الخميس - 23 شوّال 1445 هـ - 02 مايو 2024 م

أهل السنة والجماعة وضابط الـمُفارِق لهم.. قراءة في فقه الخلاف العقدي (الجزء الثاني)

A A

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة

المبحث الثاني: ضابط ما تحصل به المفارقة:

يُعنى هذا المبحث بتحرير ضابط ما تصير به الفرقة أو الشخص مفارقًا للفرقة الناجية، فإن البعض قد ضيَّق مفهوم مفارقة أهل السنة والجماعة جدًّا حتى ضمَّ كثيرًا ممن خالفهم وناوأهم في الأصول، والبعض وسَّعه جدًّا، حتى اعتبر بعضَ من يتحرّى اتباعهم في الأصول والفروع من المفارقين لأهل السنة والجماعة.

وإذا عُرفت السُّنة عُرف أهلها، وعُرف ما اجتمعوا عليه من الحقّ، وحينها يُعلم الموافق لهم ويتميّز المفارق، واستبانت أنحاء الزيغ عن منهجهم، ويَسُر فهم ما تحصُل به المفارقة.

ومما ذكره الإمام السجزي في فاتحة ردّه على الأشاعرة قوله: “ثم تبينوا ما السُّنة؟ وبماذا يصير المرء من أهلها؟ فإن كلًّا يدَّعيها، وإذا عُلمت وعُرِفَ أهلُها بان أن مخالفَها زائغ لا ينبغي أن يُلتفت إلى شبهه”([1]).

والحاصل أن المفارَقة لأهل السنة والجماعة تحصُل بأمرين:

الأمر الأول: المخالفة في أصل كلّيٍّ من أصول أهل السنة والجماعة:

يُعنى بأصول الدين الكلية هنا: مجموعُ أصولِ عقائد أهل السنة والجماعة الظاهرةِ التي لا تحتمل الخلافَ والتأويل، مما أجمعوا عليها، ولا يسوغ فيها الخلاف، ومنهجهم في التلقي والفهم والاستدلال.

يقول الشاطبي رحمه الله: «هذه الفرق إنما تصير فرقًا بخلافها للفرقة الناجية في معنى كلّيّ في الدين ‌وقاعدة ‌من ‌قواعد ‌الشريعة، لا في جزئيّ من الجزئيات؛ إذ الجزئي والفرعُ الشاذّ لا ينشأ عنه مخالفة يقع بسببها التفرّق شيعًا، وإنما ينشأ التفرق عند وقوع المخالفة في الأمور الكلية؛ لأن الكليات تضم من الجزئيات غير قليل، وشأنها في الغالب ألا تختصّ بمحل دون محلّ، ولا بباب دون باب. واعتبر ذلك بمسألة التحسين العقلي([2])، فإن المخالفة فيها أنشأت بين المخالفين خلافًا في الفروع لا تنحصر، ما بين فروع عقائد وفروع أعمال»([3]).

ويقول ابن بطة العكبري رحمه الله: «وإن تأول متأوِّل من الفقهاء مذهبًا في مسألة من الأحكام خالف فيها الإجماع، وقعد عنه فيها الاتباع، كان منتهى القول بالعتب عليه: أخطأتَ، لا يقال له: كفرتَ، ولا جحدتَ، ولا ألحدتَ؛ لأن أصله موافق للشريعة، وغير خارج عن الجماعة في الديانة»([4]).

وقال ابن تيمية رحمه الله: «‌والبدعة ‌التي ‌يُعدُّ ‌بها الرجل من أهل الأهواء: ما اشتهر عند أهل العلم بالسنة مخالفتُها للكتاب والسنة، كبدعة الخوارج والروافض والقدرية والمرجئة»([5]).

ويقول أبو المظفر الإسفراييني رحمه الله: «ولا يدخل في تلك الجملة من يطعن في الصحابة من الخوارج والروافض، ولا من قال من القدرية: (إن شهادة اثنين من أهل صفين غير مقبولة على باقة بقل)، ومَنْ ردَّهم وطعن فيهم لا يكون متابعًا لهم، ولا ملابسًا بسيرتهم، ومنها ما جاء في رواية أخرى أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن الفرقة الناجية فقال: الجماعة. وهذه صفة مختصة بنا؛ لأن جميع الخاص والعام من أهل الفرق المختلفة يسمونهم أهل السنة والجماعة. وكيف يتناول هذا الاسم الخوارج وهم لا يرون الجماعة، والروافض وهم لا يرون الجماعة، والمعتزلة وهم لا يرون صحة الإجماع؟! وكيف تليق بهم هذه الصفة التي ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم ومنها أنهم يستعملون في الأدلة الشرعية: كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإجماع الأمة، والقياس، ويجمعون بين جميعها في فروع الشريعة ويحتجون بجميعها؟! وما من فريق من فرق مخالفيهم إلا وهم يردون شيئًا من هذه الأدلة؛ فبان أنهم أهل النجاة باستعمالهم جميع أصول الشريعة دون تعطيل شيء منها»([6]).

ويدخل في الأصول الكلية ما يتعلق بأصول معتقدات أهل السنة والجماعة، وكذلك ما يتعلق بمنهجيتهم العامة في الفهم والاستدلال، وكذلك مصادر التلقي، والعلاقة بينها، وبيانه كالآتي:

أولًا: الخروج عن معتقدهم:

ويشمل ذلك ما دلت النصوص على اعتباره من أصول الاعتقاد، كالقول في الصفات والقدر وغيرهما.

يقول شيخ الإسلام رحمه الله: «ولهذا قال الأئمة: القرآن كلام الله غير مخلوق كيفما تصرف، بخلاف أفعال العباد وأصواتهم فإنه من نفى عنها الخلق ‌كان ‌مبتدعًا ضالًّا»([7]).

ومن هذه المسائل (الموقف من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم): فالنصوص تدل على فضل الصحابة وعظم منزلتهم والترضي عنهم جميعًا، ومن انتقص واحدًا منهم كان ذلك قدحًا في أصل منصوص عليه في القرآن والسنة.

لذا فإن الإمام أحمد يقول: «ومن انتقص أحدًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو بغضه بحدث منه أو ذكر مساويه كان مبتدعا، حتى يترحم عليهم جميعا ويكون قلبه لهم سليما»([8]).

ونقلها عنه أبو يعلى بلفظ: «ومن تنقص أحدًا من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أو أبغضه لحدثٍ كان منه أو ذكر مساويه ‌كان ‌مبتدعًا خارجًا عن الجماعة، حتى يترحم عليهم جميعًا ويكون قلبه لهم بأجمعهم سليمًا»([9]).

ومن ذلك أيضًا (المفارقة بدعاء المخلوقين والموتى والغائبين والاستغاثة به):

يقول شيخ الإسلام: «فمن دعا المخلوقين من الموتى والغائبين واستغاث بهم -مع أن هذا أمر لم يأمر به الله ولا رسوله أمر إيجاب ولا استحباب- ‌كان ‌مبتدعًا في الدين، مشركًا برب العالمين، متبعًا غير سبيل المؤمنين»([10]).

ثانيًا: الخروج عن طريقتهم في الفهم ومصادر التلقي:

فصفة الـمُفارقين أنهم يجعلون التسليم للوحي ونصوص الكتاب والسنة مشروطًا ومقيدًا، وإذا كان من أهم ما يميز أهل السنة والجماعة أن منهجهم قائم على التسليم المطلق لنصوص الكتاب والسنة، ولا يشترطون في التسليم بها أي شرط إلا مجرد ثبوت النص، وضبط دلالته وفق ما تقتضيه اللغة العربية وفهم السلف الصالح لها؛ فإن أهل البدع المفارقين لهم يقيِّدون نصوص الكتاب والسنة بمقيدات، ويسلطون عليها قوانين وقواعد جعلوها كلية! واعتبروها معايير حاكمة على النصوص! يَفهمون الوحي من خلالها؛ كدعوى المعارض العقلي، ودعوى الكشف الصوفي.

وذلك أن من أعظم ما ابتليت به الفرق الكلامية وفتح عليهم باب الشر: بدعة المعارِض العقلي؛ ففارقوا أهل السنة بتسليط معارضات العقول على نصوص الكتاب والسنة.

«وكل من أوقف الإيمان بالنصوص على موافقة عقله أو قياسه أو ذوقه أو كشفه أو منامه أو حِسّه ففيه شبه من اليهود والنصارى والذين كفروا، وقد أمرنا بمخالفتهم، ولهذا لا تكاد تجد شبهة أو مقالة منحرفة في الفرق المخالفة لأهل السنة إلا وفي اليهود والنصارى نظيرها»([11]).

وما من مفارق لأهل السنة والجماعة إلا ويدخل ضمن أسباب انحرافه -إن لم يكن هو السبب الرئيس- تقييدُ التسليم بالنص الشرعي بمعيار حاكم عليه.

فالموقف من النصوص الشرعية هو المعيار الذي يحاكم إليه كل من ينتسب إلى الإسلام؛ فأما التسليم المطلق فيختص به أهل السنة والجماعة، وأما ما يقابله على سبيل المناقضة التامة -وهو رفض التسليم بالنصوص الشرعية- فهو سبيل الخارجين عن أهل القبلة، وبينهما تسليم مُقيَّد مشروط، لم يناقض أصل التسليم بالنصوص، ولم يوافق منهج أهل السنة والجماعة في التسليم المطلق، وهو سبيل المناهج البدعية من أهل القبلة([12]).

يقول السجزي: «ولا خلاف أيضًا في أن الأمة ممنوعون من الإحداث في الدين، ومعلوم أن القائل بما ثبت من طريق النقل الصحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يسمَّى مُحدِثًا، بل يسمى سُنّيًّا متبعًا، وأن من قال في نفسه قولًا وزعم أنه مقتضى عقله، وأنّ الحديث المخالِف له لا ينبغي أن يلتفت إليه لكونه من أخبار الآحاد وهي لا توجب علمًا وعقله موجب للعلم، يستحقّ أن يسمى محدثًا مبتدعًا مخالفًا»([13]).

ويقول ابن تيمية: «فأما ‌معارضة ‌القرآن ‌بمعقول أو قياس فهذا لم يكن يستحلُّه أحد من السلف، وإنما ابتُدع ذلك لما ظهرت الجهمية والمعتزلة ونحوهم ممن بنوا أصول دينهم على ما سمَّوه معقولًا وردّوا القرآن إليه، وقالوا: إذا تعارض العقل والشرع إما أن يُفوَّض أو يتأوَّل، فهؤلاء من أعظم المجادلين في آيات الله بغير سلطان أتاهم»([14]).

وقال ابن القيم: «أما أن نقعد قاعدة ونقول: هذا هو الأصل، ثم ترد السنة لأجل مخالفة تلك القاعدة، فلعمر الله، لهدم ألف قاعدة لم يؤصلها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم أفرض علينا من ردّ حديث واحد»([15]).

وقال ابن أبي العز: «ومن العجب أنهم قدّموها على نصوص الوحي، وعزلوا لأجلها النصوص، فأقفرت قلوبهم من الاهتداء بالنصوص، ولم يظفروا بالعقول الصحيحة المؤيدة بالفطرة السليمة والنصوص النبوية. ولو حكموا نصوص الوحي لفازوا بالمعقول الصحيح، الموافق للفطرة السليمة. بل كل فريق من أرباب البدع يعرض النصوص على بدعته، وما ظنه معقولا، فما وافقه قال: إنه محكم، وقبله واحتج به! وما خالفه قال: إنه متشابه، ثم رده وسمى رده تفويضا! أو حرَّفه وسمى تحريفه تأويلا! فلذلك اشتد إنكار أهل السنة عليهم، وطريق أهل السنة: أن لا يعدلوا عن النص الصحيح، ولا يعارضوه بمعقول، ولا قول فلان»([16]).

ومن أهم معالم طريقة المفارقين لأهل السنة والجماعة في جانب الفهم ومصادر التلقي: المفارقة باجتزاء الأدلة وترك الاستدلال بجميع الأصول الشرعية.

فإن أهل البدع المخالفين لطريقة أهل السنة ديدنُهم اجتزاء الأدلة، ولا يُتمُّونها، وإن استدلوا بدليل شرعي معتبر لم يضمّوا إليه الأدلةَ الأخرى في المسألة، فيستدلون على ما يهوون بجزء من النص، أو ببعض الأدلة، دون ضمّ متمِّمات المعاني، والتي إن اجتمعت دلت على غير المقصود البدعي.

لذا تجد العلماء ينصون على خاصة أهل السنة والجماعة بالاستدلال بالأدلة الشرعية وعدم رد شيء منها، فهم «يستعملون في الأدلة الشرعية: كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمة والقياس، ويجمعون بين جميعها في فروع الشريعة ويحتجون بجميعها، وما من فريق من فرق مخالفيهم إلا وهم يردون شيئًا من هذه الأدلة؛ فبان أنهم أهل النجاة باستعمالهم جميع أصول الشريعة دون تعطيل شيء منها»([17]).

فكل فرقة مخالفة لأهل السنة والجماعة تجدها: «تستمسك ببعض تلك الأدلة، وترد ما سواها إليها، أو تهمل اعتبارها بالترجيح، إن كان الموضع من الظنيات التي يسوغ فيها الترجيح، أو تدعي أن أصلها الذي ترجع إليه قطعي والمعارض له ظنيّ فلا يتعارضان»([18]).

وإذا بحثنا عن مثال للعبث البدعي بالاستدلالات ستجد أمثلة، ومنها:

الاستدلال بقوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] على نفي الصفات الإلهية؛ فيثبتون ذاتًا بلا صفات، ولو أتموا الآيات لوجدوا في قوله تعالى: {اللهُ الصَّمَدُ} [الإخلاص: 2] إثبات صفتي الألوهية والصمدية، وما يلزمهما من الوجود والحياة والعلم وغيرها. وإذا ضم إلى هذه السورة المباركة آية الكرسي: {اللهُ لا إِلَهَ إلا هُوَ الحيُّ القَيُّومُ} الآية [البقرة: 255]، وكذلك أواخر سورة الحشر وغيرها، تبين له نقيض ما أراده من نفي الصفات، وأن اجتزاء الفهم بالاستدلال على ذلك بقوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} دون غيره مَسْلكٌ فاسد.

ولما احتجَّ غيلان الدمشقي أمام عمر بن عبد العزيز على مقالته في القدر بقوله تعالى: {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} [الإنسان: 2، 3]. قال له عمر: اقرأ آخر السورة: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا * يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [الإنسان: 30، 31]. ثم قال عمر: وما تقول يا غيلان؟ قال: أقول: قد كنت أعمى فبصرتني، وأصم فأسمعتني، وضالًّا فهديتني… فتاب. ثم رجع إلى مقالته في عهد هشام بن عبد الملك فصلبه([19]).

وقد تقدّم كلام أبي المظفر الإسفراييني أن أهل السنة والجماعة يستعملون جميع الأدلة الشرعية، ويجمعون بين جميعها في فروع الشريعة، ويحتجون بجميعها، وأن مخالفيهم يردّون شيئًا من هذه الأدلة([20]).

ويقول شيخ الإسلام: «وثبت عن محمد بن الحسن -صاحب أبي حنيفة- أنه قال: اتفق الفقهاءُ كلُّهم من الشرق والغرب على الإيمان بالقرآن والأحاديث التي جاء بها الثقاتُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفة الرب عزَّ وجلَّ من غير تفسيرٍ ولا وصفٍ ولا تشبيه، فمن فسَّر شيئًا من ذلك فقد خرج مما كان عليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم وفارق الجماعة؛ فإنهم لم يَصِفُوا ولم يفسِّروا، ولكنْ آمنوا بما في الكتاب والسُّنة ثم سكتوا، فمن قال بقول جَهْمٍ فقد فارق الجماعة. انتهى. فانظر -رحمك الله- إلى الإمام كيف حكى الإجماع في هذه المسألة، ولا خير فيما خرج عن إجماعهم»([21]).

ثالثًا: الخروج عن إجماعهم:

فمن خالف ما أجمع عليه السلف فهو مخالف لجماعتهم، وشذ بما ذهب إليه عما اتفقوا عليه وأجمعوا عليه؛ فلا يكون لأجل شذوذه من جماعة المسلمين، وإن لم يُخرجه شذوذه واتباعه لهواه عن أن يكون من أهل القبلة.

وأما من خالف فيما دون مسائل الإجماع فإنما خالف فيما يسوغ فيه الخلاف عند السلف، فلم يخرج بقوله فيما ذهب إليه عن جماعتهم، وإنما خرج عن قول بعضهم، وليس من خالف ففارق جملة الجماعة كمن قال بقول ذهب إليه بعض الجماعة.

وما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم من وصف الفرقة الناجية بأنها الجماعة فإنما ينضبط ويُفهم معناه على حقيقته باعتبار ما سبق تقريره من موافقة الإجماع، وعدم قبول الخلاف فيه، وما ذكره العلماء في بيان المراد بالجماعة في الحديث فإنه لا يخرج عن هذا المعنى عند التحقيق.

يقول ابن بطة العكبري رحمه الله: «وإن تأول متأوِّل من الفقهاء مذهبًا في مسألة من الأحكام خالف فيها الإجماع، وقعد عنه فيها الاتباع، كان منتهى القول بالعتب عليه: أخطأتَ، لا يقال له: كفرتَ، ولا جحدتَ، ولا ألحدتَ؛ لأن أصله موافق للشريعة، وغير خارج عن الجماعة في الديانة»([22]).

وقد تبين بدلالة الواقع أن حقيقة الفَرْقِ بين هذه الفِرَق الحادثة وبين أهل السنة والجماعة إنما هو في الموقف من إجماع السلف الصالح، وأن أهل السنة والجماعة لم يستحقوا هذا الوصف الشريف إلا لأجل التزامهم بهدي السلف الصالح وما أجمعوا عليه، وإن كان قد يحصل بينهم اختلاف فيما دون ذلك، وأن أهل البدع من الفرق الضالة إنما انحرفوا لأجل أنهم قد خالفوا إجماع السلف الصالح، فخرجوا بمخالفتهم لهذا الإجماع عن الجماعة الواجب لزومها([23]).

يقول شيخ الإسلام: «ولهذا وصف الفرقة الناجية بأنها أهل السنة والجماعة وهم الجمهور الأكبر والسواد الأعظم، وأما الفرق الباقية فإنهم أهل الشذوذ والتفرق والبدع والأهواء… وشعار هذه الفرق مفارقة الكتاب والسنة والإجماع، فمن قال بالكتاب والسنة والإجماع كان من أهل السنة والجماعة»([24]).

ويقول أيضًا: «ومذهب أهل السنة والجماعة مذهب قديم معروف قبل أن يخلق الله أبا حنيفة ومالكًا والشافعي وأحمد، فإنه مذهب الصحابة الذين تلقوه عن نبيهم، ومن خالف ذلك ‌كان ‌مبتدعًا عند أهل السنة والجماعة، فإنهم متفقون على أن إجماع الصحابة حجة، ومتنازعون في إجماع من بعدهم»([25]).

فإذا أجمع علماء الأمة على أمر فلا يمكن إلا أن يكون هو الحق، ولا يمكن أن يكون قول غيرهم مقبولًا فيما يناقض إجماعهم، لأن غيرهم من عموم المسلمين تبع لهم، وعلى هذا يكون إجماع علماء الأمة على أمر هو بمعنى إجماع الأمة عليه.

ويقول شيخ الإسلام: «ومما ينبغي أيضا أن يعرف أن الطوائف المنتسبة إلى متبوعين في أصول الدين والكلام على درجات: منهم من يكون قد خالف السنة في أصول عظيمة، ومنهم من يكون إنما خالف السنة في أمور دقيقة. ومن يكون قد رد على غيره من الطوائف الذين هم أبعد عن السنة منه؛ فيكون محمودا فيما رده من الباطل وقاله من الحق؛ لكن يكون قد جاوز العدل في رده بحيث جحد بعض الحق وقال بعض الباطل، فيكون قد رد بدعة كبيرة ببدعة أخف منها، ورد باطلا بباطل أخف منه، وهذه حال أكثر أهل الكلام المنتسبين إلى السنة والجماعة، ومثل هؤلاء إذا لم يجعلوا ما ابتدعوه قولا يفارقون به جماعة المسلمين، يوالون عليه ويعادون؛ كان من نوع الخطأ، والله سبحانه وتعالى يغفر للمؤمنين خطأهم في مثل ذلك؛ ولهذا وقع في مثل هذا كثير من سلف الأمة وأئمتها: لهم مقالات قالوها باجتهاد، وهي تخالف ما ثبت في الكتاب والسنة؛ بخلاف من والى موافقه وعادى مخالفه وفرق بين جماعة المسلمين وكفر وفسق مخالفه دون موافقه في مسائل الآراء والاجتهادات؛ واستحل قتال مخالفه دون موافقه، فهؤلاء من أهل التفرق والاختلافات»([26]).

وقال ابن قدامة: «فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الفرقة الناجية هي التي تكون على ما كان عليه هو وأصحابه، فمتبعهم إذا يكون من الفرقة الناجية لأنه على ما هم عليه، ومخالفهم من الاثنتين والسبعين التي في النار، ولأن من لم يتبع السلف -رحمة الله عليهم- وقال في الصفات الواردة في الكتاب والسنة قولًا من تلقاء نفسه لم يسبقه إليه السلف، فقد أحدث في الدين وابتدع، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة»»([27]).

يقول شيخ الإسلام وقد سئل عن الفرقة الناجية: “«من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي»، وفي الرواية الأخرى قال: «هم الجماعة». وكل من التفسيرين يناقض قول الإمامية، ويقتضي أنهم خارجون عن الفرقة الناجية، فإنهم خارجون عن جماعة المسلمين: يكفِّرون أو يفسِّقون أئمة الجماعة كأبي بكر وعمر وعثمان، دع معاوية وملوك بني أمية وبني العباس، وكذلك يكفِّرون أو يفسِّقون علماء الجماعة وعُبَّادهم، كمالك والثوري والأوزاعي والليث بن سعد وأبي حنيفة والشافعي وأحمد وإسحق وأبي عبيد وإبراهيم بن أدهم والفضيل بن عياض وأبي سليمان الداراني ومعروف الكرخي وأمثال هؤلاء، وهم أبعد الناس عن معرفة سير الصحابة والاقتداء بهم، لا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولا بعده، فإن هذا إنما يعرفه أهل العلم بالحديث والمنقولات، والمعرفة بالرجال الضعفاء والثقات، وهم من أعظم الناس جهلا بالحديث وبُغضا له ومعاداة لأهله، فإذا كان وصف الفرقة الناجية أتباع الصحابة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك شعار السنة والجماعة؛ كانت الفرقة الناجية هم أهل السنة والجماعة، فالسنة ما كان صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه عليه»([28]).

ومن تأمل ما ذكره العلماء في معنى الجماعة التي جاءت النصوص بالأمر بلزومها وجد أنها لا تخرج عن معنيين:

أحدهما: لا يمكن تخلفه بحال.

والمعنى الثاني: يمكن تخلّفه في بعض الأحوال.

فأما المعنى الذي لا يتخلف في جميع الأحوال فهو الأمر بلزوم ما أجمعت عليه الأمة وعدم مفارقته، وأما المعنى الذي يمكن تخلفه في بعض الأحوال فهو لزوم جماعة المسلمين في طاعتهم لإمامهم، وهذا إنما يكون في حال وجود الإمام الذي تجب بيعته وطاعته، وفي بعض الأزمنة والأمكنة قد يكون المسلم في بلاد ليس فيها إمام ولا جماعة بهذا المعنى، فلم يبق للمسلم في هذه الحالة وإن لم يكن مبايعًا لإمام تجب بيعته وطاعته إلا أن يلتزم بالجماعة بالمعنى الأول، فلا يخرج عما أجمع عليه المسلمون، وما نقله الإمام الشاطبي عن العلماء في معنى الجماعة لا يخرج عن هذين المعنيين([29]).

الأمر الثاني: كثرة المخالفة في المسائل الفرعية:

فكثرة الفروع المخالفة للنصوص والأدلة الثابتة المعتبرة، ولما عليه عموم منتسبي أهل السنة والجماعة من جزئيات، تؤول بجملتها إلى خلاف في الأصول، فتصير علامة كاشفة على أن الأصول تغاير ما عليه عموم أهل السنة والجماعة؛ فإن اجتماع مياه السيل إنما هو ذرات القطر، وإنما الجبال من الحصى.

فكثرة المخالفة في الفروع المتصلة بالعقيدة تؤول إلى خلاف ومفارقة في كليات وأصول أهل السنة والجماعة.

يقول الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى: «ويجري مجرى القاعدة الكلية كثرة الجزئيات، فإن المبتدع إذا أكثر من إنشاء الفروع المخترعة عاد ذلك على كثير من الشريعة بالمعارضة»([30]).

وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) رسالة السجزي إلى أهل زبيد (ص: 85).

([2]) قضية التحسين والتقبيح العقليين من أكبر القضايا التي خاض فيها أتباع المدارس الكلامية الاعتزالية والأشعرية، ولها آثار كبيرة في العقيدة والأصول. وللمزيد حولها ينظر لمقيِّده: الأثر الكلامي في أصول الفقه، ط. مركز تكوين (ص: 187-204).

([3]) الاعتصام (3/ 139-140).

([4]) الإبانة الكبرى (2/ 566).

([5]) مجموع الفتاوى (35/ 414).

([6]) التبصير في الدين (ص: 186).

([7]) دقائق التفسير (2/ 192).

([8]) أصول السنة (ص: 54).

([9]) ينظر: طبقات الحنابلة، لابن أبي يعلى -ت: الفقي- (1/ 311).

([10]) قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة -ضمن مجموع الفتاوى- (1/ 312).

([11]) حكم مخالفة منهج أهل السنة والجماعة في تقرير مسائل الاعتقاد، عثمان علي حسن (ص: 38).

([12]) ينظر: نقد مستند المعارض العقلي عند المتكلمين، للقرني، مجلة التأصيل، ع 8، السنة الرابعة، 1434هـ (ص: 34- 35).

([13]) رسالة السجزي إلى أهل زبيد (ص: 101).

([14]) الاستقامة (1/ 23). وينظر ورقة علمية بعنوان: العقل أصل والشرع تبع.. قانون كلي أو مغالطة، من منشورات مركز سلف.

([15]) إعلام الموقعين (2/ 368).

([16]) شرح الطحاوية (2/ 500).

([17]) التبصير في الدين، للإسفراييني (ص: 186).

([18]) الاعتصام للشاطبي (3/ 201-202). وينظر: شرح الطحاوية لابن أبي العز (2/ 786).

([19]) ينظر: الشريعة للآجري (ص: 228).

([20]) ينظر: التبصير في الدين (ص: 186-187).

([21]) الانتصار لأهل الأثر (نقض المنطق) (ص: 7-8).

([22]) الإبانة الكبرى (2/ 566).

([23]) ينظر: ضابط الفرق بين أهل السنة ومخالفيهم للقرني (ص: 10-11).

([24]) مجموع الفتاوى (3/ 346).

([25]) منهاج السنة النبوية (2/ 601).

([26]) مجموع الفتاوى (3/ 348-349).

([27]) ذم التأويل (ص: 29).

([28]) منهاج السنة النبوية (3/ 456-457).

([29]) ينظر: ضابط الفرق بين أهل السنة ومخالفيهم (ص: 37).

([30]) الاعتصام (3/ 139-141).

التعليقات مغلقة.

جديد سلف

تذكير المسلمين بخطورة القتال في جيوش الكافرين

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   مقدمة: من المعلومِ أنّ موالاة المؤمنين والبراءة من الكافرين من أعظم أصول الإيمان ولوازمه، كما قال تعالى: ﴿إِنَّمَا ‌وَلِيُّكُمُ ‌ٱللَّهُ ‌وَرَسُولُهُۥ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ﴾ [المائدة: 55]، وقال تعالى: (لَّا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ […]

ابن سعود والوهابيّون.. بقلم الأب هنري لامنس اليسوعي

 للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   بسم الله الرحمن الرحيم هنري لامنس اليَسوعيّ مستشرقٌ بلجيكيٌّ فرنسيُّ الجنسيّة، قدِم لبنان وعاش في الشرق إلى وقت هلاكه سنة ١٩٣٧م، وله كتبٌ عديدة يعمَل من خلالها على الطعن في الإسلام بنحوٍ مما يطعن به بعضُ المنتسبين إليه؛ كطعنه في أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وله ترجمةٌ […]

الإباضــــية.. نشأتهم – صفاتهم – أبرز عقائدهم

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: من الأصول المقرَّرة في مذهب السلف التحذيرُ من أهل البدع، وذلك ببيان بدعتهم والرد عليهم بالحجة والبرهان. ومن هذه الفرق الخوارج؛ الذين خرجوا على الأمة بالسيف وكفَّروا عموم المسلمين؛ فالفتنة بهم أشدّ، لما عندهم من الزهد والعبادة، وزعمهم رفع راية الجهاد، وفوق ذلك هم ليسوا مجرد فرقة كلامية، […]

دعوى أن الخلاف بين الأشاعرة وأهل الحديث لفظي وقريب

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: يعتمِد بعض الأشاعرة المعاصرين بشكلٍ رئيس على التصريحات الدعائية التي يجذبون بها طلاب العلم إلى مذهبهم، كأن يقال: مذهب الأشاعرة هو مذهب جمهور العلماء من شراح كتب الحديث وأئمة المذاهب وعلماء اللغة والتفسير، ثم يبدؤون بعدِّ أسماء غير المتكلِّمين -كالنووي وابن حجر والقرطبي وابن دقيق العيد والسيوطي وغيرهم- […]

التداخل العقدي بين الفرق المنحرفة (الأثر النصراني على الصوفية)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: بدأ التصوُّف الإسلامي حركة زهدية، ولجأ إليه جماعة من المسلمين تاركين ملذات الدنيا؛ سعيًا للفوز بالجنة، واقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، ثم تطور وأصبح نظامًا له اتجاهاتٌ عقائدية وعقلية ونفسية وسلوكية. ومن مظاهر الزهد الإكثار من الصوم والتقشّف في المأكل والملبس، ونبذ ملذات الحياة، إلا أن الزهد […]

فقه النبوءات والتبشير عند الملِمّات

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: منَ الملاحَظ أنه عند نزول المصائب الكبرى بالمسلمين يفزع كثير من الناس للحديث عن أشراط الساعة، والتنبّؤ بأحداث المستقبَل، ومحاولة تنزيل ما جاء في النصوص عن أحداث نهاية العالم وملاحم آخر الزمان وظهور المسلمين على عدوّهم من اليهود والنصارى على وقائع بعينها معاصرة أو متوقَّعة في القريب، وربما […]

كيف أحبَّ المغاربةُ السلفيةَ؟ وشيء من أثرها في استقلال المغرب

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   مقدّمة المعلِّق في كتابِ (الحركات الاستقلاليَّة في المغرب) الذي ألَّفه الشيخ علَّال الفاسي رحمه الله كان هذا المقال الذي يُطلِعنا فيه علَّالٌ على شيءٍ من الصراع الذي جرى في العمل على استقلال بلاد المغرب عنِ الاسِتعمارَين الفرنسيِّ والإسبانيِّ، ولا شكَّ أن القصةَ في هذا المقال غيرُ كاملة، ولكنها […]

التوازن بين الأسباب والتوكّل “سرّ تحقيق النجاح وتعزيز الإيمان”

توطئة: إن الحياةَ مليئة بالتحدِّيات والصعوبات التي تتطلَّب منا اتخاذَ القرارات والعمل بجدّ لتحقيق النجاح في مختلِف مجالات الحياة. وفي هذا السياق يأتي دورُ التوازن بين الأخذ بالأسباب والتوكل على الله كمفتاح رئيس لتحقيق النجاح وتعزيز الإيمان. إن الأخذ بالأسباب يعني اتخاذ الخطوات اللازمة والعمل بجدية واجتهاد لتحقيق الأهداف والأمنيات. فالشخص الناجح هو من يعمل […]

الانتقادات الموجَّهة للخطاب السلفي المناهض للقبورية (مناقشة نقدية)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: ينعمُ كثير من المسلمين في زماننا بفكرٍ دينيٍّ متحرِّر من أغلال القبورية والخرافة، وما ذاك إلا من ثمار دعوة الإصلاح السلفيّ التي تهتمُّ بالدرجة الأولى بالتأكيد على أهمية التوحيد وخطورة الشرك وبيان مداخِله إلى عقائد المسلمين. وبدلًا من تأييد الدعوة الإصلاحية في نضالها ضدّ الشرك والخرافة سلك بعض […]

كما كتب على الذين من قبلكم (الصوم قبل الإسلام)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقدمة: مما هو متَّفق عليه بين المسلمين أن التشريع حقٌّ خالص محض لله سبحانه وتعالى، فهو سبحانه {لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54]، فالتشريع والتحليل والتحريم بيد الله سبحانه وتعالى الذي إليه الأمر كله؛ فهو الذي شرَّع الصيام في هذا الشهر خاصَّة وفضَّله على غيره من الشهور، وهو الذي حرَّم […]

مفهوم العبادة في النّصوص الشرعيّة.. والردّ على تشغيبات دعاة القبور

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة لا يَخفَى على مسلم أنَّ العبادة مقصَد عظيم من مقاصد الشريعة، ولأجلها أرسل الله الرسل وأنزل الكتب، وكانت فيصلًا بين الشّرك والتوحيد، وكل دلائل الدّين غايتها أن يَعبد الإنسان ربه طوعًا، وما عادت الرسل قومها على شيء مثل ما عادتهم على الإشراك بالله في عبادتِه، بل غالب كفر البشرية […]

تحديد ضابط العبادة والشرك والجواب عن بعض الإشكالات المعاصرة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة لقد أمر اللهُ تبارك وتعالى عبادَه أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]، ومدار العبادة في اللغة والشرع على التذلُّل والخضوع والانقياد. يقال: طريق معبَّد، وبعير معبَّد، أي: مذلَّل. يقول الراغب الأصفهاني مقررًا المعنى: “العبودية: إظهار التذلّل، والعبادة أبلغُ منها؛ […]

رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة.. بين أهل السنة والصوفية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الناظر المدقّق في الفكر الصوفي يجد أن من أخطر ما قامت عليه العقيدة الصوفية إهدار مصادر الاستدلال والتلقي، فقد أخذوا من كل ملة ونحلة، ولم يلتزموا الكتاب والسنة، حتى قال فيهم الشيخ عبد الرحمن الوكيل وهو الخبير بهم: “إن التصوف … قناع المجوسي يتراءى بأنه رباني، بل قناع […]

دعوى أن الحنابلة بعد القاضي أبي يعلى وقبل ابن تيمية كانوا مفوضة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة إن عهدَ القاضي أبي يعلى رحمه الله -ومن تبِع طريقته كابن الزاغوني وابن عقيل وغيرهما- كان بداية ولوج الحنابلة إلى الطريقة الكلامية، فقد تأثَّر القاضي أبو يعلى بأبي بكر الباقلاني الأشعريّ آخذًا آراءه من أبي محمد الأصبهاني المعروف بابن اللبان، وهو تلميذ الباقلاني، فحاول أبو يعلى التوفيق بين مذهب […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017