ترجمة الشيخ عبد العزيز بن عبد الفتاح القارئ(1)
للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة
اسمه ونسبه ولقبه:
هو الشيخ القارئ عبد العزيز بن عبد الفتاح بن عبد الرحيم بن الملاَّ محمد عظيم القارئ.
مولده:
ولد الشيخ رحمه الله تعالى في أطهر بقاع المعمورة مكـة المكرمـة يوم الأحد غرة شهر ذي الحجة عام خمس وستين وثلاثمائة وألف للهجرة النبوية= 1/12/1365هـ/ 27/10/1946م.
نشأته العلمية:
لقد يسر الله للشيخ رحمه الله سبل الهدى والرشاد منذ نعومة أظفاره، وامتن عليه بهداية الدلالة والإرشاد إلى جانب هداية التوفيق والسداد؛ فأكرمه بالنشأة في كنف بيت علمي معروف، فهو “من بيت علم يتوارث أبناؤه العلم وحمل القرآن والعناية به: تعلمًا وتعليمًا لذلك يتوارثون لقب القارئ”([2])، وهو لقب من الألقاب العلمية المعروفة في تلك المنطقة ولا تطلق عندهم إلا على من كان مشتغلًا بالعلم وحافظًا لكتاب الله وقارئًا له([3])، ومن أبرز من عرف بالعلم منهم:
- محمد أمين المرغيناني -رحمه الله-، وهو الذي اعتنى بوالده فترة يتمه وحفظه القرآن ووضع له برنامجًا صارمًا في ذلك([4]).
- والده الشيخ عبد الفتاح القارئ الذي كان من أبرز رجالات العلم والتعليم في تلك السنون؛ حيث تعلم العلوم الأولية في دار العلوم بالمدينة النبوية ثم انتقل إلى أزهر الحجاز (المدرسة الصولتية) -كما سماها الملك المؤسس([5])، وهي أول مدرسة لا في مكَّة وحدها بل في الجزيرة العربيَّة كلها([6])– وتخرج بها عام 1363هـ، وكان في ذلك الوقت من أفراد الكفاءات المتميزة في المجال التعليمي؛ ولذلك تنازعته مدارس مدن المملكة جنوبها وغربها ووسطها حتى انتهى به المطاف إلى عضوية هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، وفي هذه الجولة العلمية “شارك في تأسيس أول مدرسة نظامية بنجد وهي (المدرسة السعودية الأولى) بالمربع بالرياض”([7])، وعن هذه المسيرة التعليمية لوالده يقول الشيخ -رحمهما الله-:
- “عُين مدرسًا في أبها عام (١٣٦٤هـ).
- ثم مدرسًا بالرياض عام (١٣٦٦هـ) بالمدرسة السعودية الأولى.
- ثم نقل للتدريس بالمعهد العلمي بالرياض؛ فدرس به القرآن والتجويد من عام (١٣٧١ هـ) إلى عام (۱۳۸۱هـ).
- نقل إلى المدينة للتدريس بالجامعة الإسلامية فدرَّس بها حتى وفاته في التاسع من صفر سنة (١٣٨٥هـ)”([8])؛ فهو ممن شارك في تأسيس الجامعة الإسلامية([9]) حيث أنشئت في نفس هذه السنة “بالأمر الملكي رقم 11 وتاريخ 25/3/1381هـ… وبدأت الدراسة فيها يوم الأحد 2 من جمادى الآخرة فـي العام نفسه”([10])، وقد درس على يديه جملة من رجالات المملكة ومنهم: الشيخ محمَّد العثيمين، والشيخ إبراهيم بن محمَّد آل الشيخ، والشيخ صالح اللحيدان، والشيخ عبد الله بن غديان وخلق غيرهم رحمهم الله أجمعين.
وعودًا على بدء نقول: هكذا نشأ في كنف هذه القامة العلمية، وقد عني به والده وأرضعه القرآن منذ الصغر، “وتلقى عنه علم التجويد وحفظ بعض المتون فيه”([11])، وزرع في نفسه أهمية العلم والعلماء وأهمية ثني الركب والتحلق حول دروسهم وملازمة مجالسهم، ومن هنا كان للشيخ ثلاث مسارات متوازية في طلب العلم، وهي:
- مسار حفظ القرآن؛ وقد شق له والده هذا المسار بأن علمه القرآن ورباه عليه كما ذكرنا، وفيه يقول الشيخ رحمه الله: “درست القرآن الكريم وجوَّدتُه وحفظته على والدي الشيخ عبد الفتاح القارئ بن عبد الرحيم الخوقندي الفرغاني -رحمه الله-، وأجازني في رواية حفص، ثم تلقيت قراءة نافع بروايتي ورش وقالون على تلميذ والدي الشيخ محمد الأمين أيدا الشنقيطي -رحمه الله-، بمُضمَّن “الدرر اللوامع” لابن بري الغرناطي، وأجازني في قراءة نافع”([12]).
- مسار ملازمة المشايخ ودروسهم العلمية وثني الركب عندهم، وهو ما قد ربَّاه عليه والده بأن زرع فيه مصاحبة العلماء والجلوس إليهم حين أجلسه إلى صاحبه، ويمكن استكناه هذا المعنى بالتأمل فيما وراء السطور فيما كتبه الشيخ عن دراسته وارتباطه بالمشايخ والحلق العلمية؛ حيث قال في مطلع ذلك بعد أن عنون “بعض الشيوخ الذين درستُ عليهم” ثم استفتح قائًلا: “أهمهم وأكثرهم تأثيرًا في نفسي والدي الشيخ المقرئ عبد الفتاح بن عبد الرحيم القارئ”([13])، ولا شك أن الحركة العلمية التي ينعم به أهل المدينة النبوية خاصة في ظل الجامعة الإسلامية الحالية ومناهجه ومقرراته وكذلك في ظل الجامعة الإسلامية الأولى التي أسسها النبي صلى الله عليه وسلم (الحرم النبوي) وما فيه من انتشار الحلق والدروس خاصة له أثره على ملازمة الشيخ -رحمه الله- للعلماء وحضوره دروسهم، وعنهم يقول الشيخ: “أهمهم وأكثرهم تأثيرًا في نفسي والدي الشيخ المقرئ عبد الفتاح بن عبد الرحيم القارئ… ثم سماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز… ثم العلامة المفسر الشيخ محمد الأمين الجكني الشنقيطي… ثم العلامة الشيخ محمد المختار المزيد الشنقيطي… والشيخ المقرئ محمد الأمين أيدا الشنقيطي… والشيخ يوسف الملاحي بالرياض، والشيخ عبد المحسن العباد بالمدينة… والشيخ المحدث حماد بن محمد الأنصاري… والشيخ عبد الغفار الهندي… والشيخ عبد القادر شيبة الحمد”([14]).
- مسار الدراسة النظامية، ومن منن الله عليه أن تنوعت مشاربه حيث درس في أكثر من مدينة حتى انتهى بالمدينة النبوية؛ وذلك بسبب تنقل والده للتدريس في مناطق المملكة كما تطرقنا له آنفا، وتفصيل مسيرته فيها على النحو الآتي:
- المرحلة الابتدائية: درسها بالمعهد العلمي بالرياض، وابتدأ الدراسة عام 1375هـ وواصل حتى تخرج بها.
- المرحلة المتوسطة: وقد درس السنة الأولى منها في المعهد العلمي بالرياض عام 1380هـ، ثم انتقل والده إلى المدينة النبوية فانتقل هو معه إلى المعهد العلمي التابع للجامعة الإسلامية وواصل المرحلة المتوسطة حتى تخرج بها تقريبا عام 1382هـ.
- المرحلة الثانوية: وقد درسها في المعهد العلمي التابع للجامعة الإسلامية وتخرج بها عام 1385هـ.
- مرحلة البكالويوس: التحق الشيخ رحمه الله فور تخرجه من الثانوية بمرحلة البكالوريوس بكلية الشريعة بالجامعة الإسلامية وتخرج بها عام (1389هـ).
- مرحلة الماجستير: التحق الشيخ بكلية الشريعة في جامعة الأزهر بالقاهرة دون أن يتفرغ لها، وقد نالها عام 1393هـ، وكانت رسالته في فقه السياسة الشرعية بعنوان: (طاعة أولي الأمر في الإسلام: ضوابطها ونواقضها) في (۱۲۰) صفحة.
- مرحلة الدكتوراه: ابتعث الشيخ عام 1395هـ إلى نفس الكلية بالأزهر للتفرغ لتحضير رسالة الدكتوراه ونالها عام 1399هـ، وكانت رسالته في فقه السياسة الشرعية أيضًا بعنوان: (شرح أدب القاضي للخصاف المتوفى سنة ٢٦١هـ والشرح للصدر الشهيد حسام الدین عمر بن عبد العزيز ابن مازه الحنفي المتوفى سنة 536هـ – تحقيق ودراسة) في (٨٥٠) صفحة.
أبرز شيوخه:
الشيخ رحمه الله ممن ظفر بالتتلمذ على أعلام أئمة العصر وكبار علمائه ومنهم:
- والدُهُ الشيخُ عبد الفتاح بن عبد الرحيم الخوقندي الفرغاني القارئ -رحمه الله-، وهو أهم شيوخه وأجلهم عندهم وأكثرهم أثرًا عليه؛ “حيث درس عليه القرآن الكريم وحفظه، ثم قرأ عليه التحفة الجمزورية وحفظها، ثم المقدمة الجزرية وحفظها: وقرأ عليه القرآن الكريم أكثر من عشر ختمات برواية حفص عن عاصم وأجازه فيها، ودرس عليه كذلك أبواب العبادات في الفقه من مختصر القدوري في الفقه الحنفي“([15]).
- سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله-، يقول الشيخ: “كنتُ أحضر بعض الأحيان ما يُقرأ عليه من كتب العلم في منزله مثل: صحيح مسلم، والبداية والنهاية لابن كثير، وتقريب التهذيب لابن حجر، وأحيانًا أحضر درسه في صحيح البخاري في المسجد النبوي”([16]).
- الشيخ العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله-([17]).
- العلامة المفسّر الشيخ محمد الأمين الجكني الشنقيطي -رحمه الله- صاحب الأضواء وقد درس “عليه أبواب القياس من روضة الناظر، ومن مذكرته في أصول الفقه، وحضر دروسه في التفسير التي كان يلقيها في شهر رمضان بالمسجد النبوي”([18]).
- العلامة الشيخ محمد المختار المزيد الشنقيطي -رحمه الله- وقد درس عليه الشيخ عددا من الكتب منها:
- تفسير الجلالين.
- قطر الندى لابن هشام.
- رائية الشاطبي، وهو في رسم المصحف.
- الشيخُ محمدُ الأمين أَيْدَا الشنقيطي -رحمه الله- ومما درس عليه:
- منظومة الدرر اللوامع في نظم مقرأ الإمام نافع، وهي لابن بري الغرناطي الأندلسي.
- عمدة الفقه لابن قدامة.
- زاد المستقنع للحجاوي.
- الشيخُ المحدث حماد بن محمد الأنصاري -رحمه الله-، ودرس عليه جزءًا من كتاب سبل السلام للصنعاني، وكتاب الباعث الحثيث.
- الشيخ المحدث المسند عبد الغفار حسن الهندي -رحمهما الله-، ودرس عليه جزءًا من كتاب سبل السلام للصنعاني.
- الشيخ عبد العزيز السلمان -رحمه الله-، ودرس عليه في المعهد العلمي بالرياض.
- الشيخ يوسف الملاحي-رحمه الله-، ودرس عليه كتاب الواسطية في الرياض.
- الشيخ عبد المحسن العباد-حفظه الله-، ودرس عليه كتاب العقيدة الطحاوية في المدينة ونخبة الفكر لابن حجر.
- الشيخ عبد القادر شيبة الحمد-رحمه الله-، ودرس عليه فتح القدير للشوكاني، ومذكرته في الأديان والملل والمذاهب الهدامة.
- الشيخ الدكتور محمد تقي الدين الهلالي المغربي -رحمه الله-، وقد درس عليه مادة الأديان والملل والمذاهب الهدّامة.
- الشيخ علي الدخيل-رحمه الله-، ودرس عليه ألفية ابن مالك في الرياض.
- الشيخ عبد الرؤوف اللبدي الأردني-رحمه الله-، ودرس عليه ألفية ابن مالك في المدينة.
- الأستاذ الأديب الشاعر محمد المجذوب -رحمه الله-، ودرس عليه البلاغة والنصوص الأدبية.
- الشيخ عبد الكريم بن مراد الأثري -رحمه الله-، ودرس عليه في المصطلح كتابه: سحّ المطر على قصب السكر، وهو شرح لكتاب قصب السكر للصنعاني.
- الشيخ الدكتور نور الدين عتر-رحمه الله-، ودرس عليه جزءا من الباعث الحثيث.
- الشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم العبد اللطيف-رحمه الله-، ودرس عليه بداية المجتهد لابن رشد المالكي.
- الشيخ عطية محمد سالم-رحمه الله-، ودرس عليه بداية المجتهد لابن رشد المالكي.
جهوده:
لئن وافت المنية الشيخ عبد العزيز رحمه الله تعالى فإن التنوع الذي تميز به الشيخ في جهوده وأعماله التي لا زال كثير منها حيًّا ولا زالت قائمة مستمرة ممتدة؛ فلقد وضع الشيخ رحمه الله بصماته على كثير من الأعمال العلمية كالكتابة والتأليف وتنشئة الأجيال من طلبة العلم والعلماء والأئمة ممن درس على يديه، والإشراف على الصروح والمعالم العلمية التي خدمت المسلمين ولا زالت، ومن أبرز جهوده:
عنايته بالكتابة والتأليف:
إلى جانب جهوده المبذولة في خدمة كتاب الله تعالى نشط يراع الشيخ رحمه الله وكتاباته ومؤلفاته، وله عدد لا يستهان به من الكتب والأبحاث العلمية الجيدة، ومن أبرزها:
- طاعة أولي الأمر في الإسلام: ضوابطها ونواقضها، وهي رسالته للماجستير، وجاءت في (۱۲۰) صفحة.
- تحقيق ودراسة شرح أدب القاضي للخصاف المتوفى سنة ٢٦١هـ والشرح للصدر الشهيد حسام الدین عمر بن عبد العزيز ابن مازه الحنفي المتوفى سنة 536هـ، وهي رسالته للدكتوراه في نفس التخصص، وجاءت في (٨٥٠).
- حديث الأحرف السبعة / دراسة لإسناده ومتنه واختلاف العلماء في معناه وصلته بالقراءات القرآنية)، طبع عام (١٤١٢هـ)، ثم أعيد طبعه في مؤسسة الرسالة في بيروت عام (١٤٢٣هـ) في (١٤٤) صفحة.
- سنن القراء ومناهج المجودين، طبع عام (١٤١٤هـ) في (٢٤٢) صفحة، وقد ألقى الشيخ محاضرة حول هذا الموضوع في مركز تفسير للدراسات القرآنية، وهو منشور على اليوتيوب.
- قواعد التجويد على رواية حفص عن عاصم بن أبي النجود، طبع عدة طبعات آخرها طبعة مؤسسة الرسالة بدمشق عام (١٤٢٢ هـ) في ( ١٣٣) صفحة.
- التجويد الميسر، طبع عدة طبعات آخرها طبعة مؤسسة الرسالة بدمشق عام (١٤٢٢هـ) في (۱۳۲) صفحة.
- تفسير سورة العصر، طبع عام (١٤١٤هـ) في (69) صفحة، وقام بترجمته إلى الفارسية الشيخ محمد أنور البدخشاني الأستاذ بجامعة العلوم الإسلامية بكراتشي، وذلك أوائل عام (١٤٢١هـ).
- حرم المدينة النبوية، طبع عام (١٤٢٢هـ) في (161) صفحة.
- حقق كتاب الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي، للحجوي المغربي في مجلدين.
- الجوهرة المدنية، نظم في العقيدة والمنهج، طبعته دار طيبة بالرياض عام (١٤٢٢هـ) في (63) صفحة.
- رحلة المخطوطات من طيبة إلى طنجة، نظم لرحلة قام بها المؤلف بحثًا عن المخطوطات، طبع عام (١٤١٥هـ) في (١٠٢) صفحة.
- شجون غريب، ديوان شعر، طبع بالكويت عام (۱۳۹۹ هـ) في (١٢٠) صفحة من الحجم الصغير.
- لغات العرب في القرآن، بحث نشر في مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة عام (۱۳۹۱هـ).
- سبع مسائل في علم الخلاف، بحث في اختلاف الفقهاء نشر في المجلة المذكورة عام (۱۳۹۲ھ).
- شعر أهل الحديث، بحث نشر في المجلة نفسها عام (۱۳۹۳هـ) في أربع حلقات.
- توثيق القرآن الكريم، وهو بحث قدمه لمؤتمر عن القرآن الكريم عام 1410هـ في كوالالمبور
عنايته بالتدريس:
- التدريس بالمعهد العلمي ثم في الجامعة الإسلامية، وقد ترقى في العمل العلمي فيه منذ نشأة قسم القرآن بالجامعة وكان من المؤسسين عام 1394هـ حتى نال الأستاذية عام 1414هـ، وهي تفصيلًا على النحو التالي:
- التدريس بالمعهد التابع للجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية من عام (١٣٨٩هـ) إلى عام (1393هـ).
- أُنشئت كلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية عام (١٣٩٤هـ) فدرس بها تلك السنة، ثم ابتعث إلى جامعة الأزهر للدكتوراه، ثم واصل تدريسه بعد خمس سنوات عام (١٤٠٠هـ) حتى أحيل للتقاعد عام 1416هـ.
- وكذلك أسندت إليه كثير من المهام والمناصب في الجامعة حتى عُيِّنَ في نهاية المطاف عميـدًا لكليـة القرآن الكريـم والدراسـات الإسـلاميـة بالمدينة المنورة عامَ 1401هـ.
استقطابه للشخصيات القرآنية إلى المملكة:
كان للشيخ -رحمه الله- دورًا مهما في استقطاب كبار وعمالقة المقرئين في إلى الجامعة الإسلامية وإلى المدينة النبوية حتى صارت مقصدا ومحط رحل طلاب العلم وطالبي شيوخ الإقراء، وقد أبرز الشيخ د. عبد الله الجار الله هذا وغيره من جهود الشيخ قائلًا: ” كان سببًا في استقطاب الأعلام الكبار والأئمة الفخام؛ كالشيخ الزيات، والشيخ عامر السيد عثمان، والشيخ عبد الفتاح القاضي الذين نفع الله بهم البلاد والعباد، كما شارك في وضع مناهج الكلية وتأسيسها في أول مراحلها، وكان له السبق في المشاركة في إقرار مصحف المدينة النبوية المنورة في طبعته الأولى، وذلك من خلال رئاسته للجنة العلمية لطباعة المصحف الشريف بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف، خطيب مفوه ومتكلم متمكن، وعالم بآثار المدينة ومواقعها، يملك ثروة هائلة ورصيدًا ضخمًا من المعلومات عن التاريخ العلمي المعاصر للمدينة المنورة، كانت له دروس أسبوعية يبذلها لطلاب العلم وطالبيه”([19]).
رئاسته للجنة تصحيح المصحف:
- عمله رئيـسًا لِلجْنَـةِ تصحيحِ مصحفِ المدينـة النبويـة، الذي طُبِـعَ بمُجَمَّع الملكِ فهدٍ لِطِباعِ المصـحف الشـريف بالمدينة المنورة، فقد أشرف الشيخ رحمه الله على هذا العمل الجليل وهو تصحيح المصحف لينعم المسلمون من بعده في حياته وحتى بعد مماته بالقراءة الصحيحة لكلام الله سبحانه، فيا لها من نعمة وما أحسنها من منقبة، ومما يذكر هنا أن الشيخ هو من أدلى بفكرة تسمية هذا المصحف (مصحف المدينة النبوية)؛ لينال بذلك الطابع العلمي بدلًا من أن ينسب إلى أشخاص أو يسمى بأسماء لجان ونحوها.
- إمامة وخطابة مسـجد قباء بالمدينـة النبويـة، وذلك من عام 1405هـ إلى عام 1414هـ، وقد كان الشيخ خطيبًا مفوهًا وكان يعتني جدًّا بخطبة الجمعة ويعطيها عنايته واهتمامه؛ لأنها الكلمة التي يجب سماعها على عامة الناس دون غيرها؛ فكان يهتم بتحضيرها وإجادتها وفي ذلك يقول الشيخ د. عبد الله الجار الله: “أخبرني أنه يحضر خطبة الجمعة من نهاية الجمعة التي انتهى من خطبتها وينتهي من تحضيرها يوم الإثنين؛ ثم يبدأ بحفظها يوم الثلاثاء وينتهي من حفظها صبيحة الجمعة؛ وهو يفعل ذلك الاستعداد؛ لأنه يرى أن خطبة الجمعة هي المنبر العلمي الوحيد الذي لا يتخلف عنه أحد من أفراد المجتمع؛ كما أنها المنبر العلمي الوحيد الذي يأتي إليه الناس وهم مستعدون للسماع؛ ولهذا كما يقول-: يجب أن نحترم هذا الحضور بهذه الكيفية وهذه الصفة وهذا الاستعداد؛ وذلك بالتحضير الفائق من الخطيب بقدر الجهد والاستطاعة”([20]).
- والشيخ وُهب إلى جانب ذلك المهارة في الخط العربي، فقد كان ذا خط حسن جميل، ولذلك آثر الشيخ خالد آل محسوبي أن يورد ترجمة الشيخ بخطه في كتابه ليبرز هذا الجانب وقال في ذلك: “حرصت في ترجمة هذا العلم أن أضع ترجمته بخطه كما كتبها لي دون تدخل مني في شيء منها؛ لأحيط القارئ علمًا بمواهب هذا العَلم؛ فهو خطاط كما أنه خطيب مصقع كما أنه عالم محقق وشيخ مدقق وهو -فوق ذلك- عالم مسند وأديب أريب”([21]).
وفاته:
توفي الشيخ رحمه الله يوم الخميس 2/4/1444هـ/ 28 أكتوبر 2022م بالمدينة النبوية، رحمه الله وغفر له وأسكنه فسيح جناته.
نموذج من خطه رحمه الله
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المرا)
[1] أفدت هذه الترجمة من المراجع التالية:
- ترجمة للشيخ كتبها بنفسه وهي مطبوعة باسم: (السيرة الذاتية للأستاذ الدكتور عبد العزيز القارئ بقلمه، المدينة المنورة 1428هـ).
- إمتاع الفضلاء بتراجم القراء فيما بعد القرن الثامن الهجري، لتلميذه د. إلياس أحمد حسين البرماوي (1/173 وما بعدها).
- الجزء الأول من أعلامنا المعاصرين، خالد بن مأمون آل محسوبي (ص:376)، وقد نقل ترجمة الشيخ التي كتبها عن نفسه بخطه رحمه الله.
- محاضرة للشيخ بعنوان: سنن القراء ومناهج المجودين، ألقيت في مركز تفسير للدراسات القرآنية بالرياض، وهو اللقاء الرابع عشر ضمن السلسلة، وهو منشور على اليوتيوب.
- كلمة دونها الشيخ د. عبد الله الجار الله عن الشيخ مبرزا فضله وجهوده إبان وفاته يوم الجمعة 4/4/1444هـ، ونشرها على وسائل التواصل.
([2]) إمتاع الفضلاء، إلياس البرماوي (1/ 189).
([3]) هو في الأصل لقب علمي يناله من أتقن القرآن واشتغل به، وقد يتحول مع مرور الأزمان إلى لقب عائلة من العائلات عرف جدهم باشتغاله بالقرآن وإتقانه فيتوارث أبناؤه اللقب وإن لم يكونوا مشتغلين بالعلم، ولكن قد يجمع الله الحسنيين لبعض أهل تلك المناطق فينالون اللقب والاشتغال بالقرآن والعلم، وللاستزادة حول الألقاب العلمية ينظر: عاجل البشرى، عمار محمد أعظم (ص:57).
([4]) ينظر: إمتاع الفضلاء، إلياس البرماوي (1/ 189).
([5]) لقبها الملك المؤسس رحمه الله بقوله: “إن الصولتية هي الجامع الأزهر في بلادي”، ينظر: المدرسة الصولتية بمكة المكرمة دراسة تاريخية وصفية 1292هـ 1412هـ، عبد العزيز الفقيه (ص:4)، رسالة ماجستير غير مطبوعة.
([6]) مستفاد من محاضرة منشورة على اليوتيوب بعنوان: محاضرة عامة بعنوان: تاريخ المدرسة الصولتية للشيخ ماجد ابن الشيخ رحمت الله مدير المدرسة الصولتية في مكة المكرمة سابقًا، ألقيت يوم الإثنين 30/3/1439هـ بتنظيم من مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية.
([7]) إمتاع الفضلاء، إلياس البرماوي (1/ 191).
([8]) السيرة الذاتية للأستاذ الدكتور عبد العزيز القارئ بقلمه (ص:3).
([9]) ينظر: إمتاع الفضلاء، إلياس البرماوي (1/ 191).
([10]) الموقع الرسمي للجامعة الإسلامية/عن الجامعة.
([11]) إمتاع الفضلاء، إلياس البرماوي (1/ 173).
([12]) السيرة الذاتية للأستاذ الدكتور عبد العزيز القارئ بقلمه (ص:1).
([13]) السيرة الذاتية للأستاذ الدكتور عبد العزيز القارئ بقلمه (ص:3).
([14]) السيرة الذاتية للأستاذ الدكتور عبد العزيز القارئ بقلمه بتصرف يسير (ص:3).
([15]) إمتاع الفضلاء، إلياس البرماوي (1/ 174).
([16]) السيرة الذاتية للأستاذ الدكتور عبد العزيز القارئ بقلمه بتصرف يسير (ص:3 – 4).
([17]) لم أجد إثبات تتلمذه على الشيخ الألباني في غير محاضرة للشيخ بعنوان: سنن القراء ومناهج المجودين، حيث استعرض المقدم ترجمة الشيخ قبل المحاضرة، وكانت في مركز تفسير للدراسات القرآنية بالرياض، وهو اللقاء الرابع عشر، وهو منشور على اليوتيوب.
([18]) السيرة الذاتية للأستاذ الدكتور عبد العزيز القارئ بقلمه بتصرف يسير (ص:4).
([19]) كلمة دونها الشيخ د. عبد الله الجار الله عن الشيخ مبرزا فضله وجهوده إبان وفاته يوم الجمعة 4/4/1444هـ، ونشرها على وسائل التواصل.
([20]) كلمة دونها الشيخ د. عبد الله الجار الله عن الشيخ مبرزا فضله وجهوده إبان وفاته يوم الجمعة 4/4/1444هـ، ونشرها على وسائل التواصل.
([21]) الجزء الأول من أعلامنا المعاصرين، خالد بن مأمون آل محسوبي (ص:376)، وفي نهاية الترجمة صور مرفقة من خطه رحمه الله.