الأحد - 03 ربيع الآخر 1446 هـ - 06 أكتوبر 2024 م

بيان مركز سلف للبحوث والدراسات حول زلزال تركيا وسوريا وما جاورها

A A

الحمد لله الذي أمر المسلمين بالتآخي والتعاون والتآزر فقال: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [آل عمران: 103]؛ والصلاة والسلام على نبي الرحمة ورسول الألفة الذي ألَّف الله به بين قلوب المسلمين؛ فينصر قويُّهم ضعيفَهم، ويجبرون كسر مصابهم، ويواسون مبتلاهم، ويعزون فاقدَهم، ويعينون معوزهم.

أما بعد: لقد تأثر المسلمون أجمعون بما أصاب أهل تركيا وسوريا من زلزال شديد قبل أيام قلائل؛ ومن هنا يتقدَّم مركز سلف للبحوث والدراسات بأحرّ التعازي وصادق المواساة إلى كل من ابتلي بفقد أو جرح، أو أُصيب في نفسه أو أهله أو ماله؛ والله سبحانه وتعالى قد يبتلي المؤمن ليُكفِّر عنه سيئاته، ولينجيه من عذاب الآخرة، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم حين أُنزِل قوله تعالى: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: 123]، فاغتمَّ الصحابة لذلك غمًّا شديدًا؛ لأنَّ كل ابن آدم خطَّاء، ولا يسلم من الذنب إلا من عصمه الله، فأخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم أنَّ المسلم ينجو من هذه المجازاة بما يصيبه الله من المصائب والنوائب، وما يتعرض له من الزلازل والفتن والمصائب، فقال صلى الله عليه وسلم: «قاربوا وسدِّدوا، ففي كل ما يصاب به المسلم كفارة، حتى النكبة يُنكبها أو الشوكة يُشاكها»([1])، فإن كان الأمر كذلك في الشوكة يُشاكها، فما هو أكبر من ذلك من الابتلاءات أعظمُ تكفيرًا لذنوب المسلم وخطاياه؛ فأمرُ المؤمن كلُّه له خير، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراءُ صبر فكان خيرًا له، فهل هذه هي الحكمة الوحيدة من مثل هذه المصائب؟

لا شكّ أن تكفير الذنوب وتمحيص السيئات من أحسن ما يحصل للإنسان بما يُصاب به من المصائب العظيمة؛ حتى ليتمنّى من لم يُصب أن ينالَ أجر من أصيب يوم التلاق، ومن أهم حكم الزلازل أيضًا:

  • أنها امتحان لمن جاور المصابين من المسلمين وعامة عباد الله، واستجلاء لرحمتهم بإخوانهم ووقوفهم معهم بمد يد العون وإيصال المساعدات إلى المحتاجين منهم؛ فمن بعد أن آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار وقوَّى العلاقة بين المسلمين وعمَّق أواصر الأخوة بينهم بقيت هذه العلاقة قوية متينة، يتراحم بها المسلمون، ويتعايشون بها، ولا يفرِّقون -بفضل هذه الأخوة الإيمانية- بين عربي وعجمي ولا بين أبيض وأسود إلا بالتقوى؛ وتأتي المصائب والحوادث مذكِّرة لمن ابتعد عن هذا الأصل النبوي المتين، فقد بوّب الإمام البخاري في كتابه الصحيح: “باب تعاون المؤمنين بعضهم بعضا”، وأورد فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضًا»، ثم شبّك بين أصابعه([2])، وفي الحديث الآخر يصوِّر النبي صلى الله عليه وسلّم لأهل الإسلام الصورة الجميلة المشرقة التي ينبغي أن يكونوا عليها حيث قال: «ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادّهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى عضوًا تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى»([3]). ومن هنا ينبغي على كل من يستطيع معاونةَ إخوانه بمال أو جهد أو بذل أو إرشاد ودعوة ألَّا يتأخَّر عن ذلك، وعلى المسلم الحرصُ على كل ما يستطيع فعله وتقديمه تجاه إخوانه المنكوبين في هذا الزلزال؛ فمِن أعظم ما في هذا الزلزال أنه تذكير للمسلمين وإحياء لجذوة الأخوة والتآزر بينهم.
  • اصطفاء الله لبعض عباده بأن يجعلهم من الشهداء؛ {وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ} [الحديد: 19]، فالله سبحانه وتعالى هو المتكفل بأجرهم، وأنعِم وأكرِم به من كفيل! والله سبحانه وتعالى بيَّن فضلهم وعظيم منزلتهم في كتابه، {ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا} [النساء: 70]. وفي الزلازل والكوارث يختار الله من عباده بعض الشهداء، ويصطفيهم، فيرحمهم بها، ويجعلهم في المراتب العليا؛ ففي الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، والغريق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله»([4])؛ فمن مات في الهدم فإنه ينال أجر الشهداء، ويكون بمنزلتهم وإن لم يشارك في القتال، نسأل الله من فضله لإخواننا.
  • تذكير وتنبيه للبشرية جمعاء مؤمنهم وكافرهم، فهذه آية من آيات الله سبحانه وتعالى التي ينبه بها الغافلين من عباده، المتنكّبين سبيلَه، المستكبرين على دينه، كما قال تعالى: {وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ} [غافر: 81]، والله سبحانه حذرنا من نهج القساة والغافلين فقال: {وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ} [الأنعام: 4]؛ فهي آية من آيات الله سبحانه وتعالى الداعية إلى الأوبة إلى الله والتوبة إلى المولى سبحانه وتعالى؛ فهذا الزلزال الصغير الحقير الذي وقع على بقعة صغيرة جدًّا بالنسبة إلى الكون وإلى خلق الله ينذرنا الله به ويخوفنا ويذكرنا بالزلزال الأكبر والأعظم، ويذكرنا بأهوال يوم القيامة؛ قال الله تعالى: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ} [الزلزلة: 1-6]؛ فالمحصلة من مثل هذا هو التخويف وتذكير الإنسان بأهمية العمل النافع له يوم لا ينفع مال ولا بنون.

وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن مثل هذه الآيات التخويفية التي يرسلها الله سبحانه وتعالى فقال: «هذه الآيات التي يرسل الله، لا تكون لموت أحد ولا لحياته، ولكن يخوِّف الله به عباده، فإذا رأيتم شيئا من ذلك فافزعوا إلى ذكره ودعائه واستغفاره»([5])؛ فالواجب على المؤمن عند رؤية مثل هذه الآيات التوبة إلى الله والفزع إلى عبادته ومداومة الاستغفار وملازمة الدعاء والتضرع إليه؛ وهذا كان حال السلف رضوان الله عليهم عند نزول المصائب، يقول قتادة: “وإن الله يخوّف الناس بما شاء من آية لعلهم يعتبرون، أو يذَّكَّرون، أو يرجعون، ذُكر لنا أن الكوفة رجفت على عهد ابن مسعود فقال: يا أيها الناس، إن ربكم يستعتبكم فأعتبوه”([6]).

فإن الإنسان على الرغم من أنه محاط بآيات الله المذكِّرة بعظمته، إلا أنه في كثير من الأحيان ينسى ويغفل؛ وهنا تأتي الآيات المتجدِّدة لتذكِّره بربه ومولاه؛ يقول ابن تيمية (ت 782هـ) رحمه الله: “ولهذا كانت فطرة الخلق مجبولةً على أنهم متى شاهدوا شيئًا من الحوادث المتجدّدة كالرعد والبرق والزلازل ذكروا الله وسبحوه؛ لأنهم يعلمون أن ذلك المتجدد لم يتجدد بنفسه، بل له محدث أحدثه وإن كانوا يعلمون هذا في سائر المحدثات، لكن ما اعتادوا حدوثه صار مألوفا لهم، بخلاف المتجدِّد الغريب؛ وإلا فعامة ما يذكرون الله ويسبّحونه عنده من الغرائب المتجددة قد شهدوا من آيات الله المعتادة ما هو أعظم منه”([7]).

  • التحذير من قسوة القلب، فليحذر المؤمن أن يكون من قساة القلوب كالمنافقين؛ فالمنافق {يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (8) وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} [الجاثية: 8، 9] والقسوة في القلب “ذهاب اللين والرحمة والخشوع منه”([8])، وما أحسن ما عرفها به القاري حيث قال: “النبو عن سماع الحق، والميل إلى مخالطة الخلق، وقلة الخشية، وعدم الخشوع والبكاء، وكثرة الغفلة عن دار البقاء”([9])، وهذا يحصل بسبب المناقضة الصريحة لآيات الله أو تحريفها أو نسيانها، كما في قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42) فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 42، 43]، فالله يرسل لبني آدم الآيات تلو الآيات، بل جعله محاطًا بالآيات في أرضه وسمائه، بل وفي نفسه، ولكنه لقسوة قلبه لا يلتفت إليها.
  • أنها من جملة المصائب التي تحصل بسبب الذنوب والمعاصي؛ فيُكفر الله بها السيئات عن عباده، ويذكِّر بها الطغاة والمتجبرين المستكبرين عن طاعته الدائمين على معصيته. والمؤمن إذا أصيب بمصيبة يعلم أنها بتقدير الله تعالى، ويتوب ويؤوب إليه، ويعلم أن مرجعه إليه، فحاله حال المهتدين {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 156]، فكما أن المؤمن يوقن بأنه {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [التغابن: 11] فهو في نفسه يستذكر مقدار ما أعرض عن ربه، وما قصَّر في حق مولاه، وما اقترفه من الذنوب والمعاصي، فيستغفر ويتوب، ويستذكر ويوقن بقوله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 30]، ولا يتخذ من المصائب والكوارث جسرًا لإثارة الشبهات، وغطاءً لضرب كلام الله بعضه ببعض؛ بل يُثبِت قدرَ الله الكونيّ، ويوقن بالأسباب الدينية والطبيعية كما يؤمن بربِّ الأسباب، وهذا ما يجعلنا ننتقل إلى الحكمة الآتية.
  • أنها آية مميِّزة ممحِّصة يمحِّص الله بها الذين آمنوا ويمحق بها المنافقين ويفضحهم؛ إذ يظهر في الناس من يستغل مثل هذه الأحداث المؤلمة لإثارة الفتن وإذكاء جذوة الشبهات؛ فعلى أن كثيرًا من المسلمين يعاني من كثرة خطاطيف الشهوات والشبهات التي تعمي عن آيات الله الشرعية والكونية، نجد أن من هؤلاء من يحاول إزاحة عقول المسلمين وقلوبهم عن هذه الآية العظيمة التي تقشعر لها الجلود وتلين لها القلوب، ويتخذها جسرًا للإعراض عن المولى سبحانه ونبذ الإيمان به، بدلًا من وضعها في موضعها من الآيات المخوفة المجدِّدة للإيمان به سبحانه والرادَّة إلى حياض العبودية لله تعالى، ومن تلك الشبهات:
  • محاولة فتنة المسلمين في إيمانهم بالأسباب الدينية؛ وإنكار ما أثبت الله تعالى في كتابه من أنه ما أصاب الناسَ من مصيبة إلا بما كسبت أيديهم من الذنوب؛ فالله سبحانه وتعالى هو من أخبرنا أن المصائب لا تكون {إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [التغابن: 11]؛ وأنه {مَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 30]؛ يقول الطبري (ت 310هـ) رحمه الله: “وما يصيبكم -أيها الناس- من مصيبة في الدنيا في أنفسكم وأهليكم وأموالكم {فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} يقول: فإنما يصيبكم ذلك عقوبة من الله لكم بما اجترمتم من الآثام فيما بينكم وبين ربكم، ويعفو لكم ربكم عن كثير من إجرامكم، فلا يعاقبكم بها”([10]). فالمولى سبحانه وتعالى عمَّ كل المصائب أنها حاصلة بسبب ما اقترفته يد الإنسان من المعاصي والذنوب، وأن “من تأثير معاصي الله في الأرض ما يحل بها من الخسف والزلازل، ويمحق بركتها”([11])؛ ولذا عزاها عمر بن الخطاب إلى الذنوب والمعاصي عندما حصلت، فخطبهم وقال: “لئن عادت لا أساكنكم فيها”([12]). ولكن ذلك لا يعني حكم الإنسان على أحد بعينه بالجرم والفسوق، ولا يعني أن من مات تحت وطأته مات معذبًا بذنبه دائمًا عقوبة له عليه؛ بل منهم من كانت المصيبة تطهيرًا له من ذنوبه، ومنهم من كانت رفعةً لدرجاته حتى يبلغه الله مراتب الشهداء، كما سبق تقريره آنفًا؛ ومن العجيب أن نسمع من يستهزئ بمثل هذه المعاني القرآنية التي أكدها القرآن صراحة وشرحها المفسرون.
  • محاولة فتنة المسلمين في إيمانهم بالقدر، وجمعهم بينه وبين الأسباب الكونية؛ فمن الناس من ينسب هذه الآيات الكونية إلى الطبيعة وقوانينها، وكما بدأنا القول أول مرة نعيده بأن الزلازل لا شكّ أنها من آيات الله، وكل ما في الكون من خلق الله هو من آياته؛ قال تعالى: {إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ (3) وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (4) وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (5) تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ} [الجاثية: 3-6]، ولكن المشككين يدندنون عند كل من آية من آيات الله سبحانه وتعالى المتجددة التي تذكّر الناس بخالقهم بالتشكيك في كونها آية؛ وعلى الرغم من محاولة إضفاء الصبغة العلمية العصرية على هذه الدعوى وادعاء أن العلم التجريبي اليوم أدرك بعلومه ودراساته أسباب الزلازل الكونية الطبيعية؛ وبالتالي يغلون في هذه الأسباب الكونية ويتناسون المولى سبحانه وتعالى خالق الأسباب والمسببات، على الرغم من ذلك فإننا نعلم أن هذه الدعوى قديمة مكرور، وأنها شبهة مردودة منقوضة، نقضها علماء الإسلام من قرون كما يأتي:

أولًا: لا تناقض بين العلم بأسباب الكوارث الكونية وبين كونها آية من آيات الله سبحانه وتعالى التي يخوِّف بها عباده؛ فكما أن الليل والنهار والشمس والقمر والفصول الأربعة نعرف أسبابها الكونية هي في نفس الوقت من آيات الله التي أجراها بأسباب معلومة، فكذلك الزلازل من آيات الله التي يخوِّف الله بها عباده، ولها أسباب معلومة، ودعوى من ادعى أن التطور العلمي الذي تعيشه البشرية مع النّقلَة الحديثة التي أحدثها العلماء التجريبيون يعلِّمنا بأن الزلازل ظواهر طبيعية وحسب، وأنه أصبح بالإمكان توقّع وقتها وأماكنها بدقّة عالية، وعليه لا داعي للخوف والفزع منها، وإنما ذلك كان نابعًا من جهل الإنسان البدائيّ بحقيقة الظواهر الطبيعية، ولا مكان للخوف والتخويف مع التطوّر العلمي الذي يعرف الأحداث والظواهر الفلكية ويحدِّدها بدقّة ويعرف أسبابها وآثارها، أقول: هذه الدعوى باطلة وقديمة ومكرورة ومنقوضة؛ فقد أُورِد هذا على أئمة الإسلام منذ سالف الأزمان، وأجابوا عنه، ومنهم ابن تيمية رحمه الله حين سئل عن أسلاف العلمويّين من الفلاسفة وغلوهم في الأسباب الكونية وإجحافهم في حق الحقائق الشرعية فقال: “والزلازل من الآيات التي يخوف الله بها عباده كما يخوفهم بالكسوف وغيره من الآيات والحوادث لها أسباب وحِكَم، فكونها آية يخوف الله بها عباده هي من حكمة ذلك. وأما أسبابه فمن أسبابه انضغاط البخار في جوف الأرض كما ينضغط الريح والماء في المكان الضيق، فإذا انضغط طلب مخرجًا، فيشق ويزلزل ما قرب منه من الأرض”([13])، ويقول ابن القيم مؤكدًا أسبابها الكونية: “ولما كانت الرياح تجول فيها وتدخل في تجاويفها، وتحدث فيها الأبخرة فتختنق الرياح، ويتعذر عليها المنفذ؛ أذن الله سبحانه لها في بعض الأحيان بالتنفس، فتحدث فيها الزلازل العظام”([14]).

ثانيًا: من الذي قال بأن علماء الإسلام بنَوا كون الكوارث آية وتخويفا على مجرد عنصر الجهل بالأسباب الكونية وما في الأرض من قوانين تنشأ عنها مثل هذه الزلازل والحوادث؟! بل إن علماء الإسلام علِموا بكثير من هذه الأسباب، وصرحوا بها في كتبهم، وأكدوا ضرورة الجمع بين الإيمان بالخالق الحكيم القادر وبين إثبات الأسباب، يقول ابن دقيق العيد (ت 702هـ) رحمه الله في الجمع بين الآيات التخويفية ووجود أسباب كونية لها وتوهّم التعارض بينها: “ربما يعتقد بعضهم أن الذي يذكره أهل الحساب ينافي قوله: «يخوف الله بهما عباده»، وليس بشيء؛ لأن لله أفعالا على حسب العادة، وأفعالا خارجة عن ذلك، وقدرته حاكمة على كل سبب، فله أن يقتطع ما يشاء من الأسباب والمسببات بعضها عن بعض، وإذا ثبت ذلك فالعلماء بالله لقوة اعتقادهم في عموم قدرته على خرق العادة وأنه يفعل ما يشاء إذا وقع شيء غريب حدث عندهم الخوف لقوة ذلك الاعتقاد، وذلك لا يمنع أن يكون هناك أسباب تجري عليها العادة إلى أن يشاء الله خرقها، وحاصله أن الذي يذكره أهل الحساب إن كان حقًّا في نفس الأمر لا ينافي كون ذلك مخوفًا لعباد الله تعالى”([15]).

ثالثًا: أصل هذه المسألة مسألة أعظم وأدقّ، وهي مسألة إثبات الأسباب، وأن الله هو الخالق للخلق المسبّب للأسباب، وفي ذلك يقول ابن القيم: “العقلاء لا يمكنهم إنكار الأسباب والحِكَم والمصالح والعلل الغائية؛ فإذا رأوا أن هذا لا يمكن القول به مع موافقة الشرائع ولا يمكنهم رفعه عن نفوسهم خلّوا الشرائع وراء ظهورهم وأساؤوا بها الظن…

وأولئك لم يمكنهم القول بنفي الفاعل المختار، ورأوا أنه لا يمكنهم إثباته مع إثبات الأسباب والحِكَم والقِوى والعِلل، فنفوها.

وبين الطائفتين بُعدُ المشرقين، ولا تستهن بأمر هذه المسألة، فإن شأنها أعظم، وخطرها أجل، وفروعها كثيرة، ومن فروعها أنهم لما تكلموا فيما يحدثه الله تعالى من المطر والنبات والحيوان والحر والبرد والليل والنهار والإهلال والإبدار والكسوف والاستسرار وحوادث الجو وحوادث الأرض انقسموا قسمين وصاروا طائفتين:

فطائفة جعلت الموجب لذلك مجرد ما رأوه علةً وسببًا من الحركات الفلكية… وقابلهم طائفة من المتكلمين، فلم يسببوا لذلك سببا إلا مجرد المشيئة والقدرة، وأن الفاعل المختار يرجح مثلا على مثل بلا مرجِّح ولا سبب ولا حكمة ولا غاية… ولم يهتدِ الطائفتان للحق الذي لا يجوز غيره، وهو أنه سبحانه يفعل بمشيئته وقدرته وإرادته، ويفعل ما يفعله بأسباب وحِكم وغايات محمودة”([16]).

رابعًا: الحق أن العقول التي لا تلتفت إلا إلى الأسباب الكونية وتبالغ في تعظيمها حتى تصير في منزلة خالقها ليست وليدة اليوم، بل المبالغة في الطبيعة ونسبة الخلق لها وإنكار الخالق سبحانه وتعالى موجود منذ القدم، فهؤلاء “ليست الطبيعة عندهم مربوبة مقهورة تحت قهر قاهر وتسخير مسخِّر يصرفها كيف يشاء، بل هي المتصرفة المدبرة” كما يقول ابن القيم([17])، فالناس على طائفتين أمام آيات الله سبحانه وتعالى:

  1. إحدى الطائفتين: وقفت مع ما شاهدته وعلمته من أمور هذه الأسباب والمسببات وإحالة الأمر عليها، وظنت أنه ليس لها شيء، فكفرت بما جاءت به الرسل… وجاء ناس جهال رأوهم قد أصابوا في بعضها أو كثير منها، فقالوا: كل ما قاله هؤلاء فهو صواب؛ لما ظهر لنا من صوابهم…
  2. والطائفة الثانية: رأت مقابلة هؤلاء برد كل ما قالوه من حق وباطل، وظنوا أن من ضرورة تصديق الرسل رد ما علمه هؤلاء بالعقل الضروري، وعلموا مقدماته بالحس، فنازعوهم فيه، وتعرضوا لإبطاله بمقدمات جدلية لا تغني من الحق شيئا، وليتهم مع هذه الجناية العظيمة لم يضيفوا ذلك إلى الرسل، بل زعموا أن الرسل جاؤوا بما يقولونه”([18]). وهنا ينبغي أن نحذر من الغلو في إثبات الأسباب وإضفاء صفات الخالقية عليها، كما ينبغي أن نحذر من إنكار الأسباب مطلقًا والقول بأنه لا أثر لها، والتعامي عن الأسباب الكونية تمامًا كما يحصل من بعض الوعاظ.

ختامًا:

تلكم بعض الحكم التي التمسناها بالنظر والاعتبار في آيات الله، وحكمة الله تعالى أعظم وأجلُّ؛ فإن الحكمة ثابتة لله العليم الخبير الحكيم، فلله الحكمة البالغة في شرعه وتقديره. ومختصر القول أن على المسلم في مثل هذه الأحداث العظيمة الاتعاظ والاعتبار، والأوبة والرجوع إلى الله، والاستغفار والتوبة من الذنوب والمعاصي، والضراعة والإنابة إلى الله، وإفراده بالعبادة، وألا يُغرق القلب في الماديات حتى لا يكاد يرى غيرها، وأن يعتبر بآيات الله المرئيَّة والمتلوَّة.

وما أحسن أن ننهي هذا البيان بالتذكير بنعمة الله على الإنسان باستقرار الأرض بلسان ابن القيم (ت 751هـ) رحمه الله إذ يقول: “تأمّل خلق الأرض على ما هي عليه حين خُلقت واقفة ساكنةً؛ لتكون مهادًا ومستقرًّا للحيوان والنبات والأمتعة، ويتمكن الحيوان والناس من السعي عليها في مآربهم، والجلوس لراحتهم، والنوم لهدوئهم، والتمكن من أعمالهم، ولو كانت رجراجة متكفِّئة لم يستطيعوا على ظهرها قرارًا ولا هدوءا… واعتبر ذلك بما يصيبهم من الزلازل على قلّة مُكثها، كيف تصيِّرهم إلى ترك منازلهم والهرب عنها؟!”([19]).

وصلَّى الله وسلم على نبيِّنا محمَّد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) أخرجه مسلم (2574).

([2]) صحيح البخاري (2574).

([3]) أخرجه البخاري (6011)، ومسلم (2586).

([4]) أخرجه البخاري (652)، ومسلم (1914).

([5]) أخرجه البخاري (1059)، ومسلم (912).

([6]) ينظر: جامع البيان (17/ 478).

([7]) درء تعارض العقل والنقل (3/ 122). وينظر: مجموع الفتاوى (35/ 169).

([8]) لسان العرب، ابن منظور (15/ 180).

([9]) مرقاة المفاتيح (4/ 1556).

([10]) جامع البيان (21/ 538).

([11]) الداء والدواء لابن القيم (1/ 160).

([12]) أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 473) والبيهقي (3/ 342) بإسناد صحيح.

([13]) مجموع الفتاوى (24/ 264).

([14]) مفتاح دار السعادة (2/ 630).

([15]) ينظر: فتح الباري لابن حجر (2/ 537).

([16]) شفاء العليل، (ص: 205-206).

([17]) طريق الهجرتين (1/ 343).

([18]) مفتاح دار السعادة (2/ 210 وما بعدها).

([19]) مفتاح دار السعادة (2/ 619).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

جديد سلف

دعوى العلمانيين أن علماء الإسلام يكفرون العباقرة والمفكرين

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة عرفت الحضارة الإسلامية ازدهارًا كبيرًا في كافة الأصعدة العلمية والاجتماعية والثقافية والفكرية، ولقد كان للإسلام اللبنة الأولى لهذه الانطلاقة من خلال مبادئه التي تحثّ على العلم والمعرفة والتفكر في الكون، والعمل إلى آخر نفَسٍ للإنسان، حتى أوصى الإنسان أنَّه إذا قامت عليه الساعة وفي يده فسيلة فليغرسها. ولقد كان […]

حديث: «إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ» شبهة ونقاش

من أكثر الإشكالات التي يمكن أن تؤثِّرَ على الشباب وتفكيرهم: الشبهات المتعلِّقة بالغيب والقدر، فهما بابان مهمّان يحرص أعداء الدين على الدخول منهما إلى قلوب المسلمين وعقولهم لزرع الشبهات التي كثيرًا ما تصادف هوى في النفس، فيتبعها فئام من المسلمين. وفي هذا المقال عرضٌ ونقاشٌ لشبهة واردة على حديثٍ من أحاديث النبي صلى الله عليه […]

آثار الحداثة على العقيدة والأخلاق

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الفكر الحداثي مذهبٌ غربيّ معاصر دخيل على الإسلام، والحداثة تعني: (محاولة الإنسان المعاصر رفض النَّمطِ الحضاري القائم، والنظامِ المعرفي الموروث، واستبدال نمطٍ جديد مُعَلْمَن تصوغه حصيلةٌ من المذاهب والفلسفات الأوروبية المادية الحديثة به على كافة الأصعدة؛ الفنية والأدبية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والفكرية…)([1]). ومما جاء أيضا في تعريفه: (محاولة […]

الإيمان بالغيب عاصم من وحل المادية (أهمية الإيمان بالغيب في العصر المادي)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: يعيش إنسان اليوم بين أحد رجلين: رجل تغمره الطمأنينة واليقين، ورجل ترهقه الحيرة والقلق والشكّ؛ نعم هذا هو الحال، ولا يكاد يخرج عن هذا أحد؛ فالأول هو الذي آمن بالغيب وآمن بالله ربا؛ فعرف الحقائق الوجوديّة الكبرى، وأدرك من أين جاء؟ ومن أوجده؟ ولماذا؟ وإلى أين المنتهى؟ بينما […]

مناقشة دعوى الإجماع على منع الخروج عن المذاهب الأربعة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من بعث رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فإن طريقة التعامل مع اختلاف أهل العلم بَيَّنَها الله تعالى بقوله: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ ‌أَطِيعُواْ ‌ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ […]

بدعية المولد .. بين الصوفية والوهابية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدّمة: من الأمور المقرَّرة في دين الإسلام أن العبادات مبناها على الشرع والاتباع، لا على الهوى والابتداع، فإنَّ الإسلام مبني على أصلين: أحدهما: أن نعبد الله وحده لا شريك له، والثاني أن نعبده بما شرعه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، فالأصل في العبادات المنع والتوقيف. عَنْ عَلِيٍّ […]

الخرافات وأبواب الابتداع 

[ليس معقولاً، لا نقلاً، ولا عقلاً، إطلاق لفظ «السُّنَّة» على كل شيء لم يذكر فيه نص صريح من القرآن أو السنة، أو سار عليه إجماع الأمة كلها، في مشارق الأرض ومغاربها]. ومصيبة كبرى أن تستمر التهم المعلبة،كوهابي ، وأحد النابتة ، وضال، ومنحرف، ومبتدع وما هو أشنع من ذلك، على كل من ينادي بالتزام سنة […]

ترجمة الشَّيخ د. علي ناصر فقيهي

‏‏للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة ترجمة الشَّيخ د. علي ناصر فقيهي([1]) اسمه ونسبه: هو الشَّيخ الأستاذ الدكتور علي بن محمد بن ناصر آل حامض الفقيهي. مولده: كان مسقط رأسه في جنوب المملكة العربية السعودية، وتحديدا بقرية المنجارة التابعة لمحافظة أحد المسارحة، إحدى محافظات منطقة جيزان، عام 1354هـ. نشأته العلمية: نشأ الشيخ في مدينة جيزان […]

مناقشة دعوَى أنّ مشركِي العرب جحدوا الربوبية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: اعتَمَد بعضُ الأشاعرةِ في العصور الحديثةِ على مخالفة البدهيات الشرعية، وتوصَّلوا إلى نتائج لم يقل بها سلفُهم من علماء الأشعرية؛ وذلك لأنهم لما نظروا في أدلة ابن تيمية ومنطلقاته الفكرية وعرفوا قوتها وصلابتها، وأن طرد هذه الأصول والتزامَها تهدم ما لديهم من بدعٍ، لم يكن هناك بُدّ من […]

حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية في الإسلام

  إنَّ حريةَ الاعتقاد في الإسلام تميَّزت بتفاصيل كثيرة واضحة، وهي تعني أن كلَّ شخص حرّ في اختيار ما يؤمن به وما يدين به، ولا يجب على أحدٍ أن يُكرهَه على اعتقاده، كما تعني الاحترامَ لحرية الآخرين في اختياراتهم الدينية والمعتقدات الشخصية. موقفُ الإسلام من الحرية الدينية: الأصلُ عدمُ الإجبار على الإسلام، ولا يُكره أحد […]

دفع إشكال في مذهب الحنابلة في مسألة حَلِّ السِّحر بالسحر

  في هذا العصر -عصر التقدم المادي- تزداد ظاهرة السحر نفوذًا وانتشارًا، فأكثر شعوب العالم تقدّمًا مادّيًّا -كأمريكا وفرنسا وألمانيا- تجري فيها طقوس السحر على نطاق واسع وبطرق متنوعة، بل إن السحر قد واكب هذا التطور المادي، فأقيمت الجمعيات والمعاهد لتعليم السحر سواء عن طريق الانتظام أو الانتساب، كما نظمت المؤتمرات والندوات في هذا المجال. […]

الفكر الغنوصي في “إحياء علوم الدين” لأبي حامد الغزالي وموقف فقهاء ومتصوفة الغرب الإسلامي منه

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة بسم الله الرحمن الرحيم لا تخفى المكانة التي حظي بها كتاب إحياء علوم الدين عند المتصوفة في المغرب والأندلس، فكتب التراجم والمناقب المتصوفة المغربية المشهورة، شاهدة على حضور معرفي مؤثر ظاهر لهذا الكتاب في تشكيل العقل المتصوف وتوجيه ممارسته، وأول ما يثير الانتباه فيه، هو التأكيد على الأثر المشرقي […]

لماذا أحرق أبو بكر وعمر الأحاديث؟

تمهيد: يلتفُّ بعض فرق المبتدعة حول الحداثيين والعلمانيين، ويلتفُّ العلمانيون ومن نحى نحوهم حول هذه الفرق، ويتقاطع معهم منكرو السنَّة ليجتمعوا كلّهم ضدَّ منهج أهل السنة والجماعة في تثبيت حجية السنة والأخذ بها والعمل بها والذبِّ عنها. وبالرغم من أنّ دوافع هذه الفرق والطوائف قد تختلف، إلا أنها تأخذ من بعضها البعض حتى يطعنوا في […]

هل كان ابن فيروز وغيره أعلم من ابن عبد الوهاب بمنهج ابن تيمية؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة يعتمد المخالفون على أن مناوئي الدعوة -من الحنابلة- كانوا معظِّمين لابن تيمية وابن القيم، بل وينتسبون إليهم أيضًا؛ كابن فيروز وابن داود وابن جرجيس، ويعتبرون ذلك دليلًا كافيًا على كونهم على مذهب ابن تيمية، وعلى كون الشيخ محمد بن عبد الوهاب بعيدًا عن منهج الشيخين ابن تيمية وابن القيم. […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017