“وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَ الأَرْضَ”..إثبات الكرسي والرد على من نفاه
للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة
المقَـدّمَـــة:
بعث النبي صلى الله عليه وسلم وبلَّغ ما أُنزل إليه من ربِّه، فقابله الصحابة رضوان الله عليهم بالانقياد والتسليم بكل ما أُنزل إليهم من ربِّهم، ولم يكن تسليمهم لشرع ربِّهم اتباعًا مجردًا دون فهم واستيعاب لما ينزل عليهم؛ بل كانوا يسألون النبي صلى الله عليه وسلم فيما أشكل عليهم ولم يفهموا معناه، فقد سألوه عن الظلم حين أشكل عليهم قول الله تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾ [الأنعام: 82] فقالوا: «وأينا لم يظلم نفسه»([1]) ، واستمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يجيبهم عما يسألون، واستمر الصحابة رضوان الله عليهم على هذا النهج من الإيمان والتسليم والانقياد والطاعة لما جاء به ربُّ العالمين، ومن بعد التابعين ومن بعدهم، ولكن اقتضت حكمة الله أن يظهر في الأمة من يحيد عن ذلك السبيل ويشذ عن هذا النهج القويم، وكان من أوائل من عارض كلام الله ورسوله: الجهمية، ومن أوائل ما عارضوه: اتصاف الله سبحانه وتعالى بالعلو واستواؤه على العرش وإثبات الكرسي، وتأوَّلوا العرش بالملك، والكرسي بالعلم، ونسب بعضهم هذا إلى أئمة السلف وبعض المفسرين.
وقد سبق مناقشة قضية العلو والعرش([2])، وفي هذه الورقة نتناول مسألة إثبات الكرسي لله عز وجل ونبين قول السلف وأئمة التفسير فيها؛ إذ نسب بعض العلماء إلى أئمة التفسير تأويله، سائلين المولى التوفيق.
تمهيد:
علماء السلف في القرون الأولى لم يعتنوا بإفراد كتب جامعة في العقيدة تجمع كل مسائل الاعتقاد حسب الأبواب والمسائل كما هو الحال اليوم، وإنما كانوا يؤلفون للحاجة؛ فحين ظهرت البدعة والانحراف في الصفات مثلًا أو في القدر ألَّف العلماء في ذلك، فالإمام حماد ابن سلمة (167) رحمه الله جمع مجموعة من أحاديث الصِّفات في مؤلف، والإمام ابن وهب (197) رحمه الله جمع أحاديث في القَدَر فسماه كتاب القَدَر، وهو كتاب مستقل عن كتابه الجامع، وحماد بن سلمة يعتبر هو أول من ألف مستقلا؛ ثم جاء بعد ذلك ابن وهب([3]).
واتجهت أنظار علماء السلف إلى مسألة العرش حين أظهرت الجَهميَّة إنكار العرش؛ فأفرد من أفرد منهم كتبًا مستقلة، وأفرد من أفرد منهم له بابًا مستقلًا، وصدَّر منهم من صدَّر كتابه بذلك([4])، فقام الإمام ابن أبي شيبة (235) رحمه الله بإفراد باب العرش بكتاب مستقل منذ زمن مبكر([5])، أي: في بدايات القرن الثالث، وقد تبعه بعض الأئمة كالإمام الذهبي (748) رحمه الله فألف كتابًا في العرش([6]).
وكذلك من ألَّف في الرد على الجهمية نجده يستفتح بمسألة العرش، وعلى سبيل المثال نجد الإمام الدارمي (280) رحمه الله تعالى يستفتح كتابه الرد على الجَهميَّة بقوله: “باب الإيمان بالعرش، وهو أحد ما أنكرته المعطلة”([7])، وكذلك فعل في نقضه على المريسي حيث جعل باب العرش من أوائل الأبواب، وإن شئت فقل: هو الباب الثاني بعد باب النزول في عرض مسائل الأسماء والصفات التفصيلية([8]).
ومن أهم المسائل التي يوردها أهل العلم مسألة الكرسي من حيث كونه من نقاط الخلاف بين أهل السنة وبين الجهمية والمتكلمين من بعدهم، فبينما يثبت أهل السنة العلو لله سبحانه وتعالى، ويثبتون تبعًا لذلك العرش والكرسي، يختلف الحال مع النفاة؛ فهم لا يثبتون العلو، ويؤولون ما ورد في النصوص من العرش والكرسي تبعًا لذلك، ومنهم من ينسب تأويل الكرسي إلى الإمام الطبري (310) رحمه الله كما فهمه بعضهم من تفسيره، فهل أوَّل الإمام الطبري الكرسي؟ وقبل أن نجيب على هذه القضية نورد النصوص الثابتة في الوحي؛ لننظر بعد ذلك في أقوال السلف فيها وقول الإمام الطبري.
النصوص الواردة في الكرسي:
ورد في الكرسي جملة من النصوص، وأما الثابت الصحيح منها فآية وحديث، وهما:
- قوله عز وجل في الآية التي سميت باسم آية الكرسي: ﴿وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾ [البقرة: 255].
- وقول النَّبِي ﷺ: ((ما السموات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وفضل العرش على الكرسي كفضل تلك الفلاة على تلك الحلقة))([9]).
يقول الشيخ الألباني بعد أن درس طرقه: “وهو صريح في كون الكرسي أعظم المخلوقات بعد العرش، وأنه جرم قائم بنفسه، وليس شيئا معنويا…، واعلم أنه لا يصح في صفة الكرسي غير هذا الحديث“([10]).
وقد صرَّح جملة من السلف بأن الكرسي مخلوق من مخلوقات الله سبحانه وتعالى بين يدي العرش، والعرش أعظم منه، وهو موضع القدمين للبارئ عز وجل([11]).
فقد ثبت عن ابن عباس أنه قال: قال: “الكرسي موضع القدمين، والعرش لا يقدر قدره أحد”([12]).
وقال ابن أبي زمنين: “قال محمد: ومن قول أهل السنة: أن الكرسي بين يدي العرش، وأنه موضع القدمين”([13]).
وقال القرطبي: “والذي تقتضيه الأحاديث أن الكرسي مخلوق بين يدي العرش، والعرش أعظم منه”([14]).
والحديث السابق يؤكد صحة هذا القول دون من قال بأنه العرش نفسه، أو أوَّله بالعلم، كالجهمية والمتكلمة.
هل الكرسي هو العلم كما قالت الجهمية؟ وهل أيَّد ذلك إمام المفسرين الطبري (310) رحمه الله؟
كما أسلفنا خالفت الجهمية أهلَ السنة في معنى الكرسي تبعًا لخلافهم في العلو وإنكارهم له، تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا، فزعموا أن العرش هو العلم، وأن المقصود وسع علمه السماوات والأرض([15])، وقد ردَّ أئمة السنة هذا القول وغيره من الأقوال، ونستطيع إيجاز الرد فيما يلي:
- أن الحديث الثابت يناقض قولهم الذي قالوا به، وهو قول النَّبِي ﷺ: ((ما السموات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وفضل العرش على الكرسي كفضل تلك الفلاة على تلك الحلقة))([16])، يقول الشيخ الألباني: “وجملة القول: أن الحديث بهذه الطرق صحيح، وخيرها الطريق الأخير، والله أعلم. والحديث خرج مخرج التفسير لقوله تعالى: ﴿وسع كرسيه السماوات والأرض﴾ وهو صريح في كون الكرسي أعظم المخلوقات بعد العرش، وأنه جرم قائم بنفسه، وليس شيئا معنويا. ففيه رد على من يتأوله بمعنى الملك وسعة السلطان”([17]).
- الصحيح أن هذا القول لم يثبت عن السلف، وما روي عن ابن عباس أنه فسَّر الكرسي بالعلم فهي رواية ضعيفة كما يقول الشيخ الألباني: “وما روي عن ابن عباس أنه العلم، فلا يصح إسناده إليه؛ لأنه من رواية جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عنه، رواه ابن جرير. قال ابن منده: ابن أبي المغيرة ليس بالقوي في ابن جبير. واعلم أنه لا يصح في صفة الكرسي غير هذا الحديث”([18]).
بل الثابت عن ابن عباس ما يقول به السلف، قال الإمام الدارمي (280) وهو يرد على المريسي: “فقد روينا أيها المريسي عن الثقات الأئمة المشهورين، عن ابن عباس – رضي الله عنهما – في تفسير القدم خلاف ما ادعيت من تأويلك هذا، حدثناه عبد الله بن أبي شيبة، ويحيى الحماني، عن وكيع، عن سفيان، عن عمار الدهني، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: ((الكرسي موضع القدمين، والعرش لا يقدر قدره إلا الله – عز وجل))، فهذا الذي عرفناه عن ابن عباس صحيحًا مشهورًا، فما بالك تحيد عن المشهور المنصوص من قوله وتتعلق بالمغمور منه، الملتبس الذي يتحمل المعاني”([19]).
- أنه خلاف ما رجحه أهل اللغة في معنى الكرسي، فقد قال الأزهري (370) رحمه الله بعد أن أورد الأقوال في معنى الكرسي في الآية: “والصحيح عن ابن عباس في الكرسي ما رواه الثوري وغيره عن عمار الدهني عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال: الكرسي: موضع القدمين، وأما العرش فإنه لا يقدر قدره، وهذه رواية اتفق أهل العلم على صحتها، والذي روي عن ابن عباس في الكرسي أنه العلم، فليس مما يثبته أهل المعرفة بالأخبار”([20]).
- إذا كانت الآية تدل على أن الكرسي هو العلم لدلالة قوله تعالى بعده: ﴿ولا يؤوده حفظهما﴾ [سورة البقرة:255]، فلقائل أن يقول: لماذا لا تدل على أنها القدرة أيضًا، لو كانت تدل على القُدرة لكان أقرب؛ لأن معناه لا يتعبه، وهو أولى بالتفسير به من العلم.
- أن هذا مخالف للثابت عن أئمة السلف والصحابة كابن عباس، وأبي موسى، وعن السدي وعدد من التَّابعين فسروه: بأنه موطئ قدمي الرب، قال السدي رحمه الله: “السماوات والأرض في جوف الكرسي، والكرسي بين يدي العرش”([21]).
- أن هذا القول هو قول الجهمية وقد رده جملة من أئمة السلف:
- يقول ابن قُتيبة (276) رحمه الله: “وطلبوا للكرسي غير ما نعلم، وجاءوا بشطر بيتٍ لا يُعرف ما هو، ولا يُدرى من قائله! ثم ذكره وقال: [ولا بكرسيء علم الله مخلوق]، وجعلوه مهموزًا، والكرسي غير مهموزٍ بإجماع النَّاس جميعًا”([22]).
- يقول ابن تيمية (728) رحمه الله: “وطائفة اشتبه عليها ففسروا الكرسي بالعلم، مع أن هذا لا يعرف في لغة العرب البتة، والله سبحانه وتعالى قد أحاط بكل شيء علمًا، فلا يختص علمه بالسماوات والأرض، فليس في تخصيص علمه بالسماوات والأرض مدح، ولا لهذا نظير في القرآن”([23]).
هل فسَّر الإمام الطبري (310) رحمه الله الكرسي بالعلم؟
لنقف على حقيقة قول الإمام الطبري؛ فإننا نسوق نصه هنا لننظر بعد ذلك كيف وجَّه من نسب إليه العلم، وهل كانت تلك النسبة صحيحة أم لا؟
قال الإمام الطبري (310) رحمه الله في تفسيره: “قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في معنى”الكرسي” الذي أخبر الله تعالى ذكره في هذه الآية أنه وسع السموات والأرض.
فقال بعضهم: هو علم الله تعالى ذكره.
* ذكر من قال ذلك: حدثنا أبو كريب وسلم بن جنادة، قالا حدثنا ابن إدريس، عن مطرف، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس:﴿وسع كرسيه﴾ قال: كرسيه علمه.
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا مطرف، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، مثله، وزاد فيه: ألا ترى إلى قوله:﴿ولا يؤوده حفظهما﴾؟
وقال آخرون: “الكرسي”: موضع القدمين.
* ذكر من قال ذلك: حدثني علي بن مسلم الطوسي، قال: حدثنا عبد الصمد بن عبدالوارث، قال: حدثني أبي، قال: حدثني محمد بن جحادة، عن سلمة بن كهيل، عن عمارة ابن عمير، عن أبي موسى، قال: الكرسي: موضع القدمين، وله أطيط كأطيط الرحل.
حدثني موسى بن هاوون، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسباط، عن السدي: ﴿وسع كرسيه السموات والأرض﴾، فإن السموات والأرض في جوف الكرسي، والكرسي بين يدي العرش، وهو موضع قدميه.
حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك قوله:﴿وسع كرسيه السموات والأرض﴾، قال: كرسيه الذي يوضع تحت العرش، الذي يجعل الملوك عليه أقدامهم.
حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد الزبيري، عن سفيان، عن عمار الدهني، عن مسلم البطين، قال: الكرسي: موضع القدمين.
حدثني عن عمار، قال: حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع:﴿وسع كرسيه السموات والأرض﴾، قال: لما نزلت: ﴿وسع كرسيه السموات والأرض﴾ قال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله هذا الكرسي وسع السموات والأرض، فكيف العرش؟ فأنزل الله تعالى: ﴿وما قدروا الله حق قدره﴾ إلى قوله: ﴿سبحانه وتعالى عما يشركون﴾ [الزمر: 67].
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله:﴿وسع كرسيه السموات والأرض﴾ قال ابن زيد: فحدثني أبي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((ما السموات السبع في الكرسي إلا كدراهم سبعة ألقيت في ترس)). قال: وقال أبو ذر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما الكرسي في العرش إلا كحلقة من حديد ألقيت بين ظهري فلاة من الأرض.. )).
وقال آخرون: الكرسي: هو العرش نفسه.
* ذكر من قال ذلك: حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك، قال: كان الحسن يقول: الكرسي هو العرش.
قال أبو جعفر: ولكل قول من هذه الأقوال وجه ومذهب، غير أن الذي هو أولى بتأويل الآية ما جاء به الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ما حدثني به عبد الله ابن أبي زياد القطواني، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبى إسحاق، عن عبد الله بن خليفة، قال: ((أتت امرأة النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: ادع الله أن يدخلني الجنة! فعظم الرب تعالى ذكره، ثم قال: إن كرسيه وسع السموات والأرض، وأنه ليقعد عليه فما يفضل منه مقدار أربع أصابع- ثم قال بأصابعه فجمعها – وإن له أطيطا كأطيط الرحل الجديد، إذا ركب، من ثقله)).
حدثني عبد الله بن أبى زياد، قال: حدثنا يحيى بن أبي بكر، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن خليفة، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بنحوه.
5798 – حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن خليفة، قال: جاءت امرأة، فذكر نحوه.
وأما الذي يدل على صحته ظاهر القرآن فقول ابن عباس الذي رواه جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عنه أنه قال:”هو علمه”. وذلك لدلالة قوله تعالى ذكره:﴿ولا يؤوده حفظهما﴾ على أن ذلك كذلك، فأخبر أنه لا يؤوده حفظ ما علم، وأحاط به مما في السموات والأرض، وكما أخبر عن ملائكته أنهم قالوا في دعائهم: ﴿ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما﴾ [غافر: 7]، فأخبر تعالى ذكره أن علمه وسع كل شيء، فكذلك قوله:﴿وسع كرسيه السموات والأرض﴾.
قال أبو جعفر: وأصل”الكرسي” العلم. (1)، ومنه قيل للصحيفة يكون فيها علم مكتوب: “كراسة”، ومنه قول الراجز في صفة قانص:
* حتى إذا ما احتازها تكرسا * .
يعني علم. ومنه يقال للعلماء “الكراسي”؛ لأنهم المعتمد عليهم. كما يقال: “أوتاد الأرض”، يعني بذلك أنهم العلماء الذي تصلح بهم الأرض، ومنه قول الشاعر:
يحف بهم بيض الوجوه وعصبة … كراسي بالأحداث حين تنوب
يعني بذلك علماء بحوادث الأمور ونوازلها. والعرب تسمي أصل كل شيء”الكرس”، يقال منه: “فلان كريم الكرس”، أي كريم الأصل، قال العجاج:
قد علم القدوس مولى القدس … أن أبا العباس أولى نفس … * بمعدن الملك الكريم الكرس *
يعني بذلك: الكريم الأصل، ويروى:
* في معدن العز الكريم الكرس *”([24])
ومن هذا النص نسب بعض أهل العلم إلى الإمام الطبري (310) رحمه الله القول بأنه العلم([25])، والصحيح أن الإمام الطبري لم يخالف أئمة السلف في قولهم، ولم يرجح من الأقوال قول الجهمية القائل بأن معنى الكرسي هو العلم، فقد أورد رحمه الله الأقوال في معنى الكرسي كما هي عادته ثم رجح أن معنى الكرسي هو ما ثبت به الآثار وما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويقصد به حديث أبي ذر الآنف الذكر، ومن تدبر نصَّ الإمام الطبري وعرف منهجه في عرض الأقوال أدرك ذلك، ويمكننا تلخيص الأمر فيما يلي:
- أن الإمام الطبري – على طريقته في عرض الأقوال – عرضها هنا في بيان معنى الكرسي، وبيَّن أنها ثلاثة أقوال وهي: موضوع القدمين، العرش نفسه، العلم.
- أنه رجَّح القول الأول الذي أورده حيث قال: ” قال أبو جعفر: ولكل قول من هذه الأقوال وجه ومذهب، غير أن الذي هو أولى بتأويل الآية ما جاء به الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ما حدثني به، فهو رحمه الله تعالى لا يعرض عن تفسير رسول الله صلى الله عليه وسلم – إن ورد – كما صرَّح بذلك فقال: “ولكن الواجب أن يحكم لكل واحدة منهما بما احتمله ظاهر التنزيل، إلا أن يأتي في بعض ذلك خبر عن الرسول صلى الله عليه وسلم، بإحالة حكم ظاهره إلى باطنه، فيجب التسليم حينئذ لحكم الرسول، إذ كان هو المبين عن مراد الله”([26]).
- بعد أن انتهى من ترجيح القول الذي يراه صوابًا بيَّن أن من قال بأن الكرسي هو العلم له وجه وقوة، وأورد الأدلة على ذلك فقال: ” وأما الذي يدل على صحته ظاهر القرآن فقول ابن عباس الذي رواه جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عنه أنه قال:”هو علمه”. وذلك لدلالة قوله تعالى ذكره:﴿ولا يؤوده حفظهما﴾ على أن ذلك كذلك، فأخبر أنه لا يؤوده حفظ ما علم، وأحاط به مما في السموات والأرض…”، وهذا مما يدل على إنصاف الطبري وقوته العلمية التي لا شك فيها، وبيانه فيما يلي.
- أن الصحيح الثابت عن ابن عباس رضي الله عنه التفسير بأنه موضع القدمين كما ثبت، ولا يصح ما ورد بأنه العلم.
- من دلائل قوة الإمام الطبري في طرحه وعرضه في تفسره – عدا عن قوته العلمية التي شهدت له بها الدنيا – أنه يورد القول الذي يرجحه، ويذكر أدلته، وفي ذات الوقت يورد الأقوال الأخرى، ولا يغفل أدلتها؛ بل يسردها بأدلتها، وينبه على الوجيه من تلك الأقوال وإن كانت مرجوحة عنده، ومن ذلك غير هذا الموضع:
- عند تفسيره للرجز في قوله تعالى: ﴿فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾ [البقرة: 59] قال: “وقد دللنا على أن تأويل ” الرجز” العذاب، وعذاب الله جل ثناؤه أصناف مختلفة، وقد أخبر الله جل ثناؤه أنه أنزل على الذين وصفنا أمرهم الرجز من السماء، وجائز أن يكون ذلك طاعونا، وجائز أن يكون غيره، ولا دلالة في ظاهر القرآن ولا في أثر عن الرسول ثابت، أي أصناف ذلك كان.
فالصواب من القول في ذلك أن يقال كما قال الله عز وجل: فأنزلنا عليهم رجزا من السماء بفسقهم.
غير أنه يغلب على النفس صحة ما قاله ابن زيد؛ للخبر الذي ذكرت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في إخباره عن الطاعون أنه رجز، وأنه عذب به قوم قبلنا. وإن كنت لا أقول إن ذلك كذلك يقينا؛ لأن الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا بيان فيه أي أمة عذبت بذلك. وقد يجوز أن يكون الذين عذبوا به، كانوا غير الذين وصف الله صفتهم في قوله: ﴿فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم﴾”([27]) .
- عند تفسير قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [البقرة: 94]، قال: “وأما قوله: ﴿من دون الناس﴾، فإن الذي يدل عليه ظاهر التنزيل أنهم قالوا: لنا الدار الآخرة عند الله خالصة من دون جميع الناس، ويبين أن ذلك كان قولهم – من غير استثناء منهم من ذلك أحدا من بني آدم – إخبار الله عنهم أنهم قالوا: ﴿لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى﴾، إلا أنه روي عن ابن عباس قول غير ذلك:
حدثنا أبو كريب قال: حدثنا عثمان بن سعيد قال: حدثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس: ﴿من دون الناس﴾، يقول: من دون محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين استهزأتم بهم، وزعمتم أن الحق في أيديكم، وأن الدار الآخرة لكم دونهم”([28]).
- عند بيان المقصود بالفساد في قوله تعالى: ﴿وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا﴾ [البقرة: 205] قال: “قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله تبارك وتعالى وصف هذا المنافق بأنه إذا تولى مدبرا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عمل في أرض الله بالفساد. وقد يدخل في “الإفساد” جميع المعاصي، (1) وذلك أن العمل بالمعاصي إفساد في الأرض، فلم يخصص الله وصفه ببعض معاني “الإفساد” دون بعض. وجائز أن يكون ذلك الإفساد منه كان بمعنى قطع الطريق، وجائز أن يكون غير ذلك. وأي ذلك كان منه فقد كان إفسادا في الأرض؛ لأن ذلك منه لله عز وجل معصية. غير أن الأشبه بظاهر التنزيل أن يكون كان يقطع الطريق ويخيف السبيل؛ لأن الله تعالى ذكره وصفه في سياق الآية بأنه ﴿سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل﴾، وذلك بفعل مخيف السبيل، أشبه منه بفعل قطاع الرحم”([29]) .
- وعند بيان وجه الإهلاك في قوله تعالى: ﴿وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ﴾ [البقرة: 205] قال رحمه الله: ” اختلف أهل التأويل في وجه “إهلاك” هذا المنافق، الذي وصفه الله بما وصفه به من صفة إهلاك الحرث والنسل:
فقال بعضهم: كان ذلك منه إحراقا لزرع قوم من المسلمين وعقرا لحمرهم”. وذكر أنه قول السدي.
“وقال آخرون بما… عن مجاهد… قال: إذا تولى سعى في الأرض بالعدوان والظلم، فيحبس الله بذلك القطر، فيهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد. قال: ثم قرأ مجاهد: ﴿ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون﴾ [الروم: 41] قال: ثم قال: أما والله ما هو بحركم هذا، ولكن كل قرية على ماء جار فهو بحر.
والذي قاله مجاهد، وإن كان مذهبًا من التأويل تحتمله الآية، فإن الذي هو أشبه بظاهر التنزيل من التأويل ما ذكرنا عن السدي، فلذلك اخترناه،
وأما “الحرث” فإنه الزرع، والنسل: العقب والولد.
“وإهلاكه الزرع” إحراقه. وقد يجوز أن يكون كان كما قال مجاهد باحتباس القطر من أجل معصيته ربه وسعيه بالإفساد في الأرض. وقد يحتمل أن يكون كان بقتله القوام به والمتعاهدين له حتى فسد فهلك. وكذلك جائز في معنى:” إهلاكه النسل”: أن يكون كان بقتله أمهاته أو آباءه التي منها يكون النسل، فيكون في قتله الآباء والأمهات انقطاع نسلهما. وجائز أن يكون كما قال مجاهد، غير أن ذلك وإن كان تحتمله الآية، فالذي هو أولى بظاهرها ما قاله السدي، غير أن السدي ذكر أن الذي نزلت فيه هذه الآية إنما نزلت في قتله حمر القوم من المسلمين وإحراقه زرعا لهم. وذلك وإن كان جائزا أن يكون كذلك، فغير فاسد أن تكون الآية نزلت فيه، والمراد بها كل من سلك سبيله في قتل كل ما قتل من الحيوان الذي لا يحل قتله بحال- والذي يحل قتله في بعض الأحوال – إذا قتله بغير حق، بل ذلك كذلك عندي؛ لأن الله تبارك وتعالى لم يخصص من ذلك شيئا دون شيء، بل عَمَّه.
وبالذي قلنا في عموم ذلك قال جماعة من أهل التأويل”([30]).
ج- عند تفسير قوله تعالى: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [الأحقاف: 10] قال: “والصواب من القول في ذلك عندنا أن الذي قاله مسروق في تأويل ذلك أشبه بظاهر التنزيل؛ لأن قوله ﴿قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله﴾ في سياق توبيخ الله تعالى ذكره مشركي قريش، واحتجاجا عليهم لنبيه صلى الله عليه وسلم، وهذه الآية نظيرة سائر الآيات قبلها، ولم يجر لأهل الكتاب ولا لليهود قبل ذلك ذكر، فتوجه هذه الآية إلى أنها فيهم نزلت، ولا دل على انصراف الكلام عن قصص الذين تقدم الخبر عنهم معنى، غير أن الأخبار قد وردت عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن ذلك عنى به عبد الله بن سلام، وعليه أكثر أهل التأويل، وهم كانوا أعلم بمعاني القرآن، والسبب الذي فيه نزل، وما أريد به.
فتأويل الكلام إذ كان ذلك كذلك، وشهد عبد الله بن سلام، وهو الشاهد من بني إسرائيل على مثله، يعني على مثل القرآن، وهو التوراة، وذلك شهادته أن محمدا مكتوب في التوراة أنه نبي تجده اليهود مكتوبا عندهم في التوراة، كما هو مكتوب في القرآن أنه نبي”([31]).
- هذا القول الذي ذكرناه ورجحناه هو الذي اختاره الإمام الطبري وصرَّح به في التاريخ، قال رحمه الله: “اختلف في الذي خلق تعالى ذكره بعد العماء، فقال بعضهم: خلق بعد ذلك عرشه…، وقد قيل: إن الذي خلق ربنا عز وجل بعد القلم الكرسي، ثم خلق بعد الكرسي العرش، ثم بعد ذلك خلق الهواء والظلمات، ثم خلق الماء، فوضع عرشه عليه…”([32]).
- قال الشيخ د. مساعد الطيار عن تفسير الطبري لهذا الموضع: ” لم يذهب في تفسيره إلى أن المراد بالكرسي في هذا الموضع العلم، وقد أوهمت عبارة الطبري على غيره من العلماء…، ومن مارس القراءة في تفسيره يظهر له أنه في بعض الترجيحات بين الأقوال يريد أن ينبه على وجاهة بعض الأقوال بطريقته المعروفة عنه…، وللطبري رحمه الله تعالى منهج في التعامل مع الأقوال قلَّ أن تجده عند غيره، غير أن صعوبة عباراته في سبكها قد يجعل القارئ لا يفهم مراده من أول الأمر.
كما أن عنايته بسياق القرآن وظاهره لهما أثر بارز في تفسيره، فهو يستخدمهما لأمور:
الأول: بيان صحة قول على قول، فيقدم القول الصحيح على ضدِّه.
الثاني: بيان القول الأولى، مع أن غيره يكون له وجه صحيح.
الثالث: التنبيه على أن السياق مازال يتحدث عن قضية معينة لم ينتقل عنها بعد، وكثيرًا ما يستخدمها في القضايا ذات الموضوع الواحد كالقصص ـ لذا تراه أحينًا ينحو بعبارته في تفسير بعض العمومات إلى ما يظنه القارئ تخصيصًا، وهو لا يريد ذلك، بل يريد التنبيه على أن السياق مازال متصلاً في الحديث عن موضوع واحد، وما ذُكر في هذا المثال يدخل في باب تنازع قواعد الترجيح للمثال الواحد، وهذا التنازع موجود في أمثلة تفسيرية كثيرة، ومما يحسن التنبيه عليه أن الطبري رحمه الله تعالى لا يذكر الحديث النبوي، ثم يعرض عن دلالته إلا أن يكون الحديث عنده غير صحيح، وهذا ظاهر في تفسيره أيضًا”([33]).
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)
([2]) ينظر: https://salafcenter.org/4069/ و https://salafcenter.org/3070/
([3]) أفدت ذلك من شيخنا د. عبد الرحيم السلمي في شرحه لكتاب الرد على الجهمية للإمام الدارمي.
([4]) ينظر: التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع (ص: 97).
([5]) وهو مطبوع في مكتبة الرشد بتحقيق د. محمد خليفة التميمي.
([6]) وهو مطبوع أيضًا بتحقيق د. محمد خليفة التميمي، ومنشور في مجلة عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية بالمدينة.
([7]) الرد على الجهمية ت الشوامي (ص: 39).
([8]) لن نخوض في هذه الورقة في مسألتي العلو فقد سبق ذلك في مقالات سابقة، وإنما المقصود هنا هو الكلام على الكرسي ينظر: https://salafcenter.org/4069/ و https://salafcenter.org/3070/
([9]) أخرجه ابن أبي شيبة في كتاب العرش وما روي فيه (ص: 433)، وابن حبان في صحيحه (1/76-79)، وأبو الشيخ في العظمة (2/648-649، ح259)، وأبو نعيم في الحلية (1/166)، والبيهقي في الأسماء والصفات (2/299-300) برقم (862)، والطبري في التفسير ط هجر (4/ 539)، وقد جمع الشيخ الألباني طرق الحديث ثم قال: “وجملة القول: أن الحديث بهذه الطرق صحيح وخيرها الطريق الأخير والله أعلم” سلسلة الأحاديث الصحيحة (1/ 226).
([10]) سلسلة الأحاديث الصحيحة (1/ 226).
([11]) ينظر: أقاويل الثقات، مرعي الكرمي (ص: 116).
([12]) أخرجه الدارمي في الرد على بشر المريسي (ص71، 73، 74) . وعبد الله بن أحمد في السنة (ص70، 142) . وابن جرير في التفسير (3/10) . والطبراني في المعجم الكبير (12/39، برقم 12404) . والدارقطني في الصفات (ص30) . والحاكم في المستدرك (2/283) . والخطيب البغدادي في تاريخه (9/251-252) من أوجه. والهروي في الأربعين (ص125) .
كلهم من طريق سفيان الثوري عن عمار الدهني عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس موقوفاً.
قال الحاكم: (صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه) ووافقه الذهبي. وذكره الذهبي في العلو (ص61) وقال: (رواته ثقات) . وقال الألباني: (هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات، وتابعه يوسف بن أبي إسحاق عن عمار الذهني) انظر مختصر العلو (ص102) . قال الهيثمي في مجمع الزوائد (6/323) : (رجاله رجال الصحيح).
([13]) أصول السنة لابن أبي زمنين (ص: 96).
([14]) تفسير القرطبي (3/ 278).
([15]) ينظر: النقض على المريسي ت الشوامي (ص: 152)، التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع (ص: 103)، الكشاف للزمخشري (1/ 301)، روح المعاني للألوسي (2/ 13)، مجموع الفتاوى (5/ 75).
([16]) أخرجه ابن أبي شيبة في كتاب العرش وما روي فيه (ص: 433)، وابن حبان في صحيحه (1/76-79)، وأبو الشيخ في العظمة (2/648-649، ح259)، وأبو نعيم في الحلية (1/166)، والبيهقي في الأسماء والصفات (2/299-300) برقم (862)، والطبري في التفسير ط هجر (4/ 539)، وقد جمع الشيخ الألباني طرق الحديث ثم قال: “وجملة القول: أن الحديث بهذه الطرق صحيح وخيرها الطريق الأخير والله أعلم” سلسلة الأحاديث الصحيحة (1/ 226).
([17]) سلسلة الأحاديث الصحيحة (1/ 226).
([18]) سلسلة الأحاديث الصحيحة (1/ 226).
([19]) النقض على المريسي ت الشوامي (ص: 146).
([21]) جامع البيان ط هجر (4/ 538).
([22]) الاختلاف في اللفظ والرد على الجهمية لابن قتيبة (ص: 48).
([23]) بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية (8/ 363).
([25]) ينظر: تفسير ابن عطية (1/ 342)، تفسير القرطبي (3/ 276)، فتح القدير للشوكاني (1/ 312).
([26]) جامع البيان ت شاكر (3/ 83).
([27]) جامع البيان ت شاكر (2/ 118).
([28]) جامع البيان ت شاكر (2/ 366).
([29]) جامع البيان ت شاكر (4/ 239).
([30]) تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (4/ 239).
([31]) تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (22/ 107).
([32]) تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (1/ 39)
([33]) ينظر: ملتقى أهل التفسير: https://vb.tafsir.net/forum/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B3%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%85/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D8%AA%D9%82%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D9%8A-%D9%84%D9%84%D8%AA%D9%81%D8%B3%D9%8A%D8%B1-%D9%88%D8%B9%D9%84%D9%88%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86/7062-%D8%AA%D8%B1%D8%AC%D9%8A%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A8%D8%B1%D9%8A-%D8%A3%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D8%B3%D9%8A-%D9%87%D9%88-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85