الأحد - 03 ربيع الآخر 1446 هـ - 06 أكتوبر 2024 م

المشاهد والقباب بين الحقيقة والخرافة

A A

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة

أرسل الله رسوله صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق بين يدي الساعة بشيرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، فختم به الرسالة، وهدى به من الضلالة، وعلم به من الجهالة، وفتح برسالته أعينًا عميًا وآذانًا صمًّا وقلوبًا غلفًا، فأشرقت برسالته الأرض بعد ظلماتها، وتألفت بها القلوب بعد شتاتها، فأقام بها الملة العوجاء، وأوضح بها المحجة البيضاء.

ولم يقبضه سبحانه وتعالى حتى أكمل له الدين، وأقام به الملة، وأمرنا باتباع سنته، وحذرنا من مخالفة أمره، فقال: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.

وجعل طاعته طاعة له، فقال: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}، ومن طاعته صلى الله عليه وسلم التمسك بسنته، وسنة أصحابه رضوان الله عليهم من بعده، كما في الحديث عَنْ العِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ: وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بَعْدَ صَلَاةِ الغَدَاةِ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً، ذَرَفَتْ مِنْهَا العُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا القُلُوبُ، فَقَالَ رَجُلٌ: إِنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ، فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ؛ فَإِنَّهَا ضَلَالَةٌ، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ»([1]).

غير أنه طرأ على صفاء هذا الدين مع تباعد عهد النبوة الكثير من البدع التي عادت بالمسلمين إلى مظاهر الوثنية وعبادة الأصنام، كما جاء في الحديث أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَضْطَرِبَ أَليَاتُ نِسَاءِ دَوْسٍ عَلَى ذِي الخَلَصَةِ»([2]). وَذُو الخَلَصَةِ طَاغِيَةُ دَوْسٍ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَ فِي الجَاهِلِيَّةِ.

ومن أخطر هذه البدع بدعة بناء القباب والقبور والأضرحة، واتخاذها مساجد وأماكن للزيارة تقصد ويشدّ إليها الرحال، ويحدث عندها منكرات ما أنزل الله بها من سلطان، بداية من الاختلاط المحرَّم إلى الشرك بالله المعظَّم.

ومن العجائب والغرائب أن الكثير من الناس ينشط ويجتهد في الذهاب إليها والعكوف عندها، ويعمل لها مواسم وأعيادًا، ويقف لها الأوقاف والنذور، ويجعل لها مناسك ومشاهد، حتى آل الأمر بهؤلاء الضالين المضلين إلى أن شرعوا للقبور حجًّا وصنَّفوا لها مناسك؛ حتى صنف بعض غلاتهم في ذلك كتابا وسماه: “مناسك حجّ المشاهد”؛ مضاهاة منه للبيت الحرام([3]).

أولًا: نشأة القباب والأضرحة في العالم الإسلامي:

إن المتتبع للتاريخ الإسلامي يجد أن مثل هذه القباب والأضرحة لم تكن موجودة عند المسلمين في القرون الأولى التي شهد لها الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها خير القرون، بل وحتى بعد تلك القرون فإن الأمة كانت في عافية من هذه القباب والمشاهد، التي أصبحت وكرًا للفساد والمفسدين في العالم الإسلامي إلى يومنا هذا([4]).

بل ظل الأمر كذلك حتى نهاية القرن السادس الهجري تقريبًا، وقليل من الأضرحة بناه أهل السنة قبل ذلك، والغالب على هذا القليل أنها أضرحة لم تبن للتقديس، وإنما للحزن على المفقود، كشأن خطوات الشيطان دائمًا تبدأ بقصد حسَن لتسير بأهلها في طريق مخالفة الشرع الحنيف، مثل الضريح الذي بنته أم الخليفة المنتصر لولدها في سامرّاء سنة 284هـ، فإنه لم يبن للتقديس، وإنما بني لإظهار الحزن([5]).

حتى جاءت الدولة الفاطمية الباطنية العبيدية التي انتسبت إلى فاطمة رضي الله عنها زورًا ظلمًا وعدوانًا؛ من أجل أن تكسب ودَّ المسلمين، ولأغراض سياسية، فبدؤوا بناء القباب والأضرحة، ودعوة الناس إلى زيارتها والتبرك بها والاحتفال بأصحابها.

من الباطنيون؟

حكى أصحاب المقالات أنّ الذين أسّسوا دعوة الباطنية جماعة، منهم: ميمون بن ديصان المعروف بالقداح، وكان مولى لجعفر بن محمد الصادق، وكان من الأهواز. ومنهم: محمد بن الحسين الملقب بدندان. اجتمعوا كلهم مع ميمون بن ديصان في سجن والي العراق، فأسسوا في ذلك السجن مذاهب الباطنية، ثم ظهرت دعوتهم بعد خَلاصهم من السجن من جهة المعروف بدندان، وابتدأ بالدعوة في ناحية توز.

فدخل في دينه جماعة من أكراد الجبل مع أهل الجبل المعروف بالبدين، ثم رحل ميمون بن ديصان إلى ناحية المغرب، وانتسب في تلك الناحية إلى عقيل بن أبي طالب، وزعم أنه من ولد محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق، فقبل الأغبياء ذلك منه على جهلٍ منهم بأن محمد بن إسماعيل بن جعفر مات ولم يعقب عند علماء الأنساب.

ثم ظهر في دعوته إلى دين الباطنية رجل يقال له: حَمَدان قِرْمِط؛ لقب بذلك لقرمطة في خطه أو في خطوه. وكان في ابتداء أمره أكارًا من أكَرَة سواد الكوفة، وإليه تنسب القرامطة.

ثم ظهر بعده في الدعوة إلى البدعة أبو سعيد الجنابي، وكان من مستجيبة حمدان، وتغلب على ناحية البحرين، ودخل في دعوته بنو سنير.

ثم لما تمادت الأيام بهم ظهر المعروف منهم بسعيد بن الحسين بن أحمد بن عبد الله بن ميمون بن ديصان القداح، فغيّر اسم نفسه ونسبه، وقال لأتباعه: “أنا عبيد الله بن الحسين بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق”، ثم ظهرت فتنته بالمغرب([6]).

قال بن خلكان: “وأهل العلم بالأنساب من المحققين ينكرون دعواه في النسب”([7]).

وفي سنة 402هـ كتب جماعة من العلماء والقضاة والأشراف والعدول والصالحين والفقهاء والمحدثين محاضر تتضمّن الطعن والقدح في نسب الفاطميّين العبيديّين، وشهدوا جميعًا أن الحاكم بمصر هو: منصور بن نظار الملقب بـ(الحاكم) -حكم الله عليه بالبوار والخزي والدمار- بن معد بن إسماعيل بن عبد الله بن سعيد -لا أسعده الله-، فإنه لما صار إلى بلاد المغرب تسمى بعبيد الله، وتلقب بالمهدى، وأن من تقدم من سلفه أدعياء خوارج، لا نسب لهم في ولد علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ولا يتعلقون بسبب، وأنه منزه عن باطلهم، وأن الذي ادّعوه إليه باطل وزور، وأنهم لا يعلمون أحدًا من أهل بيوتات علي بن أبي طالب توقف عن إطلاق القول في أنهم خوارج كَذَبة، وقد كان هذا الإنكار لباطلهم شائعًا في الحرمين، وفي أول أمرهم بالمغرب منتشرًا انتشارًا يمنع أن يدلس أمرهم على أحد، أو يذهب وَهَم إلى تصديقهم فيما ادّعوه، وأن الحاكم بمصر -هو وسلفه- كفار فساق، ملحدون زنادقة معطلون، وللإسلام جاحدون، ولمذهب المجوسية والثنوية معتقدون، قد عطلوا الحدود، وأباحوا الفروج، وأحلّوا الخمور، وسفكوا الدماء، وسبوا الأنبياء، ولعنوا السلف، وادّعوا الربوبية، وكتب في سنة اثنين وأربعمائة للهجرة، وقد كتب خطه في المحضر خلق كثير([8]).

وعلى هذا فاعلم أن جمهور الأمة تطعن في نسبهم، ويذكرون أنهم من أولاد المجوس أو اليهود، هذا مشهور من شهادة علماء الطوائف الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة وأهل الحديث وأهل الكلام وعلماء النسب والعامة وغيرهم.

وهذا أمر قد ذكره عامة المصنفين لأخبار الناس وأيامهم، حتى بعض من قد يتوقف في أمرهم؛ كابن الأثير الموصلي في تاريخه ونحوه، فإنه ذكر ما كتبه علماء المسلمين بخطوطهم في القدح في نسبهم.

وأما جمهور المصنفين من المتقدمين والمتأخرين، حتى القاضي ابن خلكان في تاريخه، فإنهم ذكروا بطلان نسبهم، وكذلك ابن الجوزي وأبو شامه وغيرهما من أهل العلم بذلك.

حتى صنف العلماء في كشف أسرارهم وهتك أستارهم، كالقاضي أبي بكر الباقلاني في كتابه المشهور، فكشف أسرارهم وهتك أستارهم، وذكر أنهم من ذرية المجوس، وذكر من مذاهبهم ما بيّن فيه أن مذاهبهم شرّ من مذاهب اليهود والنصارى، بل ومن مذاهب الغالية الذين يدَّعون ألوهية علي أو نبوته، فهم أكثر من هؤلاء([9]).

وكذلك ذكر القاضي أبو يعلى في كتابه المعتمد فصلًا طويلًا في شرح ذندقتهم وكفرهم، وكذلك ذكرهم أبو حامد الغزالي رحمه الله في كتابه الذي سماه: (فضائل المستظهرية، وفضائح الباطنية) قال: “أما الْجُمْلَة فَهُوَ أَنه مَذْهَب ظَاهره الرَّفْض وباطنه الْكفْر الْمَحْض”([10]).

وقال عبد القاهر البغدادي: “والذي يصح عندي من دين الباطنية أنهم دهرية زنادقة، يقولون بقدم العالم، وينكرون الرسل والشرائع كلها، لميلها إلى استباحة كل ما يميل إليه الطبع”([11]).

بل جعلهم أشد خطرًا من اليهود والنصارى، بل ومن الدجال فقال: “اعلموا -أسعدكم الله- أن ضَرَر الباطنية على فرق الْمُسلمين أعظم من ضَرَر الْيَهُود وَالنَّصَارَى والمجوس عَلَيْهِم، بل أعظم من مضرَّة الدهرية وَسَائِر أَصْنَاف الْكَفَرَة عَلَيْهِم، بل أعظم من ضَرَر الدَّجَّال الذي يظْهر فِي آخر الزَّمَان؛ لِأَن الَّذين ضلوا عَن الدّين بدعوة الباطنية من وَقت ظُهُور دعوتهم إلى يَوْمنَا أكثر من الَّذين يضلون بالدجال في وَقت ظُهُوره؛ لأن فتْنَة الدَّجَّال لَا تزيد مدَّتهَا على أربعين يَوْمًا وفضائح الباطنية أكثر من عدد الرمل والقطر”([12]).

ثانيًا: في بيان أن كثيرًا من هذه المشاهد والقباب لا أصل لها:

قدِ اسْتَغلَّ كثِيْرٌ مِنْ أَرْبَابِ الدُّنيا ضَلالَ كثِيْرٍ مِنَ النّاس، وَلجوأَهمْ إلىَ القبوْرِ اسْتِغاثة وَدُعَاءً وَذبْحًا؛ فأَقامُوْا مَشَاهِدَ، وَبنوْا قببًا لِصَالحِينَ مَزْعُوْمِينَ مُخْتَلَقِينَ، لِيأْكلوْا أَمْوَالَ النّاس باِلباطِل([13]).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في رده على البكري -المسمى بالاستغاثة-: “فالسَّدَنة الذِيْنَ عِنْدَ القبوْرِ وَنَحْوِهِمْ غرَضُهُمْ يَأْكلوْنَ أَمْوَالَ النّاس بهمْ، وَأَتبَاعُهُمْ غرَضُهُمْ تَعْظِيْمُ أَنفسِهمْ عِنْدَ النّاس، وَأَخْذُ أَمْوَالهِمْ لهمْ”([14]).

ثم ذكر شيخ الإسلام أن كثيرًا من الناس كانوا يذهبون يدعون عند قبور العبيديين، يظنون أنهم أولياء صالحون، مع أنهم منافقون زنادقة ظاهرو الكفر، وأمثال هذا كثير.

ثم قال رحمه الله: “والمقصود: أن كثيرًا من الناس يعظم قبر من يكون في الباطن كافرًا أو منافقًا، ويكون هذا عنده والرسول صلى الله عليه وسلم من جنس واحد؛ لاعتقادهم أن الميت يقضي حاجته إذا كان رجلًا صالحًا، وكلا هذين عنده من جنس من يستغيث به، وكم من مشهد يعظمه الناس وهو كذب، بل يقال: إنه قبر كافر! كالمشهد الذي بسفح جبل لبنان الذي يقال: إنه قبر نوح، فإن أهل المعرفة يقولون: إنه قبر بعض العمالقة، وكذلك مشهد الحسين رضي الله عنه الذي بالقاهرة، وقبر أُبي في دمشق اتفق العلماء على أنه كذب، ومنهم من قال: هما قبران لنصرانيين، وكثير من المشاهد متنازع فيها، وعندها شياطين تضلّ بسببها من تضل”([15]).

ثم قال: “فالذي يجري عند المشاهد من جنس ما يجري عند الأصنام، وكثير من المشاهد كذب، وكثير منها مشكوك فيها، وسبب ذلك أن معرفة المشاهد ليست من الدين الذي تكفل الله بحفظه للأمة؛ لعدم حاجتهم لمعرفة ذلك”([16]).

وما ذكره شيخ الإسلام حق، والقبور المختلَقة كثيرة جدًّا، ودوافع أصحابها ومنشئيها متباينة، بين إرادة إضلال الناس عن صراط الله المستقيم، وبين حبٍّ وطمع في الدنيا، ونهب لما في أيدي الناس([17]).

وفيما يلي بيانُ ذلك؛ ليطَّلع القارئ الكريم على حقيقة الأمر، ويعرف أن كثيرًا من هذه القبور لا أصل لها، بل أن بعضها قبور لحيوانات وخنازير!.

1- قبور تُنسب للأنبياء عليهم السلام:

من المعروف الثابت عند عامة أهل العلم أنه لا يوجد نبي من الأنبياء له قبر معروف أو متّفق عليه سوى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فهو القبر الوحيد المتّفق عليه، ورغم ذلك فإنه لم يبق نبي تقريبًا إلا وله قبر معروف ومزار مشهور عند الصوفية.

ومن قبور الأنبياء المزعومة:

قبر نوح عليه السلام، قال شيخ الإسلام: “ومنها -أي: القبور المزعومة-: القبر المشهور في سفحة بالكرك الذي يقال: إنه قبر نوح، فهو باطل محال، ولا كان لهذا القبر ذكر ولا خبر أصلًا، بل كان ذلك المكان حاكورة يزرع فيها، ويكون بها الحاكة إلى مدة قريبة، رأوا هناك قبرًا فيه عظم كبير، وشموا فيه رائحة، فظن الجهلاء أنه لأجل تلك الرائحة يكون قبر نبي، وقالوا: من كان من الأنبياء كبيرًا؟ فقالوا: نوح، فقالوا: هو قبر نوح، وبنوا عليه في دولة الرافضة الذين كانوا مع الناصر صاحب حلب ذلك القبر، وزيد بعد ذلك في دولة الظاهر، فصار وثنًا يشرك به الجاهلون، وقد ثبت عن النبي r أنه قال: «إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ»([18])، فلو كان قبر نبي لم يتجرّد العظم… وحدثني من الثقات من شاهد في المقابر القريبة منه رؤوسًا عظيمة جدًّا تناسب تلك العظام”([19]).

ويذكر محمد بن عبد الجواد القياتي عددًا من الأضرحة والمزارات المنسوبة إلى الأنبياء منها:

“مزار يحيى بن زكريا عليه السلام في صيدا في جنوب لبنان في قمة جبل يشرف على البلد والبحر([20]).

وذكر أنه مر على قبر منسوب أيضًا ليحيى عليه السلام في مغارة في ضيعة سبسطة بفلسطين([21]).

وهناك أيضًا مقام ثالث في الجامع الأموي بحلب حيث توجد حجرة تعرف بــ”الحضرة الخضراء”، يقال: إن بها رأس يحيى بن زكريا عليه السلام، قال ابن شداد وابن الشحنة وابن الخطيب نقلا عن تاريخ ابن العظيمي: إنه في سنة 435 ظهر ببعلبك في حجر منقور رأس يحيى بن زكريا عليهما السلام، فنقل إلى حمص، ثم منها إلى مدينة حلب في هذه السنة ودفن بهذا المقام([22]).

وفي مدينة الخليل يوجد ضريح الخليل عليه السلام، وعليه قبة وبابه من فضة، وضريح إسحاق عليه السلام، وضريح يعقوب عليه السلام، وضريح يوسف عليه السلام، وكل تلك الأضرحة داخل مسجد كبير في مدينة الخليل([23]).

ويوجد ضريح يونس عليه السلام في بلدة حلحول بين القدس والخليل([24])، مع أن هناك جامعًا كبيرًا به ضريح في قرية نينوى في العراق يُدعى: جامع النبي يونس، وهو أحد الجوامع الكبيرة المقصودة بسواد الموصل([25]).

وأعجب من ذلك أن القياتي نفسه ذكر أنه أثناء خروجه من نابلس مر في الطريق على ضيعة يقال: إن فيها مزار سيدنا يونس عليه السلام، وهذا المزار عبارة عن قبة صغيرة، ومن داخلها غار يقال: إن فيه قبر نبي الله يونس([26]).

ثم قال الغزي في نهر الذهب بعد أن ذكر قبور العديد من الأنبياء المتوهَّم وجودها: “وعلى كل حال فلا بأس من زيارته على توهّمٍ مِن وجوده، فقد قال في طبقات الصوفية للعلامة المناوي: إن الأرض لأجسام الأنبياء والأولياء كالماء للسمك، فيظهرون بأماكن متعدّدة، ويزار كل مكان قيل عنه: إنه فيه نبي كريم أو ولي عظيم، ومعلوم أنه لم يثبت قبر من قبور الأنبياء بالتواتر إلّا قبر نبينا عليه الصلاة والسلام وقبر الخليل على ما ذكره صاحب الأنس الجليل”([27]).

2- قبور منسوبة لبعض الصالحين:

ذكر ابن الجوزي في المنتظم في حوادث سنة (535هـ) أن رجلًا دخل بغداد، وأظهر الزهد والتنسك، فقصده الناس من كل جانب، ثم إن رجلًا من سواد بغداد مات له صبي فدفنه، فعلم به هذا المتزهد، فمضى إلى قبر ذلك الصبي فنبشه وأخرج الصبي، ثم دفنه في موضع آخر لحاجة في نفسه، ثم قال للناس في بعض الأيام: اعلموا أني قد رأيت عمر بن الخطاب ومعه علي بن أبي طالب، فسلمت عليهما، وسلموا علي وقالا لي: إن في هذا الموضع صبيًّا من أولاد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وخطَّا لي المكان، ثم أشار المتزهد إلى ذلك الموضع، فحضروا في ذلك المكان، فرأوا الصبي -وهو أمرد- فازدحموا عليه وانصرفوا إليه، فمن وصل إلى قطعة من أكفانه فكأنه حاز الدنيا! حتى خرج أرباب الدولة وأهل بغداد، وانقلب البلد، ووضعوا عند قبره دساتيج ماء الورد والبخور، وأخذ جهال الناس التراب للتبرك! وازدحم الناس على القبر، حتى لم يصل إليه أحد من كثرة الزحام.

وجعل الناس يقبّلون يد ذلك المتزهّد -وهو يظهر التمنّع والبكاء والخشوع- والناس تارة يزدحمون عليه وتارة يزدحمون على الميت، وبقي الناس على هذا أيامًا، والميت مكشوف يبصره الناس حتى ظهر نتن رائحته.

وجاء جماعة من أذكياء بغداد، فتفقَّدوا كفنه فوجدوه خامًا، ووجدوا تحته حصيرًا جديدًا، فقالوا: “هذا لا يمكن أن يكون على هذه الصفة منذ أربع مئة سنة”!.

فما زالوا ينقّبون عن ذلك حتى جاء والد الصبيّ فأبصر ابنه، فقال للناس: “هذا والله ولدي، وكنت دفنته عند السبتي”، فمضى معه قوم إلى المكان، فرأوا القبر قد نُبش، وليس فيه ميت.

فلما سمع المتزهَّد ذلك هرب، فطلبوه وظفروا به، فقرَّروه فأقر أنه فعل ذلك حيلةً، فأخذ وأركب حمارًا وشهّر به([28]).

ومن ذلك أيضًا: ضريح الحسين بالقاهرة، هو كذب مختلّق بلا نزاع بين العلماء المعروفين عند أهل العلم الذين يرجع إليهم المسلمون في مثل ذلك لعلمهم وصدقهم([29]). فإنه معلوم باتفاق الناس أن هذا المشهد بني عام بضع وأربعين وخمسمئة، وأنه نقل من مشهد بعسقلان، وأن ذلك المشهد كان قد أحدث بعد التسعين والأربعمائة، فمن المعلوم أن قول القائل: إن ذلك الذي بعسقلان هو مبني على رأس الحسين رضي الله عنه قول بلا حجة أصلًا([30]).

فإذا كان أصل هذا المشهد القاهريّ هو ذلك المشهد العسقلاني، وذلك العسقلاني محدَث بعد مقتل الحسين بأكثر من أربعمئة وثلاثين سنة، وهذا القاهري محدَث بعد مقتله بقريب من خمسمئة سنة، وهذا مما لم يتنازع فيه اثنان ممن تكلّم في هذا الباب من أهل العلم على اختلاف أصنافهم، كأهل الحديث، ومصنفي أخبار القاهرة، ومصنفي التواريخ، وما نقله أهل العلم طبقة عن طبقة، فمثل هذا مستفيض عندهم، وهذا بينهم مشهور متواتر، سواء قيل: إن إضافته إلى الحسين صدق أو كذب، لم يتنازعوا أنه نقل من عسقلان في أواخر الدولة العبيدية([31]).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: “وقد ذكر أبو الخطاب ابن دحية في كتابه (العلم المشهور) في هذا المشهد فصلًا، مع ما ذكره في مقتل الحسين من أخبار ثابتة وغير ثابتة، ومع هذا فقد ذكر أن المشهد كذب بالإجماع، وبين أنه نقل من عسقلان في أواخر الدولة العبيدية، وأنه وضع لأغراض فاسدة، وأنه بعد ذلك بقليل أزال الله تلك الدولة وعاقبها بنقيض قصدها.

وما زال ذلك مشهورًا بين أهل العلم حتى أهل عصرنا من ساكني الديار المصرية القاهرة وما حولها، فقد حدثني طائفة من الثقات عن الشيخ أبي عبد الله محمد بن علي الغنوي المعروف بابن دقيق العيد، وطائفة عن الشيخ أبي محمد عبد المؤمن بن خلف الدمياطي، وطائفة عن الشيخ أبي محمد القسطلاني، وطائفة عن الشيخ أبي عبد الله محمد القرطبي صاحب التفسير وشرح أسماء الله الحسنى، وطائفة عن الشيخ عبد العزيز الدريني كل من هؤلاء حدثني عن من لا أتهمهم، وحدثني عن بعضهم عدد كثير، وكلّ يحدثني عن من حدثني من هؤلاء: أنه كان ينكر أمر هذا المشهد ويقول: إنه كذب، وإنه ليس فيه الحسين ولا غيره.

والذين حدثوني عن ابن القسطلاني ذكروا عنه أنه قال: إن فيه نصرانيًّا، بل القرطبي والقسطلاني ذكرا بطلان أمر هذا المشهد في مصنفاتهما، وبيّنا فيها أنه كذب، كما ذكره أبو الخطاب ابن دحية([32]).

ومعلوم أنه لم يكن بهذه البلاد من يعتمد عليه في مثل هذا الباب أعلم ولا أدق من هؤلاء ونحوهم، فإذا كان كل هؤلاء متفقين على أن هذا كذب ومين، علم أن الله قد برأ منه الحسين، وحدثني من حدثني من الثقات أن من هؤلاء من كان يوصي أصحابه بألا يظهروا ذلك عنه خوفا من شر العامة بهذه البلاد لما فيهم من الظلم والفساد([33]).

ومن أشهر الأضرحة أيضًا: ضريح الإمام علي بن أبي طالب بالنجف بالعراق، فإن المعروف عند أهل العلم أن عليًّا رضي الله عنه دفن بقصر الإمارة بالكوفة، كما دفن معاوية بقصر الإمارة بالشام، ودفن عمرو بقصر الإمارة؛ خوفًا عليهم من الخوارج من أن ينبشوا قبورهم، ولكن قيل: إن الذي بالنجف قبر المغيرة بن شعبة، ولم يكن أحد يذكر أنه قبر علي، ولا يقصده أحد أكثر من ثلاثمائة سنة([34]).

ومنها: قبر عبد الله بن عمر في الجزيرة، والناس متفقون على أن عبد الله بن عمر مات بمكة عام قتل ابن الزبير، وأوصى أن يدفن بالحل لكونه من المهاجرين، فشق ذلك عليهم، فدفنوه بأعلى مكة.

ومنها: قبر جابر الذي بظاهر حران، والناس متفقون على أن جابر توفي بالمدينة النبوية، وهو آخر من مات من الصحابة بها.

ومنها: قبر ينسب إلى أم كلثوم ورقية بالشام، وقد اتفق الناس على أنهما ماتتا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة تحت عثمان، وهذا إنما هو بسبب اشتراك الأسماء، لعل شخصًا يسمى باسم من ذكر وتوفي ودفن في موضع من المواضع المذكورة، فظن بعض الجهال أنه أحد من الصحابة([35]).

ولعل هذا السبب أيضًا كان سببًا في وجود ضريح خالد بن الوليد بكفر الحما مركز أشمون منوفية بمصر، وضريح الشيخ عمار بن ياسر بناحية بني صالح تبع مركز الفشن([36]).

ويذكر علي باشا مبارك أن الموجود في زمنه في القاهرة وحدها مائتان وأربعة وتسعون ضريحًا([37])، كضريح الحسين، وضريح السيدة سكينة، وضريح السيدة نفيسة، وضريح السيدة زينب، وضريح الإمام الشافعي، وضريح الليث بن سعد، وكل هذه الأضرحة قد بني عليها جوامع ومساجد.

وتذكر الدكتورة سعاد ماهر أن الأضرحة المشهورة يزيد عددها في مصر على الألف([38]).

3- قبور لا يعرف أهلها بالصلاح أصلًا:

بل من أصحاب القباب المزعومة من لم يعرف بالصلاح أصلًا، وإنما نسجوا حولـه الكرامات حتى اغتر بها كثير من الجهال، ومن ذلك ما حدث مع الشيخ صالح أبي حديد الذي كان وبعض صحبه قطاعَ طريق، وحين كشف أمره هرب ولجأ إلى بيت مغنية مشهورة، فأخفتـــــه وادعت أنه مجنـــون، ووضعت في رجليه قيدًا من حديد، وقد اعتقل لسانه من شدة الخوف، ثم أشاعت هي والمجتمعون من حولـه أن له كرامات وأخبارًا بالمغيبات، فأقبل عليه الناس بالهدايا والنذور حتى ذاع صيته وزاره الخديوي إسماعيل، واستبشر به، وبنى له قبرًا بقبة عالية بعد وفاته، ووقف عليه الأرض وغيرها([39]).

ومن ذلك: مسجد في حلب يعرف بمسجد العريان، ويعتقد فيه أهل المحلة الموجود بها، ويقولون: إنه عرف بالعريان لأنه في أكثر أوقاته يتجرد من ثيابه، ويدّعون أن ذلك لغلبة الحال عليه، وشبيه بذلك مجذوب اسمه علي البكري، كان يطوف الشوارع عريانا، فعمد أخوه بعد موته إلى أحد مساجد القاهرة واجتزأ نصفه ظلمًا، وجعله ضريحًا لأخيه ليرد إليه الناس من كل أنحاء القطر([40]).

ويقول الجبرتي في تاريخه عن علي البكري هذا: “من الحوادث المستهجنة أن امرأة تعلقت برجل من المجاذيب يقال له: الشيخ علي البكري، مشهور ومعتقد عند العوام، وهو رجل طويل حليق اللحية يمشي عريانًا، وأحيانا يلبس قميصًا وطاقية، ويمشي حافيًا، فصارت هذه المرأة تمشي خلفه أينما توجه، وهي بإزارها وتخلط في ألفاظها، وتدخل معه إلى البيوت، وتطلع الحريمات، واعتقدها النساء، وهادوها بالدراهم والملابس، وأشاعوا أن الشيخ لحظها وجذبها وصارت من الأولياء، ثم ارتقت في درجات الجذب، وثقلت عليها الشربة؛ فكشفت وجهها، ولبست ملابس كالرجال، ولازمته أينما توجه، ويتبعهما الأطفال والصغار وهوام العوام، ومنهم من اقتدى بهما أيضا ونزع ثيابه وتخجّل في مشيه، وقالوا: إنه اعترض على الشيخ والمرأة فجذبه الشيخ أيضًا([41]).

4- قبور وأضرحة لحيوانات وأحجار:

وليس هذا فحسب، بل إن هناك مقامات وقباب لدواب وحيوانات، يُقدم إليها النذور، ويُوقد عليها البخور، والويل لمن تحدثه نفسه بالاعتراض، أو يسول له عقله الانتقاض.

ففي اللاذقية بالشام حضرة يقال: إنها مدفن الفرس التي كان يركبها الولي المغربي، لا تزال حتى اليوم تزار وتبخَّر.

وفي الإسكندرية بمصر عزمت البلدية على نقل ضريح من أحد الطرق، فثار الغوغاء هناك، واستنكروا نقل الولي من قبره، ولكن البلدية أصرت على عزمها، وكانت المفاجأة أن القبر يضمّ عظام حمار، فالقبوريون عباد كلّ ضريح حتى لو ثبت عدم صحة نسبة الضريح إلى صاحبه، أو كان الضريح لدابة، أو ثبت عدم وجود ضريح أصلًا([42]).

ويوجد بالقرب من عمان بالأردن مقام الشيخ (خنزير)، منسوب إلى خنزير برّي قتله صياد، وأوهم أحد العراب الذي نام تحت الشجرة المدفون في أصلها رأس الخنزير ورأى أحلامًا مزعجةً أن هذا هو مقام الشيخ خنزير.

بل وتزاحم الناس في مولد البدوي بمصر حول حمار يأتي به دراويش الطريقة الشاذلية إلى قبر السيد، فيتسابقون لنزع شعرات من جسمه يصنعون منها الأحجبة، وهذا بالضبط ما كان قدماء المصريين يفعلونه بهذا الحيوان!

ويقول بول لوكاسن: إنه في عام 1699م أثناء زيارته للصعيد وجد بعض أهله يقدسون حية تنسب إليها المعجزات، وقد زار ريتشارد بوكوك 1752م قرية قرب جرجة وهي مكان الحية المقدسة، وقال: إن الناس يزورونها في مسجد هناك به قبر ولي (وهو الشيخ هريدي) ويتبركون بها ويقدمون الأضاحي والذبائح لها([43]).

وعلى الجملة: فإن “غالب ما يستند إليه الواحد من هؤلاء: أنه يدّعي أنه رأى منامًا أو أنه وجد بذلك القبر علامة تدلّ على صلاح ساكنه، إما رائحة طيبة، وإما توهّم خرق عادة ونحو ذلك، وإما حكاية عن بعض الناس أنه كان يعظم ذلك القبر([44]).

وما دام الأمر كذلك، فما الفرق بين كوم تراب وحجارة أو أخشاب أو نحاس أو أي شيء من المخلوقات؟! لا فرق. المهم وجود (السر) والتوجّه إلى صاحبه، وهذا ما أوقع القبوريين في وثنية صريحة لا خفاء فيها ولا مواربة.

ففي الهند يأخذون قليلًا من التراب من مكان ما، ويعطونه حكم نعش الإمام الحسين رضي الله عنه، ويضعونه على مكان مرتفع كصفة وغيرها، ثم يقدمون له كل يوم أنواعًا من الشراب والحلاوة والزهور والعطور وغيرها، ولا يسمحون لأحد أن يمر بتلك الصفة منتعلًا، ويسجدون لذلك التراب الذي أعطوه حكم قداسة جنازة الحسين، ويطلبون منه المال والأولاد([45]).

ولقد شاهد الشيخ محمد رشيد رضا بعض الرجال والنساء من العامة في مسجد الحسين بالقاهرة يطوفون بعمود من الرخام ويتمسحون به التماسًا للبركة وتقربًا إلى (السيد البدوي)! معتقدين بأنه يجلس بجانب هذا العمود عند زيارة جده الحسين، ومنهم من يزعم أن روح السيد ترفرف دائمًا هناك، ويقبّلون قفص النحاس الذي على القبر، ويستغيثون ويطلبون حاجاتهم([46]).

وفي نابلس بفلسطين عمود حجري كان مقدسًا قبل الإسلام، فوجد من يطلق عليه بعد انحراف الناس عن دينهم الحق: قبر الشيخ العمود.

وفي قبة البدوي حجر يقدسه العامة؛ لاعتقادهم أن به أثرًا لقدم النبي صلى الله عليه وسلم، وهو ليس الوحيد من نوعه في مصر، بل إنه أحد أحجار أربعة يقدسها العامة، ويعتقدون فيها البركات، ويزعمون أن من تبرك بها شفي من الأمراض.

وفي شرق الأردن نشأ مزار (أبي رغيف) بالقرب من قرية (ماعين)، وهو عبارة عن دائرة من الحجارة يعرفها الأعراب ويرهبونها، وأصله أن الفلاح وضع بعض الأرغفة على صخرة وذهب لحراثة أرضة، وكلما عاد وجدها تنقص رغيفًا، وكان هناك وحش يسحبها إلى وكره وهو لا يدري، فظن أن بالمكان أحد أولياء الله الجائعين، ثم شاعت شهرة المقام ونسجت حوله الكرامات([47]).

وما ذكرناه يعتبر عينة عشوائية لما يحدثه القبوريون في معظم العالم الإسلامي من مشاهد وقباب، وما هي إلا خرافات وأباطيل، والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

5- ما يسمى بأضرحة الرؤيا:

وهي أضرحة تُبنى عن طريق الرؤى والأحلام، فيكفي أن يدّعي شخص أنه رأى الولي الفلاني في المنام، فقال له: ابنِ لي ضريحًا في المكان الفلاني، حتى يسارع بنشر الخبر، وبناء الضريح، وإقامة الاحتفالات والموالد لهذا الولي، ويقوم صاحب الرؤيا بخدمة الضريح، وجمع النذور، وإقامة الموالد، بل ويسميه الناس: خليفة الولي، والعجب أن أكثر هذه الرؤى كذب واختلاق، ومع ذلك تجد لها من يصدقها!

تقول الدكتورة سعاد ماهر: “ظهر في العصور الوسطى… ما يعرف بأضرحة الرؤيا، فإذا رأى ولي من أولياء الله الصالحين في منامة رؤيا مؤداها أن يقيم مسجدًا أو ضريحًا لأحد من أهل البيت أو الولي المسمى في الرؤيا فكان عليه أن يقيم الضريح أو المسجد باسمه”([48]).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: “وغالب ما يستند إليه الواحد من هؤلاء: أن يدعي أنه رأى منامًا، أو أنه وجد بذلك القبر علامة تدل على صلاح ساكنه؛ إما رائحة طيبة، وإما توهم خرق عادة ونحو ذلك، وإما حكاية عن بعض الناس أنه كان يعظم ذلك القبر، فأما المنامات فكثير منها بل أكثرها كذب، وقد عرفنا في زماننا بمصر والشام والعراق من يدعي أنه رأى منامات تتعلق ببعض البقاع أنه قبر نبي أو أن فيه أثر نبي ونحو ذلك، ويكون كاذبًا، وهذا الشيء منتشر، فرائي المنام غالبًا ما يكون كاذبا، وبتقدير صدقه فقد يكون الذي أخبره بذلك شيطان، والرؤيا المحضة التي لا دليل يدل على صحتها لا يجوز أن يثبت بها شيء بالاتفاق”([49]).

وعلى ذلك: لا يلزم أن يكون الولي المقام الضريح باسمه قد ثبت وجوده في ذلك المكان، بل لا يلزم أن يكون وطأت قدمه أرض تلك البلاد أصلًا، ومن هنا ظهرت أضرحة مزعومة ومكذوبة في طول البلاد وعرضها، وتعددت الأضرحة للولي الواحد في أكثر من قطر، ولتسويغ ذلك الخلل نسجوا خرافة واضحة الزور والبهتان، فقالوا: إن الأرض لأجسام الأولياء كالماء للسمك، فيظهرون بأماكن متعددة ويزار كل مكان قيل عنه: إن فيه نبيًّا كريمًا أو وليًّا عظيمًا([50]).

أي: يستطيع الولي المقبور أن يكون بالشام، ثم يسبح تحت الأرض إلى مصر، وبعدها يحضر إلى إيران… وهكذا؛ ليجيب مريديه وعابديه حول أضرحته المتعددة([51]).

ومن أمثلة أضرحة الرؤيا: ضريح في آخر سفح جبل الجوشن غربي حلب، ينسب إلى رأس الحسين رضي الله عنه أيضًا، وكذلك توجد أربعة مواضع أخرى يقال: إن بها رأس الحسين: في دمشق، والحنانة بين النجف والكوفة، وبالمدينة عند قبر أمه فاطمة، وفي النجف بجوار القبر المنسوب إلى أبيه رضي الله عنه، وفي كربلاء حيث قال: إنه أعيد إلى جسده.

ومن ذلك قبر السيدة زينب بنت علي رضي الله عنهما الذي أقامته الشيعة في دمشق، وهو القبر الأول الذي يحظى بحج الجماهير إليه رغم أن المحققين من أهل العلم يقولون: إن السيدة زينب ماتت بالمدينة ودفنت بالبقيع([52]).

ولا يقل عنه جماهرية ذلك الضريح المنسوب إليها في القاهرة، والذي لم يكن له وجود ولا ذكر في عصور التاريخ الإسلامي إلى ما قبل محمد على باشا بسنوات معدودة، كما يذكر أحمد زكي باشا ذلك فيقول: “الذي يشهد به العارفون بالحق الصريح هو أن السيدة زينب بنت الإمام علي وأخت الإمام الحسين لم تشرف أرض مصر بوطء قدمها المباركة مطلقًا مطلقًا مطلقًا، والحق الذي ليس بعده إلا الضلال أنها قضت حياتها بالحجاز، إلى أن انتقلت إلى جوار ربها بالمدينة المنورة، فكان دفنها بالبقيع، هذا هو الصواب، وما عاداه فإفك وبهتان([53]).

ومن أضرحة الرؤيا: مشهد السيدة رقية بنت الرسول صلى الله عليه وسلم بالقاهرة، أقامته زوجة الخليفة الفاطمي الآمر بأحكام الله، وذلك بلا خلاف([54]).

وكثرت أضرحة الرؤيا في مصر باعتراف كبار أئمة الصوفية أنفسهم حتى جاء في جريدة اليوم السابع عنوان: “تحت القبة مفيش شيخ 12 ألف ضريح بها 8 آلاف مقام مكذوب أبرزها رابعة العدوية” ما نصه:

“لا ينكر كثير من الناس وجود رأس الإمام الحسين رضي الله عنه وأرضاه، مدفونة بمسجد بالقاهرة بمنطقته التي سميت باسمه، وكذلك عدد غير قليل من آل البيت والصحابة، غير أن العدد لا يصل لآلاف الصالحين، وسط ما يسمى بالأضرحة الوهمية، وما يسمى بأضرحة الرؤية، أو أضرحة المباهاة، وأخرى مزعومة ربما لم يدفن بها أحد.

ومن داخل البيت الصوفي، وعلى مستوى أبرز قادة التصوف أطلقت دعوات للإصلاح من قبل البارزين “شيخ الأزهر الأسبق عبد الحليم محمود، ورائد التصوف محمد زكي إبراهيم” دعوات لإزالة الشوائب التي لحقت بالمنهج الصوفي، فقد كانت هناك محاولات أخرى جادة ومهمة لإزالة كثير من الرواسب التي علقت بالصوفية وصورتها والمتصوفة وممارساتهم.

وكشف شيخ الطريقة الفيضية لـ”اليوم السابع” عن ما يسمى بأضرحة الرؤيا، وهي أضرحة تبنى بعد إخبار شخص عن رؤية جاءته في المنام بأن أحد الصحابة أو الصالحين موجود بهذا المكان، أو كان له وجود بهذا المكان، فيبنى له ضريح بهذا المكان تلبية للرؤية.

وقال: أصدرنا مؤخرا قرارًا رسميًّا بوقف اعتماد أضرحة الرؤية تخوفًا من النصب والادعاء بغرض الدجل وجمع الأموال أو المباهاة بأن تطلب أسرة بناء ضريح لشخص يتبعها للمباهاة، حيث رفض بقرية البطالى بأسوان منذ عام، لافتا إلى أن القدامى كانوا مخلصين لله، وكانت رؤيتهم خالصة لله، وقد بنى أضرحة كثيرة بلا أجساد بموجب رؤى من قبل أشخاص مشهود لهم.

من جانبه أكد عبد الغني هندي -عضو مجلس إدارة مسجد الإمام الحسين- وجود 12 ألف ضريح بمصر، منها 8 آلاف ضريح مكذوب، منها رابعة العدوية التي لا يوجد لها ضريح بمصر.

وتابع: “مسجد السيدة زينب بني قرب مكان فرع قديم لنهر النيل، ولم تدفن به السيدة زينب، وتم اختيار مكان المسجد برؤية منامية لشيخ أزهري، وتم البناء والتجهيز بعد ذلك”، موضحًا أنه يوجد وثائق في الأوقاف توثق وجود 1700 مقام لهم وقفيات، ما يدلل على وجود أضرحة بهذا العدد فيها. ذكر كتاب “الأدلة السيارة في آداب الزيارة”، أن هناك 3 آلاف ضريح مكذوبة، وذلك في القرن الثامن الهجري، وما زاد عليها يوضع في خانة الأضرحة المكذوبة”([55]).

وهذا اعتراف صريح من كبار أئمة الصوفية بوجود عدد ضخم من القبور المكذوبة، وأنهم في محاولات لتصحيح المسار، وأنى لهم ذلك؟!

وفي نفس الجريدة تحت عنوان: “طلع فاضي”: ضريح في السويس يمنع تطوير ميدان لمدة 20 عامًا.

“قال الإعلامي وائل الإبراشى: إنه في ظل هيمنة الدجل والشعوذة والخرافات، وادعاء أن قبرًا لأحد أولياء الصالحين، فإن أي تطوير في الميادين يتم توقيفه بسبب ضريح لأحد الأولياء لمدة 20 سنة، موضحًا أنه تم هدمه وطلع فاضي”.

وتابع: “المحافظ شكل لجنة لنقل الرفات إن وجد، وعندما بدء الحفر اليدوي ظهر طوب أحمر يعني ميدلش أن له 100 سنة زي ما بيقولوا”([56]).

وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) رواه أحمد ( 17144)، وأبو داود (4607)، والترمذي (2676)، وابن ماجه (42)، وصححه الألباني في صحيح السنن.

([2]) رواه البخاري (7116)، ومسلم (2906).

([3]) انظر: مجموع الفتاوى (17/498).

([4]) ينظر الرابط:

https://ketabonline.com/ar/books/91697/read?part=1&page=88&index=4624721/4624724

([5]) ينظر الرابط:

https://www.alwatan.com.sa/article/1107183

([6]) ينظر: الفرق بين الفرق للبغدادي -ط: المكتبة العصرية- (ص: 281-283).

([7]) وفيات الأعيان -ط: دار صادر، بيروت- (3/ 117-118).

([8]) انظر: البداية والنهاية لابن كثير -ط: مطبعة الفجالة القاهرة- (11/ 386-387).

([9]) انظر: كشف أسرار الباطنية، للقاضي الباقلاني -ط: مكتبة الإرشاد-.

([10]) انظر: مجموع الفتاوى (35/129)، وفضائح الباطنية، لأبي حامد الغزالي -ط: مؤسسة دار الكتب الثقافية، الكويت- (ص: 37)، وانظر: مسألة في الكنائس، لابن تيمية -تحقيق: علي الشبل، ط: مكتبة العبيكان- (ص:110).

([11]) الفرق بين الفرق (ص: 278).

([12]) الفرق بين الفرق (ص: 265).

([13]) ينظر: مجانبة أهل الثبور المصلين في المشاهد وعند القبور، عبد العزيز الراجحي ط: الصميعي (ص 249).

([14]) الرد على البكري (2/ 590-591).

([15]) الرد على البكري (2/ 593).

([16]) الرد على البكري (2/ 593).

([17]) ينظر: مجانبة أهل الثبور، عبد العزيز الراجحي (ص: 308).

([18]) رواه ابن ماجه (1636)، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه.

([19]) مجموع الفتاوى (27/ 61-62).

([20]) نفحة البشام في رحلة الشام -ط: دار الرائد العربي، بيروت- (ص: 62).

([21]) نفحة البشام في رحلة الشام (ص: 102).

([22]) نهر الذهب في تاريخ حلب، كامل بن حسين الحلبي بالغزي -ط: دار القلم، حلب- (2/ 244).

([23]) نفحة البشام في رحلة الشام (ص:86).

([24]) نفحة البشام في رحلة الشام (ص: 101).

([25]) جوامع الموصل في مختلف العصور، سعيد الديوه -ط: مطبعة دمشق- (ص: 73).

([26]) نفحة البشام في رحلة الشام (ص: 109).

([27]) نهر الذهب (2/ 102).

([28]) المنتظم -ط: دار الكتب العلمية، بيروت- (18/ 8-9).

([29]) مجموع الفتاوى (27/ 451).

([30]) مجموع الفتاوى (27/ 456).

([31]) مجموع الفتاوى (27/ 456).

([32]) مجموع الفتاوى (27/ 485-486).

([33]) مجموع الفتاوى (27/ 486-487).

([34]) مجموع الفتاوى (27/ 493-494).

([35]) مجموع الفتاوى (27/ 494).

([36])

https://al-maktaba، org/book/31616/30492#p9

([37]) الخطط التوفيقية (1/ 244).

([38]) مساجد مصر وأولياؤها الصالحون (1/ 44).

([39]) الطرق الصوفية بين الساسة والسياسة في مصر المعاصرة، د. زكريا بيومى (ص: 125).

([40]) الانحرافات العقدية (1/ 300).

([41]) عجائب الآثار في التراجم والأخبار -ط: دار الجيل، بيروت- (1/ 615).

([42]) دمعة على التوحيد (ص: 124).

([43]) دمعة على التوحيد (ص: 127)، وانظر: الواسطة بين الله وخلقه، د. المرابط الشنقيطي (ص: 369).

([44]) مجموع الفتاوى (27/ 457) بتصرف.

([45]) رسالة في تحريم اتخاذ الضرائح، لشمس الحق العظيم آبادي (ص: 21).

([46]) دمعة على التوحيد (ص: 125).

([47]) دمعة على التوحيد (ص: 126)، انظر:البدع الحولية، عبد الله التويجري -ط: دارا لفضيلة الرياض- (ص: 152-158).

([48]) مساجد مصر وأولياؤها الصالحون (ص: 102-103).

([49]) مجموع الفتاوى (27/ 457).

([50]) الانحرافات العقدية والعلمية في القرنين الرابع عشر والخامس عشر (1/ 285).

([51]) دمعة على التوحيد (ص: 23).

([52]) شهر في دمشق، عبد الله بن محمد بن خميس (ص: 67).

([53]) الوثنية في ثوبها الجديد، سمير شاهين (ص: 81).

([54]) كتاب مجلة البيان – فسطاط الخرافة الجذور والواقع (ص: 40)، مساجد مصر وأولياؤها الصالحون (2/ 33).

([55])

https://www.youm.com/story/2019/12/6/%D8%AA%D8%AD%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A8%D8%A9-%D9%85%D9%81%D9%8A%D8%B4-%D8%B4%D9%8A%D8%AE-12-%D8%A3%D9%84%D9%81-%D8%B6%D8%B1%D9%8A%D8%AD-%D8%A8%D9%87%D8%A7-8-%D8%A2%D9%84%D8%A7%D9%81/4533790

([56]) منقول بنصه من جريدة اليوم السابع:

https://www.youm7.com/story/2019/11/26/%D8%B7%D9%84%D8%B9-%D9%81%D8%A7%D8%B6%D9%89-%D8%B6%D8%B1%D9%8A%D8%AD-%D9%81%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D9%8A%D8%B3-%D9%8A%D9%85%D9%86%D8%B9-%D8%AA%D8%B7%D9%88%D9%8A%D8%B1-%D9%85%D9%8A%D8%AF%D8%A7%D9%86-%D9%84%D9%85%D8%AF%D8%A9-20/ 4520383

التعليقات مغلقة.

جديد سلف

دعوى العلمانيين أن علماء الإسلام يكفرون العباقرة والمفكرين

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة عرفت الحضارة الإسلامية ازدهارًا كبيرًا في كافة الأصعدة العلمية والاجتماعية والثقافية والفكرية، ولقد كان للإسلام اللبنة الأولى لهذه الانطلاقة من خلال مبادئه التي تحثّ على العلم والمعرفة والتفكر في الكون، والعمل إلى آخر نفَسٍ للإنسان، حتى أوصى الإنسان أنَّه إذا قامت عليه الساعة وفي يده فسيلة فليغرسها. ولقد كان […]

حديث: «إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ» شبهة ونقاش

من أكثر الإشكالات التي يمكن أن تؤثِّرَ على الشباب وتفكيرهم: الشبهات المتعلِّقة بالغيب والقدر، فهما بابان مهمّان يحرص أعداء الدين على الدخول منهما إلى قلوب المسلمين وعقولهم لزرع الشبهات التي كثيرًا ما تصادف هوى في النفس، فيتبعها فئام من المسلمين. وفي هذا المقال عرضٌ ونقاشٌ لشبهة واردة على حديثٍ من أحاديث النبي صلى الله عليه […]

آثار الحداثة على العقيدة والأخلاق

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الفكر الحداثي مذهبٌ غربيّ معاصر دخيل على الإسلام، والحداثة تعني: (محاولة الإنسان المعاصر رفض النَّمطِ الحضاري القائم، والنظامِ المعرفي الموروث، واستبدال نمطٍ جديد مُعَلْمَن تصوغه حصيلةٌ من المذاهب والفلسفات الأوروبية المادية الحديثة به على كافة الأصعدة؛ الفنية والأدبية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والفكرية…)([1]). ومما جاء أيضا في تعريفه: (محاولة […]

الإيمان بالغيب عاصم من وحل المادية (أهمية الإيمان بالغيب في العصر المادي)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: يعيش إنسان اليوم بين أحد رجلين: رجل تغمره الطمأنينة واليقين، ورجل ترهقه الحيرة والقلق والشكّ؛ نعم هذا هو الحال، ولا يكاد يخرج عن هذا أحد؛ فالأول هو الذي آمن بالغيب وآمن بالله ربا؛ فعرف الحقائق الوجوديّة الكبرى، وأدرك من أين جاء؟ ومن أوجده؟ ولماذا؟ وإلى أين المنتهى؟ بينما […]

مناقشة دعوى الإجماع على منع الخروج عن المذاهب الأربعة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من بعث رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فإن طريقة التعامل مع اختلاف أهل العلم بَيَّنَها الله تعالى بقوله: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ ‌أَطِيعُواْ ‌ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ […]

بدعية المولد .. بين الصوفية والوهابية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدّمة: من الأمور المقرَّرة في دين الإسلام أن العبادات مبناها على الشرع والاتباع، لا على الهوى والابتداع، فإنَّ الإسلام مبني على أصلين: أحدهما: أن نعبد الله وحده لا شريك له، والثاني أن نعبده بما شرعه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، فالأصل في العبادات المنع والتوقيف. عَنْ عَلِيٍّ […]

الخرافات وأبواب الابتداع 

[ليس معقولاً، لا نقلاً، ولا عقلاً، إطلاق لفظ «السُّنَّة» على كل شيء لم يذكر فيه نص صريح من القرآن أو السنة، أو سار عليه إجماع الأمة كلها، في مشارق الأرض ومغاربها]. ومصيبة كبرى أن تستمر التهم المعلبة،كوهابي ، وأحد النابتة ، وضال، ومنحرف، ومبتدع وما هو أشنع من ذلك، على كل من ينادي بالتزام سنة […]

ترجمة الشَّيخ د. علي ناصر فقيهي

‏‏للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة ترجمة الشَّيخ د. علي ناصر فقيهي([1]) اسمه ونسبه: هو الشَّيخ الأستاذ الدكتور علي بن محمد بن ناصر آل حامض الفقيهي. مولده: كان مسقط رأسه في جنوب المملكة العربية السعودية، وتحديدا بقرية المنجارة التابعة لمحافظة أحد المسارحة، إحدى محافظات منطقة جيزان، عام 1354هـ. نشأته العلمية: نشأ الشيخ في مدينة جيزان […]

مناقشة دعوَى أنّ مشركِي العرب جحدوا الربوبية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: اعتَمَد بعضُ الأشاعرةِ في العصور الحديثةِ على مخالفة البدهيات الشرعية، وتوصَّلوا إلى نتائج لم يقل بها سلفُهم من علماء الأشعرية؛ وذلك لأنهم لما نظروا في أدلة ابن تيمية ومنطلقاته الفكرية وعرفوا قوتها وصلابتها، وأن طرد هذه الأصول والتزامَها تهدم ما لديهم من بدعٍ، لم يكن هناك بُدّ من […]

حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية في الإسلام

  إنَّ حريةَ الاعتقاد في الإسلام تميَّزت بتفاصيل كثيرة واضحة، وهي تعني أن كلَّ شخص حرّ في اختيار ما يؤمن به وما يدين به، ولا يجب على أحدٍ أن يُكرهَه على اعتقاده، كما تعني الاحترامَ لحرية الآخرين في اختياراتهم الدينية والمعتقدات الشخصية. موقفُ الإسلام من الحرية الدينية: الأصلُ عدمُ الإجبار على الإسلام، ولا يُكره أحد […]

دفع إشكال في مذهب الحنابلة في مسألة حَلِّ السِّحر بالسحر

  في هذا العصر -عصر التقدم المادي- تزداد ظاهرة السحر نفوذًا وانتشارًا، فأكثر شعوب العالم تقدّمًا مادّيًّا -كأمريكا وفرنسا وألمانيا- تجري فيها طقوس السحر على نطاق واسع وبطرق متنوعة، بل إن السحر قد واكب هذا التطور المادي، فأقيمت الجمعيات والمعاهد لتعليم السحر سواء عن طريق الانتظام أو الانتساب، كما نظمت المؤتمرات والندوات في هذا المجال. […]

الفكر الغنوصي في “إحياء علوم الدين” لأبي حامد الغزالي وموقف فقهاء ومتصوفة الغرب الإسلامي منه

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة بسم الله الرحمن الرحيم لا تخفى المكانة التي حظي بها كتاب إحياء علوم الدين عند المتصوفة في المغرب والأندلس، فكتب التراجم والمناقب المتصوفة المغربية المشهورة، شاهدة على حضور معرفي مؤثر ظاهر لهذا الكتاب في تشكيل العقل المتصوف وتوجيه ممارسته، وأول ما يثير الانتباه فيه، هو التأكيد على الأثر المشرقي […]

لماذا أحرق أبو بكر وعمر الأحاديث؟

تمهيد: يلتفُّ بعض فرق المبتدعة حول الحداثيين والعلمانيين، ويلتفُّ العلمانيون ومن نحى نحوهم حول هذه الفرق، ويتقاطع معهم منكرو السنَّة ليجتمعوا كلّهم ضدَّ منهج أهل السنة والجماعة في تثبيت حجية السنة والأخذ بها والعمل بها والذبِّ عنها. وبالرغم من أنّ دوافع هذه الفرق والطوائف قد تختلف، إلا أنها تأخذ من بعضها البعض حتى يطعنوا في […]

هل كان ابن فيروز وغيره أعلم من ابن عبد الوهاب بمنهج ابن تيمية؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة يعتمد المخالفون على أن مناوئي الدعوة -من الحنابلة- كانوا معظِّمين لابن تيمية وابن القيم، بل وينتسبون إليهم أيضًا؛ كابن فيروز وابن داود وابن جرجيس، ويعتبرون ذلك دليلًا كافيًا على كونهم على مذهب ابن تيمية، وعلى كون الشيخ محمد بن عبد الوهاب بعيدًا عن منهج الشيخين ابن تيمية وابن القيم. […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017