رحمه الله إمام وخطيب المسجد الحرام، وذلك عام 1375هـ، ولم يستمرّ الشيخ في ذلك، واعتذر عام 1385هـ بسبب انشغاله بالتدريس([32]).
أبرز تلاميذه:
لقد رزق الله سبحانه وتعالى الشيخ يحيى جلَدًا في التدريس، وبارك له فيه، فطال زمنه فيه وتعدّدت أماكنه، ومن هنا فإن طلاب الشيخ لا يكادون يحصون، يقول تلميذه أحمد عمر بازمول ولما يكمل الشيخ خمسين سنة في التدريس: “ولا بُعدَ بَعدَ ذلك أن يكون طلاب الشيخ بلا حصر من أهل هذه الديار ومن خارجها، سواء من العرب والعجم”([33])، فماذا عسانا أن نقول وقد درَّس الشيخ بعد هذا الكلام عشرين سنة، ودرس عليه من بعدِ تلاميذه تلاميذ تلاميذ تلاميذه، فقد متَّع الله ناظريه برؤيته أحفاد تلاميذه في العلم، ومن هنا فإننا نقتصر على ذكر أقدم من عرف من تلاميذه فمنهم:
- الشيخ عبد الله بن الحاج بن محمد بن مختار بن محمد المنير بن الحاج عمر الهاشمي السوقي التمبكتي
- الشيخ منصور بن ناصر الدعجاني العتيبي.
- الشيخ مقبل الوادعي.
- الشيخ أحمد بن عبد الله بن أحمد الرقيبة العتيبي.
- الشيخ رويبح بن رابح بن رزيقان السلمي.
- الشيخ سيّد أحمد بن الإمام بن أحمد الجكني الشنقيطي.
- الشيخ علي السنوسي أحمد نوح ناصر.
- الشيخ محمد بن عمر بازمول.
- الشيخ عمر بن محمد السبيل إمام المسجد الحرام رحمه الله.
وقد عرف الشيخ بمعاونته لطلاب العلم بكلّ ما يقدر عليه، وتذليله الصعاب التي تواجههم، وكان يهتمّ بتسهيل الغامض وحلّ المشكل وتقريب العبارة وضرب الأمثال وإعادة تقرير الفكرة بأكثر من أسلوب.
وعن عموم نفعه للطلبة يقول تلميذه محمود بن محمد كمال العروسي: “إنه شيخي وشيخ والدي حفظه الله وشيخ جدّي (عمّ والدي) رحمه الله وشيخ أخويَّ، بل لا أبالغ لو قلت: إن أكثر الأفارقة أخذوا العقيدة والتوحيد منه خلال السبعين سنة الماضية على منهج السلف الصالح، فانتفعوا به، فنفع الله بهم في بلدانهم، وأعرف كثيرًا منهم ممن يذكر استفادته منه”([34]).
وعن تلطفه مع طلبة العلم يقول: “كان يلخّص لنا المادة تلخيصا رائعًا، يفهمه الأطفال والصغار قبل الكبار، وعندما نقول له: هذه المعلومات غير موجودة في الكتاب، يقول: اجمع وألّف وصنف وقل: قال المؤلف. ويبتسم ابتسامته الجميلة”([35]).
ويقول تلميذه حسن إسحاق أحمد عبد الرحمن التشادي: “وكان شرحه للدروس سهلًا ميسرًا وماءً عذبًا سائغًا للشاربين، ومن صور قربه لتلاميذه أن وضع مذكرة يسهل فيها أسئلة الاختبار، وكان كلما قرب الاختبار وساعة المراجعة يقرأ ويملي علينا منها، وصفحاتها قرابة المائة، واستمر في ذلك ولكن هذا لا يستطيع أن يتحمّله إلا طالب العلم الجاد، ففي أحد الأيام اقترح عليه أحد الزملاء بأن نحفظ من المذكرة مباشرة من غير إملاء، فقال الشيخ: يا ابني، هذا التكرار ينسخ في ذهنك، ومفيد لكم. وهذه صورة واحدة من تلك الصور والسمات الجميلة”([36]).
مصنفاته:
لم يصنف الشيخ كتابًا، وإنما آثر أن ينشغل بما حُبّب إليه وفتح الله فيه عليه وهو التدريس، وكان يقول: “حُبِّب إليَّ التدريس”([37]).
نصرته للتوحيد وحرصه على السنة:
عرف الشيخ رحمه الله بتقفّيه أثر المصطفى عليه الصلاة والسلام في كل حركاته وسكناته وبشدّته على البدع وأهلها، يقول عنه تلميذه الشيخ عبد الرحمن بن شميلة الأهدل: “أثريّ المشرب، سلفي المنزع، يتقفى السنة ويتروّى من مناهل الأبرار رافعـًا لـواء التوحيد؛ لأنـه قـاعدة النجاة وأسّ الفوز، سالكًا مهيع أولي الاستقامة، شديد العارضة على البدع ومنتحليها، فطالما سدّد إلى تلك البدع سهام الشرع من كنانة الحقّ، ومحا ديجور ظلامها بنور السنة”([38]).
ويقول تلميذه الشيخ محمد عمر بازمول: “ومنذ عرفته ١٣٩٤هـ ١٣٩٨هـ تقريبًا يقرر كـلام أهـل العلـم في التوحيد ومسائله، والأسماء والصفات وما يتعلّق بها، وغير ذلك من مسائل العقيـدة على منهج السلف الصالح أهـل الحديث، بعيدًا عـن كـلام الصوفية وشطحاتهم، وبعيدا عـن كـلام أهـل البـدع وخرافاتهم، ولم أكـن أعرف في ذاك الوقـت أحـدا غـيره يشـرح كتاب فتح المجيد ومسائل التوحيد المسجد الحرام”([39]).
ويقول فيه الشيخ وصي الله محمد عباس: “فضيلة الشيخ يحيى بن عثمان المدرس أحـد علماء مكة الأفاضل، عالم عامل بعلمه، سلفي عقيدةً وعملًا، عابد زاهـد عـدل ثقـة صـالح وقور، ترك للغو وما لا يعنيه، صاحب سمت حسن، بذ في هيئته، يزينها الصمت والذكر، فإذا تكلم تكلم بعلم، حريص على نشر العقيدة السلفية والسنة، وقد رافقته سنين عددًا، تولانا الله جميعًا بلطفه”([40]).
ويقول تلميذه حسن إسحاق أحمد عبد الرحمن التشادي: “ودروسه في صحيح مسلم وكتب الواسطية وأخواتها كان معها الصولات والجولات والرد على الشبهات، وهو يحيى وقد أحيا في قلوبنا حبّ العقيدة وحب التوحيد، ولا عنه أبدًا يحيد، وردوده على الفلاسفة والزائغين عن الحق لا تقطعها أو تفصلها أعتى الرياح أو الفتن، وكان عصيّا على الفرق الضالة، ومستدلّا ومستشهدا ببراهين القرآن الساطعة وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم الواضحة والبينة وأقوال علماء السلف”([41]).
وسئل الشيخ رحمه الله عن التسمّي بالسلفية فقال: “هذه التسمية لم تعرف في القرون الأولى، لكن لما ظهرت البدع وأهلهـا المدّعـون التمسّك بالكتاب والسنة تميّزنا عنهم بالنسبة إلى السلف ومنهجهم فقلنا: سلفية. قال السمعاني: السَّلفي -بفتح السين واللام وفي آخرهـا الفـاء- هذه النسبة إلى السلف وانتحال مذهبهم. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: لا عيب علـى مـن أظهـر مذهـب السلف وانتسب إليـه واعتزى إليه، بل يجب قبول ذلك منه بالاتفاق فإن مذهب السلف لا يكون إلا حقًّا. وقال الذهبي: السلفي هو من كان على مذهب السلف”([42]).
وسئل الشيخ عمن يهوّن من شأن كتب المبتدعة ويقول: لا يخلو كتاب من فائدة، فأجاب رحمه الله: “هذه المقولة ليست على عمومها، فإذا كان القارئ متمكنًا مـن العقيدة والعلـم فلا بأس. أما المبتدئ فلا يقدِم على قراءتها ككتب أهل المنطق والصوفية والمبتدعة والمخرفين کدحلان، والكتب المحتوية على الإسرائيليات كبدائع الزهور وتنبيه الغافلين للسمرقندي. قال البرذعي: شهدت أبا زرعة سئل عن الحارث المحاسبي وكتبه، فقال للسائل: إياك وهذه الكتب؛ هذه كتب بدع وضلالات، عليك بالأثر؛ فإنك تجد فيه ما يغني عن هذه الكتب. قيل له: في هذه الكتب عبرة؟ قال: من لم يكن له في كتاب الله عبرة فليس له في هذه الكتب عبرة، بلغكـم أن مـالك بـن أنـس وسفيان الثوري والأوزاعي والأئمة المتقدمين صنّفـوا هـذه الكتب في الخطـرات والوساوس وهذه الأشياء؟! هؤلاء قوم خالفوا أهل العلم، فأتونا مرة بالحارث المحاسبي، ومـرة بعبـد الرحيم الدبيلـي، ومرة بحاتم الأصم، ومرة بشقيق البلخي! ثم قال: ما أسرع الناس إلى البدع!”([43]).
عبادته وأخلاقه:
كان الشيخ رحمه الله كالمتجوّل في حديقة غناء، يقطف من الأخلاق أزكاها، وينتقي من بساتين الفضائل أعطرها، فقد عرف الشيخ رحمه الله بنُبل أخلاقه وحُسن سمته وكَرم شيمه، فكان العابد الزاهد المتواضع الذي تعدّ كلماته، شريف النسب والنفس، وكان يصل الليل والنهار في عبادة الله وطاعته سبحانه وتعالى وامتثال أوامره واجتناب نواهيه وأعمال الخير والبر، وكان مثالًا في العبادة والأخلاق كما يذكر تلميذه الشيخ عبد الرب فيض المدرس بدار الحديث الخيرية([44]).
وأبرز ما في ذلك عنايته بتلاوة القرآن، يقول ابنه زكريا: “كان الشيخ الوالد وثيق الصلة بالقرآن الكريم، فكان يتلوه آناء الليل وأطراف النهار”([45]).
وكان رحمه الله وقافًا عند أوامر الله منتهيًا عند نواهيه، ويذكر الشيخ عبد الرحمن الأهدل أنه كان ذا تواضع جم وعناق للإحسان وبذل للمعروف وبعد عمَّا لا يعني ووقوف عنـد حدود الله([46]).
وكان رحمه الله قليل الكلام كثير الذكر لله سبحانه وتعالى، يقوله ابنه زكريا: “كان لسان الشيخ الوالد دائما ما يلهج بذكره، ومما حفظناه عنه من كثرة ترديده قوله: “سبحانك يا الله ما ذكرناك حق ذكرك، سبحانك يا الله ما عبدناك حق عبادتك، سبحانك يا الله ما شكرناك حق شكرك، سبحانك يا الله ما قدرناك حق قدرك”([47])، وكان يكثر من قول: “الله يثبتنا وإياك على الإيمان وعلى هدي السلف الصالح”([48]).
وقد حرص الشيخ رحمه الله على المتابعة بين الحج والعمرة، فلم يؤثر عنه أنه ترك الحج حتى في فترة مرضه وملازمته للكرسي، فكان يحج وهو مقعَد عليه، يقول ابنه زكريا: “كان الشيخ الوالد رحمه الله حريصًا على الحج، ولم يتوقف حج الشيخ إلا منذ سنتين [1441هـ] قبل وفاته رحمه الله، وكان يحج في آخر عمره وهو على كرسي متحرك”([49]).
ولئن كان الله قد مدَّ عمر الشيخ في الدَّرس العلمي فقد كان سمته ودلُّه وخلقه طوال حياته درسًا عمليًّا مسطَّرًا في حياته، يكاد يحفظه كلُّ من رآه، ولا يغيب عن ناظري من حضر له وجالسه؛ فقد كان رحمه الله مدركًا كل الإدراك للتلازم بين العلم والعمل في الإسلام، حريصًا على العمل بما تعلَّم ويعلِّم، موقنًا ومقتديًا بما قالته عائشة عن نبينا صلى الله عليه وسلم: «فإن خلق نبي الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن»([50])، ومثل ذلك يمكنني القول بأن الشيخ كان مربِّيًا ترجم القرآن إلى واقع حيّ، يكاد يجزم كل من عاش معه أنه قرآن يمشي على الأرض، ذو منزلة رفيعة في الخلق والسمت، سواء في تواضعه أو في عفوه وصفحه أو في تركه ما لا يعنيه أو لا يفيده أو في كرمه وعطائه.
فأما عن لينه وهشاشته وبشاشته وسلامة صدره فهو ما عرفه به زملاؤه في العمل ومن عاشره الأيام والليالي، وأثنى عليه به حين سئل عنه، يقول الشيخ محمد صادق الأنصاري: “الشيخ يحيى باختصار ملَك ماش على الأرض، ما رأيته في يوم من الأيام غاضبًا أو متضايقًا من العمـل، ولم أره يخرج كلمة نابيـة، متواصـل في العمل بجد، يتوافد عليه الناس باستمرار ولا يتضجر، زاملته من عام ١٣٩٤هـ”([51]).
وأما عن إخلاصه فقد لمس منه ذلك من عاشره وعاش معه، يقول تلميذه الشيخ عبد الرحمن بن شميلة الأهدل: “لقد عرفته عن كثب، داعيـة موفق، ينبعث شذى الإخلاص من تضاعيف وعظه وينساب عبير الحق من لهوات فمه”([52]).
وأما عن تواضعه فتلك خصيصته التي يتميز بها؛ وهو ما عرفه به البعيد فضلًا عن القريب، فعلى الرغم من علو كعبه في العلم رحمه الله كان هينًا لينًا مع الناس عامة وطلاب العلم خاصة، يجلس لهم ويعطيهم جل وقته، بل جعل الدرس العلمي جنته في الدنيا ونصيبه منها وزينته فيها كما سبق أن بينا، وكثيرًا ما كان يردد إذا سئل عن نفسه: “أنا طويلب علم، وإنما هجمت على العلم هجومًا هكذا، علمي قليل، وإنما هجمت على العلم هجومًا هكذا، وشهادتي في دار الحديث عودلت بالكفاءة”([53]).
وأما عن سمته ودلِّه فقد كان رحمه الله رفيقًا هادئًا، لا يكاد يتكلم ولا يسمع له صوت، ولا تكاد شفتاه تتحركان إلا جوابًا لسؤال، وفي ذلك يقول تلميذه أحمد عمر بازمول: “حسن السمت دائم السكون ذو سكينة ووقار، ولا يقصد الترفع في المجالس، قـد قنع بما هو فيه، تاركٌ للتكلف مع حسن خلق وبسط وجه، هين لين لا يعتمد إلا على نفسه، نزر الكـلام، لا يكاد يتكلم إلا جوابا، وهو إذا مشى لا يرفع بصره إلى السماء، وكـأنـي بـأبي حاتم الرازي رحمه الله يصفه حين قال عن شيخه الحسن بن الربيع الأسـدي: كنت أحسب أن الحسن بن الربيع مكسور العنق لانحنائه حتى قيل بعد: إنه لا ينظر إلى السماء”([54]).
هذه الصورة الأولى تختلف تمامًا عن الصورة الأخرى التي يجلس فيها مجلس الدرس، فتراه كالأسد يزأر، ويعلو صوته تارة وينخفض أخرى، ويفسر آية ويشرح حديثًا، نشيطًا لا يكل ولا يمل من الحديث وهو في الدرس رحمه الله.
وأما عن زهده فقد كان رحمه الله مدبرًا عن الدنيا مقبلًا على الآخرة، معرضًا عما في أيدي البشر طامعًا في عطاء رب البشر، يكتفي بالموجود ولا يتكلف المفقود.
وأما عن إحسانه إلى الناس وشفاعته الشفاعة الحسنة فيما يقدر عليه فقد كان معروفًا بذلك باذلًا ما يستطيع، يقول الشيخ موسى سكر بوقس والشيخ أحمد الرقيبة: “الشيخ يحيى معروف لدينا بأنه مثابر على التعليم والإحسان إلى الناس سيما طلاب العلـم، وبذل الشفاعة للمحتاجين، متواضع ورع”([55]).
وعن احترامه للعلم والعلماء فقد كان الشيخ رحمه الله يجل العلماء، خاصة من سبق منهم، ويعتذر لهم إن رأى شيئًا، ولا يتجرأ على أحد منهم، يقول تلميذه الشيخ منصور الدعجاني: “تعلمنا التـأدب مع السابقين، وكان يقول عن السابقين: نحن عالة على كتبهـم، وما رأيناه محتدًّا على أحد حتى في المناقشات، وهو بعيد عن المراء والمظاهر، ووقته كله للعلم سواء في الليل أو في النهار، كـان على طريقة علماء المملكة السابقين من إلقاء الدرس والتودّد إلى الطلاب وإشغال وقت الـدرس بالمناقشات وعدم الخوض في الأمور الدنيوية”([56]).
وكان رحمه الله لا يقفُ ما لا يعلم، ولا يتكبر على أن يقول: لا أعلم، يقول تلميذه الشيخ سيد أحمد الإمام: “الشيخ يحيى يتميز عن مشايخي بالتواضع، ويتميز بأخلاقه العالية… وتعلمنا منه أن نقول فيما لا نعلم: الله أعلم”([57]).
وما أوجز وأبلغ ما وصفه به الشيخ صالح بن عبد الله بن حميد حين قال: “والشيخ معروف بورعه وزهده وعفة لسانه، وحبه للعلم وأهله، وحبه للمساكين، يحكي في سيرته نهج السلف الصالح في حسن المعتقد وسلامة الصدر وحب الدين وأهله، وعفته عن الدنيا بشكل لا تكاد تجد له نظيرًا”([58]).
ويقول تلميذه أحمد عمر بازمول: “له محاسن جمة من زهد وديانة وورع ونسك… صاحب سنة ومعرفة، عظيم القدر رفيع الذكر جليـل فـاضل محبوب إلى الناس”([59]).
من وصاياه:
كان الشيخ كلما سئل الوصية أوصى بوصية النبي صلى الله عليه وسلم، وهي تقوى الله سبحانه وتعالى في السر والعلن([60]). وقد سئلها قبيل وفاته بأيام وهو يعاني المرض فقال: “الوصية التي وصى الله بها عباده: ﴿وَلَقَد وَصَّينَا الَّذينَ أوتُوا الكِتابَ مِن قَبلِكُم وَإِيّاكُم أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ﴾ [النساء: ١٣١]، فوصية الله لنا أن نتقيه، والتقوى امتثال الأوامر واجتناب النواهي، فعلينا أن نتّبع كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحذَر البدع والمخالفات، أسأل الله أن يثبّتنا جميعا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة”([61]).
وفاته:
توفي الشيخ رحمه الله بعد معاناة مع المرض يوم الأربعاء منتصف ليلة الخميس الثالث والعشرين من شهر جمادى الآخرة عام ألف وأربعمائة وثلاث وأربعين للهجرة النبوية 23/ 6/ 1443هـ، رحمه الله وغفر له وأسكنه فسيح جناته.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)
([1]) أفدت هذه الترجمة من: 1- النجم البادي في ترجمة العلامة المحدث السلفي يحيى بن عثمان المدر عظيم آبادي، لأحمد عمر بازمول، مكتبة الأسدي بمكة، الطبعة الثانية 1423هـ. 2- وسام الكرم في تراجم أئمة وخطباء الحرم، ليوسف بن محمد بن داخل الصبحي، دار البشائر الإسلامية، الطبعة الأولى 1426هـ (430-431). 3- تاريخ أمة في سِيَر أئمة، لصالح بن عبد الله بن محمد بن حميد، مركز تاريخ مكة المكرمة، 1433هـ. (3/ 1352-1353). 4- المدرسون في المسجد الحرام من القرن الأول حتى العصر الحاضر، لمنصور بن محمد بن عبد الله النقيب، معهد صفوت الصفوة للعلوم التطبيقية، الطبعة الأولى 1433هـ (4/ 233-234) ترجمة رقم (1205). 5- درّة الجمع اللطيف في تأريخ وجهود وثمرات معهد الحرم المكي الشريف، لإسحاق هارون الرشيد الطاهر (ص: 142-144)، أفادني به المؤلف وهو غير مطبوع. 6- صفحة العالم المكي يحيى ابن الشيخ عثمان المدرس، لإبراهيم بن محمد صديق، بموقع علماء مكة. 7- مقال بعنوان: في رثاء الشيخ العالم العلامة الداعية المربي يحيى بن عثمان المكي (أبي زكريا) رحمه الله، لمحمود بن محمد كمال العروسي، كتبه يوم الخميس 24/ 6/ 1443هـ. 8- مقال بعنوان: لَعَمْرُك ما الرزية فَقَد مَال ولا شاة تَمُوت ولا بعير، لحسن إسحاق أحمد عب الرحمن التشادي، كتبه يوم الخميس 24/ 6/ 1443هـ، وأفادني به الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الحاج التمبكتي. 9- الموقع الرسمي للرئاسة العامة لشئون المسجد الحرام والمسجد النبوي. 10- موقع بوابة الحرمين. 11- بالإضافة إلى التواصل مع أبناء الشيخ وذويه، وفي مقدمتهم ابنه زكريا وصهره عبد الرحمن بخيت، والتواصل مع تلاميذه ومنهم: الشيخ عبد الرب فيض، والشيخ عبد العزيز بن عبد الله الحاج التمبكتي وغيرهم.
([2]) وهي عاصمة إقليم بيهار الهندي الواقع إلى الغرب من شبه القارة الهندية.
([4]) درة الجمع اللطيف (ص: 142)، ولم أجد من ذكر حفظه للقرآن على أبيه في غيره من المصادر رغم أهميته.
([6]) درة الجمع اللطيف (ص: 142).
([8]) المدرسون في المسجد الحرام (ص:233).
([9]) درة الجمع اللطيف (ص: 142).
([10]) أملاه علي الشيخ عبد الرب فيض يوم الجمعة بتاريخ 25/6/1443هـ.
([11]) ينظر: درة الجمع اللطيف (ص: 142).
([12]) النجم البادي (ص: 13 -حاشية 1-).
([14]) ينظر: درة الجمع اللطيف (ص: 142).
([15]) النجم البادي (ص: 15 -حاشية 1-).
([16]) ينظر: درة الجمع اللطيف (ص: 142).
([18]) النجم البادي (ص: 18 -حاشية 1-).
([19]) ينظر: الموقع الرسمي للرئاسة العامة لشئون المسجد الحرام والمسجد النبوي على الرابط:
https://gph.gov.sa/index.php/ar/component/k2/item/6321-2022-01-27-14-03-06.
([20]) تاريخ أمة في سير أئمة (3/1352-1353).
([22]) المدرسون في المسجد الحرام (ص: 233).
([23]) كتبه لي يوم الجمعة بتاريخ 25/ 6/ 1443هـ.
([25]) أملاه علي الشيخ عبد الرب فيض يوم الجمعة بتاريخ 25/ 6/ 1443هـ.
([26]) أفادني بذلك تلميذه الشيخ أنوار سادة رشيد أحمد، وقد درس عليه في تلك السنة وهو طالب في الصف الثالث الثانوي.
([30]) ينظر: النجم البادي (ص: 24).
([31]) ينظر: درة الجمع اللطيف (ص: 143).
([32]) ينظر: درة الجمع اللطيف (ص: 143).
([34]) مقال بعنوان: في رثاء الشيخ العالم العلامة الداعية المربي يحيى بن عثمان المكي (أبي زكريا) رحمه الله، للكاتب محمود بن محمد كمال العروسي كتب يوم الخميس بتاريخ 24/ 6/ 1443هـ.
([35]) مقال بعنوان: في رثاء الشيخ العالم العلامة الداعية المربي يحيى بن عثمان المكي (أبي زكريا) رحمه الله، للكاتب محمود بن محمد كمال العروسي كتب يوم الخميس بتاريخ 24/ 6/ 1443هـ.
([36]) مقال بعنوان: لَعَمْرُك ما الرزية فَقَد مَال ولا شاة تَمُوت ولا بعير، لحسن إسحاق أحمد عبد الرحمن التشادي كتب يوم الخميس بتاريخ 24/ 6/ 1443هـ، وأفادني به الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الحاج التمبكتي.
([41]) مقال بعنوان: لَعَمْرُك ما الرزية فَقَد مَال ولا شاة تَمُوت ولا بعير، لحسن إسحاق أحمد عبد الرحمن التشادي كتب يوم الخميس بتاريخ 24/ 6/ 1443هـ، وأفادني به الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الحاج التمبكتي.
([44]) أملاه علي الشيخ عبد الرب فيض يوم الجمعة بتاريخ 25/ 6/ 1443هـ.
([45]) كتبه لي الشيخ زكريا ابن الشيخ يحيى المدرس يوم الجمعة بتاريخ 25/ 6/ 1443هـ.
([47]) كتبه لي الشيخ زكريا ابن الشيخ يحيى المدرس يوم الجمعة بتاريخ 25/ 6/ 1443هـ.
([49]) كتبه لي الشيخ زكريا ابن الشيخ يحيى المدرس يوم الجمعة بتاريخ 25/ 6/ 1443هـ.
([58]) تاريخ أمة في سير أئمة (3/ 1352-1353).
([60]) ينظر: النجم البادي (ص: 30).
([61]) مقطع فيديو على اليوتيوب بعنوان: وصية شيخنا يحيى بن عثمان المدرس قبل موته: