الاثنين - 04 ربيع الآخر 1446 هـ - 07 أكتوبر 2024 م

وقفات مع انتشار المذهب الأشعري وأسبابه

A A

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة

تمهيد:

ظهرت أفكار أبي الحسن الأشعري في القرن الرابع، إذ إن حياته في أواخر القرن الثالث قد أمضاها معتزليّا تابعًا للجبائي المعتزلي، إلى أن ثار على أفكاره وأعلن توبته من الاعتزال، وقال مقولته الشهيرة: “معاشر الناس، إني إنما تغيّبت عنكم في هذه المدّة لأني نظرت فتكافأت عندي الأدلة، ولم يترجح عندي حقّ على باطل ولا باطل على حقّ، فاستهديتُ الله تبارك وتعالى فهداني إلى اعتقاد ما أودَعته في كتبي هذه، وانخلعتُ من جميع ما كنتُ أعتقده كما انخلعت من ثوبي هذا”، وانخلع من ثوب كان عليه ورمى به([1]). فانخلع من الاعتزال إلى مذهب عبد الله ابن كلاب بالرغم من أنه لم يلقَه، لكن الآراء تتّفق على أنه انتقل إلى الرأي الكلّابي في المجمل، يقول ابن تيمية: “وأبو الحسن الأشعري لما رجع عن مذهب المعتزلة سلك طريقة ابن كلاب”([2])، ويقول رحمه الله: “ثم جاء أبو الحسن الأشعري فاتّبع طريقة ابن كلاب وأمثاله، وذكر في كتبه جمل مقالة أهل السنة والحديث، وأن ابن كلاب يوافقهم في أكثرها، وهؤلاء يسمون الصفاتية”([3]).

وعلى كلّ حال فإن الأشعرية مرتبطةٌ بأبي الحسن الأشعري الذي نشأتُه مرتبطة بالكلابية في المرتبة الأولى ثم الماتريدية مع بقايا الاعتزال، والأشاعرة جمعت بين هذه المناهج، وقالت بأقوال من كلّ هذه الطوائف ليتشكّل المذهب الأشعريّ رويدًا رويدًا مع طروء التطوير على تلك الأقوال والأصول، ولا شكّ أن ما كان عليه أبو الحسن الأشعري ليس هو ما ثبتت عليه الأشعرة لاحقًا، بل غيّروا في عدد من القضايا، وكان لهم رأي مخالف لما كان عليه أبو الحسن الأشعري، فالأشعرية إذن في الأصل تطوُّرٌ لاعتقاد الكلابية، ومع الأيام قلَّ ذكر الكلابية وانتشر المذهب الأشعري باعتقاداته المشابهة للمنهج الكلابي والمتميّزة عنه في جوانب، وذلك لشهرة أبي الحسن أوّلا، وأنه جاء في وقت ظهور المعتزلة فناظرهم وألف فيهم وجادلهم، وأنه في الأصل كان معتزليّا ثم انتقل عنهم، كما أن مؤلفات أبي الحسن الأشعري الكثيرة ساهمت في نشأة الأشاعرة بعيدًا عن المذهب الكلابي الذي بدأ يقلّ وجوده أو النسبة إليه مع مرور الأيام، ثم كان لتلامذته الدور الأكبر في انتشار المذهب الأشعري، فقد قام بالأمر من بعده أبو الحسن الباهلي والقاضي الباقلاني وابن فورك والإسفراييني والهروي والجويني والقشيري والشيرازي والغزالي والرازي وغيرهم من الأعلام الذين كان لهم الأثر الأكبر في اتشار المذهب الأشعري وتميزه عن المذهب الكلابي.

وفي هذه الورقة نقف وقفات مع انتشار المذهب الأشعري وأسبابه:

الوقفة الأولى: الأشاعرة كفِرقة متمايزة عن أهل السنة والجماعة:

لقي المذهبُ الأشعري في بداياته بعضَ التضييقات كونَه كان خارجا عن منهج أهل السنة والجماعة، خاصة وأن الكلابية كانت منبوذةً متمايزة عن منهج أهل الحديث، ولم يرض طريقتها إمام أهل السنة والجماعة أحمد بن حنبل، يقول ابن تيمية: “والإمام أحمد بن حنبل وغيره من أئمة السنة كانوا يحذرون عن هذا الأصل الذي أحدثه ابن كلاب، ويحذرون عن أصحابه، وهذا هو سبب تحذير الإمام أحمد عن الحارث المحاسبي ونحوه من الكلابية”([4]).

بل الأئمة كانوا يشنّعون على البعض لعلاقتهم بالكلابية فقط، يقول ابن تيمية: “وأما الحارث المحاسبى فكان ينتسب إلى قول ابن كلاب؛ ولهذا أمر أحمد بهجره، وكان أحمد يحذر عن ابن كلاب وأتباعه”([5])، وذكر الذهبي في السير ابن خزيمة لما قال له أبو علي الثقفي: ما الذي أنكرتَ -أيها الأستاذ- من مذاهبنا حتى نرجع عنه؟ قال: “ميلكم إلى مذهب الكلابية، فقد كان أحمد بن حنبل من أشدّ الناس على عبد الله بن سعيد بن كلاب، وعلى أصحابه مثل الحارث وغيره، حتى طال الخطاب بينه وبين أبي علي في هذا الباب”([6]).

فكان من الطبيعي أن لا يجد المذهب الأشعري قبولًا بين أوساط أهل السنة والجماعة، خاصة وأنه في بغداد! والذي أريد تقريره: أن الأشاعرة من أبي الحسن إلى القرن الخامس لم تكن مندمجة مع أهل السنة والجماعة بالكلية، بل كانت متمايزة وإن كان ليس كتمايزها فيما بعد.

الوقفة الثانية: الأشاعرة والاعتقاد القادري:

في بداية القرن الخامس -أي: بعد قرن تقريبًا من وفاة الأشعري- ظهر الاعتقاد القادري الموافق لمذهب أهل السنة والجماعة، وكتب الفقهاء بخطوطَهم بأن هذا اعتقاد المسلمين، وقرئ على المنابر وحِلق العلم، فكان ذلك تضييقًا أكثر على الأشاعرة الذين لم يجدوا قبولًا واسعًا لأفكارهم، ولم يكن الاعتقاد القادري موجهًا إلى الأشاعرة بل كان في المقام الأول على الرافضة والمعتزلة، يقول ابن كثير ناقلًا عن هبة الله الطبري: “وفي سنة ثمان وأربعمائة استتاب القادر بالله أمير المؤمنين فقهاء المعتزلة الحنفية، فأظهروا الرجوع، وتبرؤوا من الاعتزال والرفض والمقالات المخالفة للإسلام، وأخذ خطوطهم بذلك، وأنهم متى خالفوه حلّ بهم من النكال والعقوبة ما يتّعظ به أمثالهم”([7])، فلم يكن موجَّها للأشاعرة، لكن هذه الحادثة كانت شرارة لعن بعض الفرق على المنابر ومنهم الأشاعرة، وقد التزم محمود بن سبكتكين بأمر الخليفة القادر بالله، فقرأ اعتقاده وألزم الناس به، وظهر لعن بعض الفرق على المنابر منهم الأشاعرة في عهد سلطان السلاجقة طغرلبك مع وزيره أبي منصور بن محمد الكندري، فلعن الأشاعرة على المنابر، وأرجع بعضهم تعصب الكندري ضد الأشاعرة لكون السلطان حنفيّا مع كون الأشاعرة معظمهم من الشافعية، أما ابن عساكر فيجعله معتزليًّا! يقول ابن عساكر: “وإنما كان انتشار ما ذكره أبو بكر البيهقي رحمه الله من المحنة واستعار ما أشار بإطفائه في رسالته من الفتنة مما تقدم به من سب حزب الشيخ أبي الحسن الأشعري في دولة السلطان طغرلبك ووزارة أبي منصور بن محمد الكندري، وكان السلطان حنفيّا سنيّا، وكان وزيره معتزليّا رافضيّا، فلما أمر السلطان بلعن المبتدعة على المنابر في الجمع قرن الكندري للتسلّي والتشفّي اسم الأشعرية بأسماء أرباب البدع، وامتحن الأئمة الأماثل، وقصد الصدور الأفاضل، وعزل أبا عثمان الصابوني عن الخطابة بنيسابور، وفوّضها إلى بعض الحنفية، فأم الجمهور، وخرج الأستاذ أبو القسم والإمام أبو المعالي الجويني -رحمة الله عليهما- عن البلد، وهان عليهما في مخالفته الاغتراب وفراق الوطن والأهل والولد”([8]).

ويقول ابن الجوزي: “وفي هذه السنة [445هـ] أعلن بنيسابور لعن أبي الحسن الأشعري، فضج من ذلك أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري، وعمل رسالة سماها: (شكاية أهل السنة لما نالهم من المحنة)، وقال فيها: أيلعن إمام الدين ومحيي السنة؟! وكان قد رُفع إلى السلطان طغرلبك من مقالات الأشعري شيء، فقال أصحاب الأشعري: هذا محال، وليس بمذهب له. فقال السلطان: إنما يوغر بلعن الأشعري الذي قال هذه المقالات، فإن لم يدينوا بها ولم يقل الأشعري شيئا منها فلا عليكم مما يقول”([9]).

الوقفة الثالثة: الأشاعرة وآلب أسلان:

لم يَطُل الأمر على هذا الحال، بل تبدّل الأمر في عهد آلب أرسلان مع الوزير نظام الملك، فنصر الأشاعرةَ وأبطل ما كان من التضييق عليهم، يقول ابن عساكر: “فلم يكن إلا يسيرا حتى تقشَّعت تلك السحابة، وتبدَّد بهلك الوزير شملُ تلك العصابة، ومات ذلك السلطان، وولي ابنه آلب أرسلان، واستوزر الوزير الكامل والصّدر العالم العادل أبا علي الحسن بن علي بن إسحاق، فأعزّ أهل السنة وقمع أهل النفاق، وأمر بإسقاط ذكرهم من السبّ وإفراد من عداهم باللعن والثلب، واسترجع من خرج منهم إلى وطنه، واستقدمه مكرَّما بعد بعده وظعنه، وبنى لهم المساجد والمدارس، وعقد لهم الحلق والمجالس، وبنى لهم الجامع المنيعي في أيام ولد ذلك السلطان”([10]).

وبنصرة نظام الملك للأشاعرة وجمعِه لعلمائهم ورفعِه من شأنهم وبنائه المدرسة النظامية التي هي بمثابة جامعة رسمية أشعرية؛ ارتفع شأن الأشاعرة، وبدأ ينتشر في العالم الإسلامي، خاصة من القرن السادس فمَا بعد.

الوقفة الرابعة: بدء انتشار المذهب الأشعري:

بدأ المذهب الأشعريُّ بعد التمكين بالانتشار والخروج من العراق إلى الأمصار، وقد نقل المذهب الأشعريَّ من العراق إلى الديار الإسلامية عددٌ من الشخصيات، من أشهرهم أبو ذر الهروي، فقد نقل الأشعريّة إلى الحجاز، وقد كان محدِّثًا، ويأتي إليه الطلاب من كلّ البلاد الإسلامية كما هي عادة طلاب العلم في الرحلة، خاصّة وأنه أقام بمكّة والتي يكثر المجيء إليها لغرضين معًا، وهما أداء الحج أو العمرة، والأخذ عن المشايخ، فالآخذون عن مشايخ الحرمين أكثر من غيرهم في كثير من الأحيان، سواء من حيث العدد أو من حيث التنوُّع، فالناس يأتون من كلّ فجّ عميق. فأخذ عن أبي ذر عدد من الطلاب الحديثَ ومعه الاعتقاد الأشعريّ، ونقلوه إلى عدد من الديار، منها: بلاد المغرب والأندلس، وممن نقل المعتقد الأشعري إليها القاضي أبو الوليد الباجي، وأبو بكر ابن العربي، فقد أخذا الأشعريةَ عن أبي ذرّ، ثم رحلا إلى بغداد بمشورته، فأخذا الأشعرية عن شيوخ أبي ذر ونشراها في المغرب، وفي بيان هذا يقول ابن تيمية رحمه الله ناقلا عن الحسين بن أبي أمامة المالكي: “قال: سمعت أبي يقول: لعن الله أبا ذر الهرويّ؛ فإنه أول من حمل الكلامَ إلى الحرم، وأول من بثّه في المغاربة. قلت: أبو ذر فيه من العلم والدين والمعرفة بالحديث والسنة وانتصابه لرواية البخاري عن شيوخه الثلاثة وغير ذلك من المحاسن والفضائل ما هو معروفٌ به، وكان قد قدِم إلى بغداد من هراة، فأخذ طريقة ابن الباقلاني وحملها إلى الحرم، فتكلّم فيه وفي طريقته من تكلّم -كـأبي نصر السجزي وأبي القاسم سعد بن علي الزنجاني وأمثالهما من أكابر أهل العلم والدين- بما ليس هذا موضعَه، وهو ممن يرجّح طريقة الصبغي والثقفي على طريقة ابن خزيمة وأمثاله من أهل الحديث، وأهل المغرب كانوا يحجّون، فيجتمعون به ويأخذون عنه الحديث وهذه الطريقة ويدلّهم على أصلها، فيرحل منهم من يرحل إلى المشرق، كما رحل أبو الوليد الباجي فأخذ طريقة أبي جعفر السمناني الحنفي صاحب القاضي أبي بكر، ورحل بعده القاضي أبو بكر ابن العربي فأخذ طريقة أبي المعالي في الإرشاد”([11]).

ويظهر في النص إنصاف ابن تيمية رحمه الله وبيان الصفات الحسنة لأبي ذر وغيره وإن كان قد نشر الأشعرية في الحرم، فإنّ هذا لا يبطل محاسنَه الأخرى، والشاهدُ أن الهروي وتلامذته كانوا من أسباب انتشار الأشعرية في بلاد المغرب والأندلس، وإن كان الانتشار الحقيقيّ في المغرب لم يكن إلا بعد انتهاء دولة المرابطين وسيطرة ابن تومرت وأتباعه، وكان هذا الانتشار بالحديد والنار كما هو معلوم، وعلى كل حال فقد كان في المغرب علماء قرّروا المذهب الأشعريَّ ودعوا إليه، مثل أبي بكر محمد بن الحسن الحضرمي القيرواني، وأبي الحجاج يوسف بن موسى الضرير، وأبي عمر عثمان بن عبد الله السلالجي بعقيدته البرهانية، وكانت تلك العقيدة مع مرشدة ابن تومرت متونًا أساسيّة للمذهب الأشعري في المغرب، إلى أن جاء السنوسي ووضع متونه العقدية كالصغرى والوسطى والكبرى وشروحها، وصار الاعتماد عليها أكثر.

أما في مصر فإن الدولة الأيوبيّة كانت سببًا في انتشار المعتقد الأشعري، خاصة زمن صلاح الدين بعد القضاء على العبيدين، يقول المقريزي: “وحفظ صلاح الدين في صباه عقيدةً ألفها له قطب الدين أبو المعالي مسعود بن محمد بن مسعود النيسابوريّ، وصار يحفظها صغار أولاده، فلذلك عقدوا الخناصر وشدّوا البنان على مذهب الأشعريّ، وحملوا في أيام دولتهم كافّة الناس على التزامه، فتمادى الحال على ذلك جميعَ أيام الملوك من بني أيوب، ثم في أيام مواليهم الملوك من الأتراك”([12]).

وبعدها تبنّت الدولة العثمانية الماتريدية والأشعرية، فساهم ذلك في انتشاره أكثر، مع بقاء المذهب السلفي وعدم اندثاره، لكن لم يكن الانتشار الأكثر له إلى القرن الحادي عشر والثاني عشر.

الوقفة الخامسة: أسباب انتشار المذهب الأشعري:

انتشار المذهب الأشعريّ من القرن السادس حقيقةٌ وواقع، حتى صارت أكثر المدارس النظامية في بعض الأزمان خالصة لهم، وبالرغم من وجود صوت مذهب أهل السنة والجماعة وعدم خفائه إلا أن السلطة والقضاء كانت بيد الأشاعرة ردحًا من الزمن، وفي هذه القرون قد تبناه علماء من فقهاء وأصوليين وغيرهم من علماء اللغة والتفسير، ولانتشار المذهب الأشعري أسباب عدة، من أهمها:

أولًا: تبنِّي السلطة له:

بينت فيما سبق أن المذهبَ الأشعري كان أوّل انتشاره في أواخر عهد السلاجقة بعد أن تبناه نظام الملك، وأرجع بعض الأشاعرة الذين نفوا في العهد الذي قبل آلب أرسلان وقرَّبهم، فبدأ المذهب الأشعري في الانتشار من جديد، فانتشر في الحجاز والمغرب وبلاد الأندلس، وكذا في مصر مع الأيوبيين، وكان حضوره في الشرق جهة خراسان أقلَّ لوجود الحنفية هناك، وعلى كل حال فقد كان المؤثِّر الأكبر في انتشار الأشعرية هو تبني السلطة للاعتقاد الأشعري، وتحويل أو إنشاء عدد من المدارس الرسمية لتدرّس الاعتقاد الأشعري كالمدارس النظامية، وكالأزهر في عهد الدولة الأيوبية، وكالزيتونة وغيرها، يقول ابن الجوزي رحمه الله “ثم تبع أقوام من السلاطين مذهبه فتعصبوا له -أي: أبي الحسن الأشعري- وكثر أتباعه حتى تركت الشافعية معتقد الشافعيّ رضي الله عنه ودانوا بقول الأشعري”([13]).

وقد كان هذا الانتشار للمذهب الأشعري تارة لمجرد تبني السلطة، وتارة بالإلزام، وتارة بالحديد والنار، ومن أهم من ناصر الأشاعرة وتبنى المذهب الأشعري في السلطة:

1- نظام الملك وزير سلطان السلاجقة آلب أرسلان وغيره، وقد كان وزيرًا لآلب أرسلان قرابة الثلاثين سنة، ومن المعلوم أن السلاجقة حين تولّوا الحكم في بغداد بعد البويهيين لم يبقوا فيه إلا قرابة الثلاث سنوات حتى وقعت فتنة البساسيري سنة 450هـ، فوقعت بغداد في يده ونزعت من الخلافة العباسية، لكن السلاجقة استطاعوا أن يعيدوا بغداد خلال سنة واحدة، وكان هذا انتصارا لأهل السنة على العبيدين بالمجمل، وقد كان سلاطين السلاجقة في بداية أمرهم يلعنون المبتدعة ومنهم الأشاعرة، خاصّة مع الوزير أبي منصور بن محمد الكندري في عهد طغرلبك، لكن ما لبث أن انتهى عهد طغرلبك وجاء ألب أرسلان ووزيره نظام الملك فمحا لعن الأشاعرة وأعاد من خرج منهم من بغداد، ورفع شأن الأشاعرة كما مرّ بنا، فنظام الملك إذن هو واحدٌ من أهم الأسباب لانتشار الأشعرية في بلاد العراق وما جاورها.

2- الدولة الأيوبية، وعلى رأسها: صلاح الدين الأيوبي، يقول المقريزي: “وأما العقائد فإن السلطان صلاح الدين حمل الكافة على عقيدة الشيخ أبي الحسن عليّ بن إسماعيل الأشعريّ تلميذ أبي علي الجبائيّ”([14])، فقد حمل الناس على المذهب الأشعري حملًا وإلزامًا، ويبين المقريزي هذا في موضع آخر فيقول: “فلما ملك السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب ديار مصر كان هو وقاضيه صدر الدين عبد الملك بن عيسى بن درباس المارانيّ على هذا المذهب، قد نشآ عليه منذ كانا في خدمة السلطان الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي بدمشق، وحفظ صلاح الدين في صباه عقيدة ألفها له قطب الدين أبو المعالي مسعود بن محمد بن مسعود النيسابوريّ، وصار يحفظّها صغار أولاده، فلذلك عقدوا الخناصر وشدّوا البنان على مذهب الأشعريّ، وحملوا في أيام دولتهم كافة الناس على التزامه، فتمادى الحال على ذلك جميع أيام الملوك من بني أيوب، ثم في أيام مواليهم الملوك من الأتراك”([15]).

فكان سبب الانتشار هو حمل كثير من الناس على المذهب الأشعري وإلزامهم به، وما فعله ابن تومرت أشد وأشنع كما سيأتي بيانه، لكن صلاح الدين قد ألزم الناس أيضًا، يقول محمد بن علان الصديقي: “فلما ولي صلاح الدين بن أيوب وحمل الناس على اعتقاد مذهب الأشعري أمر المؤذنين أن يعلنوا وقت التسبيح بذكر العقيدة الأشعرية التي تعرف بالمرشدية، فواظبوا على ذكرها كل ليلة”([16]).

3- المهدي ابن تومرت، ويعتبر ممن ساهم بشكل كبير في انتشار المذهب الأشعري في بلاد المغرب وما جاورها والأندلس، مع أن المذهب الأشعري كان موجودًا في تلك الديار بعد أن نقله إليها تلامذة الهروي كما بيّنت، بيد أن ابن تومرت بعد أن أسقط دولة المرابطين ساهم بشكل كبير جدًّا في نشر الاعتقاد الأشعري، وقد سمى دولته بالموحّدين، ولئن كان صلاح الدين قد حمل الناس على المذهب الأشعري، فإن دولة الموحدين كانت أشدَّ في هذا الأمر، وكانت مع مخالفيها من أهل السنة والجماعة أشنعَ، يقول المقريزي: “واتفق مع ذلك توجّه أبي عبد الله محمد بن تومرت أحد رجالات المغرب إلى العراق، وأخذ عن أبي حامد الغزاليّ مذهب الأشعريّ، فلما عاد إلى بلاد المغرب وقام في المصامدة يفقههم ويعلمهم، وضع لهم عقيدة لقفها عنه عامّتهم، ثم مات فخلفه بعد موته عبد المؤمن بن عليّ القيسيّ، وتلقب بأمير المؤمنين، وغلب على ممالك المغرب هو وأولاده من بعد مدّة سنين، وتسمّوا بالموحدين، فلذلك صارت دولة الموحدين ببلاد المغرب تستبيح دماء من خالف عقيدة ابن تومرت، إذ هو عندهم الإمام المعلوم المهديّ المعصوم، فكم أراقوا بسبب ذلك من دماء خلائق لا يحصيها إلّا الله خالقها سبحانه وتعالى، كما هو معروف في كتب التاريخ، فكان هذا هو السبب في اشتهار مذهب الأشعريّ وانتشاره في أمصار الإسلام”([17]).

فالسبب الحقيقي في نظر المقريزي هو أن دولة الموحّدين في بلاد المغرب قد حملت الناس بالحديد والنار على المعتقد الأشعري، ولم يكتفوا بهذا، إنما هجموا على مخالفيهم واستباحوا دماءهم، في حين إن الناس في بلاد المغرب في الأصل لم تكن أغلبيتهم على المعتقد الأشعري، بل -حسب محيي الدين المراكشي- كانوا ينافرون هذه العلوم، يقول رحمه الله: “وكان جلّ ما يدعو إليه -أي: ابن تومرت- علم الاعتقاد على طريق الأشعرية، وكان أهل المغرب -على ما ذكرنا- ينافرون هذه العلوم، ويعادون من ظهرت عليه، شديدًا أمرهم في ذلك”([18])، ويؤكد هذا الذهبي فيقول: “وكانت تهمة ابن تومرت في إظهار العقيدة والدعاء إليها. وكان أهل المغرب على طريقة السلف ينافرون الكلام وأهله”([19])، ويقول: “قال اليسع بن حزم: سمى ابن تومرت المرابطين بالمجسّمين، وما كان أهل المغرب يدينون إلا بتنزيه الله تعالى عما لا يجب، [و]وصفه بما يجب له، مع ترك خوضهم عما تقصر العقول عن فهمه. إلى أن قال: فكفّرهم ابن تومرت لجهلهم العرض والجوهر، وأن من لم يعرف ذلك لن يعرف المخلوق من الخالق، وبأن من لم يهاجر إليه ويقاتل معه فإنه حلال الدم والحريم، وذكر أن غضبه لله وقيامه حسبة”([20]).

فحمل ابن تومرت الناس على المعتقد الأشعري في حين إن الناس لم يكونوا عليه، مع أن الأشاعرة قد وجدوا قبل دولة ابن تومرت لكن دون إلزام الناس عليه، يقول أبو العباس السلاوي: “واستمرّ الحال على ذلك مدة إلى أن ظهر محمد بن تومرت مهدي الموحدين في صدر المائة السادسة، فرحل إلى المشرق وأخذ عن علمائه مذهب الشيخ أبي الحسن الأشعري ومتأخري أصحابه من الجزم بعقيدة السلف مع تأويل المتشابه من الكتاب والسنة وتخريجه على ما عرف في كلام العرب من فنون مجازاتها وضروب بلاغاتها مما يوافق عليه النقل والشرع ويسلمه العقل والطبع، ثم عاد محمد بن تومرت إلى المغرب ودعا الناس إلى سلوك هذه الطريقة، وجزم بتضليل من خالفها، بل بتكفيره، وسمى أتباعه الموحدين تعريضا بأن من خالف طريقته ليس بموحّد، وجعل ذلك ذريعة إلى الانتزاء على ملك المغرب حسبما تقف عليه مفصَّلا بعدُ إن شاء الله، لكنه ما أتى بطريقة الأشعري خالصة، بل مزجها بشيء من الخارجية والشيعية حسبما يعلم ذلك بإمعان النظر في أقواله وأحواله وأحوال خلفائه من بعده، ومن ذلك الوقت أقبل علماء المغرب على تعاطي مذهب الأشعري وتقريره وتحريره درسا وتأليفا إلى الآن، وإن كان قد ظهر بالمغرب قبل ابن تومرت فظهورا ما، والله أعلم”([21]).

ومن المعلوم أن ابن تومرت قد وضع متنه في الاعتقاد الأشعري، وهو الذي كان عليه الناس بعد، يقول ابن كثير عنه: “فعظم شأنه وارتفع أمره وقويت شوكته، وتسمّى بالمهدي، وسمى جيشه جيش الموحدين، وألف كتابا في التوحيد وعقيدة تسمّى: المرشدة”([22])، ويقول ابن خلدون: “وذهب إلى رأيهم في تأويل المتشابه من الآي والأحاديث بعد أن كان أهل المغرب بمعزل عن اتّباعهم في التأويل والأخذ برأيهم فيه؛ اقتداء بالسلف في ترك التأويل وإقرار المتشابهات كما جاءت، ففطن أهل المغرب في ذلك، وحملهم على القول بالتأويل والأخذ بمذاهب الأشعرية في كافة العقائد، وأعلن بإمامتهم ووجوب تقليدهم، وألَّف العقائد على رأيهم مثل المرشدة في التوحيد”([23]).

فجاء ابن تومرت بالعقيدة الأشعرية، وحمل الناس عليها بالسيف بعد أن شنع على أهل السنة والجماعة، يقول ابن تيمية رحمه الله وهو يقيس ما حصل من ابن تومرت مع فتنة خلق القرآن وحمل الناس على القول به: “واستحلّ دماء ألوف مؤلّفة من أهل المغرب المالكية الذين كانوا من أهل الكتاب والسنة على مذهب مالك وأهل المدينة، يقرؤون القرآن والحديث كالصحيحين والموطأ وغير ذلك، والفقه على مذهب أهل المدينة، فزعم أنهم مشبّهة مجسمة، ولم يكونوا من أهل هذه المقالة، ولا يعرف عن أحد من أصحاب مالك إظهار القول بالتشبيه والتجسيم. واستحلّ أيضا أموالهم وغير ذلك من المحرمات بهذا التأويل ونحوه من جنس ما كانت تستحله الجهمية المعطلة -كالفلاسفة والمعتزلة وسائر نفاة الصفات- من أهل السنة والجماعة لما امتحنوا الناس في خلافة المأمون، وأظهروا القول بأن القرآن مخلوق، وأن الله لا يرى في الآخرة، ونفوا أن يكون لله علم أو قدرة أو كلام أو مشيئة أو شيء من الصفات القائمة بذاته. وصار كل من وافقهم على هذا التعطيل عصموا دمه وماله وولّوه الولايات وأعطوه الرزق من بيت المال وقبلوا شهادته وافتدوه من الأسر، ومن لم يوافقهم على أن القرآن مخلوق وما يتبع ذلك من بدعهم قتلوه أو حبسوه أو ضربوه أو منعوه العطاء من بيت المال، ولم يولوه ولاية، ولم يقبلوا له شهادة، ولم يفدوه من الكفار. يقولون: هذا مشبِّه، هذا مجسم لقوله: إن الله يُرى في الآخرة، وإن القرآن كلام الله غير مخلوق، وإن الله استوى على العرش ونحو ذلك”([24]).

وخلاصة الكلام ما قاله المقريزي: “فاستمرّ الحال على عقيدة الأشعريّ بديار مصر وبلاد الشام وأرض الحجاز واليمن وبلاد المغرب أيضا، لإدخال محمد بن تومرت رأي الأشعريّ إليها، حتى إنه صار هذا الاعتقاد بسائر هذه البلاد، بحيث إن من خالفه ضرب عنقه”([25])، فمن يخالف المذهب الأشعري يضرب عنقه، فهل بعد هذا من إلزام؟! ومن المفارقات العجيبة أن أهل السنة يُتَّهمون بكلا الاتهامين، أعني: النصرة السياسيّة، وتكفير الخصوم، بينما نجد التاريخ يحكي لنا حمل الناس على الأشعرية بالسيف وتكفير من سواهم وقتلهم وإراقة دمائهم!

ويتبين من هذا أن الدور السياسي كان حاسما في استقرار المذهب الأشعري وانتشاره في العالم الإسلامي، سواء كان هذا الدور مجرد تبنٍّ للعقيدة الأشعرية، أو كان حملًا عليها بقوة النظام كما في عهد صلاح الدين الأيوبي، أو حتى بقوة السيف والسنان كما في عهد ابن تومرت ودولته.

ثانيًا: المدارس الرسمية:

هذا السبب مبني على الذي قبله، فبعد أن تبنى بعض السلاطين الاعتقاد الأشعري ساهموا في بناء عدد من المدارس الكبرى والتي كانت تدرس المعتقد الأشعري، ومن أوائل تلك المدارس: المدارس النظامية التي بناها الوزير نظام الملك في عدة مدن؛ منها: البصرة وأصفهان وبلخ ومرو والموصل ونيسابور وبغداد، وأسند التدريس في هذه المدارس الكبرى إلى الأشاعرة، وكان هذا سببًا مهمًّا في انتشار المذهب الأشعري؛ إذ إنه هو المعتقد الرسمي للمدارس الكبرى الرسمية في تلك المناطق.

وكذا دار الحديث التي بناها نور الدين محمود بن زنكي، وتولى مشيختها ابن عساكر، كما أنشأ المدرسة النفرية النورية، وتولى التدريس فيها قطب الدين مسعود بن محمد النيسابوري الأشعري.

كما أن الأزهر بعد أن طرد الأيوبيون العبيدين وأخذوا منهم الأزهر كان يدرس فيها الاعتقاد الأشعري بناء على معتقد السلطة الحاكمة، بل بنى صلاح الدين عدة مدارس أخرى في عدد من المدن المصرية كلها على المعتقد الأشعري، يقول المقريزي: “وأما العقائد فإن السلطان صلاح الدين حمل الكافة على عقيدة الشيخ أبي الحسن عليّ بن إسماعيل الأشعريّ تلميذ أبي علي الجبائيّ، وشرط ذلك في أوقافه التي بديار مصر، كالمدرسة الناصرية بجوار قبر الإمام الشافعيّ من القرافة، والمدرسة الناصرية التي عرفت بالشريفية بجوار جامع عمرو بن العاص بمصر، والمدرسة المعروفة بالقمحية بمصر، وخانكاه سعيد السعداء بالقاهرة”([26]).

ولا شك أن لهذه المدارس أثرًا كبيرًا في انتشار المعتقد الأشعري، فإن هذه المدارس هي المدارس الكبرى في العالم الإسلامي، وكانت تعتبر مدارس حكومية تشرف عليها الدولة، فإقبال الناس عليها كبير، ويأتون إليها من كل الديار، فيحملون معهم العقيدة الأشعرية إلى بلادهم، فكانت تلك المدارس منعرجًا حاسما في صراع المذاهب، والتي بسببها مع العامل السياسي رجحت كفة الأشاعرة على غيرها.

ثالثًا: تبني بعض العلماء له:

تبنى المذهب الأشعري عددٌ من العلماء البارزين، فقد نشؤوا على المعتقد الأشعري بعد بسط النفوذ السياسي وحمل الناس عليه وإنشاء المدارس التي تقرره، فنشأ هؤلاء العلماء عليه وتبنوه، وهم فقهاء ومحدثون وشراح للحديث ومفسرون ولغويون وغيرهم.

هذه جملة من أباب انتشار المذهب الأشعري، وإن كان الناس في الجملة على المذهب العام لأهل السنة والجماعة، أعني: أن عامة الناس لم يتوغّلوا في المسائل الكلامية عند الأشاعرة، ولم يعرفوا أصولهم وأقوالهم المنافية للعقل كالقول بالكسب، بل حتى بعض أدلتهم، وإنما انتسبوا إليه بالعموم من انتساب الدولة والقضاة والسلطة الدينية في تلك البلاد، وعلى كل حال فقد بدأت منذ القرن الثاني عشر الهجري تقريبًا عودة جادة إلى المعتقد السلفي معتقد أهل السنة والجماعة، وكان ذلك في عدد من الدول الإسلامية، حتى أصبح اليوم له حضوره البارز، وطوال هذه السنين التي انتشر فيها المعتقد الأشعري لم تخل الديار الإسلامية من أهل السنة والجماعة سواء في عموم الناس، أو حتى من العلماء البارزين في كل عصر.

وهذه الوقفات المختصرة لانتشار المذهب الأشعري وأسبابه نخرج منها ببعض النتائج، أهمها:

1- أن المذهب الأشعري وُلد في التاريخ الإسلامي ولم يكن هو الأصل، وأعني بهذا: أن المذهب الأشعري ليس امتدادا في كثير من أصوله وقضاياه لماكان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وقد مر بنا كيف أن الكلابية كانت منبوذة من العلماء الكبار كأحمد بن حنبل، والأشاعرة تبع لهم في ذلك.

2- أن انتشار المذهب لاحقًا بعد استقراره لا يعطي صورة واضحة لأسباب الانتشار، فالمرحلة اللاحقة لأي مذهب هي واقع ما عاشه المذهب في بداية انتشاره، وبعد الرجوع إلى بداية انتشار المذهب نجد السلطة الحاكمة تقف خلف الانتشار سواء بالتمكين أو التدريس أو قصر مراكز العلم والفتيا عليهم.

3- يتبين أن الأشاعرة الذين ينادون اليوم بأن أهل السنة تكفيريّون هم أولى بأن يراجعوا تاريخهم ويتبرؤوا منه، فإن التكفير بغير حق يجب أن يحارب في كل مذهب، كما أن ما ينبني على التكفير من سفك للدماء وقتل للناس أمر خطير آخر يتَّهم به الأشاعرةُ أهلَ السنة، بينما أيديهم ملطَّخة به، فكان واجبًا عليهم أن يقدّموا مراجعات لتلك الحقبة التاريخية التي كانت السببَ في انتشار المذهب الأشعري واستقراره، ثم بعد الاستقرار والتمكين وتبني السلطة لا شكّ أن العوام في التبني الاسمي سيتبنون مذهب الحاكم، وإن كانوا في الحقيقة هم أهل سنّة؛ لعدم إلمامهم بالأصول الأشعرية كما يرى ذلك بعض الباحثين([27]).

وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(المراجع)

([1]) ينظر: تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الأشعري (ص: 39-40).

([2]) درء تعارض العقل والنقل (2/ 16).

([3]) مجموع الفتاوى (6/ 520).

([4]) مجموع الفتاوى (12/ 368).

([5]) درء تعارض العقل والنقل (2/ 6).

([6]) سير أعلام النبلاء (14/ 380).

([7]) البداية والنهاية (15/ 574).

([8]) تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الأشعري (ص: 108).

([9]) المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (15/ 340).

([10]) تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الأشعري (ص: 108-109).

([11]) درء تعارض العقل والنقل (2/ 101-102).

([12]) المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار (4/ 192).

([13]) المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (14/ 29).

([14]) المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار (4/ 166-167).

([15]) المرجع السابق (4/ 192).

([16]) الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (2/ 113).

([17]) المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار (4/ 192).

([18]) المعجب في تلخيص أخبار المغرب (ص: 139).

([19]) العبر في خبر من غبر (2/ 422).

([20]) سير أعلام النبلاء (14/ 382).

([21]) الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى (1/ 196-197).

([22]) البداية والنهاية (16/ 246).

([23]) تاريخ ابن خلدون (6/ 302).

([24]) مجموع الفتاوى (11/ 478-479).

([25]) المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار (4/ 167).

([26]) المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار (4/ 166).

([27]) ينظر: من السني؟ للدكتور: لطف الله خوجة.

التعليقات مغلقة.

جديد سلف

دعوى العلمانيين أن علماء الإسلام يكفرون العباقرة والمفكرين

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة عرفت الحضارة الإسلامية ازدهارًا كبيرًا في كافة الأصعدة العلمية والاجتماعية والثقافية والفكرية، ولقد كان للإسلام اللبنة الأولى لهذه الانطلاقة من خلال مبادئه التي تحثّ على العلم والمعرفة والتفكر في الكون، والعمل إلى آخر نفَسٍ للإنسان، حتى أوصى الإنسان أنَّه إذا قامت عليه الساعة وفي يده فسيلة فليغرسها. ولقد كان […]

حديث: «إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ» شبهة ونقاش

من أكثر الإشكالات التي يمكن أن تؤثِّرَ على الشباب وتفكيرهم: الشبهات المتعلِّقة بالغيب والقدر، فهما بابان مهمّان يحرص أعداء الدين على الدخول منهما إلى قلوب المسلمين وعقولهم لزرع الشبهات التي كثيرًا ما تصادف هوى في النفس، فيتبعها فئام من المسلمين. وفي هذا المقال عرضٌ ونقاشٌ لشبهة واردة على حديثٍ من أحاديث النبي صلى الله عليه […]

آثار الحداثة على العقيدة والأخلاق

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الفكر الحداثي مذهبٌ غربيّ معاصر دخيل على الإسلام، والحداثة تعني: (محاولة الإنسان المعاصر رفض النَّمطِ الحضاري القائم، والنظامِ المعرفي الموروث، واستبدال نمطٍ جديد مُعَلْمَن تصوغه حصيلةٌ من المذاهب والفلسفات الأوروبية المادية الحديثة به على كافة الأصعدة؛ الفنية والأدبية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والفكرية…)([1]). ومما جاء أيضا في تعريفه: (محاولة […]

الإيمان بالغيب عاصم من وحل المادية (أهمية الإيمان بالغيب في العصر المادي)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: يعيش إنسان اليوم بين أحد رجلين: رجل تغمره الطمأنينة واليقين، ورجل ترهقه الحيرة والقلق والشكّ؛ نعم هذا هو الحال، ولا يكاد يخرج عن هذا أحد؛ فالأول هو الذي آمن بالغيب وآمن بالله ربا؛ فعرف الحقائق الوجوديّة الكبرى، وأدرك من أين جاء؟ ومن أوجده؟ ولماذا؟ وإلى أين المنتهى؟ بينما […]

مناقشة دعوى الإجماع على منع الخروج عن المذاهب الأربعة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من بعث رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فإن طريقة التعامل مع اختلاف أهل العلم بَيَّنَها الله تعالى بقوله: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ ‌أَطِيعُواْ ‌ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ […]

بدعية المولد .. بين الصوفية والوهابية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدّمة: من الأمور المقرَّرة في دين الإسلام أن العبادات مبناها على الشرع والاتباع، لا على الهوى والابتداع، فإنَّ الإسلام مبني على أصلين: أحدهما: أن نعبد الله وحده لا شريك له، والثاني أن نعبده بما شرعه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، فالأصل في العبادات المنع والتوقيف. عَنْ عَلِيٍّ […]

الخرافات وأبواب الابتداع 

[ليس معقولاً، لا نقلاً، ولا عقلاً، إطلاق لفظ «السُّنَّة» على كل شيء لم يذكر فيه نص صريح من القرآن أو السنة، أو سار عليه إجماع الأمة كلها، في مشارق الأرض ومغاربها]. ومصيبة كبرى أن تستمر التهم المعلبة،كوهابي ، وأحد النابتة ، وضال، ومنحرف، ومبتدع وما هو أشنع من ذلك، على كل من ينادي بالتزام سنة […]

ترجمة الشَّيخ د. علي ناصر فقيهي

‏‏للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة ترجمة الشَّيخ د. علي ناصر فقيهي([1]) اسمه ونسبه: هو الشَّيخ الأستاذ الدكتور علي بن محمد بن ناصر آل حامض الفقيهي. مولده: كان مسقط رأسه في جنوب المملكة العربية السعودية، وتحديدا بقرية المنجارة التابعة لمحافظة أحد المسارحة، إحدى محافظات منطقة جيزان، عام 1354هـ. نشأته العلمية: نشأ الشيخ في مدينة جيزان […]

مناقشة دعوَى أنّ مشركِي العرب جحدوا الربوبية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: اعتَمَد بعضُ الأشاعرةِ في العصور الحديثةِ على مخالفة البدهيات الشرعية، وتوصَّلوا إلى نتائج لم يقل بها سلفُهم من علماء الأشعرية؛ وذلك لأنهم لما نظروا في أدلة ابن تيمية ومنطلقاته الفكرية وعرفوا قوتها وصلابتها، وأن طرد هذه الأصول والتزامَها تهدم ما لديهم من بدعٍ، لم يكن هناك بُدّ من […]

حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية في الإسلام

  إنَّ حريةَ الاعتقاد في الإسلام تميَّزت بتفاصيل كثيرة واضحة، وهي تعني أن كلَّ شخص حرّ في اختيار ما يؤمن به وما يدين به، ولا يجب على أحدٍ أن يُكرهَه على اعتقاده، كما تعني الاحترامَ لحرية الآخرين في اختياراتهم الدينية والمعتقدات الشخصية. موقفُ الإسلام من الحرية الدينية: الأصلُ عدمُ الإجبار على الإسلام، ولا يُكره أحد […]

دفع إشكال في مذهب الحنابلة في مسألة حَلِّ السِّحر بالسحر

  في هذا العصر -عصر التقدم المادي- تزداد ظاهرة السحر نفوذًا وانتشارًا، فأكثر شعوب العالم تقدّمًا مادّيًّا -كأمريكا وفرنسا وألمانيا- تجري فيها طقوس السحر على نطاق واسع وبطرق متنوعة، بل إن السحر قد واكب هذا التطور المادي، فأقيمت الجمعيات والمعاهد لتعليم السحر سواء عن طريق الانتظام أو الانتساب، كما نظمت المؤتمرات والندوات في هذا المجال. […]

الفكر الغنوصي في “إحياء علوم الدين” لأبي حامد الغزالي وموقف فقهاء ومتصوفة الغرب الإسلامي منه

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة بسم الله الرحمن الرحيم لا تخفى المكانة التي حظي بها كتاب إحياء علوم الدين عند المتصوفة في المغرب والأندلس، فكتب التراجم والمناقب المتصوفة المغربية المشهورة، شاهدة على حضور معرفي مؤثر ظاهر لهذا الكتاب في تشكيل العقل المتصوف وتوجيه ممارسته، وأول ما يثير الانتباه فيه، هو التأكيد على الأثر المشرقي […]

لماذا أحرق أبو بكر وعمر الأحاديث؟

تمهيد: يلتفُّ بعض فرق المبتدعة حول الحداثيين والعلمانيين، ويلتفُّ العلمانيون ومن نحى نحوهم حول هذه الفرق، ويتقاطع معهم منكرو السنَّة ليجتمعوا كلّهم ضدَّ منهج أهل السنة والجماعة في تثبيت حجية السنة والأخذ بها والعمل بها والذبِّ عنها. وبالرغم من أنّ دوافع هذه الفرق والطوائف قد تختلف، إلا أنها تأخذ من بعضها البعض حتى يطعنوا في […]

هل كان ابن فيروز وغيره أعلم من ابن عبد الوهاب بمنهج ابن تيمية؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة يعتمد المخالفون على أن مناوئي الدعوة -من الحنابلة- كانوا معظِّمين لابن تيمية وابن القيم، بل وينتسبون إليهم أيضًا؛ كابن فيروز وابن داود وابن جرجيس، ويعتبرون ذلك دليلًا كافيًا على كونهم على مذهب ابن تيمية، وعلى كون الشيخ محمد بن عبد الوهاب بعيدًا عن منهج الشيخين ابن تيمية وابن القيم. […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017