الأربعاء - 22 شوّال 1445 هـ - 01 مايو 2024 م

البحث في مدى صحة نِسْبة ابن عُبيْدان البعلبكي الحنبلي (734) إلى القول بوحدة الوجود

A A

 

  • من ابن عُبيْدان البعلبكي الحنبلي؟

الشيخ عبد الرحمن بن محمود بن عُبيْدان البعلبكي الحنبلي رحمه الله هو أحد أصحاب شيخ الإسلام ابن تيمية القدماء، من الذين سماهم الشيخ عماد الدين الواسطي في رسالته (التذكرة والاعتبار والانتصار للأبرار) وحلَّاه فيها بقوله: (السيد الأخ، الفقيه العالم النبيل، الفاضل فخر المحصلين، زين الدين، عبد الرحمن بن محمود بن عُبيْدان البعلبكي)([1]).

وقال الإمام الذهبي: (عبد الرحمن بن محمود بن عُبيْدان، الإمام المفتي زين الدين البعلي مؤلف كتاب “المطلع في الأحكام”([2]). سمع من التاج عبد الخالق والزكي المعري، وولي مشيخة الصدرية واشتغل، توفي في صفر سنة أربع وثلاثين وسبع مائة وقد قارب ستين سنة. وكان عالِمًا عاملًا مُتألِّهًا)([3]).

وقال الحافظُ ابنُ رجب الحنبلي: (عبد الرحمن بن محمود بن عبيد البعلي، الفقيه الزاهد العارف، زين الدين أبو الفرج: ولد سنة خمس وسبعين وستمائة، وسمع الحديث، وتفقه على الشيخ تقي الدين وغيره، وبرع وأفتى، وكان إمامًا، عارفًا بالفقه وغوامضه، والأصول والحديث، والعربية والتصوف، زاهدًا، عابدًا، ورعًا، مُتألِّهًا، ربَّانيًّا، صحب الشيخ عماد الدين الواسطي، وتخرج به في السلوك، ويذكر له أحوال وكرامات، ويقال: إنه كان يطلع على ليلة القدر كل سنة…

وكان أكثر إقامة الشيخ زين الدين بدمشق، يعيد بالمدارس، ويتصدّى للاشتغال والإفادة وإقراء الحديث والفقه وأصوله، وانتفع به جماعة، وتخرجوا به، منهم: الإمام العلامة عز الدين حمزة ابن شيخ السلامية وغيره.

وسافر مرة إلى حماة، واجتمع بقاضيها الشيخ شرف الدين بن البارزي. وكان إمامًا متقنًا، ذا قدم راسخ في السلوك، فبلغني عن ابن البارزي أنه كان بعد ذلك يثني على الشيخ زين الدين ثناء كثيرًا، ويذكر أنه لم ير مثله، هذا أو نحوه.

وصَنَّفَ كتابًا في الأحكام على أبواب “المُقنِع” سماه: “المطلع”، وشرح قطعة من أول “المقنع”، وجمع “زوائد المحرر على المقنع”، وله كلام في التصوف، وحدّث بشيء من مصنفاته.

توفي في منتصف صفر سنة أربع وثلاثين وسبعمائة ببعلبك، وشيّعه عامة أهل البلد، وحمل على الرؤوس، ودفن بمقبرة باب سطحان، رحمه الله تعالى)([4]).

وقال الإمام ابنُ كثير الدمشقي في ترجمته: (الشيخ الإمام العالم الزاهد زين الدين أبو محمد عبد الرحمن بن محمود بن عُبيْدان البعلبكي الحنبلي، أحد فضلاء الحنابلة، ومن صنف في الحديث والفقه والتصوف وأعمال القلوب وغير ذلك، كان فاضلا له أعمال كثيرة…

وكانت وفاته في نصف صفر ببعلبك، ودفن بباب سطحا، ولم يُكمِل الستين، وصُلِّيَ عليه بدمشق صلاة الغائب، وعلى القاضي الزرعي معًا)([5]).

وقال الحافظ ابن حجر في ترجمته: (عبد الرحمن بن محمود بن محمد بن ‌عبيدان ‌الحنبلي البعلي زين الدين، أحد فضلاء الحنابلة، مات في نصف صفر سنة 734 ببعلبك، ولم يُكمِل الستِّين، وهو أخو شمس الدين محمد الآتي ذكره)([6]). وقال في ترجمة أخيه محمد: (محمد بن محمود بن محمد بن ‌عبيدان بن عبد الباقي ‌الحنبلي البعلي شمس الدين، سَمِعَ من أحمد بن أبي الخير جزء ابن عرفة، وَحَدَّث، وكان يلقن القرآن بمسجد الحنابلة، مات في ثاني عشري المحرم سنة 741)([7]). ومنه يُؤخَذُ أنَّ ابن عُبَيْدَان ينتمي لأسرة علمية.

  • دعوى نسبة ابن عُبيْدان الحنبلي للقول بوحدة الوجود:

بحسب مصادر ترجمة ابن عُبَيْدَان والكتب التي تناولت إنتاجه العلمي فإن أول من نسبه إلى القول بوحدة الوجود هو الشيخ عبد القادر بن بدران، حيث قال عند حديثه عن كتب الأحكام التي صنفها الحنابلة: (ومما اطلعنا عليه من كتب الأحكام لأصحابنا كتاب “المطالع”([8])، ويقال له: “مطالع ابن عُبيْدان”، جمع وتأليف الشيخ عبد الرحمن بن محمود بن عُبيْدان البعلبكي الحنبلي، ولد سنة خمس وسبعين وستمائة، وتوفي سنة أربعين وسبعمائة، وكان عارفًا بالفقه وغوامضه والأصول والحديث والعربية، ولازم شيخ الإسلام ابن تيمية رضي الله عنه، لكنه مال في آخر أمره إلى القول بوحدة الوجود، واختلَّ عقلُه، حتى توفاه الله تعالى. وكتابه هذا في مجلد، جمعه من الكتب الستة، ورمز فيه إلى الحديث الصحيح والحسن، ورتبه على أبواب “المُقنِع”)([9]).

وكما ترى؛ فإن الشيخ ابن بدران لم يذكر لما نسبه لابن عُبَيْدَان من وحدة الوجود مُستَنَدًا ولا دليلًا، وهذا كافٍ في ردّ دعوَاه؛ لأن ذلك خلاف الأصل، فالأصل في علماء المسلمين -لا سيما من عرف بحسن الاعتقاد والتلمذة على أئمة السنة- أن لا تصدر عنهم مثل تلك الأقوال الرديئة والاعتقادات الفاسدة.

غير أنني سأذكر ما يمكن أن يُستَند إليه في تلك الدعوى، مما هو مذكور في ترجمة ابن عُبَيْدَان، ثم أبين أنه لا يصحّ الاستناد إليه.

  • خَبَر محنة الشيخ ابن عُبيْدان الحنبلي بدمشق سنة 718هـ:

وقعت هذه المحنة في نفس السنة التي بدأ فيها استدعاء ابن تيمية للقضاء بسبب قوله في مسألة الطلاق([10])، والتي أدّت في النهاية إلى اعتقاله، فليس غريبًا أن تكون عاقِبَتُها منع ابن عُبَيْدَان من الفتوى وعقود الأنكحة.

وأما سبب هذه المحنة: فقد كان وشايةً وإفشاء سرٍّ من بعض أصحاب ابن عبيدان؛ قال مؤرخ الشام عَلَمُ الدين البرزالي في حوادث سنة 718هـ: (وفي يوم الثلاثاء الحادي والعشرين من ذي الحجة -21 / 12 / 718هـ- عُقِدَ مجلس بدار السعادة، حضره القضاة والفقهاء، وأُحضر الفقيه زين الدين عبد الرحمن بن عُبيْدان البعلبكي الحنبلي، وأُحضر خطُّه بأنه: رأى الحق سبحانه، وشاهد الملكوت الأعلى، ورأى الفردوس، ورفع إلى فوق العرش، وسمع الخطاب، وقيل له: قد وهبتك حال الشيخ عبد القادر([11])، فوَضَعَهُ عليه، وأنه سقاه ثلاثة أشربة مختلفة الألوان، وأنه قعد بين يدي الله عز وجل مع محمد وإبراهيم وموسى وعيسى والخضر صلى الله عليه وسلم، وقيل له: إن هذا مكان ما تجاوزه ولي قط، وقيل له: إنك تبقى قُطْبًا عشرين سنة، وذكر أشياء أخر.

فاعترف أنه خطّه، فأُنكِرَ ذلك عليه، فبَادَرَ وجَدَّدَ إسلامه، وحكم قاضي القضاة الشافعي بحقن دمه، وأمر بتعزيره، فعُزِّرَ في البلد، وحُبِسَ أيامًا، ثم أُخرج، وكان قد أذن له في الفتوى وعقود الأنكحة، فمنع من ذلك)([12]).

وأورد ابنُ كثير خبرَ محنة ابن عُبيْدان على هذا النحو: (وفي يوم الثلاثاء صبيحة هذا الدرس أُحضر الفقيه زين الدين بن عُبيْدان الحنبلي من بعلبك، وحوقِق على منام رآه، زعم أنه رآه بين النائم واليقظان، وفيه تخليط وتخبيطٌ، وكلام كثير لا يصدر عن مستقيم المزاج، كان كتبه بخطِّه، وأرسله إلى بعض أصحابه، فاستسلمه القاضي الشافعيّ، وحَقَنَ دَمَهُ، وعَزَّرَه، ونودي عليه في البلد، ومنع من الفتوى وعقود الأنكحة، ثم أطلق)([13]).

وقال في ترجمته: (وقد وقعت له كائنة في أيام الظاهر([14]) أنه أصيب في عقله، أو زوال فكره، أو قد عمل على الرياضة؛ فاحترق باطنه من الجوع، فرأى خيالات لا حقيقة لها، فاعتقد أنها أمر خارجي، وإنما هو خيال فكري فاسد)([15]).

وقال ابن رجب في ترجمته: (وقد نالته مرة محنة بسبب حال حصل له، اطلع عليه بعض أصحابه، فأشاع ذلك عنه، وأظهر به خَطَّه، فعُقد له مجلس بدار السعادة بدمشق سنة ثمان عشرة، حضره القضاة والفقهاء، وأحضروا خَطَّهُ بأنَّه رأى الحق سبحانه وتعالى، وشاهد الملكوت الأعلى، ورأى الفردوس، ورفع إلى فوق العرش، وسمع الخطاب، وقيل له: قد وهبتك حال الشيخ عبد القادر، وأن الله تعالى أخذ شيئا كالرداء من عبد القادر فوضعه عليه، وأنه سقاه ثلاثة أشربة مختلفة الألوان، وأنه قعد بين يدي الله تعالى مع محمد وإبراهيم وموسى وعيسى والخضر عليهم السلام، وقيل له: هذا مكان ما يجاوزه ولي قط. وقيل له: إنك تبقى قطبًا عشرين سنة، وذكر أشياء أُخَر.

فاعترف أنه خطه، فأنكر ذلك عليه، فبادر وجدد إسلامه، وحكم الحاكم بحَقْنِ دَمِه، وأمَرَ بتأدِيبه، وحُبِسَ أيامًا، ثم أُخرِج، ومُنِعَ من الفتوى، وعقود الأنكحة.

ثم بان له غلطه، وأن هذا لم يكن له وجود في الخارج، وإنما هي أخيلة وشواهد، وأنوار قلبيَّة، لا أمور خارجية.

وشيخه الواسطي مع سائر أئمة الطريق أهل الاستقامة وصوفية أهل الحديث يقررون ذلك، ويحذّرون من الغلط فيه، كما زلّ في ذلك طوائف من أكابر الصوفية)([16]).

وقد نقل كلامَ الحافظ ابن رجب ابنُ العماد الحنبلي([17]) في ترجمة ابن عُبَيْدَان، وحذف منه خبر محنته! وقد يكون ذلك لما رآه في هذا الخبر من قدحٍ في أحد علماء مذهبه الحنبلي، كما حذف كلام أبي شامة المقدسيّ في لمزه في مسلك الإمام الموفق الاعتقادي في ترجمته([18])، على أن ابن العماد أثبت في تاريخه من بدع الصوفية ما يخالف اعتقاد أهل السنة، وقد نبه لها الشيخ عبد القادر الأرنؤوط رحمه الله في تعليقه على الكتاب، كما في ترجمة الشبلي([19])، وترجمة البدوي([20])، وغيرها.

  • بيان عدم صحة الاستناد إلى محنة ابن عُبيْدان في نسبته إلى القول بوحدة الوجود:

يظهر مما تقدّم أن جميع ما نُسِبَ لابن عُبَيْدَان كان رؤيا منامية، وهذا ما بَيَّنَهُ ابنُ كثير بقوله: (وحوقِق على منام رآه).

ويؤخذ مما ذكره ابن كثير وابن رجب أن سبب الإنكار على الشيخ ابن عُبيْدان هو ما فُهِم منه من اعتقاده أن ما رآه في المنام هو كذلك في الخارج، أو في نفس الأمر، وأنه فعلًا كان يعتقد ذلك، ثم رجع عنه.

ففرق بين أمرين:

الأول: المؤاخذة بنفس رؤيا الله في المنام، فهذا لا يمكن؛ لأنه ليس بمقدور المكلّف أن يضبط ما يراه في منامه، وإذا كان كذلك فلا يؤاخذ عليه.

والثاني: أن يعتقد أن ما رآه هو كذلك في نفس الأمر، فهذا ما لا يجوز، ويؤاخذ عليه.

ومع ذلك فلا يقال: إن رؤية الله تعالى في المنام أضغاث أحلام، فإن هذا قول الجهمية([21])، فإن كل من رأى الله في المنام يراه بحسب اعتقاده فيه في اليقظة.

يقول شيخ الإسلام: (الإنسان قد يرى ربه في المنام ويخاطبه، فهذا حق في الرؤيا، ولا يجوز أن يعتقد أن الله في نفسه مثل ما رأى في المنام؛ فإن سائر ما يرى في المنام لا يجب أن يكون مماثلًا، ولكن لا بد أن تكون الصورة التي رآه فيها مناسبة ومشابهة لاعتقاده في ربه، فإن كان إيمانه واعتقاده حقًّا أُتي من الصور وسمع من الكلام ما يناسب ذلك، وإلا كان بالعكس.

قال بعض المشايخ: إذا رأى العبد ربه في صورة كانت تلك الصورة حجابًا بينه وبين الله.

وما زال الصالحون وغيرهم يرون ربهم في المنام ويخاطبهم، وما أظن عاقلًا ينكر ذلك، فإن وجود هذا مما لا يمكن دفعه؛ إذ الرؤيا تقع للإنسان بغير اختياره.

وهذه مسألة معروفة، وقد ذكرها العلماء من أصحابنا وغيرهم في أصول الدين، وحكوا عن طائفة من المعتزلة وغيرهم، إنكار رؤية الله، والنقل بذلك متواتر عمن رأى ربه في المنام؛ ولكن لعلهم قالوا: لا يجوز أن يعتقد أنه رأى ربه في المنام، فيكونون قد جعلوا مثل هذا من أضغاث الأحلام، ويكونون من فرط سلبهم ونفيهم نَفَوا أن تكون رؤية الله في المنام رؤيةً صحيحة، كسائر ما يرى في المنام، فهذا مما يقوله المتجهمة، وهو باطلٌ مخالف لما اتفق عليه سلف الأمة وأئمتها؛ بل ولما اتفق عليه عامة عقلاء بني آدم.

وليس في رؤية الله في المنام نقصٌ ولا عيبٌ يتعَلَّقُ به سُبحَانه وتعالى، وإنما ذلك بحسب حال الرائي، وصحة إيمانه وفساده، واستقامة حاله وانحرافه.

وقول من يقول: ما خطر بالبال أو دار في الخيال فالله بخلافه، ونحوُ ذلك إذا حُمِل على مثل هذا كان محملًا صحيحًا، فلا نعتقد أنَّ ما تخيَّلَهُ الإنسان في منامه أو يقظته من الصور، أن الله في نفسه مثل ذلك، فإنه ليس هو في نفسه مثل ذلك، بل نفس الجن والملائكة، لا يتصورها الإنسان ويتخيلها على حقيقتها، بل هي على خلاف ما يتخيله ويتصوره في منامه ويقظته، وإن كان ما رآه مناسبًا مشابهًا لها؛ فالله تعالى أجَلُّ وأعظَم)([22]).

والاستناد إلى محنة ابن عُبيْدان في نسبته إلى القول بوحدة الوجود كما نسبه إليه ابن بدران مردودٌ من وجهين:

الأول: أن ما نُسِب إليه فيها لا يدل على قوله بوحدة الوجود، أو ميله له، وإنما نُسِبَ إلى قولٍ فاسد، ينكِرُه مشايخ الطريق كالشيخ عماد الدين الواسطي وغيره، وليست الأقوال المستنكرة عند الصوفية محصورةً في القول بوحدة الوجود، وقد تقدّم بيان وجه الإنكار على ابن عُبيْدان في كلام ابن كثير وابن رجب، وليس وَجهُ الإنكَار عليه أنه كان قائلًا بوحدة الوجود.

قال ابن كثير: (أو قد عمل على الرياضة؛ فاحترق باطنه من الجوع، فرأى خيالات لا حقيقة لها، فاعتقد أنها أمر خارجي، وإنما هو خيال فكري فاسد).

وهذه الخلوات البدعية مما ينكر على الصوفية، كما جاء في ترجمة نجم الدين الكبرى: (قال ابن هلالة: جلست عنده في الخلوة مرارا، وشاهدت أمورا عجيبة، وسمعت من يخاطبني بأشياء حسنة). علّق الذهبي بقوله: (لا وجود لمن خاطبك في خلوتك مع جوعك المفرط، بل هو سماع كلام في الدماغ الذي قد طاش وفاش وبقي قرعة، كما يتمّ للمبرسم والمغمور بالحمى والمجنون، فاجزم بهذا، واعبد الله بالسنن الثابتة؛ تفلح)([23]).

قال ابن رجب: (ثم بان له غلطه، وأن هذا لم يكن له وجود في الخارج، وإنما هي أخيلة وشواهد وأنوار قلبيَّة، لا أمور خارجية. وشيخه الواسطي مع سائر أئمة الطريق أهل الاستقامة، وصوفية أهل الحديث يقررون ذلك، ويحذرون من الغلط فيه، كما زل في ذلك طوائف من أكابر الصوفية).

الثاني: لو سلمنا أنه قال بوحدة الوجود في تلك الواقعة، فقد تبرأ مما نُسِب إليه، وعاد عنه، والله أعلم.

أما دعوى اختلال عقله حتى الممات في كلام ابن بدران، فمردودة من وجهين:

الأول: أن تلك الواقعة لا ينسب له فيها اختلال العقل، وقد وصف ابن رجب ما رآه بأنه (أخيلة وشواهد وأنوار قلبية).

والثاني: أنه لو أخذنا بوصف ابن كثير لما جرى له بأنه (أصيب في عقله)، فقد بين ابن رجب أنه (بان له غلطه، وأن هذا لم يكن له وجود في الخارج)، ولم يكن ذلك اختلالًا عقليًّا حتى الممات.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) التذكرة -ضمن العقود الدرية- (ص: 309)، و-ضمن الجامع لسيرة ابن تيمية- (ص: 111).

([2]) له نسخة في الظاهرية، انظر: معجم المؤلفين (5/ 194)، وقد حُقِّقَ الكتاب قديمًا في رسائل علمية.

([3]) المعجم المختص (ص: 140-141).

([4]) ذيل طبقات الحنابلة (5/ 50-52).

([5]) البداية والنهاية (18/ 368-369).

([6]) الدرر الكامنة (3/ 139).

([7]) الدرر الكامنة (6/ 3).

([8]) كذا في المطبوع من المدخل، ولم أجده لغيره، وهو لا يناسب السجع في عنوان الكتاب، فإن عنوانه: المطلع في الأحكام على أبواب المقنع.

([9]) المدخل إلى مذهب الإمام أحمد (ص: 468)، وقد تابعه الشيخ صالح بن عبد العزيز آل عثيمين النجدي صاحب تسهيل السابلة لمريد معرفة الحنابلة (2/ 1045) في ترجمة ابن عبيدان، والشيخ بكر أبو زيد في التحول المذهبي -ضمن النظائر- (ص: 129).

([10]) ينظر: المقتفي على الروضتين (4/ 316).

([11]) يعني: الشيخ عبد القادر الجيلاني رحمه الله تعالى.

([12]) المقتفي على الروضتين (4/ 347).

([13]) البداية والنهاية (18/ 181).

([14]) هذا غير صحيح، فقد كانت الواقعة سنة 718ه، والسلطان إذ ذاك هو الناصر محمد بن قلاوون.

([15]) البداية والنهاية (18/ 369).

([16]) ذيل طبقات الحنابلة (5/ 51).

([17]) شذرات الذهب (8/ 187-188).

([18]) شذرات الذهب (7/ 51-54)، وقارنه بما في المذيل على الروضتين في ترجمة ابن قدامة.

([19]) شذرات الذهب (4/ 190).

([20]) شذرات الذهب (7/ 603).

([21]) وقد ذكر جون هوفر في كتابه: ابن تيمية.. حياته وعصره (ص: 172) اعتقاد ابن تيمية بجواز رؤية الله في المنام كدليل على رفض ابن تيمية النزعة اللاهوتية غير التجسيمية! وقرنه برؤية الله تعالى في الآخرة، وهذا يدل أن النزعة اللاهوتية غير التجسمية)التي يتحدث عنها جون هوفر هي التجهّم المحض.

([22]) بيان تلبيس الجهمية (1/ 326-327).

([23]) سير أعلام النبلاء (22/ 112).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

جديد سلف

تذكير المسلمين بخطورة القتال في جيوش الكافرين

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   مقدمة: من المعلومِ أنّ موالاة المؤمنين والبراءة من الكافرين من أعظم أصول الإيمان ولوازمه، كما قال تعالى: ﴿إِنَّمَا ‌وَلِيُّكُمُ ‌ٱللَّهُ ‌وَرَسُولُهُۥ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ﴾ [المائدة: 55]، وقال تعالى: ﴿‌لَّا ‌يَتَّخِذِ ‌ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلۡكَٰفِرِينَ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَۖ وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ فَلَيۡسَ مِنَ ٱللَّهِ فِي شَيۡءٍ إِلَّآ أَن تَتَّقُواْ مِنۡهُمۡ تُقَىٰةۗ […]

ابن سعود والوهابيّون.. بقلم الأب هنري لامنس اليسوعي

 للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   بسم الله الرحمن الرحيم هنري لامنس اليَسوعيّ مستشرقٌ بلجيكيٌّ فرنسيُّ الجنسيّة، قدِم لبنان وعاش في الشرق إلى وقت هلاكه سنة ١٩٣٧م، وله كتبٌ عديدة يعمَل من خلالها على الطعن في الإسلام بنحوٍ مما يطعن به بعضُ المنتسبين إليه؛ كطعنه في أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وله ترجمةٌ […]

الإباضــــية.. نشأتهم – صفاتهم – أبرز عقائدهم

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: من الأصول المقرَّرة في مذهب السلف التحذيرُ من أهل البدع، وذلك ببيان بدعتهم والرد عليهم بالحجة والبرهان. ومن هذه الفرق الخوارج؛ الذين خرجوا على الأمة بالسيف وكفَّروا عموم المسلمين؛ فالفتنة بهم أشدّ، لما عندهم من الزهد والعبادة، وزعمهم رفع راية الجهاد، وفوق ذلك هم ليسوا مجرد فرقة كلامية، […]

دعوى أن الخلاف بين الأشاعرة وأهل الحديث لفظي وقريب

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: يعتمِد بعض الأشاعرة المعاصرين بشكلٍ رئيس على التصريحات الدعائية التي يجذبون بها طلاب العلم إلى مذهبهم، كأن يقال: مذهب الأشاعرة هو مذهب جمهور العلماء من شراح كتب الحديث وأئمة المذاهب وعلماء اللغة والتفسير، ثم يبدؤون بعدِّ أسماء غير المتكلِّمين -كالنووي وابن حجر والقرطبي وابن دقيق العيد والسيوطي وغيرهم- […]

التداخل العقدي بين الفرق المنحرفة (الأثر النصراني على الصوفية)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: بدأ التصوُّف الإسلامي حركة زهدية، ولجأ إليه جماعة من المسلمين تاركين ملذات الدنيا؛ سعيًا للفوز بالجنة، واقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، ثم تطور وأصبح نظامًا له اتجاهاتٌ عقائدية وعقلية ونفسية وسلوكية. ومن مظاهر الزهد الإكثار من الصوم والتقشّف في المأكل والملبس، ونبذ ملذات الحياة، إلا أن الزهد […]

فقه النبوءات والتبشير عند الملِمّات

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: منَ الملاحَظ أنه عند نزول المصائب الكبرى بالمسلمين يفزع كثير من الناس للحديث عن أشراط الساعة، والتنبّؤ بأحداث المستقبَل، ومحاولة تنزيل ما جاء في النصوص عن أحداث نهاية العالم وملاحم آخر الزمان وظهور المسلمين على عدوّهم من اليهود والنصارى على وقائع بعينها معاصرة أو متوقَّعة في القريب، وربما […]

كيف أحبَّ المغاربةُ السلفيةَ؟ وشيء من أثرها في استقلال المغرب

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   مقدّمة المعلِّق في كتابِ (الحركات الاستقلاليَّة في المغرب) الذي ألَّفه الشيخ علَّال الفاسي رحمه الله كان هذا المقال الذي يُطلِعنا فيه علَّالٌ على شيءٍ من الصراع الذي جرى في العمل على استقلال بلاد المغرب عنِ الاسِتعمارَين الفرنسيِّ والإسبانيِّ، ولا شكَّ أن القصةَ في هذا المقال غيرُ كاملة، ولكنها […]

التوازن بين الأسباب والتوكّل “سرّ تحقيق النجاح وتعزيز الإيمان”

توطئة: إن الحياةَ مليئة بالتحدِّيات والصعوبات التي تتطلَّب منا اتخاذَ القرارات والعمل بجدّ لتحقيق النجاح في مختلِف مجالات الحياة. وفي هذا السياق يأتي دورُ التوازن بين الأخذ بالأسباب والتوكل على الله كمفتاح رئيس لتحقيق النجاح وتعزيز الإيمان. إن الأخذ بالأسباب يعني اتخاذ الخطوات اللازمة والعمل بجدية واجتهاد لتحقيق الأهداف والأمنيات. فالشخص الناجح هو من يعمل […]

الانتقادات الموجَّهة للخطاب السلفي المناهض للقبورية (مناقشة نقدية)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: ينعمُ كثير من المسلمين في زماننا بفكرٍ دينيٍّ متحرِّر من أغلال القبورية والخرافة، وما ذاك إلا من ثمار دعوة الإصلاح السلفيّ التي تهتمُّ بالدرجة الأولى بالتأكيد على أهمية التوحيد وخطورة الشرك وبيان مداخِله إلى عقائد المسلمين. وبدلًا من تأييد الدعوة الإصلاحية في نضالها ضدّ الشرك والخرافة سلك بعض […]

كما كتب على الذين من قبلكم (الصوم قبل الإسلام)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقدمة: مما هو متَّفق عليه بين المسلمين أن التشريع حقٌّ خالص محض لله سبحانه وتعالى، فهو سبحانه {لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54]، فالتشريع والتحليل والتحريم بيد الله سبحانه وتعالى الذي إليه الأمر كله؛ فهو الذي شرَّع الصيام في هذا الشهر خاصَّة وفضَّله على غيره من الشهور، وهو الذي حرَّم […]

مفهوم العبادة في النّصوص الشرعيّة.. والردّ على تشغيبات دعاة القبور

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة لا يَخفَى على مسلم أنَّ العبادة مقصَد عظيم من مقاصد الشريعة، ولأجلها أرسل الله الرسل وأنزل الكتب، وكانت فيصلًا بين الشّرك والتوحيد، وكل دلائل الدّين غايتها أن يَعبد الإنسان ربه طوعًا، وما عادت الرسل قومها على شيء مثل ما عادتهم على الإشراك بالله في عبادتِه، بل غالب كفر البشرية […]

تحديد ضابط العبادة والشرك والجواب عن بعض الإشكالات المعاصرة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة لقد أمر اللهُ تبارك وتعالى عبادَه أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]، ومدار العبادة في اللغة والشرع على التذلُّل والخضوع والانقياد. يقال: طريق معبَّد، وبعير معبَّد، أي: مذلَّل. يقول الراغب الأصفهاني مقررًا المعنى: “العبودية: إظهار التذلّل، والعبادة أبلغُ منها؛ […]

رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة.. بين أهل السنة والصوفية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الناظر المدقّق في الفكر الصوفي يجد أن من أخطر ما قامت عليه العقيدة الصوفية إهدار مصادر الاستدلال والتلقي، فقد أخذوا من كل ملة ونحلة، ولم يلتزموا الكتاب والسنة، حتى قال فيهم الشيخ عبد الرحمن الوكيل وهو الخبير بهم: “إن التصوف … قناع المجوسي يتراءى بأنه رباني، بل قناع […]

دعوى أن الحنابلة بعد القاضي أبي يعلى وقبل ابن تيمية كانوا مفوضة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة إن عهدَ القاضي أبي يعلى رحمه الله -ومن تبِع طريقته كابن الزاغوني وابن عقيل وغيرهما- كان بداية ولوج الحنابلة إلى الطريقة الكلامية، فقد تأثَّر القاضي أبو يعلى بأبي بكر الباقلاني الأشعريّ آخذًا آراءه من أبي محمد الأصبهاني المعروف بابن اللبان، وهو تلميذ الباقلاني، فحاول أبو يعلى التوفيق بين مذهب […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017