الاثنين - 09 ذو القعدة 1444 هـ - 29 مايو 2023 م

ترجمة الشيخ محمد حامد الفقي (1310- 1378)

A A

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة

 اسمه ونسبه ومولده:

هو محمد حامد بن أحمد عبده الفقي.

ولد بقرية نكلا العنب، بمركز شبراخيت، مديرية البحيرة، في سنة 1310هـ الموافق 1892م.

نشأته:

نشأ في كنف والدين كريمين، فوالده: الشيخ أحمد عبده الفقي، تلقى تعليمه بالأزهر، ولكنه لم يكمله؛ لظروف اضطرته لذلك.

أما والدته فقد كانت تحفظ القرآن، وتجيد القراءة والكتابة.

فنما وترعرع، وحفظ القرآن وعمره اثنا عشر عامًا، وكان والده يوضح له معاني الكلمات الغريبة، ويعلمه مبادئ الفقه، حتى صار مهيَّأً لتلقي العلوم بالأزهر على الطريقة التي كانت متبعة وقتذاك.

طلبه العلم:

كان والد المترجَم قد قسم أولاده الأربعة على المذاهب الأربعة ليدرس كل واحد منهم مذهبًا، فجعل الابن الأكبر مالكيًّا، وجعل الثاني حنفيًّا، وجعل الثالث شافعيًّا، وجعل الرابع -وهو المترجَم- حنبليًّا.

درس كلّ ابن مذهبه، عدا الابن الرابع وهو المترجَم، فلم يوفق لدراسة ما حدَّده له أبوه، لكنه قُبل بالأزهر حنفيًّا.

بدأ المترجَم دراسته بالأزهر عام 1322هـ، ففي السنة الأولى درس علمين -وهكذا كان يبدأ صغار الأزهر- وهما: علم الفقه، وعلم النحو. ففي النحو: كتاب الكفراوي، وفي الفقه: كتاب مراقي الفلاح.

وفي سنته الثانية درس كتابي الشيخ خالد في النحو، وكتاب منلا مسكين في الفقه.

ثم بدأ في العلوم الإضافية بالسنة الثالثة، فدرس علم المنطق.

وفي الرابعة درس علم التوحيد.

وفي الخامسة درس مع النحو والفقه علم الصرف.

وفي السادسة درس علوم البلاغة.

وفي هذه السنة -وهي سنة 1910م- بدأ دراسة الحديث والتفسير، وكان عمره ثمانية عشر عامًا، فتفتح بصره وبصيرته بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتمسك بسنته لفظًا، ومعنى وروحًا.

ثم أمعن في دراسة الحديث على الوجه الصحيح، ومطالعة كتب السلف والأئمة الكبار، أمثال الإمام أحمد بن حنبل وابن تيمية وابن القيم والشاطبي وابن حجر وغيرهم.

دعوته:

لما أكمل دراسته في الأزهر، وامتلأ من العلم الصحيح، وتشبع من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا إلى التمسك بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، والبعد عن البدع ومحدثات الأمور.

التفّ حوله نفر من إخوانه وزملائه وأحبابه، واتخذوه شيخًا لهم، وكان عمره ثمانية عشر عامًا، وظل يدعو بحماس زايد، من عام 1910م إلى أن نال الشهادة العالمية من الأزهر وكان عمره 25 سنة، وانقطع بعدها إلى خدمة كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

ثم عاد بعد ذلك يدعو عدة أعوام، حتى تهيأت الظروف، وتم إشهار دعوته، فأنشأ جماعة أنصار السنة المحمدية التي هي ثمرة سنوات الدعوة من سنة 1910م إلى سنة 1926م.

جماعة أنصار السنة:

أنشأ المترجَم جماعة أنصار السنة المحمدية في عام 1345هـ تقريبًا، واستأجر لها دارًا بمنطقة عابدين، قرب قصر الملك.

وكان على رأسها الشيخ عبد الحليم الرمالي، وضمت في عضويتها الشيخ أحمد شاكر، والشيخ محمد عبد السلام القباني، والشيخ عبد الوهاب عيسوي، والشيخ محمد محمد مخيمر، والشيخ عبد الرزاق عفيفي، والشيخ إبراهيم عبد الباقي، والشيخ محمد حمدي، والشيخ عبد الحميد عبد السلام.

وكانت إضافة جديدة للدعوة السلفية في مصر، وجمعت شمل كثير من دعاة السنة والتوحيد، سواء كانوا قد أسّسوا جمعية خاصة، أو لهم نشاط فرديّ، فبعد تأسيس دار أنصار السنة انضم إليها بقية الدعاة، وأصبح مقرّ عابدين هو المركز العام للجماعة.

وقد حاول كبار موظفي قصر عابدين بكل السبل صدَّ الناس عن مقابلة المترجَم والاستماع إليه، بل سخّروا له من حاول قتله، ولكن الله سلم، وعلت صرخة الحق، فأصمّت آذانهم، وفلّت كلمة الله جموعهم، وانتصر الإيمان الحق على البدع والأباطيل.

فازداد نشاط الجماعة، وتعددت فروعها، ففي خارج القاهرة تأسس فرع دمياط، الذي كان بالأصل جمعية الاعتصام بهدي القرآن التي أسسها الشيخ محمد الرمالي، وفرع الإسكندرية الذي أسسه الشيخ عبد الظاهر أبو السمح، وفرع سوهاج الذي أسسه الأستاذ أبو الوفاء درويش، وفرع الحوامدية الذي أسسه الشيخ محمد أحمد عبد السلام.

وبعد سنتين من التأسيس انتقل المترجَم إلى السعودية؛ حيث عهد إليه برئاسة إدارة النشر بمكة المكرمة، ما أدخل الجماعة في مرحلة من الركود.

ثم عاد إليها مرة أخرى، وأصبح مركز عابدين هو المركز العام للجماعة، وتكونت فروع جديدة بالقاهرة، وكان أول فرع لها هو فرع القبة، ثم فرع الجيزة، ثم فرع مصر الجديدة، وتزايد عدد الأعضاء.

مجلة الهدي النبوي:

بعد أن أسس المترجَم جماعة أنصار السنة المحمدية أسس في عام 1356هـ مجلة “الهدي النبوي”؛ لتكون لسان حال جماعته، والمعبرة عن عقيدتها، والناطقة بمبادئها. وقد تولى المترجَم رئاسة تحريرها.

وكان يدعو علماء عصره من كل الأقطار الإسلامية للكتابة فيها، أمثال: الشيخ محمود شلتوت، والشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد، والشيخ محمد محمد مخيمر، والشيخ نور الدين الصومالي.

 

وقد حدد المترجم الغرض منها في أول عدد صدر فقال: “وإن من أول أغراض هذه المجلة أن تقدِّم ما تستطيعه من خدمة ونصح وإرشاد في الشئون الدينية والأخلاقية، أخذت على نفسها موثقًا من الله أن تنصح فيما تقول، وأن تتحرّى الحق، وأن لا تأخذ إلا ما ثبت بالدليل والحجة والبرهان الصحيح من كتاب الله تعالى وحديث رسوله صلى الله عليه وسلم”.

وكان من كُتاب المجلة على سبيل المثال: الشيخ أحمد محمد شاكر، والأستاذ محب الدين الخطيب، والشيخ محيي الدين عبد الحميد، والشيخ عبد الظاهر أبو السمح، والشيخ أبو الوفاء محمد درويش، والشيخ صادق عرنوس، والشيخ عبد الرحمن الوكيل، والشيخ خليل هراس، والشيخ محمود شلتوت.

وكانت المجلة توزع في مصر وخارجها، وكانت سفير الجماعة للعالم الإسلامي، وأصبح لها مشتركون وأنصار من بلاد كثيرة.

كتب المترجم في افتتاحية السنة الثانية من المجلة قائلًا: “ولقد لقيت مجلة الهدي النبوي في عامها الماضي تعضيضًا ومساعدة على نشرها وإذاعتها، وترويجا في الأوساط المختلفة ما لم تكن تحلم به، حتى لقد كانت تنفد بعض أعدادها في أسبوع واحد، وذلك بهمّة إخواننا أنصار السنة المحمدية المنتشرين الآن بحمد الله في نواح كثيرة من: مصر، والسودان، والحجاز، ونجد، والشام، والهند، وجاوا، والعراق، والمغرب، كثر الله سوادهم، وأيدهم بروح من عنده، وجزاهم عنا أحسن الجزاء”.

وفي السنة الثانية عشرة من عمرها كانت تطبع 2500 نسخة، منهم 600 مشترك من خارج مصر، وهو رقم كبير بمقاييس ذلك الزمان.

انتقاله إلى الحجاز:

انتقل المترجم إلى مكة المكرمة، فعين مدرسًا وواعظًا في المسجد الحرام، وكانت حلقته عند باب علي، يقول الشيخ حماد الأنصاري: “جئته عام 1367هـ وهو يدرّس تفسير ابن كثير عند باب علي بالمسجد الحرام، وكانت حلقته أول حلقة أجلس فيها”.

ويقول الشيخ أبو تراب الظاهري: “ولقد كان يجتمع في حلقته في المسجد الحرام خلق كثير، يجتمعون حوله ما بين قاعد وقائم”.

قام المترجم في الحجاز بعدد من الأنشطة الدعوية والإصلاحية، منها: إنشاؤه أول مجلة إصلاحية نصف شهرية في العهد السعودي، وهي مجلة “الإصلاح”، سنة 1347هـ، والتي رفعت شعار (صحيفة دينية علمية اجتماعية أخلاقية)، ورغم أنها لم تعمر سوى سنة ونصف تقريبًا، إلا أنها تركت أثرًا كبيرًا على المجتمع السعودي آنذاك، واستقبلها العلماء والأمراء بالبشر والترحاب، وقد كان إنشاء المجلة رغبة من المترجم طرحها على الملك عبد العزيز الذي رحب بالفكرة، وقد بيّن في افتتاحيته للمجلة أن سبب اقتراحه شعوره بالدور الكبير للصحافة في نشر الإصلاح والدعوة الصحيحة بين الناس، وأهمية ذلك في محاربة الفساد والضلال المنتشر، وأن المجلات القائمة بالإصلاح لا تزال لا تغطّي الدور المطلوب من ناحية الانتشار والمهام.

وعلى قلة بقائه في الحجاز -إذ لم يمكث سوى ثلاث سنوات تقريبًا- إلا أنه ترك بصمة قوية، لا تزال آثارها في السعودية باقية وشاهدة.

ثناء العلماء عليه:

قال الشيخ عبد الرحمن الوكيل: “لقد ظل إمام التوحيد في العالم الإسلامي والدنا الشيخ محمد حامد الفقي رحمه الله أكثر من أربعين عامًا مجاهدًا في سبيل الله، ظل يجالد قوى الشر الباغية في صبر، مارس الغلب على الخطوب، واعتاد النصر على الأحداث، وإرادة تزلزل الدنيا حولها، وترجف الأرض من تحتها، فلا تميل عن قصد، ولا تجبن عن غاية، لم يكن يعرف في دعوته هذه الخوف من الناس أو يلوذ به؛ إذ كان الخوف من الله آخذًا بمجامع قلبه، كان يسمي كل شيء باسمه الذي هو له، فلا يُدهن في القول، ولا يداجي، ولا يبالي، ولا يعرف المجاملة أبدا في الحق أو الجهر به؛ إذ كان يسمي المجاملة نفاقًا ومداهنة، ويسمي السكوت عن قول الحق: ذلًّا وجبنًا”.

وقال الشيخ أبو الوفاء درويش: “كان يفسر آيات الكتاب العزيز، فيتغلغل في أعماقها، ويستخرج منها درر المعاني، ويشبعها بحثًا وفهمًا واستنباطًا، ويوضح ما فيها من الأسرار العميقة والإشارات الدقيقة والحكمة البالغة والموعظة الحسنة، ولا يترك كلمة لقائل بعده بعد أن يحيط القارئ أو السامع علمًا بالفقه اللغوي للكلمات وأصولها وتاريخ استعمالها، فيكون الفهم أتم، والعلم أكمل وأشمل”.

وقال الشيخ سعد صادق: “لم ينحصر تأثير دعوة الشيخ حامد داخل دائرة مصر ومدنها وقراها فحسب، بل تجاوزها إلى خارج الحدود المصرية، تجاوزها في إفريقيا إلى السودان وإرتريا والصومال، وفي الشام سوريا والعراق والأردن ولبنان وفلسطين، وفي آسيا إندونيسيا وسيام، بل لا نكون مغالين إذا قلنا: إن تأثير هذه الدعوة امتد إلى بعض دول أوروبا، في أمريكا ولندن وفرنسا وسويسرا؛ حيث توجد هناك جاليات مسلمة تسامعت بدعوة الشيخ عن طريق من يسافرون إلى تلك المدن الأوروبية في مهمات عملية وعلمية، وعن طريق مجلة الهدي النبوي التي كانت تصل إلى تلك البلاد، ويقرؤها كثير من المتعطشين إلى معرفة العلم الصحيح، النابع من القرآن والسنة”.

وقال الشيخ ابن باز: “فقد اطّلعت على الحواشي التي وضعها -يقصد في تحقيقه لفتح المجيد- الأستاذ العلامة الشيخ محمد حامد الفقي، فألفيتها كثيرة الفوائد، قد أجاد فيها وأفاد”.

وقال الشيخ حماد الأنصاري: “عندما رأيته يدرس في مكة عند باب علي قلت: هذا ضالتي، وكانت حلقته أول حلقة أجلس فيها في الحرم، وكان ذلك عام 1367هـ”.

وقال الشيخ أبو تراب الظاهري: “كان سلفيًّا سلفيًّا سلفيًّا شديدًا، يحرص على نشر التوحيد، ويغار عليه، وما رأيت أحدًا مثله في الغيرة على التوحيد، ولقد سكنت عنده في مصر خمس سنوات، وكان متكفلًا بي في كل شيء؛ حيث كنت أشارك معه في التخريج والتحقيق، ولو قلت: إن عيني لم تر مثله وأذني لم تسمع بمثله في حماية التوحيد؛ لا أكون مبالغًا. كان إذا صعد المنبر لخطبة الجمعة يقول بأعلى صوته: كفرت بالطاغوت.. كفرت بالبدوي.. كفرت بكذا… ولقد كان يجتمع في حلقته في المسجد الحرام خلق كثير يجتمعون حوله ما بين قاعد وقائم”.

مشايخه وأقرانه:

– الشيخ علي بن سرور الزنكلوني.

– الشيخ عبد المجيد سليم.

– الشيخ أحمد محمد شاكر.

– الشيخ مصطفى المراغي شيخ الأزهر، حرص المترجم على حضور درسه، وهو الذي كان يحضره ملك البلاد ووزراؤه وكبار رجال الدولة آنذاك، ويقوم الشيخ بكتابة المحاضرة ونشرها في مجلة الهدي النبوي.

– الشيخ محمود شلتوت.

– الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد.

– الشيخ محمد محمد مخيمر.

– الشيخ نور الدين الصومالي.

– الشيخ محمد بهجة البيطار.

– الشيخ محمد عبد الحليم الرمالي.

– الشيخ عبد الرزاق عفيفي.

– الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي، كان بينه وبين المترجم مراسلات كثيرة بلغت خمسين رسالة، وقد كتب عنه يوم وفاته تحت عنوان: (عرفت الشيخ السعدي)، ذكر ما كان بينهما من صلة علمية وروحية على بُعد المسافات الجسدية، وانتهى أمر هذه الرسائل الخمسين إلى العالم الجليل محمد بن صالح بن عثيمين.

– الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، فقد كان المترجم وثيق الصلة بعلماء آل الشيخ، وخاصة الشيخ محمد بن إبراهيم الذي كان دائمًا يتشاور معه عند طبع كتب جده محمد بن عبد الوهاب، أو كتب ابن تيمية أو ابن القيم، وكان المترجم يذكر الشيخ محمد بن إبراهيم بالثناء والعرفان؛ لما يبذله من علم ومال وتوجيه، وقد جاء إلى جماعة أنصار السنة المحمدية عام 1370هـ، واستقبله المترجم وعلماء الأمة المصرية وكبار مفكريها.

– الشيخ محمد بن نصيف وجيه جُدّة، كان للمترجم صلة به، وقد أحضر له كثيـرًا من المخطـوطات من بلاد عـديدة، وقد أخبر بعض الباحثين أن مكتبة ابن نصيف أهداها كاملة لجامعة الملك عبد العـزيز بجُدّة، وفيهـا مجموعة كاملـة لكتب المترجم، وأيضًا نسـخة كاملـة من مجلـة الهـدي النبوي، ومجلـة الإصـلاح التي كـان يصدرها المترجم في مكة، من عام 1928م إلى عام 1931م، وتوقفت بعد رحيله من السعودية.

– الشيخ فوزان الفوزان.

– الشيخ محمد ملوخية المدني.

– الشيخ الشرشابي.

– الشيخ عبد الظاهر أبو السمح.

– الشيخ محمد نسيب الرفاعي.

– الشيخ ناصر الدين الألباني.

تلاميذه:

– الشيخ محمد بن عبد الله المدني التنبكتي.

– الشيخ حماد الأنصاري.

أعماله:

– كان إمامًا لمسجد شركس، ومسجد الهدارة في منطقة عابدين، ثم أوقف بسبب وشايات آثمة.

– أسس مطبعة أنصار السنة.

– أنشأ مطبعة السنة المحمدية.

– أنشأ أول مجلة إصلاحية، نصف شهرية، في العهد السعودي، وهي مجلة “الإصلاح”، سنة 1347هـ.

– عيّن إمامًا في المسجد الحرام نيابة عن الشيخ عبد الظاهر أبو السمح، فكان ينيبه في بعض الأوقات عام 1346هـ-1347هـ.

– عيّن مدرسًا وواعظًا في المسجد الحرام، وكانت حلقته عند باب علي.

– عمد إلى تفسير القرآن في مجلة الهدي، وخطب الجمعة، ودروسه في المساجد، ودار أنصار السُّنة المحمدية.

– تحقيق كتب شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم، وكتب التوحيد عمومًا، وطباعتها.

– كان يرسل استفتاءات إلى العلماء والمشايخ؛ ليجيبوا عليها ثم يعيد نشرها في مجلة الهدي، وهو ما حدث مع الشيخ بهجت البيطار مثلًا، وأيضًا إذا جاءته فتوى تتعلق بشأن الاعتقاد، يرسلها إلى الشيح عبد المجيد سليم مفتي الديار المصرية، وينشرها معلّقًا على أنها صدرت من دار الإفتاء المصرية.

– كان ينشر بعض الأحاديث الإذاعية لكبار علماء التوحيد.

– شكل عام 1356هـ مجلس هيئة علماء الجماعة، وكان على رأسه الشيخ محمد عبد الحليم الرمالي، كما كان من بين أعضائه الشيخ أحمد شاكر، والشيخ عبد الرزاق عفيفي، وجمع من أصحاب الاعتقاد الصحيح.

منهجه وأخلاقه:

– كان لا يرى الحجة إلا في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

– كان يقيس الرجال بالحق ويزنهم بميزانه، ولا يقيس الحق بالرجال.

– كان لا يجد حرجًا في نقد العلماء مهما بلغت منزلتهم ومكانتهم.

– كان يدعو الناس إلى ضرورة الإقبال على كتاب الله قراءة وفهمًا وتدبرًا.

– كان يحارب البدع والتقليد الأعمى للآباء والأجداد والشيوخ.

– كان يدخل المسجد يوم الجمعة فلا يرقى المنبر حتى ينظم صفوف الحاضرين كما لو كانوا في الصلاة؛ فلا يسمح بوجود فرجة.

تحقيقاته:

– جامع الأصول من أحاديث الرسول، لابن الأثير([1]).

– اقتضاء الصراط المستقيم.

– مجموعة رسائل.

– القواعد النورانية الفقهية.

– المسائل الماردينية.

– المنتقى من أخبار المصطفى.

– موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول([2]).

– الرسالة التدمرية.

– الحموية الكبرى.

– إغاثة اللفهان.

– المنار المنيف.

– مدارج السالكين.

– رسالة في أحكام الغناء.

– التفسير القيم.

– رسالة في أمراض القلوب.

– الطرق الحكمية في السياسة الشرعية.

– فتح المجيد، لعبد الرحمن بن حسن آل شيخ.

– بلوغ المرام، لابن حجر العسقلاني.

– الاختيارات الفقهية من فتاوى ابن تيمية، لعلي بن محمد بن عباس الدمشقي.

– الأموال، لابن سلام الهروي.

– الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، للمرداوي.

– جواهر العقود ومعين القضاة.

– الموقعين والشهود، للسيوطي.

– رد الإمام عثمان بن سعيد على بشر المريسي العنيد.

– شرح الكوكب المنير.

– اختصار ابن النجار.

– الشريعة، للآجري.

– العقود الدرية، لابن عبد الهادي.

– القواعد والفوائد الأصولية، لابن اللحام.

– مختصر سنن أبي داود، للمنذري([3]).

– معارج الألباب في مناهج الحق والصواب، للحسن بن مهدي.

– تيسير الوصول إلى جامع الأصول، لابن الديبع الشيباني.

– العقود، لشيخ الإسلام([4]).

أبناؤه:

– الطاهر محمد الفقي.

– سيد أحمد الفقي.

– محمد الطيب الفقي([5]).

المترجم بين الأشاعرة والسلفية:

كان المترجم صوفيًّا أشعريًّا، تبعًا لدراسته الأزهرية، ثم اطّلع على الكتب السلفية، وكتب أهل الحديث، فقرأها، وتأثر بها، فاتبع حقها وحاقها، وأصبح متبعًا للسلف الصالح.

ولم يكتفِ بذلك، بل سعى إلى نشر كتب العقيدة السلفية، وكتب الأحاديث الصحيحة، وتعليم الجهال أصول الدين، والرد على أهل الكفر والزندقة، وأهل البدع والأهواء، وكان شديدًا في انتقاد التصوف البدعي، مبينًا انحرافاته وضلالاته.

وكان سبب تحوله إلى عقيدة أهل السنة والجماعة أنه بعد أن أخذ شهادة الليسانس من الأزهر ذهب إلى بلده لكي يفرحوا بنجاحه، وفي الطريق مر على فلاح يفلح الأرض، ولما وصل عنده وجد عنده كتاب: “اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية” لابن القيم، فأخذ الكتاب يتسلى به، حتى أخذ فكرة عن الكتــاب.

ثم نصحه الفلاح بالتوحيد والعقيدة الصحيحة، وأوصاه بكتــاب “السنة” للإمام أحمد الكبير، وكتـاب “السنــة” للإمام أحمد الصغير، وكتـاب “التوحيد” لابن خزيمة، وكتـاب “خلق أفعال العباد” للبخاري، وكتـاب “اعتقاد أهل السنة” للالكائي، وكتب شيخ الإســلام ابن تيمية وابن القيم.

وقد عرف المترجم هذا الفلاح عن طريق الشيخ الرمال.

وفاته:

توفي المترجم فجر الجمعة 7 رجب لعام 1378هـ إثر عملية جراحية أجراها بمستشفى العجوزة، وبعد أن نجحت العملية أصيب بنزيف حاد، وعندما اقترب أجله طلب ماء للوضوء، ثم صلى ركعتي الفجر بسورة الرعد كلها، وبعد ذلك طلب من إخوانه أن ينقل إلى دار الجماعة حيث توفي بها.

وقد نعاه رؤساء وعلماء من الدول الإسلامية والعربية، وحضر جنازته واشترك في تشييعها من أصحاب الفضيلة: وزير الأوقاف، والشيخ عبد الرحمن تاج، والشيخ محمد الحسن، والشيخ محمد حسنين مخلوف، والشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد، والشيخ أحمد حسين، وجميع مشايخ كليات الأزهر وأساتذتها وعلمائها وقضاة المحاكم.

فهذه أنوار على حياة هذا الداعية النشيط الذي عاش في سبيل الله والدعوة إلى الله، دون يأس أو ملل، رحمه الله رحمة الأبرار، وأسكنه جنات تجري تحتها الأنهار([6]).

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) بمشاركة الإمام عبد المجيد سليم (شيخ الأزهر آنذاك) وهو أكبر كتاب حققه المترجم في علم الحديث، طبع الكتاب لأول مرة على نفقة جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود.

([2]) حققه بالاشتراك مع الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد.

([3]) حققه بالاشتراك مع الشيخ أحمد شاكر.

([4]) حققه بمشاركة الشيخ ناصر الدين الألباني.

([5]) وهو الوحيد الذي عاش بعد وفاة والده.

([6]) أهم المراجع:

– جهود الشيخ محمد حامد الفقي في تفسير القرآن الكريم، لمحمد عاطف التاجوري.

– العلامة محمد حامد الفقي رائد الدعوة السلفية، لفتحي أمين عثمان.

– حوار مجلة البيان مع الشيخ فتحي أمين عثمان.

– سلسلة رموز الإصلاح، لأسامة شحادة.

– الأصول العلمية للدعوة السلفية، لعبد الرحمن عبد الخالق.

– الجماعات الإسلامية في ضوء الكتاب والسنة، لسليم الهلالي، وزياد الدبيج.

– جماعة أنصار السنة المحمدية: نشأتها وأهدافها ورجالها، لفتحي أمين عثمان.

– جهود الشيخ محمد حامد الفقي في نشر العقيدة السلفية، لموفَّق بن عبد الله علي كدسة، رسالة ماجستير، جامعة أم القرى.

– دعوة التوحيد والأطوار التاريخية التي مرَّت بها، لمحمد خليل هراس.

– الصفات الإلهية بين السلف والخلف، للشيخ عبد الرحمن الوكيل.

– المجددون في الإسلام، لعبد المتعال الصعيدي.

– جماعة أنصار السنة المحمدية، لأحمد محمد الطاهر.

– مجلة التوحيد.

– مجلة الشبان المسلمين.

التعليقات مغلقة.

جديد سلف

مثاراتُ الغلط في مسألة التبرُّك

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مسألة التبرك من أكثر المسائل التي حصل فيها خلط وغلط كثير؛ بسبب الإطلاقات غير المنضبطة، إفراطًا أو تفريطًا، مما ترتب عليه اشتباه المشروع بغير المشروع لدى البعض، ومواطن الإجماع بمواطن الخلاف، وما يسوغ فيه الخلاف وما لا يسوغ. وقد حصل توسع كبير في هذا المسألة، أخرجها -في بعض صورها- […]

لماذا لم تفرض الشريعةُ الحجابَ على الرجالِ منعًا من افتتان النِّسَاء؟

  إن الشريعة الإسلامية نادت بالعِفَّة، وحرّمت الزنا ومقدِّماته، وشرعت من الأحكام بين الجنسين ما روعي فيه طبيعة كل منهما، ومن جملة تلك الأحكام: فرض الحجاب على المرأة. وقد أثار دعاة السفور والتهتّك والانحلال شبهاتٍ حول حجاب المرأة، ومن تلك الشبهات قولهم: ما دام الأمرُ بالحجاب من أجْل الفِتنة، وأخَذنا مسألةَ الفِتنة مأخَذًا جادًّا، فلماذا […]

الحضرة الصوفية.. حقيقتها ومفاسدها

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: تعتبر جلسات الذكر التي يعقدها الصوفية والتي يسمونها (الحضرة) من أهم الممارسات العملية للطرق الصوفية، فمهما اختلفت الطرق في أسمائها وطرائقها، وفي طريقة إقامة الحضرة وترتيبها، إلا أنها تتفق في ضرورة (الحضرة) ولزومها للسالك والمريد، وأنه لا يجوز للمريد التخلف عن هذه الحضرات التي تعقد في مواعيد منتظمة […]

سُنّة لَعْقِ الأصابع بعد الأكل.. والجواب على شبهات العقلانيين

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  كانتِ البشريةُ في انحطاط عقديّ وأخلاقي، إذ كانت التقاليد والأعراف مبنيةً على الهوى والجشَع والأطماع، والقويُّ في مجتمعاتها يتسلَّط على الضعفاء، حتى جاء الإسلام وانتشل العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، وأخرجهم من الظلمات إلى النور، وأطلقهم من أغلال عادات الجاهلية وقيودها المخالفة للفطرة السليمة التي فطر […]

جواب شبهة حول الاستسقاء بقبور الصالحين والأولياء – وفيه جواب عن الاستدلال بقول مجاهد عن قبر أبي أيوب: “كانوا إذا ‌أمحلوا ‌كشفوا ‌عَنْ ‌قبره فمطروا” –

من الشبهاتِ التي يوردُها من يجوِّز الاستغاثة بالأموات أو طلب الدعاء منهم أو التوسل بذواتهم وجاههم: بعض الآثار والحكايات المروية في الاستسقاء بقبور الأنبياء والصالحين، ومن ذلك: ما نقله ابن عبد البر وغيره في ترجمة أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه ودفنه عند سور القسطنطينية، فأورد قول مجاهد عن قبر أبي أيوب هناك: “كانوا إذا […]

مفهوم الاشتراك المعنوي في الصفات

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة منذ أن وفد المنطقُ اليونانيّ على الأمة الإسلامية والناس في باب العقائد في أمر مريج، وقد وصل الغلوُّ ببعض المتفنِّنين في هذا الفنّ إلى محاكمة قواعد اللغة وأخبار الشرع إلى هذا القانون، وجعلوا منه حكَمًا على اللسان والبيان، وكان أولُ العلوم ابتلاء بهذه التحريفات علم العقائد، وخاصة ما يتعلق […]

التخاطب مع الكينونات.. وثنية في ثوب جديد

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة يقول ابن خلدون: “المغلوب مولَع أبدًا بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيِّه ونحلته وسائر أحواله وعوائده، والسّبب في ذلك أنّ النّفس أبدًا تعتقد الكمال فيمن غلبها وانقادت إليه؛ إمّا لنظره بالكمال بما وقر عندها من تعظيمه، أو لما تغالط به من أنّ انقيادها ليس لغلب طبيعيّ إنّما هو لكمال الغالب. […]

المحدث المسند نذير حسين الدهلوي “1220-1320هـ”

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة اشتهر الإمام المحدث نذير حسين بلقب “شيخ الكل في الكل” بسبب تفرّغه للتدريس مدة طويلة جدًا تجاوزت سبعين سنة! واقتصر على تدريس القرآن الكريم والسنة والفقه مدة خمسين سنة تقريبًا، وقبل ذلك كان يدرس في غالب العلوم والفنون! وبسبب هذه المدة الطويلة أصبح له طلاب بعشرات الآلاف، ومن دول […]

هل شروط (لا إله إلا الله) من اختراع الوهابية؟

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: من الشبهات التي يثيرها المخالفون لاعتقاد السلف ممن هم على اعتقاد الجهمية والمرجئة في الإيمان: أن شروط لا إله إلا الله من اختراع الوهابية، لم يسبقهم بذكرها أحد. والجواب عن هذه الشبهة يحصل ببيان معنى هذه الشروط، ومأخذ العلماء فيها، وأصل […]

الأعياد بين التشريعات الإلهية والذكريات التاريخية ..دراسة مقارنة بين الأعياد في الملل

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقدمة: ينعَم المسلمون بدينهم الإسلاميِّ الذي يختصّ عن غيره من الملل والنحل والمذاهب والفلسفات بأعياد توقيفية شرعَها لهم إلههم وخالقهم ومولاهم، وليست من وضع أحد من البشر، ولا مرتبطة بموت أحد ولا بحياته، ولا مرتبطة بانتصار أو فتح من الفتوحات على الرغم من كثرتها في الدين الإسلامي، ولا مرتبطة […]

من تاريخ الدولة السعوديّة الأولى كما رواه الجبرتي في تاريخه -الجزء الأول-

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه ومن نهج نهجه إلى يوم الدين. أما بعد: فهذا بين أيديكم جزءٌ من تاريخ الدولة السعودية الأولى، وكيف كانت نهايتها، كما صَوَّرَها المؤرخ عبد الرحمن الجبرتي في كتابه “عجائب الآثار في التراجم والأخبار”، […]

تحريم الاستغاثة بالحي فيما لا يقدر عليه إلا الله ليس بدعة تيمية

مِن نافلة القول أن يُقال: إنّ دعاء الله هو الأصل في الدعاء، فلا يكاد مسلمٌ يقرأ آية من القرآن إلا دفعت بهذه الحقيقة في وجهه مقرِّرة لها بالأدلة الشرعية بقسميها العقليّ والنقلي.  ومع ذلك ظلّ بعضُ المتأخِّرين يجادل في هذه الحقيقة بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير، حتى جعلوا دعاءَ غيرِ الله وسؤالَه هو […]

عرض وتعريف بكتاب فتح الملك الوهاب في الرد على من طعن في دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة بيانات الكتاب: عنوان الكتاب: فتح الملك الوهاب في الرد على من طعن في دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب. اسم المؤلف: ناصر عبد الرزاق العبيدان. قدم له: أ. د. خالد بن علي المشيقح. دار الطباعة: مكتبة الإمام الذهبي بالكويت، والتراث الذهبي بالرياض. رقم الطبعة وتاريخها: الطبعة الأولى 1441هـ-2020م. حجم […]

الرد على الكوثري في دعواه: تراجع العلماء عن الثناء على ابن تيمية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة إنَّ الناظرَ في موقف خصوم شيخ الإسلام يجده موقفًا مضطربًا غايةَ الاضطراب، وذلك أنك تجدهم تارةً يدّعون توبتَه وتراجعه عن عقيدته، وهذا يقتضي -بحسب تصوّر الخصوم- أن العلماء في زمانه سيثنون عليه بسبب تراجُعه، وستتغير المواقف نحوَه من مواقف سلبية إلى مواقف إيجابية. ثم تجدهم تارةً أخرى يدّعون تراجعَ […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017